عرض مشاركة واحدة
قديم 20-02-16, 10:58 PM   #2224

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل الرابع :
لم تعلم تماما متى نامت .. و متى أغلقت عينيها ...
لم تعلم متى تحولت الذكريات الى أحلام .... وهو يطاردها في كلاهما دون رحمة .......
ساعتان مضنيتان ... قضتهما و هي منكبة على جانبها ... ملتفة حول نفسها كوضع الجنين .....
ساعتان و هي على جانب واحد .. ترفض الالتفات كي لا ترى مسك انهيار الدموع السخي على وجنتيها ...
آلمتها عضلات جسدها كلها و هي تحاول جاهدة التسمر كي لا يظهر ارتعاش بكائها الحاد ...
بينما اذنها تلتقط تحركات مسك في الغرفة هنا و هناك بعصبية الى ان ارتمت في سريرها أخيرا و هي لا تزال تهمس بجنون غاضب
" الوغد أغلق الخط بوجههي ....... الوغد .... الوغد ..... كيف سأنام الآن .... "
كانت مسك تبدو اكثر عصبية لأن شخص اغلق الهاتف بوجهها ... منها و هي مصدومة بخبر خطبتها ل....
قاصي .....
اهتزت حدقتي تيماء و هي تحدق في الجدار المظلم أمامها دون صوت ... بينما قلبها ينبض ببطىء ... بطىء شنيع يجعلها أقرب للموت .... يجعلها غير قادرة على التنفس دون ألم ....
انها لم تعرف الغيرة في حياتها كلها ....
على الرغم من انها كانت مجرد فتاة عادية شكلا .... لكنها كانت تعوض الجمال المبهر بقوة شخصيتها ....
على الرغم من انها كانت منبوذة من رعاية والدها ... الا انها كانت تعوض ذلك بالتسلح بالقوة و التظاهر بمظهر السخرية ....
كانت تسخر من تفاهة بعض الفتيات في اهتمامهن المرضي بجمالهن ....
و كانت تسخر كاذبة من رغبتها التافهة القديمة في الهروب الى والدها .... حيث الرجولة و قوة الشخصية ...
الى أن اكتشفت أن الرجولة تطلب مواصفات ... لا يمتلكها والدها كما كانت تعتقد ....
الخلاصة أنها ترفض الشعور بالغيرة من مخلوق .....
الا مسك .....
حين رأتها أول مرة .... رأتها مثال الجمال و العنفوان ... كفرسٍ جامحة ....
لا وصف ينطبق عليها أفضل من فرسٍ سوداء حريرية أبية .....
و على الفور وقعت في حبها ... خاصة مع نظرات الحب المتألقة في عينيها العنبريتين دون تمييز ...
و كأنها تمنح الحب لكل من تقابله ....
لكن خلال ثلاث سنوات ... بدأت تيماء تتوتر ....
كلما سمعت قاصي يهاتف مسك برقة ....
كلما سمعته يمزح معها غاضبا ... ثم يتنازل و يخبرها أنه سيكون عندها في الموعد المحدد لينهي لها ما تريد ...
كانت عيناها تبرقان الما غير مبرر و هي تقف خلف جدار لتسمعه يهتف غضبا في هاتفه ...
بأنه على وشك ضرب خطيب مسك لو تجرأ و أبكاها مجددا ....
لم تعرف لماذا بدأت مشاعرها تتحول تدريجيا خلال هذه الثلاث سنوات من بداية أنوثتها .. تجاه مسك ...
لم تستطع الحدس الا في النهاية ....
حين اعترفت لنفسها بأنها ..... تغار من مسك .... تغار من علاقتها القوية بقاصي ....
لأنها هي تيماء ... تحب قاصي قبل حتى أن تعرف معنى الحب ....
تحبه قبل حتى أن تعرف بأنها تحبه .......
تتذكر أنها كانت تلح على قاصي أن يسمح لها بمقابلة مسك ... ولو لخمس دقائق فقط ....
وهو يرفض رفضا قاطعا .... الى أن وافق في النهاية دون أن تلح عليه أكثر ... و كأنها ضعف أمام رجائها ...
فسافر بها خصيصا ... كي تقابل مسك في مقهى .... على أن يكون هذا اللقاء سريا فيما بينهم و الا فقد أقسم الا يحقق لها مطلبا مجددا لو نبذت عن هذا اللقاء بكلمة لمخلوق ....

و كانت مسك تنتظرهما في المقهى بالفعل بعد أن أبلغها قاصي برغبة تيماء العنيفة في رؤيتها مجددا ....
لن تنسى ابدا كم بدت مسك يومها كلوحة من الجمال و الجاذبية ......
حيث كانت تجلس وحيدة عند احدى الطاولات ... تراقب الطرق من النافذة بشرود مبتسم ...
لا تحمل للدنيا أي هم ...
و في يديها قدح من القهوة يتصاعد البخار منه ...
و شعرها الأسود الطويل منهمر على احد كتفيها .....
كانت جميلة و مبتسمة دائما .... و كأنها قد ولدت بابتسامة فطرية ......
حين رأتهما ازدادت ابتسامتها فزاد جمالها .... و نهضت من مكانها لتصافح تيماء المرتبكة بيد ثابتة ناعمة و هي تقول بود
" مرحبا تيماء .... سرتني رغبتك في رؤيتي مجددا .... "
حينها ابتسمت تيماء و هي تقول بعفوية منبهرة
" انت حتى اجمل من المرة السابقة !! .... "
اتسعت عينا مسك بدهشة ... قبل ان ترفعهما الى قاصي الواقف بالقرب من تيماء يراقبها بصمت و يداه في جيبي بنطاله باهمال ... ثم قالت مسك ضاحكة
" حسنا ... انها تجيد الكلام و لديها نظرة ثاقبة ... "
استدارت مسك و هي تلتقط هدية مغلفة ثم التفتت الى تيماء تقول برفق
" احضرت لكِ هدية يا تيماء ....... "
لم تكن سعادتها في هذا الوقت تماثلها اي سعادة اخرى .....
كانت سعادة خالصة ... قبل ان تلوثها نيران الغيرة فيما بعد ........
.................................................. .................................................. ....................
" لا أقبل بأقل من الملكية الحصرية ......... "
تلك كانت عبارته الفجة حين تنازل و منحها شرف حبه .......
تلك العبارة أثارت بها رجفة من السعادة و الخوف في آنٍ واحد .....
لكن الا يحق لها أن تنسخ نفس العبارة لنفسها ....
و تصرخ به أنها لن تقبل بأقل من الملكية الحصرية له كذلك ؟!! .... و إن كانت تشك في ان يخضع قاصي لأي امتلاك ....
فهل تُمتلك العواصف ؟!! ......
"تعرفين أن كل شيء سيتغير من اليوم .... أليس كذلك ؟؟...... "
كانت تلك هي عبارته أيضا .... و قد منحته التأكيد و صك الملكية ...
و بالفعل تغير كل شيء .....
لم تتخيل كيف يتحول رجل كانت تتمنى منه نظرة اهتمام بينما هو يتجنبها باصرار الى كل هذا الشغف في مشاعره العنيفة ....
كان حبيبا متملكا بصورة لا تقبل الجدال حتى .....
عيناه العاصفتان باتت تحاصرانها دون رحمة .... دون الشفقة على سنوات عمرها السبعة عشر ....
تخاف قليلا من بريق الإمتلاك بهما ... الا أن الجذل القوي بداخل قلبها كان يجعلها ترمي نفسها في دوامة حبه مرحبة بالغرق .... طالما سينتهي بها الغرق ملقاة على شواطيء صدره الرحب ....
في الاشهر الأخيرة من عام الثانوية العامة ... كانت تخرج من مدرستها دائما و تسرع الخطى بوجل الى شارع جانبي من شارع آخر ... لتجده ينتظرها مستندا الى دراجة بخارية ,
تلك الدراجة التي صرف عليها كل مدخراته و اشتراها مستعملة و لا يزال يتحمل ديون المتبقي من ثمنها ... ليسافر بها لمدة ثلاث ساعات ...
فقط ليراها !! ....
لم يقبل أن يقابلها بسيارة والدها ..... وهي تفهمت احساسه بالذنب ....

كان يسافر اليها مرتين في الاسبوع ... و احيانا ثلاث مرات .... لكنها لم تظنه كافيا ابدا .....
في كل مرة كانت تخرج من مدرستها ,تتوقف على بعد منه ... تراقبه بقلبٍ منتفض ...
تلك الإنتفاضة الخاصة بقاصي وحده دون غيره .....
و كأنها كل مرة تقابله لأول مرة !! ......
لم يشعرها أحد من قبل أنها مرغوبة الى هذا الحد !! .... لا ليست مرغوبة هي الكلمة الصحيحة ...
بل ممتلكة .... تنتمي اليه .... أو ربما كان هو من ينتمي اليها ....
كل ما تعرفه أنها كانت مذهولة من عنف المشاعر التي سلمها لها قاصي .....
و كأنها بمبادرتها الصغيرة ... فتحت أبوابا من العواصف الجبلية العاشقة .....
لحظتان كل مرة تقف مع نفسها ترتجف قليلا و هي تراقبه عن بعد ... لتهمس لنفسها بذهول
" هذا الرجل الضخم يحبني !!! ..... يسافر من مدينة لأخرى فقط كي يراني لبضعة دقائق !! "
" ذلك القاصي الداني .... أصبح كل عوالمها ... و بحارها بشواطئها ... "
و كان حين يطول شرودها به ... يرفع رأسه اليها و كأنما أحس بوجودها ....
فيبتسم بتكاسل من تحت نظارته السوداء .... قبل أن يشير اليها بإصبعه كي تقترب بكل صلف ...
تقتلها تلك الحركة .... تثير غيظها لكن تزيد من رجفة قلبها ...
تقاوم الإبتسام جذلا و هي ترفض الصلف بحركته .... لكنها تعدل من وضع حقيبتها على كتفها لتسارع اليه ...
تلك الخطوات الاخيرة وصولا اليه ... لا يرفع عينيه عنها ... و كأنه يتلقفها بهما ....
على الرغم من ثبات ملامحه .... لكن تثبيت نظراته عليها كان قويا سلطويا ....
و حين تصل اليه كان يبادرها بالقول بصوتٍ متزن رغم عنف المشاعر بداخل كل منهما ....
" هل كنتِ عاقلة اليوم في المدرسة ؟!! ....... "
تعقد حاجبيها و تقول محذرة
" لا تعاملني كطفلة قاصي الحكيم ...... ثم أنني عاقلة دائما , باستثناء تلك المرات القليلة التي يحاول بها أحدهم فرض أي قوانين علي ...فأتمرد . "
و كان في هذا الوقت يلبسها خوذتها بقوة و يشد على الحزام اسفل ذقنها ...
قبل أن يمسك الخوذة المحتوية على رأسها بين كفيه ليقول بحزم ....
" تتمردين على قوانين الجميع .... الا قانوني الخاص ... مفهوم ؟!! .... "
تعقد حاجبيها مجددا و هي تقول عابسة
" لا ليس مفهوم ..... الخضوع ليس قانوني ...... "
فيقول بهدوء واثق لا يقبل الجدال
" لكنه في قانوني أنا ..... قانون يضم شخص واحد .... هو أنتِ .... "
يتناول منها حقيبته ليثبتها فوق الدراجة البخارية .... قبل ان يعتليها بقوة ليقول متابعا بنفس الهدوء
" هيا ... تعالي ...... "
تريد أن تتمرد عليه في تلك اللحظة ... تريد أن تبدد قوانين غروره ...
الا انها تضعف كل مرة ... فتعتلي الدراجة خلفه لتتشبث بخصره قبل ان ينطلق بها .....
الابتسامة كانت تزين وجهها العاشق للهواء القوي الذي يضربها بقوة ....
بينما صدرها ينتفض و هي تشعر بقربه الى تلك الدرجة ....
فلحظات انطلاقهما بدراجته ... كانت اللحظات الوحيدة التي يلامسها فيها ....
على الرغم من كل تطلباته الامتلاكية التي تثير جنونها ... الا أنه كان شديد الحرص الا يترك نفسه لهواها ...
نظراته تحترق ... و عيناه تشتعلان حين ينظر اليها دون وضع الحواجز بينهما ...
فتظنه على وشك أن يتجاوز كل الحدود ....
الا أنه يعود و يحرص كل الحرص على السيطرة على ذاته ....
لا تلامس بينهما الا في رحلتهما الطائرة على دراجته ..... و هي تتشبث بخصره ...
ذراعاها ملتفتان حوله ...
تنتهز الفرصة و تقترب قليلا كي تشم رائحة عطره .... أو ربما كانت رائحته الرجولية الخاصة ...
لم تستطع التمييز يوما ... كانت عديمة الخبرة ... لكن عنيفة المشاعر ...
و حين تلقي بنفسها على ظهره هكذا ... تثور بداخلها عواصف لم تعلم بوجودها قبلا ....
و كانت تتسائل هل يشعر مثلها ؟؟ .....
أحيانا تتحرك كفها .... على صدره ... متأملة أن تشعر بخفقات قلبه مجنونة كقلبها ....
الا انه كان يقبض على كفها بيد حازمة وهو يعيدها الى حيث تتلاقي مع كفها الأخرى فوق خصره ....
كان هذا يحرجها و يغضبها منه .... انه يضعها دائما حيث يريدها ان تكون ...
و هي لم تعتد هذا النوع من السيطرة على جموح ما تريده ....
وقت مستقطع من الزمن و العالم ....
كانت هذا هو الوصف المناسب لعلاقتهما ....
وهو يبتعد بها الى مكان في نهاية العالم ....
حيث البحر يطير من شعرها الهمجي و هي تجلس على دراجته البخارية تحكي له عن كل ما حدث بيومها ...
بينما هو يقف مكانه امامها .... يشرد بملامحها طويلا .. و كأنه يتعمق في كلامها لدرجة ان يفقد صوتها و يدخل معها في عالمٍ اخر ... اعمق من حدود الكلام المتلاشي ....
علاقتهما الحصرية كانت تتسم بالجنون ..
و كأن كلا منهما وجد ضالته و يرفض ان يقبل بأقل من التملك الحصري ....
كل منهما كان عنيف السيطرة على الاخر ... و كأنهما مصارعين بحلبة سباق .....
الا انهما كانا يختلفان ...
تيماء كانت اكثر اتزانا .... و كان هذا هو ما يثير تعجبها
فعلى الرغم من سنوات عمرها التي لا تتعدى المراهقة الا انها كانت اكثر اتزانا من قاصي .....
مع الوقت بدات ترى به ما يخيفها .....
تصرفاته قد تتسم بالعنف أحيانا .... و بالجنون أحيانا أخرى ....
و اللامبالاة و الإستهانة معظم الوقت ....
فقط تظهر شخصيته القاتمة الخفية حين يتعب من ارتداء قناع السخرية اللامبالية ....
تلك اللحظات النادرة ... الغالية ....
.................................................. .................................................. .................

تذكرت يوما كانت تقف مع قاصي امام احد المتاجر .... و في يدها المثلجات الحمراء التي اشتراها لها ....
تنظر الى واجهة المتجر مبتسمة ... ثم تسأله بدلال تعرف جيدا أنه يفلح دائما في اثارة جنونه
( أتظن هذا الثوب يناسبني يا قاصي ؟!! ........ )
استمر في النظر الى وجهها عدة لحظات .... عيناه تحومان فوق غمازتيها .... و فمه يكاد أن يبتسم لحلاوتهما ....
دائما تقف تيماء تتحدث بسرعة و تألق .... و يقف قاصي ليراقبها بصمت و كأنها أصبحت متعته الوحيدة .....
أضطر أن يبعد عينيه عنها بالقوة مرغما ... وهو ينظر الى حيث تشير .... قبل أن يعقد حاجبيه برفضٍ توقعته دون ذرة شك ....
ثم استدار اليها ليقول بمنتهى الهدوء ... المنذر بالشر
( و من سيسمح لك بارتداءه ؟!! .......... )
كان ثوبا قصيرا جدا .... و بشريطين على الأكتاف , ملون بألوانٍ الصيف ... برتقالي و أحمر و أخضر و أزرق ... دون أي احساس بخلل في ألوانه ....
تمطت تيماء و هي تقول بلهجة مدللة
( طلبت رأيك .... لا الاذن منك ........ )
لم يفقد هدوؤه ... و لم تتغير ملامح وجهه الصلبة وهو ينظر اليها باتزان .....نظرته كانت كفيلة بأن تجعلها تبتلع المتبقي من كلامها المستفز .....
فنظراته الهادئة تنذر باندلاع العاصفة بعدها .....
قبل ان يقول بنفس هدوءه لكن بصوتٍ أشد خفوتا ....
( رأيي و الاذن مني واحد .... فلا تحاولي تحدى أوامري , .... ..... )
ظلت تيماء تنظر اليه من تحت ستار رموشها البنية الكثيفة ... بينما طافت عيناه على وجهها من جديد ....
فهمست بخفوت ....
( كلامك يخيفني .......... )
التوت ابتسامة قاصي في شبه ابتسامة جانبية و عيناه تصعدان الى شعرها المتشابك و المعقد في الهوا ...
و خصلة سلكية منه تتطاير في الهواء ... فالتصقت و احتجزت بن شفتيها الفاغرتين قليلا ... و كانت اقل نعومة من ان تطاير مبتعدة ...
مد قاصي يده ليبعد تلك الخصلة عن شفتيها متمهلا ... عيناه تضيقان بعدم تركيز وهو قريبا منها كل هذا الحد . بينما عيناها هي متسعين ..... وجلتين .... و مشاعرها الفتية تصرخ بعنف ....
استمر الصمت بينهما عدة لحظات قبل أن يضحك قاصي بصوتٍ خافت وهو يقول بخشونة لطيفة
( تخافين مني ؟!! ........ لا أصدق هذا , فأنتِ قادرة على اخراج الشيطان الكامن بداخلي و انت مبتسمة .. لا تفعلين اكثر من لعق المثلجات الحمرا في يدك بلون وجنتيكِ .... )
كلماته تسحرها ... و اصابعه التي لا تزال سارحة بالقرب من زاوية شفتيها ... ضلت طريقها فلامستهما بشغف جعل حاجبيه ينعقدان ... و عيناه تضيقان اكثر .....
قالت تيماء بصوتٍ مرتجف قليلا
( أنت الوحيد الذي يشعرني بأنني ..... جميلة ...... لا أحد يلتفت الي مرتين .... )
سمعت أنفاسه تتردد ببطىء وهو يخرج زفيرا حار ... مكبوتا بعنف ... قبل أن يقول بصوتٍ متوتر ... متحشرج
( و هذا من حسن حظك ...... فوالله لو رأيت من ينظر اليكِ مرتين ل .......... )
رمشت بعينيها من تهديده المباشر ... لكن قلبها كان يخفق كأرنب مذعور .... و يداها تتعرقان بشدة .....
وشفتاها تحاربان للابتسام تحت وطأة أصابعه ..... لكن الابتسامة تتكسر عند حدود القلق من تهديده ....
( قاصي !!! ......... قاصي الحكيم ..... )
انتفضت تيماء و هي تسمع صوتا انثويا جذلا .... يهتف بدلالٍ صاخب ....
فالتفتت مندفعة تنظر خلفها الى فتاة صارخة المظهر و الصوت ...
فتاة عيناها تبرقان بنهم على الرغم من انها تضع نظارة عسلية اللون فوقهما ... بينما شعرها يتطاير من حول وجهها بجنون لشدة نعومته ......
و جسدها يكاد ان يتفجر من خلف ملابسها التي لا تترك الكثير للمخيلة من فرط ضيقها ....
تقترب بقوة و رشاقة و هي تهز شعرها .......
بينما الشفتين الحمراوين المكتنزتين تبتسمان ابتسامة ..... تخدش الحياء ...
نعم ابتسامتها تخدش الحياء العام ....
لم تتغير ملامح قاصي وهو يرفع عينيه عن وجه تيماء ... لينظر الي الفتاة الشقراء ذات الشعر القصير المتطاير ...
ثم ابتسم بلا حماس حقيقي وهو يقول بهدوء
( سوسن ...... ياللها من مفاجأة , مر وقت طويل ..... )
اندفعت اليه متجاوزة تيماء لتضع يديها على كتفي قاصي ... قبل أن ترتفع على أطراف اصابعها لتقبل وجنته أمام عيني تيماء الذاهلتين !!! ....
انخفضت سوسن على قدميها و هي تنظر اليه بتألق مبتسمة ... لتقول بصوتٍ خافت أثار غثيان تيماء
( نعم صحيح .... مر وقت طويل .... أين كنت ؟؟ .... هل تطلب الأمر عامين كاملين كي تعاود الإتصال بي ؟!! ...... )
نظرت تيماء بجنون الى قاصي الذي بدا هادئا وهو يقول برقة ... أو هكذا بدا لها ....
( العمل .... شغلني كثيرا..و حاصرني تماما ..... )
قال هذه العبارة و عيناه على تيماء بنظراته الصريحة ..... فاحمر وجهها و ارتبكت ....
اسبلت جفنيها للحظتين ... قبل ان تسمع صوت المدعوة سوسن يقول بلهجةٍ مندفعة أنثوية و هي تمسك بكفي قاصي ....
( أشعر بالغضب منك جدا ..... لكن رؤيتك كفيلة بأن تبدده بسرعة يا وسيم .... اسمع لن يما رأيك لو تناولنا العشاء معا الليلة .... لدي الكثير لأحكيه لك .... ما هو رقم هاتفك الجديد ؟؟.. )
قال قاصي بهدوء
( لا أظن أن الليلة ستكون مناسبة سوسن ........ )
" لا يظن !!!!! ... "
هل هذا يعني أن هناك ليالٍ أخرى أكثر مناسبة ؟!! .....
شعرت تيماء بالجنون و هي تسمع تلك العبارة الوقحة منه ..... بينما ردت سوسن بذهول مبتسمة و هي لا تزال ممسكة بكفي قاصي ... بينما رفعت يدا لتزيح نظارتها عن عينيها الى فوق رأسها ...
( ياللهي !! .... لا أصدق أنني رأيتك .... لا تزال وسيما ... بل أكثر وسامة ... و شعرك ... )
تركت كفه لتلامس خصلات شعره التي لامست طرف قميصه .... و همست
( آه من شعرك ....... )
ابتسم لها !!! .....
لم تتوهم تيماء و هي تصعق برؤيته يبتسم لتلك الحيزبونة الشقراء ....
بينما قال متسليا و كأن بينهما ذكريات أكثر وقاحة من أن ينطقان بها .....
( آه ..... أتذكر بأنكِ توعدتِ ان حاولت و قصصته ...... )
ضحكت و هي تخفض وجهها فاندفع شعرها ليغطي ملامحها .... و كأن من هي مثلها تعرف معنى الخجل !!!
شعرت تيماء فجأة بأنها غير قادرة على التحمل أكثر ....
النار بأحشائها كانت تحرقها ببطىء ... الى ان انفجرت فسعلت بقوة لتنبههما الى وجودها واقفة هنا مكانها كأحد اعمدة الإنارة ... لا ينقصهما سوى أن يستندا عليها ربما لمزيد من الراحة ....
تنبهت سوسن الى وجود تيماء خلفها ... فارتفع حاجبيها دهشة ترمقها من أعلى شعرها و حتى قدميها بتمعن ...
فلعنت تيماء الغباء الذي جعلها ترتدي هذا الجينز المهترىء ... و الحذاء الرياضي الأبيض ....
أما شعرها فكان مجموعا في عقدة متشعثة أعلى رأسها ....
و دون أي ذرة من الزينة ....
تبا لغبائها .... لماذا لم تتزين ولو قليلا ؟!! .... أليست في موعد مع حبيبها ؟!! ....
منذ اليوم الذي ضمنت به حبه لها ... عادت الى طبيعتها و بساطة شكلها ... بكل عفويتها ....
و نظراته الصريحة ... لم تشعرها أبدا أن الأنوثة تنقصها ....
فارتاحت و التزمت بمظهرها الطفولي ....
لكن الآن ... و هي تقف بجوار تلك الحيزبونة الشقراء ... ناعمة الشعر ... متفجرة الأنوثة ....
بدت أشبه بجرذ رمادي كئيب ....
تكلمت سوسن و عيناها لا تزال على تيماء
( من تلك الصغيرة يا قاصي ؟!! ...... هل هي قريبتك ؟!! ..... )
فتح قاصي فمه ليرد ... الا أن تيماء اندفعت هاتفة بجنون و هي تدس المثلجات الحمراء في مقدمة قميص سوسن الحريري
( بل حبيبته يا نور عيني ......... )
ساد الصمت للحظة واحدة قبل أن تشهق سوسن بصوتٍ عالٍ و هي ترفع كفيها عاليا ... غير مستوعبة البرودة المفاجئة و البقعة الحمراء المنتشرة على قميصها الكريمي اللون ....
قبل ان تصرخ عاليا بصوتٍ بائس مرتعب
( ما الذي ...!!!!! ....... )
كان قاصي ينظر اليها بذهول هو الآخر ... غير مستوعب للحركة التي حدثت للتو !! ....
بينما تنظر اليهما تيماء بتشفي و انتصار .....
لم تلبث سوسن أن انفجرت باكية فجأة بصوتٍ كالعويل !! ...
جعل الابتسامة تختفي من شفتي تيماء و هي تنظر اليها بدهشة رافعة حاجبها بتوجس ...
و هي ترى تلك الشابة الصاروخية ... تشهق باكية في الطريق بصوتٍ عالٍ كالصراخ ...
التفتت تيماء حولها بحرج و هي تنظر الى الأناس اللذين بدأو في الالتفات اليهم ....
بينما سارع قاصي الى اخراج منديل من جيب بنطاله وهو يحاول أن يمسح لها البقعة من صدرها بتوتر قائلا
( اهدئي يا سوسن .... هذه البقعة تزول بالغسل ... لن تترك أثر ..... )
مدت تيماء يدها لتخطف منه المنديل بقوة و عنف و هي تقول بلهجة تهديد مباشرة ...
( عذرا ..... هذا المنديل أحتاجه أنا ..... )
نظر اليها قاصي بذهول بينما كانت رفعت له حاجبها متحدية أن ينطق بكلمة أخرى في تلك اللحظة ...
و أخذت تسمح كفيها بمنديله بكل هدوء ....
اندفع قاصي في تلك اللحظة ليقبض على ذراعها وهو يستدير الى سوسن التي كانت لا تزال واقفة مكانها تبكي بصوتٍ عالي فاضح ... و قال بتوتر
( أنا آسف جدا يا سوسن .... علينا الذهاب , لكن اطمئني ... فهذه البقعة تزول بالغسيل .. ثقي بي , وداعا ... )

ثم لم يلبث ان ابتعد وهو يجر تيماء خلفه بقوة... الى أن وصلا لدراجته فدفعها قائلا بصرامة غاضبة ..
( اصعدي ......... )
انتزعت تيماء ذراعها من يده بقوة و هي تهتف غاضبة مثله و أكثر
( لا تعاملني بهذه الطريقة ....... )
رأت قبضتيه تنقبضان الى جانبيه ... و فكه يتلوي غضبا قبل أن يقول من بين أسنانه
( لا تستفزيني الآن يا تيماء ...... اصعدي )
الا أنها ضربت الأرض بقدمها و هي تهتف بعنف
( تبا لك لن أصعد .... سأرحل وحدي ..... و يمكنك أن تستقل دراجتك الغبية و تعود للحيزبونة الشقراء خاصتك و تجلسها خلفك .... ستكون ممتنة لك أكثر مني .... )
ابتعدت عنه و هي تضرب الأرض مسرعة و الغضب الحارق يستعر بداخلها .. و دموع خبيثة غادرة توشك على أن تندفع من عينيها الهادرتين ... الصارختين ...
لكن ما هي عدة خطواتٍ قد خطتها .... قبل أن تشعر بدٍ كالحديد تطبق على ذراعها بقوةٍ جذبتها لتستدير اليه حول نفسها ... فترنحت للحظة قبل أن تثبت قدميها و ترفع ذقنها اليه لتتحدى عينيه ....
عيناه الجمرتان .... تتوهجان ....
قبل أن تشعر بيديه و قد قبضتا فجأة على خصرها لترفعاها عن الأرض بكل سهولة ....
ذهلت تيماء للوهلة الألى و هي تشعر بالأرض قد اختفت من تحت قدميها اللتين تتأرجحان في الهواء ...
بينما عيناها اصبحتا في مستوى عيني قاصي !! ....
و ما أن استعادت وعيها حتى أخذت تتلوى و تلوح بساقيها محاولة ضربه بقدميها و قبضتيها قبل أن يتحرك بها و كأنها دمية ... الى ن وضعها بالقوة فوق الدراجة و هي تشتم و تهتف حنقا ...
( اتركني أيها الهمجي الفظ ..... )
لكنه لم يأبه بها .... بل أمسك بالخوذة و دس رأسها بها بالقوة ... و هي تقاومه بخشونة , الى أن تمكن من احكان غلقها ...
ثم أمسك بجانبي الخوذة بين كفيه بالقوة ورفع وجهها اليه ... ينظر الى عينيها بحدة أرعبتها للحظة
كان غاضبا و على وشك أن يقتلها الى أن هدر أخيرا بصوتٍ قاطع
( كفى ........ اصمتي ..... )
و كأنما كان أمره سيفا مسلطا .... فقد صمتت بالفعل على الرغم من أنها كانت تغلي بنارٍ تكاد على ان تندلع بوجهه في اية لحظة .....
حين سكنت تماما وهو لا يزال يمسك بالخوذة المحتوية على رأسها ....تكلم اخيرا بصرامة
( ما هذا الذي فعلتهِ للتو ؟؟!........... هل جننتِ ؟؟ .... )
ظلت تواجه عينيه بعينيها في حربٍ شعواء ... قبل أن تقول اخيرا بسخريةٍ لاذعة
( لماذا ؟!! ..... هل كنت تتوقع مني البقاء هادئة , أنتظر الى أن تحددا موعدا جديدا مع تمنياتي لكما بالسعادة ؟!! ..... )
ازداد انعقاد حاجبيه .... قبل ان يقول بصوتٍ حازم قوي
( لقد رفضت دعوتها .... هذا إن كانت اذنك قد اصيبت بصممٍ مفاجىء ..... )
ضحكت ضحكة ساخرة وقحة ثم قالت مقلدة صوته ...
( لا أظن الليلة مناسبة يا سوسن .... لما لا يكون موعدنا غدا كي يتاح لنا فرصة الاختلاء ببعضنا لفترة اطول ... )
هدر قاصي بقوة
( لم أقل هذا ............. )
فهدرت تيماء بحدة اكبر
( بلى قلت .... لقد كانت تلامس شعرك !! ...... كيف تسمح لها ؟!! ..... )
فغر شفتيه ينوى الصراخ بها كذلك ... الا انه عاد و أغلقهما فجأة .... ناظرا الى عينيها طويلا , قبل أن يقول بصوتٍ أجش خافت
( و ماذا إن لامست شعري ؟!! ......... )
برقت عينا تيماء بجنونٍ متهور ... و هي توشك على قتله كي لا يكون لغيرها أبدا ....
لكنها قالت بصوت خافت ... لكنه كان باترا كشفرةٍ حادة ...
( اتمنحني نفس الحق ؟؟ ...... أتقبل أن اتناول العشاء مع احد غيرك .... و يلامس شعري ضاحكا ؟!! .... )
للحظة ارتجفت من اشتعال النيران بعينيه .... قبل ان تسمع جوابه الخافت المهدد و الذي زادها رجفة
( كنت قتلتك ...... )
لن تستطيع ابدا فهم مشاعرها في تلك اللحظة ....
سعادة بدائية اندفعت بداخلها من بين نيران الغضب .... اهتزت حدقتي عينيها للحظات و هي تحارب موجة العشق بداخلها ... لتتمكن من القول بكل جدية و بنفس النبرة الباترة ... الصارمة ...
من بين أسنانها و عيناها لا تحيدان عن عينيه
( اسمعني جيدا , أنت ملكي يا قاصي ..... لن أقبل بأي تهاون في هذا الحق .... أنت ملكي و أنا لك ..أنا امرأتك .. )
ساد صمت طويل بينهما ... و عيناه على عينيها لم تتغير نظرتهما ... فقط البريق الذي ازداد توهجا بدرجةٍ غير معقولة .... قبل ان ترى شفتيته في ابتسامة غريبة ...
ابتسامة كان لها تأثير العدوى من شدة جمالها و هي تزين ملامح وجهه الصارم الصخري ....
فابتسمت و قلبها يرتجف بشدة .... حتى عضت على شفتها السفلى بحماقة ....
لكن ابتسامة قاصي كان تزداد تدريجيا و بسرعة حتى شملت وجهه كله ... قبل أن يرجع رأسه للخلف و ينفجر ضاحكا بكل قوة !! ....
بهتت ابتسامتها و اختفت و هي ترى ضحكته القوية .... و كأن لكمها بصدرها بتصرفه الهازيء ...
فصرخت تيماء و هي تقاومه كي يترك رأسها
( لا تضحك .... ابتعد عني , ابتعد .... اتركني قاصي .... )
الا انه كان يكبل رأسها بكل قوة لا تسمح لها بالتحرر ....
دمعت عيناها بغزارة و هي تراقب ضحكاته الساخرة .. الى ان خفتت اخيرا وهو ينظر الى عينيها بنظرة مختلفة
اشد عمقا .... اكبر دفئا .....
الى أن تكلم أخيرا بصوتٍ لم تسمعه منه قبلا
( اذن ...... انتِ امرأتي !! ...... )
احمر وجهها بشدة فأدارت عينيها عنه هامسة بأسى و هي تشعر بالرغبة في البكاء ...
( لم أكن أدرك أن هذه المعلومة مضحكة بالنسبة لك الى هذه الدرجة ...... )
كفاه مفرودتان على جانبي خوذتها .... و عيناه تتالقان بسعادة غريبة , لم تراها عليه من قبل ...
الى ان قال اخيرا بهدوء
( تذكرت طفلة حمقاء ... هبطت على باب بيتي ذات يوم .... تخبرني بكل صلف انني لا أجيد التعامل مع امرأة مثلها ..... لم اكن ادرك وقتها ان تلك الطفلة ستصبح امرأتي بهذه السرعة !! ..... )
فغرت تيماء شفتيها ببطىء ... و هي لا تصدق أن هذا هو قاصي الفظ ....
بل تحول الى كائن رقيق , لم تراه من قبل ... يتذكر كل كلمة نطقت بها من قبل ...
ينظر اليها تلك النظرة التي تشعرها بأنها الوحيدة في هذا العالم ....
حاولت تيماء جاهدة أن تسجل تلك اللحظة قبل أن يعود الى فظاظته .... تسجل سعادته التي نادرا ما تراها ...
تسجل منظره الغريب و كأنه قد فقد الهالة القاتمة المجهولة المحيطة به دائما ...
و هي كانت السبب في أن يفقدها ..... و كم أشعرها ذلك بأنها مميزة .... أثيرة لديه ...
و اختفت سوسن .... اختفت كل النساء من حياته ....
و بقت هي دون غيرها ......
سمعته يتنهد أخيرا بقوة قبل أن يقول بخفوت سعيد
( تيمائي .... من أين جئت الي فجأة ؟؟ ........ )
ابتسمت تيماء و هي ترفع كفيها لتضعهما فوق يديه على خوذتها ... ثم همست برقة
( الا تعلم ؟!! .... سقطت على باب بيتك ....... )
.................................................. .................................................. .....................
اخذت تيماء تتململ في فراشها بقوة ... مما جعل مسك تلتفت اليها بصمت رافعة عينيها عن الكتاب الذي كانت تقرأه ...
إنها تحلم .... تهذي و تتحرك منذ ساعات دون توقف .....
و اسم قاصي لا يبارح شفتيها باختناق ....
تنهدت مسك و هي تعود الى قراءة كتابها بصمت ....
بينما عادت تيماء الى أحلامها !!.....
.................................................. .................................................. .....................
" هدية نجاحها !! .... "
آخر يوم ينتظرها أمام مدرستها ...
كان هذا اليوم الذي اصطحبها بنفسه كي ترى نتائجها النهائية .....
كانت ترتجف الى حد البكاء خوفا ....
فقال قاصي متأوها بلطف
( ماذا الآن ؟!! ..... طلبت منكِ أن أذهب أنا و أحضرها لكِ ........ )
الا انها اصرت أن تذهب بنفسها فاصطحبها الى مدرستها .....
لكنها ظلت تبكي طوال الطريق ....
حين خرجت أخيرا من المدرسة .... وجدته واقفا ينتظرها متلفتا حوله بشرود ...متحفز الجسد و كأنه مهتم أكثر منها ...
لم تتخيل أن يهتم بمستقبلها الى تلك الدرجة ....
أن يسافر اليها خصيصا كي يصطحبها الى مدرستها و يقف خارجا في انتظارها و قد بدا التوتر على عضلات جسده المتشنجة ....
رفع رأسه اليها أخيرا .... فاستقام واقفا بقلق و هو يسألها النتيجة بعينيه من على بعد مسافة بينهما ...
اطرقت تيماء بوجهها و هي ترسم علامات الخيبة على وجهها ...
فسقطت كفي قاصي جانبيه وهو ينظر اليها ....
الا أن قلبها لم يطاوعها ان تفعل به هذا اكثر .... فرفعت وجهها اليه و ابتسمت
ابتسمت اكبر ابتساماتها .. لدرجة ان غمازتيها تعمقتا كحفرتين منحوتتين .... و صرخت عاليا
( نجحت ..... نجحت ..... نجحت بأعلى مجموع ........ نجحت يا قاصي .... )
و اخذت تقفز عاليا و هي تدور بجنون حول نفسها و قد اوشكت الفرحة على ان تصيبها بالجنون و الهذيان ....
تسمر قاصي مكانه وهو يرى جنون فرحتها ... صراخها العالي و قفزها كحبات الذرة على النار ....
عيناه مبهورتان بها .... و شفتيه تبتسمان تلك الابتسامة النادرة .... النادرة جدا ....
ابتسامتها ....
حين أوصلها الى بيتها أخيرا بعد أن طاف بها لساعاتٍ طويلة و كأنهما يطيران احتفالا بنجاحها ....
قفزت من على الدراجة و خلعت خوذتها ... الا أنها فوجئت به لا يزال ماكثا مكانه , فقالت بدهشة
( الن تصعد معي ؟!! ....... تصر أمي أن تتناول معنا طعام الغذاء ..... )
قال قاصي مبتسما وهو ينظر اليها تلك النظرات التي تقلب كيانها كله و عيناه تنحدران الى سلساله الفضي الذي لا يفارق عنقها ابدا ...
( سأذهب لأجلب لكِ هديتك التي وعدتك بها ........ )
ارتبكت تيماء و اخفضت وجهها مبتسمة ..... و قالت بخجل
( لا تكلف نفسك .... حقا ....... )
ارتفع حاجبيه وهو ينظر الي احمرار وجهها الشهي قبل ان يقول متعجبا
( هل هذا احمرار خجل ؟!! ....... منذ متى تُحرجين ؟!! .....و ماذا عن الثلاث شطائر التي أكلتها احتفالا ؟!!.... .)
اختفت ابتسامتها وزمت شفتيها و ضربته على كتفه لتقول بفظاظة
( اذهب يا قاصي ..... اذهب , طريقك أخضر ..... )
ضحك عاليا وهو يمد يده ليجذب خصلة من شعرها قائلا
( كوني عاقلة حتى أعود أليك ...... آآآآآه )
تأوه متألما وهو يعيد اصبعه الى فمه فجأة .... فقالت تيماء بقلق حقيقي
( ماذا بك يا قاصي ؟!! ...... )
نظر اليها قائلا مبتسما باستفزاز
( احدى شعراتك السلكية وخزت اصبعي و أدمته ..... )
عضت تيماء على شفتها و هي تهتف بغضب حقيقي
( اذهب من هنا يا قاصي ...... اذهب قبل أن ارتكب جريمة , اتمنى ان تشتعل النيران في شعرك الذي تتفاخر به ..... )
عاد ليضحك عاليا قبل يلوح لها بتفاخر ... ثم انطلق بدراجته .... و هي تقف مكانها تنظر اليه مبتعدا
اليوم كتبت لها السعادة ....
نجاحها تحقق ... و امتلكت قلب قاصي ..... ماذا ينقصها أكثر اذن ؟!! .....
لقد حل محل والدها و ملأ هذا الفراغ و احتل قلبها و كيانها كله ....
ربما لو لم تعرفه و تقع في حبه .... لكانت الآن واقفة مكانها تبكي و هي تتمنى لو كان والدها هنا معها ليحتفل فخورا بنجاحها ......


يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس