عرض مشاركة واحدة
قديم 18-06-16, 06:06 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني
أطلق الدكتور زمور سيارته ,و جمعت ايف أغراضها و تبعته ألى شرفة المدخل . هناك رفع الطبيب ستارة من الموسلين تحل مكان باب الدخول , وأدخل الفتاة الى غرفة الجلوس الكبيرة , ركضت شابة ماليزية رائعة الجمال لاستقبالهم ,فأحست ايف أنها أمام مخلوقة خرجت لتوها من أقاصيص ألف ليلة وليلة
- أنا سعيدة بالتعرف بك آنسة كارول
قالت لها بانكليزية صحيحة و بصوتها الموسيقي أنا ليزا كاي
- اعذريني على تأخري وعلى شكلي قالت ايف بارتباك
- ولكن سيارتي فرغت من الوقود والأسوأ من ذلك أن المدعي عباس رفض مساعدتي
- عباس حالة من الحالات أجابتها ليزا بمرح- ما أن ترتاحي حتى أخبرك كل شيء عن شذوذه
- أيوجد لديك كوب من الشاي لي ,ليزا؟سألها الطبيب فجأة انتفضت ايف ,ولاحظت أن الطبيب قد رقت ملامحه و ازداد جمالا ووسامة , وهو ينظر إلى ليزا بإعجاب
- طبعا و أنت آنسة كارول ,أتريدين كوبا من الشاي ؟
- بكل سرور , ولكن أرجوك نادني ايف
- ايف؟ أليست ايف هي أول امرأة عاشت في جنة عدن؟
- أتمنى أن تدرك الآنسة بسرعة أن غابة دانتنغ ليست أبدا الجنة المثالية قاطعها الطبيب ساخرا - وانه من الضروري أن تلزم حدود المستشفى , و خاصة في الليل
- اند ريس ! لماذا تحبط من عزيمة صديقتنا ؟
عاتبته ليزا – ليس الأمر بهذه الصورة , فكر بطعام آنيا الشهي
-للأسف لن أتذوقه هذا المساء أجابها الدكتور لقد وعدت السلطان أن أتناول العشاء معه
- حسنا ,ستأتي غدا؟
- بدون أي شكل
ثم تبادلا نظرات تؤكد أنهما فهما على بعض دون حاجة لمزيد من الشرح , يجب أن تكون علاقتهما متينة جدا,حتى تشرق عيون الطبيب بهذا الشكل انه فاتن على كل حال ,و عيونه التي اعتقدتها ايف سوداء في البداية , كانت زرقاء غامقة
ارتعشت فجأة عندما لاحظت أنه يتأملها بمرح واحمر وجهها بسرعة هل قرأ أفكارها؟
- إذالم يكن لديك مانع ,ليزا أفضّل أن أخذ حمام قبل العشاء
قالت ايف وهي تنظر إلى ملابسها لابد أنني أبدو كالمتشردات
- تماما أجابها الدكتور مبتسما
فشدت على قبضتي يديها , وساد صمت قصير في الغرفة
- سأدلك على غرفتك على الفور قالت ليزا ثم التفتت نحو الطبيب حقا لا تستطيع لبقاء معنا دكتور؟
- لا , يجب أن أذهب أنهم بانتظاري في القصر ثم خرج ,فشكرت ايف ربها لان هذا الوغد قد رحل وظلت ليزا معها و تمكنت بلطفها من جعلها تنسى وقاحة الطبيب
وكانت غرفتها بسيطة تحتوي على سرير لشخص واحد ,و خزانة و طاولة و في السقف توجد مروحة للهواء
- غرفة الاستحمام تقع في الطرف الآخر من الحديقة ,و يوجد حمام هنا في أخر الممر
سعرت الفتاة بالانتعاش بعد حمامها هذا ,وأدركت كم كانت تمل في شقتها الفاخرة في مسكن الممرضات في كوالا لومبورهنا على الأقل ستسنح لها الفرصة للقيام بتجاربها ,وستتمكن من تقديم المساعدة للمزارعين المساكين الذين يحتاجونها أكثر من أولئك الأغنياء في العاصمة
وما أن عادت إلى غرفتها حتى لفت نظرها شمسية تتسلق الجدار فابتسمت الفتاة وكانت تعلم أن الماليزيين يعتبرون هذا الحيوان الزاحف جالبا للحظ أيمكنك أن تحمل لي كل ما جئت للبحث عنه هناوتساعدني على النسيان
- أوه لا! صرخت ايف عندما فتحت حقيبتها لقد أحضرت الحقيبة التي تحتوي على بيجامتها وأدوات الماكياج وتركت الحقيبة التي تحتوي على ملابسها في السيارة و في هذه اللحظة دخلت ليزا بعد أن دقت على الباب
- العشاء أصبح جاهزا , مابك ؟ ما الذي لا يسير على ما يرام؟
- لقد تركت حقيبة ملابسي في سيارتي في محطة عباس ,وليس لدي ما أرتديه الآن
-لا تقلقي أجابتها ليزا مبتسمة سأتدبر هذا الأمر
وعادت ليزا بعد ثلاثة دقائق تحمل سريغين وهما من نوع التنانير يرتديها أهل البلاد المحليين ,وقميصين مناسبين لهما
- ستعيدها إلي عندما تحضري بقية حقائبك انتظري سأشرح لك كيف ترتدينها يجب أولا أن تلفيها حول جسدك ثم تدسي طيتها بين ساقيك ,وأخيرا تعقديها في وسطك
ضحكت لبزا كثيرا و هي تتأمل ايف التي لم تستطع ارتداء التنورة إلا بعد عدة محاولات لكن هذه الملابس كانت جميلة على جسدها الرشيق لمرة واحدة فقط فكرت ايف وهي تتأمل نفسها في المرآة
كان العشاء الذي أعدته آنيا رائعا فتح شهية الفتاة,فأطرت ايف على طريقة طهوها للطعام
- نعم آنيا رائعة,كما و أنها تساعدنا عندما يكون لدينا الكثير من المرضىلا تتردي ايف في طلب مساعدتها إذا اقتضت الحاجة ,خاصة بعد رحيلي
- ماذا ؟ اعتقدت أننا سنعمل معا قالت لها ايف بخيبة
- طبعا ,لكني أفكر بأخذ إجازة لمدة ثلاثة أسابيع,لزيارتي أختي في سنغافورة, ولن أرحل قبل أن تستلمي العمل و تتأقلمين معه وستجدين أمام الهاتف لائحة بأرقام الهاتف حيث يمكنك الاتصال بالدكتور كريغ
عند ذكر هذا الاسم هزت ايف حاجبيها بامتعاض ال يمكنني الاتصال بأحد غيره؟
- بلى ,بزينة ,أنها خبيرة تعيش في دانتنغ وتسهر أحيانا هنا بجانب مرضانا وهي متزوجة و أم لطفل صغير
لم تستطع ايف النوم بسهولة هذه الليلة و هي تفكر بالمسؤولية التي ستلقى على عاتقها وحدها في إدارة هذه المستشفى ,خاصة وأن هؤلاء الفلاحين بحاجة للطب الحديث ,كما أنها تخاف من حكم الدكتور كريغ عليها,و بدأت جفونها تثقل عندما سمعت هدير السيارة لابد أنها سيارة دكريغ الذي عاد من القصر.
فتتبعت سير خطواته حتى وصل إلى الشرفةو فجأة رن صفير في سكون الليل ,يشبه ذلك الصفير الذي سمعته عند عباس ,فنهضت و اقتربت من النافذة و قلبها يدق بسرعة ,فرأت الدكتور كريغ يعود على عقبيه و يسير ببطء نحو أشجار الغابة الضخمة ,ثم استند على أحدها و كأنه ينتظر احد . حبست ايف أنفاسها عندما رأت رجلا يتقدم نحو الطبيب الذي هز رأسه و اخرج من جيبه علبة غريبة ناولها للمجهول الذي اختفى على الفور . مامعنى هذا الموعد الغريب ؟ ماذا سلمه الطبيب؟ تراجعت ايف عن النافذة عندما رأته يعود إلى المستشفى بهدوء. فتسالت أي سر يخفيه ؟ ودق قلبها برعب عندما سمعت خطواته في الممر عندما دخل إلى إحدى الغرف و أقفل الباب وراءه.
في صباح اليوم التالي بدا لها هذا الحادث كأنه حلم, كما و أنها كانت بغاية الشوق للبدء بعملها الجديد . فبعد حمام سريع ارتدت السارونغ الذي أعارتها إياه ليزا على أمل أن تتمكن من الذهاب إلى محطة عباس لإحضار بقية حقائبها
- صباح الخير ايف هل نمت جيدا؟استقبلتها ليزا في غرفة الطعام ودعتها لتناول الفطور معها , وعرفتها على انيا الطاهية
-مهما يقول الدكتور كريغ فان هذه المنطقة قطعة من الجنة أحب أن ازور النواحي قليلا
- لاتفعلي !أجابتها ليزا غاضبة .فنظرت إليها ايف بدهشة
لماذا انفعلت هكذا؟و فكرة أن تكون ليزا على علم بنشاطات اند ريس كريغ الليلية أقلقتها
- لا تستخفي بالغاب أضافت ليزا أنها تغلق على المتنزه القليل الحذر كما يطبق الفخ المحكم ,أنا لا أقصد الأفاعي و الحشرات فقطعديني أن لا تقومي بمغامرة في الغابة وحدك
- حسنا فهمتبالمناسية ,هل عاد الدكتور كريغ ليلة أمس؟
- لست أدري اجابتها ليزا بقلق مفاجئ انيا ! هل عاد د.كربغ؟
- نعم آنسة كاي أجابتها الطاهية فسيارته في الخارج
- في أية ساعة يبدأ دوام عملنا ؟وأين هم المرضى ؟
- يبدو أنك متحمسة جداأجابتها ليزا كاي ضاحكة ثم أضافت لقد وزعت لهم آنيا الفطور ,ستجدين هنا وقتا طويلا للراحة .فنحن لسنا في كوالا لومبور ,ولدينا الآن مريضان فقط
- اثنان فقط؟؟سألتها ايف وكأنها لا تصدق
- نعم ,لدينا عجوز في حالة ميؤس منها ,ونحن نحتفظ به هنا كي نخفف عنه ألامه الأخيرة .ولدينا فتاة مصابة بالتهاب رئوي ,والدكتور كريغ سيفحصها اليوم
كانت الغرفة المشتركة طويلة ونظيفة و مؤلفة من ستة أسرة فوقها ناموسية تحمي المريض من البر غش , وبقرب كل سرير كرسيان للزوار.تأملت الفتاة المريضة ايف بحذر وهي تجس نبضها و تتحس جبينها , كانت حرارتها مرتفعة , و الأفضل انتظار رأي الدكتور .فالتفت ايف نحو المريض الثاني عندما اتجهت ليزا نحو الباب
- وهذا الرجل ,ليزا؟
- جاكو العجوز؟أوه ,لا يمكننا فعل شيء لأجله
- سرطان؟سالتها ايف عندما لاحظت ضعف المريض وهزاله
- لا انه مدمن على الكحول ,وكبده مفتت.
- لماذا لا ترسلونه إلى مستشفى جاهن إذا؟من المؤكد أن لديهم علاج فعال لمرض التليف
أمسكت ليزا ذراع ايف و قد نفذ صبرها وجذبتها إلى غرفة الممرضاتايف أنت هنا لست في المدينة الخدمة الوحيدة التي يمكننا أن نقدمها لجاكو العجوز هي أن نتركه يموت بسلام ونوفر عليه الحقن و الأنابيب الغير ضرورية
- أيمكنني على الأقل أن أقدم له الشاي ؟
حسنا كما تشائين سأخرج إنا لاستقبال المرضى الذين يأتون للفحص يوميا ,انضمي الي عندما تنتهين من جاكو
تأملتها ايف بدهشة وهي تبتعد كيف يمكن ترك كائن بشري هكذا؟أليس من واجب الممرضة ان تحاول كل شيء لانقاذ حياته؟
- جاكو؟أتشعر بالعطش ؟همست ايف امام اذن المريض ,لكنه لم يتحرك ياالهي ! ماذا كانت تأمل منه؟قد تكون ليزا على حق بشأنه
آنسة كارول؟
انتفضت ايف عندما رأت الدكتور كريغ ينظر إليها بقسوة
- صباح الخير دكتور
- ما معنى هذه الملابس؟أين تعتقدين نفسك؟ في حفلة راقصة؟ هيا اذهبي و ارتدي زيي العمل فورا
ما سبب كل هذا الغضب ؟ تساءلت ايف وتجاهلت أسئلته
آه د.كريغ أحب أن اعرف رأيك بالنسبة لهذا المريض قست ملامح الطبيب و أدهشه عدم طاعتها للأوامر
- تقول الانسه كاي أن كبده مصاب أجابها بجفاف احيانا الإنسانية لا تتدخل في مجال الطبيعة!
- و ما الذي يؤكد لك أن ساعته الأخيرة قد دنت ؟سالته ايف بجرأة
-لأنني طبيباجابها بحده ولهذا السبب يجب أن تطيعني إذا هيا وبدلي ملابسك فورا و سنناقش أمر جاكو لمرة أخرى
- زيي التمريض خاصتي لا يزال في سيارتي في محطة عباس واعتقد انه لا ضرورة
-كفى الآن!!قاطعها بحده و اتجه نحو الباب تعالي ,لدينا عمل بانتظارنا
شحب وجهها أمام موقفه العنيف ,انه الرجل الأكثر فظاظة في العالم ,وهو يذكرها بقول صديقة لها وصفت احد الأطباء السيئ الطباعانه وحش بقفازات مخملية تبعته إلى الخارج حيث كانت ليزا وزينا قد رتبتا الكراسي إمام طاولة وضعت فوقها أوراق و ملفات و علب عقاقير وضمادات ,جلس الطبيب وليزا بينما ترددت ايف قليلا و جلست خلف الطبيب الذي أشار لها بعصبية و دعاها للجلوس إلى جانبهما .فأطاعته على الفور و قررت أن لا تسمح له بالكلام معها بهذا الشكل مرة أخرى.
كانت ثلاثة نساء تنتظرن في ظل شجرة برفقة أولادهن فأشار الطبيب إلى إحداهن فتقدمت نحوه
- أنا والدة سوكي إنها في المستشفى
- حسنا سأفحصها الآن اجابها بلطف لم تكن ايف تنتظره منه ايف لو سمحت اهتمي بالباقين ريثما أعود
رغم دهشتها من لطفه المفاجئ نادت ايف على الامراة التالية التي كانت تحمل طفلا مصابا بجرح بدا يلتهب ,فنظفته على الفور و ناولت الأم محلولا مطهرا و طلبت منها أن تنظف جرحه إلى أن يلتئم و نصحتها بالاهتمام بتغذيته
- أنت تعملين بسرعةقال لها بصوت دافئ وعميق من من خلفها
- لأنه لا يوجد أمر معقد ,دكتور
- لا تتخيلي أن كل شيء بهذه السهولة ,الماليزيون شعب متحفظ بطبعه يجب أن تنتزعي الكلمات من افواهم كي تعرفي جيدا ما يعانون
ثم جلس وتأمل الملاحظات التي سجلتها ايف ثم نادى على المريضة التالية
- إنها تتألم منذ الأمس قالت له ليزا اعطيتها دواء ضد الالتهاب ولكني أفضل أن تفحصها أنت
طلب الطبيب من ليزا أن تصطحب السيدة إلى غرفة الفحص .وطلب من ايف أن تتابع فحص الباقين .بعد لحظات عادت ليزا يبدو إنها تعاني من حمل خارج الرحم ,يجب ان نجد احد يصطحبها إلى مستشفى جاهم وإلا سنتصل بهم لإرسال سيارة إسعاف
دخلت ايف لتغسل يديها فسمعت سعالا حادا فاقتربت من الطفلة سوكي و سقتها كوبا من الماء ثم سمعت أنين العجوز جاكو فاقتربت منه
- كيف حالك ,جاكو ؟
- ماءاجابها الرجل بضعف شديد فرطبت شفتيه الجافتين و انتظرت لحظات فابتسم لها العجوز لم يسبق لها ان رات ابتسامة بهذا الجمال ولشدة شفقتها على العجوز كادت ان تبكي ,ثم اتجهت نحو المريضة التي فحصها الطبيب منذ لحظات
- ياالهي !! إنها تنزف ! قالت ايف لليزا اليس لديكم أكياس مصل؟
- لدينا ثلاثة فقط ,على كل الأحوال اتصلت بالمستشفى و ستصل سيارة الإسعاف بعد قليل
- حسنا إلا يمكننا أن نطلب منهم أن يرسلوا لنا بعض الأكياس؟
-لا تعقدي الأمور من اليوم الأول ايف من حسن حطنا أن المرضى لايزالون يقصدوننا رغم أوامر وتحذيرات بوموه
-ومن يكون ؟
- بإمكانك أن تسميه الرجل الطبيب أجابها الدكتور كريغ الذي دخل لتوه
- أتقصد أن تقول انه الساحر؟
- و الآن بينما اهتم أنا وليزا بهذه السيدة بإمكانك أن تذهبي إلى المحطة وتحضري أخيرا زيك المناسب
اشتعل الغضب في عيون ايف لماذا لا يوجه نفس الملاحظات لليزا و زينا؟ فهما أيضا ترتديان السارونغ فلماذا لا تبقى هي أيضا بهذه الملابس؟وكيف يجرؤ على الإصرار على الشكليات في مستشفى خالية من أية أدوات ضرورية ؟ وما أن خرجت حتى وجدت امرأة تمسك بيد ابنها الذي يقارب الخامسة عشرة من عمره.
-ما به؟
-كان يتألم طوال الليل
- هل هذا صحيح؟ سألته ايف بدهشة عندما لاحظت انه بصحة جيدة
-نعم كتفي يؤلمني ,هنا في الخلف ,لم استطع النوم ألا بعد أن وضعت عدة وسائد تحتي
_والآن ؟؟
- لم أعد أشعر بالألم وكي يثبت أقواله أخذ يمد يديه بكل الاتجاهات لكن ايف فضلت أن تتأكد بنفسها فدست أصابعها بظهر الصبي
- كل شيء يبدو طبيعي
- إن ماتيوس يمارس رياضة عنيفة يوميا تشبه الكونغ فو
- قد تكون مصابا بتشنجات عضلية ولمزيد من الاطمئنان ادخلي و استشيري الدكتور كريغ
- لا.لا بأس أجابتها الوالدة وقد ارتاحت لكلامها سأعيده إلى المدرسة الآن
عادت ايف إلى الداخل ,فوجدت الدكتور وليزا يجلسان في غرفة الجلوس
- بما أنك لم تقرري بعد تغيير ملابسك ,آنسة كارول , أيمكنك أن تعدي لنا القهوة ؟ سألها د.كريغ
- لا شيء أسهل من ذلك ,دكتور ولكنني أتمنى أن تحدثني بعد ذلك عن حالة الطفلة سوكي
رفع الطبيب يديه نحو السماء يا الهي! لماذا لم أعين ممرضة شرقية ؟ على الأقل كانت أشفقت على طبيب مسكين متعب ثم هز رأسه و قد فقد صبره مع أنها لا تزال مرتفعة الحرارة لكن حرارتها ستعود لطبيعتها بعد أربع و عشرين ساعة ,وأعتقد أنني سأسمح لها بالعودة إلى منزلها قريبا هل أنت راضية الآن سألها بتعالي
همت ايف بسؤاله عن حالة العجوزجاكو لكنه نهض بانزعاج
- لم أعد بحاجة للقهوة وتنهد بمللساتناول الغداء في القصر و سأقضي الليلة هناك في مستشفى جاهم في حال الضرورة اتصلوا بي على هذين الرقمين ثم خرج دون أن يسمح للفتاة بطرح مزيد من الأسئلة لكن ايف لم تكن لتيأس بسهولة ,عاجلا أم اجلا ستعرف كيف تقنعه بضرورة معالجة العجوز.
بعد تناول الغداء قررت ايف أن تذهب للقرية لإحضار سيارتها ولكن ما إن وقفت على شرفة المدخل حتى سحرها منظر الغابة و نور الشمس يتخلل أغصان الأشجار الكثيفة بينما تنتقل العصافير من شجرة لاخرىهناك حياة غريبة تجذبها بقوة نحو الغابة
- ايف!عودي فوراصرخت ليزا بلهجة غاضبة
انتفضت ليزا و عادت وهي تنظر إليها بدهشة هذا خطير جدا ,وخاصة في هذا الاتجاه أضافت ليزا
- لا تقلقي أريد فقط أن أحضر سيارتي من المحطة
- اعذريني ايف , لكن قد تواجهين مخاطر عديدة
- لكن كل شيء يبدو هادئا
- لا تنخدعي بالمظاهر ليس كل شيء ورديا هنا
- أفهم ذلك جيدا خاصة عندما يكون الدكتور كريغ في المنطقةأجابتها ايف بسخرية
- ماذا تقصدين ؟
- أنا أحب أن أعرف من أين تعلم طرقه الرائعة ؟ لم يسبق لي أن التقيت بفظ غليظ مثله
- أساليبه هذه تساعده في إخفاء طيبته الكبيرة ,في أعماقه أعتقد أنه ليس بحاجة للآخرين و بأنه أيضا يفضل الوحدة في مرافقة زملائه
- أليس لديه أصدقاء ؟
- باستثناء السلطان و الجراح المسؤول عن مستشفى جاهم ,لا أعتقد أنه لديه أصدقاء ,منذ سبعة أعوام جاء إلى ماليزيا و لم يسافر أبدا
تفاجأت ايف عندما علمت أن هذا الرجل المتعجرف الأنيق الذي يعاملها باحتقار هو رجل وحيد يعيش أمام الجمال دون أن ينظر إليه بدون شك هو ليس سعيدا .
تخلت ايف عن فكرة الذهاب إلى المحطة ,وعادت و جلست على الشرفة تثرثر مع ليزا , وفجأة سمعا هديرا مألوفا , سيارة بدون شكنهضت ايف و نظرت بدهشة إلى سيارتها التي تتجه نحو المستشفى , وكانت دهشتها أكبر عندما رأت عباس بنفسه خلف المقود .
- لقد أحضرت لك سيارتك , الخزان مليء الآن قال لها بفخر و أضاف انت لست غاضبة مني ,آنسة كارول أليس كذلك؟
كيف تغضب منه بعد أن وفر عليها كل هذه المسافة الموحشة ؟
- لا بأس ,عباس بكم أدين لك؟
-أوه ستدفعين فيما بعدأجابها عباس و ابتعد بسرعة . أسرعت ايف وأخذت تبحث في سيارتها لكنها لم تجد شيئا
عباسصرخت بأعلى صوتها أين حقيبتي ,عباس؟؟؟
- أنا لم ألمس شيئا , لقد ملأت الخزان فقط صدقيني هذه المرة كان يبدو صادقا حقا ,ولكن اختفاء حقيبتها يعتبر لغزا إضافيا حسنا عباس عد الآن و لا تقلق طمأنته ليزا وهي تشعر بالخيبة ثم التفت نحو ليزا
- أخشى أنني سأرتدي ملابسك مدة أطول ليزا رغم غضب الدكتور كريغ عزيزنا.
ثم شربت كوب العصير الذي أحضرته آنيا , وتثاءبت بكسل ومدت ذراعيها إلى الأمام هذه الحركة العفوية ذكرتها بذلك الصغير مات و ألمه الغريب في كتفه ,فهذا الألم لا يحدث الا عندما يكون ممدا
-يا الهي ! وأنا تركته يذهب صرخت ايف وهبت واقفة ليزا! لقد ارتكبت خطأ كبيرا
-و لكن عما تتكلمين ؟ سألتها ليزا بقلق
- انه ذلك الصبي مات لا ,أنت لم تكوني هنا اعتقدت أنه مصاب بتشنج عضلي و لكني الآن أخشى أن تكون حالته خطيرة , وان طحاله قد تلقى ضربة قوية ,قد أكون مخطئة ولكن الأفضل اصطحابه إلى المستشفى على الفور ,تعالي بسرعة
بعد عشرة دقائق قابلا والدته التي أخبرتهما أنه في المدرسة ,فطمأنتها ايف و قالت لها أنها فقط تريد الاطمئنان عليه بعد استشارة طبيب المستشفى ,ولحسن الحظ وجدتاه في المدرسة
- مات ,هذا أمر مهم للغاية ,هل وقعت نهار أمس ؟ سألته ايف.
- وكيف عرفت أنت بذلك؟ نعم وقعت في حفرة ولكنني لم أصب بجروح
- أفضل أن يراك الطبيب من باب الحذر فقط
اصطحبت ايف الصبي إلى مستشفى جاهم بينما عادت ليزا المستشفى. لحسن الحظ تمكنت ايف من الوصول إلى مستشفى جاهم بمدة نصف ساعة و أمام مكتب الاستقبال ,استقبلتها ممرضتان و أوشكا على ادخال الصبي إلى غرفة العمليات ,الاأنهما تبادلا نظرات الشك عندما وجدا الصبي بصحة جيدة و أمام ترددهما سألتهما ايف عن مكتب رئيس الجراحين ,فأرشداها إلى نهاية مكتب يقع في نهاية الممر
- ماذا هناك ؟ سألها الطبيب الذي يجلس خلف مكتبه يكتب أحد التقارير
- أنا ايف كارول ممرضة في مستشفى دانتنغ ,اعتقدت أنه من الأفضل أن أحضر لك هذا الصبي الذي وقع بالأمس و يشتكي من ألم في ظهره, ولكن
-خذيه إلى قسم التجبير يا آنسة قاطعها الطبيب وقد نفذ صبره
- لكنني أخشى أن يكون أصيب في الشريان الطحالي
هذه الكلمات كان لها وقع السحر , فنهض الطبيب دلاسنغام وأمر الصبي بأن يتمدد على السرير و بعد خمسة دقائق أدخل الصبي مات عبدا لله إلى غرفة العمليات ,بينما كانت ايف في المكتب تنتظر خروجه من غرفة العمليات ,الحمد لله أنها تدخلت قبل فوات الأوان . فجأة فتح الباب فانتفضت الفتاة التي كانت قد بدأت تغفو
- دائما بملابس أنيقة , آنسة كارول؟
- دكتور كريغ!! صرخت ايف بدهشة لم أستطع تغيير ملابسي
فهز دكريغ رأسه و جلس خلف مكتب دلاسنغام . كم من الوقت بقيا صامتين ؟ دقيقة ؟ عشرة دقائق ؟ لم يكن يسمع في الغرفة سوى صوت xxxxب ساعة الحائط الخشبية
- أتريدين بعض الشاي ؟ سألها اخيرا
-لا شكرا ,أرغب فقط بمعرفة أخبار مات قبل أن أعود إلى دانتنغ
- كما تشائين , ولكن هذه المرة تحققي من الوقود قبل الذهابولم يترك لها مجالا لإجابة لأنه خرج على الفور , فهزت ايف كتفيها , وكانت معجبة بقامة هذا الطبيب ووسامته , ولكنه للحقيقة يشبه دبا خرج للتو من الغابة ,وأسندت رأسها الى المكتب على ذراعيها , وغفت لبعض الوقت و لم تستيقظ إلا عندما أحست بيد تهز كتفها
- لقد أصبح مات بخيرففركت ايف عيونها ورأت أمامها الدكتور دلاسنغام يبتسم لها بمرح
- برافو آنسة كارول , هذا الصبي يدين لك بحياته
- يجبأن أتصل بليزا في مستشفى دانتنغ و لكنني لا أعرف رقم الهاتف أجابته متلعثمة
- لا تقلقي , سأهتم أنا بالأمر و رفع السماعة على الفور
- ألو آنسة كاي ؟ هنا مستشفى جاهم لا تقلقي ستكلمك زميلتك و ناول ايف السماعة
- ليزا طمأني السيدة عبد الله بأن ابنها بخير نعم , كان ذلك بسبب انقطاع الشريان الطحالي متى يعود؟ و نظرت الى الطبيب متسائلة
- بعد عشرة أيام على الأكثر قال الطبيب
- بعد عشرة أيام ليزا أنا , سأعود حالا
- لا مجال لذلك تدخل ددلاسنغام لن أدعك ترحلين و معدتك خالية , ستتناولين العشاء عندنا , فزوجتي ستكون سعيدة جدا بالتعرف عليك
- هذا لطف منك . ولكنأنا لستو نظرت إلى ملابسها
- هذا ليس مهما بإمكانك الاستحمام في المنزل ثم حل قناع الجراحة الذي كان لا يزال يتدلى من عنقه
- انتظريني في المدخل , سأوافيك بعد خمسة دقائق
و بعد عشرة دقائق ,أوقف الدكتور سيارته أمام منزل كبير تحيط به حديقة رائعة
- ها نحن قد وصلنا قال لها د دلاسنغام
- سيارتي !!!صرخت ايف بدهشة كيف وصلت إلى هنا؟
- تولى أحد أصدقائي أمرها , كما و أنه ملأ خزانها بالوقود أجابها الطبيب مبتسما
من فعل ذلك؟ و لماذا هذه الابتسامة المرحة ؟ و فهمت أخيرا عندما لمحت داندريس كريغ , الله وحده يعلم ماذا يصيبها من الارتباك و الاضطراب أمامه , وبصعوبة بالغة تمكنت من أن تحني رأسها قليلا بكل تهذيب
- شكرا لأنك اهتممت بسيارتي
- هذا ليس بالأمر الكبير أجابها مبتسما أنا من يشكرك لأنك منحتني فرصة تذوق طعام مضيفتنا الرائعة ثم انحنى بلطف بهذه اللحظة خرجت السيدة دلاسنغام لاستقبالها
- أنا سعيدة جدا بالتعرف عليك آنسة كارول و لكن بدون شك تفضلين الاستحمام قبل تناول الطعام
- بكل سرور , لا بد أن منظري فظيع
- لا تبالغي , فأنت رائعة رغم هذه المغامرة التي قمت بها
و رافقتها إلى حمام واسع , فوقفت ايف أمام المرآة , ما الذي لا يعجب الدكتور كريغ في ملابسها , فهي جميلة و تناسبها جيدا؟ إلا أن شعرها ليس مرتبا , و حذاءها موحلا , وبعد هذا الحمام , شعرت ايف بالانتعاش و المرح , و انضمت إليهم في الصالون , وكانت الليلة مقمرة و الجو لطيف جدا فجلست قرب السيدة دلاسنغام و استمعت بانتباه إلى الحديث , ثم نهضت لمساعدة السيدة في إعداد المائدة , وكانت على الفور شعرت بلطف نحوها و أدركت أنهما ستصبحان صديقتين
و بعد هذه السهرة اللطيفة , رافقها الدكتور دلاسنغام و زوجته حتى سيارتها و أرشداها على الطريق المؤدية إلى دانتنغ , بينما د كريغ ظل جالسا في الصالون , ولكن أي دليل على التهذيب و اللياقة كانت تنتظره منه ؟ على كل حال الطريق اليوم أفضل من الأمس , وخزان الوقود مليء بفضل الطبيب كربغ , هذا صحيح , لماذا ملا الخزان . أيسخر منها , أم يرغب حقا في مساعدتها
و في صباح اليوم الثاني , وجدت ايف الفطور جاهزا فتناولت طعامها و دخلت إلى غرفة المرضى وهي تتساءل أين ذهبت ليزا
- كيف حالك اليوم؟ سألت الطفلة سوكي
- بخير , متى ستسمحين لي بالعودة الى المنزل ؟ سألتها الطفلة بتوسل
- يجب أن نسأل الآنسة كاي , يا عزيزتي
وللحقيقة كان اختفاء ليزا قد بدأ يقلقها , وكذلك الممرضة زينة و الطاهية آنيا ليستا موجودتين كيف يتركن المستشفى بهذا الشكل المفاجئ ثم خرجت و ألقت نظرة على الخارج فلم تجد أي أثر للمرضى من أهل القرية الذين كانوا ينتظرون كعادتهم أي لغز هذا ؟ هل تعرضت المستشفى لهجوم عصابات ؟ لا وإلا لكانت انتبهت , أهناك حالة طارئة استدعت وجود ليزا و زينة زانيا ؟ لا و إلا كانوا تركوا لها ملاحظة
بعد ساعة من القلق قررت أن تسال سكان القرية فانتعلت حذاء جلديا و توجهت إلى القرية و حملت معها حقيبة الطوارئ , في الأمس كانت القرية تعج بالحركة و بصراخ الأطفال فلماذا هي خالية اليوم؟ كما أنها لم تلتق بأحد في طريقها و فجأة سمعت صوت رجل يتكلم بصوت مرتفع , فاتجهت نحو الصوت فرأت عددا كبيرا من الأهالي متجمعين حوله , و عندما اقتربت أكثر , رأت الرجل الذي يتكلم , يضع ريشا ملونا على رأسه و يعلق في عنقه ثلاثة جماجم لسعادين صغيرة و إذا هذا هو البوموه , ماذا يروي لهم , وفجأة لمحت ليزا كاي التي تستمع هي أيضا لأوامر الرجل , فتقدمت ايف باتجاهها لكن امرأة صرخت فجأة و أشارت نحوها و ارتفع الهمس بين الأهالي , واستطاعت ايف أن تميز اسمها من خلال تعليقاتهم الغير مفهومة
على الفور و عقدت ليزا حاجبيها و أمرتها بعدم التقدم أكثر , وانحنت و همست بأذن جارها الشاب الشرقي الذي أصبح أمام ايف بلمح البصر
- أنا صديق , اتبعيني بدون نقاش و لا تنظري إلى الخلف
وجذبها بذراعها و قاده نحو الغابة الكثيفة , تبعته ايف دون أن تفكر بالاعتراض , كانت مذهولة و مرعوبة كان كل ما يهمها أن تتخلص من صوت بوموه الذي يصرخ كالشياطين وركضت وهي تلهث و تتعثر إلى أن توقف مرشدها بعد أن أصبحا في قلب الغابة , فشعرت فجأة بالذعر , انها وحدها مع رجل مجهول لا تعرف نواياه كان رجل في الثلاثين من العمر وسيما ولا يبدو عليه أنه من المجرمين
- اطمئني آنسة كارول أنت هنا بأمان , أنا بليك الصيدلي , أنا نفسي من يزودكم بالأدوية , ألم تكلمك ليزا عني ؟
- أنا جديدة هناشكرا لك لأنك أخرجتني من هذا الموقف سيد
- نادني بليك فقط, لكن يجب أن تشكري ليزا و ليس أنا , إنها هي التي طلبت مني أن أبعدك عن القرية بأسرع وقت ممكن لأن البوموه غاضب جدا منك
- مني؟ لماذا ؟
بدون سبب , انه بكل بساطة يغار من الأطباء انه غبي يخشى أن تنتزعي منه كل أهالي القرية
- هذا سخيف , ولكن لماذا أنا بالتحديد ؟
- لقد أخطأت بإنقاذ حياة مات عبد الله شرح لها بهدوء مبتسماوكي يكتمل سوء حظك , قامت والدة الصغير بالتغني بمواهبك و ذكائك بين الجميع
- من واجبي إنقاذ طفلها
- طبعا لكن البوموه ليس من رأيك عند وصولك إلى القرية كان يحدثهم أنك فعلت هذا مع مات كي تحتلي منصب الساحر مكانه
- آوه لا! كيف سأعالجهم الآن إذا فقدوا ثقتهم بي ؟
- لا تقلقي آنسة ايف , الناس هنا ليسوا مغفلين و سينسون كلامه بسرعة و وأنا أضمن لك أنهم سيقصدونك عند أول جرح
- أتمنى ذلك؟ أتعتقد انه انتهى الآن ؟
- أعتقد ذلك , ولكن مهما كان الأمر سأصطحبك إلى المستشفى بنفسي , كي لا تجدي نفسك وجها لوجه أمام أفعى أو نمر
- يا الهي لقد هربت من المدينة كي أعيش بهدوء
- هيا, هيا لا تيأسين ستسير الأمور كما تشائين وبعد ربع ساعة وصلا إلى الطريق الزراعي , وفجأة سمعت ايف أصواتا عالية , فشحب لونها و أخذت ترتجف , البوموه!!
- لا تخافي , انهم المزارعون ظل الزارعون مشغولون بأعمالهم و بثرثرتهم ولم يعيروها أي اهتمام
- أرأيت لو كانوا يهتمون بأوامر البوموه لما ترددوا في مهاجمتك حتى لو كنت في العيادة
- ليتني كنت متأكدة مثلك
- ها قد وصلت الآن إلى المستشفى , ألن تدعينني لشرب شيء منعش؟
أوه اعذرني اعتقدت أنك على عجلة من أمرك
بعد نصف ساعة كانا يجلسان على الشرفة يشربان الليمونادة عندما عادت ليزا أخيرا من القرية
- ليزا ! استقبلتها ايف بحرارة كيف أشكرك لأنك أنقذتني من هذا الموقف ؟
لكن دهشتها كانت كبيرة عندما نظرت إليها ليزا بحده و قالت :أعدي سريرا بسرعة ستصل الآن طفلة مصابة بالتهاب الغدد اللوزية
- بهذه الحالة أنسحب أنا قال بليك ممازحا أتريدين شيئا آخر ليزا ؟
- سأتصل بك إذا احتجت لبعض الأدوية أجابته ليزا بإيجاز دون أن ترفع نظرها نحوه
- حسنا إلى اللقاء
- إلى اللقاء بليك
كان هذا يشبه الطرد لكن بليك انحنى بكل لطف أمام الفتاتين وابتعد بينما تساءلت ايف ما الذي أصاب ليزا
- تقولين إنها مصابة بالتهاب الغدد؟ هل أجريت لها فحصا للدم ؟
- مرة ثانية؟ أنت لست في المدينة ايف أجابتها ليزا بحده
- اعلمي أن الفحوص المخبرية تكلف غاليا و نحن نفضل مراقبة المريض لعدة أيام كي نتأكد من عوارضه , و إذا فكرت جيدا نحصل على نفس النتيجة
- على شرط أن يبق المريض حيا فكرت ايف بسخرية ولكن لا فائدة من إطالة النقاش , لأن ليزا لا تبدو مستعدة لسماعها ,فتبعتها رغما عنها إلى غرفة المرضى وبدلتا شراشف أحد الأسرة ولم تفتح ليزا فمها طوال الوقت و كأنها تتجاهل وجود زميلتها ماذا حصا لها ؟ أهي تعتقد أيضا بروايات العجوز المجنون بوموه؟
- انتبهي قالت لها ليزا فجأة و هي تربت على الوسادة بعنف لا ضرورة لها البوموه قادر على خلق مشاكل كبيرة انه رجل قوي يخشى الأهالي سحره
- لكن بليك أكد لي أن الأهالي سينسون كل شيء غدا
عند سماعها هذا الاسم ازداد غضب ليزا و أجابت بلؤم هذا ممكن و لكنني أعرف البوموه جيدا عاجلا أم آجلا سيحاول التخلص منك
تلقت ايف الخبر بهدوء و شعرت أن ليزا تستغل هذا الحادث لتلومها على زرع الشقاق ليس فقط داخل القرية ولكن أيضا في روتين العمل داخل المستشفى ,أهي غير مهنية ؟ خوف على مركزها ؟ أم هناك سبب آخر؟
بعد قليل أحضرت الطفلة ليلى إلى المستشفى , فظلت ليزا على عدوانيتها ولم تسمح لايف بمساعدتها و بالبقاء معها أثناء الفحص اللأولي و تجنبت لقائها طوال النهار ولم تتمكن ايف من التكلم معها سوى وقت تناول العشاء
- متى ستأخذين إجازتك ؟
- قريبا , أتمنى ذلك
- لا تقلقي علي أنا متأكدة أن آنيا و زينة ستساعدانني في إدارة المستشفى كما و أنني أستطيع أن أعتمد على الدكتور كريغ, أليس كذلك؟
لم تجبها ليزا و ظلت تتناول طعامها و كأنها وحدها
- وإذا احتجنا إلى أدوية , فبليك سيحضر لي ما أطلبه أضافت ايف محاولة حث زميلتها على الكلام
= لا ضرورة لإزعاجه , لدينا هنا كل ما نحتاج اليه أجابتها ليزا بسرعة واحمر وجهها ولمعت عيونها بشكل مميز , بالتأكيد هذا هو مفتاح اللغز إذا ليزا مغرمة ببليك والغيرة هي السبب في تصرفاتها المفاجئة
- يا له من شاب رائع , بليك هذاقالت ايف وهي تراقبها
- يبدو أنه أعجبك
- انه لطيف جدا
- هذا صحيحلديه نجاحات باهرة
بالفعل كان بليك لطيفا و مرحا بينما ليزا المسكينة رغم جمالها متحفظة و جدية فكيف ستتمكن من لفت نظره
- على كل حال , بالنسبة لي بليك ليس من النوع الذي يثيرني قالت ايف بهدوء ونهضت واتجهت إلى الشرفة حيث انضمت إليها ليزا بسرعة و جلست بقربها مبتسمة لها بلطف
لا تقلقي بشأن البوموه فالأهالي يعرفون دائما أين مصلحتهم أنهم بسطاء يجب فهم طبيعتهم كي نتمكن من معالجتهم
- أتعتقدين أن الدكتور كريغ يفهمهم مثلك؟
- لست أدري فهو متحفظ جدا
- يبدو أنك تكنين له محبة كبيرة
- نعم , أكن له محبة كبيرة أنا معجبة به و أحترمه و لم يسبق لي أن التقيت برجل صادق و مستقيم مثله
ارتعشت ايف , يجب إثبات ذلك , لو كان مستقيما فعلا لما كان يقابل ليلا أشخاصا مريبين
- راقبيه جيدا و سترين كم هو طيب و متسامح مهما كانت مشاعرك نحوه , حاولي أن تحافظي على علاقة جيدة معه و إلا سيصبح وجودك في دانتنغ مستحيلا
- سأحاول المستحيل كي أبتعد عن طريقه قالت ايف مبتسمة بمكر ستكون هذه خدمة له
ضحكت الفتاتان بمرح و ارتاحت ايف لتوضيح الموقف بينها وبين ليزا , وفي صباح اليوم التالي اصطحبت زينة الطفلة سوكي إلى منزلها بينما كانت الطفلة ليلى تعاني من حرارة مرتفعة جدا.
- يجب أن نجري لها فحصا كي نتأكد أنها حرارة غددية اقترحت ايف
- بماذا سيفيدنا ذلك ؟ على كل حال , لا يمكننا إعطاءها أي دواء خاص , يجب إبقاءها في الدفء أن نصلي لله كي يساعدها علاجنا على الشفاء
للأسف هناك شيء آخر إضافة للصلاة قد يفيد الفتاة , فكرت ايف و هي تتأمل والدة الطفلة التي تجفف لها العرق عن جبينها ثم تركتهم و خرجت إلى الشرفة لتستنشق الهواء فتفاجأت بوجود ثلاثة فلاحين ينتظرون بدء الفحص بفارغ الصبر الحمد لله ! يبدو أن هؤلاء القرويين يملكون ذاكرة ضعيفة وإلا لأرعبتهم أوامر بوموه وما أن بدأت بفحص المريض الأول حتى انضمت إليها ليزا وسألتها : أيزعجك أن أتركك وحدك , يجب أن أنزل إلى القرية لشراء بعض الحاجيات
لا أبد اجابتها ايف و هي تتأمل قوامها الرشيق و جمالها الملفت للنظر يبدو أن بليك مغفل كي لا يلاحظ كل هذا الجمال وبعد لحظات وصلت ثلاثة فلاحات يحملن زميلة لهن
- بسرعة إنها تنزف قالت إحداهن , فأسرعت ايف نحوهن وهي تنادي على زينة زينة , أسرعي ! نادتها وهي تضغط على شريان ينزف في ذراعها ، ثم التفتت إلى زميلات المصابة يجب أن نوقف النزيف منذ متى و هي تنزف
- قبل أن نصل بعشرة دقائق تقريبا أجابتها إحداهن , فجأة رن جرس الهاتف ابقي معي زينة : قالت لها ايف عندما همت زينة بالدخول للإجابة على الهاتف أن بحاجة لك و عندما استمر بالرنين أرسلت ايف إحدى الفلاحات كي تطلب من المتصل أن يتصل فيما بعد
- متى سيتوقف سيل الدم هذا ؟ تساءلت ايف وهي تضغط على الشريان أكثر يا الهي لماذا لم ترجع ليزا ؟ إذا لم يتوقف النزيف ستضطر إلى نقل المريضة إلى مستشفى جاهم لإجراء عملية نقل دم قبل أن يفوت الأوان عندما توقف النزيف أخذت المصابة تحدق بوجه ايف بدهشة
- أنت الممرضة التي أنقذت حياة مات عبد الله ؟
ارتعشت ايف , البوموه ! ولاحظت الخوف على وجه المرأة , الله وحده يعلم أي تأثير يمارسه ذلك الرجل على الأهالي
- نعم , لقد اصطحبت مات إلى مستشفى جاهم حيث أجرى له الدكتور دلاسنغام عملية جراحية على الفور
- عملية جراحية ؟ اعتقدنا
لكنها تنهدت و سكتت عندما بدأت تخيط لها الجرح و أخيرا , سارت الأمور بشكل جيد , وأصبح بالإمكان نقل المصابة إلى الغرفة المشتركة , جلست ايف و مدت ساقيها بعد هذا الجهد الكبير , وأحست بألم في ظهرها وبعد قليل نامت السيدة المصابة , فنهضت و تفقدت الصغيرة ليلى فوجدتها نائمة أيضا وعندما مرت أمام سرير الرجل العجوز لاحظت انه مستيقظأتريد كوبا من الماء ؟ سألته بشفقة حاول جاكو أن يتكلم لكنه لم يستطع , فسقته الماء و كان ضعيفا جدا لكن لا أحد هنا يحاول القيام بأي شيء لإنقاذه , ففحصته و لاحظت أنه يعاني من التهاب رئوي أيضا إذا كانت تريد إنقاذه يجب أن تتصرف بسرعة , فجأة سمعت خطوات خلفها , فالتفت بسرعة , ووجدت نفسها وجها لوجه أمام الدكتور كريغ الذي يتطاير الشرر من عيونه
- لقد اتصلت بك كثيرا , الحمد لله أنني لم أكن بحاجة لخدماتك , آنسة كارول
نظرت إليه كارول بذهول يبدو أن المرأة التي أرسلتها للإجابة على الهاتف لم تفعل ولكن هذا لا يفسر غضب الطبيب فرمقته بنظرة حادة , ثم غادرت الغرفة , فهي لم تكن ترغب بالنقاش معه لا الآن و لا في أي وقت اخر
و لجأت إلى غرفتها هي ترتجف من الغضب من هذا الرجل الفظ الخشن . لا يهمه أنها كانت مشغولة بإيقاف نزيف حاد . كل ما يهمه أنها لم تجب على مكالمته الهاتفية و بعد حمام منعش ارتدت ملابسها و نزلت و قلبها يدق بسرعة , وهي تتمنى أن لا تضطر لمواجهته .
- ألا يزال الدكتور يعمل في غرفته ؟ سألت ايف الطاهية.
- نعم انه يكتب ملاحظاته.....أجابتها ليزا ............انه يعمل على بحث عن ضعف الدم في الأوساط الريفية لصحيفة الطب الاستوائية .........و نهضت ووقفت أمام الدرابزين وكانت تبدو كأميرة من ألف ليلة و ليلة ,كيف يمكن لبليك أن لا يتأثر بسحر جمالها ؟ و كذلك الأمر بالنسبة للطبيب كريغ , مع أنها فاجأت عدة مرات نظراته الحنونة نحوها .
- ما الذي دفعك للمجيء إلى غابة ماليزيا , ايف؟ سألتها ليزا فجأة.
انتفضت ليزا و أحست بالإحراج أمام هذا السؤال .
- اعلمي , يا عزيزتي ليزا , بأن امرأة انكليزية لا تغادر موطنها إلا من أجل مهام لمساعدة البؤساء ! المتخلفين أو إذا كانت تهرب من شيء أو من أحد .....أجاب بدلا عنها الدكتور كريغ الذي دخل فجأة.
فتحت ايف فمها لتجيبه لكن آنيا دخلت بهذه اللحظة ووضعت من يدها صينية القهوة , فسكب الدكتور القهوة و قدم فنجانا لليزا.............هل ستنضمين إلينا؟........قبلت ايف و قد أربكتها كلمة إلينا ,أحست فجأة بالوحدة , وعادت إليها ذكريات أليمة , لقد أيقظ كلام الدكتور كريغ آلامها . متى ستتمكن أخيرا من نسيان قصتها المحزنة مع مايكل ؟
- حول ماذا تدور أبحاثك , دكتور كريغ ؟ سألت ايف .
نظر إليها الطبيب بدهشة ..حول العلاقة الموجودة بين شروط الحياة و بعض أنواع فقر الدم , لماذا؟ لم أكن أعلم أن هذا النوع من المشاكل يهمك .
- نعم , أنا............و سكتت فجأة و دق قلبها لقد رأت بين الأشجار خيالات رجال يختبؤن .
- ماذا بك؟ سألها الطبيب بقلق .
- لا, لا شيء اعتقدت أنني رأيت شيئا ........أجابته بحذر ........لا بد أنها طيور الليل.
لحسن الحظ , دخلت آنيا بهذه اللحظة و أعلنت العشاء جاهز فجلس الجميع حول المائدة صامتين.
- متى ستسافرين ليزا ؟ سألها الطبيب وهو يقطع قطعة من اللحم في صحنه .
- ما أن تعتاد ايف على العمل , أعتقد أنه مازال باكرا كي أعهد إليها بإدارة المستشفى.
- لا تقلقي ليزا ............ أجابها الطبيب ..........على كل حال , سأبقى بضعة أيام معها .
ارتعشت ايف , لماذا هذا القرار الغير متوقع ؟ أيرغب في مراقبتها ؟ أم أنه يريد أن يتابع عملياته السرية مع ذلك الرجل الذي يقابله سرا؟
- لا تشغلي نفسك بي ................تدخلت ايف أستطيع أن أتصرف وحدي جيدا .
- لا شك بذلك ....أجابها بسخرية .........لكنني أفضل أن أشهد بأنك ممرضة ...طالما أنك ترفضين حتى الآن ارتداء زى التمريض ؟
- لا أعتقد أن هذا يؤثر على فاعلية عملي ...........أجابته بحده.
- على عملك لا , و لكن على علاقتك مع المرضى , نعم .....شرح لها بلطف .....سيمنحونك ثقة أكبر عندما تكونين بلباس التمريض .
دخلت آنيا تحمل صينية بهذه اللحظات .....أتفضلين الشاي أم القهوة ؟ وجهت أنيا سؤالها لايف .
- لا مشكلة بذلك , أنا أحب الاثنين .
ضحكت ليزا و قالت: بمرح الدكتور كريغ من محبي القهوة , بينما أنا أحب الشاي الأخضر و خاصة بعد العشاء.
- هذا صحيح . أجابها الدكتور هذه النقطة الوحيدة التي لا نتفق عليها ,أليس كذلك ؟ سألها بحرارة .
أجابته ليزا بنظرة بنفس الحنان . يبدو أن الدكتور كريغ أكثر من رئيس بالنسبة إليها.
- يجب أن أتحقق إذا كان المرضى يحتاجون شيئا ........قالت ايف وهي تنهض .
- لا, دعك من هذا , سأتولى أنا أمرهم ............قالت ليزا و هي تنهض بدورها .
- ليس هذا المساء , ابف أنت متعبة جدا !!!
- أنت محقة ليزا , أنا متعبة بالفعل .
- إذا ارتاحي و لا تشغلي بالك.
ظلت ايف وحدها مع الطبيب , و كانت تشعر بالارتباك و لا ترغب بالبقاء معه , إن أساليبه الفظة و السر الذي يحيط بحياته الليلة يقلقانها , كما و أنها لا ترغب بأن يستجوبها عن سبب وجودها في ماليزيا
- تصبح على خير , دكتور .
- ألن تجلسي معي قليلا لشرب فنجان من القهوة ؟
الله وحده يعلم ماذا يصيبها كلما نظر إليها بهذا الشكل يبدو و كأنه يقرأ أفكارها و يعريها , فاحمر وجهها و اعتذرت , فهز الطبيب رأسه بدهشة فأسرعت على الفور إلى غرفتها لم تستطع ايف النوم , وظلت في فراشها و الأفكار تتزاحم في رأسها , ومن النافذة المفتوحة , كان يصل إليها صوت كريغ و ليزا الذين يثرثران على الشرفة , كم بقيا معا؟ طويلا على ما يبدو , وأخيرا سمعت ايف خطوات ليزا تدخل إلى غرفتها . وبعد قليل سمعت ايف حركة في الخارج , فهبت على الفور من سريرها و قلبها يدق بسرعة , اقتربت من النافذة فرأت الطبيب يخرج من سيارته علبتين ثم يقفل السيارة بكل طبيعية , ويتجه نحو الغابة . في صباح اليوم التالي , لم يكن قد نزل بعد , أثناء تناول الفطور .
- سأسافر غدا بعد الظهر .........قالت ليزا و هي تشرب الشاي .
- أيزعجك أن أذهب إلى القرية لشراء بعض الهدايا لشقيقتي و طفلها ؟
- لا أبدا لا تقلقي سأهتم أنا نفسي بالفحوصات الصباحية , وإذا مررت أمام محطة عباس , اسأليه إذا كان لديه أخبار عن حقيبتي .
- أتريدين شيئا آخر ؟
- لا أريد سوى زي التمريض كي يهدأ غضب الدكتور كريغ .
- هيا ايف , لا تتحاملي عليه , فهو رغم أساليبه الفظة أفضل رجل عرفته .......أكدت لها ليزا و قد لمعت عيونها ككل مرة تتكلم فيها عن أندريس كريغ. ولكن من تحب ليزا حقا ؟ الطبيب أم الصيدلي ؟ أتعرف هي ؟
- حسنا , سأقوم بجولة الآن على المرضى .
- كما تشائين و ولكن أنا لا أفعل ذلك إلا في حالات الضرورة .
- و لكن لماذا تستخفين بكل أنظمة المستشفيات الحديثة ؟ سألتها ايف بدهشة .
- أوه ايف أنا في إجازة و لا أرغب في مناقشة هذا الموضوع الان , لكن احذري سيكون من الصعب تغيير عاداتنا في العمل بين ليلة و ضحاها .
غسلت ايف يديها و دخلت إلى غرفة المرضى فالتقت بزينة هناك .
- كيف حال مرضانا اليوم؟
- الصغيرة حرارتها مرتفعة . أما السيدة باند فذراعها تحسن وهي تسأل متى يمكنها العودة إلى منزلها .
- العجوز جاكو ؟
جحظت عيون زينة , و كانت تبدو متفاجأة بهذا السؤال .....لست أدري .
- حسنا سأراه بنفسي بعد أن اطمئن على جرح السيدة باند .
وكان الجرح بحالة جيدة فطلبت ايف من زينة مرافقة السيدة إلى منزلها , و كانت ايف قد بدأت تقلق على غياب الدكتور كريغ الذي لم ينزل من غرفته حتى الآن , ولكن هل عاد من الغابة اصلا ؟ و لم تكن انيا تعلم شيئا , وقد حملت سلتها و نزلت إلى القرية أيضا لشراء بعض الحاجيات , وبعد رحيل الجميع , شعرت ايف بالاضطراب , الآن هي وحدها مع الطبيب , لقد أصبحت الساعة الحادية عشرة وهو لم يظهر بعد , فاجتاحها خوف مفاجئ و أسرعت إلى الطابق العلوي , لا شيء.... فجمعت كل شجاعتها و اتجهت نحو غرفته , يجب أن تطمئن , ولا يهمها إذا كانت ستزعجه أم لا.
دقت على الباب مرة , مرتين و ثلاثة و لكن أحدا لم يجبها , ففتحت الباب بحذر و أدخلت رأسها في فتحته و على الفور صرخت مرعوبة .
أتمنى لكم قراءة ممتعة مع حبي نسمة
كان الدكتور اندريس كريغ ممدا على الأرض فاقد الوعي و بقربه حقنة , وأمام السرير وجدت زجاجة شراب , للوهلة الأولى ,خشيت أن يكون مدمنا على الكحول , ولكن لا , هذا سخيف ! ليس الطبيب! كما أن انتفاخ عيونه تشير إلى احتمال إصابته بنوع من الحساسية أو التسمم , ففحصته بسرعة , وكان نبضه ضعيفا جدا .
- يا الهي !لأنه على وشك الموت ! قالت بجنون , ولكنها سرعان ما حافظت على هدوئها , وتناولت الحقنة التي إلى جانبه إنها الايدروكورتيزون , نعم من الأدوية التي يستعمل في حالة التسمم و يجب أن تتصرف بسرعة و إلا......تمالكت ارتجاف يديها , وملأت الحقنة و بحثت عن شريان ذراعه فوجدته بكل سهولة , و حقنته بالدواء و انتظرت و قلبها يدق بسرعة , أن يبدأ مفعول الدواء . وبعد قليل عاد نبضه تدريجيا إلى طبيعته بينما , استعاد وجهه الشاحب لون الحياة , و صدرت من حنجرته تأوهات ضعيفة , فتناولت ايف كوب الماء و سقته منه القليل , ففتح عيونه الزرقاء و تأملها قليلا و كأنه في حلم.
- ايف؟ ايف....اكتشفت؟
- الايدروكورتيزون ؟ نعم, كانت على الأرض الى جانبك ....وحاولت مساعدته كي يصعد إلى السرير . وضع اندريس كريغ ذراعه الثقيل على كتف الفتاة النحيل و استند عليها حتى تمكن من الجلوس على حافة السرير , ولكن بدل أن يتركها ضمها إليه و نظر إليها نظرة غريبة , فجن قلبها , ولم تعترض كانت تحت تأثير سحر هذه النظرة التي تخترق كيانها .
- أتشعر بتحسن ؟ سألته ايف كي تتجنب الدوار الذي بدأ يغشاها , فشد الطبيب على يدها .
- ايف ...لو لم تأت , لكنت...لقد لسعتني حشرة أو أفعى , لست أدري ....
- الغابة مليئة بالأخطار ...قاطعته بسرعة .
فرفع حاجبيه و تأملها قليلا , بدون شك فهم أنها فاجأته في الليلة الماضية , و مع ذلك لم يعلق على الموضوع ,
- لو سمحت , اطلبي من آنيا أن تعد لي الشاي .
- إنها ليست هنا , لكنني سأحضر لك الشاي على الفور .
ثم نزلت السلم بخطى خفيفة , و كانت تحس بأنه صلة غريبة و عميقة نشأت فجأة بينهما . تبدد كل توتر و باتت تشعر بأنها اقتربت كثيرا من هذا الطبيب الساحر .وعندما أحضرت له الشاي , كان قد بدل ملابسه و سرح شعره . فناولته كوب الشاي بيد مرتجفة .
- كيف تشعر الآن ؟
- أفضل , ولكن ...أنت ترتجفين ..قال و هو يمسك يدها .
- انه توتر عصبي ...قالت بضحكة صغيرة .
ظل الطبيب يحتفظ بأصابعها بين أصابعه , فشعرت باضطراب و ارتباك كبير .
- يجب أن أذهب , هناك بعض المرضى في الخارج .
- ألن تشربي الشاي معي ؟أنت بحاجة له مثلي
- لا.....شكرا......اعذرني, حقا يجب أن أذهب .
- حسنا , أخيرا طالما أن الواجب يناديك ....تمتم و طبع قبلة خفيفة على شفتيها ...شكرا مرة ثانية ايف .
عندما عادت إلى الشرفة , كان قلبها يدق بسرعة , و لا تزال تشعر بدفء شفتيه على شفتيها , لماذا ؟ فكثيرا ما قبلها مايكل في الماضي , لكنه لم يربكها بهذا الشكل . ماذا يحصل لها ؟ أهذا فقط انفعال لأنها أنقذت حياته ؟
بعد ساعة , كانت تجلس في غرفة الممرضات تكتب ملاحظاتها , عندما سمعت سعالا حادا , فأسرعت إلى غرفة المرضى و اعتقدت أن حالة ليلى ساءت أكثر , لكنها تفاجأت بجاكو الذي كان يحرك شفتيه كأنه يطلب النجدة . فأمسكت السماعة و فحصته بسرعة ,كان تنفسه بطيء . لقد بقي مدة طويلة بدون عناية , سيموت و كأنه معزول وسط الغابة لا, لا يمكن أن تتركه يموت بحجة أنه لن يشفى . هذا ليس عدلا . وبسرعة اتجهت نحو الهاتف و طلبت مستشفى جاهم.
- أحد مرضاي بحالة خطرة , أيمكنكم إرسال سيارة إسعاف ؟
- حسنا , سنرسل لك سيارة على الفور .
ثم أقفلت الخط و هي تشعر بالراحة . بعد دقائق تصل الإسعاف و تأخذ جاكو إلى مستشفى حديثة أكثر و مجهزة أكثر ... فجأة خطر ببالها فكرة , لماذا لا تستغل الفرصة ؟ بعد نصف ساعة كانت تراقب عملية نقل جاك والى سيارة الإسعاف .
- أيمكنك أن تضع هذا في المختبر ؟ سألت ايف أحد الممرضين و هي تناوله أنبوبا يحتوي على عينة من دم ليلى ...لقد سجلت الملاحظات المطلوبة على هذه الورقة.
بعد لحظات , كانت ايف تتبع بعيونها السيارة التي تبتعد , و شعرت بخفة و راحة ضمير لأنها قامت بواجبها كما يجب , ولم تتفاجأ عندما وجدت أندريس كريغ ينتظرها على الشرفة عاقد الحاجبين و ينظر إليها بقسوة .
- ما معنى هذا؟ سألها غاضبا .
- أنا... جاكو مريض جدا ....أجابته متلعثمة و قد أرعبتها نظراته .
- في المرة القادمة , قبل أن تتخذي قرارات مماثلة , آنسة كارول , استشيريني أولا ...قال بحدة ثم دخل على الفور وتركها مذهولة يائسة . لم يوجه الطبيب الكلام لايف طوال النهار , حتى أنه لم ينظر إليها أثناء العشاء.
- هل أصبحت مستعدة للسفر ليزا ؟سألها كريغ بمودة .
- نعم ستقلع طائرتي في الساعة العاشرة من مساء الغد الى سنغافورة .
غدا ؟فكرت ايف التي بدأت تخشى وجودها وحيدة مع الدكتور كريغ . كما و أن صحبة ليزا تعجبها و هي ستفتقدها كثيرا.
- كيف ستذهبين إلى المطار في كوالالومبور ؟ سألها كريغ فاحمر وجه ليزا فجأة و قالت متلعثمة.
- أنا ....بليك عرض علي أن يوصلني , سيتصل بي هذا المساء ليؤكد لي ذلك .
- لا ضرورة لإزعاجه , بإمكاني أن أوصلك بنفسي ..ألح د.كريغ.
- شكرا , دكتور لكنني وعدت بليك و....
- حسنا , أخبريني إذا لم يستطع صديقنا مرافقتك , أيمكنك الاهتمام بالمرضى صباح غدا؟
- نعم لماذا ؟
- لأنني سأصحب الآنسة كارول معي غدا إلى القرية .
- أنا ؟ لماذا؟ سألت ايف بدهشة .
- ألم تدعي بأن أبحاثي تهمك ؟
- هذا صحيح , ألديك مرضى في القرية ؟
- نعم , أنا أتابع حالة صبي لمدة سنة و هو يعاني من فقر كبير في الدم , ووافقت والدته على أن يتبع نظاما غذائيا متوازنا.
- و لكن أنا لا أفهم ....كيف تتمكن من مراقبة حالته بشكل تام دون تحاليل مخبريه ؟
- ليس من الضرورة أن يكون لدينا مختبر كي تتبين الحالة آنسة كارول .. أجابها بحده لم تكن تتوقعها . لم يكن هناك مجال للنقاش , فرغم أن وسائله ليست مقنعة , إلا أن ايف فضلت أن تلتزم الصمت بالنسبة لهذه النقطة .
- ألديك مرضى غيره في دانتنغ؟ سألته بلهجة المصالحة .
- أعالج أيضا رجلا مصابا بمرض استوائي لم أنجح بعد في تشخيصه , اكتشفت فقط أنه بحاجة لفيتامين ب 12 و أن كل امتصاصه للغليتان يسبب له آلاما معوية .
- هل الدودة الوحيدة منتشرة في هذه المنطقة ؟ أعتقد أنني أذكر أنها تمنع من امتصاص الفيتامينات بشكل طبيعي .
فنظر الطبيب إليها بمرح ألاحظ أنك تحفظين دروسك .... وابتسم لها بلطف ....للأسف , لا يوجد هنا سوى نوع واحد من التانيا التي تعيش في سمك البحر , لكن القرويين لا يأكلون منها, وظهوره هنا نادر ....ثم تأملها قليلا مفكرا و أضاف ....ما الذي يجعلك تهتمين بهذا النوع من الأمراض؟
أحست ايف بخديها يشتعلان و تذكرت بأي حماس رمت نفسها على كل ما يخص الطب الاستوائي . كل هذا بسبب مايكل , كانت سعيدة جدا بالانضمام إليه في ماليزيا , و كانت قد عاشت آخر أسابيع في انكلترا تحلم بساعة اللقاء به....لكن آمالها كلها تهدمت ....لن تنس أبدا نظرات اللامبالاة في عيونه و الملل في ملامحه عندما استقبلها في المطار , ليس من السهل فقدان الحب في عيون من نحب , و لكن الجرح لم يندمل حتى اليوم.
- أنت لم تجيبي....ألح د.كريغ ....هل لمست وترا حساسا ؟ فرفعت رأسها نحوه بتحد.
- أنت على حق , دكتور أنا بالفعل جئت إلى هنا هربا من شيء ما .
و أدركت بسرعة أنها قالت أكثر مما يجب , فنهضت بسرعة ووقفت قرب الدرابزين , لماذا تركت نفسها تنفعل هكذا ؟ قد يكون لأنها في أعماق نفسها ترتاح بعد هذا الاعتراف . هذه القصة المؤلمة تعذبها منذ مدة طويلة!
- قهوة؟ سألها اندريس كريغ الذي اقترب منها و هو يحمل فنجانا من القهوة .
- ولكن بدون شك تفضلين معه الحليب ؟ أضاف بلهجة جعلتها تبتسم رغما عنها .
- لا, شكرا بعد الطعام أفضله أسود ,دكتور .
- نادني اندريس ...توسل إليها بلطف ...المكان لا يتطلب رسميات , أليس كذلك؟
- بلى....لا......طبعا ...أجابته متلعثمة و احمر وجهها , ولحسن الحظ ,انضمت إليهما ليزا , ونظرت بقلق إلى السماء الملبدة المظلمة.
- أتمنى , أن لا تمطر هذه الليلة .
- لا تقلقي على طائرتك , سأوصلك في الوقت المحدد. قال اندريس.
- هذا لطف منك, لكن بليك اتصل و أكد لي بأنه سيأتي في الساعة الثالثة.
هز الطبيب رأسه موافقا , لكن عيونه الزرقاء اسودت فجأة أهو يكره بليك , أم يسعر فقط بالخيبة لعدم مرافقة ليزا ؟ أيكون غيورا ؟ تساءلت ايف مع انقباض في قلبها . رن جرس الهاتف فأسرعت ليزا إلى الداخل , لكنها عادت على الفور,
- ايف هذه المكالمة لك من شخص يدعى مايكل .
أحست ايف فجأة بأن الأرض ستنهار تحتها , مايكل! لا, هذا مستحيل , فهي لم تخبره أين تعمل, و لماذا يتصل بها بالوقت الذي بدأت تمحوه من رأسها ؟ الآن لم تعد بحاجة إليه؟ اتجهت بخطى متثاقلة نحو الهاتف و رفعت السماعة.
- من؟؟؟
- ايف؟ أهذه أنت ؟ أنا مايكل
- أعلم ... أجابته بجفاف .
- ايف !لماذا رحلت عن كوالالومبور ؟ و دون أن تخبريني ! اعتقدت ....أخيرا , كنت أتمنى أن تكلميني قبلا .
- حسنا , هيا ما الذي يمنعك .
- ليس على بعد مئتي كيلو متر ! كم كنت غبيا بعدم تمسكي بك ! عندما أخبروني برحيلك ....أنا أفتقدك كثيرا,ايف.
أحست ايف بالذل و الإهانة , كيف يجرؤ ؟ هل نسي بأنه عاملها كشيء سخيف لا يستحق اهتمام شاب وسيم مثله ؟
- كان يجب أن تفكر بهذا قبل الآن , لأنني انتهيت منك , تصبح على خير
- انتظري !ألا يمكننا أن نلتق ؟ لا يجب أن ينتهي كل شيء بيننا بهذا الشكل . بالتأكيد أنا كنت مخطئا معك , لكنني لم أكن أعلم بعمق مشاعري نحوك . لم أفهم ذلك إلا عندما دخلت غرفتك ووجدتها فارغة.
تخيلت ايف بكل سهولة اكتشاف الطبيب المساعد في تلك اللحظة لا بد أنه كان مماثلا لشعورها عندما اكتشفت أنه استسلم بسرعة لسحر سكرتيراته الجميلات . ولكن ايف , ليست من النوع الذي يناضل من أجل الاحتفاظ برجل , فانسحبت بكل حزن و ألم و قررت أن تبدأ حياتها من جديد ز
- تصبح على خير , عزيزي مايكل ..أجابته بسخرية وأقفلت الخط بوجهه . لكن دمها تجمد فجأة في عروقها , عندما رأت د. كريغ يقف أمام الباب و ينظر إليها بحده , أيقف هنا منذ مدة طويلة ؟ مهما كان الأمر , فانه من المؤكد قد سمع كلماتها الأخيرة , أي غباء ! لم يكن ينقص إلا هذا
- موعدنا في الساعة الثامنة في صباح الغد ...قال لها ببرودة ....سنذهب معا إلى القرية
- حسنا ...قالت بارتباك و هي لاتزال تحت تأثير المفاجأة .
ابتعد اندريس , فترددت قليلا و حاولت اللحاق به و لكنها لم تستطع و فضلت الصعود الى غرفتها على مواجهة نظرات الاتهام في عيونه . في صباح اليوم التالي , انضمت اليه على الشرفة , وكان المطر قد تساقط طوال الليل .
- صباح الخير د.اندريس ....حييته مبتسمة.
- لقد فحصت ليلى , يبدو أن حالتها مستقرة أتساءل إذا كان من الأفضل أن أرسلها إلى أهلها , نحن لا نستطيع أن نفعل لها الكثير هنا.
نهاية الفصل الثاني


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس