عرض مشاركة واحدة
قديم 11-03-16, 11:49 PM   #1176

طُعُوْن

كاتبة بمنتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية طُعُوْن

? العضوٌ??? » 328503
?  التسِجيلٌ » Oct 2014
? مشَارَ?اتْي » 648
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » طُعُوْن has a reputation beyond reputeطُعُوْن has a reputation beyond reputeطُعُوْن has a reputation beyond reputeطُعُوْن has a reputation beyond reputeطُعُوْن has a reputation beyond reputeطُعُوْن has a reputation beyond reputeطُعُوْن has a reputation beyond reputeطُعُوْن has a reputation beyond reputeطُعُوْن has a reputation beyond reputeطُعُوْن has a reputation beyond reputeطُعُوْن has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يامقيدني وأنا حر الجناح..لآتبعثرني وأنا بك ممتلي..!
افتراضي

سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن

بارت اليوم ترى طويل، كنت حابة يكون اشمل بس ما صار وفيه كم شخصية غائبة بس عمومًا هو ممتع وممتلئ بأحداث مهمة

بسم الله نبدأ ،
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر ، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبـادات


(69)*2



دخـلَ وممرضةٌ تسيرُ من خلفهِ وتجرُّ معها كرسيًا متحركًا، كتّف يديه وهو ينظُر نحوَهُ بوجوهٍ ليلفظَ بصبـر : فواز عن العنـاد بتجيب لي المشاكِل اليوم.
ابتسمَ فوّاز : جبت الكرسي وللحين تحاول فيني؟
ياسر بحنق : على بالي أكلّم انسـان ماهو حمـار يا حمـــاااار.
ضحكَ فوّاز بقوّةٍ ليصمتَ فجأةً وهو يغضّن ملامحهُ بألم وضحكتهُ انتهت بابتسامةٍ مستوجعة، حينها لفظَ ياسر بنبرةٍ جـادة : صدقني ماراح تقدر ، مصدق عمرك بس ماراح تقدر تتحرك توه ما مر حتى ثلاث أيـام على الحادث.
فوّاز يُحاولُ أن يرفعَ جذعهُ ليجلس : إصابتي هينة مافيني شيء بس كم ضلع تكسر ويدي ، حتى الأجهزة أمداهم يوخرونها لي أمس شايف شلون أنا بطل؟
ياسر بصدمةٍ تحرّك نحوهُ وهو يراه بالفعل استطاع رفعَ جسدهِ ولو قليلًا : الله ياخذك يا الثور جد فيك حيل تتحرك؟
فواز : هههههههههههههههههه شفيك علي تبي ... آآآآآآه.
عـاد بتلقائيةٍ ليلتصقَ ظهرهُ بالسرير بعد أن شعرَ بـألمٍ انتشـر على كامـل جسدهِ وتحديدًا صدرهُ وكتفَه، زمّ يـاسر شفتهُ بغضبٍ وهو يهتفُ بأمـرٍ حـادٍ هذه المرة : انثبر ووالله لو تحرّكت بخلي الممرضة ترزّ المخدر فيك الحين.
فواز بغضبٍ وهو يضوّق عينيه بألـم : على كيف امّك؟
جـاءهم صوتٌ حـادٌ من الخلف : وش اللي قاعد يصير؟
التفتَ ياسِر ووجّه معهُ فواز نظراته نحوَ يوسف الذي كـان ينظُر نحوهم بنظراتٍ حـادةٍ غاضبة : وين رايح أخ فواز؟
شعَر يـاسر بالحرجِ وهو يرفعُ يدهُ ويحكُّ عنقه من الخلف بينمـا تجمّدت نظرات فواز الذي بقيَ ينظُر نحوهما وهو يدعو الله في نفسه ألا يخبر ياسِر يوسف بما كـان يريد، لكنّ ظنّه خابَ حين لفظَ ياسر بحرج : ولد أخوك يا خـال وده يطير لزوجته وجناحاته مكسورة.
لم تتحرّك عضلـةٌ في وجه يوسف الذي بقيَ ينظر نحوهما بصمتٍ مُطبَق، كـان بقاءهُ في المشفى بحجّةِ مُرافق، يقتربُ من ابنته رغم أنفِ غيابِها عن الدنيـا ورغمَ كلّ شيء!
اقتربَ من فوّاز وهو يلفظُ بجمودٍ موجّهًا حديثه إلى ياسر : اتركني ويّاه شوي يا ياسر.
لم يعترض ياسِر الذي تراجـع وخرجَ برفقةِ الممرضة، تابعهُ يوسف بنظراتهِ حتى اختفى عن عينيه، ومن ثمّ نظر نحوَ فواز بحدّة : غير عن استهتارك أنتْ تتعب نفسك بس!
صدّ عنهُ فواز لينظُر للأعـلى بجمود، بينما أردفَ يوسف بعد تنهيدةٍ طويلة : اسمح لي يا فـواز ، عارف إنّي غلطان يوم كلّمتك وأنت تعبـان، لا تتعب نفسك أكثر وانتظرها وأنت تدعي ربّك إنّ كل شيء بنفسها تجاهك يتغيّر.
ابتسم فوّاز بأسى : قـاعد أدعي ، أدعي بأن الذنـوب اللي قاعدة تنغسل بتعبِي تكفّي عشـان تطغى حسناتِي ويرضى عني ربّي وتكون لي.
صمتَ يوسف لبعض الوقت قبل أن يهمس : بأي حجّة تزوجت؟ أنت حتى مو راضي تعطيني عُذر مُقنع!
أغمضفواز عينيهِ وهو يهتفُ بقنوط : نصيبي ونصيبها .. نصيبي ونصيبها يا عمي.


،


مرّت السـاعـةُ الأولى، وهو أمضَى بعد الاتصـال يتخبّط في انفعـالٍ أعمى، عينيه تشتعلانِ بنـارٍ صاخبـةٍ لا تصمُت، وملامحهُ تتشنّجُ وتطوفُ فيها رمـادُ الرغبـة في القتـل، ما فهمهُ الآن أنّها علمَت بكلّ شيء! علمَت كمـا أراد، لكنّها رغبَت ببترِه من حياتِها .. ماذا يتوقّع؟ لن يُبالغ في ثقتهِ حدّ أن يقُول بأنه توقع ولو ثلاثون بالمائة أنها قد تقبلُ بهِ بكل رحابـة صدر، وهاهـي ردّة الفعل الأقوى جـاءت منذ البداية، لا تريده! تعاقبـهُ بأقسى طريقةٍ لديها حتى وإن لم تعلَم بمكانتها في قلبِه، لكنّ خسـارةً لرجلٍ مثله كـان يمتلك شيئًا لسنواتٍ طـوالٍ ليست سهلة! ليسَت سهلةً أبدًا فكيف إن كانت الخسـارة خسارتها!!
نظرَ لشاشـة الحاسُوب التي كـان يعمَل عليهِ ليرى الأرقـام والكلمات مشوّشةً لعينيه، يكادُ يسحقُ الأزرارَ أسفل أصابعه، لازال يذكُر المكالمـة الأخيرة التي انتهَت بسرعة، حين أُخرسَت الكلماتُ على طرفِ لسانِه وعجزَ عن الردّ حتى قـال لهُ عبدالله بإيجـاز أنّها هي بذاتِها علمَت وأرادَت ذلك! حينها لم يشعر إلا ونارٌ اشتعلَت في أوداجِه، انطفـأ سكُون عينيه وعمّت الفوضَى أرجـاءهُ ليلفظَ بصوتٍ خافتٍ أشبـه بفحيحٍ أفعى منسابًا من بينِ أسنــانِه : والله لو تبطي !
ومن ثمّ أغلـق في وجههِ وتجـاهله، ومرّت ساعـةٌ من الساعتيْن وهو يحترقُ بغيظِه، يفرّغه في عملهِ وتـارةً يشردُ فجـأةً ناظرًا للشـاشــةِ مفكّرًا بعمقِ ماهـو فيه، بعمـق ما يتمنـاه ولا يجدُه بسهولـة . . رفـع نظراتِه للأعـلى قليلًا لتسقُط على ساعةٍ معلّقـةٍ على الحائِط، تابَع xxxxبَها الذهبيّة ببطءٍ وجمودٍ وهو يراها تداعبُ العاشـرةَ والنصف، اتّصل بهِ الثامنـة ونيف، بقيَ نصفُ سـاعةٍ على الموعدِ الذي ذكـر . . هل يظنُّ فعلًا أنّه سينصـاع؟


،


في جهـةٍ أخـرى، أعـادت ظهرهـا للخلفِ في السيـارة لتغمضَ عينيها وقد انتهَوا لتوّهم من أخذِ صورتِها لأجـل بطاقتِها الجديدة/الحقيقية، كـانت السيـارةُ خاويـةً لا يُشاركها فيها سوَى هواءُ المكيّف البـارد، لم يعُد باردًا .. أبدًا!! الحرارةُ تتسلل عبر مساماتِها وعينيها إلى كامِل جسدها فتُشعلها من الداخِل حتـى تكادُ تنفجِر ، لقد رأتْه! هـاهوَ عبدالله يحادثهُ الآن أمام السيـارة، رأتْ ملامـح تمنّتها سنِين وحين جـاءت شعرَت أنها تقتلها بنصلٍ ساخِنٍ مسموم ، رأته! وشعـرت أنّها تريد أن تبصقَ على الحيـاة التي أهدتها أبـًا بالرغمِ من مركزِه تخلّى عنها بسهولةٍ مُهلكـة ، رأتـهُ يا الله! وليتَ الدُنيـا قصرتْ ولم تراه، ليت هذه الحرقـة لم تُذِب قلبها وهو يقتربُ منها بعد أن كشفَت وجهها لأجـل التصوير ليهتفَ بصوتٍ بـاردٍ كـارهٍ انسـاب إلى أذنها كفحيح الأفعى السـامة " طلعتِ تشبهين أمّك ، ما أستبعد حتى في الأفعـال " ، وأُخرسَت! أُخرسَت الكـلماتُ إذ أنّ القسـوةَ فيهِ تُخرسُ الروحَ فكيفَ بالصوتْ؟ كيف عسـاه يمتلك هذا القلب؟ هل لهُ قلب؟ يا الله هل لـهُ قلب؟ . . مـاتت الرغبـة والشوق في الالتـقاء بأب، في الشعُور بأب، شعـرت بأنّها حمـقـاء حينَ ظنّت أنّ الحيـاة عائِلةٌ يقوّمها أبْ، اليومَ كـان كافيًا حتى تتحطّم الصورُ التي أحـاطتها بإطـار التمنّي، كـان واللهِ كافيـًا وهي ترى ملامح والدها - الحقيقيّ - لأوّل مرّة! ترى البرودَ في أحداقٍ كـانت تكـابد كي لا تقعَ عليها وكأنّها ستمسّهُ وتنجّسه إن نظرَ نحوها، تجـاهلٌ حتى في كُرهها يوجِع، حتى في نفورها منه يوجِع، يقتل! هـذا الوجعُ قاتـل، كيف تشرحه؟ أخبروها كيف تشرحهُ وهي ترى التي انتظـرته سنين لتُصدم بواقعٍ حشرها في عُنقِ زجـاجةِ الخيبـة، الجزء الأضيقُ فيها!!
شعَرت بعينيها تحترقـان وهي تُشيحهما عن النظر إليه،تريد النظر إليه! لا تدري لمَ، لكنّها تريد النظـر لحلمٍ تمزّق، حلمٍ أيقظتها منهُ الحيـاة بضربـة، لتجدَ نفسها غارقـةً في إرهـاقِ الوجَع على سريرٍ كـان كالقيدِ يكبّلها بالتمنِي . . تريدُ النظـر إليه، بعينيها اللتَين تحترقـانِ بملوحـةٍ جمّدتها كي لا تقع، لكنّها تقـاوم إرادتها تلك، تقـاومُ رغبتها في النظر نحوَه، تبتـرُ هذا الاحتـياجَ الذي آمنَت بهِ طويلًا، ستكفُر بِه! من هـو؟ ولمَ تريد النظرَ نحوه؟ من هوَ لتحترقَ عيناها بسببه؟ من هوَ لتحتاجه؟ وهو الذي رمـاها كقمـامةٍ على قارعةِ اليُتم، بلا ذنب!! بلا ذنبٍ يا الله!! لم تفعل شيئًا، ما ذنبها هيَ؟ ما ذنبها ليسحقها بتلك الطريقة؟
زفَرت بقنوطٍ وهي تتأمـل الطريقَ الخـاوي في هذا الوقت، سيـارةٌ تعبـر، وتلحقها أخرى بعد دقائِق في هذا الوقتِ الذي يلجأ النـاس فيه إلى أعمـالهم، استغرقَت في شرودها الذي حـاولت الهربَ فيه من خيبتِها وحاجَتها للبُكـاء حتَى سمعَت صوتَ البـاب يُفتح، لم تستدِر وهي تُدرك أنّه عبدالله، بينمَا حرّك السـيارةَ هو بصمتٍ قطعهُ بعد دقيقتينِ بنبرةٍ حنونة وهو يدرك أوجـاعها في هذهِ اللحظـة : بينتهِي كل شيء . . الحين انسِيه من حياتِك ، اسمه بس - أب - بس ماراح يكون!
بللت شفتيها الجـافتيْن وهي تنظُر للطريقِ الذي يمتدُّ وتهرولُ السيـارة فوق لحافِه، وبخفُوت : وأدهم؟
عبدالله يتنهّد بغيظ : هذا خليه علي ، إذا مو اليوم بكرا وإذا مو بكرا بيكون قريب ، وما يضرني ألجأ للخـلع بعد . .
لوَت شفتها بصمتٍ والخـواءُ يمتدُّ في روحِها، تشعُر أنّه يتعمق ويتعمّق حتى يكـاد يبتلعها بفراغِه، يومًا مـا ستذهبُ ضحيّتهم، ستذهبُ في تبلّدٍ ميّتٍ بسببهم، بسبب والدها، امّها، أدهم! بسبب من ظنّت أنها ستجدُ لديهم ولو نصفِ حيـاة!!
عضّت شفتها السُفلى وعيناها تترقرقانِ بالوجَع، لم يكُن دمعًا هذهِ المرة! لم يكُن وجعها رطِبًا بحجمِ مـا كان جافًا ألهبَ عينيها بحُمرةٍ حـارقـة . . رمَشت بعينيها مرارًا وتكرارًا حتى تُبرّد هذهِ الشرارةَ في محاجِرها بأهدابها، أسنَدت رأسها على النافذَةِ لتغمضَ عينيها أخيرًا وتهمَس بنبرةٍ جـافةٍ تعبّر بها عن وجعٍ لن يفهمهُ أحدٌ يومًا، وجعٌ كـان صارخًا من قبل لكنّ صوتهُ ماتَ بعد أن قطّعت حبـاله الصوتية وراحَ وجعًا صامتًا جـافًا : معليش يبه مرّني البيت أشيل كتبي وأروح للجامـعة، ما أبي أفوّت باقِي محاضراتِي اليُوم.
صـارت " يبه " أسهـل، صارتْ أكثـر سلاسةً على شفاهِها، صـارت كالضمـاد! ستسترُ بهِ جراحها، ستلحّفُ بها الدمَ وتجففَه، صـارت هذه الكلمـة كالمواسـاةِ لها بعد أن كفَرت بالحقيقيّ الذي كـان لابد أن تكُون لهُ لكنّه فقد حقّه وأفقدها أيضًا نفسها!!
عقدَ عبدالله حاجبيه وقلبهُ يلتوِي بألـمٍ على خيبتها التي تسترها بهذا الصمـود، لا يريد صمودًا كهذا! يريدها قويّة، قويّةً من الخارجِ والداخل، وليسَ فقط خارجًا بينما داخلها هشْ! لا يريدها أن تنتهي بحيـاةٍ كـاذبـةٍ خـاويةٍ ستعبُر فيها ببريقٍ خـافت، ببريقٍ ميّتٍ على الوجهِ الصحيح!!


،


حِين اقتربَت السـاعة من الحـادية عشرة والنصف كـان قد خرجَ من مقرّ
عملـه ليتّجـه لمكـانٍ واحدٍ فقط، ابتسـامةٌ تزيّن ثغرهُ بالمكـر الذي يحيكهُ ويُشعره بالنشـوةِ حتى قبلَ أن يبـدَأه . . بقيَت سيـارتهُ تتحرّكُ حتى وصلَ للمكـان المقصود، ومن ثمّ ترجّل عن سيارتِه وهو يبتسم، يضعُ كفيْه على خصرهِ وهو يتأمّل المكـان الذي وصَل أليه . .

كـان ذاكَ يقفُ بهيئتهِ الجامـدةِ أمـام البـاب، ضوّق عينيه قليلًا ما إن رأى الشخصَ الذي يقترب، لم يحتَج للكثِير حتى يدركَ من هوَ ، وحين حاذاهُ مدّ يدهُ يمنعهُ من الدخول وهو يهتف بجمودٍ متسآئِل : سلطان النامِي؟
تراجعَ سلطان قليلًا للخلفِ وهو يعقدُ حاجبيه : سم!
الآخر : عفوًا أخوي أنت ممنوع من الدخُول . .
رفعَ سلطان أحدى حاجبيه : نعم؟!!
الآخر بعملية : مثل ما سمعت ، فيه أوامر تمنعك من الدخول للقسم.
سلطان بجمود : من وين جات هالأوامر وأنا فيه قضية مرتبط فيها اسمي! وش هالمصخرة؟
الآخر بجمود : هذي الأوامـر اللي وصلتني فرجاءً تفضل وابعد عن المكـان ممنوع تدخل.


،


بعد الظهـيـرة . .
خـرج من البنكِ الذي يعملُ فيهِ ومـلامحهُ نسيت الليـن وتوقّفت عند محطّة الجـمود منذُ الصبـاح ومنذ تلك المـكالمة، كـان يقاومُ رغبـة لا يدري ماهي! رغبـةً تقُول لهُ اخرج من هذا المـكان واذهب، لكن إلى أين؟ إليها؟ يُدرك أنّه من الجنـون أن يفكّر برؤيتـها في هذا الوقتِ الذي تنفعلُ فيه مشـاعرهُ كفايـةً حتى يسحقها ولربمـا في عنـاق!
صعدَ سيـارتهُ وحرّكـها، ترفٌ هذا إن استطـاع! إن عانـقها بين ذراعيـه بعد أن عانقها آخرَ مرةٍ وهي طفلة! بجسدها الصغير وبـراءة عينيها . . ضوّق عينيه وهو يتأوّه قليلًا متخيلًا ذاتهُ يغرقُ في نشـوةِ عناقها ويلتهمُ الحيـاة من رائحتها ، أن يلامس البسمـةَ من قطنيّةِ خدّهـا ، هل مـازال ناعمًا كمـا كان؟ كم تسـاءل كثيرًا وهو يتمنّى أن تكون الإجـابة نعـم، لا يريد أن يُجيبهُ أحـد، يريد أن يقطفَ الإجابـة بأنامله!

في جهةٍ أخـرى.
خرجَت من المحـاضرة الأخيرة والأرضُ تتمـاوجُ في عينيها، لم تأكـل شيئًا منذ ذاك العشـاء الذي تحايلَت فيه على الأطباقِ وتصنّعت أنها تأكل منها، واليوم في الصبـاح رفضت الافطـار ولم تتناول غير كوبِ الحليبِ فقط!
ضعفها العاطفـي نـال من جسدها ورغبتها في الأكـل حتى .. لوَت فمها بضيقٍ وهي ترفعُ هاتفها وعينيها تضيقانِ بإرهـاق، اتّصلت على هديل التي ردّت بعد ثوانٍ قصيرة : أهلين وينك ما رجعتِ للحين؟
إلين بصوتٍ مُرهق : وينك أنتِ فيه الحين؟
هديل : في البيت
قطّبت إلين جبينها : خاينة وشو له ترجعين وتتركيني؟
هديل باستنكار : أنتِ في الجامعة؟ ماهو الصبح رحتي مع أبوي عشان موعد طبيب الاسنان؟
إلين تشتت عينيها في الوجوهِ حولها وهي تهتف : أي ، بس خلصت بدري وقلت ألحق على اللي بقى من محاضراتي.
هديل : اوووه وأنا وش دراني ليه ما اتصلتي؟
إلين : خلاص خلاص قولي للسواق يمرني الحين وبسرعة لو سمحتي حاسة إني تعبانة.
هديل : سلامتك الحين بحاكيه.
أغلقَت الهاتف لتتّجه إلين باستسلامٍ لمعدتها نحو " الكافتيريا " حتى تتنـاول ولو بسكويتًا رغمًا عن عدم رغبتها هذه! فهي تشعر أنّها ستسقطُ لا محـالة.
جلسَت بعد خمس دقائق على إحدى المقاعدِ وهي تضعُ عصير البرتقـال على الطـاولة أمامها، بدأت بهزّ قدميها على الأرضِ عـازفةً مقطوعةً من الشرُود، وطـال هذا الشرود حتى استيقظَت منهُ على صوتِ هاتفها، رفعَته بعجلةٍ وهي تظنُّ بـأن السائق وصلَ بهذه السرعة، لكنّها أجفَلت حِين رأتْ آخر من توقّعت أن يتّصـل بها ، اتّسعت عيناها وانقبضَ قلبها بقوّةٍ وهي تتسـاءلُ بصوتٍ خافتٍ من بينِ ضربات قلبها المجنونة . . ماذا يُريدُ بعد؟


،


كـانت السيـارةُ تتحرّك أسفلَ سقفِ حرارة الظهيرة الجـافـة، هواءُ المكيّف يصتدمُ بوجهها المزيّن بالمكيـاج وجزءٌ من شعرها يظهر من أسفلِ الطرحـة، تعلّق نظارتها الشمسيّة الباذخـة في جيبِ عباءتها العلوي، تتصفّح في هاتفها تصميماتها التي تجسّدت على أجسـاد العارضـات في معرضها الأخيرِ في بارِيس، ومن ثمّ تنتقل لأخـرى صوّرتها ولم تخلقها بعد.
تنهّدت بضجرٍ وهي ترفعُ عينيها العسليّتيْن لتنظُر للطريق، عقدَت حاجبيها حين اكتشفَت أنـها بقرب الحيّ الذي يقطُن فيه منزلُ سلطـان، زوج ابنتها!!
عقدَت حاجبيها بشعورٍ كالمـرارةِ التي اكتسحَت حنجرتها وأذاقتها علقمًا جفّ ملتحمًا بجدرانِها لتتذوّقه في كلِّ مرةٍ تتذكر فيه ابنتها - المبتورةِ منها! تلك الأشهـر التي طالَت بالغيـاب كانت كفيلةً لتشتاق! لم تكُن يومًا كالأم! ولم تحمل مشـاعر الأم، كـانت جليدًا ، لكنّ ذلك لا يعني أنّها لا تحبها! لكنّها بـاردة، لا تُجيد الابتسـام طويلًا مع ابنتها والحديث معها، إغـراقها بمشـاعر أمومية ، لا تجيد كلّ ذلك! ولم تكن تتوقّع أنْ تشعر بهذه المشـاعر الصارخـة في أشهـر هذا الغيـاب بعد أن اعتـادت أن تكون غزل قُربها وإن كـان قربًا جسديًا فقَط . . تشتاقها! كيف تشرحُ هذا الشوق والحنين؟ كيف تشعر بهذهِ المشـاعر وهي التي تبلّدت فيها منذ كـانت غزل طفلة! طفـلةً تعانِي من والدها القاسِي لتبقَى هي ليـالي تبكِي من تلك المعاملـة التي تعتصر قلبها ولا تقوى على إبعـادها عنها، بالرغـم من كونها كـانت كثيرًا ما تنشغل عنها وتبتعد لكنّها كـانت تمتلك ولو نصف عاطفة! . . حتى تبلّدت وفقدَت الشعُور نحوها أخيرًا! .. لذا هـي الآن لا تستوعب أنّها تريد رؤيـة ابنتها، تريد سمـاع صوتِها، لا تستوعب أنّها تشتاق إليها!! تتسـاءلُ في لحظـاتٍ غادرةٍ كيف تعيشُ مع سلطان؟ هل هوَ قاسٍ مثـل أحمد؟ لكنّه الـزوجُ الذي ستـر على ابنتها بعد ما اقترفَت ورضَى بها في كلّ الأحـوال، رضى بها بطريقةٍ تُثبت شهامته لذا هي تشعر ولو قليلًا بالراحـة، لكنّ الراحـة لا تكتمل، تخافُ أن تُصدم بأنّهمـا عالقانِ عند سوءِ ابنتـها فيعاقبها عليها أخيرًا!!
كـانت لا تدرِي عن شيء، هكـذا وصلتها الأمـور من زوجها الذي أخبـرها أن سلطان سيُكمـل الزواج حتى النهايـة بالرغم من كونِه أخبــره!!
رفعَت نظراتها الحـادة والجـامدة بعكس عاطفـتها التي تذبذبَت أخيرًا واهتزّت رغمـًا عنها ، حينها لم تشعُر بنفسها وهي تلفظُ بجمودٍ للسـائِق : غيّر الطريق لبيت سلطان النـامي.


،


جلَست على مكتبها وهي تعقدُ حاجبيْها من ألمٍ يشتدُّ في كتفها وأسفـل معدتها، تنـاولَت كوبَ الشاي الذي كـان على الطـاولة بإرهـاقٍ لترتشفَ منهُ القليلَ وحاجبيها معقوديْنِ بألـمٍ واضـح، دوامـها انتهى منذ رُبعِ ساعة، وبالتأكيد سيأتِي سيف في غضون دقائِق قليلـة . . لم تكد تُنهي تفكيرها ذاكَ حتى تصاعَد رنينُ هاتفها، وضعَت الكوبَ على طاولـة المكتبِ بجانِب الهاتف ومن ثمّ تناولت الآخر لتردّ بعد أن كـان سيف المتّصل فعلًا : السلام عليكم.
سيف الذي لم يركّز بصوتها الواهن : وعليكم السلام يلا اطلعي أنا برى.
ديما : تمام.
أغلقَت ومن ثمّ تنـاولت حقيبتها ولفّت طرحتها لتتجـه نحوَ البابِ وهي ترتدي نقابـها، صعدَت السيـارة ومن ثمّ استكَنت بجلُوسها وهي تكتمُ ألمـها وتقاومُ رغبتها بالتقيؤ.
تحرّك سيف وهو يدندن بمزاجٍ صافِ، رفعَت حاجبها الأيسر باستنكـارٍ رغمَ ألمـها وهي تُدير وجهها إليه بفضول : وش فيك مبسوط؟
نظر نحوها باسمًا ليلفظَ بعبث : حاسدتني؟
ديما ترفعُ إحدى حاجبيها : على وشو يا حسـرة؟
سيف : ما تلاحضين إنك مناقرتني كثير هالفترة؟ واضحة واضحة.
ديما : وش اللي واضح؟
سيف : وش كثر أنتِ مشتاقة لي وتبين تسمعين صوتِي يحاكيك بأي طريقة.
ديما بتعجّب تمرّغَ في الغيظ : الله أكبــر !!
سيف يقصدُ استفزازها : يقُولون الحامـل يا تتوحم على زوجها فتضير قرفانة منه أو العكس ، أنتِ ما أشوفك قرفانة مني ومكابرة توضحين شوقك فتتصرفين بطريقة بايخة عشان أصير أقرب منك.
ديما : ما شاء الله حللت على كيفك؟
سيف يبتسم ببساطة : هذي الحقيقة يا حُبي.
ديما بحنق : حبّك برص يا معفن.
صدّت عنهُ لتنظُر نحوَ الطريقِ وهي تلوي فمها بغضبٍ وتضعُ كفّها اليُمنى على بطنِها، بينما يدها كانت تطرقُ بأصابعها بجانبها بغيظٍ واضـح، ابتسمَ سيف وهو يراقبها من زوايـة عينِه، مدّ يدهُ بخفّة ليحتضنها بكفّه الدافئة، عقدَت حاجبيها وتجاهلتـه بينما بقيَ هو يتابعُ الطريق ويحرّك ابهامـهُ على بشرتها الناعمـة التي توتّرت رغمًا عنـها وأشعرتها بالحنق أكثر ، هذا القلب الغبيّ لازال مراهقًا ويتحشرج بانقباضاتِه ما إن يُلامسُها أو يقتربُ منها.
لم تشعر بنفسها في تلك اللحظـة وهي تشدُّ على كفّه، اتّسعَت ابتسامتـه حينها حتى تحوّلت لضحكـةٍ صغيرةٍ عابثـة، ضحكةٍ رغمَ خفوتها كـانت حطبًا أيقظَ النـار من شرارتِها وجعلها تقبضُ على كفّه أكثر لترفعها بخفّةٍ إليها .. لم يكدْ يستوعبُ رفعها لكفّه حتى شعرَ بأسنـانها تكادُ تخترقُ جلدَه ولم يكُن هنـاك حائِلٌ بينها وبينهُ سوى النقاب، صرخَ بألـمٍ امتزجَ بصدمتِه وهو يجذبُ كفّه منها ويلفظُ بصدمة : يا متوحشــة !!
ديما تبتسم بتشفّي : وبآكلك بعد لو اضطريت.
ابتسمَ وهو يقطّب جبينه ناظرًا للطريق : لو صار لنا حادث فأنتِ السبب.
ديما ببرود : عادي برتـاح من صوتك.
سيف : بتكونين زوجتي في الجنة ان شاء الله ومـاراح يغيب صوتي عنك.
تجمّدت شفاهها هذهِ المرّة وقلبها عـاد للانفعـال، صمتت رغمًا عنها لا تجـد ردًا بينما اتّسعت ابتسامتهُ وهو يرفعُ كفّه المُشـار إليها بأسنانِها ... ليِقبّلها.


،


لازالت نائِمـة منذُ البـارحة حتى أنّها لم تذهَب للمدرسةِ اليوم، فُتحَ بابُ غرفتها ليخترقَ جسدهُ الظـلام، دفعهُ قليلًا من خلفهِ دونَ أن ينغلقَ ومن ثمّ اقتربَ بخطواتِه من سريرها ، الظـلام يمنعُ عينيه من رؤيـتها جيدًا، حتى الشمسُ لم تستطِع اختراق الستائر المُعتمـة . . وقفَ بجانب سريرها ليمدّ يدهُ نحـو الأبجورة ويفتحها بعد أن عثر على مفتاحها، ومن ثمّ ظهـرت ملامحـه المتأسيّة وملامحهـا الغارقـة في بحرِ النـوم، المحتضنـة للأحـلام/الكوابيس، هـو من منع امّه اليوم من إيقاظها صباحًا وتركـها لترتاح، يُريدها أن ترتـاح، ومن ثمّ سيبدأ معـها بشكلٍ صحيحٍ هذهِ المرّة.
مدّ يدهُ إلى جبينها المتنـاثرةِ عليه خصـلاتٌ من شعرها، حرّك كفه الدافئة للخلفِ حتى أعـاد الخصلات النـافرة إلى شعرها، وبنبرةٍ رقيقةٍ حنـونة : غيداء يا حلوتِي صارت الساعة 1 الظهر وأنتِ نايمة ، قومي صلي وتغدّي ويانا.
فتحَت عينيها بوهنٍ عـلى صوتِه الرقيق، ارتفعَت أحداقها النـاعسة إليه لتنظُر نحوهُ بوعيٍ غائبٍ ومن ثمّ تغمضُ عينيها متجاهلـةً له، حينها اتّسعت ابتسـامتهُ لتغطّي وجهه، ومن ثمّ انحنَى لتصرخَ فجـأةً حين شعرت بأسنانِه تعضّ خدهـا، دفعتهُ ومن ثمّ جلسَت بألمٍ وهي تغطّي وجنتها وتشتمهُ بغيظ، ضحـك عنـاد بتسليةٍ وهو يهتف : كملتي فوق الـ 12 ساعة وأنتِ نايمة اتّقي ربك.
غيداء بحنقٍ تمسحُ وجنتها : كذاب صحّتني ماما عشان صلاة الفجر.
عناد : نص ساعة ورجعتِ نمتِ .. قومي يلا صلّي ظهر وانزلي عشان الغداء.
تأفأفت بحنقٍ وهي تنزلُ عن السرير حتى تتّجه للحمـام بينمـا بقيَت عينـاه تتابعها بصمتٍ وابتسـامةٌ خافتـة تزيّن ثغره ... بأسى!


،


صعَد عتبات الدرجِ وهو يحشُر أحداقـه بالغرفةُ الأولى في الطابـق الأوّل، الواضـحة لعينيه، الغـرفة التي لم يدخُلها منذ فترة، تُنـاديه! منذ الليلة الماضيـةِ تنـاديه، كيف لا يُجيب النداء وهو كهلٌ أمـامَ مقرِّ الذكرى؟ ، يضعفُ رغمًا عنهُ وتهرول الأيـام السابقة في جيبِ الذاكرة.
دخَل الغُرفـة وأطبـق البـاب من خلفِه، تأمّلهـا بعينٍ رحِبـةٍ بالشوق، ومن ثمّ ابتسـم . .
غُرفـة الأخويْن اللذَيْن تجاوزا الثلاثين طفليْن، عـلاقةٌ أخويةٌ يميّزها الطفولة في العاطفـة، غريبةٌ بعض الشيءِ لكنّها باذخـةٌ بالكثيرِ من الضحكَات والبسمـات.
كم كانا يتشاركـان في الكثير! حتى حينَ كبرا وقرّر متعب الاستقلال والتمرّد عـاندهُ هو رغم احتياجه للخصوصيّة أيضًا، لازال يذكرُ حتى الآن كيفَ مثّل بعبثٍ أنّه يموتُ وهو يضعُ كفيْه على قلبهِ مُغمضًا عينيه لافظًا بتمثيلٍ درامـي : لاااااا تفارقني يموت قلبـــي يا خوووي.
حينها ضحكَ متعب رغمًا عنهُ وهو يهتف : الله ياخذك يا البزر.
كـان وقتذاكَ في منتصفِ العشرينيات ، ابتسمَ وهو ينظُر نحوهُ بعبثٍ ليتناول الكرة المطاطيّةَ من سريره الذي لا ينفكُّ يحتضنه، رمـاه باتّجاه متعب الجالسِ على كرسيّ مكتبِه المبعثر فيها الأوراق لتصتدمَ بوجههِ بقوّةٍ ويتأوّه متعب وهو يُمسك الكرةَ الصغيرة بإحدى كفيه بينما الأخرى غطّى بها وجههُ وهو يهتفُ بحنق : يا حيوااااااااان.
فغرَ شاهين فمهُ بصدمةٍ قبل أن ينفجرَ ضاحكًا وهو يتمدد على ظهرهِ واضعًا كفيه على بطنِه : يا المحنّك يا ملك التركيز يا ملك الشطرنج ... كشْ ملك.
متعب بغضبٍ يرمي الكرة باتّجـاهِه : لا تخليني ألعنك الحين!!
جلسَ شاهين بسرعةٍ ليمسكَ بها بخفة وهو يردُّ باستفزاز : العن الذنب ذنبك عند ربك خلّك تدخل النار وما تلاقيني وأنا بإذن الله بكون بين الحور العين.
متعب يميلُ بفمهِ بحنق : قول آمين ..
ضحكَ شاهين وهو يدرك ما سيقوله الآن : آمين.
متعب : الله يآخذك.
بقيَت ابتسـامةٌ طفيفةٌ تداعبُ شفتي شاهين الذي لفظَ بهدوءٍ مشاركًا صوتَ متعب الذي ابتسم رغمًا عنه في المقابل : للجنـة أنا ويّاك والغاليـة.

تمدّد شاهيـن على سريرِ متعب وهو يتذكر كيف أنّهما في تلك الليلـة أيضًا تشاجرا وغضب متعب هذه المرّة فعلًا حتى قرر أن يغادر الغـرفة ويستقلَّ بأخـرى لهُ فهو بات يحبُّ الخصوصية ويحتاجها أكثر، لكنّ هذه المرّة وقفَت امهما بالمرصـاد له وهي تحلف عليه بأنْ لا يستقلّ بأخـرى ، كـانت تحبُّ هذا الانسجـام الغريب عن حبّ البشـر للخصوصية، تحبّه بحجمِ ما تدرك أنّه قرّب بينهما جدًا حتى باتا كتوأمٍ أكثر من كونِهما أخويْن.
يومذاك تراجـع متعب على مضضٍ ليتمدّد على سريرهِ ويصمتَ عن الحديثِ معه .. نـام تلك الليلةِ غاضبـًا منهُ ولم يُحادثه، وحين جـاء النهـار عاد ليحادثهُ ويضحك معه دونَ أن يقول لهُ إن كان سامحهُ أم لا، وكم من مرةٍ تشاجـرا ليعود متعب لمحادثتهِ دون أن يـهديه السمـاح لفظًا، فهل كـان يسامحُ أم يتغاضى فقط؟
ابتسمَ شاهين وهو يشتمُّ رائحـة متعب في وسادتِه، يشتمُّ ماضيهما وذكرياتِهما، يشتمُّ عبق الضحكـات اللذيذة بينهما ... أغمضَ عينيه وهو يغطسُ في محيطهما فقط عن طريقِ الوسـادة، وبصوتٍ خافتٍ يمتلئ بالحنـين : الله يسامحك ، رحت وأنت ما قلت إنّك مسامحني على سماجاتي.


،


تحجرَت نظـراتها بالهـاتِف دونَ استيـعابٍ وهي ترى الاسم الذي خزّنته يومًا في هاتِفها ولازالت، الاسم الذي غنّـى لهُ هاتِفها الآن، هل يتّصل بها حـقًا؟ الآن، وبعد سـاعاتٍ من محـادثةِ عبدالله لهُ وتجاهلهُ لمـا قـال؟ أيُّ وقاحـةٍ هذِه؟ أيّ دونيةٍ يحملها حتى يتّصل بها بكل جرأة؟ .. يكفِي أنّ ردّه صبـاحًا بالتجـاهل أثبت لها من أيّ الرجـال هو! رجلٌ ارتبطَ بطفلة، تركها دونَ أن تعلم أنّها زوجته! والآن يرفضُ طلاقًا يحب أن يقع .. أيّ رجلٍ ساديٍّ متملكٍ هو؟ ما الذي فعلته لهُ ليفعل بها كلّ هذا؟ ما الذي فعلته له؟!!
عضّت شفتها السُفلى بحقدٍ حتـى كادت تدميها، لو أنّ القتـل مبـاحٌ لقتلته، لو أنّ تعذيب البشر مباحٌ لعذّبته بحجمِ ما تقدِر! لكنّها لا تملك شيئًا لتنتقمَ لروحها المسلوبة، لصدرها الذي ضـاق بوجعٍ وبكـاءِ ليلةٍ كـاملة، لا تملك سوى الدعـاء/التحسّب، لا تملك سوى عدم الغفـران وانتظـار اللقـاء يوم البعث! سيشتكِي قلبها كمْ أُوجِعَ منه! ستشتكِي يداها كم غطّت ملامحها وكتمَت نحيبًا، ستشتكِي عيناها كم أمطرَت بغيومها على وجنـاتِها الجافـة، ستشتكِي بكلّ جوارحـها عليه ، كم آلمها أكبر من ألـم والدها ، هو الذي كـانت ترجُوه، لمَ صمت؟ لمَ لم يُخبرها؟ يا ويلهُ من العقاب! يا ويلهُ من حُزنها أين يمضي منه؟ أين أنتَ من ربّ العبـاد؟ أينَ أنتَ من العقـاب؟ . . أنصف حزنِي يا الله ، وأغرقهُ بحزنٍ مُضاعف! عاقبـه في الدنيـا والآخرة !!
ارتعشَت يدُها وهي تحرّك سبـابتها الواهنـة على الشـاشة لتنتهِي أخيـرًا بمواجهَة ، لا ضيْر من المواجهـة ، لا ضير من شتمه ، لا ضيـر من الحديثِ بخفوتٍ صـارخٍ عن مدى كرهها له، عن وصفهِ بأقـذع الصفـات التي لم تحملها البشريـة ، لا ضير من المواجهـة فهي لن تبكِي! وسيضلُّ ضعفها حبيسَ هذا الجسـد.
رفعَت الهاتـف إلى أذنها وملامحها تجمُد، الازعـاجُ من حولِها كثيف، لم يجعلها تسمعُ ثرثرةَ أنفاسِه التي تحشرجَت منفعلةً بردّها ، لم يتوقّع ذلك منها! لم يتوقّع أبدًا!!
فغَر فمهُ بعذابِ قلبه الذي يلتوِي ويوجِعه رغمًا عنـه، تنفّس بقوّةٍ بعد أن غـادر الواقـع وذهب لعالمٍ آخر، عالمـها هي! ولا يصدق أنّها فتحَت بابهُ سامحـةً لهُ بالدخـول!!
تراجـع للخلفِ ليسند ظهرهُ على مقعدِ سيارتِه وهو يفغرُ فمهُ يبحث عن كلمـةِ شوقٍ يلقيها إليها ، حتى يجيء صوتُها من بعدِه! يجيء فيُطرِبَ هذا الحنين . . لكنّ إلين لم تكُن لتسمحُ لهُ بالحديثِ قبلها في تلكَ اللحظـة! شدّت على أسنـانها بقهرٍ منـه ومن كلّ ما فعـل لتلفظَ بنبرةٍ خافتـة لكنّها حمَلت ثقةً كبيرة، حملَت ثقةً بربّها وربّه، حمَلت ثقةً كبيرةً بعدالة السمـاء : مــنّـك لله يا الظـالم .. منّك لله !
وصَل إليها صوتُ أنفاسـه التي تحشرجَت وهو يغمِضُ عينيه وعذابين اختلطـا في هذهِ اللحظـة، عذابُ صوتِها، وعذابُ الحقدِ في ما قـالت، عذابٌ لا يعلـم كيف يشرحهُ، لكنّ واحدًا دغدغهُ حدّ الألـم، وواحدٌ جرحـه مباشرة!
ابتسمَ بأسى وهو يتركُ عينيه مغلقةً عن العـالم، عن ضوءِ الشمـس، عن الطريق المعبّد والممتدّ أمـامه برمـاديته، وغـادر الصمتُ حُنجرته ، لتهمسَ شفاهُه بحنين : كلّي ذنب ، والله بدا في عقابِي من صوتِك! مني لله لين ترضين ، مني لله!
إلين بصوتٍ يتـألّم رغمًا عنها : ليه سوّيت كل هالشيء؟ خاطري أفهم مقدار الحقـارة اللي تملكها؟
أدهم بوجعٍ يتجاوزُ وجعها ويقفُ فوقَه : ما أدري! والله للحين ما أدري ليه أن هربـان من 14 سنة ! ليه؟ لو بقُول نسيتك ما نسيت، الورق والعقُود ما تبعدنا عن النسيـان بس أنـا ما نسيت! مين ينساك؟
إلين بقهر : يا كبر حقـارتك الله لا يحللك دنيا وآخرة ، الله لا يحللك!
فتحَ عينيه وأحداقهُ تضيقُ بوجعٍ من دعائِها عليـه، كيف يُخبرها أنّه ذنبٌ كفـارتهُ هي؟ يريدها أن تجيء، وهي تريد أن تمضي! يريدها أن تقترب، وهي تريد الابتـعاد ، معـادلةٌ صعبة! وذنبـه سيبقى معلقًا بعنقِه ما دامَت تريد الصد!
أردفَت بصوتٍ حـاقدٍ مشمئزٍ من فكـرة أن تكُون زوجته، من فكرةِ أن ترتبطَ بِه : طلّقني !!
زفـر وهو يرفعُ كفّه المُحررة من الهاتف ليضعها فوقَ صدرهِ جهة قلبه وهو يهمسُ بنبرةٍ جـادة : ترى قلتها له لا تخليني أكررها لك!
إلين بحدة : بتطلقني وأنت ما تشوف دربك.
ابتـسم : والله لو تبطين!
إلين بعنفٍ يرتّله صوتُها : ليه؟ وش اللي يخليك ترفض؟ بس تملّك صح؟ صعبة عليك تفكّر بمسألة إنّك تفقد حمـار كنت تمتلكه سنين صح؟
أدهم بهمس : مُهرة! أنتِ مهرة ضـاع عنها خيّالها ، أو هي ضاعت!
إلين بقرفٍ من غزله : خيّالـي؟ وش قوّ هالوقـاحة فيك؟
ابتسـم رغمًا عنـه وهو يستمعُ لضجيجِ إنـاثٍ من حولها، حينها هتفَ بصوتٍ مبتسم : في الجامعة؟
صمتت وهي تعقدُ حاجبيها بغيظٍ منـه ومن بساطتِه، وقح! وقح!! . . فتحَت فمها كي تردّ عليه بشتيمةٍ تصفهُ بها لكنّه سبقها حين أردفَ بجـرأةٍ لا تدري كيف يمتلكها : أقدر أمرّك وأعزمك على الغـداء؟ بتفاهم معك وجـه لوجه.
لم تمتلك في تلك اللحظـة سوى أن تشهقَ بقوّةٍ غيـر مستوعبـةٍ البساطـة التي ينطقُ بها، بينمـا لو أنّها كـانت في وضعهُ عوضًا عنهُ لفهمت أنّه الآن يتحدّث بربكـةٍ يُخفيها وتجعله يندفعُ بكلامٍ غيـر معقولٍ أمامـها . . إلين ببهوت : أنت وشو؟ غبي والا ساذج والا بس مجرّد وقح؟!!
أخفـى أدهم إحراجـه في ابتسامةٍ واهنـة وهو يعتدلُ بجلستِه، نـارٌ تكويها، لكنّها على الصعيد الآخـر يطلب منها ببساطةٍ أن تخرجَ معه!! أي وقـاحةٍ يملك بأن يظنّ أنّها قد تفعلها؟ أنّها قد تسمحُ لهُ بالاقترابِ منـها!!!
أدهم بسذاجـة : لا جد بعزمك على مطعم قريب من جامعتك ماراح نتأخـر . .
قاطعته بحدّةٍ ونبرةٍ لا تستوعبُ بساطتهِ بعد كلّ ما فعـل : ما أبي منك شيء ، لا نتفـاهم ولا غيـرها ، طلقني وبس !!
غـابَ صوتُه بعدَ ما قـالته، هوَ الـذي يجزم منذ البدايـة أنّها ستصرُّ على البُعد، هل يلومها؟ هل يملك الحقّ بلومِها؟ لا يملك! أبدًا، كلّ ما يملكـهُ هو المُحـاربة بشدّة، بكلّ ما يستطِيعهُ حتى يظفَر بها، حتى يُلامس وجنـاتها من جديد، حتى يمرر وجنتـه على قطنيّة وجنتها كمـا فعلها وهي طفـلة، بين يديْ مُراهق!
تنهَد بعجزٍ وهو يرفعُ رأسهُ للأعـلى ولا يجدُ فوقهُ إلّا سقفَ السـيارة الذي يمتدُّ فوقـة بكآبـة، وصوتُها الحـاد والنـاعمُ في ذات الوقت ينبعثُ إلى مسامعه بكلماتٍ واثقـة أنّها ستجعله يطلّقها، أنّها ستنحلُّ عنه قريبًا كمـا كانت طيلة السنين ، منذ متى كـانت لهُ أصلًا حتى تنحلّ؟ لن يفُوز في هذهِ المعركـة ضدّها ، لن يفُوز!!
وهـو ، كـان يتوه! في صوتِها! أمْ في صورةٍ مـاضية، هذا الصوتُ النـاعمُ رغمَ غضبه، رغمَ قهره، رغـم نبرةٍ خفيّةٍ من الوجعِ تندسُّ في زاويـته، هـذا الصوت! .. نـــاي! أو صهيل؟ أم كلّهما؟ .. النـاي صوتُكِ في الحُزن، والصهيلُ في الغضب، كلاهمـا حين يعانقانِك يرتّلانِ الجمـال ، كيف يجتمعُ صوتيْن في حنجرتِك؟ كيف تتجسّد الفتنـة في نبـرة؟ هذهِ النبـرةُ كيف أصِفها؟ كيف أقُول أنّها كصوتِ بحر! فـاضت أمواجهُ واصتدمَ بيابسـةٍ فصرخ! مع بدايـاتِ الصبـاح، مع بدايـات الشروقِ الحـمراء ... يا جمـالُها!!
همسَ يُقـاطعُ كلمـاتها الحادة والغاضبـة بإسرافٍ حتى كـاد صوتُها يُبحّ : نــــجـلاءتِي ..
اتّسعت أعيُنها من الجهةِ الأخـرى وتوقّف قلبها لثـانية، ثانيةٍ فقط، كـانت تكفِي لتضرّ باقِي جسدها، كـانت تكفِيها، تكفِيها لترتعشَ شفاهُها بضعفٍ وهي تُغمضُ عينيها وتهتفَ بنفور : إليــن .. اسمي .. إليــن !!
أدهم بعشقٍ ينسـابُ بجورٍ من شفاهِه : ما تفرق الأسمـاء والفتنة وحدة.
إلين بتحشرجٍ رغمـًا عنها وهي تُشتت عينـيها : إذا باقِي فيك ولو ذرّة انسانيـة بتستحي على وجهك وتتركنِي قبل لا نلجـأ للمحـاكم.
عقدَ حاجبيهِ وهو يميلُ برأسه قليلًا لينظُر نحوَ النافـذة : بتضريني!
إلين بألـم : صـار طموحي هالشيء ..
أدهم : منتِ أنـا عشان تقدرين! .. منتِ مثلِي ، أبدًا! عشان كذا بتغفرين.
همسَت بكره : بظل أدعِي عليك كل يوم ربّي يذوّقك أضعاف الجروح اللي صارت لِي منّك ، بدعي قد السنين يكسِرك شخص ، يجرحك شخص للبكا ليلـة طويلة وليالِي.
ابتسمَ بـألم : لهالدرجـة حـاقدة علي؟
إلين : لا تنتظِر غفـران ، أكرهك، أقرف منك! حرام يعيش ذنب مثلك بهالدنيـا ويلوّث كل شخص يرتبط فيه!
أدهم وكلمـاتُها تجيد اختـراق صدرِه بنصلِها المسموم : أنـا ذنبك الأعظـم بالدنيا ، اجعليني ذنب مغفور!
إلين بقسـوة : مـا أقدر أعطيك حِلّي ، أبيك تدخـل النـار بذنبي ، ويا عساك تنحرق بالدنيـا قبل الآخرة ، يا عسى عمرك يطُول بالوجع!!


،


تحرّكت ببيجامتها الزهـرية في الصالـة وملامحها تشرحُ المزاجَ السيءَ والضيقَ الذي يسكُنها، شعرها ترفعهُ في ذيلِ حصـان ليتموّجَ بكثافتـه فوقَ ظهرها حتى خصـرها وخصلاتٌ أخرى تسقطُ على جوانبِ وجهها القاحـلْ، اتّجَهت نحوَ المطبخِ وهيَ تُنـادي على سالِي بنبرةٍ جافـة، وتلكَ خرجَت من المطبخِ وهي تُجفف يديها هاتفةً بتوجس : نعم.
غزل وهي تقتلُ آهـةً قبل أن تخرج، آهةً تعبّر عن ضيقِ صدرها القاتِل : سوي لي كوب شاي ، وشيء خفيف آكله معاه.
هزّت سالِي رأسها بالطـاعة ومن ثمّ عـادت أدراجـها للمطبخِ في اللحظـة التي تصاعَد فيها صوتُ جرسِ البـاب، عقدَت غزل حاجبيها باستغرابٍ وهي تتساءل من قد يكون وسلطان يملك المفتـاح ولا يحتـاج للجوء لضرب الجرس؟ .. نادَت سالِي من جديدٍ وأمرتها بأن تذهب وتنظُر من خلف البـاب، حينها ذهبَت سالِي للبـاب لتفتحَه، بينمـا كانت غـزل غائبـةً عن النظـر إليهم .. دخَلت ام غزَل بهدوءٍ وهي تطُوف بنظراتِها على المنـزل، وجهها جامدٌ لا يوضّح شيئًا مما في داخِلها، بينما عقدت سالِي حاجبيها وهي تهتف : مين إنت؟
نظرَت ام غزل نحوهـا بترفعٍ قبل أن تهتفَ بنبرةٍ بـاردة : وينها غـزل؟
سالِي بهدوءٍ وهي لا تزال تعقدُ حاجبيها وتنظُر نحوها بتدقيق : مين قول؟
ام غزل تعقدُ حاجبيها المرسوميْن بترتيبٍ وهي تلوِي فمها الصـارخَ بالعنـابي، وبجمود : ناديها بلا كثـرة حكي.
تحرّكت سالِي وهي " تتحلطم " بحنقٍ من العجـرفة التي لم تشبه فيها سوى غزل! حتى أنـها تشبهها في ملامحها أيضًا! سمارها، وعيناها العسليتين !! .. قطّبت جبينها باستنكـارٍ لكنّها لم تجد الوقت الكـافي للتفكيرِ وهي تقفُ أمـام غزل هاتفةً بهدوء : فيه حرمه يبغى إنت.
عقدَت غـزل حاجبيها وهي تنهضُ بعد أن كـانت جالسةً في غرفة الجلُوس، وباستنكـار : مين هي؟
سالِي بتذمّر : مافيه قول.
تحرّكَت بتوجّس نحـو البـاب وهي تتسـاءل من هي؟ .. لكنّ تساؤلهـا لم يكُن ليطُول بعد أن مرّت ثوانٍ قصيـرة لتقفَ أخيـرًا أمـام مرآتها، أمـام المرأةِ التي تشبُه .. والفرقُ بينهما أنّ المرآة كـانت صالحـة ، وهي المُحطّمة !!
فغَرت فمها بصدمَة ، واهتزّت أحـداقها دونَ استيعـابٍ للواقفـة أمـامها، تنظُر لهـا بنظـراتٍ تفصيليّةٍ من أعلاها لأسفـلها وكأنّها تبحثُ فيها عمّا يشرحُ لها حياتها مع سلطـان ، هل هي سعيدة؟ هل يضربها كمـا كان يفعلُ والدها؟ هل توقّفا عند محطـة ضياعِها قبل أن تصِل إلى منزِل سلطـان أم مضا بقطـار حياةٍ سعيدة؟
وتلكَ اهترأت الأرضُ أسفـلها، بقيَت تنظُر نحوها دونَ استيعاب، امها هنا؟ امها الزائِفة أمامها؟ تزورها ؟ امّها التي لم تكُن ام؟ فقـدت الاستيعـاب للحظـاتٍ طويلة، الصدمةُ كـانت تصرخُ بوضوحٍ من ملامحها، التجمّد الذي أصابها كـان كافيًا لتبتسم! تبتسم!! لمَ تبتسم؟ امها تبتسم؟ لم تكُن ابتسامة سخرية ... كانت أسى! أسـى غُلّف بسنواتٍ وليالِي يتبعها نهـاراتٌ لازال حضورها في داخِلها قبل جسدها، لازال حضُورها يخطُّ علاماتٍ على ظهـرها الذي كشفهُ سلطـان ذاتَ يومٍ ولمسهُ بكفٍّ حنونة قبل أن يقبّل رأسهـا بمواسـاة، لم تفعلها امّها يومًا! لمْ تكفّ أذى والدها عنها ولم تواسِيها وتلمَس التهابـات جسدها، لم تفعلها! وسـرق سلطـان منها عاطفـة الام في الحمايـة والتخفيف في لحظـةٍ مـا، بينما هيَ لم تحملها أبدًا!! والآن هاهيَ تبتسم ، بأسى !! لمَ ؟!!!
بقيَت باهتـة، بينما كانت ابتسـامةُ امّها تتعمّق أكثـر ، تتعمّق للا وعـي، للميّتةِ والمغطـاة بقبـرٍ مُظـلم، للأم! كـانت تكبُر ، تكبُر تلك البسمـة بعمقها حتى انتهَت بصوتٍ خافتٍ بائِسٍ وجفافهُ يتحوّر بشكلٍ غامـضٍ لم تفهمه : ما ودك ترحبين بأمّك؟


.

.

.

انــتــهــى . .

موعدنا القادم خلال أربعة أيـام أو خمس، بعطيكم الموعد الاكيد بكرا . .

ودمتم بخير / كَيــدْ !



التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 24-04-16 الساعة 12:18 AM
طُعُوْن غير متواجد حالياً