عرض مشاركة واحدة
قديم 24-04-16, 01:54 AM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



7-لم يحن الوقت بعد


علي الرغم من شكوكها نحو ستيفان وحديثها مع نيكولاس عنه الليلة الفائتة شعرت كاترين بفرحة وهي تستعد لزيارة نيقوسيا .
نظر إليها الولدان سعيدين عندما أخبرتهما أنها ستطير إلي قبرص وطلبها منها مرافقتها ,وكانت تتمني أن تلبي طلبهما فورا لو أنها ذاهبة مع أي شخص آخر غير ستيفان, أما معه فلم يكن في وسعها أن تلبي طلبهما ,وبدأ حماسها يخف فقالت وهي تنظر إلي عيونهما الواسعة السوداء القلقة :
"أنها مجرد رحلة عمل لابد أن أوقع أوراقا لصالح خالكما ثم أعود ."
فقال لها أليكس وأخوه يشجعه بإيماءة من رأسه:
"نحن نحب الطيران ,ألا تستطيعين أن تطلبي من الخال ستيفان أن يسمح لنا بالذهاب أيضا يا كاترين ؟"
ترددت كاترين وتصارعت فيها عاطفة الولاء ,وشعرت بالقلق لأنها كانت متطلعة حقا لهذه الرحلة مع أنها رحلة عمل ,ووجدت نفسها غير مستعدة لأن يشاركها أحد حتي الطفلان ,في صحبة ستيفان وفي الوقت ذاته شعرت لتترك الطفلين بينما تذهب هي للترويح عن نفسها لذلك قالت لهما بسرعة وهي تعدهما كي تريح ضميرها لأنها كانت متأكدة أنه سيرفض اصطحابهما :
"سأخبر خالكما بتلك الرغبة ."
وارتدت كاترين ملابسها بعناية وهي ترتدي ثوبا خفيفا ,وكان الثوب الذي اختارته قصيرا لكنه محتشم يلائم الجانب العملي من الرحلة ,ولكن من النيل البني المنسجم مع بشرتها الشقراء, أضاء لون بشرتها ذهبيا ,وكان الحذاء متلائما مع الثوب أيضا ومناسبا للمدينة أو الريف ,وبعد ارتدائها لملابسها ألقت علي نفسها نظرة راضية في المرآة وذهبت لزيارة الطفلين ثانية .
كانت كاسيا معهما فأخبرتها كاترين أنها سوف تطلب من ستيفان مرافقة الطفلين ,فنظرت إليها كاسيا بدهشة وقالت لها بانكليزيتها المتعثرة :
" لا أظن أن السيد ميدوبوليس يوافق "
تنهدت كاترين قائلة :
"أنك علي حق يا كاسيا ولكن سأحاول ولا ضرر في ذلك"
أخذت كاترين الطفلين ونزلت معهما وكانا يتكلمان ويضحكان وأصواتهما ترن في البهو وعند وصولهم غلي نهاية السلم خرج ستيفان ووقف ينظر إلي الثلاثة ثم عبر البهو وصوب نظرة طويلة إلي كاترين.
وكان يرتدي ملابس عادية لا تمت إلي العمل بصلة وشعرت كاترين أنه لا ينوي قضاء يومه في المكتب ويتركها وحدها ,الأمر الذي جعلها تفكر في وقت سعيد معه ,انه يرتدي بنطلونا عاجي اللون وسترة متناسقة مع جسمه النحيل وقميصا بنيا بلا ربطة عنق ,كان زيه يوحي بالتحرر من الرسميات ,لكن قسمات وجهه الصارمة التي تشبه الصقر تناقصت مع هذا الشعور ولذلك تبخر حماس ,كاترين وتطلعها إلي الرحلة ,ثم قال لها بدون مقدمات :
"ما الذي تتوقعين مني فعله ؟"
ونظر إليها طويلا ,فنظرت كاترين إليه لحظة قبل أن تشيح بوجهها وتجازف قائلة :
"هل يمكننا اصطحاب أليكس وبول ؟"
كان تعلم أنه سوف يرفض الطلب حتي قبل أن تعرضه ,فنظر ستيفان إلي الولدين وهز رأسه وقال موجها كلامه أليهما :
"آسف ,فلن يمكننا اصطحابكما هذه المرة ,وربما أمكننا ذلك المرة المقبلة."
وكانت رقته مع الطفلين تدهشها ,كما عرفت أنهما صارا مغرمين جدا بخالهما وخصوصا بول, الذي لم يحاول إخفاء حبه لخاله الجديد, وقد انسجم مع بيئته الجديدة ومرح لها كثيرا ,وكان بول بالطبع هو الذي تأثر أكثر من أخيه لعدم الذهاب ,وعندما نظر إلي ستيفان بعينيه الواسعتين اللتين تفيضان عتابا وجدت كاترين الشبه كبيرا بينه وبين نيكولاس .

"أريد الذهاب أيضا أنا و أليكس .."
قال ستيفان وصوته ينم عن صرامة ,وفي الوقت نفسه كلمه بهدوء:
"لا يمكنك الذهاب, كما قلت لك الآن."
لكن بول نظر إليه ومازال الأمل يداعبه, لكنه سرعان ما اكتشف في ستيفان خصما عنيدا لا يستهان به, فتحول إلي كاترين وقال بصوته الرقيق متوسلا :
"كاترين ,ألا يمكننا الذهاب ؟"
ولم تشعر كاترين بالندم في حياتها مثل ذلك اليوم, كانت مستعدة أن تزكي طلبهما إلي شخص آخر غير ستيفان الذي راح يحذق فيها بنظرات غاضبة وينتظر ردها علي أخويها ,ولم يكن أمامها إلا أن تركع بجانب بول وتحيطه بذراعيها ثم قالت له:
"آسفة يا حبيبي فذهابكما هذه المرة مستحيل ."
عظ بول شفتيه وبرقت عينياه وسألها بصوت يرتعش علي نحو يدير الأسى
"لكن لماذا لا يمكننا الذهاب؟"
حاولت كاترين أن ترد عليه ولكنها نظرت إلي ستيفان وقد أعيتها الحيلة وتركته يقول :
"لأني قلت إن هذا مستحيل ."
فنظرت إلي ستيفان ورأت في عينيه نفاذ الصبر ثم هز رأسه بسرعة كأنه ندم علي لهجته العنيفة وانحني عليهما وقال وهو يضع يدا علي كل صبي :
"عندما اذهب إلي نيقوسيا سأشرع في شراء مهرين لكما ."
كان صوته أرق بكثير ورأت كاترين وجهه الأسمر وقد لآن وكسته ابتسامة رقيقة ,واستطرد قائلا:
"هل يروق ذلك لكما ؟"
فرد بول قائلا وقد اتسعت عيناه دهشة وفرحا:
"مهران حقيقيان لي ولأليكس؟"
"نعم جوادان حقيقيان لك ولأليكساندر."
ولاحظت كاترين أنه يفضل مخاطبة أليكس باسمه كاملا ألكساندر ثم نظر ستيفان إلي أخيه الصامت .صحيح أن أليكس يكبر بول بسنة ونصف لكنه يترك أخاه يتكلم بدلا منه ,ونظر الطفل إلي كاترين مرة أخري مستسلما للبقاء في الجزيرة بعدما عرف الغرض من الرحلة وقال:
"وهل كاترين هي التي ستختار الجوادين ؟"
فضحك ستيفان وهز رأسه ورفع بول بين ذراعيه حتي أصبح في مستوي نظره بينما كانت أسنانه تلمع في وجهه الأسمر .وقال :
"اختيار الجياد من صميم عمل الرجل ونحن لا نترك أعمالنا للنساء يا صغيري ."
وشعرت كاترين بالدم يتدفق إلي وجهها ,وغالبت بصعوبة الرغبة في الرد علي هذا الافتراء الذي اعتبرته مجرد غطرسة رجال ,ولكن سعادة بول منعتها فقد صاح قائلا بينما أعاده ستيفان إلي الوقوف مرة أخري :
"جياد سيكون عندنا جياد يا أليكس !"
وفكرت كاترين أن أليكس أكثر تحفظا في حماسه وأرق في معاملاته فلم يكن لديه هذا الحماس العارم لكل شيء جديد مثل بول ,الذي يشابه خاليه نيكولاس وستيفان ,بينما ورث أليكس رقة أمه ماريا وكان سكوته قد أدهش ستيفان فنظر إليه بتقطيبة صغيرة وقال:
"ألست متحمسا لامتلاك مهر يا ألكساندر؟"
ورمق أليكس كاترين بنظرة أولا قبل أن يومئ برأسه ويقول :
"نعم يا خالي ستيفان ."
وظل ستيفان صامتا لحظة ثم هز رأسه وبدا عليه نفاذ الصبر مرة أخري وقال:
"ولكنك تفتقر إلي الحماس أخيك وشجاعته .أليس كذلك؟"
وشعرت كاترين بضرورة الاعتراض علي رأيه هذا وقالت:
"لا,لا, يا ستيفان ."
ثم نظرت كاترين إلي وجه أليكس الجاد وودت لو ركعت بجانبه لتواسيه وتعوضه عن هذا الحكم الصارم ,ولكن راعها أنه قابل نظرة ستيفان الحالكة يتحد وثبات ورد في صوت حاسم ثابت:
"سأركب مهري أيضا يا خالي ستيفان ."
وامتدت يد ستيفان الكبيرة لتربت علي راس الصبي لحظة وتمتم ببعض كلمات اليونانية وهو يبتسم له.و تسألت كاترين عن مدي التفاهم الذي سوف يقون بين ستيفان و أليكس ثم التفت إلي كاترين وتأملها بعينيه الداكنتين وقال:
"هيا ,إذا كنت مستعدة يا كاترين."
كانت كاترين تود أن تتحدث مع ستيفان في كثير من الأمور وهما يعبران البحر الأزرق بالطائرة ,ولكن شغلتها عن ذلك المناظر الخلابة المحيطة بهما , فلم تتمكن من عتابه علي قسوته علي أليكس أو تهكمه علي بنات جنسها أمام بول ,وبدلا من ذلك نظرت إلي تعرج الشاطئ والمناظر التي غمرتها الشمس في قبرص وعبرت عن سعادتها بكل ما تري .
"سوف أجعلك من سكان الجزر اليونانية,"
قال لها ذلك وهو يبتسم ويستعد للنزول بالطائرة في نيقوسيا وكانت مهارته في الهبوط بالطائرة تضاف إلي باقي مهاراته ,فهو دائما يتفوق في كل عمل يقوم به مما جعلها تحس بالشعور مركب النقص ولاحظت انه معروف في المطار كذلك ملأ كاترين بالزهو عندما لاحظت نظرات بعض النساء تتركز علي قامته المرنة وقسماته المتغطرسة السمراء التي تشبه الصقر ,وقد زادتها الحلة البيضاء سمرة ,لرجل مثل ستيفان لا تقاومه النساء ولكنه ربما قابل إعجابهن بشيء من البرود والصد.
وشعرت كاترين بالحرية عندما هبطت في المدينة نيقوسيا برغم أنها لم تفعل شيئا سوي الانتقال من جزيرة إلي أخري وكان سجانها إذا صح التعبير مازال معها ولكن جزيرة قبرص كانت أكبر كثير من داكوليس ويميزها أن ستيفان ميدوبوليس لا يحكمها.
ووجدت كاترين في الجزيرة أشجار اللوز والتفاح محملة بالفاكهة الناضجة ورائحة الجو معبأة بأريج الزهور ورائحة الطيب هي أول انطباعات كاترين وأعمقها في نيقوسيا ’وطافت السيارة في شوارع ,بعضها واسع وبعضها ضيق ,ومنها ما يغمرها الشمس ومنها الظليلة ,أما المنازل البيضاء ,فلها شرفات حديدية تطل علي الشوارع المكتظة بالحركة ,ونوافذ فتحت مصاريعها تستقبل الهواء والشمس ,وكان بعض الناس يجالسون علي مقاعد مستقيمة علي الأرصفة وهم يطالعون الصحف أو يتحدثون وكان كله جديدا يختلف عما اعتادته ويثير إعجابها وحاولت ألا يفوتها وهي جالسة في السيارة بجانب ستيفان في طريقيهما إلي مكتبه ,وكان تعجبها من كل ما تراه قد راق ستيفان فنظر إليها وهو يبتسم لها ابتسامة جعلت نبض كاترين يسرع ليضع دقائق ,كان مكتب ستيفان نفسه اقل فخامة مما توقعت لكنه كان يبدو مريحا ورطبا إذا قيس بحرارة الجو خارجه وساعدت المروحة الكهربائية علي تلطيف الجو كما أن النوافذ التي تطل علي الشارع كانت مفتوحة كلها .
وكان أثاث المكتب قديما وقيما وجميلا كأثاث منزل جزيرة داكوليس ,جلس ستيفان خلف مكتبه الذي يماثل تماما مكتبه في الجزيرة وكانت كاترين قد قابلت عند دخولها موظفا نظر إليها بإعجاب وتحفظ وحياها بابتسامة أضاءت وجهه الوسيم الأسمر .
"سوف نوقع الأوراق أولا
ثم ضغط ستيفان علي جرس فجاء الكاتب الشاب الذي كانت كاترين قد رأته وهي داخلة إلي المكتب ,وأعطاه ستيفان بعض التعليمات السريعة باللغة اليونانية ثم ظهر بعد عدة ثوان بتأبط حزمة أوراق وضعها بعناية أمام ستيفان ,ويبدو أن كل شيء كان معدا لهذه زيارة ولم تدهش كاترين من ذلك فستيفان لا يتصرف أبدا بتسرع وخصوصا فيما يتعلق بالمعاملات الرسمية ,وشعرت كاترين أن أسهمها سوف تكون في أيد أمينة بأشراف شخص له ضمير حي مثل ستيفان .
وبقي الكاتب معهما حسب تعليمات ستيفان الذي قام من وراء مكتبه وأشار إلي كاترين أن تحل محله وتجلس علي مقعده ,وبدت الأوراق التي أمامها كالألغاز لا تفهمها أبدا إذ كتبت باللغة اليونانية ,ولم يفت ستيفان نظرتها السريعة المتسائلة ,فقال لها وقد بدت في صوته لمحة نفاذ الصبر المعتادة:
"أعرف أنك لا تقرأين اليونانية ولكن ضيق الوقت حال دون ترجمة الأوراق إلي الإنكليزية ,وسوف نعمل علي ترجمة المستندات في أقرب وقت ممكن حتي يمكنك استلامها".
" شكرا لك "
كان الامتنان يبدو عليها وهي تشكره لكنها كانت سعيدة لأنه أدرك ما دار بخلدها ,فهي لا تريد أن يظنها ساذجة تماما وجاهلة في هذه الأمور.
ومرة أخري تمتم ستيفان بعض كلمات إلي الموظف الشاب الذي خرج وعاد بصحبة كاتب الآلة الطابعة الذي كان في الغرفة الخارجية ,ثم وقعت كاترين بعد تردد لا يذكر علي الورق الذي أشار إليه ستيفان بالتوقيع وبعده وقع كل الموظف والكاتب .

هكذا تم التوقيع وأصبح كل شيء له صيغة رسمية شرعية ,وارتاحت كاترين لذلك وشكر ستيفان موظفيه باليونانية و صرفهما ,ثم التفت إلي كاترين وهو يطوي الأوراق بعناية وقال بهدوء :
"أنا سعيد لأنك تصرفت بحكمة يا كاترين".
فهزت كتفيها وقالت له:
"لا يضايقني أن تقوم أنت بالجانب الرسمي من أعمالي كما أوضحت لي السيدة ميدوبوليس ,إنني لا أتكلم اليونانية ولن أتمكن من حضور الجلسات ,وبهذه الطريقة يحصل كل واحد منا علي غرضه".
ووقف برهة طويلة لا يتكلم ,ثم حمل الأوراق وأودعها خزانة قديمة أمينة والتفت إليها ,وشعرت كاترين بالمخاوف تجتاحها ,ثم جلس علي طرف المكتب وترك قدما تتأرجح بلا اهتمام ومال نحوهما وقال:
"هل تعرفين علي ماذا وقعت يا كاترين؟"
فنظرت إليه بريبة وقالت وهي تهز شعرها الأحمر بهدوء ,وتحاول أن تبتعد عن نفسها المخاوف والريبة وقالت بصوت مبحوح:
"قل لي كل شيء ".
"وقعت تنازلك عن الأسهم لصالحي".
فنظرت إليه لحظة وعيناها الخضراوان تقدحان شررا لسذاجتها من ناحية ولخداعه من ناحية أخري وقالت له في نبرة تتم علي الاتهام :
"غررت بي! أنت تعرف جيدا أني لا اعرف اليونانية ولذلك تعمدت أن تكتب كل هذه الأوراق بلغة اجهلها حتى لا أعرف نواياك".
وكانت تحاول أن تكبح الرغبة الجامحة في ضربه ثم هبت واقفة :
"لم أغشك بل أدرك الآن أنك كنت تجهلين أن توقيعك سيكون علي تنازلك عن الأسهم ".
وكانت نبراته هادئة باردة زادت من اشتعال ضبها ,وقالت في صوت حاد غاضب:
"ظننت أني أوقع بتسليم الأسهم إليك لتديرها لحسابي .وأعتقد انك كنت علي علم تام بما تفعل ".
"وهل تعتقدين أني غررت بك عن عمد؟"
وظهرت علي وجهه نظرة باردة خطرة فملأ الخوف قلب كاترين ,ووقف ستيفان قريبا جدا منها حتي خافت أن يمد يده عقابا علي اتهامها له بالخداع والتغرير وظلت تنظر إلي هاتين اليدين الداكنتين القويتين بخوف وإعجاب ثم قالت له بصوت حاد:
"كيف تحاول أن توهمني بأنك لم تكن علي علم تام ؟أخبرت السيدة ميدوبوليس بفكرتي ووافقت أن تكون أنت وكيلا عني " "وكيل !وفي شركتي ! والدتي تعرفني جيدا ولن تتخيل أني أقبل أن أكون في هذا المركز يا كاترين فأنت لم تفهميها جيدا ".
وان في عينيه الغضب لأنها تنتظر منه أن يقوم بدور لا يتناسب ومركزه,فتملكها الحنق وأحمر وجهها وبرقت عيناها وزاد ذلك من خضرة لونهما وقالت :
"بل لم أسيء فهمها مطلقا ,السيدة ميدوبوليس قالت إذا كانت هذه هي الطريقة الوحيدة التي أوافق عليها .."
فقاطعها قائلا وقد نفذ صبره:
"لا أريد أن أسمع تقريرا عما دار بينك وبين والدتي ,من الواضح أنكما اختلفتما علي معني فأخطأ كل منكما فهم الآخر ,وهكذا أقدمت علي فعل شيء ضد رغبتك".
"والآن أريد استرداد هذه الأوراق".
قاطعها بشدة هذه المرة وقد قلصت شفتاه لغرابة طلبها وقال:
"تريدين ! إنها موقعة الآن ولابد أن تخضعي للأمر الواقع يا كاترين عن طيب خاطر".
"ليس لك الحق ,لقد خدعتني !"
فرد عليها ببرود قائلا:
" إن لي كل الحق ’ولم أخدعك".
ومد يده وضغط علي رسغها وكأنه رباط من حديد وعيناه القريبتان منها تقدحان شرارا.
"لن أقبل منك أي اتهام ثانية – هل تسمعين؟"
"دعني اذهب".
وحاولت نزع يدها من يده ولكنه أطبق بأصابعه الفولاذية فلم تتمكن من ذلك ,بل شعرت بألم في ذراعها من شدة ضغط يده عليها ثم قال بصوت صارم بارد ولكنه مستسلم خاضع وبعد لحظة أدركت السبب:
"اسكتي ! هل تظنين أني أريد موظفي مكتبي أن يعرفوا انك تتصرفين كطفل مدلل لأنك فقدت شيئا لم يكن لك الحق في امتلاكه أساسا؟"
وردت قائلة :
"وهل أنت متأكد أن السبب ليس خوفك أن يعرفوا أنك خدعتني وأخذت مني شيئا تركه والدي لي وصيته ؟ كنت تعرف تماما ما تفعله يا ستيفان ولا تحاول أن توهمني بأنك لم تكن تعلم ".
وقال لها:
" وكنت أنا أيضا متأكد من أنك تعرفين ما تفعلين ".
وكان لابد لهذا الغضب أن يهدأ .
بعد برهة شعرت أن قبضته علي يدها أخذت تخف تدريجيا ونظراته التي كانت تتفحصها يخف غضبها قليلا ,وراح يقول لها بهدوء وبنغمة كادت تصرفها بالرغم من اقتناعها بخطأه وإدانتها له:
"ولم أخدعك يا كاترين "
" ولكني لا أصدق ذلك ".
وبان في أفكارها هذه أن إدانتها قد خفت .الأمر الذي فطن له ستيفان فأضاف برقة أثارت دهشتها :
"ظننت انك وافقت علي التنازل لي عن الأسهم ولذلك كتبت الأوراق بهذا المعني .وكان علي أن أستشيرك في الأمر بعد ذلك بنفسي ولكني خفت أن تغيري رأيك."
وكانت لمسة يده علي يدها ذات تأثير أكيد علي حواسها وشعرت بحنانها وأخذ نبضها يسرع عندما بدأ بضغط برقة ونظرت إليه لحظة قبل أن تقول :
"وهل ظننت حقا أني قد أغير من رأيي بالنسبة إلي التنازل لك عن هذه الأسهم؟"
ورجعت كاترين بذاكرتها إلي الوراء يوم وافقت السيدة ميدوبوليس علي قرارها وقالت أنه خطوة علي الطريق السوي ,وتذكرت كم من السهل اتخاذ عدم إتقانها للغة الإنكليزية ذريعة لهذا الالتباس .
ورد بهدوء:
"بلا شك ,ظننت أنك قد غيرت رأيك و إلا ما جعلتك توقعين علي تلك الأوراق فأنت تظلمينني يا كاترين ".
"آسفة".
ونظرت إلي فتحة قميصه التي تكشف عن عنقه الأسمر القوي ورأت عروقها تنبض وشعرت بإبهامة يتحسس رسغها فتأثرت وراحت ترتجف بشدة حتي أنها طنت أنه لاحظ ارتجافها .
وبدت أسنانه البيضاء في ابتسامة رائعة ورفع حاجبه وقال لها بهدوء :
"هل نذهب إلي الغداء ونترك خلافاتنا جانبا؟"
"ستيفان ".
وكانت تود أن تطلب منه أن يعد لها أوراقا أخري جديدة ,ولكن قبل أن تكمل كلامها انحني نحوها وعانقها برقة نسيت بعدها ما كانت تود قوله .
وكان المطعم الذي قصداه صغيرا أنيقا ارتاحت كاترين إلي جوه الذي يبعث الألفة ,وكانت عيون رواده تنظر إليها وتتفحصها وهي في صحبته ,ومن الواضح أن ستيفان كان معروفا للجميع هناك ,ولكن القلة منهم جاءت للتحدث معه ,ولا شك أن عائلة ميدوبوليس كانت معروفة في كل الجزيرة يحيي أفرادها بكل احترام.
واختار ستيفان مائدة خلف سور حديدي قصير ترتفع درجتي سلم عن باقي المطعم ,وكان يريد أن يكون بعيدا عن باقي رواد وهي عادة يتبعها كلما تناول طعامه في الخارج .وكانت جدران المطعم بيضاء كغيرها من أبنية تلك الجزيرة المشمسة ,وكانت نوافذه الصغيرة تفتح علي مناظر أشجار التين والتفاح ولاحت المنازل علي بعد تليها التلال التي تكسوها الأشجار .
وتركت كاترين اختيار طعامهما إلي ستيفان مما اتاح له فقد كان يتضايق عندما تتولي اختيار الأصناف لنفسها , وعندما تركهما الخادم لإحضار الطعام سألت كاترين ستيفان عن الأصناف التي طلبها فرد عليها يقول:
"مازة هل تعرفين ماهي ؟".
فهزت رأسها بالنفي وأثارت ابتسامته شكوكها فسألته:
"هل طلبت طعاما لا يروق لي يا ستيفان ؟"
فرفع حاجبه وهو يصب الشراب الذي أحضره لهما صاحب المطعم توا ثم ابتسم وقال :
"ألاحظ دائما في البيت انك تستسيغين كل الأطعمة التي تقدم لك".
والواقع أن كلمة في البيت أعطتها شعورا بالأمان لكنها شعرت بالاحمرار يكسو وجهها فهو يراقبها ويلاحظ شهيتها المفتوحة وإقبالها علي الطعام فقالت :
"يجب ألا أكل بهذا النهم ولكن الأصناف التي تقدم عندكم لذيذة الطعم وكثيرة فلا أستطيع أن أقاومها لأني أحب تجربة كل صنف منها".
تأملها ستيفان لحظات وقال لها وهو يبتسم تلك الابتسامة الهادئة التي تلهب دمائها دائما :
"لا تخشي الطعام فأنت لا تزالين رشيقة ولا أري أي تغيير في قوامك".
وخجلت كاترين من نظراته التي كانت تتفحصها لكنها قالت وهي تكور يديها كعادتها دائما كلما تأثرت حواسها بقربه ثم ضحكت بارتباك:
"أن مسألة الطعام لم تشكل لي قلقا أبدا وذلك لحسن حظي "
أجابها بجدية وعيناه تراقبانها وهو يحتسي الشراب :
"نعم إنك محظوظة جدا وإنك فتاة جميلة جدا يا كاترين ".
وظل يحدق فيها بعينيه السوداوين :
"شكرا لك"
لم تجد ما تقوله أكثر من ذلك ولم تضحك بخجل مثل التلميذة الصغيرة أو تتجاهل المجاملة كأنها إطراء زائد فكلاهما لا يرضي ستيفان عنهما ولكنه يفهم ويقدر قبولها الهاديء لمجاملته وعاد يقول :
"أنت جميلة لدرجة الخطورة ,أعتقد ذلك"
نظرت إليه متسائلة عما يقصده ؟وقالت:
"ستيفان إنني ...."
ولكنه رفع يده وأسكتها بإشارة منها وقال وقد بدا جادا:
"نيكولاس يجدك جذابة جدا".
وعجبت كاترين كيف ينتقل كلامهما من موضوع خفيف مثل شهيتها ونهمها في الطعام إلي موضوع أكثر جدية تختلف فيه نبرات ستيفان في الكلام وتلاحقت دقات قلبها إذا سوف يأمرها ستيفان بمغادرة الجزيرة لأنه يجد وجودها عاملا لهدم مشروع زواج نيكولاس ولكنها الآن لن تتقبل أمر"
هذا بالبساطة التي كان يمكن أن تتقبله بها منذ عدة أسابيع .فردت عليه قائلة:
"أحاول عدم تشجيعه دائما وخصوصا عندما تكون أثينا بيدربولويس هناك, ولا أدري ما الذي أستطيع فعله يا ستيفان "
لم يرد عليها فورا بل راح يعبث بالكأس في يده وقال لها بهدوء :
" ربما أستطيع أنا أن أفعل شيئا".
وطرفت كاترين بعينها لحطة ونظرت إليه علي غير عادته وأخيرا قالت:
"أنني لا أفهمك".
فابتسم ابتسامة هادئة انعكست في عينيه السوداوين عندما نظر إليها أخيرا وقال برقة:
"ستفهمين قريبا يا صغيرتي .والآن تمتعي بالمازة".
وكانت كاترين تود أن يغير الموضوع كله فقالت له:
"ماهي المازة ؟" "أنها طعام مكون من أريع أصناف ستعجبك كثيرا".
وضحك فأضاء الضحك وجهه الأسمر عندما صف الخادم أطباق الطعام أمامهما وجدت كاترين المآكل يحتوي علي أصناف من الجبن وورق العنب المحشو واللحوم وخصوصا لحم لحم الضأن المتبل بالليمون والثوم والسونلاكي وهو الكباب حسب طريقة اليونانية واستمتعت كاترين بالطعام فلم تستطع ان تتناول المزيد من الحلوي اللذيذة بل ختمت بالفاكهة الطازجة وتخلل المأدبة احتساء نوع من الشراب الأبيض المصنوع محليا يسمي افروديت وخيل إليها أنه لم يحدث في حياتها أن التهمت مثل هذه الكمية الضخمة من الطعام .
ثم قالت كاترين:
"أخجل من نفسي ..."
وضحكت برقة عندما أخذ يهز رأسه:
"ولماذا؟ ألم يرق لك الطعام؟"
فلمست كاترين رأسها وقالت:
"كان رائعا وقد أفرطت قليلا في الشراب فقد راق لي كباقي الطعام , كل شيء كان رائعا."
"ولكنك لا تحبين القهوة ؟"
ولم يكن في الواقع سؤالا بقدر ما كان ذكر حقيقة وتعجبت كاترين كيف لاحظ ستيفان أنها لا تستسيغ القهوة التركية وترفضها عند تقديمها في منزله فقالت له وهي تبتسم :
"أحب القهوة أحيانا ولكن ليس علي الطريقة اليونانية ".
"لاحظت ذلك ."
ونظرت إليه كاترين من بين أهدابها الكثيفة ووسوس لها شيطانها ثانية كما فعل من قبل أن تداعبه حتي ولو فقدت في سبيل هذه المداعبة هدنتها الراهنة فقالت وهي تبتسم :
"وهل تلاحظ كل شيء ؟"
فلم يقل شيئا وظل صامتا برهة طويلة ثم رفع كأسه إلي شفتيه وراح يتفحصها وهو ينظر إليها بعينين سوداوين عميقتين لا قاع لهما ... ووضع كأسه علي المائدة وقال بهدوء :
"ألاحظ معظم الأشياء ,فلك موهبة يجذب النظر إليك يا كاترين وجلست علي مائدتي مدة تقرب من الشهر الآن فكيف يفوتني ملاحظة ما تحبين وما تكرهين ؟"
وشعرت بقلبها يخفق قلبها بشدة وتمنت لو أنها لم تكن متهورة هكذا وخيل إليها أن هناك شيئا يدور بخلده وهو متردد في التصريح به و تسألت ما إذا كان هذا الشيء يتعلق بها ونيكولاس وقد سبق أن أحاول فتح ذلك الموضوع بالذات ولكنه أغفله عندما بدأ طعامهما ... ولم تكن ترغب في إثارة الموضوع مرة أخري .
فقالت وهي تأخذ كأسها عن المائدة :
"أين نذهب الآن؟"
وهز ستيفان رأسه وقال :
"أقترح الذهاب إلي الشاطيء حيث الجو منعش ,ولكن نمر أولا بصديق لي في الجبل لننهي مسألة حصاني بول و الكساندر ,الجو هناك سيكون ألطف كثيرا من هنا".
ومالت كاترين برأسها وبرقت عيناها الخضراوان بابتسامة حلوة وشعرت بأنها مستعدة لنذهب معه إلي مكان ولم يكن هذا الشعور نتيجة أفرطها بعض الشيء في الشراب .
وقالت لستيفان :
"رغبتك أمر".
وابتسم لها ستيفان ومرة أخري تألقت عيناه السوداوان العميقتان اللتان استقرتا علي فمها وقال هامسا:
"لم يحن الوقت بعد يا حبيبتي ... لم يحن الوقت بعد."


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس