الفصل الاول
بدا الساحل الغربي البرتغالي الممتد من ليسبون وحتى الغارف خطا واحدا وحتى الغارف خطا واحدا متتابعا من الرمال البيضاء المتوهجة .
نظرت اليه ايف عن بعد ثلاثون الف قدم ,فاستعادت في ذاكرتها تلك العطلة التي قضياها هي ولين سويا في نقطة ما على الساحل منذ سنتين خلت ,حين بدات الاختلافات في شخصياتهما تاخذ منحنى مختلف ,فقد كانت لين دائما قوية وعنيدة ,و زاد في ذلك فقدان ابويها عندما كانت في الخامسة عشر من عمرها .
وايف بالكاد كانت في العشرين ,وقد بذلت كل مالديها من جهد ,ولكن يبدو ان كامل جهدها لم يكن كافيا ,فاعلان لين بانها قد وجدت عملا مع هائلة في اسبانيا ,لم يكن مفاجاة حقيقية .
وقد راتها ايف تذهب بارتعاش,طوال ذهابها في ثلاثة اشهر ,كانت ترسل اليها بطاقات بريدية في المناسبات ,واحيانا بعض الرسائل منتظرة منها اخبارها ومستجداتها .
لكن بدلا من ذلك وصلتها الرسالة التي تخبرها بان اختها قد خطبها شاب اسباني ,وهي تقيم الان في جزيرة تنريف مع عائلة خطيبها ,مع التمنيات بقبول ايف الدعوة للقدوم الى اسبانيا ومقابلة ال بيرستريللو في اقرب فرصة .
تحت وطاتة الظروف المستجدة ,لم يعارض البنك في تقريب اجازتها من شهر اب الى حزيران ,وهاهي الان ايف راينور ,في طريقها الى جزر الكناري الى ال بيرستريللو ,والى اختها التي بدت فجات بعيدة عنها اكثر مما كانت تعتقد .
عندما انتهى منظر الساحل البرتغالي اسندت راسها يجب البدء في مواجهة امر زواج لين منرجل بالكاد تعرفه منذ عدة اسابيع ,وانتقالها الى حياة مختلفة كليا .
فقرارات لين كانت دائما سريعة ومشتتة ,فالزواج من شاب اسباني وسيم وثري مغر في ايامنا هذه ,لكنه لم يكن الامر الذي ستتركه يحصل بكل بساطة ,فقد احتاجت للتاكد جيدا من مشاعرها بانها حقيقية ودائمة ,فايف لم تشعر بالاقتناع لكل هذا ,فالعيش في بلد لمدة شهور يختلف تماما عن العيش فيها ابدا ودائما
كان المطر ينهمر عندما خرجت ايف من الطائرة الى المقطورة المخصصة لنقل الركاب ,فارتجفت فجاة من البرد في قميصها الحريري الذي بدا مناسبا جدا في غاتويك عند الصباح.
احست بالدفء داخل المبنى حيث الالوان والحياة تفحصت ايف الوجوه المنتظرة في الجانب الاخر ,لكن لين لم تكن بينهم ,عندما خرجت من دائرة جوازات المرور لاحظت رجلا يقترب منها .
_لم تعطك لين حقك "قال بالانكليزية الرائعة "العينان الخضروان والشعر اللاهب ,هما مالاحظت لكنها نسيت ان تقول كم انت جذابة ".
قبل ان تستطيع ايف التحرك خطوة قبلها بخة على خديها .
_انها عادت التحية في العائلة ,هل كانت رحلتك جيدة ؟".
_اجل ,جيدة "اضافت بسرعة "اين لين ؟الم تات معك ؟"
تحولت نظراته الاهية الى سخرية فجاة
_لا ,انها تنتظرك في الفيلا ,لقد اتيت مباشرة من سانتا "امسك بها من يدها ومشى .
_تعالي يجب ان نجمع امتعتك ".
نظرت ايف اليه محاولة اختراق وتحليل الرجل القابع وراء هذا الوجه الوسيم والاداب المترفعة .
لم يكن خوان بيرستريللو كما تصورته ,او كاي رجل التقته من قبل ,في حوالي الثلاثين من عمره ,هكذا خمنت ,وخبير بما فيه الكفاية ليكون اكبر بعشر سنين .
فقد كان ذلك في عينيه ,صوته في كل تصرفاته حيال المراة وهاهو الرجل الذي ستتزوجه لين ,شقيقتها الصغرى ,التي لم تتخطى بعد عتبة المراهقة .
بعد ان جلب حقيبتها توجهوا نحو موقف السيثوان كان خوان يقود سيارة سبور وبجانبه ايف ,متوجهين الر الطريق العام .
_ستجدين المكان الذي نحن ذاهبون اليه ادفا بكثير من هنا ".
اضاف :
_الجبال هنا دائما مغطاة بالغيوم التي تغطي احيانا الجزء الشمالي منالجزيرة ".
وجه اليها نظرة شاملة لكل جسدها وابتسم .
_الثياب الخفيفة اصبحت حسنة في الايام الحارة ,فلين تقضي ساعات عديدة في بركة السباحة ,اضاءت اختك الفيلا وماحولها ".
قاومت ايف رغبتها في شد تنورتها تحت ركبتيها ,وقررت ان الطريقة الوحيدة للتعامل مع خوان بيرستريللو هي استخدام استراتجية خاصة .
_لماذا تريد الزواج من اختي ؟"سالت
تغير الجو في السيارة فجاة ,ومرت فترة صمت قصيرة ثم قال بهدوء :
_ولماذا يتزوج رجل من امراة في بلدك ؟"
_لاسباب عديدة "قالت بحذر
_اعتقد ان الحب احد هذه الاسباب ".
_بالطبع "شعرت ايف بالحرارة تزحف الى وجنتيها "لكن في بعض الاحيان لا ......اعني ........"
_اه !" كان صوته ناعما وساخرا "تعتقدين انني رايت اختك واردتها ولم استطع الحصول عليها بطريقة اخرى اليس كذلك ؟".
_لا .....حسنا .....انه فقط انك لاتبدو من النوع الذي يتزوج "تمتمت بدفاع .
_لاابدو ؟"رفع حاجبه الايسر "انت تسليني اخبريني اكثر عن نفسي ".
_ليس هناك شيئا اخر "قالت بضعف
_قلت لك انه مجرد شعور انا اسفة "
_لاداعي للاعتذار ,ثم انك لست بحاجة للقلق بشان لين "قال بحنان .
_بامكانك الاطمئنان بانها محبوبة جدا ".
_كيف التقيت انت ولين ؟"سالت لان الاطمئنان والتاكد لم يريحاها .
_ستخبرك بنفسها "اجاب "فانا اكره افساد قصتها ".
_قي الوقت الحالي اعدك بانك ستكونين امنة معي ".
_لم يخطر في بالي ان لااكون كذلك "ردت بكبرياء ورات الوميض الذي يظهر في عينيه في كل مرة يتحدث او ينتظر منها ردا .
_اظن كذلك لكن دعيها تمر ربما خلال وجودك هنا سنفعل شيئا لنغير رايك بالرجل الاتيني ,هل تبحثين عن زوج ؟"
-"لا "
_اذا يجب ان تفعلي ففي اسبانيا لكان لديك الان ثلاثة اولاد في مثل هذا السن ففتياتنا تتزوجن صغيرات ,ويبقين كذلك "لمعت اسنانه البيضاء بابتسامة .
_فالاولاد يبقوهم بعيدين عن العبث والاذى ".
_ياله من سبب رائع للحصول على الاطفال "قالت بتهكم
_هذا ليس السبب الوحيد ,اؤكد لك ".
حاولت ايف ان تتخيل اختها لين كام ,ففشلت بذلك ,فما زالت تجد صعوبة بالتفكير في اختها كزوجة ,خاصة زوجة لهذا الرجل بجانبها ,لان لين صغيرة جدا او غير ناضجة الا اذا كانت قد تغيرت خلال الثلاثة اشهر التي قضتها بعيدا عن انكلترا ,هي متاكدة من ان رجل مثل خوان يامل من المراة اكثر بكثير من مجرد وجه جميل واخلاق حميدة .
_فيلتنا تقع على علو اربع الاف قدم عن مستوى سطح البحر ,ففي بعض الاحيان الشتاء ينزل الثلج على ابوابنا ".
_انت تتكلم الانكلزية جيدا "قالت ايف بحياء .
_بالنسبة لاجنبي تقصدين "لمعت ابتسامته من جديد .
_لقد ذهبت الى المدرسة في بلدك لمدة اربع سنوات بناء على رغبة ابي ,الذي كان نصف انكليزي هو نفسه "
_اوه اذا انت ......"
_لدي ذات دمك يجري في عروقي "اكمل عنها .
_لكنها العادات الاسبانية في ان تسكن كل العائلة في بيت واحد ,وبما امي مازالت حية فهي سيدة المنزل ".
مسيطرة على الاقل تساءلت ايف في نفسها فكيف يمكن لاختها ان تتعامل مع هذه الامور فانها تستطيع تصور ردة فعل اختها حين تعرف بانها امراة رقم اثنين في بيتها الزوجي الجديد ,لين اعتادت ان تكون الامرة في كل علاقاتها .
ساد الصمت في السيارة حتى انعطفوا نحو بوابات حديدة وساروا عبر طريق تظللها الاشجار تؤدي الى الفيلا الكبيرة المؤثرة بحجمها ,والجميلة بالازهار المحيطة بها .
_لم تحب امي المكان عندما اتى بها ابي الى هنا "قال خوان وهو يوقف السيارة .
_اما الان فانها لن تحيا في اي مكان اخر بالنسبة لي ,اعتقد ان تلك تحتوي على اروع منظر في كل الجزيرة "توقف قليلا ثم اضاف "سنجد لين قرب بركة السباحة في هذه الساعة اتركي حقيبتك ستاخذ مباشرة الى غرفتك ".
فتحت باب السيارة ونزلت قبل ان يتمكن من الدوران حول السيارة ليفتح لها الباب ,قال باندهاش واضح .
_تختلفين كثيرا عن اختك ,فهي تقدر وتحب كل اللياقات الصغيرة التي يستطيع ان يقوم بها رجل لامراة هل انت مستقلة دائما ,او ان الامر بكل بساطة بسببي ؟".
_ربما انني فقط غير معتادة على ذلك "ردت بخفة "هل استطيع رؤيتة لين الان ؟".
_بالطبع "مشى نحو مدخل جانبي للفيلا "سنذهب من هنا حتى نفاجئها ".
واكبته وهي تفكر كيف ان اختها لم تبذل اي جهد لاستقبالها كانت لين مستلقية على كرسي تحت مظلة ملونة قرب بركة السباحة ذات الثلاثة اضلاع مرتدية البيكيني ورافعة شعرها الاشقر بوشاح مناسب جلست بسرعة عندما سمعت وقع اقدام خلعت نظاراتها الشمسية ,وابتسمت بكل مااوتيت من سحر وفتنة .
_ايفي انا سعيدة برؤيتك !كيف كانت رحلتك ؟".
كانت لين نفسها المشرقة الحيوية ,المنفعلة لكن عينيها الان اكثر اشراقا ,ووجنتيها اكثر توردا في وجود خوان ,وجدت ايف انه من الصعب عليها التصرف بطبيعية وهي تقبل اختها وتجيب على اسئلتها حيث جلست على الكرسي التي قدمها لها دون ان تنظر اليه .
_مازلت لااستطيع التصديق انني حقا هنا "قالت
_فقد كان الامر صدمة بعض الشيء "
قالت لين بدلع "لاتجزعي اعرف انه كان يجب علي اعلامك بالامر قبل ان يحضرني خوان الى الجزيرة لكن حصل كل شيء بسرعة كيف حال غافين ؟".
_بخير "ردت ايف بثبات "فقد قال لي خوان في طريقنا الى هنا ......"
_خوان ؟"انتقلت عيني لين من وجه اختها الى ذلك الرجل الذي يجلس معهما وتغيرت ملامحهم قبل ان تضحك لين فجاة وهي تضرب ذراعه
_ماذا فعلت يارامون ؟".
_لاشيء "اجاب ببرود "فانا لم اقل انني خوان ابدا ".
_ولكنك لم تنكر "قالت ايف بانفعال لكنه ضحك وقال :
_لقد كان الامر مسليا ان اجعلك تعتقدين انني اخي ,خاصة بعد تعابيرك الواضحة بعدم الموافقة علي كزوج مناسب لاختك ".
_انا لم اقل ...."
_لم تقولي لكن بدا عليك ذلك "قاطعها برقة "وكنت على حق فانا لااوازي خوان ابدا بتلك القدرة "ثم حمل جرسا صغيرا كان موضوعا على حافة الكرسي
_لابد انك ترغبين الان بشراب بارد هل تفضلين شيئا
معينا ؟".
..........نهاية الفصل الاول .........