عرض مشاركة واحدة
قديم 16-06-16, 06:37 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1- الاختطاف
كانت السيارة تسير على مهل في الطريق الساحلي,تجلس خلف مقودها فتاة جميلة تتأمل روعة المشهد الطبيعي.هضاب خضراء تمتزج أطرافها برمال الخليج الصفراء الذهبية وتحجب قسماً منها أشجار عالية مورقة.
كانت لين سدلن تنوي قضاء العطلة في إيرلندا الجنوبية برفقة صديقة لها, لكن صديقتها اعتذرت عن المجيء فقررت لين المضي في رحلتها وحدها. انتقلت من إنجلترا إلى أيرلندا بحراً وشحنت سيارتها على الباخرة نفسها.
أمضت الفتاة إلى الآن عشرة أيام رائعة تتنقل في أرجاء أيرلندا الخضراء الساحرة.جمال الطبيعة أنساها وحدتها فلم تكن تتذكر ذلك إلا عند رجوعها في المساء إلى الفندق لتخلد للنوم. وبعدها أمضت لين يومها في مدينة دونيغال استعدت للعودة إلى الفندق الواقع في أطراف المدينة, لتتوجه في الصباح الباكر جنوباً نحو دانيلري, حيث ستستقل الباخرة بعد أيام عائدة إلى انجلترا.
أوقفت السيارة إلى جانب الطريق وأخرجت من حقيبتها خريطة المنطقة. عيناها تحدقان في الخريطة, في حين أن فكرها شارد في أمور أخرى وخاصة في عرض الزواج الذي تلقته قبل أسبوعين من زميلها في العمل توماس. إنه شاب لطيف ومهذف لكنه لا يتمتع بأي جاذبية لا بل هو, كما وصفته إحدى زميلاتها, بليد ومثير للضجر. وعدته لين بالتفكير جدياً في الامر لأنها بدأت تشعر بالملل من العيش وحيدة فلا بأس بفكرة الاستقرار مع رجل طيب ورقيق لبناء عائلة جديدة.
إلى جانب ذلك, هناك سبب آخر يجعل لين تأخذ في الاعتبار عرض الزواج.وهو شعورها بالاسف نحو توماس الذي فجع بخيانة زوجته له وانفصالهما بالطلاق. وجدت الفتاة في معاناته قواسم مشتركة مع ماتعرضت له حياتها العائلية. تمتعت لين بطفولة سعيدة بين والدين محبين وفي منزل وافر الامان ,لك والديها انفصلا وهي لم تتجاوز بعد السبعة عشر ربيعاً بعدما وجدا أن طريق كل منهما يختلف عن طريق الآخر. وخلال ثلاثة أعوام تزوجت أمها من رجل أمريكي وهاجرت معه إلى أمريكا.كما أن والدها تزوج من سيدة أقنعته بالهجرة إلى أستراليا. وهكذا أصبحت لين وحيدة وهي في العشرين, تعيش دون عائلة. لذالك قررت أن تجد الرجل الذي ينتشلها من عذابها ويقاسمها حياة هنيئة.
أيكون هذا الرجل توماس؟ سؤال لم تجد له بعد جواباً شافية. تنهدت وهي تقود السيارة في طريق فرعي ضيق محاط بأشجار عالية. بعد أن توغلت بضعة كيلو متراتوصلت إلى غابة كثيفة تقع وسطها بحيرة جميلة يقوم قربها مخيم للغجر. وجود جماعات الغجر في أيرلندا أمر مألوف أكثر من وجودهم في انجلترا .غريب أمر هؤلاء القوم يتنقلون من مكان إلى آخر .لايحبون الاستقرار كبقية الالبشر. يبحثون عما لايجدون فيستمرون في التجوال.
فجأة,إذ تجاوزت السيارة أولى عربات الغجر ,أصدر المحرك صوتاً قوياً ثم توقف. ترجلت من السيارة عابسة والتف حولها عدد من الاطفال الفضولين. ثم تقدمت منها غجريتان فيما هي منهمكة بالنظر إلى المحرك تحاول عبثاً معرفة سبب العطل, وبرز من بين الجميع شاب أسمر اللون عارضاً المساعدة.رفعت لين عينيها لترى شاباً طويلا مفتول العضلات, أسود العينين,أجعد الشعر.نظراته الثاقبة أرعبتها فبلعت ريقها من الخوف.
قالت له أخيراً:
_تعطل محرك سيارتي.
_هل نفذ منها الوقود؟
أومأت لين بالنفي وأجابت:
_الوقود فيها أكثر كاف.
وجدت الفتاة نفسها تحدق . لاحظت تعالياً وغطرسة في هذه الملامح يجعلانه مختلفاً عن بقية قومه . فالغجر عادة أناس بسطاء متواضعون, علمهم الفقر أن الخضوع هو الوسيلة الوحيدة لكسب أرزاقهم.
_بما أن الوقود متوافر لا أعلم سبب الداء. نحن نستعمل الجياد لا السيارات , لذا خبرتي في المحركات ضعيفة جداً . كل ما يمكنني فعله هو ارسال أحد إلى المدينة ليحضر ميكانيكياً.
كانت تدرك أنه كاذب من خلال نظراته الشغوفة و الفاحصة .ولأنها لمحت شاباً يتوجه على حصانه نحو المدينة ليحضر الميكانيكي.
شعرت بالحرج وهي واقفة بين هؤلاء الغجر. فبدأت تتمشى حتى ابتعدت عن المخيم في طريق موحش , تحيط بجانبيه خضرة عذراء, تبدو من خلالها مياه البحيرة مرآة تنعكس على صفحتها بفرح أشعة الشمس الذهبية.
وبينما هي تتأمل شاعرية المكان وسحر وجوه الغامض, سمعت وقع خطى تتقدم منها على مهل فارتعدت. إنه الغجري الاسمر. تراءت لها أشياء كثيرة مرعبة إذ رأته يقترب منها بكل ثقة . وخانتها شجاعتها حتى كادت تصاب بالاغماء.
تحدث الشاب بنبرة آمرة:
_أنتِ انجليزية, أليس كذلك؟ ظننت في البدء أنك أمريكية.
توقف عن الكلام واقترب أكثر من الفتاة. عضلاته القوية يبرزها قميصه الضيق و"غجريته" يدل عليها الشال الاحمر القذر الملفوف حول عنقه . لوأراد فنان رسم متشرد لوجد فيه النموذج الامثل. ارتجفت لين تراودها فكرة الفرار ولكن الغجري لم يدع لها الفرصة لتجد منفذاً . تقدم منها بغتة وأطبق على ذراعها دافعاً إياها إلى مكان كثيف بالاشجار خلال ثوان صارت بين ذراعيه القويتين
صرخت بأعلى صوتها:
_أيها الوحش!
لم يأبه الرجل لكلماتها بل وطوقها ضاحكاًوكأن مقاومتها تزيد من لعبته إثارة .وبينما هو يهم بطرحها أرضاً داس أحدهم على غصن يابس فسمع صوت انكساره عالياً . التفت الرجل وهو مزمجر غضباً لتظهر فتاة غجرية جميلة يتطاير الشرر من عينيها:
_ألم تشبع من أفعالك القبيحة بعد؟ دع الفتاة وشأنها أيها الوقح! ذهلت لين لإطاعة الرجل الشرير أوامر الغجرية من دون نقاش .وما كاد يحرر يدها المليئة بالخدوش حتى أطلقت ساقيها للريح .
جلست لين تفكر في كيفية افلاتها من قبضة الغجري الاسمر . ولحسن حظها وجدت أتوبيساً أقلها إلى الفندق في المدينة . ومن هناك اتصلت هاتفيا بجرار للسيارات فتكفل الميكانيكي باصلاح السيارة وجلبها في اليوم التالي بعد أن تبين أن العطل كان بسيطاً للغاية .
سارعت لين بعد ذلك إلى مغادرة المنطقة . وساهم انتقالها بين الطرقات الجميلة على نسيان الحادثة الاليمة . فاستعادت روحها المرحة ورغبتها في اكتشاف المزيد من أيرلندا .
وصلت إلى منطقة تدعى لاف كوريب حيث وجدت المشاهد رائعة تحبس الانفاس . المراعي الواسعة , البحيرات , الغابات... كلها مناظر خلابة تسحر الالباب , تمتع العين والنفس وترحب بانسان المدينة التعب لينفث في رحابها الهموم. وصلت إلى واد أخضر تبحث عن مكان تمضي فيه ليلتها. ووفقت في العثور على المكان الملائم , مزرعة صغيرة يستقبل أصحابها النزلاء في جناح خاص مقابل مبلغ قليل من المال.
أوصلتها المرأة صاحبة المزرعة إلى غرفتها البسيطة النظيفة . وأطلت لين من من النافذة لتشاهد المنظر الجميل والجبال تكسوها الغابات الكثيفة. ثم لاحظت مدخنة بعيدة في وسط جبل أخضر.
سألت لين المرأة وهي تشير إلى المدخنة :
_أهذا بيت في الجبل؟ أظن أني رأيت مدخنة
_نعم هذا قصر السيد دوغي.
لاحظت الفتاة تغير في نبرة المرأة التي تابعت تقول:
_السيد دوغي هو مالك كل هذه الاراضي , وقد ورثها عن والده الذي كان الحاكم الاقطاعي لمنطقة. بناء فخم به تحيط حدائق رائعة.
_هل يسمح للجمهور بزيارة الحدائق؟
_نعم , الابواب تفتح الزوار يومي الثلاثاء والسبت.
_أود لو سمحت ياسيدتي أن أحجز ليومين.
_أمرك ياآنسة سدلن بامكانك حجزها المدة التي تريدين , فهناك أشياء كثيرة يمكنك القيا بها في هذه المنطقة. باستطاعتك مثلاً , إذا كنت تجيدين ركوب الخيل , استجار جواد من مدرسة الفروسية والتوجه إلى الغابات.
أعجبت لين بهذه الفكرة فهي لا تزال تجيد الفروسية التي تعلمتها أيام الطفولة.
انطلقت لين ظهر السبت صوب حدائق قصر دوغي. وبعد أن سلكت بسيارتها منحدراً وصلت إلى سفح التلة التي تقوم عليها القصور وبدأت بالصعود نحوه إلى أن بلغت سوراً كبيراً في وسطه بوابه مفتوحة يقف بجانبها حارس يرتدي ثياباً أنيقة.
دخلت لين إلى موقف مخصص لسيارات الزوار بعد أن دفعت مبلغاً صغيراً يذهب إلى الاعمال الخيرية.
أخيراً وجدت لين نفسها تتجول في الجنة الساحرة. أينما نظرت وجدت جمالاً وبهاء. ممرات تظللها أشجار سخية. برك ماء صغيرة تغطيها الزنابق. جداول تتدحرج بين الصخور تعلوها جسور خشبية صغيرة مكسوة بالنبات المتسلق تماثيل بديعة وسط نوافير مياه وتشكيلات من أجمل الزهور وأزهارها . توقفت لين مراراً لتقرأ أسماء الاشجار والازهار النادرة , كما قرأت على احدى اللوحات أن شرفات الجهة الجنوبية من القصر صممتها السيدة موريل زوجة الوكنت دوغي حاكم المنطقة قيل القرن التاسع عشر.
وصلت لين خلال تجوالها إلى حديقة مليئة بأشجار الزيزفون وشجيرات أخرى أجنبية. حديقة أقل ما يقال فيها أنها فاتنة جعلت الفتاة تنسى كل شيء وتعتبر أن العالم تقلص كثيراً ليصبح هذا المكان الخلاب الذي لا موطىء قدم فيه لحزن أو لهم . لم تتمكن من كتم شعورها بالحسد تجاه مالكي القصر. وتمنت لوتكون مكانهم.
حان وقت العودة إلى الفندق وتساءلت لين: كيف يتمكن سكان القر من حبس أنفسهم في الداخل عندما تفتح الابواب للزوار؟
فيما هي متوجهة إلى البوابة الرئيسية لاحظت لين مجموعة من
صرخت بأعلى صوتها:
_أيها الوحش!
لم يأبه الرجل لكلماتها بل وطوقها ضاحكاًوكأن مقاومتها تزيد من لعبته إثارة .وبينما هو يهم بطرحها أرضاً داس أحدهم على غصن يابس فسمع صوت انكساره عالياً . التفت الرجل وهو مزمجر غضباً لتظهر فتاة غجرية جميلة يتطاير الشرر من عينيها:
_ألم تشبع من أفعالك القبيحة بعد؟ دع الفتاة وشأنها أيها الوقح! ذهلت لين لإطاعة الرجل الشرير أوامر الغجرية من دون نقاش .وما كاد يحرر يدها المليئة بالخدوش حتى أطلقت ساقيها للريح .
جلست لين تفكر في كيفية افلاتها من قبضة الغجري الاسمر . ولحسن حظها وجدت أتوبيساً أقلها إلى الفندق في المدينة . ومن هناك اتصلت هاتفيا بجرار للسيارات فتكفل الميكانيكي باصلاح السيارة وجلبها في اليوم التالي بعد أن تبين أن العطل كان بسيطاً للغاية .
سارعت لين بعد ذلك إلى مغادرة المنطقة . وساهم انتقالها بين الطرقات الجميلة على نسيان الحادثة الاليمة . فاستعادت روحها المرحة ورغبتها في اكتشاف المزيد من أيرلندا .
وصلت إلى منطقة تدعى لاف كوريب حيث وجدت المشاهد رائعة تحبس الانفاس . المراعي الواسعة , البحيرات , الغابات... كلها مناظر خلابة تسحر الالباب , تمتع العين والنفس وترحب بانسان المدينة التعب لينفث في رحابها الهموم. وصلت إلى واد أخضر تبحث عن مكان تمضي فيه ليلتها. ووفقت في العثور على المكان الملائم , مزرعة صغيرة يستقبل أصحابها النزلاء في جناح خاص مقابل مبلغ قليل من المال.
أوصلتها المرأة صاحبة المزرعة إلى غرفتها البسيطة النظيفة . وأطلت لين من من النافذة لتشاهد المنظر الجميل والجبال تكسوها الغابات الكثيفة. ثم لاحظت مدخنة بعيدة في وسط جبل أخضر.
سألت لين المرأة وهي تشير إلى المدخنة :
_أهذا بيت في الجبل؟ أظن أني رأيت مدخنة
_نعم هذا قصر السيد دوغي.
لاحظت الفتاة تغير في نبرة المرأة التي تابعت تقول:
_السيد دوغي هو مالك كل هذه الاراضي , وقد ورثها عن والده الذي كان الحاكم الاقطاعي لمنطقة. بناء فخم به تحيط حدائق رائعة.
_هل يسمح للجمهور بزيارة الحدائق؟
_نعم , الابواب تفتح الزوار يومي الثلاثاء والسبت.
_أود لو سمحت ياسيدتي أن أحجز ليومين.
_أمرك ياآنسة سدلن بامكانك حجزها المدة التي تريدين , فهناك أشياء كثيرة يمكنك القيا بها في هذه المنطقة. باستطاعتك مثلاً , إذا كنت تجيدين ركوب الخيل , استجار جواد من مدرسة الفروسية والتوجه إلى الغابات.
أعجبت لين بهذه الفكرة فهي لا تزال تجيد الفروسية التي تعلمتها أيام الطفولة.
انطلقت لين ظهر السبت صوب حدائق قصر دوغي. وبعد أن سلكت بسيارتها منحدراً وصلت إلى سفح التلة التي تقوم عليها القصور وبدأت بالصعود نحوه إلى أن بلغت سوراً كبيراً في وسطه بوابه مفتوحة يقف بجانبها حارس يرتدي ثياباً أنيقة.
دخلت لين إلى موقف مخصص لسيارات الزوار بعد أن دفعت مبلغاً صغيراً يذهب إلى الاعمال الخيرية.
أخيراً وجدت لين نفسها تتجول في الجنة الساحرة. أينما نظرت وجدت جمالاً وبهاء. ممرات تظللها أشجار سخية. برك ماء صغيرة تغطيها الزنابق. جداول تتدحرج بين الصخور تعلوها جسور خشبية صغيرة مكسوة بالنبات المتسلق تماثيل بديعة وسط نوافير مياه وتشكيلات من أجمل الزهور وأزهارها . توقفت لين مراراً لتقرأ أسماء الاشجار والازهار النادرة , كما قرأت على احدى اللوحات أن شرفات الجهة الجنوبية من القصر صممتها السيدة موريل زوجة الوكنت دوغي حاكم المنطقة قيل القرن التاسع عشر.
وصلت لين خلال تجوالها إلى حديقة مليئة بأشجار الزيزفون وشجيرات أخرى أجنبية. حديقة أقل ما يقال فيها أنها فاتنة جعلت الفتاة تنسى كل شيء وتعتبر أن العالم تقلص كثيراً ليصبح هذا المكان الخلاب الذي لا موطىء قدم فيه لحزن أو لهم . لم تتمكن من كتم شعورها بالحسد تجاه مالكي القصر. وتمنت لوتكون مكانهم.
حان وقت العودة إلى الفندق وتساءلت لين: كيف يتمكن سكان القر من حبس أنفسهم في الداخل عندما تفتح الابواب للزوار؟
فيما هي متوجهة إلى البوابة الرئيسية لاحظت لين مجموعة من
الزوار ملتفين حول نافذة من نوافذ القصر.تقدمت منهم يدفعها فضول الاكتشاف فسمعت الحوار الدائر بينهم.
قالت سيدة متوسطة العمر:
_هذه اللوحة تمثل والدته.
علقت سيدة أخرى:
_من المؤسف أنها أقدمت على هذا العمل!
_يقال أن علماً أسود رفع على شرفات القصر بعد الحادث.
_وما معنا ذلك؟
_معناه أنها اعتبرت ميتة بالنسبة لعائلتها بعد العار الذي سببته لهم.
_قيل أنها ماتت بعد ذلك بوقت قصير , أليس كذلك؟
_ماتت وهيتضع طفلها.
_وهل تعهد أهلها الطفل؟
_البعض يؤكد ذلك.
_لكنه أصبح مالك القصر وسيد الاراضي الآن برغم كل ماحدث.
_السيد دوغي عثر على هذه اللوحة , وأمر بوضعها هنا لبعيد الاعتبار إلى والدته المنبوذة.
_لها من قصة محزنة! كم يبلغ دوغي من العمر؟
_أعتقد أنه أصبح في الثلاثين.
_هل هو متزوج؟
_لا هناك أشاعات كثيرة عن علاقة تربطه بممثلة سينمائية كبيرة لكنها أخبار ملفقة لا تمت إلى الحديقة بصلة. يقال عنه أنه يؤمن بالحب من أول نظرة. وعندما يجد ضالته المنشودة سيتزوج فوراً.
_أتمنى لو أستطيع رؤيته لأنه كما سمعت , شاب باهر الجمال
_ما يميزه عن غيره من الرجال هو قصته الحزنة.
_ماهي القصة الحقيقية التي وقعت لأمه أنا لاأعرفها كاملة
_يقال أنها هربت مع...
لم تسمع من القصة أكثر من ذلك. لأن المجموعة ابتعدت عنها باتجاهقسم آخر من الحديقة. نظرت من النافذة إلى داخل القصر علقت اللوحة المعنية فرأت رسم امرأة رائعة الجمال ترتدي فستاناً من الحرير الازرق . وعلى بساطته ,لا يخفي وجهها نظرات استقراطية واضحة في العينين الزرقاوين.شفتاها الورديتان ترسمان السعادة والبراءة. من المحزن أنها ماتت عند الولادة.
خرجت لين من الحدائق وهي تفكر بهذه القصة التي لم تتمكن من معرفة كل فصولها . شعرت بفضول لمعرفة الحقيقة وللتعرف إلى صاحب القصر الذي أنقذ لوحة والدته لينقذ شرفها الضائع
في الصباح التلي اشتعد للرحيل. بعد أن سددت الفاتورة ووعدت بالعودة إلى المزرعة في رحلتها المقبلة إلى أيرلندا ,توجهت إلى مدرسة الفروسية حيث تركت السيارة في موقف خاص وترجلت لتستأجر حصاناً قررت أن تقوم بنزهة صغيرة على الحصان قبل ذهابها إلى منطقة جديدة. ووقع اختيارها على فرس قوي.
_هل هو حصان هادىء
أجابت الفتاة المسؤولة عن الاسطبل:
_فونيلا أفضل حصان عندنا.وأنا واثقة من أنك ستفتقدينه كثيراا عندما تنتهين من جولتك.
حدقت الفتاة في لين جيداً وتأملت الوجه الرقيق والشعر الاسود الطويل المعقود بشريط أبيض. كما أعجبت يالقامة الرشيقة وخصوصاً بالساقين الطويلتين والخصر الضامر.لاشك ان لين فتاة جميلة تجذب الرجال وتدير رؤوسهم...
ضحكت لين مسرورة من لانها من تتمكن من الكلام والتفكير بحرية مطلقة في هذا المكان. كأن العالم أصبح ملكها لا ينازعها فيه أحد.
_حسناً ياحصاني الجميل , لنرتح قليلاً هنا.
ربطت الحصان إلى شجرة ووقفت تتأمله يلتهم العشب الطري بنهم.
أجفلت لين عندما سمعت صوتاً غريباً ة وأخذت تحدق حولها لترى مصدر الجلبة. وشعرت بأن احداً يراقبها في هذه الغابة الموحشة. تلفتت فلم تسمع الا خفة ورقة صفراء يحملها النسيم
فجأة سمعت صهيل حصان فاقتربت من فرسها وحلت الحبل بيدين مرتجفتين. وقبل أن تستطيع الانطلاق بالفرس والابتعاد اقترب منها حصان يمتطبه...الغجري الاسمر.
تجمد الدم في عروقها لما رأت الغجري أمامها...كيف إستطاع الوصول إلى هنا من مخيمه البعيد بهذه السرعة؟ لايعقل أن يكون جاء على حصانه لأن المسافة بعيدة إلى حد يجعل ذلك مستحيلاً لابد أنه استعمل وسيلة أخرى. ثم , من أين أتى بهذا الحصان الأصيل الذي لا يمكن أن يملكه غجري فقير؟
رفعت عينيها إلى وجهه , لاحظت أشياء لم تلحظها فيه عندما حاول الاعتداء عليها بعد تعطل سيارتها قرب المخيم. رأت إلى جانب وسامته مسحة أرستقراطية نبيلة وشيئاً من اللباقة والاستعلاء. يده الممسكة باللجام بدت أنعم ,تدل على أنه لم يقم بعمل يدوي في حياته.حتى ثيابه تبدلت , لم يتخل عن قميصه الاسود لكن الشال الأحمر الوسخ إختفى ليحل محله شال آخر نظيف. السروال الممزق تغير ليصبح سروالاً أنيقاً... لاشك أنه سرق الحصان والثياب , ولكن كيف تبدت يداه من يدي متشرد إلى يدي أرستقراطي نبيل؟ وقف الغجري يحدق فيها باستغراب وكأنه فوجىء بوجودها.
حطم جدار الصمت أخيراً بقوله:
_صباح الخير.
أخذت لين تحسب فرص الهرب وجسمها الرقيق يرتعش خوفاً وغضباً نظرت صوب الممر القريب الذي يوصلها إلى مدرسة الفروسية وبخفة لم تعهدها في نفسها من قبل قفزت إلى الحصان والسوط في يدها. انطلقت بسرعة وكي تعاقب الغجري على فعلته وتؤخره عن اللحاق بها ضربته بالسوط على وجهه. وضع الرجل يده على خده الدامي وقد ارتسم على وجهه ذهول كبير.
_تستحق أكثر من ذلك أيها الغجري المتشرد! كيف تجرؤ على التحدث إلي؟ عد إلى قومك ولاتتحرش بالناس المتمدنين!
قالت لين كلماتها هذه وهي منطلقة على حصانها تحثه بضربات خفيفة من قدميها على الاسراع في العدو.أخذت تخترق الغابة بسرعة عمياء وخوفها يتعاظم مع اقتراب صوت حوافر جواده منها. إذا تمكن من اللحاق بها سيقتلها ويرميها في الغابة! إزداد هلعها لهذه الفكرة ولم تعد تدري ما تفعل لتخرج من الورطة المميته. أخذ الحصان يقترب منها أكثر فأكثر وصاح فيها الرجل
_توقفي!
استمرت لين في العدو بأسرع ما يمكنها.لكنها ضلت الطريق بسبب ذعرها الشديد ولم تجد ممر الخروج من الغابة. فصارت تصرخ بأعلى صوتها:
_النجدة! النجدة!
دب التعب في حصانها فخفت سرعته في حين أن حصان الغجري الجبار ما أنفك يدنو منها.
_توقفي وإلا أوقعتك عن الفرس!
تجاهلت الفتاة أوامره باحثة دون جدوى عن وسيلة للإفلات.
_دعني وشأني! أرحل عني. سأبلغ رجال الشرطة...
توسلات وتهديدات لن تجدي نفعاً مع هذا الرجل الشرير.أخيراً صار الغجري بمحاذاتها فبذلت المستحيل للصمود فوق حصانها المرهق.مال الرجل وخطف من يدها اللجام أجبر الفرس على التوقف. ثم نزل عن حصانه وأنزل لين عن حصانها.شعرت الفتاة أنها سجينة نظراته الغاضبة ووقفت عاجزة عن الحراك.
رفع الغجري يده إلى خده الدامي يتحسس الجرح العميق الذي سببته ضربة السوط.
_هل هو حصانك؟
_لا , إستأجرته من مدرسة الفروسية.
هز الرجل رأسه وكأنه يعرف المدرسة. ثم أخذ يحدق في الفتاة لثوان مرت ثقيلة كأنها الدهر قبل أن يقول:
_لا خوف على الحصان. إنه يعرف طريق العودة إلى الاسطبل.
وضرب فونيلا ضربتين خفيفتين فبدأ بالعدو حتى إختفى عن نظر لين بعد قليل.
_من أين أنت؟
أنا إنجليزية وجئت إلى أيرلندا لأمضي إجازتي السنوية... أنزل في مزرعة قريبة من هنا.
هز الرجل رأسه كأنه يعرف المزرعة كذلك.
_تماماً , أنا أجوب البلاد بسيارتي التي تركتها في موقف قريب من الاسطبل
واصل طرح الأسئلة , وواصلت لين الاجابة دون أن تدري مدى الخطأ في إعطائه معلومات يجب أن لاتطلعه عليها. ولم تع ذلك إلا عندما سمعته يقول:
_أنتً وحدكِ هنا...
وعندما سألها لماذا ضربته بالسوط أجابت لين وفي صوتها نبرة الازدراء:
_لأنك وجنسك حثالة المجتمع ورعاع القوم!
سرعان ماندمت لتهورها وطيشها إذ رأت في عيني الرجل عاصفة من الغضب ونية على ارتكاب عمل شرير. اقترب منها وزمجر:
_حثالة المجتمع ورعاع القوم؟ ستدفعين ثمن كلماتك غالياً.
وبسرعة حملها في قوة ورمى بها على ظهر الحصان , ثم قفز خلفها وانطلق مسرعاً نحو عمق الغابة.
تساءلت لين عما ينوي الغجري فعله بها لاكنها لم تفلح في تصوير مصيرها يعزز ذلك غضب أقرب إلى الجنون سيسيطر على خاطفها.
إزداد الحصان توغلاً في الغابة ولين تكاد تصاب الاغماء , والرجل ملتصق بها تحس بنفسه يلفح عنقها وهو يقود الحصان بسرعة كبيرة. أخذت ترتعد كورقة خريفية وهي تسأل نفسها عما فعلته لتستحق هذه النهاية السوداء. أخيراً قرر الرجل التنازل عن صمته فأعلن:
_نحن ذاهبان إلى المخيم.
_المخيم.. أي مخيم هذا؟
قهقه الغجري عالياً يتلذذ بخوفها وأجاب:
_ألا تعلمين أن الغجر يعيشون في مخيمات؟
_ستندم أيها الحقير على عملك لأن رجال الشرطة سوف يرمون بك في السجن!
كانت تعلم في قرارة نفسها أن كلامها لا يرهب الرجل , فالغجر"محترفون" في الخروج عن القانون. ولايهابون السلطة. القانون الوحيد الذي يحترمونه هو أن الغاية تبرر الوسيلة.وأن مصلحة القبيلة يجب أن تكون الأهم بغض النظر عن أي إعتبار.واصلت لين بالرغم من ذلك تهديدها لعلها تنجح في العثور على نقطة ضعف في الغجري:
_تكون أحمق إذا اعتقدت أن بامكانك الافلات من قبضة العدالة.
الاختطاف جرينة يعاقب عليها القانون بشدة!
لم يعلق الرجل بشيء وظلا صامتين حتى وصلا إلى المخيم حيث انتشرت عربات كثيرة.نظرت لين إلى الوجوه التي تنظر إليها فلم تتعرف أحد من الذين رأتهم عندما تعطلت سيارتها. كما لم تجد تلك الفتاة التي أنقظتها يومها من الغجري لعلها تعيد الكرة الآن.
تعالت صيحات الترحيب بالغجري:
_أهلاً بك يا رادولف!
_ماهذه الغيبة الطويلة؟
_أخيراً عدت إلينا
نشأ لدى لين انطباع بأن الغجري لاينتمي إلى مخيم معين. وتأكدت من أن هذا المكان ليس المكان نفسه الذي شاهدته.
تقدم من الغجري رجل كهل وقال:
_رادولف , ليس من عادتك...
اسكته باشارة من يده, ولكن الكهل تابع:
_ماذا حدث لوجهك؟الدماء تسيل منه بغزارة!
عندما رأت لين الجميع يلتفون حول رادولف وعلامات التعجب بادية على وجوههم. سمعت بعض الكلمات الانجليزية لكن معظم الكلام كان باللغة الغجرية التي تجهلها. أوضح رادولف الامر لقومه بلغتهم ونظراته المليئة بالحقد تصب نارها على الفتاة المصابة بذهول مطبق.أمسك بخصرها وأنزلها عن الحصان فتعالت ضحكات من حولها, وكأن القوم يستعدون لمرح ولإثارة توفرها لهم ضحية جديدة يتسلون بها...
زادت الدماء المتجمدة على وجه رادولف من رهبة شكله, وجعلته يبدو مجرماً أكثر وأكثر. أيمكن أن تتوقع رحمة من إنسان كهذا لايهتم إلا بإرضاء غرائزه, لايعرف المثل والمبادىء التي تؤمن بها المجتمعات المتحضرة؟ حاولت الفتاة ألا تفكر بما ينتظرها, لكن الرؤى السوداء كانت تغلف ذهنها كغمامة داكنة. تمنت لو أنها تموت! فالموت أرحم من العذاب القابع وراء الساعات المقبلة... تمنت لو أن يدي رادولف الجبارتين تلتفان حول عنقها الغض وتعصران منه آخر قطرة حياة...
انصرف رادولف إلى حديث طويل مع الرجل الكهل. سمعتهما لين يتلفظان ببعض الاسماء:أولاف,بوريل وغيرهما. ولكنها لاتعلم ما إذا كانبوريل اسماً لأمرأة أور لرجل. حدقت الفتاة في وجه رادولف لتجد الاضطراب والقلق الشديدين بادين عليه. في حين كان أولاف يتنهد من وقت إلى آخر ويزم شفتيه بامتعاض. ماهو الحديث المهم الدائر بين الرجلين؟سؤال لا يمكنها أن تجيب عليه عليه قبل أن تفهم هؤلاء القوم.
بعد ذلك بدأ القوم يوجهون الاسئلة إلى رادولف فيجيب عليها باقتضاب, والأولاد الحفاة ذوي الثياب البالية يحملقون في ثيابه النظيفة والأنيقة بانبهار.
نظر رادولف إلى لين فعاد إلى عينيه لمعان الشر. وبلمح البصر حملها بين يديه وسط ضحكات الجميع إلى عربة أرشده أولاف. صاحت لين في الغجر:
_هذا الرجل خطفني! ستحاكمون جميعكم إن لم تساعدوني!
نظرت حولها تبحث عن أحدهم يتعاطف معها فلم تقع إلا على وجوه ضاحكة ونظرات ساخرة. لا أمل إذن بأن يساعدها أحدهم فالجميع وحدة متماسكة ولافراد يتعاونون حتى على أعمال الشر.
ادخلها رادولف إلى العربة ثم خرج بسرعة بعد أن أغلق الباب بعنف.في هذه العربة, لن يتدخل أحد لانقاذها. عليها أن تواجهه وحدها الرجل الذي يبدو زعيماً أو ملكاً على قومه يذعنون لمشيئته بدون نقاش. اغرورقت عيناها بالدموع فساعة العقاب حلت. شرعت تبحث في العربة عن وسيلة للخروج من سجنها الصغير.مكان قذر فيه أريكة وطاولة مستديرة مع بعض الكراسي العتيقة. في الطرف الآخر سرير ضيق, وعلى الخزانة كتب قديمة ووضع مصباح زيتي يغطيه غبار سميك. كأن أحداً لم يشغل هذه العربة منذ وقت طويل فالقذارة المنتشرة في أرضها وعلى محتوياتها لاتوصف.
في خلدها تدور أسئلة كثيرة. من هو رادولف بالحقيقة؟ من هو بوريل الذي تحدث رادولف وأولاف عنه بكثير من الجدية؟ لكن الؤال الاكثر أهمية والحاحاً يبقة: ماذا سيكون مصيرها؟


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس