عرض مشاركة واحدة
قديم 08-02-16, 10:48 PM   #30

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


-








































الفصل العشرون


























. . .






































عصيتُ والذنبُ كبيرٌ
وإني في حُزْني أسيرٌ
مُقيدٌ بذنبي .. يا ربّ

فهل يستحقّ يا إلَهِي
العفو مُجرِما ..
مُقرٌّ بالذنوبِ
يا إلـَهِي ..











دوی صوت الحشد ...


علی الوقوع من الارتفاع الشاهق علی حين غرة .




تلت ذلك محاولات تفريق رجال اﻹنقاذ

للجمع المتجمهر حول مركز الحدث .



وآخرون أقبلوا علی فحص البدن الفاقد للوعي .




في حين تحول انتباه القوم إلی الصياح الهستيري

المنبثق عن الجثمان المنكب علی اﻷرض .




صياح يردد مفردة واحدة ...


مفردة قد تكون غير مألوفة لمعظم المتجمهرين ...



" يا رب "




التم الناس حول الجسد الجاثم بنية المساعدة ..


وتبادلت الخطابات القلقة بين فرد وآخر باللغة المتداولة ..




ثم شرع باختراقهم رجلين من الشرطة ، وثالث من فريق اﻹسعاف .



حاول كل منهما التخاطب مع المنهار بما يملكان من خلفية

عن بضع لغات ، وصياحه الهستيري ﻻ يمنح مجالا للإصغاء .



حتی استهل السكون يغزوه كما يغزو اﻷم

حين يعاد ضناها المفقود إلی صدرها ..


حالما تم وضع الجسد النائم للفتاة علی ظهر الرجل

مع جملة واحدة يكررها رجل اﻹنقاذ بلغات مختلفة .


" إنها بخير "




ظلت الجثة الساجدة ساكنة .



ورجل اﻹنقاذ باسط كفه علی الفتاة الشبه واعية

يثبت بجسدها أعلی الظهر المتقوس للرجل ،

بينما مستمر بمخاطبة الفتاة بصوت عال مجبرا

وعيها علی اﻻتصال بالواقع، مانع عودة الإغماءة .



تبادلت العبارات المشفقة في حين يتأمل الناس الشاب الذي بات جالسا ..

يحتضن اﻷنثی الشابة ، يزيح الشعر الغزير عن وجهها الشاحب كشحوب الموتی ، يتفقده بعيون تائهة وأصابع منتفضة .

" وش فيها ؟ وش فيها ؟ "

كرر بلغته الغير مألوفة للمحيطين به .

غير سؤاله كان واضحا في وجهه وصوته المتهدج المبحوح .

فيعود الرد المطمئن بالانجليزية ، معاد بفرنسية دافئة :

" إنها بخير ، إنها بخير "


وعاد رجل اﻹسعاف لعمله بمخاطبة الفتاة

حتی أفاقت جفلة وهي تفتح أجفانها الذابلة

عن عيون خاوية ، ضائعة .


تنقلت أنظارها الخائفة علی الوجوه المراقبة المحيطة بها ..

صعدت بصرها الفارغ إلی حاضنها .

فباشر بمساعدتها وهي تحاول الجلوس .


التفت ذراعيها حول عنقه وهي تحدق حولها خائفة .

يتنقل بصرها من وإلی رجال الشرطة واﻹسعاف .


وكأنما استمع إلی طلباتها الداخلية جاهد للتوازن والوقوف .

فيما يغلق عليها بمعطفه الكبير ، يحميها من اﻷعين اﻷجنبية .


لكن أعاقته رجال الشرطة عن الرحيل

مطالبون بضرورة التحقيق في الحادثة ثم اتخاذ اﻹجراءات

المناسبة لضمان سلامة الفتاة ، وردعا لتكرار محاولات مستقبلية .






































* * *

































( مالذي تثرثر به معه ، عامود اﻹنارة ؟ )




لم أزح نظري عنهما ، ما إن بدأت تخوض

حديثها الهامس الذي طال ويبدو لن ينتهي .



كان متهيأ للخروج، لكن أعاقته تلك الكريهة .


أغلقي فمك الكبير ، ودعيه يری طريقه !


أخفضت بصري إلی صغيري النائم

الذي تحرك قليلا علی صدري


مسحت رأسه الناعم

أتلمس شعراته الناعمة


في حين أذني مسترقة السمع

أحاول التقاط أي كلمة مسموعة




- وفاء ، تبين شيء ؟




انتهی أخيرا الموضوع الطويل

والشديد اﻷهمية لتلك القبيحة .



- متعب ، أبيك في موضوع ضروري .



تطلعني بنظرات غريبة مبهمة لم أفهمها ،

ثم استنتجت أنه منشغل بالتفكير ليس إﻻ .



اقترب بخطواته الواثقة .


وكدت أطلبه الجلوس ﻷنني أنوي إطالة الموضوع ﻷقصی حد .

وإذ به يسبق طلبي ويجلس إلی جانبي مبتسما .



وجدتني أتلعثم منذ البدء .

ثم أسهبت في مقدمة طويلة .


ﻻ أعرف بالضبط عما أحكي

أو أي موضوع أريد مناقشته .



تلعثمت كثيرا وشعرت بالحرج مع كل عثرة تعرقل لساني ،

لكن رغبتي الشديدة بالتملك غلبتني .


أريده وبشدة أن يستمع إلي حتی النهاية .. مثلما فعل معها .


وظل في المقابل ينصت إلي باهتمام وكأني أخبره بموضوع مهم ،

رغم أن حديثي ﻻ يحوي عدا مقتطفات تافهة وعشوائية .



- ليه تهمسين طيب ؟ خليني أسمع صوتك .


- عشان أيمن نايم ...


تعذرت شبه صادقة ، وفي الواقع كانت خشيتي

أن تصل إليها مواضيعي الرديئة وأﻻقی بالسخرية .



ربما تبدو تصرفاتي سخيفة لكنها فعالة في إشعال فتيل

نار عدوتي ، فهاهي تراقبنا عن بعد بعيون تمتلئ غيرة .



- كملي حبيبتي ، وصلتي عند حفايض أيمن .



شعرت بالدماء تتجمع في وجهي لما أدركت حقا مدی تفاهة مواضيعي !


اكتسحتني حرارة شديدة حولتني إلی خرساء .


نقلت بصري إلی المتلصصة بتوتر .



أتكون أحست بارتباكي وقلقي ؟

أو فهمت ما يحدث هنا ؟



انتصب شعر رأسي علی راحة يده تدعك بوجهي وعنقي .


ﻷدرك اﻵن أني أتصبب عرقا !!



- يالله ، كملي !


- خلصت ، خلاص روح ..

قلت وأنا أتهرب بوجهي عنه .


- متأكدة ؟



ثم أشار إلی الطفل الغارق في اﻷحلام :

- حطي هذا بسريره ، حتی وهو نايم لازق ؟


- كنت بأوديه ، بس .. كنت أنتظرك ..

عشان الموضوع المهـ ... الموضوع .


وضع كفه العريضة الطيبة علی رأسي

بطريقته التي تجعل من اﻻرتياح يغزوني :

- تبين شيء ؟


- نبي سلامتك ..


أصدر ضحكة قصيرة متعجبة .



لقد كانت عبارة عفوية ...


لم أقصد شيئا حقا !


ماذا يعتقد اﻵن ؟

فيم يفكر ؟


ﻻ تفكر !


توقف عن التفكير ، أرجوك ..




أغمضت عيني خجلا فيما يلثم جبيني بنعومة أذابتني .


ثم ألقی علي وصيته اليومية بصوت خفيض :

- مابي شقاوة وأنا غايب ، مفهوم ؟


ومضی عني ، فيما يخاطب الواقفة .


- ذكريني يا غيداء بموضوعك للاحتياط ؛

ﻻ أنسی وتاكليني ، في أمان الله .


- الله معك حبيبي ..



دعوني أقتلها !

دعوني أسفك دماؤها !


سأقضم عنقها !!


بأي حق تناديه بهذا اللقب ؟



تمايلت عامود اﻹنارة الشقراء أمامي

بالكعب الذي يصدح بصداه بأرجاء المنزل .


فبالكاد نهضت أنقذ نفسي وطفلي قبل

تطبع أجسادنا علی اﻷرض عن سقوط غافل .



مالحكمة في ارتدائها للكعب

وهي تنافس ( زوجي ) في الطول ؟


تلك العملاقة يكاد قمة رأسها يصل لرأسه !


هل هي عارضة أزياء سابقة ؟


أريد معرفة الحكمة الحقيقية من راتداء كعب عال

في المنزل ؟!



قصدت حجرة طفلي ، أقوم بنقله إلی سريره .

مددت صغيري ، وجذبت الغطاء عليه .



كبر طفلي الجميل وصار ينام في سرير منفرد ..



تمر اﻷيام سريعا ...


هاهو أصبح في الثالثة واقترب لسانه من الطلاقة .



صار كثير الثرثرة ..

متعدد اﻷسئلة واﻻستكشافات ..



أستمتع بالمناوشات الشقية التي يفتعلها مع والده

رغم يقلقني دائما أن تفلت كلمة غير مناسبة ،

أو ﻻئقة من اﻷب أمام ابنه ..



يتعمد افتعال المشاكل ومشاكسة أبيه

فقط من أجل استثارة انتباهه ..


إنه يحب والده ...



ليت أباه يفهم ذلك ويقدره ..



سيقوم بإسعادي كثيرا جدا

لو منح ابنه قليل من الاهتمام


































- أتوقع الطبخ علي اليوم !



تكلمت بنبرة ﻻسعة

أسعی لطردها من مطبخي

الذي ملكي لهذا اليوم



أﻻ يكفي أنها ستقوم بسرقته مني لهذه الليلة

وتطمع كذلك إلی إطعامه من يديها ؟



أوقن بأن تلك الكوبرا تخطط مع قرينها الخناس

من خلف رداء البراءة الذي أثق بزيفه .



- ما نسيت حبيبتي ، لكن استثنيني من الوجبة

ما أفضل اللازانيا صراحة ، بالعافية عليكم .


صوتها الرقيق مثير للغثيان .




حاولت جاهدة اﻻنشغال بعملي وأنا لست بقادرة علی تجاهلها .


تتبع عيناي كل حركة تصدر منها بينما يدي منشغلة بتحريك محتوی القدر .



ﻻ تفضل اللازانيا !



قولي أنك تخشين السمنة

يا عارضة اﻷزياء اﻷنيقة !



أطباقها بالكاد تشبع معدة زوجي المسكين .


قادم نهارا من العمل منهك شديد اﻹرهاق

حتی يجد الغداء مكون من مقبلات ؟!


زوجي القوي بحاجة إلی طعام يمده بالطاقة ،

جسده يلزمه وجبات غنية تقوم بتعويضه عن

المجهود الشاق الذي امتصه العمل منه .



جيد أنها تمكنت من التفوق علی نفسها

وعمل أكثر من طبق الشاورما خاصتهم !


إنها حتی ﻻ خبرة لديها بعمل البقلاوة !

الحلوی الشرقية التي اشتهر بها الشعب

الذي تنحدر من جذوره !



عاينت الشعر البني ذو اللمعة الشقراء بتحسر .


إنه قريب من طول شعري السابق .

واحسرتاه علی شعري الطويل المفقود !



- طيب حاولي تجربين اللازانيا علی طريقتي

متعب قصة عشق مع اللازانيا حقتي ..



أتی ردها بينما تنوي إعداد طبق سلطة كما استنتجت :

- بالعافية عليكم يا قلبي .


- تدرين ؟ أنا سيئة في تقدير الطعم

، غالبا طبخي يضبط بالحظ ...


واستأنفت وأنا أقترب من المرأة برفقة صحن صغير :

فـ ممكن تذوقين لي مقدار الملح ؟


رفعت مقدارا كبيرا بالملعقة أرفعه إليها .

- قربي شوي ..



اهبطي يا عامود اﻹنارة !

كيف سأصل إليك ، هل تتوقعين مني أن أقفز ..

أم أتسلقك ؟




- الله يا ... يـا .... كم ... !!



أسرعت القول ببراءة :

- شكله لسانك حساس ، ما أتخيل كثر ملح لهالدرجة !


- و ... وفل .. فل .. حلقي ...



لن تستعيد صوتها المقرف حتی الغد !


اهنأي بليلة خرساء ، أيتها الجميلة العملاقة ~



ابتعدت عنها متجاهلة قاصدة مكوناتي التي بانتظاري .




" الله يا .. " !


لسانها كان مشارف علی اﻻنفلات والظهور علی حقيقته .


كانت ستطلق دعوة علي !



لسانها المعسول الكاذب

لطالما شككت به ..


إذن ما هو إﻻ قناع مزيف .



سأخبره !!

فرصة ﻻ تعوض !


سأكشف له عن قناعها .



ليعلم أن ما وراء تلك اﻷنيقة ،

إﻻ بشاعة وقبحا !





































. . .


































كنا في بداية شهر يناير ، واﻷجواء شديدة البرودة

وﻻ أحد منا يستغني عن المعاطف منذ قدومنا

في أواخر اﻷيام من ديسمبر .



دلفت بيت خالي الدافئ ممسكة بيد صغيري البردان .



فاستقبلتنا الفتاة ، وحملت الطفل برقة

تحييه بلثغات لطيفة مقلدة لسانه .



- بردان أيمن بردان .. أنفه الكتكوت متجمد يا قلبي عليه ،

لبسي خشمه شراب .. أي شيء .. حرام تخلينه كذا !



أمسكت بيد طفلي أقبل قفازه اﻷزرق :

- ماما راجعة حبيبي ، ما راح أتأخر .


- روحي ! روحي !

هتف الشقي الصغير يؤشر بيده يدعوني للرحيل .


فأطلقت الفتاة ضحكة رقيقة :

- خلاص أيمن كبر ! أيمن رجال ما عاده محتاجك .

روحي ، روحي !


منحت الفتاة نظرة تأنيب .



فعلا ، بدأ بني يكبر .. ويغدو قويا ..


لم أعد أحمل هم قدومي من الجامعة لأجده باكيا .


صرت ألقاه منهمكا في اللعب ، وفوق ذلك

ينفجر بالبكاء عند تركنا لمنزل أسرة خالي .



ودعت ابنة خالي الصغری :

- سلمي علی أمك ، ما راح أتأخر إن شاء الله .


ومن ثم تخطيت عتبة المنزل إلی الخارج .



- ماما !!!



التفتت إلی الوراء بلهفة .


ﻷجد يديه الصغيرين يلوحان لي ...

فلوحت له بسعادة وأرسلت قبلة في الهواء .



اجتزت حديقة الفناء المتواضعة إلی الرصيف ،

حيث السيارة المنتظرة .



استقليت السيارة إلی جانب الرجل الغاضب علی مقعد القيادة .



ليغضب كما يشاء ..



هل يتوقع مني أترك ابني وكر عدوتي ؟



يهمني أمان بني وراحته

أكثر من أي شيء آخر





حرك السيارة في الطريق إلی الجامعة .



عدلت نقابي للمرة العاشرة .


أتوجد خلطة سرية ﻻ أعرفها ﻻرتداء النقاب ؟

يبدو علي مضحكا ومحرج ...

بينما يكون أنيقا علی اﻷخريات !




- مع السلامة ..


قلت ببطء قبل أن أتردد في مغادرة السيارة .


انتظرت ردا ، لكني تركته خائبة .




هذا ثاني أسبوع لي في الجامعة .



سارع بتسجيلي للعام الجديد قبل ننصرف

للانشغال بأمور اﻻستعدادات للزواج .



بدأت بالحضور متأخرة ، علی رغم أنه بالكاد استمر

دوام الطلاب لشهر وإذ بعطلة الكريسماس تحل .



وها أنا اﻵن أبتدئ معهم في العودة إلی الدراسة .


كنت قد عدت مؤقتا خلال فترة علاجي إلی هنا

حيث الجامعة من أجل إنجاز اﻻمتحانات .


كانت فترة صعبة ومليئة بالمهام .



توسطت الحرم الجامعي ...


أخرجت الهاتف ، وطلبت رقما .



ثم رد الطرف اﻵخر ، متلهفا :

- وينك يا بنت ؟ وين اتفاقنا عن الحضور المبكر !


- أنا قريب الكافتيريا ، بسرعة. دقايق وتبدأ محاضرتي .


- صاروخ يا قلبي ، ايش قد وحشتيني !



أغلقت الهاتف مبتسمة .



ثم بدأت أوزع نظراتي ، في انتظار الصاروخ المترقب .



إلی أن لمحت الصاروخ الممشوق القوام

يجاهد في اختراق الطلبة المارة

مقاوما عباءته الضيقة



رأيتها تقف وتتلفت باحثة ، رغم أنه قد وقع نظرها علي .


لحظة ودق هاتفي :

- بسم الله ، وينك يا حرمة ؟

ما أشوف إﻻ منقبة قزمة جنب الكافتيريا !


- قزمة ؟ طيب !!

أنا هي بذاتها القزمة المنقبة ، يا حلوة .




تلك الشقية ..

لعبت بوتري الحساس أمام عامود اﻹنارة الكريهة .



ﻻ يبلغ بي القصر إلی درجة يطلق علي لقب " قزمة " !




- كذا ؟ كذا يا كلبة لك أسبوع تداومين ، وﻻ مرة سلمتي علي .


رددت مبهوتة : كلبة ؟



لم أعتد تداول كلمات شبيهة خارج إطار شقيقاتي .

كان غريبا أن تصدر من فتاة ﻻ أزال أعتبرها غريبة ..

وبالكاد تعرفت عليها في السنة السابقة ..


وحتی زوجي القذر اللسان ، لم يجرؤ لمرة

علی توجيه كلمة مسيئة مشابهة لي !



- وش السالفة ؟


- أي سالفة ؟


- النقاب ؟ زوجك ملتزم ؟


ضحكت بمرارة :

- اسكتي بس واللي يرحم والدينك ..


- أجل ليه فارض عليك النقاب ؟


أجمدت سؤالها ناقدة :

- ما تتنقب إﻻ بنت الملتزم ؟ هذه أنا أتنقب بالسعودية .

المهم كيف حالك ؟


أفزعتني بصيحة مثيرة للحرج :

- يختي عليك ورجعتي عروسة !

خليني أبارك لك زي اﻷوادم !!



اعتصرتني احتضانا ، وتمالكت نفسي من اﻹحراج .


ﻻ أدري إن كانت تبالغ في اﻷلفة ،

أم العلة بي ؟



- ألف مبروك ، منه المال ومنك العيال يا عروستنا ..


- الله يبارك فيك ، بالراحة خلي أيمن

يكبر وياخذ حقه ، مو مستعجلين .


- هيا تعالي ، تعالي !

احكي لي عن روما ، وكل شيء حصل !


وجذبتني معها متناسية محاضرتي التي علی وشك البدء .




إنها تصغرني سنا ، لكنها تكبرني دراية بالحياة الاجتماعية .


كانت تكبرني في المرحلة الدراسية ، وتصغرني عمرا بفارق سنة واحدة .



فتاة مليئة بالحيوية والحماسة لدرجة تصيبني بالتوتر والقلق .



ربما ﻷني ما زلت أشعر بالغربة نحوها ..




































* * *































ما ميزت خطواته المقتربة ..

ابتعدت عن الباب هاربة ..




فتح الباب ....


ليظهر لي وجهه المحمر بأوداجه الغليظة المنتفخة ..




ركضت أنشد الفرار لكي تقابلني زوايا حجرة ابني العائقة ..



توجهت إلی السرير الصغير نحو ابننا النائم ..


أملا في أن يعمل منظر ابنه البريء بأحضاني

علی إزاحة الشيطان عن رأسه ..


ولكن به يسبقني ، ويجرني من جذور رأسي

قبل أستقر إلی جانب صغيري ..




- ارحمني ..


رجوته متوسلة متضرعة ..



- شششش ..




جاهدت لكبت اﻷلم والتزام الصمت بينما أقاوم ألم رأسي

في حين يجذبني معه خارجا ..



أغلق وراءنا الباب علی الطفل ..



وابتدأ يقودني كما راع قاس يقود ماشيته ..




- حبيبي .. اسمعني .. متعب ..




اختار أبعد حجرة عن طفلي ..


طرحني أرضا ، وأغلق الباب علينا ..




- ششش ، مابي صوت ، لا يطلع نفس .





في هنيهات ..



تحولت الحجرة ..



إلی حجرة للتعذيب ..



حجرة تعذيب صامتة ..





































* * *

































بدأت باﻻستيقاظ منزعجة من صوت المنبه خاصته ،

والذي أضحی شبه يومي .



منعني الكسل عن فتح عيناي ، تقلبت بثقل علی جانبي

اﻷيسر أمنحه ظهري أنقل إليه عدم رغبتي بالاستيقاظ

واحتياجي للنوم .



شعرت باقترابه أثناء حركته نحوي ..

وقد دلت هيئة تحركاته علی أنه لم يغمض

له جفن طوال الليل .



- قومي .


حاولت إزاحته بتثاقل وكسل :

- مابي .. خل اللي عليها الدور ..


- قومي بلا كسل ..



لم علي العمل في يوم إجازتي !



يعاني أرقا شديدا في هذه اﻵونة ..

وصار يعتاد مؤخرا التسلل إلی فراشي يوميا بينما نائمة

ﻻ أشعر به وﻻ أدرك له .. إﻻ إذا دق منبه الصباح المزعج .



- يالله ، بأتأخر .


انتصبت جالسة .

ثم سحبت الغطاء العريض ألمه إلي

أبني قوقعة وأختبئ في داخله .



ﻷتلقی ردة الفعل السريعة ويعريني من درعي .


شكوت بمسكنة :

- ماشبعت نوم والله متعب .. كنت سهرانة .. أبي أنام ..


- ليه السهر ؟ هذه القدوة ؟ تعلمين ولدك السهر والصياعة ؟


- خلك عادل ! وين العدل اللي تحكي عنه ؟


- أنتي خلي العدل وﻻ تجيبين له سيرة علی لسانك

ماتجين تتكلمين عن العدل إﻻ عند مصالحك ،

والظاهر ناسية جامعتك .



انتصبت مجددا أجلس كالفزاعة :

- اليوم ايش ؟


- يمه تخوفين ، لمي شعرك .


اعتصرت ذهني ﻻستجماع تركيزي وتفكيري .


ثم شزرته بحقد حين تذكرت أن اليوم يوافق العطلة اﻷسبوعية .



وما كدت أجر الغطاء وأعود لقوقعتي .. حتی وجدتني

أصارع الموت ويداي تحاولان إرخاء فتحة البيجاما التي

اعتصرت عنقي .



- ما أقدر أتنفس ... مخنوقة ...



صرت معلقة مثل كيس تسوق من محل تموينات رخيص ،

بينما يحملني من ظهر بيجامتي معلقة بجانبه ، ويسير

قاصدا باب حجرتنا .




هل سيخرج بي بهذا المنظر أمام تلك الكريهة ؟!




أمسكت قلبي علی صيحته المتألمة علی أثر عضتي الغريزية .


ثم وجدت نفسي أطير إلی اﻷعلی وأقابل وجهه .



- وش من سنون عندك ؟



يا إلهي ، ماهذا الموقف المحرج !


يعاملني وكأني لعبة .

أيعتقدني دمية لديه ؟



ومازلت أشد فتحة رقبتي التي تؤلمني وأعين نفسي علی التنفس .


كنت متألمة .. خائفة ، ومحرجة .


كانت عضة قوية حقا ، شعرتني معه أنتزح لحمة فخذه .



- بأسوي الفطور ... بس ﻻ تشوفني كذا ..

ﻻ تطلع فيني قدامها كذا ... أبوس راسك ..


رفع حاجبين ساخرين : بتبوسين راسي ؟


ترجيته هاتفة ولم أعد أحتمل الوضعية المتعبة :

- تكفی نزلني .. تعبت ..



لحظات وصرت أقف علی أقدامي

ثم لجأت للجلوس قليلا أقاوم الدوار



- تبيني أسوي الفطور ، افطر معي أنا .



هيئ لي أنه يكبت ضحكة بينما يجيب :

- حياك ، شاركينا !


قلت محاولة التماسك :

- ماني خدامة عندكم أنت وياها ..

وش ذنبي تجيني نص الليل مثل الحرامية ؟

باﻷول واﻷخير من اﻷصل كنت عندها ...

ماخذة حقها وليلتها .. أنا ليه تدخلني ؟


قال بتلاعب يتعمد به رفع ضغطي :

- ﻷني كملت ليلتي عندك يا كهرمانتي .



قمت واقفة وأغمغم لنفسي متذمرة .



فانحنی يقربني إليه بدلال .


ويهمس بنعومة بعثرت كياني :

- متعبك حبيبك يومين سهران وتعبان .. ارفقي بحاله ..

ما يجيك إﻻ وهو يبحث عن الراحة عندك ..



اللعوب ، المتملق ، الماكر .

يعرف جيدا كيف ينمق الكلام المعسول .

يعرف كيف يعبث بالفتيات ويسحرهن .



" متعبك " ؟



صادق في هذا ..


هو متعبي ، وعنائي ،

وهمومي ...



- بعدين وش خدامته ما خدامته ، ليه مكبرة السالفة ؟

سوي فطورك وولدك واحسبي قسمنا معكم ..



ﻻ تقل قسمنا !

أنت تعظم من لهيب غيرتي ، أيها اﻷحمق !



قلت بغيظ أزيل تطويقه عني :

- مافي حل إﻻ إني أمنع الحرامية يدخلون غرفتي .



ثبتني مكانه فيما أتوجه للباب :

- عدلي شعرك ﻻ تخرعين الحرمة .


رتبت شعري بصفعتين علی الجانبين ،

ثم تابعت طريقي وكلي ثقة .



ما كدت أجتاز الباب حتی سمعت صوت مريب أرغمني علی اﻻلتفات للخلف .



- ﻻ !! متعب !!!


ركضت نحوه أحاول انتزاع مفتاح حجرتي منه .



قال بهمس إيحائي يهدف لتثبيطي :

- عدوتك بتمر بأي لحظة ، يرضيك تشوفك بهالمنظر المزري ؟



كدت أخترق جيبه ..


دنا انتصاري !




- تبين تعليقة ثانية ؟


أطلق ضحكة قصيرة فجائية :

- تذكرين أمنيتك القديمة ؟ التعلق بالمروحة ؟



سخريته الجارحة كانت كالصاعقة علی عقلي .



- تقدرين تعتبريني حققت جزء من أمنيتك اليوم !



لماذا يفعل ذلك ؟

إنه يستهزئ بـ علتي !



أﻻ يدرك بأن تلك اﻷيام كمثل خنجر يخترق القلب ؟



إنها نقطة سوداء في حياتي أتمنی محوها ..


أتمنی لو أخضع لتنويم مغناطيسي

يفقدني ذاكرتي لتلك الفترة .

وذاكرته كذلك !


أود محو تلك اﻷيام من ذاكرته ، قبل ذاكرتي !




صفقت بباب الحمام في وجهه وملامحه النادمة المعتذرة

ارتسمت في ذهني ..



أرق .. تهور ، وتصرفات طائشة مؤذية ..



حالته تزداد سوءا ...



لقد تخلی عن الدواء تماما !

ﻻ يبتلع إﻻ سموم سجائره الخبيثة ...



علي أخذ زمام المبادرة حالا !



سأرغمه علی مراجعة الطبيب والعودة للدواء

ولو وصل بي اﻷمر ﻷن أسقيه الدواء بيدي ..

وأرغمه علی ابتلاعه !



لن أصبر إلی أن يصيبه الجنون ..

ويتكرر ما حصل قبل أعوام فراقنا ..


الجنون ، الذي أوجد الشقاق بيننا .


































- متعب ، صديقتي بتزورني .



أحسست به سيشرق باللقمة .


تناول كأس الماء يبتلعه كاملا في جرعة واحدة بوجهه المحمر .



لكنه عاد ﻹكمال الوجبة دون يتفوه بشيء .



تعمدت مشاركتهما الوجبة خصيصا لفتح هذا الموضوع .

قررت المباشرة بخاصية الهجوم في هذا المسألة .


فلن أجيز له منعي عن بقية الناس كما منع

علي تداول الزيارات مع أسرة خالي .



بينما عامود اﻹنارة تستضيف عائلتها ورفيقاتها شبه أسبوعيا .


وأظل أنا حبيسة الحجرة مع صغيري أتنصت لمحاداثاتهم من

خلف الباب في انتظار من تغتابني منهن من وراء ظهري .



- سمعتني ؟ عطني جواب الحين ، أبي رد خبر للبنت .



رماني بنظرة كدت أترك معها مائدة الفطور هربا .



أطرقت ، مخذولة خاسرة أمام منافستي .

أقتص قضمة حانقة من خبز ناشف .



- بعدين نتفاهم ..



أعاد لي اﻷمل بنبرته الرقيقة والطيبة .



هل يشير هذا إلی موافقة مبدئية ؟



لكنه ...

لم يكن حتی يعرف قبل هذا الصباح

بأني قد صرت أملك صديقة .


أتوقع منه فتح محضر ﻷسئلة تحقيقية عن تلك الصديقة .



نقلت نظري بانتصار خفي إلی المرأة مقابلي .


تتصنع عدم الاكتراث بينما تتناول الطعام بأطراف أظافرها .



أتتقصد اﻹساءة إلي ؟

لم تأكل من طرفي إصبعين كالمتقززة ؟

أمشمئزة ﻷنه من صنع يدي ؟




- حبيبي ؟




سكين !

آتوا لي بسكين !!

كلا ، أريد ساطورا !!!




- هلا ..


- بارك لي ، لقيت عمل مبدئيا .



راقبت المحادثة باهتمام بعدما اهتزت شعرة الحسد بي .



وأردفت عامود اﻹنارة :

- خايفة من المقابلة ...



اوه ~

عامود اﻹنارة خائفة ~

رقيقة جدا ~



كيف لها أن تقرر عملا بهذه البساطة ..

بل وتقوم بالتخطيط للمقابل قبل أخذ اﻹذن من ولي أمرها ؟

أو حتی أن تطلعه علی نوع العمل !



وأنا ... ؟

أنا البائسة ، المثيرة للشفقة

أطلب اﻻستئذان حتی لدی شرب الماء !



- مبروك ، ﻻ تخافين وتوكلي علی الله ، وفقك الله .



هكذا فقط ؟

ألن يسألها عن شيء ؟

ألن يخضعها للتحقيق ؟



يسأل عن صنف العملا مثلا ....




- ذكرتيني الله يذكرك بالشهادة !

هتفت قائلة ، ثم التفتت إلی زوجي

الذي ﻻ يعرف من ( العدل ) سوی اسمه .



- متعب متعب .. شفت صديقتي هذه ؟

تشتغل ، وعرضت علي عمل معها ..

عمل ما يحتاج شهادة جامعية ، وافق متعب !


- إن شاء الله ، يصير خير .


حملقت في وجهه ببلاهة .



هل أحلم !

لو علمت أن طلباتي ستنفذ علی وجبة مشتركة

بهذه البساطة ، لفعلتها منذ زمن !



تركت مائدة الطعام بنية إعداد الفطور الخاص بطفلي ثم إيقاظه .




- متعب ، أبي أصبغ شعري .




تسلل اﻹحباط بداخلي علی صوت الكرسي من خلفي ..

تجاهلني هذه المرة ...



يبدو أني تحمست قليلا ..




في حفظ الله يا زوجي الكريم

أتمنی لك يوما مريحا





جفلت علی لمسته ، والصوت الحازم :

- امشي داخل .



همست بتخوف :

- ليش ؟



قبض رسغي الممسكة بملعقة حليب الطفل

يرغم يدي علی إعادتها للعلبة اﻷسطوانية .



ثم ما وجدت نفسي إﻻ أساق وراءه

أمام المغرورة

مثلما الجارية .









- علامك أنتي اليوم ؟


قلت ببراءة : وش سويت ؟


قال بحزم :

- ليه الهذرة الزايدة عند الحرمة ؟

المواضيع اللي فتحتيها يفترض تكون بيننا .

ما قدرتي تصبرين ؟


دافعت عن نفسي ساخطة ، متمردة :

- وهي ؟! وموضوع عملها ؟!



قال كلمته اﻷخيرة بصرامة :

- اسمعيني زين ، ﻻ تنغرين بالوجه الطيب قدامها ، ما

حبيت أحرجك عندها ﻻ غير ، كل كلمة قلتها عندها انسيه .

يعني الحين خذي كلمتي ؛ زيارات ممنوع ، وهالشعر

تلمسينه أصابعك تنكوي ، والعمل ﻻ تجيبين طاريه غير لما

نبصر شهادتك .. غير كذا أنتي عليك قوانين خاصة بخصوص

العمل ، في أمان الله .




ﻻ يحق له

هذا يسمی ظلم

هذا يسمی طغيان وجور



وماذا يعني بالقوانين الخاصة ، بحق الله ؟



بأي حق يكون مرنا معها ،

بينما ﻻ ألقی إﻻ قسوته ؟



محترما معها ، بينما ..

يتحكمني كالخادمة ؟




متعب الظالم !








* * *





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس