عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-16, 12:05 AM   #4463

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

صعدت الى السطح في عتمة الليل ......
كانت تحتاج الى بعض النسيم .... بعض الراحة من الألم الذي يعتصر صدرها .....
ذلك الألم المحمل بالغضب ......
وقفت مكانها مرتفعة الرأس ..... وشاحها يتطاير من حول رأسها بنعومة .....
كانت و كأنها تسمع صوت سليم يهمس لها .....
إنها حتى تسمع ابتهالاته ...... صوته واضح و ليس من محض تخيلها أبدا ..... فأغمضت عينيها و ابتسمت .....
لتهمس بعد فترة طويلة
( أسمعك ........... اسمعك ......... )
الا أن صوت سليم انقطع فجأة ..... تاه عنها .... حاولت أن ترهف السمع فلم تجده فعقدت حاجبيها بألم ....
حينها سمعت صوتا آخر ...... صوتا تعرفه جيدا .....
صوتا باتت تنفر منه ....... صوت رجولي يقول من خلفها
( كنت أعلم أنني سأجدك هنا ........... )
تسمر جسدها و تصلبت أطرافها .... الا أنها لم تلتفت على الفور ..... بل ظلت واقفة مكانها تلتقط نفسا عميقا قويا , قبل أن تعدل من وشاحها دون أن تغطي وجهها .....
ثم استدارت اليه اخيرا .......
وقف راجح مكانه ينظر اليها مبهورا ......
لا تزال بنفس جمالها .......
ذلك الجمال الذي كان من حقه هو .... هو وحده دون غيره ......
الا تدري كل لحظة جحيم عاشها وهو يتخيل غيره يلامسها .... يقبلها ..... ينهل من شفتيها الشهيتين ......
جحيم لم يهدأ و وعودٍ بالإنتقام منها على تلك النار المستعرة التي ألقته بها ......بقلبٍ قاسٍ ......
سنوات وهو غير قادر على نسيان تلك الفرس الجامحة التي امتلك قلبها ذات يوم .... و كان بإمكانه امتلك لجامها ......
تكلم اخيرا يقول بصوتٍ يرتجف ببريق يثير القشعرة بالنفس
( كنت أعلم أنكِ ستأتين الى مكان لقائنا .... لم تنسيه ..... لم تنسيني للحظة واحدة خلال تلك السنوات .... )
لم ترتجف سوار و لم تتحرك من مكانها و هي تنظر اليه بنظراتٍ فارغة .... لا تحوي نبض حياة ....
ثم قالت أخيرا بصوتٍ جامد
( كان دوما مكاني ..... و أنت من كنت تلحقني الى ان سميته بمكاننا , كذبت الكذبة و صدقتها ..... )
ضحك راجح عاليا ثم قال ناظرا اليها بعينين تبرقان .... تلتهمان ملامحها التهاما
( تحاولين دوما اقناع نفسك بما يخالف قلبك ...... لما لا تستسلمين يا سوار و تعرفين ان لا مفر لكِ من حبك لي ؟....... )
لم تتحرك و هي تنظر اليه بصمت .... ثم قالت اخيرا بصوتٍ جاف

( ما أحقرك ......... أين كنت تخفي كل تلك الحقارة قديما !! ........ )
لم يفقد راجح ابتسامته و لم يشعر بالإهانة ... بل اقترب منها خطوة ليقول بخفوت
( هل ازيدك من الحقارة ما يرضي نفسك ؟!! ...... ستكونين لي يا سوار اخيرا ..... لقد وضع القدر كلمته دون جهد مني , هل أدركتِ الآن أنكِ قدري مهما طالت السنوات ؟؟ ...... )
شعرت سوار بغثيان رهيب يكاد أن يفتك بها ...... لكنها تحاملت على نفسها و تماسكت كي لا تترنح أمامه ..... و قالت بخفوتٍ يشبه صفير النسيم الليلي من حولهما
( الا تخجل ؟!! ....... الا تمتلك ذرة من ضمير انساني يجعلك رجلا لمرة واحدة بحياتك !! ..... )
أيضا لم يفقد ابتسامته ..... بل ظل ينظر اليها بتفصيل دون خجل وهو يقول بنفس الخفوت
( فيما يخصك لا أمتلك أي خجل ....... أنتِ حقي الذي أضعتيه و أضعتِ سنواتٍ من عمرنا بسبب عنادك الغبي ....... )
همست سوار من بين شفتيها بنبرةٍ بطيئة مشمئزة
( اخرس ......... )
اقترب منها خطوة اخرى وهو يقول بهدوء ... لكن بجدية بعد أن ألقى بابتسامته المتسلية وكأنه قد فقد التسلية أخيرا ....
( لن أخرس ....... منذ اليوم ستسمعينها مني كل يوم و كل ليلة , أنتِ ملكي ..... بجسدك الفاتن و روحك المقاتلة .... و شعرك الليلي الطويل و الذي سيفترش وسادتي قريبا ..... )
لم يدرك أنها كانت قد انحنت فجأة و بمنتهى السرعة التقطت احدى قوالب الطوب اللبن التي كانت ملقاة أرضا .... لتنهض بقوة فرس تقفز الحواجز و تقذفه بها بعنف فأصابت جبهته بمنتهى المهارة !!ّ! .....
صرخ راجح وهو يمسك بجبهته النازفة و التي قطرت دما على الفور .....
( أيتها المجنونة !!!! .......... )
لكنها لم تنتظر لتسمع المزيد من هذيانه .... بل جرت بسرعة تتجاوزه و غدا سيكون لها تصرف آخر معه , الا أنها ما أن مرت به حتى انتفض و استقام و قبض بكفه على ذراعها بقوة يوقفها ....
برقت عينا سوار بشراسة و هي تنظر الى ملامحه الشيطانية في ضوء القمر ..... و همست بصوتٍ مرعب
( ارفع يدك عني .......)
الا أن راجح لم يرفع يده ... بل زاد من قبضته حتى اتسعت عيناها ذهولا و هي تنظر الى ذلك الوجه النازف و الذي ينظر اليها ببريقٍ ما بين الشهوة و الأمتلاك .... ثم همس أخيرا
( ستكونين ملكي قريبا جدا يا سوار .... و سأعاقبك على كل ما فعلتهِ , أعدك بذلك ....... )
حاولت سوار ضربه بشراسة .... الا أنه كان أسرع منها و التقط يدها قبل أن تسقط على وجهه و كبلها تماما ليقول أمام عينيها المتسعتين ووجهها المرتفع اليه ....
( لقد طلبتك للزواج اليوم من جدي ............. )
تسمرت سوار مكانها فجأة .... و أتسعت عيناها بذهولٍ أكبر و هي تستوعب ما نطق به ....
فما كان منه الا أن ابتسم لملامح وجهها المصدومة .... فقال مستمتعا بسادية ...
( نعم ..... لقد حجزتك قبل أن يسبقني أحد , و لقد صمت جدك ...... لم يستطع الرد ..... أخفض وجهه و صمت ....... هل يخبرك هذا عن رده ؟!!! ........ )
كانت نظراتها تشبه نظراتِ انثى النمر و هي تدور في قفصٍ محكم ..... لا مفر لها ......
و ساد بينهما الصمت الطويل .....
قبل أن تواجهه بهدوء .... هامسة و هي تشدد على كل حرف
( لن يحدث يا راجح ..... لن اكون لرجلٍ غير سليم أبدا و لو كنت أنت آخر رجلٍ في هذا العالم لن أكون حلالك أبدا ...... )
ظهر الغضب المجنون في عينيه للحظة دون أن يستطيع السيطرة عليه ..... الا أنه خلال لحظة تمكن من اخفاءه و ضحك ضحكة صغيرة ساخرة خالية من المرح وهو يتشرب جمال ملامحها الشرسة المرتفعة اليه .... ثم قال أخيرا ببساطة
( سنرى ....... سنرى يا سوار ...... عودي الى سريرك الخالي و اقنعي نفسك بذلك ...... )
ترك ذراعها يدفعه بقوة ... فانتزعته و هي تهمس بتقزز
( انت قذر ............. و لو تجرأت على لمسي مجددا أقسم أنه لن يرضيني وقتها سوى قطع يدك ..... )
ابتسم راجح ابتسامة قاسية دون أن يرد ..... و نظر اليها و هي تبتعد عنه في الظلام ....
الا أنه نادى بهدوء قبل أن ترحل
( بالمناسبة ........ ابن خالك الشهم , الذي جاء الى هنا يمثل دور البطولة ..... ما هو الا جبان و مستعد لتقبل العار على أن يتحمل عواقب الثأر كالرجال ...... لقد أوهمكم بأنه لم يجد فواز الهلالي ..... بينما هو في الحقيقة يخفيه في داره , استعدادا الى مساعدته في الهرب للخارج ....... )
تسمرت سوار مكانها في الظلام دون أن تستدير اليه ........
و كأن خطا من الثلج قد سرى في عمودها الفقري فمنعها من الحركة تماما بعد ان سمعت ما قاله راجح .....
بقت واقفة كتمثال حجري قاسي العينين .... وهو خلفها ينظر اليها متشفيا .... جائعا .... نهما لها ......
الا انها في النهاية أجبرت ساقيها على التحرك بهدوء .... بكل كبرياء .... و عزم ......
أما راجح فقد استدار الى السماء المظلمة و زفر بقوة وهو يهمس بجنون
" تبا لكِ يا سوار ....... اقترب وقت الحساب ..... اقترب الوقت الذي أستعيد فيه ما هو ملكي ...... "
.................................................. .................................................. ...................
دخلت سوار الى غرفتها و أغلقت الباب قبل أن تستند اليه مغمضة عينيها تتنفس بسرعة ....
و ظلت مكانها الى أن سمعت صوت آذان الفجر ......
حينها فتحت عينيها ..... و بدت و كأنهما عينين جديدتين ..... اكثر بريقا و اصرارا .......
فتحركت بهدوء الى حمام غرفتها كي تغتسل و تتوضأ ...... و بعد أن أنهت صلاتها بقت مكانها ممسكة بالسبحة الخاصة بسليم و هي منتظرة لأول شعاع في السماء .......
و خلال ساعاتٍ قليلة ....
كانت قد خرجت متسللة الى اسطبل الخيول و هي تعلم أن اللجوء الى عبد الكريم طلبا للسيارة هو أمرا مستحيلا ......
لذا ما أن دخلت الاسطبل حتى أمرت العامل بهدوء و ثبات
( أريد فرسا قوية ...... سأخرج للتنزه بها قليلا ..... )
وقف العامل ينظر اليها بذهول و بدا مرتبكا من دخولها المبكر الى الاسطبل ...... ثم قال بتوتر
( لكن ....... لكن ......... هل يعلم الحاج سليمان بذلك يا سيدة سوار ؟!! ....... )
ارتفع حاجب سوار و ظلت ملامحها على هدوءها و هي تقول
( ماذا قلت ؟!!! ........ هل ترفض أم أنك تريد التحقق من جدي ؟!! ....... )
ارتبك الصبي وقد احمر وجهه بشدة .... الا أنه قال بسرعة
( أعتذر يا سيدة سوار ...... لم أقصد ...... سأ ...... سأجهز الفرس ..... حالا ..... )
استدار عنها متوترا لا يعلم كيف تتصرف .... بينما بقت هي واقفة مكانها هادئة رافعة رأسها ....
تعلم جيدا أن فكرة خروجها بعد فترة العدة مباشرة غير مقبولة أبدا و منتقدة ...
الا أنها لم تهتم ...... لتنجز ما تريده ثم ستكون مستعدة تماما للعاصفة التي ستهب بعدها .....
نظرت سوار الى الفرس التي اقتربت منها .... فرفعت يدها تتلمس أنفها بهدوء و بعينين جامدتين قويتين ....
قبل أن تهمس لها
" لقد علمني سليم ركوب الخيل على ظهرك ...... أتتذكرين ؟؟ ........ لقد كبرتِ قليلا يا فتاة , لكنك لم تشيخي بعد كي لا تثأري له ...... "
رفعت سوار قدمها و أمسكت بالسرج جيدا قبل أن تعتليها .....
و خلال دقائق كانت قد انطلقت بها ..... خارجة من بوابة دار الرافعية .......
.................................................. .................................................. ......................
مع بداية الصباح .....
كان ليث لا يزال جالسا مكانه بصمت .... ينظر الى البعيد دون أن يغمض عينيه منذ الأمس .......
لم يستطع النوم وهو يتذكر نظرات سوار اللائمة ...... و صوتها ذو النبرة الرخيمة و الذي حفر في قلبها ألما أكبر من ألمها ......
أرجع رأسه للخلف وهو يغمض عينيه ..... محاولا قدر امكانه تخليص أفكاره منها و التركيز على حل لتلك المعضلة التي تعيشها البلدة ....
لكن لا فائدة .... تعود و تسيطر على تفكيره و تحتل خياله ........
همس أخيرا بصوت خافت متعب
( أما آن الأوان بعد يا ليث !! ........ الى متى ...... الى متى ........ )
سمع طرقا سريعا على باب القاعة التي يجلس بها ففتح عينيه و قال بهدوء
( ادخل .......... )
دخل أحد الحراس من الواقفين على بوابة داره يقول متوترا
( صباح الخير يا سيد ليث ........ أعتذر عن الدخول في مثل هذا الوقت المبكر , لكن هناك زائرا لك ......)
عقد ليث حاجبيه وهو يقول
( زائر في مثل هذا الوقت ؟!! ...... من يكون ؟!! ...... )
قال الرجل مرتبكا
( السيدة سوار الرافعي ابنة عمتك ...... لقد جائت على ظهر فرسٍ و تريد رؤيتك ..... )
كان ليث قد فقز من مكانه ما أن سمع اسم سوار و اسرع يخرج من القاعة قبل حتى أن يكمل الرجل كلامه .....
و ما أن خرج من الدار حتى تسمر مكانه وهو يراها بالفعل !!! .....
كانت سوار على ظهر الفرس .... مكشوفة الوجه ,...... تنظر الى عينيه مباشرة دون أن تحيد بعينيها عنهما .....
انتاب ليث غضب جارف وود لو ضربها على تهورها
" ماذا تفعل تلك المجنونة !! ..... و كيف تتجرأ على الخروج أمام الناس بهذا الشكل !! .... "
سيطر على غضبه بمهارة وهو يصرخ في احد الرجال بأن يأخذ الفرس الى الاسطبل الخاص به ....
ثم نظر الى عيني سوار بعينين صارمتين وهو يهتف بصلابة
( انزلي يا ابنة عمتي ....... تفضلي ...... )
قفزت سوار من على ظهر الفرس و ترنحت قليلا .... الا أنها امسكت بالسرج كي تستعيد توازنها و تتوقف الأرض عن الدوار بها قبل أن يلاحظ أحد .....
اخذت نفسا عميقا تحارب به اعيائها ثم رفعت وجهها و استدارت الى ليث ......
تسمر ليث مكانه وهو يواجه تلك النظرات الغريبة منها ....
انها المرة الاولى التي تنظر اليه بمثل تلك الطريقة .......
نظرات جعلت العسل في عينيها يتجمد .....
ثم قالت أخيرا
( أريد محادثتك في أمرٍ هام .......... )
زم ليث شفتيه بغضب الا انه قال بصوتٍ هادىء من بين اسنانه
( تفضلي بالدخول ....... لا تقفي هكذا ........ )
دخل ليث اولا ..... تاركا لها أمر اللحاق به .........
و بالفعل دخلت خلفه .... تنظر الى قامته الصلبة بعينين جامدتين الى أن قادها للقاعة التي كان يجلس بها للتو .....
فتح الباب و دخل دون أن ينظر اليها ...... و كانت هي خلفه .....
وقف ليث أمام احدى النوافذ ينظر الى الأراضي الواسعة .... و هو يحاول التعامل مع حقيقة أن سوار تقف هنا خلفه ..... في داره .....
المكان الوحيد الذي تمنى وجودها به ......
و في نفس الوقت يحاول السيطرة على غضبه منها ......
لا يصدق أنه ...... أنه لا يزال يغار عليها حتى الآن .........
من كل عينٍ لمحتها و هي آتية على ظهر الفرس كملكة متوجة بكل جمالها !!! .....
والله لو الأمر يعود له لضربها على ما فعلته ....
الا أنه لا يملك الآن سوى أن يبقى مكانه عاجزا ... محاولا السيطرة على العنف المكبوت بداخله .....
وضع يديه في جيبي بنطاله وهو ينظر شاردا من النافذة ... ليجد ابتسامة قد زحفت الى شفتيه رغم العاصفة التي تتلاعب بروحه .....
ابتسامة لا محل لها من الإعراب ..... سوى أنها هنا تقف خلفه تماما و لو أمكنه أن يوقف الزمن عند هذه اللحظة لفعل .....
سمع صوت حفيف عبائتها من خلفه ..... لقد كانت تتحرك ....
ترى ماذا تفعل ؟!! .... و مع ذلك لم يستدر اليها .... الى أن سمع صوت سمره مكانه و أرسل قبضة من جليد الى صدره ....
كان صوت اعداد السلاح !!!! ......
لا يمكنه أن يخطىء هذا الصوت مطلقا و قد علمها بنفسه فعل ذلك .......
التفت اليها ببطىء ......
كانت سوار قد فتحت عبائتها و اخرجت السلاح الآالي الذي كانت تخفيه على ظهرها ....
و الآن هي توجهه اليه مباشرة !! ....
لم يجفل ليث ... و لم يتحرك من مكانه , بل ظل واقفا ينظر اليها بهدوء الى ان قال أخيرا
( ماذا تنتظرين ؟!! ......... أطلقي أعيرتك ..... ها هو صدري الرحب مفتوح لكِ ...... )
الا أن سوار لم تتحرك وهو تهتز عضلة من ملامحها و هي لا تزال على وقفتها ممسكة بالسلاح الآلي بكلتا ذراعيها توجهه اليه .... ثم قالت أخيرا بهدوء
( لم آتي لأقتلك ......... )
ابتسم ليث ..... ابتسامة ليست بالسعيدة أو بالحزينة ..... بل هي ابتسامة لها وحدها .....
ابتسامة لسوار لا غيرها ...... ثم قال بخفوت
( اذن لماذا أتيتِ ؟؟ ............ )
قالت سوار و السلاح لا زال مصوبا اليه
( أريد فواز الهلالي حالا ......... )
نظر ليث الى عينيها العسليتين و لمح حبات العرق التي تتلألأ هعلى جبينها الناصع .....
ثم قال بهدوء
( طلبك ليس هنا يا سوار ........ لقد أخبرتك بذلك بالأمس ..... )
ردت عليه سوار بصوتٍ أكثر جمودا
( أعلم انك تخفيه هنا في بيتك ..... و انك تعمل على تهريبه للخارج .... )
لا يزال واقفا .... هادئا .....
حتى انه لم يخرج كفيه من جيبي بنطاله .... ثم قال بهدوء
( من أخبرك بذلك لا يريد سوى اشعال المزيد من النيران بينك و بين عائلتك .... عائلة وهدة الهلالي ... امك ... )
قالت سوار من بين أسنانها
( لا تبدأ بذكر أمي الآن يا ليث كي تبتزني عاطفيا ..... أريد فواز الهلالي و لن أخرج من هنا قبل ان أجده أمامي ...... )
أخرج ليث يديه من جيبي بنطاله و مد ذراعيه يقول ببساطة
( لا علم لي بمكانه ..... لذا ليس أمامك غيري , يمكنك أخذ ثأرك مني ..... )
استمرت حرب الأعين بينهما الى ان قالت بصرامة و صوتها يرتفع
( لا أريد الثأر ..... أريد القصاص ..... )
قال ليث وهو ينظر الى عينيها
( أعلم ............ )
الا أن سوار صرخت فجأة
( لا ...... لا تعلم , لو كنت تعلم لما اخفيته عني ........ لم أتخيل أن تفعل ذلك .... )
قال ليث بصرامة رغم خفوت صوته
( لا أخفيه يا سوار ........ الدار أمامك , ابحثي بكل شبر منها لو أردتِ ...... )
أغمضت سوار عينيها للحظة قبل أن تفتحهما و هي تنظر الى عيني ليث المدققتين بها و قالت بهدوء مرتجف قليلا
( أرجوك ....... لم أرجو أحدا من قبل , و لم أظن أن تجبرني على ذلك .... )
عقد ليث حاجبيه قليلا و قال بصوتٍ غريب
( سوار ....... انتِ لستِ بخير ........ )
ابتسمت .....
ابتسمت سوار ابتسامة أقرب الى ضحكة مريرة دون صوت ...... ثم قالت أخيرا و هي ترفع حاجبها
( اعذرني ....... زوجي قتل بيد واحد من عائلة أمي ..... و ابن خالي يخفيه ..... لذا أعتقد أنني لست بخير تماما ..... )
قال ليث بصوت غامض
( أنا لا أخفيه .......... و مع ذلك ها أنا أمامك ..... أطلقي أعيرة سلاحك الى صدري فقد علمتك الأمساك به و التصويب ....... )
سمع صوت زوجته ميسرة يأتي من عند الباب فجأة و هي تقول
( ما الذي يحدث هنا ؟!!! ........... )
الا أنها و ما أن رأت سوار في وقفتها ممسكة بالسلاح و توجهه الى صدر ليث حتى ضربت صدرها و صرخت عاليا ....
حينها هدر ليث بقوة
( تراجعي يا ميسرة و عودي الى غرفتك ...... حالا .... )
الا أن ميسرة بدأت تولول و تنادي على رجال الدار و الحراس .......
أما ليث فهتف الى سوار
( لا تلتفتي خلفك ....... ابقي سلاحك موجها اليً ....... )
كان يعلم أنها في حالة غير طبيعية .... و أصابعها غير ثابتة على السلاح ......
و هذا السلاح الذي تمسك به سلاح آلي .... لو أهتزت أصابعها على زناده فستحدث كارثة ستتعدى قتله هو وحده الى عدد لا بأس به ....
لذا قال بصرامة و بصوتٍ هادىء بطيء ..... آمر
( اخفضي السلاح يا سوار ........ )
الا أنها لم تخفضه ..... بل ابقته موجها اليه , فقال مجددا بنبرة أشد وطأة
( أخفضي السلاح يا سوار فأنتِ لا تريدين أذية أشخاص لا ذنب لهم ........ )
همست سوار بصوتٍ متداعي
( أخبرني بمكانه .......... أرجوك ..... )
لكن حين شعرت بأنها غير قادرة على الإمساك بالسلاح أكثر ..... أخفضته ببطىء و حذر الى ان وضعته أرضا ...... و ما أن بات في أمان .....
حتى رفعت حدقتيها الى ليث المذهول قبل أن تغيب عنها الدنيا و تستلم للدوامة المظلمة التي ابتلعتها مرحبة بها .... كي تريح من ألم روحها ..... و جسدها النازف !!!! ....
صرخ ليث بقوة
( سوااار ............. )
و لم يشعر بنفسه الا وهو يندفع الى جسدها المسجى أرضا بعد أن سقطت أمامه .....
انحنى اليها يربت على وجنتها الشاحبة بقوة وهو يهتف
( سوااار ..... سوااار ..... اجيبيني ....... سوااار .... )
لكن دون ابطاء ... كان قد حملها بين ذراعيه و نهض بها , ليهتف في أحد الرجال اللذين نادتهم ميسرة
( استدعوا الطبيب حالا .......... )
.................................................. .................................................. ..............
( حالة اجهاض ...... يجب نقلها للمشفى ..... )
نظر ليث الى الطبيب الذي أخبره بذلك بعد ان فحصها و خرج من الغرفة ......
ثم تابع يقول
( من الواضح أنها قامت بمجهود عنيف أو حركة قوية ....... لكن يجب نقلها الآن لأنها تعاني من نزيف قوي ..... )
كان ليث مكانه ينظر الى الطبيب بدون تعبير .... و كأنه لم يسمعه .... و لم يفهمه .... أو أن الكلام لم يكن موجها اليه ......
و ما أن فتح فمه ... حتى قال بعدم تركيز
( آآه ..... نعم ..... نعم ........ )
غادر الطبيب بينما بقى ليث مكانه غير واعيا ....
سوار كانت حامل !!! ....... سوار كانت حامل !! ..........
أغمض عينيه و استند الى الجدار من خلفه .... بينما رفع يده الى صدره بقوة .........
ياللهي ما هذا الألم الذي يعصف به في تلك اللحظة و كأنه لم يكن مدركا أنها كانت متزوجة .... وحلالا لرجلٍ آخر ......

أما ميسرة فقد دخلت الى غرفتها و صفقت الباب من خلفها ... تدور بها كالمهووسة و هي تهمس بشراسة
( كانت حامل !!!! ...... كانت حامل !!! ..... بإمكانها الحمل !!! ...... ماذا ينقصها اذن ؟!!! ..... )
صرخت ميسرة بقوة و غل
( ماذا ينقصها ؟!!! ............. تزوجت و حملت و رجلين واقعين في هواها ...... ماذا ينقصها ؟!!! ........ إنها تمتلك كل شيء ...... كل شيء ....... )
رفعت وجهها فجأة تنظر الى نفسها في المرآة .....
كانت ملامحها قد تحولت الى شكلٍ مشوه شرس ....... و همست الى صورتها بصوتٍ غريب
( يا معتوهة !!! ..... و أنتِ التي ظننتِ أن موت زوجها كان بسبب ما فعله الشيخ من سحر ...... الآن فقط انتبهت أنها أصبحت حرة ...... أصبحت حرة ..... امرأة حرة و بامكانها الحمل !!! ..... اما أنتِ !! )
أخفضت نظرها الى بطنها المسطحة ..... فمدت يدها تعتصرها فجأة بكل قوة و على الرغم من ذلك لم تشعر بأي ألم و هي تعاود النظر الى عينيها الشرستين ..... و تقول
( مغوية الرجال باتت حرة و نائمة في دارك ..... رحمها خصب و مستعد لاستقبال المزيد من الأجنة .... و زوجك واقف على بابها ينتظر اشارة منها ...... قلبه معلق بهواها و لا يملك نسيانها ..... )
استدارت ميسرة و استندت الى طاولة الزينة تنظر الى البعيد بعينين ناريتين غريبتي الحقد و الغل ....
ثم همست بصوتٍ واهٍ
( ماذا أفعل بها أكثر ؟!! ..... بداخلها شيء يقاوم السحر و يقلبه الى صالحها !! ..... تماما كما قال الشيخ و تحتاج الى سحرٍ أسود ..... من أسوأ الجن ...... )
زفرت نفسا لاهبا و هي تخفض وجهها بينما صدرها يحتقن بالكره ... البغض .... الرغبة في الذهاب اليها و قتلها .....
فتح باب الغرفة فجأة ودخل ليث .... ينظر الى ميسرة التي كانت لا تزال مكانها مستندة الى طاولة الزينة ...
فرفعت رأسها اليه .... تنظر الى عينيه دون كلام , و كان هو يحدق بها و قد سرت في جسده رعشة من تلك الروح السوداء المرتسمة على ملامحها ....
الا أنه لم يكن في حالٍ يسمح له بسؤالها .... فقال بخفوت و بصوتٍ ميت لا يحمل أي حياة .....
( سآخذ سوار الى المشفى ...... ثم أتدبر أمر عودتها الى بيتها دون معرفة أحد من عائلة الرافعي .... )
صمت لعدة لحظات .... قبل أن يقول بهدوء آمررغم نبرة التعب في صوته و التي التقطتها اذنها و ترجمتها الى قصائد في عشقه لسوار
( ميسرة ..... انا احذرك من ان يعلم أحد بما حدث , لمرة واحدة كوني أهلا للثقة ....... هذه الأمور لا مجازفة فيها ..... )
ظلت على صمتها و هي تنظر الى عينيه بعينيها المخيفتين دون رد .... فتنهد بصمت وهو يخرج من الغرفة ....
حينها تحركت ميسرة من مكانها ...... و هي تهمس بوحشية
( اعذرني يا ابن عمي ....أوامرك ليست مجابة هذه المرة , فلتبقى بجوارها الآن ..... قبل أن تفقدها للأبد )
.................................................. .................................................. ....................
إن كانت للأمور أن تتأزم ..... فالأحداث التالية كانت مثالية لذلك .....
كان ليث يظن واهما أنه يستطيع اعادة سوار الى البيت دون علم أحد .... لكن ليس و ميسرة يمتلك قلبها كل هذا القدر من الحقد ....
لذا و اثناء تواجدهم في المشفى ..... أتى كلا من جدها وشقيقها فريد الذي دخل اليها مباشرة و ملامح الغضب و القلق تعلو وجهه ..... وراجح .....
و حدثت مشادة بينهما .... انتهت بأن نزل الخبر على رأسه كالصاعقة ....
خبر تقدم راجح للزواج منها .... و حذره من أن يقترب منها ......
بقى ليث مكانه ينظر الى كل من راجح و الحاج سليمان بصمت محاولا الوصول الى الحقيقة .....
لكنه لم يحصل على جواب قاطع ......
فسأل الحاج سليمان مباشرة بصوتٍ خافت مخيف
( هل هذا حقيقي ؟!! ....... )
لم يرد الحاج سليمان على الفور ..... بل قال بعد فترة طويلة بصوتٍ مجهد
( هذا أمر يخص عائلتنا يا ليث .... و أنت تحديدا كفرد من عائلة الهلالي لا يحق لك التدخل بعد أن كنتم السبب في أن ترملت حفيدتي ..... )
ساد صمت مشحون طويل ...... حينها قال راجح بصوتٍ ساخر
( أظن أن هذا أبلغ رد لك ...... حاول أن تستوعبه كي لا تفقد رأسك و نحن أهل لذلك .... سوار ستكون زوجتي ...... و لو اقتربت منها مجددا ..... )
و كأن الزمان يعيد نفسه ......
نفس العبارة و نفس الشخص ...... و نفس الحبيبة ......
حينها قال ليث بصوتٍ خافت ....
( قبل أن يتوفي سليم رحمه الله ...... أوصاني على زوجته , و يومها سألته عن السبب .... على الرغم من وجود عائلتها كاملة ...... الآن فقط عرفت السبب ..... )
ارتفع حاجبي سليمان قليلا ... و كـأن ذكر سليم قد هزه شخصيا ....
لكن و قبل أن يرد .... قال ليث متابعا
( لكن أريد اخبارك شيئا يا حاج سليمان ...... أنا لن أخذل وصية سليم , حتى لو فعلتم أنتم .... و سوار لن تكون له و لو على جثتي ...... )
اندفع راجح صارخا يريد الهجوم عليه الا أن الحاج سليم هتف بقوة
( كفى يا راجح ......... سنرحل الآن ......... )
كان فريد قد خرج من الغرفة وهو ينظر اليهم و على وجهه ملامح تنذر بالشر .... لكنه قال بهدوء غريب
( حالة سوار لا تسمح بخروجها على الفور ..... و أنا لن أسمح لها بالتحرك خطوة واحدة و قسما بالله لو تكلم اي منكم كلمة اخرى فسأحضر الأمن و أعمل على طرده خارج المشفى ..... )
نظر كلا من الحاج سليمان و راجح الى فريد بذهول .... وحاول راجح الاعتراض الا ان سليمان قال بصرامةٍ آمرا
( هيا بنا يا راجح ....... كفانا ما نالنا من بنات الرافعي حتى الآن ...... )

أما سوار فمنذ أن افاقت و علمت بفقدانها لجنينها فقد التزمت الصمت تماما ...... بدت ملامحها شاحبة مجهدة و لا تعبر عن شيء .....
تنظر الى الجميع بصمت دون أن تأبه ...... أو أن تهتم .......
اقترب منها فريد و جلس بجوارها على حافة سريرها يضمها اليه و يقبل اعلى رأسها ..... ثم همس في اذنها
( أعلم أنكِ كنتِ تحبين هذا الوغد يا سوار منذ سنوات ..... و أنا لا أريد في هذه الحياة سوى سعادتك ..... لكن اعذريني , فسعادتك ليست معه و لن أسمح لكِ بالزواج منه ...... حتى لو كرهتني .... )
كانت على نفس ملامحها الباهتة و نظرتها الصامتة للبعيد .... فظنها لا تزال تحت تأثير الصدمة و أنها لم تسمع شيئا ..... الا أنها بعد فترة قصيرة همست بصوتٍ ميت
( ألم أخبرك أنك لم تعرفني بعد حق المعرفة يا ابن أبي و أمي ......... )
.................................................. .................................................. .................
جرت قدميها الى شقتها الصغيرة التي استأجرتها منذ حوالي أربعة أشهر !! ....
كانت شقة تناسب راتبها الذي تتقاضاه من الجامعة ..... لا أكثر !!! ...
فمنذ أن عادت من بلدة والدها و جدها الى مدينتها و صدمتها الفاجعة .... حتى خرجت من شقتها جريا لتبحث عن شقة جديدة .....
حتى الآن لا تزال تتخيل صدمة هذا اليوم ....
حين عادت من السفر تجر حقيبتها بتعب .... نفسها حزينة مثقلة بسبب ما مرت به من احداث كانت أكبر من احتمالها .... فما أن اطمئنت على سوار و أنها لن تنهار قريبا حتى قطعت أول تذكرة لتغادر من فورها .....
يومها دقت جرس الباب منتظرة ان تفتح والدتها ....
و فتح الباب .... لكن ثريا لم تكن هي من فتحته .......
بل شاب في عمرها تقريبا ..... أو أكبر ببضعة أعوام !!!! ......
يومها رمشت تيماء و هي تنظر الى ذلك الشاب عاري الصدر الواقف أمامها بوقاحة ... فتراجعت خطوة تتأكد من رقم الشقة و الطابق ... و حين تأكدت بما لا يسمح الشك ...
عادت لتنظر اليه و قالت بصوت أجوف و هي مستعدة للصدمة
( من أنت ؟!!! .......... )
بدا الشاب الضخم مترددا وهو يقول بصوت الدفاع
( أنا من يجب أن أسألك نفس السؤال ...... )
هتفت تيماء فجأة بغضب
( هذا بيتي ........... )
بدا الشاب مجفلا قليلا ... الى أن سمع صوتا من الداخل يناديه .... كان صوت أمها !! .... ثريا !! ....
و التي خرجت من غرفة النوم على ما يبدو ترتدي قميص نوم يليق بعروس شابة و لا يناسب عمرها أبدا .... مظهرا الكثير من جسدها .... جسد أمها !!!! ....
بهت وجه تيماء ... بينما تسمرت ثريا مكانها و هي تلمح تيماء عند الباب المفتوح !! ......
اقتربت ثريا بأقدام ترتجف من الباب .... حتى وقفت و قالت بصوتٍ مرتجف و حدقتين مهتزتين
( تيماء !!! ....... لم تخبريني بالأمس أنكِ قادمة اليوم ......)
كانت تيماء تبدو شاحبة كشحوب الأموات و هي تنظر الى أمها بذلك القميص العاري .... و لم تستطع النطق سوى بكلمة واحدة فقط
( نعم !! ........... )
لكن صوتها لم يلبث أن اختنق و اختفى تماما ..... فصمتت و هي تنظر الى عيني ثريا المتخاذلتين ...
تنحنحت ثريا و همست بخفوت
( تعالي يا تيماء ........ ادخلي ....... )
تقدمت تيماء لتدخل ... الا انها فوجئت بذلك الثور يقف أمامها و يسد الباب فرفعت عينيها الضائعتين اليه .... حينها هتفت أمها به بغضب
( اذهب أنت الى الداخل ...... و اخبرتك مئة مرة الا تفتح الباب , هل أنت راضٍ الآن ؟!! ......)
لا تعلم كيف انتابتها حالة من الضحك الهيستيري و هي تسمع تأنيب أمها ؟!!
ماذا كانت تتوقع إن لم يفتح الباب ؟!! .... ان تخفيه في الشرفة مثلا ؟!! .......
رمشت تيماء بعينيها لتبعد عنهما دموع الضحك المجنون .... بينما التفتت اليها ثريا و قالت بخفوت بعد اختفاء هذا الشاب من أمامهما .... الى الداخل !!!!
لقد دخل الى الغرف .... غرف النوم ؟!! .......
هل يستخدم غرفتها ؟!!! .....
شتمت تيماء غبائها ....
بالطبع لن يستخدم غرفتها , فمن الواضح أنه يستخدم غرفة نوم أمها !!!! ..... ياللهي !!! .....
ابتلعت تيماء تلك الصدمة التي جمدتها كلطمة قوية .... ثم توجهت للداخل كغريبة ... خجولة ....
فجلست على حافة الأريكة في غرفة الجلوس تنظر الى ثريا التي جلست أمامها بارتباك .....
ودت لو صرخت بها
" رجاءا اخفي جسدك أو غطيه باي شيء عني ..... فأنتِ أمي رغم كل شيء "
الا انها تماسكت و أبقت وجهها أرضا ... مشبكة كفيها في حجرها الى أن تكرمت ثريا و قالت بخفوت و توتر
( قبل اي شيء ...... أريدك أن تعرفي بأنه ..... زوجي ....)
أغمضت تيماء عينيها للحظة ... ثم التقطت نفسا متحشرجا و هي تحاول الإفاقة من الصدمة تلو الأخرى ...
لتقول بخفوت أحمق
( آه ..... هذا جيد ..... مطمئن ...... )
أخفضت ثريا وجهها بخجل و صمتت و كأنها غير قادرة على الكلام .... و حين طال الصمت , رفعت تيماء وجهها تنظر اليها ...
كانت ثريا تبدو أكبر سنا .... على الرغم من جمالها الا ان الخطوط و التجاعيد بدت واضحة تحت عينيها ... و عنقها ليس أملسا ..... و العروق الزرقاء في ساقيها بدت بارزة أكثر ....
لكن على الرغم من كل هذا الوضع المخزي لكليهما ... فقد شعرت تيماء بالشفقة عليها و من الموقف الذي لا تحسد عليه ...
لذا نظرت اليها قليلا قبل أن تقول أخيرا بخفوت
( فقط أخبريني يا أمي لماذا هو ؟!! ...... لماذا رفضتِ العم ابراهيم وهو رجل مناسب و يتمناك منذ سنوات ؟؟ .... )
رفعت ثريا عينيها الى عيني تيماء المحدقتين بها طويلا .... ثم قالت أخيرا
( أتريدين معرفة السبب ؟!! ..... لأنه شاب يا تيماء ..... لا أريد رجلا أناوله أقراص الدواء , أنا أريد شابا يعيد الي بعض السنوات التي ضاعت من عمري ....و يشعرني بأنوثتي .... )
أي أنوثة تلك ؟!! .....
هل ثريا من الحماقة بحيث تظن أن ذلك الطفل يشعر بها كأنثى ؟!!! ....
هل هي عمياء تماما ؟!!
فقط رجل من عمرها هو من يشعرها بالأنوثة عبر احتياجه الحقيقي لرفقتها ......
أطرقت تيماء بعينيها الجامدتين قبل أن تقول بفتور
( منذ متى ؟!! ......و لماذا تزوجتِ في الخفاء ؟!! ..... )
رمشت ثريا بعينيها و همست بخجل مرتبكة
( منذ اسبوعين فقط ..... بعد سفرك بعدة أيام ........ )
ارتفع حاجبي تيماء بصدمة و قالت
( و لماذا اذن كنت تهاتفيني و تبكين و تسألين عن موعد عودتي بكل هذا الألحاح مدعية أنه ليس هناك من يعتني بكِ ؟!! ...... )
رفعت ثريا عينيها الى تيماء تقول بصدقة و دفاع
( أنا فعلا كنت محتاجة اليكِ .... هل ظننتِ أنه قادر على الإعتناء بي ؟!! ...... )
ارتفع حاجبي تيماء و قالت بعدم تصديق
( هل تتوقعين مني خدمتكما ؟!! ......... )
أغمضت ثريا عينيها و هي تهز رأسها قائلة
( أمر الخدمة يمكن تدبيره بخادمة يا تيماء .... ليس هذا ما أتحدث عنه .... أنا أتحدث عن كل حياتي , أنا معتمدة عليكِ كليا ...... أحيانا أشعر و كأنكِ أنتِ هي أمي لا العكس ..... )
ابتلعت تيماء غصة مؤلمة في حلقها و هي تطرق برأسها قبل أن تقول بجمود
( حسنا ..... نعود للسؤال الاول .... لماذا تزوجتما في الخفاء و تعرضان نفسيكما لتلك الشبهة ؟!! .... )
نظرت اليها ثريا بدهشة و كأنها تتعجب سذاجة السؤال ... ثم قالت ببساطة
( خوفا من أن يمنع عنا والدك و جدك المال بالطبع .... هل نسيتِ شرط والدك ؟!! .... )
لا تعلم تيماء كم ظلت تنظر الى أمها طويلا و كأنها تتأملها للمرة لأولى ..... ثم قالت بصوتٍ بارد كالجليد
( أفهم من ذلك أن هذا الطفل الذي تزوجتِ منه لن ينفق عليكِ و تنويان الإنفاق من مال أبي دون علمه !!! . )
عقدت ثريا حاجبيها و قالت بغضب و توتر
( لماذا تظهرين والدك و كأنه الضحية ؟!! .... هل نسيتِ ما فعله بنا ؟!! .... )
نهضت تيماء من مكانها ببطىء و نظرت الى ثريا لتقول بهدوء
( لم أنسى يا أمي ..... لكن كان عليكِ اخباري انا على الأقل قبل أن تتزوجي , كنت لأخبرتك وقتها أن جدي سيمنع عنا المال في كل حال .... لأنني أرفض الزواج من عائلة الرافعي , حواراتٍ طويلة لم أجد الوقت و الفرصة كي أقصها عليكِ و على ما يبدو أنني لن أجده مطلقا .... )
اتسعت عينا ثريا بذعر و هي تنهض واقفة ... تهتف
( ماذا ؟!!! ..... كيف سيمنع المال ؟!! ...... أخبريني التفاصيل ..... )
نظرت تيماء نظرة ذات مغزى الى المرر المؤدي الى غرفة النوم و حاربت الدموع في عينيها و هي تقول بفتور
( ليس هذا وقت كلام يا .... أمي ..... عودي الى زوجك وأنا سأرحل , و لن أزعجكما ..... )
هتفت ثريا بخوف
( ترحلين .... الى أين ترحلين يا تيماء ؟!! ..... هل جننتِ ؟! .... لن تغادري لأي مكان ... هذا بيتك و رامي لا يقطن هنا ..... )
فغرت تيماء شفتيها و قالت تردد الأسم
( رامي !!! ......... )
أغمضت عينيها و هي تهز رأسها قليلا ... ثم نظرت الى أمها لتقول بقوة
( لا يا أمي لم يعد هذا بيتي .... أنا سأتدبر أمري و تمتعي انتِ بشهر عسلك ..... )
ابتعدت تيماء عن أمها المرتعبة .... لكن ثريا هتفت بتوسل
( لكن يا تيماء من أين سنحصل على المال منذ اليوم ؟!! ...... )
توقفت تيماء مكانها ... ثم التفتت الى أمها لتقول بهدوء
( عليكِ أن تتدبري أمرك أنتِ و ..... رامي .... بعد أن تزوجتما في الخفاء .... )
هتفت أمها بقوة و غضب
( هل تعاقبينني يا تيماء ؟!! ....... هل نسيتِ أنكِ سبق و فعلتها و هربتِ مع خادم من خدم والدك بغية الزواج في الخفاء ؟!! ..... على الأقل أنا ناضجة .... أضعت عمري كله في تربيتك وحدي بعد أن تخلي أباكِ عنا ... و الآن تعاقبينني ؟!! ..... )
ظلت تيماء تنظر الى ثريا و كأنها تتلقى منها صفعاتٍ واحدة تلو الأخرى ....
لكن دون ألم .... و كأن ثريا تصفع جثة هامدة ..... فقالت أخيرا بفتور
( خطأي دفعت ثمنه غاليا يا امي .... و لم تحركي اصبعا لنيل حقي ..... و لازلت أدفعه حتى الآن لأنني أدرك بأن كل انسان مسؤول عن عواقب أفعاله ..... و هذا ما عليكِ فعله الآن , تحمل عواقب فعلتك .... )
بهت وجه ثريا و بدت مذعورة كفتاة مراهقة القيت للتو في الطريق بلا ملابس تسترها ....
فأبعدت تيماء وجهها و استدارت تنوي المغادرة ... الا انها توقفت عند الباب و التفتت الى أمها لتقول رافعة حاجبها بتعجب
( رامي !!!! ..... لا حول و لا قوة الا بالله ..... ماذا كان يعيب العم ابراهيم ؟!! ..... )
استدارت تيماء و غادرت البيت و هي تغلق الباب خلفها .... لتغمض عينيها مطلقة النفس المرتجف الذي حبسته طويلا ...
و دون أن تدري وجدت نفسها تبكي فجأة دون صوت ....
كانت تنشج و تبكي و قد ارتعشت شفتيها كفتاة صغيرة دون أن تصر صوتا ..... و حين فتحت عينينها الحمراوين ... وجدت حقيبة ملابسها التي كانت قد تركتها قبل ان تدخل الى الشقة ....
و كأن الحقيبة كانت تنتظرها لتغادر بها و تبتعد دون أن تحتاج الى الدخول الى هناك مجددا .....
ابتسمت تيماء بمرارة لمنظر الحقيبة الوحيدة الواقفة بإباء في الطابق أمام المصعد .....
فتحركت اليها تجرها و تغادر تلك الشقة التي كانت بيتا لها يوما ....
عادت تيماء بذاكرتها من هذا اليوم و تلك الذكرى الصعبة لتجد نفسها مستلقية على الأريكة الوحيدة الموجودة في الشقة التي استأجرتها ....
كل يوم تطوف ذكرى منظر أمها الاخير في ذهنها و يجعل نفسها تموج بالشفقة المذلة عليها .....
و يقشعر جسدها و هي تتخيل طفلا غبيا يلامس أمها و يشاركها الفراش !! .....
رفعت يدها لتمسح دمعة طرفت من زاوية عينيها ....
مضت حوالي أربعة أشهر و هي تقطن بمفردها ...تعيش حالة من التقشف المادي لم تعرفها قبلا ....
فهي الآن تعيش على راتبها فقط و الذي يطير معظمه في ايجار الشقة على الرغم من صغر اسمها
الحقيقة أن المكسب الوحيد من تلك العائلة كان عبارة عن الرفاهية المادية التي أجبر جدها والدها الا يقطعها أبدا ....
كانت مرتاحة تنظر الى السقف على الرغم من أن روحها أبعد ما تكون عن الراحة ....
تاهت نظراتها بعيدا و هي تهمس
( اربعة أشهر يا قاصي ؟!! ...... اربعة أشهر اختفيت بهم مجددا .. .... )
تأفتت بتعب و هي تلوم غبائها على التسليم له سريعا .... مجددا .......
و ها هو ابتعد و تركها فريسة لذئاب الرافعي ....
لكنها تعرف أنه يتألم ..... وفاة سليم أوقعت بنفسه شيئا لم تستطع تفسيره ,.......
شيء جعله يهرب من العالم بأسره ....
تأوهت بعذاب و هي تتذكر الليلة التس سبقت وفاة سليم و التي قطعت بها وعدا بأن تكون زوجة لقاصي على أن يقنع جدها ....
لكن ها هو اختفى .... لم يقنع جدها و لم يتقدم لطلب يدها حتى !!! .....
ضربت جبهتها بقوة و هي تغمض عينيها هامسة من بين أسنانها بغضب
( ياللغباء يا تيماء ..... الى متى ..... فقط أخبريني الى متى ستظلين رهينة لديه ..... )
لكنها كانت تعلم أنها غير منصفة تماما .....
فتحت عينيها و هي تتأوه مجددا .... ناظرة الى السقف , شاعرة بألم في صدرها يحرقها عليه
فإن كانت قد عاشت شهورا صعبة .... لكن قاصي عاش شهورا أصعب منها ....
و مع ذلك فهو لم يتخلى عنها تماما ....
على الرغم من أنها لم تسمع صوته خلال الأربعة أشهر ... الا أنه كان موجودا .... موجودا لكنه غير قادر على النطق ....
نظرت الى ساعة الحائط .... فانتفض قلبها معلنا عن قرب موعد اتصاله .....
لم تكد تفكر في هذا الا و علا رنين هاتفها بجوارها .... فزغرد قلبها الغبي و هي تنتفض جالسة لترد على الرقم الغريب الذي يكلمها كل يوم في نفس الموعد و يظل صامتا ....
لا يفعل شيء سوى سماع صوتها .....
أحيانا ينطق اسمها .... مرة يسألها عن حالها !!! .....
مراتٍ كثيرة يتعمد الصمت و كأنه غير قادر على الكلام ثم يغلق الخط ....
ردت تيماء على الاتصال و هي تعلم بأنه لن يجيبها كالعادة فقالت بخفوت
( مرحبا ........ )
رفعت عينيها الى السقف و هي تستمع الى صوت أنفاسه القوية التي تستطيع تمييزها جيدا ....
فتابعت قائلة لا تنتظر ردا
( هل سنظل نلعب لعبة المراهقين تلك طويلا ؟!! ......... ماذا تريد أن تثبت بالضبط ؟!! ..... أنك طفل و غير قادر على تحمل الفواجع ؟!! .... حسنا لقد أثبت لي هذا بوضوح ...... ماذا بعد ؟!!! ......
أم أنك تريد أثبات تلاعبك بي و ما أن سلمت لك حتى ابتعدت مجددا !! ...... )
ساد صمت طويل ثم قالت تيماء بخفوت
( أكره أن أقاطع حدادك ..... لكن أريد اجابة على سؤال واحد فقط , ماذا تريد مني يا قاصي ؟!! ..... )
تنهدت حين شعرت بنفسها تحادث الحائط و لا جواب شافٍ ستحصل عليه .....
لكن فجأة سمعت صوته يقول بخفوت
( أحتاجك ...... أحتاجك تيمائي , ربما كان هذا دوري ..... )
اتسعت عيناها بذهول و دون أن تدري أغروقتا بالدموع المترقرقة و هي تسمع صوته المتحشرج و الذي بدا أكثر وهنا مما ظنت .... فشدت أصابعها على الهاتف و قالت بقوة
( أين أنت ..... اخبرني بمكانك و سآتي اليك ...... )
سمعت صوت أنفاسه مجددا وودت لو توسلت اليه كي يخبرها بمكانه .... الا أنها فضلت الا تفعل , فقاصي بخلاف جميع البشر ... كلما زاد الضغط عليه فر كالزئبق ....
لذا أمسكت لسانها عن المزيد من الرجاء الى أن قال أخيرا بخشونة
( ليس الآن تيمائي ....... قد تفرين مني و هذا هو ما لن أطيقه ..... )
رمشت تيماء بعينيها و قالت بقوة صارمة
( لو كنت أردت الفرار منك لفعلت بقوة أكبر يا قاصي ..... لكنني عدت اليك و بملىء ارادتي , فلا تخذلني مجددا ..... )
سمعت صوت نفسه المتحشرج قبل أن يقول
( ها أنتِ تتحدثين عن الخذلان مجددا ........ )
زفرت تيماء مجددا بنفاذ صبر قبل أن تقول بشراسة
( أنا أهددك من مغبة خذلاني ..... هناك فارق .... )
ضحك قاصي بخفوت ... فاغمضت تيماء أخيرا و هي تهمس براحة
( أخيرا ضحكت يا قاصي ......... )
لم يرد على الفور ثم قال بخفوت
( أنا متعب ...... أريد الإرتماء بين أحضانك ..... الآن .... الآن يا تيماء .... )
ابتلعت ريقها و قلبها يعزف ألحانا .... ثم همست بصوتٍ مرتجف
( هل كان يعني لك الكثير ؟؟ .......... )
كانت تقصد سليم .... و لم يتظاهر هو بعدم معرفة قصدها , فقال بصوتٍ أقسى مما توقعت
( كان الدرع الذي يحميني من سواد روحي ...... )
ارتجفت تيماء لعبارته الخافتة البطيئة .... و شعرت بالخوف يدب في أوصالها , الا أنها قررت التغاضي عن هذا الخوف و رميه بعيدا و هي تقول بخفوت
( يموت القلم و تبقى الفكرة ..... من المؤكد أنه قد ترك بك أثرا تحتمي و تتمسك به ..... )
سمعت صوت حلقه يتشنج و كأنه يبتلع ريقه بصعوبة .... فهمست بقلق
( قاصي !!! ........ )
قال قاصي بصوتٍ متحشرج
( أنتِ لا تفهمين ...... الفكرة بداخلي سوداء و لا ألوان أخرى لها , أما هو فكان يمنعني و لا ييأس .... كان بعض الرحمة المتبقية بداخلي ..... )
عاد الخوف ليشملها مجددا ...... ليست خائفة منه على الرغم من أنها تعرف ندوب روحه و تفاصيله الممزقة منذ سنوات ... و ما يترتب عليها من تصرفاته الغير مسيطر عليها احيانا ... و لهذا السبب يبتعد عنها كل فترة ...
كي يحميها من ان ترى المزيد .... و يحمي نفسه من الا يراها و هي تفر منه !! ...
هكذا قال .....
بدأت تفهم الآن أكثر و أكثر ...... فأغمضت عينيها و هي تهمس بخفوت شديد
" آه يا حبيبي ........ "
لم تظن انه قد سمعها فقال بتوتر
( ماذا قلتِ للتو ؟!! ....... )
اتسعت عيناها بذعر و سارعت تقول
( لم أقل شيئا ...... )
الا أن قاصي قال بخشونة آمرة
( بلى قلتِ ....... و سمعتها .... )
زفرت دون صوت بينما احمر وجهها بشدة .... ثم قالت باختناق مغيرة الموضوع
( اذن هل سأراك ..... هناك الكثير مما أريد أخبرك به عن حياتي ...... )
قال قاصي فجأة
( لنتزوج .......... )
اتسعت عيناها بذهول و همست
( ماذا ؟!! .......... )
هتف قاصي بقسوة
( لنتزوج يا تيماء ..... أحتاجك ..... أحتاج لأن أضمك بين ذراعيً ... بشدة .... )
ارتجفت شفتي تيماء و هي تقول بصوتٍ خجول على استحياء
( أنت ..... أنا ..... أنا واقفت و أنت لم تتقدم لطلب يدي من جدي كما وعدتني ...... )
كان هذا محرجا جدا بالنسبة لها بعد كل هذه الأعوام من الفراق , فلم تعد المراهقة المتهورة الجريئة .... بل باتت تشعر بالحرج و الكبرياء ....
الا أن قاصي قال بصرامة على الرغم من الإجهاد في صوته
( بوفاة سليم سيتأخر كل شيء يا تيماء .... لن يقبل سليمان الرافعي بمناقشة الأمر حتى , هذا لو كان في الأمر مناقشة من الأساس .... تيماء .... جدك لن يقبل بهذا , فاستسلمي .... )
كانت على وشك التردد .... التخاذل .... الا أنها شعرت بالغضب فجاة
انها تعاني الكثير و عليه تقدير ذلك .... عليه الانتظار من أجلها لو تطلب الأمر ....
انها تخاطر بالكثير ..... و ماذا يقدم هو ؟!! ....
أغمضت تيماء عينيها و هي تحاول اخراج نفسها من دائرة الحقد عليه .....
عليها أن تعيش عشقها أخيرا ....
عليها مداواة نفسها ......
و ما أن فتحت شفتيها لتجيبه حتى هدر بها فجأة بقوة
( كما تشائين عليكِ اللعنة ....... )
و قبل أن ترد مذهولة ... كان قد صفق الخط في وجهها !!!!
نظرت تيماء الى الهاتف بصدمة .... ثم همست
" لا يزال هو كما هو !! ....... لم يتغير أبدا !! ....
تلاشت الصدمة و حل محلها الغضب العنيف و هي تلقي بالهاتف جانبا شاعرة بالنقمة عليه و على مدى أنانيته و تسلطه ....
زفرت بقوة و هي تكتف ذراعيها ناظرة الى الشقة الصغيرة الخالية من حولها ......
عضت تيماء على شفتيها و هي تشعر بالوحدة تعتريها ..... فثريا رغم كل عيوبها الا انها كانت المعين لها على الشعور بالغربة و النبذ في هذه الحياة ....
لكنها في النهاية كانت ككل من عبروا حياتها فاختاروا حياتهم في النهاية .....
الا قاصي .....
على الرغم من أنانيته ... الا أنه أخلف توقعاتها و لم يتخاذل و يتركها .... بل عاد اليها متمسكا بحقه فيها ....
نهضت تيماء من مكانها ببطىء لتحكم غلق باب الشقة و النوافذ .... كي تقضي ليلة بائسة وحيدة اخرى ...
و ما ان ارتدت منامتها و حضرت كوبا من الحليب لتجلس في سريرها شاردة ...
حتى فكرت في الذهاب الى قاصي بنفسها كي تسترضيه ...... فقط هذه المرة فهو يمر بوقت عصيب ...
لكنها و قبل أن تطلبه من جديد رأت اسم ثريا تتصل بها فزفرت بنفاذ صبر ... الا أنها ردت عليها في النهاية قائلة بفتور
( نعم يا أمي .......... )







يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس