عرض مشاركة واحدة
قديم 23-04-16, 11:12 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث ...
3- السيد في العرس ...
من الطائرة وعلى ارتفاع ثلاثة الآف قدم بدت الافاق لا نهائية والسهول منبسطة مترامية الاطراف , ولا يكسر حدة رتابتها سوى الخطوط المتقاطعة للطرق الترابية التي لا تنتهي . قال ريكاردو ذات مرة ان خط السماء الى الجنوب عندما تبزغ منه سلسلة التلال المنخفضة نكون قد وصلنا الى المنطقة . وسلسلة تلال سييرا دي تانديل تقع على حدود أرض مندوزا .
وحتى الان لم يطرأ أي تغيير في رقعة الاراضي المعشبة برغم ان المسافات البعيدة الممتدة الى الجنوب يكتنفها الضباب الشفاف .
وأخذت ليان تختلس النظر الى الرجل الذي تزوجته منذ ساعات قليلة . وتتأمل يديه القويتين اللتين تتحكمان في أجهزة الطائرة , كان من الصعب عليها ان تتصور ان كل هذا يمكنه ان يحدث خلال يومين فقط ورغم هذا فأنها هنا الان وأصبحت سنيورا مندوزا , زوجة أحد أثرياء الارجنتين , وهو رجل لا يمكن لعالمها ان يطاول عالمه . ان هذا العالم الذي يمتلك فيه الاشخاص الطائرات الخاصة والثروات الطائلة لم يكن ولا يمكن ان يصبح عالمها . وهي لا ترغب في دخوله , بل ان مجرد تحملها الحياة ستة أشهر في مثل هذا العالم سوف يستنفذ كل طاقة لديها .
وما كانت ليان قد بدأت تدرك وهي في الزورق النهري الذي أقلها مع ريكاردو الى المطار أن الرجل الجالس الى جوارها أصبح زوجها ويملك السلطة عليها بحكم التقاليد التي ما زالت النساء تعامل بمقتضاها كمواطنات من مرتبة ثانوية الى حد بعيد . ان تفكيرها في ذلك الامر كان شيئا مزعجا .
وعادت بذاكرتها – وهي يائسة – الى الليلة السابقة وأخذت تحاول استكشاف روح المغامرة التي دفعتها الى ما هي فيه الان . اذ صحبها ريكاردو الى واحد من افخم الاماكن الليلية بعد ان اشترى لها ملابس تحلم بها كل أمرأة , وبأرتدائها طرأ عليها تغيير واكتسبت ثقة في نفسها . أنها تعلم ان الرجال الاخرين ينظرون اليها بأعجاب وينظرون الى ريكاردو بحسد , مما أدخل السعادة الى نفسها . وادركت انها تحس بالزهو والغرور , والحياة فيها ماهو أهم من هذا . وتمنت لو أنها تبعد مليون ميل عن هذا المكان وعن هذا الموقف وتمنت العودة الى بلادها .
ونظر ريكاردو اليها لحظة وهو يفحص ملامحها وسألها :
" إنك هادئة جدا , هل أصبحت فجأة تخافين مني ؟"
فأجابته بصوت خفيض يحمل نبرة لوم وتوبيخ :
"إنني لا أعرفك بالمرة ولا أفهمك ."
" الفهم سيتحقق ان اردت ذلك . ولكن اذا لم يتحقق فأن هذا لن يهمّ كثيراً ."
" بشرط أن أفعل ما يطلب مني , أليس كذلك ؟"
"ولكنك لم تبذل جهدا كبيرا في الرجاء أمس ."
" يوم أمس كان مختلفاً كنت مضطراً لأرغامك على الموافقة فلم يكن هناك وقت لمحاولة الاقناع بالاسلوب الرقيق ."
فصمتت فترة طويلة وسألته :
"أتعني انك كنت تخدعني عندما هددت بأعادتي الى ملهى ريوس ؟"
" نعم فلم يكن ليطلب اعادتك اذا لم تكن لديك رغبة في ذلك , ان ريوس رجل وضيع ولكنه ليس غبياً ."
فقالت وقد اصفر وجهها وأصبح متوتراً .
"خدعتني ودبرت الامر كله !"
------------------------------
" قلت لك انني كنت في امس الحاجة الى ذلك . وكانت لدي أنا نفسي شكوك عندما وصلنا الى الفندق ولكنني تغلبت عليها . وعليك ان تفعلي مثلي ."
وأضاف في تهكم :
"من الافضل أن تعلمي أنني لست قاسي الفؤاد بالصورة التي تخيلتها أول مرة ."
ولم تشعر ليان بأن هناك فرقا . فهي هنا الان , أليس كذلك ؟ لقد أستغل سذاجتها وهذا بحد ذاته قسوة .
وقال لها :
"انا أفضل ان نكون أصدقاء لا أعداء فان هذا سيجعل الامور أسهل ."
"بالنسبة اليك أم بالنسبة الي ؟"
" بالنسبة الينا , انت اعتدت على كسب عيشك ألا تعتبرين هذا مجرد عمل ؟ انه لمدة ستة أشهر فقط ."
فقالت :
"انفترض أنني رفضت العودة بعد ستة أشهر ؟ هل فكرت في هذا ؟"
وتغير وجهه وأصبح متوتراً ومنفرداً من جديد وقال لها في صوت خفيض :
"لن تجرؤي على ذلك ."
وكان على حق في هذا , فهي لن تجرؤ . كما أنها لا ترغب في ذلك , فستة أشهر فترة أكثر من كافية . وردت عليه :
"لا داعي لأن تقلق لن أثير أية مصاعب وسوف يسعدني ان اتخلص منك ."
" سوف اتأكد من هذا ..... وصلنا الان . وخلال لحظة أو أثنين سترين هبوط الطائرة ."
ولمحت ليان الابنية وقطعان الماشية ترعى العشب في حراسة راكبي الخيول . وقال لها ريكاردو أن الماشية يتم تجميعها ونقلها الى محطة النقل بالسكك الحديدية ومن هناك تتجه رأساً الى منطقة لابلاتا الساحلية حيث يوجد المجزر .
وسألته :
"لم يتبق من عمر هذه الماشية اذن الا القليل , أليس كذلك ؟"
فهز كتفيه بلا مبالاة وقال لها :
"الانكليز وحدهم ذوو حساسية خاصة لمثل هذه الامور , فالحيوانات تربى من أجل اللحم ."
وهبطت الطائرة في سهولة ويسر وتوقفت على بعد يارادات قليلة من مجموعة المباني عند أحد طرفي المدرج . وخرج رجل خلاسي من أحد تلك الابنية , يرتدي ملابس خشنة . وملامحه صارمة , وابتسمت له ليان فرد عليها بنظرة متفرسة تثير الارتباك . وتحدث اليه ريكاردو قليلا بالاسبانية ثم صحب ليان الى سيارته التي كانت تقف في الانتظار بينما أخذ الركاب الاخرون يخرجون الامتعة من الطائرة , وبعد أن فرغ الخدم من وضع الامتعة في السيارة انطلق بها ريكاردو في الحال بدون أن يتحدث مع الرجل مرة أخرى .وبينما كانت السيارة تقطع الطريق الترابي سألته ليان في تهكم :
"هل يتم تربية هذا الرجل للقيام بالخدمة فقط ؟"
فرمقها بنظرة سريعة متجهمة وسألها :
"هل هذا مزاح ؟"
" كلا اني لا اجد في معاملة البشر كالماشية شيئا يدعو للمزاح على الاطلاق أليس للرجل اسم ."
فقال لها في غضب :
"إنني لا أقدم زوجتي الى خادم , فعادات بلادي تختلف عن عادات بلادك ."
" أنت على حق فقد زالت العبودية من بلادي بانتهاء العصور الوسطى ."
" الناس ليسوا مستعبدين , فهم أحرار في المجيء والذهاب كيفما شاؤوا ."
" وكيف ذلك ؟ من شكل الملابس التي كان يرتديها ذلك الرجل يتبين أنه وأمثاله لا يملكون الكثير من ماديات الحياة . فكم تدفع لهم ؟"
"كفى ! ليس هذا من شأنك ."
" لابد ان يكون لي شأن بهذا ان كنت سأقوم بدور زوجتك . أم ان المفروض ان تتعامى المرأة عن احتياجات الطبقات الدنيا ؟"
----------------------------
وقال لها بدون أن يرفع صوته لكن بلهجة حازمة :
" انني لا أقبل أن اتلقى دروسا كهذه من أية امرأة . فهل تريدين أن تشعري بثقل يدي ؟"
فتنهدت ليان وسألته :
"وهل هذا ردك على كل شيء ؟"
"كلا . ليس بالنسبة الى كل شيء , وانما بالنسبة الى فتاة انكليزية تظن نفسها فوق هذه المعاملة ."
فأمتنعت عن الرد وتعمدت السكوت فنظر اليها قائلا :
"قلت لك ان التكيف مع عاداتنا جزء ضروري من اتفاقنا . فلا تضطريني الى وضعك في مكانك الصحيح أمام الاخرين ."
وبدأت الشمس تميل الى الغروب لتكسو بحمرتها المناطق الطبيعية ذات المعالم غير المحددة . انها بعيدة الان عن وطنها وتعيش في عالم آخر . وتشعر بأنها وحيدة تماما .
ابتلعت الكلمات العنيفة التي قفزت فجأة الى حلقها وقالت له بصوت أجش قوي :
"ريكاردو يجب علي ان احتفظ بشخصيتي . الا ترى ذلك ؟ ولا استطيع أن اتصرف بالطريقة التي تتصرف بها المرأة الارجنتينية . فلابد ان أسأل أسئلة تغضبك . وقد لا ترضيني الردود , ولكن تلك هي الطريقة التي اتصرف بها . واذا حاولت ألا أتصرف على هذا النحو أمام الاخرين يجب أن تحاول أن تعاملني على قدم المساواة عندما نكون وحدنا كما وعدت ."
فأرتفع أحد حاجبيه وقال :
"لا أذكر انه سبق لي ان وعدت بأن اعاملك على قدم المساواة ."
"العبارة التي قلتها عن التغاضي عن هفواتك واعتقد ان تلك هي هفواتي . وانت لا تستطيع ان تعالجها بالتهديدات والتحذيرات , وتستطيع ان تخفف منها بأن تثق في انني أريد ان اتعلم شيئا عن بلادك وانا هنا . ويمكنك ان تعلمني ومع ذلك لا أعد بأن أحب كل ما سوف أعرفه ."
وسكت فترة قبل ان يبتسم ويقول :
"انني لا اعرف امرأة تتحدث الى الرجل بمثل هذه الطريقة . قد اكون انا ايضا بحاجة لأن اتعلم شيئا . حسنا سأبذل جهدي بكبح جماح انفعالاتي بالنسبة اليك , ولكنني لا استطيع ان اعد بألا أغضب منك . فهل هذا يسعدك اكثر ؟"
" نعم, كثيرا ."
ونظرت الى السهل المظلم ورأت اضواء من بعيد وسألته :
"هل هذا هو المنزل ؟"
" المنزل في الاتجاه الاخر ."
وأضاف في لهجة جافة :
"نحن الان في طريقنا مباشرة لحضور حفل الزواج ."
فاعتدلت ليان في جلستها ونظرت اليه قائلة :
"كلا يا ريكاردو لا يمكنك ان تفعل هذا ! "
فقال لها في لهجة حازمة لا تقبل التراجع :
"لابد ولا جدوى من محاولة اقناعي بتغير رأيي . فكارلوس يجب ان يعرف في اقرب وقت انه لايمتلك استانسيا مندوزا ."
ولكن هذا سيفسد الحفل ."
"ورغم ذلك فسوف يجتاز هذا الموقف ."
وأخذت تتلمس في ملامحه النحيلة علامة تشير الى أي تساهل وسألته :
"ايزبيلا ..... هل تكرهها هي ايضا ؟"
" كلا ."
وقبض بشدة على عجلة القيادة وضغط شفتيه وأضاف :
"ولكنها بزواجها من كارلوس فقدت الحق في ان اراعي مشاعرها ."
فقالت له في استعطاف :
"انتظر حتى الصباح على الاقل , واتركهما الليلة, ارجوك يا ريكاردو ! "
"هل تظنين اننا نكون اكثر شفقة بهما لو تركناهما يعودان الى الاستانسيا مندوزا ليجدانا هناك ؟"
----------------------------------
"لا اعرف , ولكن يجب ان تفعل ذلك , ان أي شيء افضل من اقتحام حفل الزواج نفسه ! "
وقال بدون أي بادرة للتراجع :
"لا اوافقك , فكلما عجلنا كلما كان ذلك افضل ."
وسكتت ليان . اذ بدا لها ان لا فائدة ترجى من وراء ذلك . وبقلب محزون راقبت الاضواء وهي تقترب . ورأت المنزل ذا الطابقين يحف به فناء متسع . وسمعت صوت الموسيقى والصيحات والضحكات . وما ان لمح الحاضرون ريكاردو في سيارته حتى تراءت انفعالات مختلفة في ضوء المشاعل و القناديل .وفتح أحد الخدم باب السيارة فنزلا منها وصحبها ريكاردو نحو المدخل الذي تعلوه الاقواس . وأخذ الحاضرون يفسحون لهما الطريق وسط المكان المزدان بالزهور بينما انتشرت في الفناء الموائد العامرة بالاطعمة ومن حولها المدعوون الذين ارتدوا الزي الاسباني التقليدي . واتخذ العروسان مكانهما فوق منصة في نهاية الفناء وبجوراهما زوجان مسنان اعتقدت ليانا نهما والدا العروس . وأحست بذراع ريكاردو يتصلب قليلا تحت ذراعها بينما عيناه تتطلعان الى جمال الفتاة الاخاذ وهي بخيبة امل زوجها لديه أكثر من سبب ليكره أخاه غير الشقيق , فلعله كان يريد ايزبيلا لنفسه .
ولم يصدق بعض الحاضرين عيونهم وهم يرون ريكاردو , في حين شعر البعض بالاسى بينما أبدى واحد او اثنان مشاعر الابتهاج لمجيئه .
وتملك الجميع غمرة من حب الاستطلاع حول هذه المرأة , وأخذ ريكاردو يومئ برأسه يمنة ويسرة ليرد على تحية الحاضرين , لكنه لم يحاول التحدث مع أي منهم ومضى بها نحو العروسين بينما أصيب افراد الحاشية التي أحاطت بهما بذهول كاد يجمد الدم في عروقهم وهم يتوقعون , ما سوف يحدث .
كان كارلوس أقصر قامة وذا جسم ممتلىء وأقوى من اخيه غير الشقيق . وكان وجهه وسيما يعبر عن الجرأة . وشعره اسود مجعداً وكان يرتدي زياً رائعاً يذكرها بزي مصارعي الثيران . قال كارلوس بالاسبانية :
"وهكذا عدت ياأخي لتحضر حفل زواجي واصطحبت معك ضيفاً ."
وكانت ابتسامته التي وجهّها الى ليان تثير الحيرة لأنها تنم عن رفض الاحتمالات التي ينطوي عليها وجودها في هذا المكان . وقال لها :
"مرحبا سنيوريتا ."
فصحح له ريكاردو كلامه قائلاً :
"بل سنيورا .... تزوجنا صباح اليوم في بوينس آيرس "......
وخلال السكون المفاجىء لمحت ليان علامات الارتياح على وجه العروس الجميل . وظنت انها أخطأت اذ كيف تغتبط زوجة لأن زوجها فقد كل شيء ؟ كرهت ليان نفسها بسبب ما تفعله وكرهت ريكاردو لأنه دفعها الى المشاركة في هذه العملية . وبغض النظر عن سلامة الموقف او خطأه فأن هذا لن يحل المشكلة .
وكان كارلوس هو البادىء بالكلام وقال في صوت منخفض متهدج وبأنفعال مكبوت :
"هذا مستحيل ."
" لدي ما يثبت ذلك اذا اردت الاطلاع عليه ."
قالها ريكاردو بلهجة لا تنم عن الانتصار . ونظر الى ايزبيلا وهو يضع ذراعه على كتفي ليان ويضمها اليه قائلاً :
"زوجتي انكليزية وتتحدث الاسبانية قليلاً لسوء الحظ , ولكنها سوف تتعلمها ."
واتجهت ايزبيلا نحو ليان تصافحها بكلتا يديها وقالت لها في هدوء بالانكليزية :
"مرحبا بك يا أختي , لابد ان تشاركينا العرس انت وريكاردو ...."
واقترب فرنسيسكو ريخا من زوج ابنته , وفهمت ليان ما يقصده وهو يقول له :
"الامور تغيرت الان يا كارلوس , وبيتنا هو بيتك الان ."
ووضع يده على ذراعه فأسكت الكلمات التي كاد ينطق بها كارلوس ..وأضاف قائلاً :
"هذا افضل يا بني ."
-----------------------------
وتخلصت ليان من ذراع ريكاردو لترد على تحية ايزبيلا وهي تشعر بثقل في اعضاء جسمها وبقلب حزين وآسف لما يحدث . ولكنها حاولت أن تعبر بنظرات عينيها عما تشعر به .
وهمس أحد الحاضرين ببضع كلمات فابتسم ريكاردو واعتذر عن البقاء قائلاً ان الرحلة كانت متعبة وان ليان ترغب في ان تستريح , فقالت إيزبيلا بلهجة احتجاج :
"ولكن اليوم هو يوم عرسكما وعرسنا . ولا يجب يا ريكاردو ان تغادر الحفل قبل ان تشربا النخب . هل تريد ان تحرم عروسك من حقها في مستقبل سعيد ."
وقبل ان يرد عليها ريكاردو اتجهت الى زوجها وجذبته من يده وقالت له :
"ألا توافقني يا كارلوس على ضرورة بقائهما بعض الوقت ؟ اننا الان أسرة واحدة ."
ونظر كارلوس الى اخيه بعينين مليئتين بالانفعال ودعاه هو وليان لتناول الطعام .فهز ريكاردو كتفيه بلا مبالاة . وسمحت ليان لريكاردو الذي لم تكره أحداً مثلما كرهته , بأن يصطحبها الى المائدة الرئيسية لتجلس هي في مواجهة إيزبيلا ويجلس ريكاردو عن يسارها في مواجهة كارلوس .... وحاولت ليان ان تيدو طبيعية ولكنها لم تستطع وبينما بدأ الخدم في تقديم أطباق الطعام سألت إيزبيلا ليان :
"هل تعرفت بريكاردو منذ فترة طويلة ؟"
وتهيأ ريكاردو لسماع ردها بدون ان يبدو على وجهه أي قلق لما يمكن ان تقوله . حسنا انها اذن ستقول لهم الحقيقة , فهذا ما يستحقه فردت على ايزبيلا بدون ان تنظر الى ريكاردو :
"منذ يومين فقط ."
فقالت ايزبيلا في دهشة :
"انها فترة قصيرة جداً . لابد انكما وقعتما في الحب في الحال عندما تقابلتما."
فردت ليان في حرارة :
"نعم . المرء يتم انقاذه من مصير أسوأ من الموت يقع تحت التزام هائل ."
فاتسعت عينا ايزبيلا وأعربت عن شكها فيما تسمع فتدخل ريكاردو ليقول لها :
"الشيء الذي ستعرفينه عن زوجتي أنها تميل الى الدعابة بصورة تختلف عنا , وليان تقصد المزاح معك ."
وضغط على ركبتها من تحت المائدة محذراً وسألها :
"اليس كذلك ؟"
وأخذت دقات قلبها تسرع ولكنها سيطرت على نفسها وهي تجيبه :
"اذا قلت ذلك فأنت دائما على حق يا ريكاردو ."
فهم الجالسون عن قرب تلك الكلمات في حد ذاتها غير انه من المشكوك انهم فهموا المعنى المقصود من ورائها . ولكن الرجل الجالس الى جوار ليان لم يخطىء في ادراك المعنى . وسمعته ليان وهو يجتذب أنفاسه واتجهت بنظرها وهي تبتسم ناحية ايزبيلا التي كانت تنظر في دهشة , وقالت لها :
"ريكاردو يطلب مني ان اعامله على الطريقة الارجنتينية . فهل تساعديني لتعلم الطريقة الصحيحة ؟"
فأجابتها وهي تبتسم :
"انك تسخرين مني مرة أخرى ."
أحست ليان بأنه لا يصح اقحام إيزبيلا في هذا الامر الذي يتعلق بها وبريكاردو وحدهما وقالت لها :
"اغفري لي يا ايزبيلا " وهي تضحك ..
"كلا , إنك تتصرفين بطريقة مختلفة ولكنها مسلية . أليس كذلك يا كارلوس ؟"
فوافقها كارلوس ونظر الى ريكاردو قائلا :
"أنت على حق وانت أيضا محظوظ في اختيار ايزبيلا فهي عروس رائعة ومتألقة ."
--------------------------
ونظرت ليان الى المدعوين من حولها وهم يتحدثون لغة لم تتقنها بعد ... انه ليس عالمها .... وهي لا تصدق ان ما تعيشه هو الواقع وأن ريكاردو هو زوجها . فهي لا تحبه بل ولا تشعر بود نحوه .
وهو بالاضافة الى تحجر قلبه يميل الى القوة في تعامله , اذ لم يكن هناك حاجة لمثل تلك المواجهة وفي هذا الوقت بالذات . لقد فعل ذلك لكي يعاقب إيزبيلا أيضا مع كارلوس . ولكن كارلوس لم يسلبه اياها وانما نال ماهو حقه فعلاً . فقد أحبته ايزبيلا وهو ما يتضح من الطريقة التي تنظر وتتحدث بها اليه . ألا يرى ريكاردو ان من الظلم ان يعاقب امرأة لأنها اختارت احداً غيره ؟
ولم يشأ ريكاردو ان يمكث اكثر لحضور الحفل الراقص الذي يستمر حتى الساعات الاولى من الصباح وقال :
"قمنا برحلة طويلة وما زال علينا ان نقطع مسافة أخرى الى بيتنا ."
ونظر الى كارلوس في برود :
"كلا سنقيم هنا , هذا هو بيتنا الان , لقد فزت بأستانسيا مندوزا ولا أريد أي جزء منها الان ."
وفي الطريق المظلم الذي قطعته السيارة قالت ليان لريكاردو :
"هذه أسوأ تجربة مررت بها في حياتي ."
" وكذلك بالنسبة الي ."
" ولماذا فعلت ذلك اذا ؟"
" اوضحت لك السبب . كان ضروري ان انهي الامر معه وبهذه الطريقة يضطر كارلوس لقبول الامر الواقع . اذ لا يوجد انسان يريد اثارة المتاعب في يوم عرسه ."
" أعتقد أن كارلوس تصرف بطريقة ملائمة ."
"أنك تبدين الاعجاب به ."
فردت عليه في تحد :
"نعم ألا يجب ان افعل ذلك ! "
" يمكنك ان تكني له ما تشائين من مشاعر ولكن ما اريده منك هو ان تعبري عن الاخلاص لي في الظاهر ."
"لا شك في هذا ."
"أحقا ؟ سنرى , ان ستة أشهر هي فترة كافية ."
" أنني سأكره هذا المكان ."
" وكيف لك ان تكرهي شيئاً لم تعرفي عنه سوى القليل جداً . ألم تقولي انك تريدين ان تعرفي اشياء عن بلادي . ونظراً للظروف الحالية فأنني افضل امتناعك عن اجراء أي اتصالات مع أي شخص خارج بيتي لأنه اذا شك كارلوس في حقيقة الامر لن يتوانى عن استغلال ذلك ."
" وكيف ؟ هل سيعرض علي مزيداً من المال لأرحل قبل انتهاء فترة الاشهر الستة ؟ أشك أنه يستطيع ان يتحمل هذا العبء الان ."
أوقف ريكاردو السيارة فجأة وفي وجهه تعبير غير واضح وقال لها :
"المبلغ الذي عرضته عليك مقابل الخدمة التي ستؤدينها من مالي الخاص . كانت امي ثرية . وتركت لي كل شيء تحت الوصاية الى ان بلغت سن الخامسة والعشرين . استانسيا مندوزا تعني بالنسبة الي اكثر مما تعنيه من ناحية القيمة المالية ...... وسيظل كارلوس يحصل على دخل من الاستانسيا ومدى الحياة ."
" لو قدر له أن يأخذه ."
" سوف يأخذ هذا الدخل .... انك تبدين اهتماماً واضحاً بكارلوس هل تحسدين ايزبيلا لأنها تحظى بعناية هذا الرجل الليلة ."
فأحمر وجهها في الظلام وهي تقول له :
"لا تكن مضحكاً ."
فأمسك بعنقها واسفل ذقنها يهز رأسها مما جعلها تصرخ في ألم وقال لها :
"اياك ان تقولي لي هذا الكلام مرة اخرى ."
--------------------------------
واضاف يقول في هدوء مقيت :
"انجذبت نحو كارلوس في الحال لمست ذلك في عينيك ."
وجذبها نحوه بعنف وبلا أية عاطفة وهي لا تستطيع الفكاك من قبضته . وعندما دفعها الى الكرسي بعيداً عنه شعرت بأنها قد جفت من أي شعور نحوه حتى من الكراهية ولم تستطع ان تنظر اليه عندما اوقف السيارة مرة اخرى وبعنف .
وعندما وصلا الى مزرعة مندوزا لاحظت انها اكبر بكثير من المزرعة التي غادراها منذ حوالي عشرين دقيقة . وكانت الاشجار منتشرة فيها وبها الكثير من المباني التي تتلألأ داخلها الانوار واصطحبها ريكاردو نحو باب المنزل الذي يؤدي الى قاعة فاخرة فيها اثاث فخم ومدفأة تمتد من الارض الى السقف , وقد زينت بأحجار مماثلة للاحجار الخارجية وهبطت سيدة عجوز على السلم وهي ترحب بمجيء ريكاردو . وقال ريكاردو لليان بالانكليزية :
"هذه هي انييز رئيسة الخدم , عاشت مع اسرة مندوزا لأكثر من اربعين سنة ."
ثم قال لأنييز بالاسبانية :
"هذه زوجتي ليان . انها تتحدث بلغتنا قليلاً ."
وحيتها اينييز بجفاف وبدون ان تبتسم ..
وطلب منها ريكاردو اعداد الغرف الغربية , فسارعت بالصعود لتلبية طلبه . وسأل ليان ذا كانت تفضل تناول مشروب اثناء الانتظار فطلبت فنجان من القهوة . واعرب لها عن اسفه لانه يجد نفسه مندفعا للتحدث بالاسبانية بصورة اسرع بعد عودته الى بيته . فقالت له ان هذا افضل لها فهي تستطيع ان تفهم قدرا اكبر من الكلام اذا قيل لها ببطء معقول . وقال لها بدون ان يفقد البرود :
"هذا سيجر المزيد من المتاعب عما لوتحدثت يالانكليزية ."
وجذبها من ذراعها مرة اخرى وصعد بها الى غرفة واسعة مفروشة بالسجاد الكثيف الفاخر . وفيها عدة ارائك وموائد منخفضة موزعة في ارجائها , وبعضها مطعم بالفضة والبعض الاخر محلى بأنواع مختلفة من الخشب . وتؤدي الابواب الزجاجية الواسعة الى شرفة مغطاة , في حين تؤدي القناطر الى الفناء المركزي . وضغط ريكاردو على زر الجرس قائلاً :
"كل الغرف في الطابق الارضي تؤدي الى الفناء الذي تطل عليه غرف النوم المتعددة . وجرت العادة ان يتناول الضيوف الطعام في تلك الغرفة الفسيحة , فهي مركز البيت كله ."
واعطى ريكاردو اوامره الى الفتاة التي ردت على ندائه . وجلس على اريكة في مواجهة ليان وانتظرت ليان حتى اشعل سيكاراً وقالت له :
"بيتك جميل يا ريكاردو ."
" تغير قليلاً منذ وفاة امي , كان ذوقها يميل الى الخطوط البسيطة وظلت القاعة الخارجية وحدها محتفظة بالطابع الاسباني ."
وشد إنتباه ليان لوحة معلقة فوق المدفأة تمثل امرأة شابة لها الجمال الاسمر الوضاء نفسه الذي لمسته في ايزبيلا . وسألته :
" هل هذه أمك ؟"
" نعم , لقد رسمت لها تلك اللوحة بعد زواجها بوقت قصير ."
" كانت جميلة جداً ."
"نعم . كانت في الاربعين فقط من عمرها عندما توفيت ."
"وكم كان عمرك وقتئذ ؟"
"تسعة عشر عاما .وهي سن تكفي لأن يشعر المرء بوطأة الازدواج على القلب والعقل . كانت مندوزا استانسيا ثلث حجمها الحالي قبل ان يتم ضمها الى مزرعة اسرة أمي ."
وتساءلت ليان اذا كان يقصد بذلك ان أباه تزوج من أمه لهذا الغرض وحده . هذا سوف يفسر الكثير , وخاصة فيما يتعلق باصراره على عدم السماح لريكاردو بأن يتولى الاشراف على الارض التي هي من حقه بالوارثة عن الابوين .
------------------------------
وسألته :
"ألا يوجد أحد من أقرباء امك على قيد الحياة ."
" أختان , وهما خالتاي , وتعيش احداهما في بويونيس آيرس ."
ومن دون حاجة لأن يفصح لها ادركت ليان انهما يحصلان على دخل من الاستانسيا .
واحضرت الفتاة جوانيتا القهوة وهي تبتسم فحيتها ليان سعيدة اذ رأت مودة في وجهها .
واحتست نصف الفنجان ونظرت الى ريكاردو قائلة :
"آسفة لما انفلت مني من حديث فلم أكن افهم كل الظروف المحيطة ...."
فقال في تهكم :
"وهل فهمت الان ؟"
"أفضل من ذي قبل . ولو انك شرحت لي هذا كله من قبل ...."
"قلت لك فقط ما اعتبره ضرورياً لأجعلك تخلصين لأتفاقنا . ولا تتوقعي مني ان أعتذر لك عما حدث بيننا فأنت تستحقين هذا . ولو أنك اثرتني ودفعتني الى العنف مرة اخرى سأجد وسائل اخرى للتنفيس عن نفسي ."
" لن يتكرر هذا مرة أخرى ."
"وأنا واثق من هذا ."
وحضرت إينييز لتخبره بأن الغرف جاهزة .
فقال لليان :
"ستعرفك إينييز بمكان نومك عندما تفرغين من تناول فنجانك ."
فسارعت ليان بابتلاع القهوة غير عابئة بما احدثته بسخونتها الشديدة في شفتيها . وقالت انها جاهزة , فصعدت خلف إينييز التي اصطحبتها بدون ان تنطق بكلمة واحدة الى غرفة لها حمام خاص . وهي غرفة فاخرة واسعة ذات مظهر حديث وفيها مدفأة .
وفتحت ليان باب الغرفة المطل على الشرفة لتتنشق رائحة الزهور , المنتشرة حول البيت الذي تحيط به مختلف النباتات .
انه كالواحة او كجزيرة في بحر لا نهاية له من العشب . وهي قد تعتاد على الحياة في ارض ريكاردو ولكنها لن تتعلم كيف تحبها . والواقع انها لا تحتاج الى هذا اكثر مما تحتاج لأن تحب ريكاردو . ان هذا الزواج ليس بزواج حقيقي . وعليها ن تظل – تردد – لنفسها هذا : انه ليس حقيقة .


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس