عرض مشاركة واحدة
قديم 20-06-16, 06:06 AM   #14

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء الحــــادي عشــــر



،



عيْناك ليالٍ صيفيّة،
ورؤىً وقصائدُ وردية
ورسائلُ حُبٍّ هاربة،
من كتُبِ الشوق المنسيَّهْ
مَنْ أنْتَ ؟
زرعتَ بنقر خطاكَ،
الدَّرب وروُداً جُوريّهْ ..!
كالضوء مررت..
كخفق العِطرِ،
كهزجِ أغانٍ شعبيّهْ ..
ومضيتَ شراعاً .. يحملُني
كِقصيدة شمسٍ بَحريَّهْ ..
لِوُعُودٍ راحَتْ ترسُمُها،
أحلام فتاةٍ شرقيّهْ ..!
مَنْ أنتَ ؟
وسِحرٌ في عَيْنيْكَ
يَزفُ العُمر لأغنيَّهْ ..
لكأنّك .. مِن قمرٍ تأتي
من نجمةِ صُبح .. ذهبيَّهْ!
مِنْ أرضٍ .. فيها شمسُ الحُبّ
تعانِقُ وَجْه الحريّهْ ..
وأنا .. في العُمر مسافِرة
ومَعي .. عيْناكَ وأُغنيّهْ ..!


لـ أنــور سلمـــان ،.



،



ليت الألم يُحكى ..
لأنطقه بكل حروف الدنيا ..
بكل ابجديات الضياع
بكل معاني الوجع الملبوس
فوق أنفاسك الرجولية ..!!!

ليت لـ حرقة الهوى أجنحة ..
أجنحة أركبها .. وأحلق لمكان لا يبصرني فيه عين ..
مكان أكون فيه أنا فقط .. وهـواي الذي انصهر منتصباً .. رافعَ الرأس ..
شامخَ الأنف ..!!

ليتني يا هذا ابتعد ..
ابتعــد فقط عن شراراتك التي تحرقني
تلهبني ..
تذيقني الترمد الذي وصل في جوفي حد الطغيان ..!!!

لـــمَ تفعـــل بــي هـــذا ...؟!!
لـــمَ ..؟!!

أبعد الجرح الذي تلقيته منك ما زلت تمشي بخيلاء صرف
على روحي المثقلة بهوى روحك المتغطرسة ..؟!!

أبعد أن قررت بكل عزيمة أن اتجاوزك، وأعيش عمري الباقي
مع شخص لا/لن يملكني روحياً ..!!
مع شخص لم يرغمني على تذوق
طعـم يشبه بمرارته مرارة حنظلة رُميَت على الأرض
وأصبحت مداس أقدام العابرين ..!!

وكأن الحنظلة المسكينة .. ما كانت إلا قلبي أنا ..
الذي رُمي على يديك أنت ......... أيها السلطان ..!!

قلبي الذي لم يكن ليهواك وهو يعرف
بعجرفة هيمنتك على وتيني ..!!
بازدرائك لـ شخصي ..!!

بخداعـــك ........ أجــل ..
خداعــــــــك ..!!!



أمسكت بجهاز تحكم التلفاز الموضوع بجانب وسادتها ورمته بعنف .... بكل كبرياء مجروح ..
كبرياء لأنثى لا تملك الا الشمم من الطباع ..
والعُلي من الزهو بالذات ..
أنثى من فرط سمو اعتدادها بشخصها كانت تبعث للناس رسالات
مبطنة .. بـ "ممنوع الاقتراب" ..!!

صرخت بكل حدة حارقة .. ملتهبة .. ملتاعة ..
حرقة أنثى اُذيق حبها طعم الرفض والازدراء:
لييييييييييييش ..!!!
لييييييييييش خبررررني لييييييييييش .. !!
لييييييييييييييشششش ...!!!


وفجأة ..
ومن غير مقاومة تُذكر ..
أجهشت ببكاء يقطع الأفئدة من فرط وجعه .. من فرط مرارته السوداء ..

بكت وكلمة "ليش" كانت كالافا .. تخرج من شفتيها وتسكب حممها على صدرها المنتفض ..
بكت كما لم تبكِ من قبل .. وأشد مما بكت في السابق ..
عندما اكتشفت قبل سنين طويلة .. أن سلطان لم يكن راغباً بها ..
لم يكن لـ يريدها زوجة .. ولا حبيبة ..!!
لم يكن يريد .. إلا اللهـو فقط ..
اللهو والسخرية على من أهدته الفؤاد والوجدان ..!!


بكت شما حتى أحست بلهيب يمشي في حنايا صدرها ..
وجفاف قاحل يفتك بأحبالها الصوتية ..
لا تسمع الا لهاث .. لهاث وصل لأقصى حد من الاختناق ..

لهاث كان في السابق
لا ينطق إلا بما قالته نوره الحوشان بكل اصطبار يتأوه من نار الشوق/اللوعة:
"اللي يبينا عيّت النفس تبغيه، واللي نبيه عيّا البخت لا يجيبه"


أما الآن ..
لم يبقَ من لهاثها إلا رماداً متبقي من نار الجوى
الجـــوى يا سلطـــان ..!!!!

وليس غير الجوى ما فعل بـ وجدانها ما فعله بكل جبروت صرف ..!!


بدأت أنفاسها الثقيلة بالانخفاض .. وبدأت تسترد وعيها الذي غاب من أثر صدمتها
من سماعها "ذبذبات أنفاسه" ..!!!


تنفست مرة اخرى بعمق أليم محاولةً استرداد صوتها المختنق حد الزوال .. ووقفت لتواجه مرآتها الطويلة كـ طول قامتها المفعمة بالفتنة ..

ثم همست ببحة مختنقة بعد صمت مهيب متأملةً عيناها المتورمتان من أثر البكاء الشديد:
سمعتي نصخه وجيه استوابج يالخبلة ..
عيل لو لمحتي طرف كندورته شو بتسوين ..!!
أشهد إن حالتج صعيبة يا بنت خويدم ..



.
.
.
.
.
.
.



ضحك نهيان ضحكة رنانة ليهتف بمرح: ياخي انت وياه لازم تحسسوني انيه انسان بلا هدف في الحياه ..!!
خلاص بنشتغل بنشتغل ولا يهمكم ..


قطع كلامه رنين هاتفه، والتقطه باستغراب متسائلاً عن صاحب الرقم الغريب ..

تراجع بخفة ليرد بنبرة حازمة: ألوووووو

: ألوووو .. نهيان ..؟!!

قطب نهيان حاجباه وهو يستوعب الصوت الأنثوي الذي دخل مسامعه للتو

هتف باستغراب تام: هيه نعم نهيان .. منو ويايه ..؟!!

هتفت الفتاة بنبرة مهتزة .. مترددة .. خائفة: أ أ أ نـ نـ نهيان ..
أنا ميسون .. ماعرفتني .!!!

قطب نهيان حاجباه باستغراب وهو يهتف بتساؤل: ميسون ..!!
منو ميسون ..؟!



أتاه ذات الصوت ولكن هذه المرة ظهرت كـ نبرة ساخرة .. نبرة انقلبت من العربية إلى الفرنسية بكل غضب مكتوم:
لم أكن لتفاجئ بحقيقة نسيانك لي .. فـ انت نهيان .!!
نهيان الذي يصاحب عشرة فتيات في وقت واحد ..

استدار نهيان بجسده رافعاً كلتا حاجبيه باستنكار بدأ يظهر .. وهتف بعربية ثابتة باردة رغم إنه يتقن التحدث بالفرنسية باحترافية سلسة:
بتقولين انتي منو ولا ابند الخط ..!!!

ابتسمت المرأة المسماة ميسون ابتسامة ساخرة وهتفت هذه المرة بـ عربية .. تحديداً بـ لهجة أهل لبنان:
شو يا خواجة نهيان، نسيت ميسون .. وليالي باغي مع ميسون .. !!

بدأت عيناه السوداوان تحتدان كـ احتداد نصل السكين، والقسوة اعتلت ضباب مقلتاه بغضب وازدراء متذكراً اخيراً صوت الفتاة المغلف بنعومة الأفعى ..
هتف بحزم جامد قاسي .. قاسي كالحديد: الآدمية اللي تطرينها اندثرت تحت التراب ..

ميسون والحقد في صوتها وصل لمسامعه بشكل علني .. وحاد حد الوقاحة: بتئصود الادميي اللي كبيتا بالشارع هي وابنا بلا بيت ومصاري بعد ما شبعت منا ومن اللعب معا فوء التخت .. ما يا خواجة نهيان ..!!!

قبض نهيان يداه كاتماً انفعالات عاصفة لا يريد اظهارها، خاصة أمام هذه الحقيرة معدومة الاخلاق ..

نهيان بنبرة حادة ساخرة لأقصى حد ممكن مقلداً لهجتها بخبث تام: كنا نلعب فوء التخت على سنة الله ورسوله ما شيغي ..
(ما شيغي = يا حلوتي/يا عزيزتي بالفرنسية)

احتقن وجهها غضباً/خجلاً من جرأة كلماته .. وقالت من بين اسنانها: ليكَكْ عرفتني يخزي العين

قاطعها بقسوة مغلفة بالنفور/البغض: شو تبين ميسون، اظنتي اللي بينا انتهى من خمس سنين ..
شو ذكرج فيه عقب هالفترة كلها ..!!

ميسون بنبرة غامضة أظهرتها بنعومة صوتها الذي كان يطيح بـ سيطرة عقله في وقت مضى:
تلفنتلك لئلك ئشي وسكر ..

نهيان بنزق ملؤه الجفاء: قولي اللي عندج خلصيني ..

ميسون بصوت ثابت: ابنك بدو ياك نهيان

تسمر نهيان بمكانه وعيناه بدأتا بالاتساع تدريجياً قبل ان يهتف بصدمة حادة:
شوووه ...!!!
ولدددي ...!!!!



.
.
.
.
.
.
.



أبـــــوظبـــــــي



تقدمت وهي تدخل رواق القسم الذي يوجد فيه غرفة والدها بينما اصابعها تكتب بسرعة رسالة نصية لأختها الوسطى تسألها ما إذ حطت طائرتهم أم بعد ..

وضعت هاتفها داخل حقيبتها واستمرت بالمشي إلى أن لمحت أمام غرفة والدها طفلة صغيرة تحمل بيدها دبدوب وردي اللون جميل وتبكي بشكل يفطر القلب حزناً ..

اقتربت منها بقلق، ثم جثت على ركبتيها وهي تهتف بنعومة تقطر حناناً/طيبةً: حبيبي ليش تصيحين ..!!!

لم تجب الطفلة بل اشتد بكاءها وازدادت شهقاتها الرقيقة ..

التمعت عينا شيخة بتأثر شديد وكررت سؤالها وهي تمسد شعر الطفلة: يا قلبي ليش تصيحين ..!!
وين ابوج وامج ..!!

أنزلت الطفلة كفيها الصغيرين عن عيناها لتقول بصوت طفولي يتقطع من البكاء: ما ما ما ما ادري

وأخذت تبكي من جديد والخوف ينضح من نظراتها البريئة ...

وقفت شيخة وهي تتلفت علّها تجد أحد اقارب الطفلة المسكينة ..


رجعت تجثو على ركبتيها لتهتف بحنان صرف: انزين حبيبي خلاص لا تصيحين ..
الحينه بنروح عندهم ..

ردت الطفلة وصوتها المتقطع ما زال يتخلل كلماتها الصغيرة: ماما تامي قالتلي تمي هنيه وبييج بسرعة ..
بس ما يت ..

احتضنت شيخة الطفلة بنعومة تبعث السكينة في الصدور لتهتف بتساؤل حاني: منو ماما تامي حبيبي ..؟!

قالت الطفلة بنبرة بريئة للغاية: ماماتي تامي ..

ابتسمت شيخة بعذوبة وهي تمسح دموع الطفلة .. ثم قالت: شو اسمج يا عسولة ..؟!!

وضعت الطفلة أصبعها السبابة بين شفتيها ... واجابت بخجل شديد: اسمي شيخة

ضربت شيخة الكبيرة كفيها ببعضهما بخفة/بمرح ... لتقول بعدها بابتسامة جميلة: وااااااو شرات اسمي .. انا بعد اسمي شيخة ..

ابتسمت الطفلة ابتسامة كبيرة ناسيةً موضوع ضياعها عن أهلها قبل ان تقف شيخة وتمد يدها إليها وتقول ببسمة مطمئنة:
يلا تعالي معايه عشان ندور على ماماتج ..

أعطت الصغيرة يدها لـ شيخة وسارت معها في جميع أروقة القسم ..

بحثت شيخة عن والدة الطفلة ولكن من غير جدوى ..


توقفت فجأة ما إن سمعت صوت الطفلة العالي وهي تنادي احدهم بسعادة: دكتور نااااااااااصر

استدار الدكتور ناصر وهو يرفع حاجبه الأيمن باستغراب، ثم ما لبث أن ارتسمت عيناه بابتسامة أبوية حنونة ..

تقدم من الفتاتان بخطوات رزينة ثابتة .. ونظرته التي تلتمع بلون القهوة كانت كافية في إضفاء سحره الرجولي الخاص على هيئته بحلة الأطباء المتعارف عليه ..

جثى على ركبتيه وهو يهتف بنظرة شديدة الدفء: شواخي الحلوة اهني ..!!
يا هلا يا هلا ..

ارتمت الطفلة شيخة في احضان الدكتور لتقول بحزن بملء فمها الوردي الصغير:
دكتور بابا وماما خلوني وراحوا ..

الدكتور ناصر بتساؤل: وين راحوا عنج بابا ..؟!!


أخذت دموع الطفلة شيخة بالتساقط مجدداً وهي تقول: ماعرف، ماما قالت حق ماما تامي توديني الكفتيريا عشان اشتري عصير وكاكاو ..
بس ماما تامي ودتني مكان ماعرفه مب الكفتيريا ..
قالتلي تمي وبييج
بس ما يت ..

الدكتور ناصر باستنكار خفيف: وشله امج ما ودتج الكفتيريا بنفسها، من يأمن على الخدم ذي الايام ..!!
الله يهديها بس ..
(وشله = لماذا)

وأخذ يمسح دموع الطفلة وعيناه تنضحان حنان جارف يبعث القشعريرة بشكل يصعب وصفه ..



كانت شيخة الكبيرة في تلك الأثناء تشعر بأنها في مسرحية ودورها ليس الا كومبارس غير ذي أهمية مطلقاً ..

تعترف ان حرجاً شديداً انتابها من غرابة الموقف التي هي فيه بمجمله ..!!
ولكن، بين شعور الخجل والارتباك، لم يغفل قلبها عن الاحساس بفيضانات الدفء والحنان الأبوي التي تدفقت على رأس الطفلة من الطبيب ..

هذا الطبيب الذي أسر "بفتنة نبرات صوته العميقة وقلقه الحاني" دقات قلبها الجائعة لـ حنان أب فقدت روحه المُحبة منذ سنين طويلة ..

كان قلبها يدق لـ جمال ما تشهده بشكل لم تفقه له ابداً ..!!


رفع الطبيب رأسه مدركاً اخيراً وجود مخلوق انثى بجانب الطفلة ..

ما إن لمح طرف وجه شيخة التي لا تغطيه عادةً بخلاف شقيقتاها الكبيرتان، حتى غض بصره ليهتف بنبرة ثقيلة مهذبة: اختي السموحة منج ..
بس انتي شتصيرين لـ شيخة ..!!



تنبأ عقلها لأمر استوعبته بينما الطبيب يتحدث ..
فـ لهجة حديثه لم تكن اماراتية، انما وإن لم يخب ظنها قطرية ..!!!


تنحنحت شيخة بخجل فطري لتهتف بنبرة ناعمة خافتة: ما اقرب للصغيرونة ..
شفتها تصيح جدام حجرة الوالد وشليتها عشان ندور على هلها ..

وأردفت وهي تهز كتفيها: بس ما حصلنا حد ..


وقف ناصر وهو يرتب هندامه الذي لم يكن يحتاج لترتيب من الأساس،
انما هو فقط كان يحاول عدم التشتت بقوله وفعله .. عدم التشتت بثباته الذي يتميز به وهو يسمع ذبذبات همس الفتاة المثقل بالعذوبة والخجل المُرتبك ..


أمسك بيد شيخة الصغيرة محاولاً عدم النظر لكفوف الفتاة الشابة البيضاء الا ان نظرته لا ارادياً تنجر لجمالهما الناعم بأصابعها الضعيفة الطويلة وأظافرها المقلمة بشكل أنيق ..
بشكل فاق الأناقة بحد ذاتها بنظره هو ..!!


زجر نفسه مستنكراً افكاره المُراهقة التي لا تناسب ابداً عمره السادسة والثلاثين ..!!

تنحنح بثقل وهو يهتف بنبرة خشنة لم يتعمدها ابداً: خلاص مشكورة الشيخة،
انا الدكتور المشرف على حالة خال شيخة المرقد اهني، واعرف ابوها عدل ..
فـ تقدرين تخلينها معاي ..

خفق قلب شيخة عندما ناداها بـ "الشيخة" ظناً منها إنه يناديها بأسمها الحقيقي ..!!
ثم استوعبت مقصد كلمته العفوية ..

قالت شيخة بتردد منخفض الصوت وهي تنظر لـ شيخة الصغيرة: بسسسس دكتور ...



: شيــــــخة


التفتت شيخة الكبيرة ومعها الصغيرة لا إرادياً للصوت المنادي لتهتف الكبيرة بعفوية: هلاااااا

اقتربت المرأة المغطاة بأكملها بالسواد لتهتف باستغراب لـ شيخة الكبيرة: شيخة وينج من متى نترياج عند ابويه ..!!

قطب ناصر حاجبيه وبسمة متلاعبة اعتلت ناظراه بشكل طفيف ..

أسمكِ شيخة إذن ...!!!


شيخة بتلعثم تخلله ارتباك واضح: أ أ أ يايه الحينه، ترييني دقيقة ..

نظرت شقيقتها أم محمد لـ ساعة يدها بعدم صبر وهتفت بخفوت مستعجل: يلا انزين لا تتحيرين ..
ورانا سيره للمطار عشان اختج ولا نسيتي ..!!!

هزت شيخة رأسها وهي ترد بسرعة: ان شاء الله ان شاء الله دقيقة بس ..

ثم التفتت لـ شيخة الصغيرة متحاشيةً النظر للطبيب لسبب تجهله تماماً ..!!
لم تعرف أهو خجل ..!!
ارتباك ..!!
خوف من مشاعر تجهلها ..!!
أم نفور من انقباضات تدب في معدتها كلما لمحت طرف عيناه اللامعتان ..!!
لا تعرف ..
تتمنى فقط أن تخرج من نطاق رجولته الدافئة الجاذبة لها بشكل مؤذي ..!!

ولكن ..... وياللعجب ..
تتمنى في الوقت ذاته الغرق ببحر صوته العميق .. العميق حد اللانهاية .. بحنانه .... وبكمية السكينة فيه ...!!!


وبخت شيخة نفسها محاولةً الهرب من حصار مشاعر غريبة كل الاغتراب على جدران قلبها الجائع للإحتواء ..!!
الجائع لكلمة عذبة .. المتعطش لـ حضن شجي رحوم يغنيه عن كل حضن ..!!


قالت أخيراً للطفلة وهي تميل جسدها الى الامام وتنخفض حتى يصبح وجههاً مقابلاً لوجهها الصغير: حبيبتي شيخة، انا بخليج الحين ..
بس قبلها توعديني ما تصيحين ..!!

تعلقت شيخة الصغيرة بـ رقبة شيخة الكبيرة هاتفةً بصوت طفولي مستاء: ليش تروحين شيخة ..!!

همست شيخة قرب اذن الصغيرة بحنان جم: حبيبي باباتي يباني انا بعد، تأخرت عليه وايد ..


وبحركة لم تفهم ماهيتها بتاتاً ..
رأت الطفلة وهي تقترب من ناصر لتوشوش في أذنه اليسرى بكلمات قليلة ..

ثم رأت ناصر وهو يهز رأسه بابتسامة خفيفة .. ابتسامة لم تكن بريئة ابداً في الحقيقة .. ليهتف بعدها بدفء متدفق:
ايه حبيبي عادي


رجعت شيخة الصغيرة للكبيرة وهي تبتسم بخجل طفولي، ثم مدت دبدوبها الصغير إليها لتهتف بنعومة:
خلي هالدبدوب عندج ..

قطبت شيخة الكبيرة حاجباها بابتسامة مستغربة ثم قالت برقة: ليش غناتي، دبدوبج هذا ..!!

وضعت الصغيرة سبابتها على شفتها السفلى بخجل اشد وقالت: بس جيه .. عشان انا استويت احبج

تأوهت شيخة بتأثر تفجر بالبهجة .. وهتفت بصوت عذب لم تستطع التحكم برناته شبه العالية: واااايه انا فديت اللي يحبوووني ..

واحتضنت الطفلة بعد أن قبلت خداها الممتلئتان، ثم أكملت بابتسامة تضج بالفتنة: وانا احبج حبيبي وايد ..

وبعدها اخذت الدبدوب من الصغيرة لتهمس قرب اذنها بنظرة تلألأت جذلاً: واستويت احب هالدبدوب بعد،
شكرا شواخي ..

قبلتها مرة أخرى ثم وقفت وهي تمسد شعرها بعينان باسمتان قبل ان ترفعهما للطبيب ..

قالت بصوت انثوي رزين ونظراتها تقع على كل شيء امامها عداه:
دكتور حط بالك عليها ..

التمعت عينا ناصر ببريق غريب .. بريق يقول بأن لقائه بهذه الفتاة لن يكون الأول والأخير ... ثم هتف بصوت واثق متزن: إن شاء الله، لا توصين ..

استدارت شيخة بعد أن قالت برقة: مع السلامة ..

رد ناصر بخفوت عميق: مع السلامة يا ....... شيخة ..


أحست شيخة بماء بارد ينسكب على رأسها، وشعرت بأن سيطرتها على خطواتها الثابتة ستنفلت لا محالة ..!!


يـا إلهـــي ..!!
ما هذا الاحساس الذي يشعرني بأني واقفة على هلام ..!!

استفيقي يا فتاة ..!!
هو فقط نطق بـ أسمك يا شيخة .. فقط نطق بـ اسمك ..

فلتركزي الآن على خطواتك قبل أن تسقطي على وجهك ذو التعابير البلهاء ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



مطار أبــــوظبي الـــدولي



الوطـن
ما هو الوطن ..!!
سوى فرحة طفلة تتغنى تحت المطر

الوطن
ما هو الوطـن ..!!
سوى وفاء عجوز تنتظر حبيبها على كرسي خريف العمر ..!!!

الوطـن
ما هو الوطن ..!!
سوى انتماء قطيطات لـ صدر أمهم ... والمواء شبعاً بين احضانها ...!!!


الوطـن
ما هو الوطن ..!!

سوى تقبيل ترابك المسك ....... يا الامارات ...!!!!



نزلت من الطائرة وهي تتنفس حرارة هواء العاصمة بسعادة منتشية ..

ابتسمت ابتسامة عذبة .. ناعمة .. مليئة بالحب لتهتف لـ شقيقها ذياب:
فديت داري ومرباي .. اسميني ولهت على بوظبي يا ذياااااااااااب ..

ذياب بنظرة باسمة: هيه والله انا بعد ..
ههههههههههه ما صدقت انيه في الدار الا يوم لفحتني اللواهيب ..
(اللواهيب = الهواء الحار)

ضحكت ناعمة بخفة لتقول بـ جذل: هاذي علامة الجودة أصلاً

وأردفت وهي تتساءل: ذياب منو بيشلنا من المطار ..!!!

ذياب وهو ينظر لـ ساعته: عميه سلطان

ابتسمت ناعمة بـ شوق لا ينضب:
فديــــــت الطــــــاري ياربــــــي ..


صمتت للحظة عندما سمعت نداء صديقتها روضة لها .. وتحركت إليها مسرعةً قبل ان يدخلوا المطار الداخلي ..

ناعمة: هلا رواضي حبيبتي

روضة وهي تتألم من أثر صداع داهمها: نعوم فديتج ابا بندول .. عندج ..!!

ناعمة بذهول/بقلق: اووويه رواضي شعنه عيونج حمر جيه ..!!

وضعت روضة يدها على رأسها لتهتف بإرهاق/ألم واضحان: ما رقدت نعوم من يومين ..
والصداع بيذبحني ..

ناعمة باهتمام مستغرب: ما رقدتي في الطيارة ..؟!

تنهدت روضة بشكل غريب لتهتف بذات صوتها المُرهق: لا ما رمت ارقد ..

ناعمة: لييييش ..؟!!

صمتت روضة باستياء تخلله ارتباك عارم ..


ماذا أقول لكِ يا صديقتي ..!!
أأقول بأن طيف "ذاك" لا يفارقني منذ أن سقطت عيناي اسيرة عيناه ..!!

أأقول لكِ أن خيبة أملي "بـ حب صغير قد نما بشكل غريب" بدأت تزداد ما ان شممت هواء بلادي ..!!

ماذا أقول يا صديقتي ماذا أقول ..!!

أحببته .. يالحظ قلبي البكر ..!!
أحببته يا ناعمة ..
أحببتــــــه ..!!
وحبه الشرس ما يجلب لي بكل قسوة السهاد ..!!


تنهدت بعد صمت شفاف، لتهتف فيما بعد باقتضاب: ماعرف نعوم .. عندج بندول ولا ..؟!!

ناعمة: لا ما عنديه .. تريي بدورلج عند البنات ..

دخل جميع القادمين لمطار أبوظبي الداخلي وبينهم القادمين من فرنسا ..

كانت ناعمة في تلك الأثناء تبحث عن مسكن للألم لـ روضة المُرهقة .. وبينما هي تبحث وتسأل الفتيات، أخذت تلمس أصبعها الأوسط من كفها الأيمن ..
فـ هي عندما تقلق تحرك بشكل لاإرادي خاتمها صعوداً ونزولاً ..!!

ولكن .... وياللصدمة التي افقدتها التفكير لثواني ....... لم تجد خاتمها ..!!


الخـــــاتم ..!!
أيـــن هــــــو ..!!



قطبت حاجبيها بصدمة/بجزع وهي تحاول تذكر أين وضعت خاتمها ...!!!!

أخذت تبحث في حقيبتها عنه علّها تجده مرمي هنا أو هناك ..!!

ولكن لم تجده ..


يا ربي ...... إلا هذا الخاتم ..
إلا هو ..!!
أرجوك يارب ..
لم يبقَ لي من رائحة أمي إلا هذا الخاتم يالله ..!!


أحست بقلبها يعتصر وهي تقف بحزن أليم محاولةً تذكر ما اذ سقط منها في مكان ما ...

مرّت طيوف ذلك الموقف المُرعب بشكل مموه في بالها، ليهتف عقلها بذهول باغتها ..

أيعقل إنه سقط من أصبعها عندما حدث لها ما حدث في مطار باريس ..!!!!


ترقرقت دموع خفيفة في مقلتيها السوداوين لتهتف بحزن/خيبة أمل شديدة:
ياربي كيف طاح مني كييييييييف ..!!!!


أتتها الطالبة ظبية وهي تهتف بصوت شبه عالي: أبلة أبلة .. هاذوه بندول ..

أخذت ناعمة من الفتاة المسكن وشكرتها بشكل مقتضب يوحي بمزاجها المستاء تماماً ..

ثم ذهبت الى روضة لتعطيها اياه ..

قالت ناعمة بعد ان ابتلعت روضة المسكن وشربت الماء: اجر وعافية يا قلبي

روضة وهي تتنهد بشكل خافت: الله يعافيج ويسلمج فديتج

وأردفت وهي تلاحظ شحوب وجه ناعمة الذي كان متورداً منذ لحظات فقط: نعوم بلاج ..!!
شو مستوي ..!!

لم تحتمل ناعمة أن تكتم ما بقرارة نفسها من حزن، خاصةً عندما سمعت صوت روضة القلق ..
خانتها دمعة يتيمة من عيناها، وهمست بحزن صافي: رواضي هب محصله خاتميه ...
ماعرف وين طاح عني ..!!!

روضة بصدمة: ويييينه ..!!!!


مسحت ناعمة دمعتها الحزينة، وهتفت باستياء صرف .... وبتردد فـ هي لا ترغب الآن وهنا بإخبار روضة ما الذي حصل لها في مطار باريس: ماعرف يا روضة ماعرف ..

ظلت روضة تواسي ناعمة وتهدأ من انفعالها .. فـ هي أكثر من يعرف حجم مكانة هذا الخاتم بالذات في قلب ناعمة ..

فهذا الخاتم في الأصل هي هدية جدها لـ والدتها نوره ...

كان خاتماً عليه قلب من ذهب مرصعاً بماسات صغيرة براقة .. وهذا القلب مجوف بحروف منقوشة بـ اسمها هي ..
نـــاعمـــــة ..

لأن اسم ناعمة ما كان جدها ينادي ابنته بـه حباً وتدللاً وشغفاً
فـ هو كان يرغب منذ أن حملها بين يديه أن يسميها بهذا الاسم، الا ان زوجته أصرت بشدة ان تسمي ابنتها نوره على اسم والدتها ..!!
ولم يرغب أن يخذل زوجته وهو الذي احبها بكل قلب ينبض، فـ ما كان منه إلا أن ينادي ابنته نوره بينه وبينها بإسم "ناعمة" ..

وعندما شعرت نورة بـ دنو أجلها ..

أعطت ابنتها التي اسمتها ناعمة تحقيقاً لرغبة والدها العزيز هذا الخاتم الغالي على قلبها ..



.
.
.
.
.
.
.



دلف صالة استقبال المسافرين وهو يعدل نسفة غترته بفخامة مهيبة .. وبشكل لا ارادي .. انتقلت انظار البشر من كل جنس ولون إليه منجذبين لـ حضوره الاستثنائي ...

ظل واقفاً عاقداً ساعداه القويان امام صدره الرَحب منتظراً خروج أحباء قلبه الذين أخذوا نسائم الوطن العليل معهم ..

خاصةً تلك ..
تلك التي وضعت محبتها في لب قلبه منذ أن حدّقت به اول مرة "بـ عيناها الواسعتان المستديرتان ببراءة غارقة في اللذة" وهي في مهدها ..
منذ ما يقارب خمسة وعشرين سنة ..

أصبح الأب، العم، الحامي والصدر الحنون لها منذ أن كان في الخامسة عشر من عمره ..!!

لم يكد يخرج من خيالاته الأبوية المشتاقة حتى شعر بارتطام جسد أنثوي رقيق على صدره ...
وسمع غمغمات رقيقة تقطر شوقاً تخرج من فمٍ غارق في لُجات حضنه المفعم بالدفء: ولهت عليك سلطووووووون


استوعب اخيرا صوت الفتاة ليهتف بضحكة رجولية مجلجلة وهو يضرب بخفة كتفها محتضناً اياه بقوة حانية:
هههههههههههههههه سود الله ويهج .. اخترب مذهبج من سرتي اسبانيا يا نعوم ..

رفعت ناعمة ذقنها لتقبل صدر عمها، فهي لن تستطيع ابداً بطول قامتها المتوسط أن ترفع جسدها لتقبل خده ..
ثم هتفت بابتسامة تتفجر شوقاً جارفاً قوياً: فديت ريحتك يالغالي، والله ولهت عليك يا بومييد ..

ابتسم سلطان ابتسامة ابوية شجية وقبّل رأسها وهو يتمتم بخشونة دافئة: والله وانا اكثر يا عيون بومييد ..


سمع الأثنان صوت ذياب الساخر: خلوا حقيه شوي من الأحظان والرمسة الغاوية ..

تنحت ناعمة قليلاً عن الرجلان ليسلما على بعضهما سلاماً رجولياً بحتاً تخلله اشتياق واضح من الطرفين ..

هتف ذياب وهو يضرب كتف عمه بدعابة محبوبة: يلعن بليسك يالعم ..
احلويت عن اول، شو سويت من ورايه اعترف .. !!!

قطب سلطان حاجبيه باستنكار ظهر مع ابتسامته الثقيلة المتهكمة: هب هباك الله ...
اشووه بعد احلويت، شايفني بنية يالسبااااال ..؟!!

ضحك ذياب ضحكة رنانة لتهتف ناعمة بشقاوة وهي تتأبط ذراع عمها القوي:
امبونه بومييد عنيه افداه حلو ومزيون ..
(امبونه = من الأساس/في الأصل)

سلطان ببسمة ساخرة: طاعو هاي بعد، حووووه انتي وياه، صخوا لأمرغكم بالعقال ..

تقدم وهو يدفع عربة الحقائب ويكمل: امشوا امشوا جدامي يلا ..



.
.
.
.
.
.
.



العيــــــــن



كان تتحرك بتوتر تام وهي تضرب كفها الأيسر بقبضة كفها الأيمن، متوترة بشدة وخائفة ..

فـ هي منذ الصباح تحاول الاتصال بـ زوجها ولكنه لا يرد، وبعد عشرات من الاتصالات،
سمعت الصوت الآلي يقول بكل برود صرف أن هاتف زوجها مغلق .!!!


أيـــن أنـــت يا سيـــــف ..!!
مالذي يجعلك لهذا الوقت خارج المنزل ..!!
لمَ لا ترد على اتصالاتي القلقة .. لمَ ..!!


كانت تتنفس بشدة ووسوسة الشيطان قد بدأت تصل لأقصاها في قلبها وعقلها ..

مرتعبة هي من فكرة أن زوجها قد أصابه أحد نوباته المرضية في عمله
أو أصابه خلل في اتزانه وهو يقود السيارة ..!!

يا إلهــــي ..
لا أحتمل فكرة أن يصيبه شيء ..
أحفظه لي ولأولادنا يا رب .. احفظه لنا يا رحمن ..!!!


كانت في حالة شبه هستيرية من القلق والارتباك محاولةً للمرة المئة أن تتصل به علّه في هذه المرة يجيب ..


توقفت مكانها فجأة عندما سمعت باب غرفتهم يُفتح لترى وجه زوجها المُحبب لقلبها العاشق أمامها ..

تهللت أساريرها بشكل لا يوصف وهي تركض نحوه لتنغرس بأكملها في حضنه الصلب الحاني ..

هتفت بصوت يرتجف من القلق/الانفعال: حبيبي وينك ..!!!
ما رديت البيت من وقت مثل ما قلتلي .. ولا ترد عليه يوم اتصلبك ..
روعتني عليك واااايد سيف ..


شعرت بماء بارد يُسكب على رأسها ذهولاً ما ان شعرت بقبضة سيف القوية .... القاسية حد الصقيع على ذراعها مٌبعداً إياها عنه بصمت شديد ....

لم ينطق بكلمة .. ولم يعطها أي نظرة توصف بأنها "نظرة" ..!!!
بل لم يُحرك ابدا تعابير وجهه الجامدة "بشكل يبعث الريبة في النفوس" ..

اكمل سيره اتجاه غرفة الملابس لينزع عنه ثوبه وغترته ..


تشنج تفكير العنود للحظات محاولةً استيعاب صمت سيف الغريب، وتصرفه الأغرب ..!!

ذهبت خلفه حيث غرفة الملابس لتسأله باضطراب: حبيبي بلاك ..!!
تعبان ..!!!
تانس شي .. يعورك شي ..!!!
خبرني دخيلك ..


لم يرد سيف ابداً على كلامها ..
بل اعطاها ظهره الطويل المشوب بـ سمرة طالما ابهرت انفاسها وخدشت لبها اثارةً ..

ثم دخل الحمام بكل هدوء .. هدوء مرعب لا يشبر بالخير ابداً .....!!!!


ارتعدت خفقات العنود خوفاً/ارتباكاً قد وصلا لأعلى درجاتهما في قلبها ..

ما الذي حل بـ سيف يا ترى ..!!
لمَ تشعر بأن هدوئه ما هو الا اعصار سيفتك بها حالما تصل لـ ذروتها المدمرة ..!!

همست بخفوت قلق: الله يستر بس .. شبلاه الريال منجلب جيه ...!!



بعد دقائق قصيرة ..


خرج سيف من الحمام وليس عليه الا ازاره الذي يغطي الجزء السفلي من جسده،
وبذات الهدوء الباعث للارتباك، لبس ثوبه الأبيض ..
ثم بدأ يصلي وتره بخشوع تام ..


كانت العنود في تلك الأثناء جالسة على إحدى أرائك الغرفة الوثيرة، وتراقب تحركات زوجها المريبة ..!!


انتهى من صلاته ثم استقام ..

كانت تحركاته خافتة .. عديمة الصوت كلياً ..
حتى عيناه كانتا كـ غشاء مظلم مموه يخفي خلفهما مشاعر تموج وتتراقص بكل غموض داخل طيات روحه العميقة ..

هتفت العنود بعد أن زفرت زفرة ارتباك صرفة: سيف شحقه ساكت ..!! .. وترتني قسم بالله ..
لو في خاطرك شي تبا تقوله قوله ..

لم يرد سيف على ما تفوهت به، بل اتجه لفراشهم وتمدد فوقه ..
ثم غطى كامل جسده باللحاف ..
ونام ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



فتَح عيناه ببطء شاعراً بآلام تضرب رأسه وجسده كله وكأنها ضربات مطرقة ..

يشعر بـ صداع يفتك كل جزء من أجزاء رأسه والضباب قد تسيّد ناظراه بعجرفة كامنة ..!!



أيـ ـ ـن هـ ـ ـو ...!!!

ما كل تلك الأصوات والصراخ والضجيج ...!!
آآآآآه ..
يكاد يموت من شدة عوار رأسه ..!!

آه .. ما هذه الروائح النتنة النفاذة ..!! ... يشعر بأنه في مكب نفايات ..!!


آآآآآآه ..
أحس مع شعوره بالألم الفظيع بسيلان عرقه الذي ازال تقريباً البودرة التي وضعها بوجهه لغرض التنكر كاشفاً عن ندبته التي بدأت بإخراج قيح لزج شفاف اللون ..


إلهــي، لم يعد يستطيع تنفس الأكسجين ..!!
وكأنه في قمقم منذ سنين لا يعلم بعدتها ..


حاول بشكل مضني فتح عيناه .. ولكن ..
وكـ ما فقد وعيه في المرة الأولى .. !!

فقده مرة أخرى .... فقده وهو يتمنى
بكل رجاء الى الله .. أنه ليس الا في كابوس ..
وسيصحو منه قريباً ......!!!



.
.
.
.
.
.
.



بعد مضي يومــــان
بالتحديد .. يـــوم الخميــــس ..



تشـعر بأنها على صفيح من جمر ملتهب .. لا تستطيع الأكل ولا تستطيع التفكير
فـ شقيقها الوحيد لا يرد على رسائلها في الهاتف ولا يرد على اتصالاته المستمرة ..!!!


حكت لـ عمتها عما يؤرقها ولكن عمتها استمرت بتهدأها معللةً أن تلك الأنواع من الدورات تتطلب تركيز حارب التام ..
وإنه بإذن الله سيتصل بهم حالما يجد الوقت المناسب ..

تعترف أم العنود أن هناك قلقاً عارماً بدأ يغزوها منذ أن قطع حارب اتصالاته بهم ..!!
لكن لا بد ان تحافظ على رباطة جأشها لكي لا تجزع موزة وتنتكس حالتها النفسية أكثر مما هي منتكسة ..!!


كانت موزة مع ام العنود وابنتها العنود يجلسن في الجلسة التي كانت بطابع اوروبي بمقاعدها وطاولاتها المطلية بطلاء أبيض مدمج بألوان فاتحة زاهية على حوافها يناسب جو الهواء العليل وأشعة الشمس التي بدأت تشتد ولكن بشكل معقول غير مزعج ...

بينما كن الثلاثة يتناقشن بأحاديث نسائية عامة، سمعن صوت زمور سيارة وقفت أمام باب المنزل الكبير ..


قطبت أم العنود حاجبها بتساءل: منو اللي ياينا الحينه ..!!
التفتت لـ موزة لتهتف بحزم دافئ: امايه موزه سيري طاعي منو ..

هزت موزة رأسها بـ حسناً ثم غطت وجهها بطرف غطاءها وذهبت لترى عن كثب هوية صاحب السيارة ..

لمحت بطرف عيناها رجلاً بقامة مهيبة تبعث الخوف في الوجدان، كان مولياً إليها ظهره فـ لم تستطع معرفة هويته ..!!

رجعت موزة لـ عمتها وابنة عمتها لتأشر بارتباك: عموه ماعرفته .. واحد طويل وايد يزيغ شكله ..

ضحكت ام العنود بينما ابتسمت العنود بخفة لتقول هي بالمقابل: قعدي موزانه انا بسير اشوف منوه ..

غطت العنود طرف وجهها هي الأخرى وذهبت لترى من الشخص الغريب ...


وعندما لمحت طول قامته جزعت كما جزعت موزة تماماً، الا انها تنحنحت بخفوت لتصفي صوتها وتقول بحزم انثوي بالغ:
آمر اخويه بغيت شي ..؟!!

استدار الرجل ذو القامة المهيبة ليهتف بحزم صارم تخلله تهذيب رجولي صرف: ختيه ما عليج اماره بغيت أم العنود يطوليه بعمرها برمسة ..

قطبت العنود حاجبيها باستغراب وهي تقول بخفوت: منو اقولها ..؟!!

الرجل بصوت غليظ رنان: قوليلها سلطان بن ظاعن ..



اتسعت عينا العنود بالذهول وهي تتعرف على الرجل بسرعة من اسمه ..
كيف لا تعرف من صيته العالي قد وصل مسامع الكبير والصغير في البلاد ..!!
كيف لا تعرف الشخص الذي اخرج العشرات من الناس من ازمات كثيرة داخل البلاد وخارجها ..!!
الرجل الذي كان خطب شما عمتها في السابق ورفضته فيما بعد لأسباب يجهلها الجميع ..!!!


العنود بحزم خافت هتفت: ان شاء الله يا بومييد دقيقة بس ..

ذهبت العنود لحيث والدتها وابنة خالها موزة لتقول بصوت يلهث من أثر الارتباك/الرهبة: امايه امايه ..
هذا سلطان بن ظاعن ..
يقول يباج برمسة ..

وقفت ام العنود باستنكار حاد وبحمية كـ حمية الرجال تماماً: ويديييييييه، سلطان هنيه ومخلينه مصطن جدام الباااااااااب ..!!!
(مصطن = واقف)
امف علييييييكن ..

عدلت أم العنود من برقعها الذي يلتمع بلون ذهبي مخضر ينافس اشعة الشمس بلمعانه ..
وخرجت لـ سلطان الذي انتصب بقامته ما إن لمح أم العنود تقف أمامه ..

أم العنود بحزم خرج مع صوتها المُرحب العالي: مرحبا السااااااع مرحبا السااااااااااع بـ ولد ظاعن
في ذمتيه ذمه تو ما انورت الداااااار ...

رد سلطان بصوته الرجولي الرنان والموغل بالود/الاحترام: الله يرحبج على فضله يا ام العنود ..
النور نوركم علنيه هب بلاكم يالغوالي ..
(علنيه هب بلاكم = الله لا يحرمني منكم)

أم العنود: اشحاالك يا سلطان واشحال الوالده والأهل .. !!
ربكم الا بخير وسهالة ...!!!

سلطان: ربيه يحفظج ويسلمج يا بنت حارب كلنا بخير وسهالة ما نشكي باس ..
ومن صووبكم ..؟!

أم العنود: الحمدلله رب العالمين كلنا بصحة وعافية ..


تنحنح سلطان محاولاً إزاحة التردد عن صوته ليستطيع إيصال حديثه مباشرةً/بلين لأم العنود من غير انفعالات ممكن أن تحدث من ناحيتها:
طويلة العمر بغيتج برمسة خفيفة وبسير .. ما بطول عليج ان شاء الله ..

أم العنود باستنكار حاد: رمسة هنيه يا سلطاااان ..!!!
جرب جرب الميلس، ولا عايبتنك الوقفة تحت الشمس ..!!

رد سلطان ووجهه يوحي بحرجٍ يموج فوق مقلتيه: جريب جريب يا بنت الايواد يا غير السموحة منج ما عنديه وقت لازم ارد بوظبي بسرعة ورايه شغل هناك .. هن رمستين بعقهن وبسير ..
(بعقهن = سأرميهن)

شعرت أم العنود بحرج سلطان من أن يدخل مجلس المنزل من غير وجود رجل،
لكنها هتفت بحزم مُستنكر: منقود يا ولد ظاعن ما نقهويك وانت ضارب خط يلين دارنا ..
جرب وانا الحينه بزقرلك عميه بوسعيد ..

سلطان بـ رفض حازم: لا يا ام العنود مابا حد يعرف باللي بقولج عنه ..

قالت أم العنود والقلق بدأ يدب في اوصالها: بديت تروعني يا سلطان .. خير شو مستوي ..!!!


زفر سلطان بقوة معرباً عن توتر لا يعرف ابداً التعامل معه .. !!
فهو منذ أن كبر واشرب وجهه بالشعر ونضجت فيه الرجولة نسي معاني التوتر والارتباك وتمكن بكل هيمنة بشخصيته الفذة من التعامل مع كل موقف يواجهه بكل حزم ورباطة جأش يُحسد عليهما ..!!!

لكن هذا التوتر الذي يصاحب تعامله مع امرأة ... لا يعرفه ابداً .... يجهله في الحقيقة ..!!!

هتف بصرامة تامة: هب مستوي شي ان شاء الله .. بقولج هنيه اللي ابا اقوله وبتوكل ..



.
.
.
.
.
.
.



دبـــــــــي



كان يتمشى على شارع جميرا وباله شارد كل الشرود لتلك المكالمة المشؤومة قبل يومين ..

ما هذه المصيبة التي حلت على رأسه ..!!!
لم يكن ليعتقد مجرد اعتقاد أن تلك الوقحة في ذلك اليوم كذبت عليه وهي تدّعي بأنها تحمل بأحشائها طفل ليس منه ..!!!

بماذا تغمغم يا نهيان ..!!
أصدقت الترهات التي تفوهت بها تلك المجنونة ..!!

أيكون ذلك الطفل طفلك حقاً وأنت آخر من يعلم ..!!

كيـــف ..!!

أليس هو ابن ذلك النتن الذي خانتك معه والذي بسببه رميت ميسون وكل ذكرياتك معها في قمامة الماضي ..!!

لا ..
لا تكن غبياً وتنخدع للمرة الثانية يا نهيان من تلك المخادعة ..

احذر يا نهيان .. احذر ..!!


خرج صوت من باطن عقله ليهتف بعاطفة جياشة:
واذا كان ابنك حقاً ..!!
اتدعه اكثر من ذلك بين يدي تلك المخادعة المنحرفة ..!!
أيهون عليك قطعة من روحك أن تكبر وتنمو بعيداً عن ناظريك ..!!
بعيداً عن أهله وموطنه ..!!
لا .. لا ..



مسد باضطراب تام رأسه محاولاً ايجاد طريقة لحل الأزمة التي وقعت على كتفيه ..

أتاه اتصال ليخرجه من تفكيره العميق .. ورد بنبرة خشنة مبحوحة: السلام عليكم ..

: وعليكم السلام والرحمة ..

هتف نهيان وهو يعود لسيارته التي اوقفها في نهاية الشارع ليمشي قليلاً في الهواء المنعش رغم حرورته الخفيفة:
هلا ابويه اشحالك ..؟!!

أبا نهيان بنبرة حازمة: بخير ربي يعافيك ..
وين دارك ..!!

نهيان وهو يحرك سيارته: انا في جميرا ..
تباني في حايه فديتك ..!!!

أبا نهيان بصرامة قاسية تخللها تهكم حاد: وانت هاي علومك بسس ..!!!
تحوط وتهوم بليا شغل ولا مشغله ..!!!
متى بتغدي ريال وتتحمل المسؤولية ..!!!

تنهد نهيان بانزعاج تمكن من اخفاءه خلف صوته الهادئ: ابويه الله يهداك قلتلك تراني اشتغل

أبا نهيان بذات حدة صوته: شو تشتغل خبرني بالله عليك .. مرة تقولي استورد اجهزة واصدرهم بالغالي برع البلاد..
ومرة تقولي داخل شراكة مع ربيعي في سلسلة مطاعم في دبي ..
ومرة تقولي شاري نص اسهم معرض سيايير ..

أردف بصوت أكثر حدة من فرط غضبه من استهتار ابنه الكبير: انت شو سالفتك بالضبط خبرني ..!!!

نهيان بذات ثبات صوته الهادئ: ابويه فديتك انا احب اشتغل اعمال حرة لا تطلب مني اشتغل شغل مكاتب ..

رد أبا نهيان بنبرة أهدأ من ذي قبل ظهرت كموجات سأم/خيبة أمل/تهكم صرف: عيزت منك انا يا ولد ..
عيزت والله ..
برايك سوا اللي تباه مالي شغل فيك ..

اقفل والده ليتنهد نهيان مرة أخرى شاعراً بإحساس كبير بالفشل ..
الفشل في حياته الشخصية لا حياته العملية ..!!!

شاعراً بالتخاذل وهو يرى خيبة والده فيه وغضبه المستمر منه ....!!!

ليس باليد حيلة يا ابا نهيان ..!!
الظروف تحتم علي ذلك .....!!!!



.
.
.
.
.
.
.



أبـــــوظبــــــي



كانت تلبس بكل نشاط ملابسها الخاصة بالرياضة وهي تدندن بأنشودة قديمة ...

أخذت تتأمل جسدها الرشيق امام المرآة بابتسامة تتقد اشراقاً: يا خطيرة يا نعوووووومة، والله سفرة اسبانيا خلتج اضعف واحلى ..
ههههههههههاي فديتني ياربي ..

استدارت بخفة وفتحت ستائر غرفتها لتسمح لأشعة الشمس بالدخول وملأ ارجاء المكان نوراً ..

عادت لمرآتها قف لتربط شعرها ذو العتمة الشديدة .. عتمة عقيق يماني اسود يسحر نظر من يقع عينه عليه ..!!

من يرى شعرها وهو يتحرر من أسره، يظنه شعر فتاة سليلة غجريات من أب وجد ..!!!
كان يصل لأسفل ظهرها بتموجاته الغزيرة وانحناءاته الكثيرة المفعمة بالحياة ..

دخلت شقيقتها الصغرى الغرفة وعيناها تنضحان شوقاً ضارياً ..

وبكل طفولية منها قفزت على ظهر ناعمة واحتضنتها من الخلف لتهتف بسعادة عارمة:
تولهت عليييييج يا حماااااااااارة ...

ضحكت ناعمة بذات سعادة شقيقتها لتهتف بنعومة نقية: وانا والله تولهت عليج فطفوط

وأردفت باستغراب باسم: غريبة .. شعنه هب مداومه اليوم ..!!!

هتفت فطيم بشقاوة وهي تتمدد على سرير شقيقتها: خذت اجازة حقي عشان اقعد معاج الويكند كله مع الخميس ..
أردفت وهي تغمز بعينيها: شرايج فيه ذكية صح ..!!

رمقتها ناعمة بنصف عين وقالت: لوتيه وحدة ..
غرتي يوم عرفتي انيه مأجزة اليوم هااااه ...!!

ضحكت فطيم بانتعاش وهي تتلوى فوق السرير ذو الغطاء الوثير الناعم: هههههههههههههههه هيه غرت ليش الجذب ..!!

ابتسمت ناعمة .. ثم قالت وهي تخرج من الغرفة: انزين يلا خلينا ننزل نيلس عند يدوه ..
والتفتت لـ شقيقتها وهي تكمل بخبث باسم: وتزهبي لأن عقب شوي بنروح الجيم ..

فطيم بصياح متبرم: لااااااااااا ماباااااااااااااااا



.
.
.
.
.
.
.



كان في طريقه إلى العاصمة بعد أن انتهى من مهمته المستعجلة في العين ..

قام باتصال سريع وعقله في حالة شرود تام .. عقله الذي امتلئ بمشاكل كثيرة لا حصر لها .. اتصل وهو يتأمل بأن الذي فعله قبل قليل لن يرتد عليهم بنتيجة معاكسة ..

أتاه صوت الرجل الأكبر سناً وهو يهتف بحزم مترقب: ها سلطان
سويت اللي وصيتك عليه ..!!!

تنهد سلطان بعمق وهو يعدل نظارته الشمسية ذات الطراز الكلاسيكي الملائم لتقاطيع وجهه وفكه المغطى بلحية رجولية خفيفة أنيقة:
هيه نعم بوراشد رمست عاشه بنت حارب بالسالفة ووصيتها تسوي اللي قلتلها عنه ..

هز أبوراشد رأسه وهو يهتف بذات حزمه: ها احسن حل يلين ما نقدر نحل المشكلة اللي نحن فيها ..
بنت حارب حرمة عن ألف ريال ما كنت بقولك خبرها الا وانا متأكد انها بتساعدنا بدون ما تستوي شوشرة حول السالفة

سلطان: اشوفك واثق من هالشي ..!!!

ابتسمت عينا أبوراشد بلمعان يوحي بالتيقظ/المعرفة التامة: لو انت ناسي يا سلطان ..
عاشه بنت حارب معروفة بين الطبقة النسائية الاماراتية وكانت عضوة فعالة في الاتحاد النسائي، وهي ما شاء الله عليها تعرف توزن الامور بعقلانية من غير عواطف وحساسية ..
وعاونتنا وايد من غير ما تعرف ان نحد من تعقد وتشعب الجماعات الخارجة عن القانون في بلادنا ..

هز سلطان رأسه موافقاً حديث أبا راشد: هيه نعم، يزاها الله خير قدرت بأسلوبها وتعاملها الطيب ان تحل المشاكل العائلية في بيوت الشباب والمراهقين وتعرف المشاكل اللي حدتهم على فعل الشغب والخراب في مناطق الدولة ..
وأردف وهو ينزل نافذته أمام السوبر ماركت ليطلب قنينة ماء: انزين شعنه ما خليتني ارمس بوسعيد ولا على الاقل حد من عياله ..

أبوراشد بصوت غليظ مبحوح لا تفارق سنه الخمسة والخمسين: هب مصلحتنا يا سلطان نكبر السالفة ونخبر الرياييل باللي صار .. بنت حارب وعقب ما قلتلها انت اللي لازم تسويه، بتساعدنا نكتم على الموضوع بدون ما يكبر ..

تمتم سلطان وهو يتأمل نجاح الخطة التي وضعوها: ان شاء الله



.
.
.
.
.
.
.



أبـــــوظبـــي
العصــر



نزلت بكامل اناقتها الأنثوية الخلابة بثوبٍ عربي أزرق، ضيق عند الخصر يبرز رشاقة جسدها الغض بطوله المتوسط الجذاب ..

كانت تتحدث بكل دفء وود مع صديقتها حصة وهي تضحك بين الفينة والأخرى على حكاياتها الظريفة: ههههههههههههههههههههههههه صدق ويهج لوح يا حصوه
يعني فوق ما الريال استسمح منج واعتذر، ترمسينه بنفس خااااايسة ....!!!

حصة بتهكم ظهر مع ارتفاع حاجبها الأيمن: حبيبتي محد قاله يستهبل عليه ..
الشنطة انا شفتها وعيبتني قبل البنت هاييج، قلتله سايرة محل وراده ..
شحقه يبيعها للبنية اللي يت عقبي ..!!!
في ذمتج رواضي هب شي يقهر ..!!

كتمت روضة ضحكتها وهي تتخيل منظر البائع وهو يتلقى الكلمات الحادة السامة من حصة، فـ حصة كما يعرفها المقربون منها، شديدة العصبية بلسان حاد كالسكين عند الضرورة، ولا ترضى الا بأخذ حقها كاملاً مكملاً وهذا الطبع نما بداخلها منذ أن كانت طفلة صغيرة ..
ولكن رغم عصبيتها ولسانها الحاد، فهي تهدأ بسرعة البرق وترجع لطبيعتها اللطيفة المتسمة بالرقة ..

هتفت بنبرة باسمة متعقلة: صدقج الشي يقهر والله .. بس عاده حبيبتي حصة مب كل ما استوتلج سالفة مع ريال مديتي لسانج عليه ولعنتي صيره ..
انتي بأسلوبج هذا اطيحين بدون ما تدرين بمواقف مب حلوة ..

زمت حصة فمها بامتعاض طفولي لتهتف برقة: شسوي يختي احاول وايد ايود اعصابي بين الناس لكن ماروم .. لساني ينفلت روحه ..



وبعد دقائق قليلة ..


اقفلت الهاتف وعلى وجهها ابتسامة شجية وهي سعيدة بعودتها الى بلادها وأهلها واصدقائها ..

أخذت تتلفت يمنةً ويسرة باحثةً بأعينها عن أمها وأختها شيخة ..

وضعت غطاء على رأسها لونه سكري ومزخرف بدانتيلات زرقاء على حوافه بشكل راقي جميل ..... واستدارت لتخرج ..

وقبل أن تخرج من باب المنزل للباحة، أتتها شيخة بوجهها الباسم حاملةً كوب من القهوة وهي تهتف بصوت عاليِ:
وين وين وين .. ما صدقنا رديتي البلاد .. وين تبين تشردين ..!!!

ضحكت روضة بخفة قائلةً بخبث: افهم من كلامج ان البيت ما كان يسوى بلايه ..!!
(بلايه أي من غيري)

وضعت شيخة يدها على خصرها مجيبةً بنظرة من تحت رموشها الفاتنة: مشكلة اللي مصدقين عمارهم على فكرة ..

ثم أمسكت بذراع روضة لتجرها للصالة مضيفةً ببهجة/بغبطة: تعالي تعالي .. اباج تقوليلي كل السوالف اللي استوتلج في اسبانيا ..
كلها روضوووووه ..



.
.
.
.
.
.
.



العيــــــــن



دخلت السيارة وهي تترنح بإعياء تام، ما كان يجب أن تخرج من العيادة بعد العملية ..
ولكن لابد أن تصل للمنزل قبل أن يعلم احمد بخروجها ودخولها ...!!!!

حمدت الله بكل بغض يملأ قلبها، ان احمد ذهب لـ دبي اليوم لحل أمور تخص عمله ..

فـ لو كان في المنزل، لما استطاعت الهرب من اسئلته وتحقيقاته التي لا تنتهي من وجهة نظرها ..!!


قالت بصوت مرتجف من أثر الارهاق: أيوب حرّك حرّك بسرعة ردني البيت

أيوب السائق وهو يهز رأسه بـ حسناً: ان شاء الله ماما


كانت عرقها يتساقط من غير أن تشعر ..
تأففت بكل سأم .. بكل روح تزفر ضميراً "ميتاً" ..!!!

تخلصت اخيراً من الجنين الذي كان حملاً على كاهلها ...... لكن ...
متى ستتخلص من والده البغيض ذاك ..؟!!!!



.
.
.
.
.
.
.



بـاريــس
في إحدى أزقتـــها الضيقــة الرطبـــــة ببقايـــا قطــــرات المطـــــر



أدخل يديه في جيوبه وهو يشعر بأن زمام الأمور بدأت تنفلت من بين أيديهم ..

أتاه رجلاً متشح بملابس سوداء أنيقة وهو يهتف بخفوت خشن: خلفان شو صار معاك ..
قدرت تعرف حارب وين ...!!!

هز خلفان رأسه بقلة حيلة والقهر ظهر في صوته حاد كـ حدة سكين منصول: لا ما عرفت ..
انا حاس ان عيال الكـ.... ورا السالفة ..

أردف بعد ان اشعل سيجارته ونفث دخانه الضبابي: ابراهيم خبرت الجماعة في بوظبي عن اللي صار ..!!!

زفر ابراهيم بقوة ليهتف من بين عيناه الغائمتان بقهر هو الآخر: هيه مخبرنهم من البارحة ..
وسلطان قوّم الدنيا وقعدها ومتحلف بنا من الخاطر ..

خلفان بصرامة وهو يلوم انفسهم لـ استغفال أعينهم عن حارب: معاه حق يعصب، نحن ما كان المفروض نخلي حارب بليا مراقبة قبل لا نتأكد انه حدر الطيارة ...

قطب ابراهيم حاجباه باستنكار: بس نحن ما كنا نعرف أن الخطة تغيرت وانه طلع من المطار عشان مهمة وكلها اياه هذاك اللي ينقاله ديرفس ..

زفر خلفان بانفعال .. وغمغم بخشونة: ماعرف يا ابراهيم، الله يستر بس ..
الله يحفظك يا حارب وين ما تكون ..






نهـــاية الجــــزء الحـــادي عشـــر



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس