عرض مشاركة واحدة
قديم 05-08-16, 05:44 PM   #3

miya orasini

نجم روايتي ومشرفة سابقة وعضوة فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية miya orasini

? العضوٌ??? » 244480
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 7,329
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » miya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
افتراضي

2-رقته تذيبها !

ألتقت دونا ذلك المساء عددا من الأشخاص الآخرين الذين يقيمون في الفيللا , وكان بنهم , كما توقعت , ضيوف كثيرون , لم يعرها أحد أهتماما يذكر عندما دخلت القاعة , لأنهم كانوا غارقين في ثرثرتهم عن أصدقاء أو أعداء مشتركين , ومع أن دونا تعرف الأيطالية الى حد , ألا أنها شعرت بالضياع بينهم.
تقدّم نحوها شاب فعلمت على الفور أنه أبن سيرافينا , عيناه خضراوان جميلتان , ووجهه لاتيني وسيم للغاية وأبتسامته جذابة مغرية , ألا أن نظرة دونا إليه كانت تختلف عن بقية الفتيات , من حيث أنها أكثر أهتماما بتحليل شخصيته , أنه أبن سيرافينا الذي تركته مع زوجها , فيما كانت تسعى الى الشهرة وأثارة دهشة العالم .وعندما أصبحت تتمتّع بشهرة عالمية وبثروة طائلة , أختار أبنها الأنتقال الى قصرها.
لم ترد دونا على أبتسامته الدافئة بالمثل , بل وجّهت اليه نظرة عادية , لا بل باردة , أنه يعرف أنها سكرتيرة أمه , وربما أفترض بأن توددها اليه جزء من مهمتها ووظيفتها , تأملها بتفحص بالغ , مع أنها كانت تمثل البساطة بعينيها فيما لو قيست بالنساء الأخريات , وأبتسم لها بطريقة بأنه لم يلق طوال حياته مقومة كبيرة من أية فتاة , وقال لها:
" يا له من شعر جميل ! ويا لها من بشرة رقيقة وناعمة تشجع على اللمس!ّ".
ردت عليه بسرعة وحزم قائلة:
" ألمسني , يا سيد نيري , وسأصفعك على وجهك , ستتلم أنت وسأخسر أنا على الأرجح وظيفة جيدة جدا".
وضع يده على خده وكأنه يحذّرها من أنه سيداعب وجنتيها يوما ولن تصفعه , وقال:
" أوه! أنك فتاة حادة الطباع وعصبية المزاج على الرغم من برودتك البريطانية ! ماذا تشربين يا آنسة هدسون؟ أتصور أن عليّ التصرف معك بطريقة رسمية الى أن أحصل على موافقتك بأن نصبح صديقين؟".
تذكرت ملاحظات الأيطالي الآخر الذي لم تتمكن بعد من نسيانه , وقالت بحدّة :
" أنتم الرجال الأيطاليين واثقون جدا من أنفسكم , أليس كذلك ؟ أظن أن ذلك يعود الى طريقة تربيتكم منذ الصغر , وألى معاملتكم كأسياد من جانب قريباتكم".
" ألا تعتقدين أنه يجب تدليل الفتيان الصغار؟".
" في بلادي , يا سيد نيري , يعامل الصبي كالبنت تماما , وفي بلادي أيضا , لا يغرس أحد في عقول الفتية الصغار أن الفتيات سيقعن بحبهم من النظرة الأولى وأنهن على أستعداد لأن يصبحن مستعبدات لهم مدى الحياة".
غمر عينيه بريق تحد زاد من جمالهما وقدرتهما على الأغراء , وقال بتعجب بالغ:
" أوه ! ألا تعتقدين بأمكانية الحب من أول نظرة ؟ غريب أمرك يا آنسة ! فالفتاة البريطانية تأتي عادة الى أيطاليا بحثا عن مغامرة عاطفية دافئة لا تجدها في بلادها الصناعية الباردة".
تظاهرت بعدم الأكتراث , وقالت له ببرودة أعصاب مذهلة:
" أنا , يا سيد , أتيت الى أيطاليا لأعمل , وأذا كانت دعوتك لا تزال قائمة , فأنني أفضل عصير البرتقال , أنا مجرد سكرتيرة جيدة تتمتّع بعملها الى درجة كبيرة".
" لست متأكدا من ذلك , فالماء يكون راكدا أحيانا لأنه لا يجد من يعبث به , وقد تجدين قريبا أن الجو في بلادنا سوف يذيب حبيبات الثلج التي تحيط بقلبك , سأحضر لك العصير فلا تذهبي!".
أبتسمت له بطريقة ساخرة وقالت:
" لن تتمكن من حملي على الهرب , يا سيد , فأنت لا تفزعني بما فيه الكفاية".
قطب حاجبيه أستياء ثم رفع رأسه بعنجهية وعنفوان وتوجه الى الجانب الآخر من القاعة , قالت دونا لنفسها أن هذا الشاب الوسيم واثق جدا من قدرته على الفوز بقلوب العشرات من الفتيات , بحيث أنه لن يأبه لرفض سكرتيرة باردة مثلها , أنه جذاب جدا ويعرف ذلك , ولكن دونا لم تكن تنوي أبدا أن تعرّض وظيفتها للخطر بتقّبل مغازلته ومداعباته..... أنها تعلم أن سيرافينا سيدة تحب السيطرة والتملك , ومن المؤكد أنها لن تفرح بأن أبنها يولي أهتماما خاصا لفتاة تعمل في خدمتها.

تطلّعت دونا حولها وأفترضت أن سيرافينا تنتظر تجمّع ضيوفها قبل أن تدخل بأبهة وعظمة , وهي تبدو أكثر جمالا وجاذبية من أجمل ضيفة لديها , ودخلت ربة القصر في تلك اللحظة بالذات , كانت ترتدي ثوبا فضيا خلابا وتتدلى على صدرها قلادة من الأحجار الكريمة الثمينة التي تشع كالنجوم الساطعة , تنهد الجميع أعجابا ...... ولكن دونا حبست أنفاسها لسبب مختلف تماما.
كان يتبع سيرافينا رجل طويل القامة يرتدي سترة داكنة , عرفته دونا فورا من ملامح وجهه القاسية , وقامته الممشوقة , وهيبته المتغطرسة , عكست عيناها نظرات الدهشة والصدمة ذاتها التي أحست بهما قرب ذلك الملعب الروماني القديم في روما , شعرت برغبة يائسة للهرب قبل أن يراها ذلك الرجل , بدأت في السير نحو غرفتها , ولكن شخصا وضع كوب باردا في يدها وهو يقول متمتما:

" أحبس أنفاسي دائما عندما أتأمل جمالها..... وأنا أبنها , عندما أنظر اليها أجد من الصعوبة بمكان أن أتخيلها قادرة على الحب كأي أنسان آخر على وجه الأرض , ومع ذلك فأنا برهان ثابت على أنها فعلا أحبت في وقت ما , هل يعجبك العصير؟".
شربت دونا كمية كبيرة لأن حلقها جفّ الى درجة مؤلمة , تصوّرت عندما تركت روما أنها لن تشاهد أبدا ذلك الأسمر الغريب الذي تحدّث إليها بمثل تلك الطريقة المستهجنة , ولكنه هنا ....... ولا يزال يضع في أذنه ذلك الخاتم الذهبي الذي يبرق قرب شعره الأسود الجميل , لم تتمكن , عندما بدأت نظراته تتفحص وجوه الموجودين , ألا أن تسأل أبن سيرافينا:
" من هو هذا الرجل؟".
" أنه لورديتي , ريك لورديتي , الذي يحسده الرجال في أيطاليا والعالم لأنه يعتني بالممثلة الذائعة الصيت... سيرافينا , أنها تعتمد عليه أكثر من أي رجل آخر , حتى من مستشارها المالي أو كاهتها , أنه الحارس الشخصي والخاص لأمي".
" هل تعني أنه...... أنه يعيش هنا... في الفيللا؟".
" طبعا , مع أنه أمضى الأسبوع الفائت في روما للقيام ببعض الأعمال الخاصة , كانت الفيللا في غيابه قلعة حصينة لا يدخلها أو يخرج منها أحد".
ثم أطلق ضحكة خبيثة صغيرة وأضاف قائلا:
" تشعر سيرافينا براحة بال أكبر وبتوتر أعصاب أقل , عندما يكون ريك هنا لحمايتها والأهتمام بها , أنها تعتقد أعتقادا راسخا بأنها ليس في أمان ألا بوجود ريك ,وتهزأ من فكرة أن أبنها قادر على حمايتها ...... وربما كانت على حق في ذلك , لأن أبنها ليس قاتلا مأجورا محترفا".
" وهل هو قاتل مأجور؟".
لاحظت دونا وهي توجه سؤالها هذا أن العينين القاسيتين تحدّقان فجأة بوجهها , ولكن نظرة التعرف التي توقعتها لم تكن سوى نظرة عابرة غير عابئة بوجودها إلا عرضا , أكتفى الرجل بتأمل ملامحها ثم حوّل نظراته الى شخص آخر.
" نعم , هذه هي مواصفاته بالتحديد... قاتل محترف يعمل في خدمة أمي".
حبست دونا أنفاسها بقوة , فتأملتها اعينان الخضراوان الجميلتان بأهتمام وسمعت صاحبهما يقول لها بهدوء:
" غاب اللون تماما من وجهك , يا آنسة هدسون ! ولكن لا تخافي من لورديتي أو تدعيه يقلقك , يمكنك تجاهله كليا , أنه يتناول العشاء معنا , لأن أمي تشعر بالطمأنينة وراحة الباب عندما يكون قربها , أنها تشعر بخوف دائم ورهيب من أحتمال أختطافها , ووقوعها بين أيد خبيثة تؤذيها , ولا تثق بأحد أطلاقا كما تثق بحارسها الصقلي الذي تعطيه أجرا باهظا , أنقذها قبل بضعة أشهر عندما تلقى عنها بصدره طعنة خنجر حاد , شعر بالتأكيد بآلام مبرحة ولكنه قاد سيارتها على هذه الطرقات الجبلية الملتوية بسرعة جنونية , بعيدا عن عصابة الدراجات النارية , أنا أشك كثيرا في أن لهذا الرجل أي أهتمام بأي أمرأة بأستثناء سيرافينا".
شدّت دونا بيدها على كوب العصير وكادت تحطمه , نعم..... لاحظت تلك الليلة في روما أن لهذا الرجل جانبا قاسيا جدا , وها هو الآن .... رجل خارج المجتمع يقبله الجميع كأنسان وثيق الصلة بأحدى أشهر نساء المجتمع , يعيش حياة الخطر , ولكن أخلاصه ثابت وراسخ كالجبال.
" غريب أمر هذا الرجل العنيف..... كيف يتعلّق بمثل هذه السيدة الناعمة".
ردّت دونا على الأبن بقولها:
" من المؤكد أنك تشعر بالأمتنان له لأنه أنقذ والدتك من أيدي عصابة من الأشرار؟".
" أنه يقبض أجرا مرتفعا جدا للقيام بمثل هذه المهام ولمواجهة مثل هذه المجازفات , ولكنني سأقتله بهاتين اليدين أذا تبيّن لي أن الأشاعة صحيحة!".
لم تتمكن دونا من تجاهل هذه الملاحظات , فسألته بتردد :
" أي....... أي أشاعة؟".
" أنه على علاقة بسيرافينا!".
أتسعت عيناها دهشة وأستغرابا وحوّلت نظرها نحو ذلك القاتل المحترف , بدا غير مهتم بأحد ألا بتلك السيدة الأنيقة التي ترتدي عباءة فضية رائعة , ومع أن سيرافينا سيدة طويلة جدا بالنسبة الى النساء ألا أن الرجل كان لا يزال أطول منها بمقدار كبير , عادت تنظر الى الشاب الوسيم قربها فرأت أن نظرات الحسد والحقد لم تزل في عينيه , وأن أعصابه لا تزال متوترة الى درجة الأنفجار.
توجه الجميع الى مائدة الطعام الفخمة التي تصطف عليها أثمن الأواني الفضية والزجاجية , وتنيرها أغلى الثريات الأثرية الرائعة , كان أدوني نيري يجلس قربها ويبدو أكثر جاذبية ووسامة من جميع الرجال الآخرين , ألا أنه كان عليها أن تتوخّى الحذر في تصرفاتها معه , وخاصة أن أمه نظرت مرة أو مرتين بعينين قاسيتين نحوهما عندما رأتهما يتسامران ويضحكان.
ألا أن أهتمام دونا كان مركزا على الرجل الذي يجلس قرب سيرافينا , لم يشترك إلا نادرا في الأحاديث الشيقة والمثيرة التي كان يتبادلها الضيوف فيما بينهم ومع مضيفتهم الجميلة , كان يأكل طعامه بهدوء بلغ ويبدو متحفزا متأهبا ... ومتيقظا لكل حركة , ويبدو واضحا أن سيرافينا تنسيه جميع النساء الأخريات عندما تكون قربه , تألمت دونا وشعرت بأن كرامتها جرحت لأنه ل ينظر اليها إلا بشكل عابر , بالرغم مما قاله لها في روما أثتء الرقص وبعده , تحوّل سحره الذي تتذكره بوضوح الى برودة مزعجة , وأرادت دونا أن تكرهه لأنه ينظر اليها , وكأنه لم يطوقها أبدا بذراعيه لساعات طويلة وهما يرقصان على أنغام مقطوعات موسيقية حالمة...... أو لم يترك لها تلك الوردة البيضاء!
قررت أن ترمي الوردة في سلة المهملات , عندما تعود الى غرفتها في وقت لاحق , وتساءلت عما أذا كانت سيرافينا تدرك بأن حارسها الأمين كان يتصرف في روما كبقية شبانها.. يغازل نساء غيرها , أنه يبدو هنا غير مكترث أطلاقا ببقية النسلء , ولكن غيرة سيرافينا قد تكون قوية جدا , وتمنعه من الأعتراف علنا بأنه يعرف سكرتيرتها , وتذكرت دونا بعض القصص التي سمعتها عن سيرافينا , ومنها أن النجمة العالمية لم تجعل منافسيها يبكون فحسب ولكنها عملت أيضا في بعض الأحيان على تحطيم مراكزهم ومستقبلهم.
حوّلت دونا نظرها عن ذلك الوجه الأسمر اللامبالي الى تلك السيدة , التي يمكنها أن تجد دائما رجالا يركعون أمام جمالها وسحرها ...... ويحبون قساوتها وتعنتها بقدر ما يحبون روعتها وقوة شخصيتها الجذابة , كان الطعام شهيا للغاية والخدمة ممتازة , ألا أن دونا أكتفت بالقليل وأمضت وقتها بالتحدث مع أدوني نيري , ومع ذلك , ظلّ السؤال الكبير يعذبها ويؤلمها ... هل ريك لورديتي حقا على علاقة بسيرافينا؟
سألها رجل أنيق المظهر بلهجة هادئة:
" هل تعملين في السينما أيتها الجميلة , أم أنك تشتركين في أفلام تلفزيونية دعائية؟".
نظرت دونا الى عينيه مباشرة وقالت له بهدوء مماثل:
" أنا هنا لمساعدة السيدة نيري في كتابة مذكراتها , كنت أعتقد أن الجميع يعلمون أنني سكرتيرتها".
ضحك الرجل وقال بخبث ظاهر:
" سكرتيرة؟ لا شك في أن مضيفتنا الكريمة تمارس الديمقراطية الحقة بدعوتها موظفيها الى تناول العشاء معها! من المؤكد أن لذلك علاقة بالتأثيرات الخارجية على سياسيتنا هذه الأيام , أم أنكم تعتقدون أن السبب عائد الى نفوذ المافيا؟".

ضحك بعض الذين كانوا يجلسون قرب هذا الشخص الخبيث , ألا أن لورديتي نظر اليه فجأة بطريقة أفزعت دونا نفسها , لم يقل شيئا , ولكن ذلك الشخص المخنث أرتبك الى درجة كبيرة بحيث أن كوب العصير أفلت من يده المرتجفة فتحطم على الأرض بعد أن تناثرت محتوياته على الطاولة.... أسرع خادم للأهتمام بالأمر , فيما أنحنت سيرافينا قليلا نحو ريك لورديتي وهمست شيئا في أذنه , أبتسم الرجل بسخرية واضحة , وشعرت دونا أن سيرافينا لن تترد في طرد جميع ضيوفها من الفيللا أذا تعكر مزاجها , ألا أن الرجل الجالس قربها هو على ما يبدو , جزء لا يتجزأ منها ومن القصر , أنه كل شيء بالنسبة اليها , أما هؤلاء الضيوف الذين دعتهم الى الفيللا لتسليتها والترفيه عنها , فليسوا سوى دمى تحركهم بأصابع يديها وترميهم خارجا ساعة تشاء , نظرت سيرافينا الى الرجل الأنيق المرتبك وخاطبته بأسمه:
" يا عزيزي كونتي , يجب أن تكون حذرا جدا عندما تقول شيئا ما أمام ريك , فجدته , كما تعلم , كانت ساحرة صقلية وعلمته بعض حيلها وألعابها , كما أنني أنصحك بعدم ذكر المافيا أمامه لأنه والعصابة عدوان لدودان , وقد يدق عنقك أذا شعر بأنك تشير من قريب أو بعيد الى أي أرتباط له مع هذه المنظمة الشريرة , أن ريك يا عزيزي كارلو , هو السيد المهذب الراقي الوحيد الذي ألتقيته في حياتي".
أحمر وجه كارلو كونتي , وأرتعشت شفتاه , وقالت دونا لنفسها أنه أذا كان كونتي أحد أبناء العائلات الراقية , فلا عجب في أن تختار سيرافينا الى جانبها مسلحا صقليا يناسبها من حيث القساوة...... والأخلاص , وأحست دونا بقشعريرة خفيفة عندما شاهدت أصابع سيرافينا تداعب يد لورديتي وكأنها تقول أنه لها.... لها وحدها!
أحضر الخادم الحلويات المغطاة بطبقة سميكة من القشدة الشهية , فأمتنعت معظم السيدات حتى عن النظر اليها.... تجنبا للسمنة وحفاظا على الرشاقة , ألا أن دونا غرزت ملعقتها في لقشدة والفاكهة اللذيذة , وراحت تأكل بشهية كبيرة , ضحك أدوني وقال لها:
" أنه لأمر منعش حقا أن نشاهد أمرأة لا تخشى التمتع بالأكل ".
أبتسمت وقالت ممازحة:
" ألم تسمع أن السكرتيرات يتضورون جوعا عندما تقل الوظائف ولا تخفض أيجارات البيوت؟ في أي حال , أنا أحب هذا النوع من الحلويات كثيرا".
" هذه القشدة مصنوعة من حليب أبقارنا , تملك أمي مزرعة كبيرة في الوادي , ويجب أن آخذك اليها مرة لمشاهدة كافة القطعان الموجودة هناك , هل تركبين الخيل.... يا دونا؟".
لم يأخذ سوى فترة قبل أن يبدأ بمناداتها على هذا النحو , ولكن , ماذا بأمكانها أن تفعل؟ لديه سحر أمه وجاذبيتها , ولكنه لا يدرك أنه قد يفقدها وظيفتها أذا خصّصها بأي أهتمام زائد , ذكّرته بسبب وجودها في الفيللا:
" أنا هنا لأعمل , ولست ضيفة مقيمة , وعليك الأدراك أن والدتك لن توافق على قيام...... قيام صداقة بيننا , أنني أوافق ذلك السمج كونتي على ما قاله قبل قليل... يجب أن أتناول طعامي مع بقية العاملين هنا".
" ومع من سأتحدث أثناء العشاء ؟ مع بعض المتزوجات المملاّت , اللواتي يبحثن عن علاقات مع شبان لهم أعمار أولادهن؟".
"يسرني جدا أنك لم تصنفني معهن , أرجو ألا توجّه اليّ عناية أكثر من المتعارف عليه , وإلا تسببت في أفقادي وظيفة أحبها , وأسعى الى الأحتفاظ بها حتى النهاية , لم أعمل في أيطاليا أبدا من قبل , وخاصة مع شخص مثل والدتك , أنا أعرف أنها حادة المزاج وأنها بدأت تتساءل عما أذا كنت أغازلك أم لا , يا سيد نيري".
" ألا تغازلينني الآن , يا آنسة ؟ كنت آمل ذلك , أوه , كيف يتحوّل بريق العينين فجأة الى نظرات جافة وقاسية ! يا لنعومة بشرتك ورقتها ! أنها تشبه تلك القشدة التي أكلناها قبل قليل".
أقترب منها وكأنه يحاول لمس بشرتها , فتراجعت بسرعة عنه وهي تهز رأسها أنزعاجا وتأنيبا , وتطلّعت فجأة نحو الرجل الأسمر , فأحمرت وجنتاها , كان يتأملها بتمعن وروية... أذن ما زال يتذكرها , حسبت أنفاسها ضيقا وأنقباضا , ماذا يريد منها هذا الرجل ؟ صداقة سرية مع السكرتيرة الجديدة التي يرفض التصريح علنا أمام سيدته بأنه يعرفها؟ شعرت بأن كرامتها طعنت في الصميم وبأنها كانت غارقة في الأوهام والأحلام , وجهت اليه نظرة تأنيب قاسية , ولكنه إبتسم بخفة وكأنه لا يبالي بأنزعاجها , وعندما تحوّلت سيرافينا عن جارها الآخر اليه مجددا , عاد يكرّس كل أهتمامه وأنتباهه اليها ...... وحدها.
ثارت حفيظتها مرة أخرى , وقالت لنفسها ........ ليذهب الى الجحيم , كيف يجرؤ على الأفتراض بأنه قادر على أذابتها بمجرد أن يغمزها قليلا...... ومن وراء ظهر سيرافينا ؟ تجاسرت دونا وتحوّلت الى أدوني حيث أمضت وأياه بقية السهرة يتسامران ويتحدثان بمرح واضح ...... وهي غير مبالية بأنزعاج سيرافينا من ذلك.
أزيلت السجادات عن الأرضية الخشبية للقاعة الكبرى , وعزفت المقطوعات الموسيقية الحالمة التي كانت ناجحة أثناء تربع سيرافينا على عرش هوليوود , رقض الضيوف الى ما بعد منتصف الليل , لم تتراجع دونا عن جسارتها وتهورها , فتمتعت بوقتها حتى النهاية , لم ترقص فقط مع أدوني , ولكنها قبلت أيضا دعوات من رجال آخرين , ظلت على تلك الحال الى أن حاول أحد الرجال التمادي معها , داست بقوة على رجله لتضع حدا نهائيا لتصرفه الأرعن , فتركها شاتما وركضت بسرعة الى الشرفة.
شعرت دونا بأنها متعبة ومرهقة بسبب الرقص ومحاولاتها الجاهدة للتحدث مع مع أولئك الرجال الذين لا يعرفون إلا الأيطالية , وفرحت لوجودها وحدها , فأغمضت عينيها وتنفست بقوة مرات عديدة لتملأ رئتيها بالنسيم المنعش وبرائحة الزهور الغنية العطرة , مرت بضع دقائق قبل أن تلاحظ أن رائحة مزعجة أختلطت بعطر الزهور, رائحة تبغ محترق.....
نظرت الى الوراء فرأت رجلا طويل القامة , تسارعت دقات قلبها بعصبية لأنها عرفت على الفور أنه ريك لورديتي , سيطن أنها تبعه, مع أنها كنت تريد دائما الأبتعاد عنه وتجنبه!
" لا تذهبي , إبقي حيث أنت لأخبرك بأننا نكون حكيمين أذا تظاهرنا بأننا لم نلتق من قبل , أنت بحاجة لوظيفة جيدة هنا على سواحل صقلية , وهي لك ولكن من الأفضل لنا أن نظل غريبين أمام سيرافينا".
سألته ببرودة أعصاب قاسية ومذهلة:
" لماذا؟ ألن توافق صديقتك على ذلك؟ ألا تعلم سيرافينا أنك تحاول أصطياد الفتيات الغريبات عندما تكون في روما ومتأثرا بأجواء المغامرات العاطفية؟".
" كما قلت لك آنذاك , يا عزيزتي دونا , نحن لسنا غريبين عن بعضنا , أنت شعرت بتلك التفاعلات الكيمائية ذاتها التي شعرت أنا بها , لم ألحقك من الفندق , ذهبت الى ذلك الملعب بدون أن أعرف أنك كنت هناك , ولكنك كنت هناك... كان لا بد من ذلك كي نلتقي ثانية".
نظرت اليه بعصبية وقالت:
" أوه , توقف عن مثل هذه الأحاديث! أنك تفزعني , أنا أعرف أنك تحمل مسدسا , وأعرف كم تأخذ أجرا لأستخدامه , فلا تقل لي أنني ألتقيت أحدا مثلك من قبل , أنت لست من النوع الذي..... الذي أريد مصادقته!".
" كرري هذا الكلام كثيرا لنفسك يا حبيبتي , فقد تصلين الى مرحلة تصديق نفسك , يظن الناس عادة أن بأمكانهم طرح مشاعرهم وأحاسيسهم جانبا كتفاحة أو عنقود عنب أصيبا بالأهتراء , ولكن المشاعر جزء من الأنسان , ستشعرين أنك تمزقين قطعة من جسمك عندما تحاولين عدم الأهتمام بشخص ما".
" الأهتمام؟ هل لديك الشجاعة الكافية لتقول أنني ...... أنني أهتم بك ؟ أنت آخر رجل على وجه الأرض أفكر بالأهتمام به! أنت قاتل محترف!".
" أنا أنسان مثل الآخرين , تمر عليّ ليال كثيرة لا أفضل خلالها أي شيء آخر في الدنيا سوى وضع رأسي على كتف حنون دافىء".
" ومسدسك تحت الوسادة؟".
" كانوا يستخدمون السيوف في الأيام الماضية".
" هل تتصور نفسك هكذا..... الفارس الأسود الذي يحمي سيرافينا نيري؟".
" أنه وصف رومنطيقي أليس كذلك؟".
" أنه أفضل من أن أصفك بالشقي أو المجرم! هل كنت في شيكاغة من قبل , يا سيد ؟ توجد لكنة في لهجتك توحي بذلك".
" يا للنساء , ويا للحشرية! نعم , ألتقيت سيرافينا في الولايات المتحدة , ولكن في نيفادا.... في أحد النوادي الليلية".
" هل كنت الرجل القوي في النادي الذي يطرد المشاغبين والمشاكسين ؟".
" أنت......... شيطانة صغيرة!".

أقترب منها ولكنه سارع في العودة الى الزاوية المظلمة , عندما سمعا صوتا يقترب منهما , وصل أدوني قربها وقال بصوت ناعم:
" وأخيرا وجدتك , أنني سعيد لأنك لم تتسللي الى سريرك بدون أن تتمني لي ليلة سعيدة , يا لهذه الليلة الرائعة , يا دونا ! أنظري الى القمر كيف يختفي رويدا بين النجوم!".

كانت دونا لا تزال ترتعش داخليا بسبب ما سمعته من ريك لورديتي , وكانت تعرف أنه لا يزال بأمكانه سماع كلامها , أمسكت بذراع الشاب المدلل وقالت له:
" أنني متعبة ..... كان اليوم طويلا جدا بالنسبة الي , وأنا مضطرة الآن للدخول و....... ".
ضمّها اليه بقوة وهو يقاطعها قائلا:
" ليس قبل أن تقبلينني قبلة المساء".
حاولت التملص من ذراعيه وهي تقول:
" أنا لست من ذلك النوع من الفتيات اللواتي يقبّلن كل رجل يلتقينه , دعني!".
ضغط بذراعيه عليها رافضا أفلاتها بالسهولة التي توقعتها , نظر اليها بعينين جائعتين ثم أقترب من وجهها إلا أنه قبل أن يفعل ذلك سمع صوتا قاسيا يقول له:
" دع السيدة وشأنها ! ألا تلاحظ أنك تزعجها؟".
أستدار أدوني نحو الزاوية المظلمة وسأل بصوت عال:
" من أنت؟".
أقترب لورديتي قليلا حتى سطع ضوء القمر على وجهه الأسمر , الذي تعلوه أبتسامة مفزعة , صرخ أدوني وكأن سوطا لسعه:
" أنت ! هل تقوم الأن بعملياتك التجسسية المعتادة يا لورديتي ؟ لا تجرّب هذه السخافات معي ! دعني أخبرك .... لو كانت الأمور بيدي ! لكنت أنت على بعد مئات الكيلومترات عن والدتي .... بدلا من أن تدخل غرفتها وتخرج منها وكأن لك الحق في ذلك ! أنت لست سوى مجرم تدفع لك بسخاء كي تكون حارسها ومنقذها!".
" أخرس , أيها الديك الصغير المنتفخ ! متى عملت أنت كي تحصل على دخل يعينك ؟ من المؤكد أن لديك أمتيازات معينة , ولكنها لا تسمح لك بفرض وجودك على الآنسة هدسون , أنها تأكل خبزها بعرق جبينها , وليس مثلك أيها الطفيلي !".
" اللعنة عليك! كم أتمنى أن أدق عنقك أيها السفاح ! أنت لست ألا عاشقا رخيصا يعيش على أموال السيدات المسنات !".
" أنك تمثل دورا أكبر منك أيها الصغير , سوف تعتقد الآنسة هدسون أن جميع الرجال الأيطاليين هم على شاكلتك , فلماذا لا تهد قليلا قبل أن يعاد تخطيط وجهك الجميل الى شكل لا تحبه أطلاقا! ".
" اللعنة عليك ! أنني أكرهك !".
ثم حاول توجيه لكمة قوية الى فك الرجل القاسي , الذي قفز جانبا ولكمه على أنفه فأدماه , وضع أدوني منديله بسرعة على أنفه ونظر الى لورديتي قائلا له , والشرر يتطاير من عينيه:
" لن تمر هذه المسألة بسهولة , سأجعل سيرافينا تطردك!".
" حاول ذلك , يا بني".
نظر بهدوء الى دونا, التي كانت تراقب النزاع بمزيج من الخوف والأثارة , لم تشعر بالأسف أتجاه أدوني لأنه أساء التصرف معها , ولكنها أصيبت بصدمة مذهلة ناجمة عن مسارعة ريك لورديتي للدفاع عنها , قال لها:
" هل تريدين الدخول؟".
هزّت رأسها وسارت معه على الشرفة , فيما كان أدوني يجفف الدماء التي سالت من أنفه , وعندما تطلّعت الى الوراء , ضحك ريك بقساوة وقال:
" من شأن هذه الكمية القليلة من الدم أن تخفّف من عصبيته وتوتره , لم تكوني مسرورة بهجومه عليك , أليس كذلك؟".
" طبعا لا ! أشكرك على تدخلك ولكن.... ألست قلقا من تسببه لك ببعض المشاكل مع أمه؟".
" أبدا على الأطلاق , لا يمكن لهذا الشاب الأرعن أن يثير أي متاعب بيننا , أنه ليس الشخص الذي يمثل أي مشكلة".
" هل تعني..... أنه لا يثير أي مشاكل بينكما إلا....... وجود أمرأة أخرى؟".
" بلضبط".
شعرت دونا بأن تلك الكلمة كانت كافية لوصف الوضع بكامله , أحسّت وكأن يدا قوية عصرت قلبها عندما نظرت الى ريك وشاهدت تلك الأبتسامة الخفيفة على وجهه , أنه قاس جدا , ولكن ثمة رقة لا تصدّق في أعماقه تذيب أحاسيسها ومشاعرها , كادت تتعثّر وتقع , ولكنه أمسك بمعصمها بقوة ........ وبنعومة أيضا , همست بصوت خافت:
" لم أكن أظن أنني........ أنني سأراك ثانية".
" أنا كنت أعلم بأنني سأراك , , بحثت في سجلات الفندق ووجدت أسمك...... هدسون , كنت أعرف أن شابة بهذا الأسم سوف تأتي الى الفيللا للعمل مع سيرافينا".
" ربما كان من الأفضل لي أن أعود الى بريطانيا , هذا هو يومي الأول هنا , وها قد تسببت في أيقاع الخلاف بينكما.... أنت وأدوني ".
" الحياة مليئة بالمشاكل , ولا مجال للتهرّب من الحياة".
" أنت تختلف كثيرا عن بقية الرجال , لم أعرف في حياتي إلا طلاب جامعة , وممثلا فكاهيا كان يظن بأنه جذاب لا يمكن مقاومته..... مع أنه كان مملا ومزعجا جدا , أنني مرهقة جدا الآن , وسأذهب الى النوم , سأعود غدا أن شاء الله الى وضعي الطببيعي!
" صحيح , فكل شيء يبدو طبيعيا أكثر في النهار , المشكلة الوحيدة هي أن نجوم الليل تنسينا أفكار النهار , تصبحين على خير يا آنسة".
" تصبح على خير , يا سيد".
هربت دونا من هذا الرجل مجددا ...... ولكنها تدرك هذه المرة أنها سوف تلقاه صباح اليوم التالي , وكانت متأكدة أنها ستجده في ضوء النهار أكثر جاذبية وتأثيرا عليها من أي أنسان آخر عرفته في حياتها , تذكرت تسارع نبضها عندما كان يمسك بمعصمها , لم يكن ذلك منطقيا , فهي لا تعرف الرجل إلاّ قليلا ...... وهو رجل لم ينف أن سيرافينا تأتي أولا , وأنها صاحبة الحق في توجيه إرادته ..... ورغباته.


miya orasini غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس