عرض مشاركة واحدة
قديم 20-02-16, 11:03 PM   #2227

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

وقفت مسك في اسطبل الأحصنة .... و أمام فرسٍ محددة مبهرة الجمال ....
وقفت تتأملها مبتسمة لتملي عينيها من سحر جمالها الناعم الأسود المخملي ......
كم هي بديعة الخلقة .... لطالما كانت الخيول هي عشقها الأول ....
مدت يدها تحاول ملامسة أعلى أنفها برفق و هي تهمس لها بنعومة كي تتعرف على صوتها ....
الا أن الفرس الضخمة نفرت بقوة للخلف و صهلت رافضة ....
فقال صوت رجولي عميق من خلفها
( احترسي .... فهي مروضة بالأمس فقط .... و لا تزال تحمل بقايا كبرياء جريح , و ما أخطر الكبرياء الجريح ..... )
ابتسمت مسك و هي تستدير اليه ....
حيث كان قاصي واقفا عند باب الاسطبل ... مكتفا ذراعيه و مستندا بكتفه لاطار البوابة الخشبي ....
قالت مسك مازحة
( و كأنك تتكلم عن حبيبتك .... و ليست الفرس ..... )
قال قاصي بإيجاز وهو ينظر الى الفرس السوداء المتوترة ....
( متشابهتين ........ )
ثم استقام و اقترب منها بهدوء الى أن وقف أمامها يتأملها مبتسما قبل أن يقول بصدق و رضا
( تبدين جميلة يا مسك .... تبدين جميلة جدا ..... )
على الرغم من عنفوانها و صلفها المستحدث الا أنها ارتبكت رغما عنها و هي تخفض رأسها و تلامس خصلات شعرها الناعم بشرود و تردد ....
فقال قاصي بصرامة و هو يبعد أصابعها عن شعرها
( توقفي عن تلك الحركة ........ )
ابتسمت مسك و هي تقول بخفوت
( لم أعتده فقد بقيت لأشهرٍ طويلة دون أن تتلاعب به أصابعي ....... )
ظل قاصي ينظر اليها قبل أن يقول دون تردد
( كانت فترة مؤقتة ..... و الآن تبدين غاية في الجمال , حتى أكثر من قبل ...... )
ضحكت مسك رغما عنها و قالت تتأمل وجهه القريب الحبيب
( لم أعتدك منافقا ...... ربما لأنك تريد سؤالي عن تيمائك الصغيرة لكنك تخشى أن أصرخ بك جنونا .... )
ابتسم قاصي بسخرية و قال
( لا حاجة لي بنفاقك .... لقد رأيتها ........ )
عقدت مسك حاجبيها و هي تقول بحيرة
( رأيتها ؟!! ....... أين ؟!! ...... لقد تركتها للتو في الغرفة ..... )
اقترب قاصي من الفرس السوداء ليداعب أعلى أنفها فتعرفت اليه و أجفلت قليلا .... ثم عادت و استكانت صاغرة .... تتقبل مداعباته ....
قال أخيرا بصوتٍ قاتم
( كانت واقفة للتو بشرفة الغرفة ....... و رأيتها , بل و تقابلت أعيننا .... )
ابتسمت مسك و هي تقترب منه لتقول بسخرية
( آها .... روميو و جوليت ..... اذن على الأرجح سنجدها هنا في أي لحظة .... فلقد انتابها جنون مفاجىء من امساكك ليدي ليلة أمس ..... )
ابتسم قاصي رغم عنه وهو يداعب الفرس ليقول
( هل صبت غضبها عليكِ أيضا بسبب هذا ؟!! ........ )
عقدت مسك حاجبيها و قالت ضاحكة
( هل أمسكت يدي حقا ؟!! ...... والله لا أتذكر , كنت في حالة غضب ميؤوس منها ..... )
ابتسم مرة اخرى وهو يقول
( و لا أنا أتذكر كذلك ....... كنت خائفا عليك فحسب ...... )
ارتفع حاجبي مسك و هي تقول بخبث
( تبدو سعيدا بغيرتها .......... )
ظل قاصي يداعب الفرس للحظة قبل أن يقول
( تيماء تخصني ...... و أنا أخصها ...... كلمة الغيرة ليست منصفة تماما في وصف العلاقة بيننا .... )
قالت مسك بجدية
( لكن ما فهمته .... انها رافضة للعودة للماضي , و ماذا لو أصر جدي على خطبتها لأحد أبناء ..... )
استدار قاصي اليها ليقول مقاطعا بلهجةٍ صادمة
( لا تتابعي ........... )
عقدت مسك حاجبيها و قالت بقوة
( لا ترهبني ..... أنا أخبرك بالواقع ... أمامك مشكلتين .... تيماء و جدك ... و المشكلة الجديدة هي أنا لكن لا تخشى ما يخصني تماما ... فلن يملي علي أحد ما لا أريده ... )
ظل قاصي يداعب الفرس بصمت .. دون ان يظهر شيء مما يفكر به على ملامحه المتحجرة بفعل السنوات ...
زفرت مسك و هي تنظر اليه قبل أن تقول بهدوء
( قاصي ..... ماذا لو لم تخلقا لبعضكما ؟!! ...... )
اندفع رأسه لينظر اليها نظرة قوية ... مهددة بالخطر , الا أنها لم تكن لتخاف .. بل تابعت بخفوت لكن أكثر اصرارا
( فكر في الأمر .... أنتما مختلفان من كل المستويات , و على ما يبدو أن تيماء أدركت ذلك في وقتٍ مبكر أكثر منك ..... لقد كانت مجرد .... )
ترك قاصي الفرس ليستدير الى مسك بكليته وهو يقول مندفعا دون أن يرفع صوته ... لم يحتاج أصلا أن يرفع صوته ليسكت من أمامه ..
( اياكِ و القول أنها كانت مجرد طفلة ..... إنها أكبر كذبة في التاريخ ....)
عقدت مسك حاجبيها قليلا و قالت ببطىءٍ كي يستوعب
( من عمر الرابعة عشر و حتى الثامنة عشر .... أخطر مرحلة و أكثرها تأرجحا بين الطفولة و المراهقة .... أما النضج فلم يكن خيارا أصلا ..... كيف تريد منها الآن أن تلتزم باختيار اعتمدته في تلك المرحلة .؟!! ... )
رفع قاصي يده وهو يقول بصوتٍ حار .... و عيناه لا تعرفان معنى التنازل
( ما بيني و بين تيماء أكبر من المنطق يا مسك ..... حاولي فهم ذلك , أنا أعرفها ....إنها لا تستطيع أن تكون لرجلٍ آخر ..... أنا لن أسمح بذلك مادام بصدري نفس يتردد .... لقد قطعت عهدا و عليها الإلتزام به .... )
تنهدت مسك و هي تعرف أن لا سبيل لإقناع قاصي بما لا يريد .....
نظرت اليه وهو يمسك بحبلٍ أخذ يلف حول مرفقه بعنف ... بينما كانت أنفاسه غير ثابتة .. مضطربة ...
و سرعان ما ركل الصناديق المتراصة بقدمه و بكل قوة فتساقطت محدثة صوتا مزعجا اثار توتر الخيول و صهيل بعضها ....
قالت مسك بخفوت
( اهدأ يا قاصي من فضلك ...... لم يكن عليك ان تربط أكبر حدثين في حياتك ببعضهما ..... مواجهتك لوالدك كانت أفظع من أن تجعلك تفكر في تيماء بنفس الوقت .... )
استدار اليها قاصي ليقول هادرا
( اياك وهذا اللفظ مجددا يا مسك ..... اياك .... )
كان شرسا .... عنيفا ..... و ظهر أساس هذا العنف .... " عمران الرافعي .... "
و تيماء كانت الدواء .....
هكذا ترى مسك الأمر من وجهة نظرها ......
قالت مسك اخيرا برفق
( لا بأس يا قاصي ....... أعتذر ........ )
أغمض قاصي عينيه و حاول التنفس ببطىء ليسيطر على القتامة المنتشرة حول روحه كالرماد المتخلف على الأفران القديمة المهترئة ....
و بعد لحظات قال أخيرا مغيرا الموضوع
( لم يحضر ابن عمك النذل الى الاجتماع العائلي ....... )
مطت مسك شفتيها في ابتسامة قصيرة .... باردة في الظاهر , لكن تحمل بداخلها ميلٍ حزين ....
ثم قالت ببساطة و هي تداعب احد الخيول المروضة
( تقصد أشرف ؟!! ...... له عذره ...... منذ طلاقنا وهو يشعر بالحرج من جدي و أبي و خاصة بعد زواجه من ...... غدير و أنت تعرف كل شيء عنها ..... )
نفث قاصي نفسا بدا كاللهب الأزرق وهو يتمتم من بين أسنانه
( هذا من حسن حظه ..... فوالله لو رأيته أمامي مجددا لكنت .....)
صمت وهو يعاود لف الحبل المسكين المستسلم تحت رحمته ... بينما تابعت مسك مبتسمة
( لكنت ضربته كالمرة السابقة ؟!! ..... انسى يا قاصي .... لقد مرت فترة طويلة .....)
رفع قاصي وجهه اليها ليقول بصلابة
( الخيانة لا تموت بالتقادم يا مسك ..... و هو لم يكن رجلا ....)
نظرت مسك بعيدا ... قبل أن تقول بترفع
( لا ألومه كثيرا ... العديد في محله كانوا سيفعلون مثله ...... مرضي لم يكن هينا , و ليس الجميع قادرين على التضحية ...... )
التفت اليها قاصي ليقول بغضب
( كيف تقولين ذلك ؟!! ....... لو كان أحبك حقا ...... )
قاطعته مسك لتقول بصوتٍ أكثر ترفعا و قوة
( لو كان يحبني ...... ها أنت ذا قد أجبت السؤال ...... )
أخذت نفسا عميقا قبل أن تقول مبتسمو بأناقة و هي تبعد شعرها عن وجهها
( الآن دعك من هذا الموضوع الباهت ..... فلديك مواجهة حاليا .... تيمائك تقترب من بعيد و على وجهها تبدو علامات التحفز .... )
لم يكلف قاصي نفسه عناء الاستدارة و النظر اليى حيث تنظر مسك خارج الاسطبل .....
بل تحولت ملامحه الى أحد تلك الأقنعة الساخرة اللامبالية التي يجيدها ..... .
قالت مسك بهدوء مستفز
( سأنسحب الآن ...... اراك لاحقا ..... )
قال قاصي بهدوء
( سأخرج معكِ ..... لا عمل لي هنا ......... )
هزت مسك كتفيها مبتسمة ثم خرجت من الاسطبل ... لتواجه تيماء التي وقفت امامها و هي تنقل عينيها بصمت بينهما ...
قالت مسك بسخرية
( غريبة ..... خرجتِ قبل شروق الشمس ؟!! .....هل تبحثين عن أحد ؟!! .... )
كانت تيماء تشعر بطعنة في صدرها تفوق حد احتمال الألم ... و هي تنقل نظرها من مسك اللامبالية ...
الى قاصي الذي كانت ملامحه الحجرية في تلك اللحظة قد أخفت عنها كل ما تريد البحث عنه ....
بداخله ...عميقا بداخله ...
تجاهلت تيماء الرد على سؤال مسك ... و أبعدت وجهها تنظر الى الفضاء الواسع ... بينما لم تنتظر مسك الجواب من الأساس ... بل ابتعدت لتغادر بكل خيلائها ...
لم تستطع تيماء منع نفسها من الالتفات قليلا كي تراقب مسك و هي ترحل ....
تسير بكبرياء فرسٍ جامح .... تماما , كما رأتها مقبلة عليها للمرة الاولى .....
شعرها الجميل خلق ليتطاير من فرط نعومته .... ملامسا كتفيها و يحاول التسلل الى ظهرها في طولٍ محبب ....
انتفضت تيماء من شرودها البائس على صوت قاصي يقول
( ماذا تفعلين هنا في هذا البرد .... و بمثل هذا الوقت المبكر ؟!! ..... )
استدارت تيماء اليه .... تنظر الى هيئته التي ازدادت ضخامة ... بينما لم يزيد جسدها هي جراما وزنا ... أو سانتيمترا طولا ....
مما جعلها تشعر بأنه أضخم مما تتذكر جدا ....
رفعت تيماء وجهها اليه لتقول ببرود
( علي أنا أن أسألك نفس السؤال قبلا ..... ماذا تفعل هنا .... في مثل هذا الوقت المبكر , خاصة و أنك لست من سكان هذا البيت .... )
نظرة عيناه الى عينيها كالصفعتين .... تجفلانها و تجعلانها تصمت ....
تنبهت الى ما قالته للتو فعضت لسانها و شتمت نفسها على الغباء الذي يتمكن منها منذ الأمس ...
الغباء القديم ... كلما تواجدت قربه و كلما هزمتها الغيرة ....
قال قاصي بصوتٍ جامد
( لا دخل لكِ ..... ما دمتِ قد قررتِ اقصائي ...... و الحنث بعهدك معي ..... )
ارتجفت بشدة .... خاصة و أن ريحا باردة هبت من بعيد في هذا المكان المفتوح فجعلتها ترتعش بقوة ....
لكنها ابتلعت ريقها لتقول فجأة بصوتٍ لا حياة به
( أنا آسفة ...... )
التوت شفتي قاصي في ضحكة ساخرة .... قاسية ..... قاسية جدا ..... جعلتها ترتجف أكثر . ثم لم يلبث أن قال بلهجة مهينة
( آسفة ؟!!! ..... ياللبساطة !! ........ )
أخفضت تيماء وجهها ... ووجدت أنه يستحق تبريرا ...... على الرغم من كل ما يفعله حاليا , الا انه يستحق تبريرا
فقالت بنفس الصوت الميت
( ارتعبت ....... ارتعبت مما حدث لي هنا , ما حدث كان اكبر من أن ........ )
اقترب منها خطوة مندفعا وهو يقول بصوتٍ عنيف ... يحمل مشاعرا أشد عنفا
( أكبر من صك الملكية الذي اخبرتني به يوما ؟!! .......أتعرفين ماذا ... يومها لم تكوني طفلة , بل العكس ... يومها كنت امرأة ... أكثر نضجا من كل من عرفت من النساء ..... كنت تدركين ما تريدين و تحاربين لأجله ..... أما الآن فأنتِ مجرد طفلة جبانة , لا تمتلك حتى شجاعة الإعتراف ...... )
أطرقت تيماء بوجهها ... وودت لو ارتدت سترتها فوق تلك الكنزة التي جعلتها تتجمد بردا أمام عينيه عديمتي الرحمة ....
الا أنها قالت أخيرا بخفوت
( نعم ...... معك حق , كنت أدرك ما أريد و أحارب لاجله ....... لم يكن هذا نضجا , بل كانت براءة .... لم أعرف الكثير مما قد يترتب على علاقتنا .... و قد عرفت بأصعب الطرق ..... أنت لا تعرف .... )
صرخ قاصي فجأة بصوتٍ جهوري متوجع
( أعرف ....... اعرف يا تيماء .... و من غيري ليعرف .... )
رفعت كفها الى فمها و هي تهتف همسا بهلع متلفتة حولها
( اصمت يا قاصي ..... اصمت أرجوك ....... )
الا أنه اقترب منها خطوة أخرى ليقول بخشونة متحشرجة
( من غيري ليعرف ؟!! ........... )
رمشت تيماء بعينيها و هي تبعد وجهها عنه .... تبتلع غصة مؤلمة بحلقها ....
تتذكر هذا اليوم و كأنه كان الأمس .... تتذكر الألم و بشاعة المنظر ....
كانت أكثر خجلا من ان تعترف لقاصي بما حدث تماما ....
ربما كان ما حدث ... تمر به كل الفتيات هنا , الا أن الفارق أنه يتم في عمرٍ صغير ....
صغير جدا يجعل منه أكثر سهولة ... و يسر
أما هي .... فقد كانت في الثامنة عشر .... تكاد أن تكون امرأة .... و يتم ختانها في مثل هذا العمر ...
كانت صدمة جسدية و نفسية لم تستطع تحملها ....

و كان عقاب والدها لها ان يتم الأمر بأكثر الطرق ايلاما دون تخدير او مساعدة طبية .....
كي لا تتجرأ و تفرط بنفسها مجددا ....
على الرغم من أنه لم يترك الأمر للشك .... و تأكد فعليا و بالإثبات و البرهان من أنها لم تفرط في شرفها كما اعتقد ....
الا أنه اختار أن يربيها من جديد ....
كانت تلك هي عبارته ...... وهو يسحب حزامه
" كنت مخطئا حين تركتك لامرأة كي تربيكِ .... و هذه هي النتيجة , ... نتيجة تربية امك الفاسدة ... لكني سأعوض ما فات ... و أربيكِ من جديد ... "
رمشت بعينيها و هي تطرق بوجهها فتساقطت دمعتين على وجنتيها الباردتين كالجليد ...
فقال قاصي بصوتٍ اكثر خفوتا
( أعلم .......... أعلم ما حدث .....)
عضت على شفتيها و اغمضت عينيها بقوة .... تحاول التقاط انفاسها بصعوبة و تحشرج ...
قبل ان تفتحهما .... لتنظر اليه بهدوء ... و بادلها النظر
كانت عيناها مبللتين و حمراوين ... و متسعتين .... تحتهما الهالات الزرقاء التي تخبره بكوابيسها ليلة امس ...
همست تيماء باختناق دون ان تسمح لنفسها بالبكاء علنا ...
( لا ...... لا تعرف ..... )
قال قاصي بصوت قاسي
( أعرف كل دقيقة الم مررتِ بها ...... كل واحدة .... )
انحنت عينيها بخوف و همست ترتعش
( تقصد احتجازي ؟؟ ........ و ربما ما مررت به من ضرب ؟؟ ... .... )
هز قاصي رأسه نفيا .... ثم قال بخفوت اكبر وهو ينظر الى عينيها
( بل أعرف كل شيء آخر .... تخجلين منه و لا تودين ذكره ..... )
شحب وجهها بشدة ... ثم ازداد احمراره فجأة .... بينما شعرت بنفسها تتضائل امامه بقوة و هو يعترف بمعرفته ادق تفاصيل ما تعرضت له ....
اطرقت بوجهها و استدارت عنه تشعر بالغثيان .... الا انه اندفع يتجاوزها ليواجهها من جديد قائلا بصرامة
( لا تخفضي عينيكِ أمامي ..........إنه أنا .... قاصي ..... )
رفعت يديها تمسح بهما وجنتيها بقوة قبل ان تنظر اليه بشجاعة قائلة
( لست خجلة ..... إنها فقط ذكريات افضل نسيانها ..... )
ابتلعت ريقها و هي تعض على شفتيها بقوة ... قبل ان تقول بتركيز عله يستوعب
( حين خرجت حية من هذا البلد ..... عرفت أن للحياة صورا أكثر صعوبة و ألما و مهانة ... حينها قررت الهرب ... بل اقسمت على الهرب من كل ما يربطني بهذا المكان و أناسه ..... لذلك غيرت كليتي و دراستي كلها .... و بعد التخرج عملت اقصى وسعي للسفر للخارج .... و هناك , استطعت بناء تيماء التي تراها الآن .... شخصية على النقيض تماما عن تلك التي تريدها .... انظر الي جيدا و دقق النظر .... و ارهف السمع .... ستجدني انسانة مختلفة , لا تعرفها ...... و هذه هي الشخصية التي تواءمت معها , لذا كل ما اطلبه الآن هو اصطحاب امي و السفر مجددا ... و الابتعاد عن كل ما يربطني بهذه الأرض .... )
كان قاصي يستمع اليها بصمت ... و عيناه تأسران عينيها ليقرأهما بوضوح ....
و ما أن انتهت ... حتى أخذت تلتقط انفاسها بصعوبةٍ مهنئة نفسها .... لكن ان كانت تنتظر منه أي تعاطف فقد خاب أملها .... لأنه لم يقل سوى شيء واحد ...
( و ما الذي عاد بكِ الى هنا .... طالما تتمنين الهرب الى هذه الدرجة ؟!! .... )
رمشت بعينيها مرة أمام سؤاله المباشر .... أما ملامحه فكانت أشد قتامة و قد ظهرت انطباعاتها بوضوح في شعاع الشروق الرمادي الشاحب .....
قالت تيماء بخفوت و هي تعدل من وشاحها المتطاير حول وجهها
( بما أنك سألتني ..... لذا سأنهي هذا الأمر بأقصر الطرق ايلاما ....... أنا هنا .... لأن أستاذي في الجامعة يريد التقدم لأهلي لخطبتي ...... )
ها قد فعلتها ..... و انتهى الأمر .....
لم تظن أن يأتي اليوم الذي تقف خائفة أمامه بهذا الشكل ....... منتظرة براكينه بحممها .....
كانت تتنفس بسرعة و عينيها منخفضتين ... ثابتتين على كفيه المنقبضتين بقوة لدرجة بياض مفاصل اصابعه ....,
و كان هذا خير دليل على ما يشعر به حاليا و يحاول منع نفسه من التهور .... و مر وقت طويل قبل أن يقول اخيرا بصوتٍ خافت .... خافت جدا و مرعب
( رجل آخر يا تيماء !!! ........... و تظنين أنني أتمنى لك السعادة و انصرف بنفس طيبة , أليس كذلك ؟! .... )
أغمضت عينيها بألم .... قبل أن تقول بخفوت
( هذا ما يتوجب عليك إن كنت تحمل لي أي ذكريات طيبة كانت بيننا يوما ...... )
استمرت قبضته في الانقباض أكثر و اكثر .... بينما همست متابعة
( و لا تتلاعب بأمر خطبتك لمسك ..... لا تنسى أنها اختى و أنا لن أسمح لك .... )
ضحك .... ضحك فعلا !! ....
أرجع رأسه للخلف و ضحك ضحكته البشعة ... تلك الضحكة المفتقرة الى المرح و التي يعتمدها حين يهدد أحدهم ...
و كانت هي احدهم ....
انتظرت بصبر و ارتجاف الى أن ينتهي من ضحكاته ... ثم لم يلبث أن أخفض وجهه لينظر اليها و يقول بشراسةٍ مفاجئة
( هل تصدقين نفسك ؟!! ...... بالله عليكِ تيمائي .... تيمائي أنا ...... )
هزت رأسها بغضب و خوف .... ثم استدارت لتقول بصوت مرتعش
( أنا ذاهبة ..... لقد اتيت كي أتفاهم معك بالحسنى ..... )
و ما أن سارت خطوتين حتى قال قاصي بهدوء
(هل أخبرتهِ أنكِ كنتِ لي ؟!! ........... )
تسمرت تيماء مكانها و اتسعت عيناها بصدمة قبل أن تستدير بعنف لتهتف مذهولة
( ماذا ؟!!! ...... )
الا أن ملامحه ذات القناع الساخر لم تتغير .... بل قال معيدا بكل تفهم
( هل أخبرتِ أستاذك المحترم ...... أنكِ كنتِ لي قبله ؟!! ..... )
اتسعت عيناها أكثر و أكثر .... و تراجعت خطوة للخلف
و همست بذهول
( أنت كاذب ...... لم يحدث هذا , كيف تدعي علي اثما كهذا ؟!! ..... )
امال وجهه ينظر اليها نظرة اوقفتها عن سيل ما كانت تود رميه به ... ثم قال بهدوء جليدي
( الم تكوني لي تيمائي ؟!! ........ألم تصرخي بهذا ذات يوم ...... ألم تكوني لي كما لم تكوني لقبلي أو بعدي !! .... )
كان يتقرب منها و هو يتكلم بذلك الهدوء المخيف ... بينما هي تتراجع للخلف ...و همست بفتور
( لم يحدث بيننا شيء يا قاصي ؟!! ...... )
ارتفع حاجبيه وهو يقول متظاهرا بالدهشة
( ألم يحدث ؟! ..... عجبا .... ألم أقبلك مثلا ؟!! ...... )
احمر وجهها بشدة ... و اتسعت عيناها ... لم تصدق أن يستغل ذكرى كهذه بعد أن هتف يوما معتذرا لها ....
لكنه الآن لم يكن نادما و لو للحظة وهو يتابع تقدمه قائلا
( ألم ألامسك من قبل ..... احملك بين ذراعي ... أراقصك و أنتِ تتمايلين كزهرةٍ يلاعبها النسيم ... )
شحب وجهها الآن بشدة .... فابتسم بشراسة و هو يقول بلهجةٍ غريبة
( هل أخبرتهِ بهذه الذكريات الصغيرة ؟!! .... أم تنوين قصها من ذاكرتك و ادعاء أنها لم تكن ؟!! ..... كيف ستحيين حياتك معه و أنت تحملين كل تلك الذكريات ؟!! .... ألن يؤنبك ضميرك و لو قليلا ؟!! ..... )
ابتلعت تيماء ريقها قبل أن تقول بخفوت بائس
( ربك يغفر الذنوب ..... و أنا تعهدت أمام الله الا أكرر الكثير مما فعلته .....)
ارتفع حاجبيه و قال بثقة
( بالتأكيد ...... لكنك تتوقعين السماح من البشر و تقررين بالنيابة عنهم .... الا ترين أن من حقه معرفة أن زوجته قد لامسها رجل غيره قبله ؟!!! ..... كنت لأود أن أعرف لو كنت مكانه و صدقيني كنت لأعذبها ببطىء الى أن تتمنى الموت ..... )
ضاقت عينا تيماء و هي تنظر اليه بروحٍ باردة كالثلج .... ثم قالت أخيرا بخفوت
( لم يكن الأمر بمثل هذه القذراة التي تصفها ...... كان يعني شيئا أكبر .... )
للحظة تبدلت ملامحه ... و ذاب القناع الساخر و طل الدفىء من عينيه ثم قال أخيرا بصوته العميق الخافت
( كيف كان يا تيماء ؟؟ ...... ذكريني اذن ...... اذيبي الجليد عن قلبك و ذكريني ..... )
لم تعلم في تلك اللحظة .... انها بوشاحها الملتف حول وجهها كيفما اتفق .... في ضوء الشروق الرمادي
كانت تبدو ك ... تيماء .... تلك الطفلة التي امتلكت حياته كلها قبل سنوات ......
لكن رأسها العنيد يأبى الإعتراف ......
فغرت تيماء شفتيها لتقول بخفوت
( أنا ...... يجب أن أعود ........... لا أريد أن نتسبب في المزيد من الكوارث بوقوفنا معا ..... )
استدارت لتغادر ... لكن قاصي نادى من خلفها بقوة
( أنتِ تخادعين نفسك يا تيماء ......... لكنك لن تخدعيني ..... )
أخذت نفسا عميقا و تابعت سيرها ... الا أنه عاد ليقول بنفس القوة لكن بصوتٍ أكثر خفوتا
( كنت بحاجة اليك ليلة أمس ........ كنت أحتاج فقط للنظر اليك ... سماع صوتك ..... )
وقفت مكانها ..... و كأن جسدها بكتيبة أعضائه , قد أعلن التمرد على أوامر قيادة عقلها الصارمة ....
فغرت تيماء شفتيها المتحجرتين ثم قالت بخفوت
( هل أنت بخير ؟؟ ........... )
كم هو سؤال باهت .... غبي ...... ميت ......
بينما كيانها يصرخ بها ان تلتفت اليه و تضمه بقوة بين ذراعيها ...... و تخبره أنها ستظل بجوار صدره الى ان يلتئم جرحه .....
فقالت بخفوت
( لم اقصد ان اظهر بمظهر الضحية يا قاصي .... بينما انت من مر بتجربةٍ لا يحتملها اعتى الرجال ..... بل على العكس ... انا اكره ان اكون الضحية , لكنك تصر على اعادتي لصورة لم تعد تناسبني .... )
استدارت اليه تنظر لعينيه المستعرتين مرة اخيرة .... قبل ان تقول بخفوت و ثبات
( لقد اتخذت قراري .... سأتزوج و أسافر .... للأبد ...... أرجو أن تتمكن يوما من أن تسامحني .... )
استدارت و تابعت سيرها .... و هي تقول بصوت ميت
( عليك المغادرة يا قاصي ...... لا أريد المزيد من الأذى لك ...... )
قال قاصي بقسوة من خلفها
( سأصعد لأقابل جدي يا بنت عمي ...... احتفظي بتمنياتك الطيبة لنفسك ..... )
زفرت تيماء نفسا مرتجفا من بين شفتيها المتحجرتين ... قبل ان تتابع سيرها بهدوء .....
.................................................. .................................................. ......................
طرق قاصي باب خلوة جده .... قبل ان يسمع صوته المهيب يدعوه للدخول ...
ففتح الباب و دخل وهو يقول هامسا
( السلام عليكم يا حاج سليمان ........ )
كان الحاج سليمان يجلس بمقعده الضخم الأثري .... بعد أن عاد من صلاة الفجر .... يراقب خط الشروق الذي بدا اكثر وضوحا كسيف يقطع الليل و يبعده ... مانحا للنهار فرصة جديدة ...
تكلم سليمان قائلا دون ان ينظر اليه
( تعال يا ولدي ........ اقترب مني ..... )
اقترب قاصي ببطىء من مجلس سليمان الى ان وقف على بعد مسافة منه .... فقال سليمان وهو ينظر اليه بملامح واهنة
( تعال و اجلس بجواري ...... )
اقترب قاصي اكثر و انحنى ليجلس مستندا الى قدميه ..... نظر اليه سليمان طويلا قبل أن يقول بخفوت
( كيف حالك اليوم يا ولدي ؟؟ ....... )
لم تلين ملامح قاصي المتحجرة ... و هو يبادل جده النظر , قبل أن يقول بهدوء
( لما لا تطمئني على نفسك أولا ؟!! ...... أتعرف مقدارك عندي و قيمتك فوق رأسي .... لم أشا أن يتم بهذه الصورة .... لم أخطط لحدوثه بتلك الطريقة ..... لقد فقدت أعصابي ... )
رد سليمان بصوته المهيب
( أكنت تريد لي المزيد من الغفلة يا قاصي ؟!! ........ )
قال قاصي بقوة
( ما عاش من يقول ذلك يا حاج سليمان ....... )
قال سليمان وهو يتأمله ...
( كيف أغفلت عن التشابه ؟!! ..... في جذورك أنت رافعي حتى النخاع ..... أم تراني تغافلت كما تغافل الجميع .... فلم ألاحظ أن الصدمة كانت أكثر من مجرد صدمة لثورتك على المستور اخيرا .... )
اطرق قاصي بوجهه وهو يمسك بذراع مقعد الحاج سليمان قبل ان يقول بهدوء
( الابن الغير شرعي المتواجد تحت ظل العائلة .... قصة مكررة يا حاج لا تثير صدمة احد ... و لو كانت هي فقط ما يعيبني ما كنت اهتممت ..... لقد نشأت وحيدا و سأعيش وحيدا دون جذور .... )
صمت قاصي قليلا قبل ان يقول بخفوت غامض
( لكن ماذا عن القصاص يا حاج ؟!! .... ماذا عن القصاص لأمي , تلك الروح التي أزهقت على يد الظلم و هي ليست بزانية ..... دمها الطاهر الذي سال دون ذنب ... ماذا عنه يا حاج ؟!! .... )
ظل سليمان ينظر اليه طويلا بعينين مجهدتين قبل ان يقول بخفوت
( كما توقعت ...... لن تترك ثأر أمك يا ولدي ....... )
رفع قاصي عينيه لعيني جده قبل ان يقول بهدوء
( دع الماضي فالمستقبل كفيل بهِ يا حاج سليمان ...... )
قال سليمان بصوته الاجش
( سأعوضك يا ولدي ...... سأعوضك مالا يغنيك .... لكن ليس بيدي أمرين .... النسب و الأرض ... )
كان قاصي يستمع الى جده بمنتهى الهدوء ..... قبل ان يقول أخيرا
( لا أريد شيئا يا حاج ..... لا النسب و لا الأرض و لا حتى المال ..... لا أريد سوى شيئا واحد ... سآخذه معي و أرحل من هنا للأبد .... )
لم يبد الفضول على ملامح سليمان .... بل ظهر التوقع الواضح في عينيه , توقعا لم يكن سعيدا بالنسبة له أبدا ... الا انه قال دون سؤالٍ فعلي
( و ما هو هذا الشيء ؟! ........ )
رفع قاصي ذقنه ليقول بصلابة
( تيماء ...... اريد تيماء في الحلال يا حاج , سآخذها و نرحل من هنا للأبد ...... )
.................................................. .................................................. ...................
صعدت تيماء جريا الى غرفتها .... و دخلتها دون استئذان , فوجدت مسك تقف ممسكة بهاتفها ....
تثير كل كبت المشاعر في داخلها كي تنفجر في أختها غضبا ... و جنونا .....
الا أن كلام مسك في الهاتف جعلها تهدأ قليلا .....
كانت تحجز للسفر غدا .....
و ما أن أغلقت و استدارت لترى تيماء واقفة تنظر اليها بنظراتٍ قاتمة ....
فقالت مسك بصلف
( ماذا ؟!!! ........... أرجوكِ لو لديكِ المزيد من العقد النفسية فاعفني منها ..... )
ردت تيماء بلهجةٍ آمرة
( أريد السفر معك غدا ........... هلا ساعدتني في الخروج من هنا ؟!! ..... )
ارتفع حاجبي مسك للحظة .... قبل أن تستعيد هدوءها لتقول
( هل تنوين الهرب ؟!!! ....... )
قالت تيماء بحدة
( و لماذا اهرب ؟!! ....... لست مدانة بأي شيء كي أهرب , كل ما في الأمر أن لي حياة خاصة و هي أبعد ما تكون عن حياة بلدكم ..... )
قالت مسك بهدوء و هي تجلس على حافة السرير
( هل نسيتِ بأنه ستتم خطبتك لأحد أبناء أعمامك ؟!! .... هل تنوين الهرب و التنصل من الامر ؟!! ستكون فضيحة .... عادة جدك يكون قد جهز لعقد القران و الولائم قبل حتى أن تختاري ..... )
اتسعت عينا تيماء بذهول و هتفت غاضبة
( لا .... تلك القوانين لا تسري علي ... أنا لست من هنا و لست اتبع عاداتكم ..... و أنا بكل تأكيد لن أتزوج من هنا ...... )
قالت مسك بتعجب
( لماذا لا تصرخين في وجه جدك بهذا الكلام بدلا من أن تصرخين بوجهي أنا ؟!! ...... )
وقفت تيماء مكانها و هي تلهث قليلا من فرط الإنفعال .... ثم لم تلبث أن قالت بصوت خافت قاسي
( أنها المرة الأولى التي أطلب منك طلب ..... هل تخرجيني من هنا دون علم احد منعا للحرج ؟!! ..... )
ضحكت مسك عاليا بذهول ... حتى تناثر شعرها حول وجهها ثم لم تلبث ان قالت من بين دموع ضحكها
( هل تطلقين على ما سيحدث " حرج " ؟!! ..... أنتِ حقا ستكونين نكبة لهذه العائلة ..... )
ضربت تيماء الأرض بقدمها و هتفت بقوة
( مسك ..... ساعديني في السفر دون علم احد , لو كنت أستطيع تدبير الامر وحدي من هنا لما طلبت منكِ ......افهمي ذلك جيدا .... أنا لن أتزوج أحدا من أبناء أعمامي و أنتِ لن تتزوجي قاصي ... )
ارتفع حاجبي مسك و قالت ببرود متسلية
( و ما دخل زواجي بقاصي ؟!! ......... )
أجفلت تيماء مكانها .... و هي تسمع السؤال الهادىء المتشفي ... فتنهدت بنفاذ صبر و هي تستدير بعيدا عن مسك .... لتنظر بشرود من النافذة , قبل ان تقول ببرود
( هل أنتِ معتادة على تلقيبه ب " حبيبك " كذلك ؟!!! ........ )
ارتفع حاجبي مسك اكثر ... و التوت شفتيها بتسلية اكبر ... فقالت تؤرجح ساقا فوق أخرى
( معظم الوقت ........... )
.................................................. .................................................. ...................
" عينان لن تخفيها ملابس رجال العالم .... عينان بلون العسل الذائب ...... "
كان ليث في مكانٍ اكثر ارتفاعا منهما ... يستطيع رؤيتهما دون أن يلمحاه ......
عيناها العسليتين لم يكن ليخطئها ابدا ......
بينما مدت كفها الى زوجها فأمسك بها تلقائيا وهما على ظهر جواديهما .....
ذلك التغضن في عينيها أخبره أنها تبتسم .... سعيدة خلف كل تلك الحواجز و الأقنعة .....
سوار ابنة وهدة الهلالي ....
فارسة العائلتين معا .... تلك القوية البهية .....
رآها تمد يدها لتسحب الوشاح عن وجهها الملثم .... فانتفض بفرسه ليستدير بها , وهو ينطلق مسرعا يسابق الريح ... فوالله لن ينظر الى وجهها أبدا ....
تلك الأمانة التي أمنه اياها سليم .... لن يخونها بنظرةٍ يعرف جيدا انها تسري في وريده كالمخدر ....
انتفضت سوار قليلا و هي تسحب الوشاح عن وجهها ...
و الذي رفعته الى اعلى المنحدر بعد ان سمعت صوت صهيل فرس قريب ....
قالت بحيرة
( من أين جاء هذا الصهيل في مثل هذا الوقت ؟!! ..... )
رد عليها سليم بمحبة و هو يضغط كفها في يده
( ربما كانا عروسين على ظهر جواديهما مثلنا ... خرجا ليطلبا بعض الخصوصية فلم يجداها ... لأننا سبقناهما ..... )
ضحكت سوار و هي تنظر اليه قائلة
( اصبحت شاعرا يا سليم و اليوم لا نزال في الصباحية ؟!! ........ )
ضحك سليم ليقول برقة
( و هل هذا شعر يليق بكِ يا ملكة الدار ؟!! ....... اسمعي اذن ....
لا تحـارب بنـاظريك فــــؤادي .... فــضــعـيــفــان يــغـلــبــان قـويــــا

إذا مـارأت عـيـني جـمالـك مـقـبلاً ..... وحـقـك يـا روحي سـكرت بـلا شرب

كـتـب الـدمع بخـدي عـهــــــده لـلــهــوى ..... و الـشـوق يمـلي ماكـتـب

أحـبك حُـبـين حـب الـهـــــــــــوى .... وحــبــاً لأنــك أهـل لـذاكـــــا

رأيـت بهـا بدراً على الأرض ماشـيا .... ولـم أر بـدراً قـط يـمشي عـلى الأرض

(. قـالوا الفراق غـداً لا شك ..... قـلت لهـم بـل مـوت نـفـسي مـن قبل الفراق غـداً
.
كانت سوار تستمع اليه مبهورة و قالت ما ان انتهى
( سليم !! ...... لم أكن أعرف انك تجيد قراءة شعر الغزل ؟!! ...... )
ابتسم سليم قائلا
( كنت اهوى الشعر طوال عمري ..... شعر الحب و الحبيب كان يلقى هوى بداخلي ... الى ان وجدت نفسي تتجه الى الحب الأكبر .... )
ابتسمت سوار حتى تألق طابع الحسن في ذقنها فزادها بهاءا و قالت منبهرة
( أحب سماع صوتك يا سليم ........ في كل ما تنطق به , صوتك يدخل الى قلبي فيطيب جراحي .... )
ابتسم لها سليم فتحركت بفرسها و يدها لا تزال بيد سليم .... تنظر الى سفح المنحدر ....
و الشمس تبدا رحلة شروقها من البعيد .... فهمست و هي تأخذ نفسا عميقا من كل هذا الجمال
( ما أجملها !! .......... )
قال سليم مسمتعا برؤية سعادتها الواضحة
( أعرف مدى عشقك للأرض ....... )
ظلت سوار مغمضة عينيها تستنشق عبير مسكها قبل ان تقول بصوتٍ ساحر
( نعم أعشقها ................ )
قال سليم بهدوء
( و لهذا لم أفكر يوما في اقتلاعك منها بعد أن رسخت جذورك بها أخيرا ....... )
ظلت سوار مغمضة عينيها قليلا .... قبل أن تفتحهما و تلتفت الى سليم قائلة
( أتعرف ماذا أتمنى ياسليم ؟!! ...... أتمنى أن نرحل من هنا ...... )
اتسعت عينا سليم و ارتفع حاجبيه بدهشة قبل أن يقول غير مصدقا ....
( ماذا قلتِ ؟!! ............. )
نظرت اليه مؤكدة بهدوء و ثقة
( أريد الرحيل عن البلد و بيت الرافعي ..... ستظل أرضها عشقي الذي أعود اليه دائما كما كنت منذ زمن .... كنت أتابع حياتي لكن أعود اليها .... أما الآن فالأرض و الدار استهلكاني جدا .... حتى أصبحت لا أكاد أتعرف على نفسي ..... اريد العودة للمدينة و بناء أسرة .... أريد أطفالا ياسليم ... أطفال كثيري العدد ....لكن اربيهم بعاداتي انا ... و قوانين بيتي الخاصة ..... انا الأم و أنا القائدة .... لا مؤسسة كاملة تتحكم في صغاري بمنطق مسجل في الأوراق منذ مئات لسنين )
كان سليم ينظر اليها بدهشة قبل ان يقول
( هل هذا ما تريدينه حقا ؟!! ......... )
أومأت سوار و هي تقول صادقة
( أريد الهرب من هنا الى حياة جديدة تضم صغارنا ...على أن نعود الى هنا دائما ومهما تقدم بنا العمر .... )
قال سليم مفكرا
( و ماذا عن جدك ؟!! ..... أتستطيعين تركه ؟!! ....... )
قالت سوار بلهجةٍ حزينة
( هذا أكثر ما يشتت تفكيري في الأمر .... الا أن جدي لم يقف أبدا أمام .... بناء حياة جديدة في المدن و في الخارج ....... لا يبقى في الارض الا من يتمنى الموت بها .... )
قال سليم بهدوء مفكرا
( لو كان هذا هو طلبك فسأعمل على تحقيقه ..... )
التفتت اليه سوار و هي تهتف بقوة و لهفة
( حقا يا سليم ؟!! ........ )
ابتسم لها وهو يقول بحنان صادق
( حقا يا سوار ............. )
بعد أن عادا الى الدار الكبيرة .... لم يكن هناك الكثير ممن خرجوا من غرفهم .....
توقعت سوار ان يتجه سليم فورا الى جده ... الا انه فاجأها حين أمسك بخصرها لينظر الى وجهها ...
و حين نطقت باسمه مبتسمة .... كانت يداه قد بدأت تنزع عنها الملابس الرجالية و تحرر ذلك الجسد الذي لا يزال غضا جميلا ... و يحرر شعرها الطويل الذي وصل لساقيها ....
و قبل ان تتمكن من المبادرة .... كان هو من سارع بجذبها الى فراش الزوجية ... لتتساقط اسفله بعض دعائمه الخشبية
فضحكت عاليا و هي تهتف
( علينا تغيير تلك تلك الدعائم بأخرى أكثر مرونة ........ )
قال سليم ضاحكا
( و ما أدراني أنا .... فنحن لم نحتاج الى المرونة قبلا ........ )
فتحت سوار فمها لتجادله بمرح الا أنه تمكن من اسكاتها برقةٍ و أصابعه تجري في شعرها الطويل كالسفن الشراعية .... و آخر ما تمكنت من النطق به هو اسمه الذي خرج من بين شفتيها حلوا كالعسل ....
.................................................. .................................................. ..................
امسكت بين اصابعها لفة صغيرة عليها كتاباتٍ سرية ... مخاطة بشكلٍ غريب ...
فضمتها بقوةٍ قبل ان ترفعها الى شفتيها هامسة
( ليكن الفراق بينك و بين زوجك يا بنت وهدة .... و يحرم جسدك على كل الرجال الى ان يصبح يابسا كالخشب الميت .... ينخر به الدود و تسكنه الأفاعي .... )
ثم أغمضت عينيها و أخت تتلو عباراتٍ محفوظة و هي تنثر بعض الرماد المتخلف عن القابر في مبخرةٍ قديمة ....
و حين فتحت عينيها ... امسكت بوشاحٍ أخضر يخص سوار .... قامت بتكليف من سرقه لها ....
بع عطر شعرها المسكر واضحا قبل ان يتم غسله ...
و من يومها و هي تقص منه جزءا صغيرا كل مرة ... لتلقي به في المبخرة ....
رفعت وجهها لتبتسم بتلذذ و هي تقول بخفوت
( لنرى كيف ستسير أمورك الآن يا بنت وهدة ......... )
انتفضت ميسرة فجأة على صوت صفق الباب الخرجي بعنف .... قبل ان تسمع صيحة ليث هادرة
( ميسرة ........... )
وقع قلبها بين قدميها و اتسعت عيناها من هول تلك الصيحة الغاضبة ... فهمست بوجل
( ياللمصيبة !! ...... كيف عرف الآن ؟!! ..... )
سارعت باخفاء المبخرة في دولابها بعد أن نثرت عليها العطر المسكي القوي كي تخفي رائحتها .....
و ما أن انتهت من اخفاء الوشاح أو المتبقي منه .... وجدت باب غرفتها يفتح بعنف ....
و ليث يقف في اطاره ... قويا .... مهيبا ....
منظره يأسر النظر .... فهو الرجل الأكثر هيبة في العائلة ....
بلحيته السوداء الخفيفة .... و بعض الشعرات الفضية برأسه ... ....
صوته ... اتزانه ..... قوة شخصيته .....
كانت محسودة من الجميع .... نساء العائلة و حتى رجالها .......
فهي زوجة كبير العائلة المستقبلي .....
وجهه لا يعرف الابتسام و البشاشة كثيرا ... و هذا بسبب بنت الجنية التي سحرت له و جعلته مفتونا بها .....
تعرف جيدا ان هناك جنيا مقترنا بها .... وهو من ينفذ لها طلباتها ... و أولها انها تأسر كل رجلٍ يمر بها و يرى ظلها في ليلة قمرية .... كان هذا هو كلام الرجل تتعامل معه ....
عله ينفعها هذه المرة ....
لكن هذا ليس ظاهرا ...... فملامح وجهه قاتمة و غير مبشرة
ابتلعت ميسرة ريقها و قالت بصوتها المطاطي
( عدت مبكرا من جولتك ..... هل اعد لك الفطور ؟!! .......... )
كان ليث ينظر اليها بطريقة غريبة ... و لم يجبها ... بل دخل و صفق باب غرفتها بقدمه ...
قبل ان يسقط عبائته ارضا و يخلع ازرار قميصه امام عينيها المتسعتين ...
و قبل ان تستطيع النطق ... كان قد اقترب منها ليحملها بين ذراعيه ليلقي بها الى الفراش وهو يدعو الله ان يكفيه بحلاله ....
بينما احاطت عنقه بذراعيها و عينيها تتألقان بنشوة شريرة و هي تهمس بذهول في داخلها
" بركات عملك بدأت في الظهور يا شيخ نعمان ....... انه يعمل بالفعل .... دورك آتِ يا بنت وهدة !! "
بعد فترة طويلة ... انحنى ليث اليها ليقبل عنقها بخفة ... قبل ان يقول بصوتٍ أجش لا يحمل تعبيرا
( عودي الى غرفتنا يا ميسرة ..... على أمل أن تكوني قد انتهيت مما تفعلينه .... )
كانت لا تزال تتنفس بسرعةٍ قبل ان تهمس بخبثٍ و دلال مذهولة من سرعة ما يحدث
( أوامرك مطاعة يا سيد الرجال ....... )



انتهى الفصل الرابع .. قراءة سعيدة



التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 23-02-16 الساعة 01:35 PM
tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس