اثناء قيادته لسيارته متجها الي بيته
احباطا تملكه ... منذ فترة قصيرة لا يستطيع تفسيره
تحديدا منذ ان رفضته مسك الرافعي
بداخله حالة من الغضب العارم من نفسه قبل أن يكون منها.....
لم يكن شديد الاعجاب بشخصها منذ البداية... .
فلماذا اذن تلك الموجة من الاحباط ؟!!
لم يكن يوما من هذا النوع من الرجال .....ممن تخدعهم كبرياء حمقاء اقرب الى الكبر لمجرد ان فتاة رفضت عرضه للزواج !! ....
ضرب امجد المقود فجأه وهو يهتف محادثا نفسه بغضب
( لا ليس من حقها الرفض. .... لقد تعمدت التلاعب بعرضي فلم تكن حاسمة في رفضه من البداية لقد كان كلام الجميع صحيحا عنها منذ البداية.... ما هي الا مجرد مغرورة متكبرة. ... تتلاعب باعجاب الجميع بها )
زفر بصوت مكتوم ... و تمالك نفسه كي يركز على الطريق ....
بينما عيناه تلمعان بذلك الغضب من الذات ...
ثم همس مجددا من بين أسنانه ...
( كان عليك الحذرمنها يا أمجد ..... كليوباترا هي ... لم يكن عليكِ النظر اليها قبل محاربتها ...فقبلك هزمت رجالا بغرورها .... . )
كيف له أن يواجهها الآن في العمل .... وجها لوجه ... و كل منهما يعرف أنها حققت نصرا رخيصا عليه ....
أمجد الحسيني تقدم لطلب يدها و هي كمسك الرافعي ... رفضته بالطبع !! ....
ضرب المقود مججدا بغضب وهو يهمس من بين أسنانه
( من أين جائتك فكرة الزواج بها بالله عليك ؟!! ...... و لماذا ؟!! ..... هل نفذت فتيات الكوكب و لم تتبقى منهن سوى ألمظ الرافعي ..... تبا لها ..... )
و أثناء موجة الغضب التي جعلته يهمس شاتما من بين أسنانه , سمع رنين هاتفه ... فرفعه الى أذنه ما أن رأى اسم أخته و رد عليها
( السلام عليكم يا مهجة .... كيف الحال حبيبتي ؟ ..... )
ردت عليه مهجة بصوتها الحنون الأقرب الى صوت أمهما ...
( و عليكم السلام و رحمة الله يا حبيب أختك ..... أين أنت ؟ .... الازلت في العمل ؟!! ..... )
رد عليها أمجد بصوت رقيق و قد ساعدته نبرة أخته في التخلص من بعض ضيقه ....
( أنا في طريقي للبيت ..... لقد تأخرت اليوم قليلا .... )
عقد أمجد حاجبيه وهو يسمع ضحكة قصيرة من أخته ... ضحكة خبيثة لم تطمئنه , قبل أن تقول بمرح
( حسنا أردت فقط أن أطمئنك كي لا تقلق حين تصل الى البيت و لا تجد أمي هناك ..... فهي معي .... )
اتسعت عينا أمجد على أقصى مداهما و هو يشعر بقلبه يسقط أرضا .... فهتف فجأة بقلق
( معك ؟!! ...... كيف معك ؟!! .... أين أنتما ؟!! .... هل أمي مريضة ؟!! ..... هل انتما لدى الطبيب ؟!! ..... تكلمي يا مهجة ..... )
( لا تقلق يا حبيبي ... امي في احسن حال , أنها معي ..... )
هتف أمجد بقوة و قلقه يتضاعف
( كيف لا أقلق .... أمي لا تخرج الا بصحبتي فقط , أين أنتما يا مهجة ... تكلمي فقلبي على وشك أن يقتلع من مكانه ..... )
( والله يا حبيبي أمك في أحسن حال ..... لقد خرجنا قليلا فحسب .... اليس من حقي اصطحابها الى حيث تريد أم أن الدور يقتصر عليك فقط ؟!! ..... الا يكفي أنك ترفض اقامتها عندي ؟!! ...... )
( توقفي عن اللعب على أوتار العواطف يا مهجة .... أمي لا تخرج بدوني , أين أنتما و كيف خرجتما ... )
( لقد استقلينا سيارة أجرة ........ )
( سيارة أجرة يا مهجة ؟!! ..... ماذا لو حدث أي شيء ؟!! ... ماذا لو تعثرت أمك أو أصابها مكروه , ... ماذا لو تاهت ؟!! ..... )
( أنا أم لأربعة أطفال يا امجد .... هذا يعني أنني لن أضيع أمي مطلقا , هلا توقفت عن الحماقة ؟؟ ...... )
( أين أنتما الآن ؟ ..... سآتي لآخذكما ... )
ترددت مهجة قليلا مما جعل أمجد يقول بقلق متضاعف
( مهجة .... بالله عليك , هل أمي بخير ؟!! .... هل هي مريضة ؟!! .... )
( لا حول و لا قوة الا بالله ...... والله أمك بخير , حسنا نحن في زيارة لابن خالتك .... )
عند هذه الجملة شعر أمجد فجأة بأن كل قلقه تحول الى جليد تصلب في منتصف عموده الفقري ....
فقال بلا تفكير و التوجس ينتشر في جسده كالنار في الهشيم
( أيهن ؟!!!!!!! .......... )
ردت مهجة و قد تألقت بنعومة خبيثة ؟!!
( أمممممم ترى أي واحدة ؟!! ..... هل هي مثلا التي تسكن فوق ست الحسن و الجمال ؟!! .... عروس المستقبل ؟!! ...... )
أصدرت سيارة أمجد صوت صريرا عاليا وهو يضغط على المكابح ... متجها الى جانب الطريق قبل أن يوقف السيارة تماما متجاهلا عددا من السباب و الشتائم المنطلقة من سياراتٍ خلفه ...
كان كل تركيزه منصبا على ما تفوهت به مهجة للتو ..... فقال بصوتٍ متشنج مرتعب
( اياكِ .... اياكِ .. اياكِ أن يكون ما أفكر به صحيحا ؟!! .... سأقتلك يا مهجة و أشرب من دمك اقداحا ... )
لكنها و بدلا من أن ترد عليه , هتفت به بغضب
( كيف تنوي الزواج يا أمجد و تختار العروس و تخفي الأمر عني ؟!! ...... كيف تفعل هذا ؟؟؟ ..... أنا غاضبة منك جدا , لكنني أجلت الشجار قليلا الى بعد أن يتمم الله أمر خطبتك على خير ... )
اتسعت عينا أمجد بذهول وهو يقول
( خط ...... ؟!!!!! ...... مهجة أين أمي ؟!! ...... )
عادت مهجة لتضحك من جديد ضحكة أرسلت في جسده موجة من الرعشة المرتابة .... ثم قالت بدلال و أنوثة
تصلب أمجد تماما .... و توقف قلبه و زهقت أنفاسه وهو يقول
( تحت أين ؟!! ......... )
( تحت أين بالله عليك ؟!! .... تحت الأريكة مثلا ؟!!! .... تحت عند العروس تزورها .... )
لقد تحققت المأساة ..... وقعت الكارثة ....
ضرب أمجد جبهته بكف يده بقوة , قبل أن يخفضها ليضرب بها المقود هاتفا بغضب
( لااا ... لاااااا ... لاااااااا .... تبا لكِ يا مهجة ... أقسم أن ...... سأقتلع قلبك و ألقي به في أقرب سلة مهملات .... )
( لماذا ؟!! ...... أمك هي من طلبت و ذهبت .... اطمئن لن تتكلم في الموضوع رسميا ..... لقد ارادت فقط أن تسلم علي المذكورة ...... )
أغمض أمجد عينيه وهو يقول بخفوت
( ياللهي ..... لن يكون وضعي أسوأ , يا فرحة المذكورة بالمزيد من الانتصار ..... منك لله يا مهجة .... )
( لا تدعو علي ..... أنا لدي أطفال أريد أن أرعاهم ..... أمك هي من طلبت و أنا كابنة بارة نفذت لها ما تريده .... حتى أنني نفذت أوامرها بألا أنزل معهما , على الرغم من احتراقي رغبة في رؤية العروس ..... هل هي جميلة يا أمجد ؟!! ...... )
( اخرسي .... اخرسي ...... كلمة اخرى و اقتلع أنفك و اثبته في الحائط .... هل أنتِ في شقة الخائبة الأخرى وفاء ؟؟؟ ...... )
( اذن ابقي عندك و لا تتحركي ..... سآتي لآخذكما ...... تبا لكِ يا مهجة , ظلمك من سماكِ مهجة ... انتِ ابتلاء ...... )
أغلق الهاتف و رماه على المقعد المجاور له ... ثم تحرك بسيارته وهو يشتم بكل قوة .....
ماذا يفعل الآن ؟!! ......
يا فرحة ألمظ فيكِ يا أمجد ......... ياللشماتتها الآن !! ...
تذكر عبارة عادل امام الشهيرة في احدى المسرحيات ... حينها فقط زاد السرعة وهو يشتم مجددا بصوت عالٍ ....
و خلال دقائق قليلة كان قد وصل الى البناية التي تقطنها وفاء و مسك .... فأوقف السيارة و نظر اليها بوجهٍ قاتم من شدة الغيظ و الغضب .....
لو كان عليه لكان اتصل بأمه و طلب منها أن تنزل على الفور ... الا أنه كان مضطرا لرؤية مسك ... ليؤكد لها بنبرة قاطعة أنه لم يرسلهما و أن الموضوع قد انتهى ....
سيخبرها بهذا من أمام الباب و بكل ترفع .... ثم يصحب أمه و الغبية ابنة خالته و يغادرها للأبد ....
.................................................. .................................................. ....................
كانت مسك لا تزال على حالها ... تنقل عينيها الجامدتين بين أم أمجد و وفاء المبتسمة تلقائيا و كأنها ولدت بهذه الإبتسامة .....
الى أن تنحنحت أم أمجد و انحنت لتلتقط حقيبتها الموضوعة أرضا .... فأخذت تفتشها بأصابع حساسة و هي تقول مبتسمة
( لم أحضر معي هدية تليق بكِ يا مسك .... لكن لدي شيء غالي بقلبي لكِ ..... و أتمنى أن تقبليه ... )
أخرجت علبة من القطيفة الحمراء ... ففتحتها بأصابعها المكتنزة و هي تمدها الى مسك قائلة بسعادة
( هذا الخاتم كان لأمي .... كان لديها خاتمين , أحدهما بفصوصٍ خضراء أخذته مهجة يوم خطبتها .... أما هذا ففصوصه سوداء براقة .... بلون شعرك الجميل .... وهو من نصيبك .... )
نظرت مسك الى الخاتم فاغرة شفتيها ...
كان خاتما ضخم من الذهب الأصفر ... الفصوص السوداء به متراصة حول نفسها في دوائر لتبدو في النهاية كوردة سوداء لامعها يتخللها الأصفر الذهبي .....
كان الخاتم رغم ضخامته , الا أنه يبدو كتحفة فنية ...... أو أثرية .....
رمشت مسك بعينيها قبل أن تأخذ نفسا عميقا , ثم قالت بهدوء خافت
( إنه رائع يا سيدتي ..... لكنني لا أستطيع القبول به ...... )
انعقد حاجبي أم أمجد بانكسار خاطر واضح .... لكنها قالت بصوتٍ متقطع
( لكن لماذا ؟!! ..... ألم يعجبك ؟!! ..... أتذكر أنه كان جميلا ..... )
اطرقت مسك بوجهها قبل أن تقول بخفوت
( أظن أنه من الأفضل أن تتكلمي مع أمجد قبلا ..... هناك أمور اختلفت .... )
أعادت أم أمجد العلبة الى حجرها و قالت بوجهٍ ممتقع
( أي أمور .... آخر مرة تكلمت معه , كان متحمسا و كان على وشك أخذ موعدا من والدك !! ..... )
لعقت مسك شفتيها , الا أنها رفعت ذقنها و نفضت شعرها للوراء و هي تقول ببساطة
( ربما كان كلامك مع أمجد أفضل .... لكن أنا آسفة , لا يمكنني القبول بالخاتم .... )
أغلقت أم أمجد العلبة الصغيرة ببطىء و عي تنظر أمامها بعينين منكسرتين .... و لم ترد , مما جعل مسك تنظر اليها بطرف عينيها ....
فلعنت هذا الضعف المتسرب الى نفسها .... ليس من المفترض أن تشعر بالأسى عليها ....
تلك السيدة جريئة أكثر من اللازم ... و مقتحمة لحياة الغير في سبيل ما يريده ابنها ....
كما أنه لا تمتلك أي أصول للزيارات و الخصوصيات .....
عليها أن تعرف من الآن أن بنات الناس لسن رهن اشارة اصبع من اصابع ابنها الغالي .....
حسنا انها تبالغ قليلا , لكن عليها أن تكون حازمة في تعاملها مع هذا النوع من البشر ....
سمعت صوت رنين جرس الباب ... فنهضت مسرعة , و هي ترحب بتلك المقاطعة التي منحتها الفرصة للهرب مؤقتا من تلك النظرة المنكسرة ......
فتحت مسك الباب بسرعة أكثر من اللازم ... الا أنها توقفت مكانها تلهث قليلا و هي تنظر... اليه !! ....
المنطقة الغير مرغوبة بنفسها تقف على باب بيتها
كان واقفا منخفض الرأس ...... ثم رفعه ببطىء كي ينظر اليها , على الرغم من انه حضر الكلمتين اللتين آتا خصيصا كي يلقي بهما في وجهها دون النظر اليها ...
لكنه فعل .... و فعلت هي ...
نظر اليها فارتبكت و تأرجح الباب في يدها ....
كانت ترتدي حلة رياضية بيتية و قد تركت شعرها منسابا على كتفيها بحريته ... أما عينيها فكانتا قلقتين و هي تختلس النظر اليه ....
حينها فقط سمع عبارته مجددا ترن في أذنه
" كليوباترا هي ... لم يكن عليكِ النظر اليها قبل محاربتها ...فقبلك هزمت رجالا بغرورها ...."
اتسعت عينا مسك و فغرت شفتيها قليلا قبل أن تقول بعدم فهم
رد عليها أمجد بنفس الخفوت وهو ينظر الى عينيها
( أنا آسف على ما حدث ... لم أجد الوقت لأخبر أمي عن انتهاء الأمر و للأبد .. لم أكن أعلم بزيارتها لكِ )
أخفضت وجهها و هي تلعق شفتيها بتوتر ... فانساب شعرها حول ذلك الوجه الكلاسيكي الأنيق , مما جعله ينظر اليها مجددا ....
( لا بأس ...... أعلم أنك لم تكن على علمٍ بهذا ....... )
رفعت وجهها اليه فأخفض وجهه وهو يمتنع عن النظر اليها بقوة ارادة ....
كان من الواضح على هيئتها أنها ترتاح في بيتها دون أن تعلم بمجىء كل هذا الجمهور المفاجىء .....
و كانت جميلة ..... جميلة بشكلٍ استثنائي ....
الحقيقة أن مسك الرافعي جمالها استثنائي في كل حالاتها ..... عليه ان يعترف بهذا .....
تكلم امجد اخيرا بخفوت ناظرا الى الأرض .... و يداه في جيبي بنطاله بيأس
( هلا اخبرتهما بوصولي .......... )
فتحت شفتيها ... ثم سارعت بالقول
( آآآه ..... نعم , بالتأكيد ..... لحظة واحدة ....... )
نظرت اليه للحظة , فاختلس اليها نظرة جعلتها تستدير بسرعة و تدخل الى شقتها .... بينما وقف أمجد مكانه رافعا رأسه وهو يتنهد بعمق ....
ما هذا الغباء في التعامل ؟!! ....... إنه يبدو كالأخرق .........
رفع رأسه حين أطلت وفاء و هي تسند والدته بحرص , فحدجها بنظرةٍ مهددة غاضبة .... مما جعلها تسارع بخفض عينيها و هي تقول
( أمجد واقف أمام الباب يا خالتي ........ )
رفعت أمه وجهها المنكسر و هي تقول بخفوت
عقد أمجد حاجبيه وهو يقول بقلق
( هل أنت بخير يا أمي ؟!! .......... )
( نعم حبيبي أنا في أحسن حال ..... لقد أتيت دون اذن منك , لا تغضب مني .... )
ارتفع حاجبي مسك و هي تتسائل في صمت
" اذن منه هو ؟!! ..... هل اشتروا الشقة ؟!! ........ ما تلك الأسرة ذات العشم الزائد ؟!! .... "
و ما جعل حاجبيها يرتفعان أكثر هو نبرة أمجد الهادئة
( مستحيل أن أغضب منكِ يا حبيبة ؟؟ ..... وفاء هلا ساعدتِ أمي في الذهاب الى المصعد .... أريد الكلام مع مسك للحظات .... )
أومأت وفاء برأسها ثم ساندت والدته و هي تقول بخفوت
( هيا يا خالتي .......... )
ابتعدا عنهما ببطىء , فالتفت أمجد الى مسك قائلا بخفوت كي لا يسمعاه
( حسنا لقد اعتذرت لكِ لكن هلا اخبرتني الآن لماذا تبدو أمي منكسرة الملامح الى هذا الحد ؟!!!! .... )
وضعت مسك كفيها في خصرها و هي تنظر اليه في وقفة متحدية لتقول بتهديد خافت
( لحظة .... لحظة ..... هل تحاسبني ؟!! ..... )
غصبا عنه رمقتها عيناه في وقفتها المستفزة .... و لم تدرك أن تلك العينين قد فتنتا بها ...
مما جعله يسارع بخفض وجهه وهو يقول بخفوت متذمر
( أنا لا أحاسبك ..... لكن أمي امرأة مريضة و ضريرة .... هل تقبلها بعفويتها التي قد تبدو جريئة في بعض الأحيان أمر شاق تماما ؟!!! ....... )
هتفت مسك من بين أسنانها همسا
( و من أخبرك انني لم أتقبلها ؟!! .......... )
أشار أمجد جانبا حيث تقف امه و ابنة خالته على مسافة قريبة ... ثم همس من بين أسنانها
( انظري الى وجهها و أنت تعرفين الجواب ..... )
مدت مسك وجهها و همست بغيظ و شراسة
( هذا لأنك لم تخبرها بقراري .... كبريائك الذكوري رفض الاقتناع بأن هناك امرأة تجرأت و رفضت عرضك الكريم للزواج ....... أنت السبب في الانكسار البادي على وجه أمك , لأنني بكل تهذيب اضطررت الى رفض خاتم جدتك التي كانت تريد اهدائه لي بمناسبة قرب الخطبة السعيدة ...... )
عقد امجد حاجبيه و قال بصدمة
( هل حاولت اهدائك الخاتم ؟!! .... خاتم جدتي الأسود ؟!!! ....... )
" كم يشبهها هذا الخاتم ؟!! ...... كيف لم يلحظ هذا من قبل ؟!! .... "
الا ان مسك لم تلحظ شروده ... بل قالت بعنف
( نعم حاولت .... ربما كنت تفضل أن آخذه منها شاكرة , ثم ارفض الخطبة فيما بعد ؟!! ..... )
زم أمجد شفتيه و ضيق عينيه ..... ثم قال اخيرا بخفوت
( هلا اخبرتني ماذا قالت لكِ أيضا ؟!! ........ )
رفعت مسك ذقنها فانسابت نظراته على شعرها الذي تراجع للخلف و هي تقول بخيلاء
( طلبت مني ترك العمل للتفرغ للأولاد ... و التزام الحجاب ..... )
أغمض عينيه وهو يقول هامسا بخفوت
( آآآه يا أمي ......... ما هذا الموقف الذي وضعتني به ..... )
الا ان مسك لم تتراجع بل تابعت بنبرة بدت باهتة قليلا
( و أخبرتني كم أنت متلهف للحصول على الكثير و الكثير من الأطفال ....... )
نظرت اليه نظرة طويلة بصمت ... بينما هو يبادلها النظر , قبل ان يقول بصوت جامد
( على ما يبدو أنكِ لا ترغبين في الأطفال من الأساس !! ...... )
ساد الصمت بينهما طويلا ... ثم رفعت ذقنها اكثر و همست بترفع
( نعم ...... أنا لا أحتاج للأطفال .... أنا راضية بحياتي كما هي .... )
حينها لم يرد عليها أمجد على الفور ... بل رمقها من قمة رأسها و حتى أخمص قدميها , ثم قال أخيرا بمنتهى الهدوء و بابتسامة مهذبة
( و أنا لا أراكِ أما مناسبة تليق بأطفالي ..... )
اهتزت حدقتي مسك قليلا ... وارتبكت ملامحها للحظة قبل أن تتكفل ابتسامة مصطنعة و هي تقول بأناقة
( جيد ........ يبدو أن كل منا قد عاد الى مساره الصحيح .... )
أومأ أمجد برأسه تهذيبا وهو يقول بنفس الابتسامة الباردة
( على ما يبدو .... و الآن اسمحي لي , يجب أن أذهب الى أمي فقد طال انتظارها .... )
رفعت مسك وجهها الأنيق و قالت بترفع
( هيا ..... الحق بأمك ....... )
ثم أغلقت الباب في وجهه دون حتى القاء التحية ..... ظل أمجد واقفا مكانه وهو يعض على شفته السفلى بينما النيران تغلي في صدره على مهلٍ فتحرقه أكثر .... لكنه سرعان ما سيطر على نفسه و استدار متجها الى أمه و ابنة خالته التي كانت تنظر الي ما يحدث بنظرةٍ كئيبة .... بينما والدته لا ترى لحسن الحظ ....
أما مسك فقد استندت الى الباب المغلق و هي تتنفس بسرعة .... ثم لم تلبث أن رفعت يدها لتمسح دمعة حارقة .. اقتلعتها بعنفٍ قبل أن تطول وجنتها .... ثم ابتسمت بأناقة .....
يتبع