عرض مشاركة واحدة
قديم 05-08-16, 05:53 PM   #8

miya orasini

نجم روايتي ومشرفة سابقة وعضوة فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية miya orasini

? العضوٌ??? » 244480
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 7,329
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » miya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
افتراضي

7-الأصيل والبديل !

حملت سيرافينا صورة إبنها للمرة العاشرة تقريبا وتأملتها مليا , قبل أن تقول بصوت حزين .
" كان وسيما جدا عندما أخذت له هذه الصورة قبل عام , غيّر الجرح في شفته الكثير من ملامح وجهه الجميل , يا دونا , إنه يبدو الآن..... عنيفا وقاسيا".
كانت دونا تجلس في كرسي قرب الكنبة التي تستلقي عليها سيرافينا بعباءتها الجميلة الملونة , والدفتر والقلم بين يدي دونا , ولكنها لم تدوّن الكثير من الملاحظات بسبب حديث الممثلة المستمر عن أبنها , كانت سيرافينا تنتظر جوابا , فقالت لها:
" ليس الى هذا الحد , يا سيرافينا".
" ماذا تقولين ؟ ألا يمكنك أن تقارني بين هذه الصورة وما هو عليه وجهه الآن ؟ أنا أعرفه أكثر منك , فلا تجادليني".
" أنا لا أجادلك , الفارق الوحيد بين العام الفائت والآن هو التغييّر الطفيف الذي طرأ على شفته , بأستثناء ذلك , فهو لا يزال رجلا وسيما للغاية ".
" رجل ... نعم , هذا هو الأمر , هذا ما حدث بالضبط , أدركت فجأة أن أدوني أصبح رجلا , ولم يعد ذلك الشاب الجميل المدلل , هل تألم كثيرا يا دونا ؟ هل تحمّل الألم بشجاعة؟".
أكّدت لها دونا للمرة العاشرة أيضا أنه كان شجاعا للغاية , وأنه تحمّل الألم برجولة وعنفوان , ثم أضافت قائلة :
" أنه لم يفقد أي شيء من جاذبيته , سيرافينا , لا بل أنه ........ ".
توقفت عن أتمام جملتها , لأنها تعتبر أن العملية الجراحية التي أجريت لشفته السفلى حوّلتها من شفة ممتلئة مثيرة للفتيات الى شفة قوية تعجب بها النساء , وأكثر من ذلك ..... أنه أكثر شبها....... بأبيه!
تأمّلتها سيرافينا طويلا ثم سألتها بصوت ناعم:
" أنك تعتبرين أبني جذابا , أليس كذلك؟".
أبتسمت دونا وقالت:
" أي فتاة تتمتع بنظر عادي ولديها مشاعر طبيعية لا بد أن تجد أدوني جذابا".

لم يحاول أدوني أبدا أخفاء أعجابه بها , وسيرافينا تعرف ذلك , أنها تعرف أيضا أنهما يسبحان معا في البركة الخضراء الكبيرة ويتمشّيان لفترات طويلة على حافتها , لم يعد أدوني راغبا كثيرا في قيادة سيارته بسرعة....... أو المقامرة , أعتاد على تسلية نفسه بالأشياء المتعددة المتاحة له في البيت ....... في بركة السباحة , الى غرفة الألعاب المنوعة , الى قاعة السينما الصغيرة التي تعرض فيها أفلام سيرافينا وغيرها من نجوم هوليوود في عصرها الذهبي , أعترفت دونا لنفسها وهي تتذكر هذه الأمور بأن سجنها الكبير مزوّد بكافة وسائل الراحة والتسلية والترفيه عن النفس , إلا أن عذابها القوي الناجم عن وجودها قريبة من ريك وبعيدة عنه في آن واحد , آخذ في الأزدياد بحيث أصبح توتر أعصابها يحرمها من النوم معظم ساعات الليل , تتألم كثيرا عندما تتخيّله في غرفة سيرافينا , وعندما لا تجد في الصباح شريطا تسجيليا لتدوين محتوياته على الورق , تتلوّى من آلام الحسد والغيرة , كيف يمكنها أن تحب رجلا مستسلما الى هذه الدرجة , جسما وروحا , لمطالب أمرأة أخرى ورغبتها؟
" أعتقد أن أدوني بدوره يجدك جذابة جدا , أليس كذلك؟".
" السبب الوحيد لذلك هو أننا موجودان معا في مكان واحد , لا ..... لا أريدك أن تتخيّلي أنني أحاول بأية أعمال سخيفة لحمله على التعلق بي , أنا سكرتيرتك وممتنة جدا لك لأنك تسمحين لي بالتمتع بوسائل الترفيه المتاحة في بيتك".
أطلقت سيرافينا ضحكة غنج خفيفة , وقالت:
" لا مبرر لمثل هذه الحساسية يا دونا , أنا أعرف أبني , ولا أريد أن يلحق بك أي أذى بسببه , عذّب كثيرات غيرك بتصرفاته الطائشة اللامبالية , ولكن معظمهن كن نساء يعرفن أن عليهم عدم التورط معه , أنني أوافق ريك في رأيه بأنك شابة من طينة تختلف عن بقية النساء , لم يكن لديك قبلا أي مغامرات هوجاء مع الرجال , أليس كذلك؟".
" لم أشعر أبدا بأي رغبة في ذلك".
أحمرّت وجنتاها رغما عنها عندما ذكرت سيرافينا أسم ريك , من المؤكد أنهما بحثا معا في أمرها , وأن ريك أوحى اليها صراحة أن أهتمام أدوني بها آخذ في الأزدياد , شعرت بأن التناقض في مشاعرها يمزق قلبها ...... فمعرفتها بأنه يهتم بها وبأمورها تسرّها كثيرا , ولكن تدخله في حياتها الخاصة يثير في نفسها شيئا من الأشمئزاز.
راقبت سيرافينا أحمرار وجه دونا ونظراتها الزائغة , ثم سألتها بهدوء:
" أوه ! هل من الممكن أن تكوني عاشقة يا دونا ؟ يدل أحمرار وجهك على أنك فتاة يخفق قلبها بسرعة أكثر من المعتاد , طبعا.... الأمر ممكن جدا ! أدوني ساحر في وسامته وجاذبيته , وأنت صغيرة لا خبرة لديك أطلاقا في هذا المجال ! آمل , يا صغيرتي , في ألا يكون حاول أغراءك!".
" طبعا لا.....".
" أنت فتاة بريطانية ومحافظة ويجد فيك التحدّي المطلوب , بعد السهولة الكبيرة التي سجّل فيها أنتصاراته عل نساء كنّ أكثر من مستعدات لتلبية رغباته , أنت تجذبينه كثيرا لأنك مختلفة عن الأخريات...... شعرك أشقر.... وبشرتك البيضاء الرقيقة حوّلتها الشمس الى هذا اللون العسلي المثير , هل اخبرك يا عزيزتي , أن لديه خطيبة أيطالية تكمل دراستها الجامعية في فلورنسا؟".
أستغربت دونا أنها لم تفاجأ بنبأ خطوبه , ولم تهتم لأنه لم يبلغها ذلك بنفسه , كيف يمكنه ذلك وهو يحاول مغازلتها منذ اليوم الأول لوصولها الى الفيللا ؟ تظاهرت بالأهتمام الجدي , ولكن سيرافينا بدت منزعجة لأنها كانت تتوقع رد فعل عاطفيا أقوى , قالت لها بلهجة قاسية الى حد ما:
" أتصور أنك تعتقدين بأن جاذبيتك ستكون أقوى من من أحساس أبني بالمسؤولية أتجاه الفتاة الأخرى ! يبدو لي من عدم أستغرابك الخبر أنك كنت تعرفين مسبقا خططه للزواج في المستقبل القريب".
" لم تكن لدي أي فكرة على الأطلاق أنه مقبل على الزواج , ولكنني لم أستغرب سماع ذلك منك , أعرف أن العائلات في بعض مناطق العالم توافق على خطوبة بناتها بمجرد خروجهن من قاعة المدرسة".

" ستنهي أيزابيتا دراستها في القريب العاجل , وتعد فور ذلك ترتيبات الزواج , أحببت أبلاغك ذلك كي تعرفي أين تقفين بالنسبة الى أبني , لا أريدك أن تتصوري أنه حر , ومستعد للتورط معك بشكل جدي , ويعرف أدوني جيدا أنني أريد له الزواج من شابة أيطالية ووفقا للتقاليد القديمة في بلادنا".
صمتت برهة ثم ربتت على يد دونا وكأنها تعزيها , وقالت:
" يجب أن تعرفي , يا عزيزتي , بأنك مجرد أستراحة صغيرة في حياة أبني يمضيها بفرح وسرور قبل أن يتزوج ويستقر نهائيا , أيزابيتا فتاة طيبة وستكون زوجة ممتازة له , أنها الفتاة التي أريدها له , هل تفهمين؟".
ردّت عليها دونا بالأيجاب لأنها فهمت تماما هدف سيرافينا , أنها لا تريد من زوجة أدوني أن تخطفه منها...... تريد تقييّد أبنها وزوجته معها , تماما كما تفعل مع ريك , لن يتمكن أي من الرجلين اللذين تحبهما من الأبتعاد عنها أو التحرر من قيودها الجذابة المغرية.
" لن تقدمي أذن على أي عمل متهور أو أحمق ! أنتم البريطانيون تسيطرون كثيرا على أعصابكم وعواطفكم , أليس كذلك ؟ الكبرياء وعزة النفس قبل الأحاسيس والمشاعر ؟ نحن أنفعاليون وعاطفيون أكثر منكم , وأنا متأكدة من أن الزواج من بعضنا أفضل لنا , بدي أعتقاد راسخ بأن عروس أدوني الشابة ستسعده الى درجة كبيرة".
شعرت دونا بالتأكيد أن صبية أيطالية مطيعة تخرج لتوها من مدرسة داخلية للبنات , لن تتمكن أبدا من فرض شخصيتها وأرادتها في قصر نيري , ولا شك في أن العروسين الشابين سيعيشان في الفيللا , حيث يظل أدوني قريبا من محفظة النقود ويظل مدللا ..... الى أن يفقد الجسارة والسحر اللذين ربما كانا سيساعدانه على تخطي أساليبه الحالية , وعندما تنهدت دونا , بادرتها سيرافينا بالقول:
" آسفة , يا عزيزتي , لأنني آلمتك وأصبتك بخيبة أمل مريرة , إلا أنه كان من الأفضل لك أن تعرفي الموضوع من كافة جوانبه".
شعرت دونا بالحسرة والألم وهي تنظر الى هذه المرأة التي تسيطر على ريك وتيتعبده , أنها بلا شك رائعة الجمال وجذابة الى أبعد الحدود ولا يمكن بالتالي من توجيه اللوم الى أي رجل يعشقها ويسلمها جسمه وروحه! ولكنها لم تعد تحتمل التفكير بأن ريك يخص هذه الأمرأة التي لا يهمها في الحياة سوى أرضاء نفسها ! وفجأة , عادت ممثلة الأغراء الى القول:
" يسرني كثيرا أننا أصبحنا الآن نفهم بعضنا جيدا , لن تسخّري قلبك لأدوني , لو كنت فتاة حكيمة ... مع أنني أعتقد أنه يمكنني منعه من تشجيعك على .....ز التهور , في أي حال , أنت شابة بريطانية متحررة , وهذا يحدث أحيانا مع معظم النساء , أتصور أن أدوني عاشق رائع.....وربما يكون قاسيا الى حد ما , أذا كنا نؤمن بتأثير الوراثة".
شعرت دونا بتسارع ضربات قلبها.... أنها تشير صراحة الى أبوّة أدوني , وقالت لنفسها أن الشاب ورث بالتأكيد بعض القساوة عن ريك , تحركت في مكانها بأنزعاج , فوق الملف عن ركبتيها وتناثرت أوراقه على السجادة المخملية , جمعت الأوراق ثم وقفت تتأمل القاعة الصغيرة , متجنبة نظرات سيرافينا وأبتسامتها الخبيثة , تنهدت سيدة القصر بصوت مسموع , ثم نظرت الى ساعتها الثمينة وقالت:
" لا أشعر اليوم بأنني راغبة للعمل , أنها الحادية عشرة تقريبا , فلماذا لا تذهبين الى شرب القهوة ؟ هيا , أذهبي , سنبدأ هذا لفصل الجديد صباح غد بأذن الله , أذهبي وأدخلي السرور الى قلب أبني , ولكنك ستتذكّرين حديثنا القصير , أليس كذلك؟".
غادرت القاعة الصغيرة بسرعة وهي متوترة الأعصاب لدرجة فائقة , ليس بسبب خطوبة أدوني أو حديث أمه المزعج معها , ولكن لأنها شعرت بالتأكيد من رائحة الدخان المنبعثة من الغرفة المحاذية أن ريك أمضى الليل مع سيرافينا , ومع أنها تدرك بألم وحزن شديدين أنه ليس لديها أي أمل في الحصول عليه , إلا أنها شعرت بحنق بالغ وعذاب قوي لمجرد معرفتها بأنه أمضى ليلته مع أمرأة أخرى .... أمرأة جذابة مثيرة تنسيه على الأرجح أنه كاد يذيب تلك الفتاة البريطانية بين ذراعيه.
ذهبت دونا الى غرفة المكتب لتضع أوراقها وقلمها هناك , كانت أشعة الشمس تتدفّق على تلك الغرفة......ولكنها لم تقبل بأن تبقى وحيدة مع ذلك الفارس الأسود الصامت , ذهبت على الفور الى أحدى زوايا الحديقة , أرادت الأنفراد بنفسها والأبتعاد عن الآخرين , ولكن أمنيتها لم تتحقق , كان ريك وأدوني يجلسان الى طاولة حديدية صغيرة , يشربان القهوة ويأكلان الحلوى , لم يكن لديها مجال للتراجع , لأن الرجلين وقفا أحتراما لها وطلبا منها الأنضمام اليهما , أبتسم أدوني وقال لها , فيما كان يساعدها على الجلوس:
" أمر جميل منك أن تأتي فتنضمي الينا".

أبتسمت له وكأنها مشتاقة فعلا لرؤيته , وقالت:
" لم تتمكن والدتك من التركيز على الفصل الجديد , فطلبت مني أن أذهب لشرب القهوة".
نظرت بسرعة الى ريك , ولكن ملامحه القوية لم تتغير أو تتبدّل , كان يجلس بهيبة وعنفوان , وبدا قويا عندما قال لها:
" يجب أن تشربيها معنا , من المؤكد أن أدوني سيبادر الى أحضار فنجان أضافي , أليس كذلك , أيها الصديق؟".
" فورا , وبكل سرور".
مرّر أدوني أصابعه على ذراعها بحنان وقال لها:
" كنت تبدين قبل لحظات , قرب تلك الشجرة , وكأنك تخرجين من الظلام , ربما كان ذلك بسبب هذا الفستان الباهت اللون , أو بسبب نظرات معينة في عينيك , ستظلّين هنا ولن تهربي من ريك , أليس كذلك؟ أعتقد أنه يخيفك قليلا".
" هراء ! أؤكد لك , يا أدوني , بأن أعصابي قوية وثابتة تماما وبأنني لا أخاف أبدا من السيد لورديتي , إنه رجل كبقية الرجال..... وأنا متأكدة من أن لديه جوانب رقيقة مثل أي شخص آخر , على الرغم مما يقال عن قساوته وشدة بأسه".
ضحك أدوني وقال:
" وأخيرا , هذه فتاة شجاعة ترفض أن تدع أسطورة لورديتي ترعبها أو ترغمها على الركوع أمامه ! سأعود بالفنجان خلال دقائق ".
تعمدت دونا التطلع نحوه الى أن غاب عن نظرها , شهقت بصوت خافت عندما شعرت بأصبع ريك تلمس معصمها وبذلك التيار الكهربائي يصل الى رأسها , سحبت يدها بسرعة ووضعتها مع الثانية على ركبتها , قال لها ريك بهدوء:
" سوف يسيء فهمك فيما لو حاولت مغازلته , يا دونا".
" هل هذا ما حدث معك ؟ هل تتصور نفسك الرجل الوحيد هنا الذي أجده ...... جذّابا ؟ تذكّر أنني شلبة بريطانية , نحن شعب متحرر , نقفز كالنحل والفراشات من زهرة الى أخرى ....... ونزداد خبرة ومهارة مع مرور الزمن".
" توقّفي عن محاولة الظهور بمظهر فتيات المجتمعات المخملية ".
أرتعش جسمها لدى سماعها تلك اللهجة التي لسعتها كالسوط , ونظرت اليه بتحدّ , أحست بأن شيئا منه أمتد اليها ولامسها , مع أنه هذه المرة لم يحرك ساكنا , قالت له , وعيناها تحملان نظرات الأشمئزاز والأعتراض:
" توقف عن أصدار الأوامر , لست لعبة في يديك , يا سيد لورديتي , مع أنك تعتقد ذلك بصورة راسخة.
" أحب أن أعرف السبب الذي يحملك على التحدث كفتاة أكلت ليمونة مرة , ربما لأنك خائفة , تفضلي".
نظرت الى الأزهار التي تحوم حولها فراشات كبيرة بيضاء , وقالت :
" لا , شكرا".
" يجذب ذكر الفراشات أثناء فترة الأخصاب بحمل عطور فواحة على جانحيه ..... بعكس الرجل والمرأة , أليس كذلك؟".
" أوه , أنني لا أعرف , فرائحة التبغ وبعض أنواع الصابون والعطور التي تستخدم بعد الحلاقة قد تفعل الأعاجيب بالنسبة الى كثير من النساء , أتصوّر أن بأمكاننا أن نسترسل في أحاسيسنا ومشاعرنا , ولكننا نقدر أيضا أن نعود الى عقولنا...... كمن يستيقظ من أحد الأحلام المجنونة التي من الأفضل نسيانها".
" وهل ما حدث بيننا حلم مجنون , أيتها الحبيبة ؟ كان بأمكاني أن أقسم آنذاك أننا في حلم مستحيل تمنّينا معا أن يدوم الى الأبد".
أجابته بتوتر ملحوظ , قائلة:
" كلمة مستحيل هي التي تصف الوضع على حقيقته , لا بد أنني فقدت عقلي الصغير عندما ....... عندما سمحت لك بعناقي".
نظر اليها بعينين جمّدتاها في مكانها , فيما كانت أبتسامة خفيفة خطرة تعلو شفتيه وقال لها بهدوء مذهل:
" أتذكّر جيدا , أيتها العزيزة , أن المشاركة كانت متبادلة , ماذا حدث لتبريد ذلك الحنان الدافىء , الذي أذكره بكل وضوح ؟ كنت قصيدة من الشعر العذب الرقيق , وها أنت الآن كخبز علمي جامد, لا شك أن هناك سببا........".
" أوه , نعم , يا ريك , هناك بالتأكيد سبب لذلك , ولكن هل من سبب لقوله ! هل تعلم رفيقتك وسيدتك أنك تقوم بهذه الأعمال خفية عنها؟".
" رفيقتي؟".
رفع حاجبيه بأستغراب بالغ ونظر اليها بقسوة بالغة , شعرت معها وكأنها تريد صفعه بقوة , قالت له ببرودة:
" أنت تعرف تماما من أعني".
" تعنين سيرافينا !".
حرّك الفنجان بأصابعه القوية , فتذكّرت دونا رغما عنها كيف شعرت عندما لامست هذه الأصابع بشرتها الشابة وأذابتها...... أغمضت عينيها لأنها لم تعد قادرة عل النظر اليه , سألها متمتما:
" ألست سعيدة الآن لأننا لم نصعد تلك الدرجات معا".
" الى أبعد حدود السعادة , كان لديك على الأقل ذلك القدر من الضمير الأنساني!".
" نعم يا عزيزتي , لديّ ضمير حي , ولكن يبدو أن بعض الأشخاص , يمكنهم النجاة بأنفسهم حتى بعد أن يصيبهم سهم الجاذبية القاتل".
أرتعش جسمها وقالت له على الفور:
" أنك تتظاهر بأن الأمر مؤلم جدا!".
" أنه كما تقولين , وكل منا يعرف ذلك , والمؤسف في الأمر أن الحب يبدو وكأنه ليس إلا للذين يحبون تعذيب أنفسهم".
نظرت اليه بحنق وغضب بالغين , وقالت بحدة:
" لن تتحدث عن ........... عن الحب , لماذا لم تتركني وشأني منذ البداية ؟ لماذا عانقتني وتظاهرت بأنك.........".
" أتظاهر , يا دونا؟".

شعرت بأنه على وشك تحطيم الفنجان الفارغ بين أصابعه , سألته بأنزعاج:
" ألم تكن تتظاهر , يا ريك ؟ ألم تلعب دور العاشق الأسمر مع السكرتيرة الأخنبية الصغيرة الضعيفة ....... وكأنك تنقل الحوار حرفيا عن أحد هذه الأفلام القديمة التي تريدنا سيرافينا أن نراها معها عل شاشتها الخاصة ؟ هل هكذا تتمتّه بوقتك , يا ريك ؟ عندما تفك الطوق من حول عنقك وتذهب بمفردك الى روما , هل تلتقي غالبا فتاة صغيرة ضائعة تسمح لك....".
" إصمتي ! لن تمر لحظات طويلة وأنت بمثل هذا الأنفعال والعصبية , حتى تنهمر الدموع من عينيك ......... هيا سيطري على أعصابك وتمالكي نفسك , فأدوني عائد الآن الينا , أتصور أن فنجانا من القهوة سيساعدك كثيرا".
كان قلبها يخفق بسرعة كبيرة وركبتاها ترتجفان تحت الطاولة , ولكنها تمكنت من التظاهر بأنها على ما يرام عندما وصل أدوني ومعه فنجانها وأبريق القهوة الطازجة , أنه لجحيم بذاته عندما تحب الفتاة رفيق أمرأة أخرى!
" تريدك سيرافينا أن تقابلها الآن , يا ريك , لتبحث معك بعض الأمور الحسابية , فهناك فاتورة تعتقد بالتأكيد أنها دفعتها سابقا ".
" سأذهب اليها".
وقف قرب الطاولة بهامته الكبيرة الشامخة , فمنع الشمس عن دونا , ولكنها لم تنظر اليه , وتمنّت لو أنها لم تلتق به أبدا ! وسمعته يقول لها بهدوء :
" تحلو القهوة المرة من يديك , أليس هذا ما يقولون؟".
ضحك أدوني وقال :
" لورديتي يتحدّث بالشعر ! ماذا حدق له يا ترى؟".
ثم أبتسم بنعومة وأضاف:
" أنك جميلة جدا هذا االصباح , أيتها العزيزة , شعرك الأشقر الجميل كسنابل القمح الذهبية , وبشرتك ناعمة كالحرير المرشح بخيوط الذهب الصافي , شفتاك القرمزيتان كأزرار الورد ".
" أدوني ! يجب ألا تقول لي مثل هذا الكلام , أعتقد بأن عليك الأحتفاظ به لعروسك الأيطالية".
نظر اليها أدوني بذهول ولم يتكلم ألا بعد فترة صمت طويلة , قال لها:
" هل كان لورديتي يحدّثك عن هذه الفتاة , التي تتوقع أمي أن أتزوجها في نهاية الصيف؟".
" أمك هي التي أخبرتني بذلك , يا أدوني , أنها قلقة من أنّ علاقة...... الصداقة بيننا أصبحت أطثر ودا دعني أهنئك على زواجك المقبل , فهمت من والدتك أن الخطيبة فتاة أيطالية طيبة ومحافظة".
عقد جبينه بطريقة ذكّرتها كثيرا بملامح ريك عندما يغضب وقال لها:
" وهل تتصورين أنني أحب هذه ...... هذه الأيطالية؟".
" الحب هو أحد العناصر الضرورية لأعداد كعكة العرس , ويبدو أن أمك سعيدة جدا بخطيبتك الطيبة وتشعر بالتأكيد أنها ستكون زوجة ممتازة لك ".
" وأنا أشعر عكس ذلك تماما , فالفتاة منتفخة الأوداج سمينة الجسم , ولا تعرف شيئا عن الحياة , وافقت على الخطوبة آملا في ألا تتذكّر سيرافينا ذلك بعد حين ".
وضع أصبعا على أثر الجرح في شفته وحدّق بذهول في فنجانه الفارغ , صبّ لكل منهما مزيدا من القهوة , وقال :
" يجب أن ألغي هذه الخطوبة السخيفة ! رباه , لا يمكنني أن أتزوج فتاة ..... جاهلة بسيطة مثلها , كيف يمكنني أن أتعهّد لها أمام الكاهن بأنني سأحبها وأرعاها طوال العمر ؟ طردت هذه الفكرة من رأسي معظم الوقت , ولكنه يبدو أن أمي متشبثة بالفكرة حتى النهاية , يا للهراء!".
رفع رأسه فجأة , فلاحظ أن دونا تنظر اليه , إبتسم وقال لها بسرعة:
" سأخبر سيرافينا بأنني أريد الزواج منك!".
صعقت دونا ومنعها الذهول عن الكلام , فمضى أدوني الى القول:
" أشعر معك بأرتياح كبير , وعندما ألمسك أو أقترب منك , تتفجر في نفسي أحلى المشاعر ".
" هذا ليس حبا !".
أقترب منها وقال لها , فيما كان ينظر اليها بعينين برّقتين :
" أنت لست طالبة مدرسة , يا دونا , أنت تعرفين , كما أعرف أنا , أن الحب في معظمه حسّي .. مع قليل من التحمل والنعومة , وقليل من المشاكسات العادية المتعارف عليها بين الرجل والمرأة , أريد ليلة عرسي أن أشعر بالدفء والترحيب , لا أريد تلميذة صغيرة ترتجف بين ذراعي ولا تعرف كيف تسعدني وتحلّق بي على أجنحة السرور , أريد شعرها الناعم أن يغطي الوسادة".
أشتغلت عيناه شغفا وهياما , وشاهدت فيهما دونا ذلك الشبه الهائل للرجل الوحيد الذي يمكنه أن يهز عظامها بنظراته ويدخل الى صميمها بسطونه وجاذبيته.
" أرجوك , يا أدوني , ألاّ تتحدث معي بهذا الأسلوب , نحن نعرف تماما أنه لا يمكننا أن نكون أكثر من مجرد صديقين , هيّا , خذ قطعة من هذه الحلوى ولنتحدث عن شيء آخر".
" يا لأنسانيتك , أيتها الحبيبة ! أنك تهتمين بمشاعر الناس الآخرين , مع أن هناك عددا مذهلا من النساء اللواتي لا يهمهن سوى أنفسهن , ينصب أهتمامهن كله على أشكالهن , وعلى ما يقوله الناس عنهن , تمضي مثل هذه النساء أعمارهن وهن يعتقدن بأنّهن وحدهن محور أهتمام الرجال ومحط أنظارهم , حتى أمي.....".
توقف عن أكمال جملته وهز كتفيه ثم رفع فنجان القهوة الى شفتيه وقال لها بعد لحظات:
" سيرافينا هي أمرأة يجب أن تدلّل دائما ..... وأن تحصل دائما على ما يسعدها ويرضيها , بما في ذلك مسألة زواجي , أخبريني , هل لاحظت آثار جروح في معصميها؟".

هزت دونا برأسها أيجابا , كانت الجروح كخطوط رفيعة جدا ..... ولكنها لم تكن حديثة على الأطلاق , وتصوّرت أكثر من مرة أن سيرافينا ربما حاولت الأنتحار في إحدى فترات حياتها.
" حدث ذلك قبل ثماني ستوات , وأعتقد أن لريك علاقة بالأمر , أنهما يحيطان خلافاتهما بسرية تامة , ولكنني أتصور أنه أراد المزيد من الحرية , لديه ناد في روما يديره له شخصآخر , وأظن أنه أراد القيام بدور أكبر في ناديه.... ولكن أمي تحتاجه بأستمرار ولا تعرف كيف تعيش بعيدة عنه".
تنهّد أدوني وصمت برهة ثم عاد الى متابعة حديثه قائلا:
" لا أعرف تماما مدى حبه لها , ولكنني كما قلت سابقا , إنها تحتاج اليه بشكل يائس لا يصدّق , وكي تعاقبه حتى عل التفكير بالأبتعاد عنها قليلا , أخذت شفرة حادة وقطعت معصميها بها , شيء مقزز , أليس كذلك؟ ولكن بعض النساء يذهبن الى مثل هذه الأبعاد لتحقيق أهدافهن ومآربهن".
تأمل دونا طويلا وكانت أصابعه تنقر بعصبية بالغة على الطاولة ثم قال :
" أتصور أنك مستعدة للعيش فيجحيم لا يطاق , قبل أن تفعلي شيئا مماثلا لرجلك ,.
أشعر بالتأكيد أنك أنسانة تحبالعطاء الجميل والأعمال الخيّرة , أنت فيخارجك كما في داخلك , ولا تعرفين أن من النادر وجود فتيات مثلك في هذا العصر بالذات , تعجبني صفاتك هذه الى درجة كبيرة , وهذا ما أريده فيزوجة المستقبل , أريدك أنت يا دونا , أريدك أنت !".
أمسك بيديها وجذبها نحوه قائلا:
" أريدك أن تكوني لي....... أن تكوني ضلوعي, جذوري, أمرأتي.....".
" لا !".
أفلتت منه وهبّت واقفة ثم قالت له بحدة:
" لا يمكنك أن تفسخ خطوبتك هكذا , وتحطم بالتالي آمال الفتاة وأحلامها, في بلادي لم يعد هذا الأمر يهم كثيرا , لأن عددا كبيرا من الناس لا ينظرون الى مواضيع الزواج بجدية تامة ,أما هنا في أيطاليا , فالمحافظة على كلمة الشرف لا تزال أمرا هاما للغاية ..... وأنت تعرف ذلك جيدا يا أدوني !".
" يمكننا أن نهرب معا الى مكان بعيد و......".
شعرت دونا بأن عليها أن تقول شيئا يضع حدا نهائيا لهذا الحديث الرومنطيقي الفارغ السخيف , قاطعته قائلة:
" وماذا تفعل للحصول على المال ؟ يشتغل الناس عادة في العالم الحقيقي , يا أدوني , أنهم لا يعيشون برفاهية وترف دونما أي جهد أو عمل ....كما تفعل أنت حاليا في عالم أمك الخيالي".
حدّق بها طويلا ثم أشتعلت عيناه وكأن عود ثقاب مشتعلا ألقي على كمية من الأوراق فهبت النار فيها , شاهدت في عينيه شيئا مرعبا ومذهلا لا يشبه نظرات ريك أطلاقا , أطاعت حاستها السادسة وولت هاربة نحو المكتب, ولكن أدوني لحق بها قبل أن تتمكن من أقفال الباب وأمسك بكتفيها , أدارها نحوه بعنف بالغ وكان الشرر يتطاير من عينيه كقط بري متوحش ينقض على فريسته , حاولت التملص منه وهي تصرخ :
" أتركني! أتركني !".
غرز أصابعه فيجسمها حتى بلغت عظامها , وصرخ بها بوحشية :
" سوف أعلمك درسا قاسيا , أيتها السليطة اللسان !".
رفعها بقوة بين يديه ثم رماها بوحشية على الأرض وأنقض عليها , أمسك شعرها بيد ومزق ثيابها باليد الأخرى , ضربته بعصبية ورفسته بغضب , ولكنه بدا قويا جدا وغير آبه بما تفعله , وتذكرت برعب ما قرأته مرة ........ من أن الرجل الذي يصمم على أمر كهذا قد يقتل المرأة في ذروة غضبه من دون أن يعرف أنه يفعل ذلك.
"أذن فأنت لا تريدين الزواج مني ؟ سوف تطالبينني بذلك وتتوسلين إليّ ألا أتردد أبدا بمجرد أن أنتهي منك الآن ,أيتها القطة المدللة !".
كان كابوسا مزعجا .... وكانت كلّما أزدادت محاولاتها للتخلّص منه , أزدادت قوته ووحشيته.
" أرجوك , يا أدوني ! أتوسل اليك !".
" توسلي, توسلي أيتها الفاجرة ذات البشرة ....... الجميلة ! توسلك أجمل موسيقى أسمعها ".
ثم لكمها بقوة على فمها , مما أدى الى جرح شفتها , وصرخ بها :
" توقفي عن المقاومة , ما لم تكوني راغبة في التعرض لأذى أفدح مما هو ضروري".
" أدوني , أنك تتصرف كأنسان مجنون ..... أوه , رباه , توقف عن ذلك !".
" نعم , أنا مجنون بك , ولكنك تحبين أن يبقى الرجل على مسافة معينة منك وألا يأخذ حريته معك .... ما رأيك بهذه الحريات الصغيرة الآن؟".
تألمت , فزعت , شعرت بأشمئزاز لا يمكن تخيّله , حتى وجهه بدا متغيرا الى درجة مذهلة , وشعرت بده تتسلل الى خصرها ! أدوني ! أهذا هو أدوني , الشاب الوسيم الذي شعرت نحوه ببعض العطف والمحبة لأنه جزء من ريك ! غرزت أصابعها في السجادة السميكة وأستعدت للحظة المناسبة التي ستقدم فيها على محاولاتها الأخيرة لأبعاده عنها , وما أن تحرك قليلا , حتى جذبت رجلها ووجهت اليه بركبتها ضربة قوية مؤلمة دونما أي أهتمام أو وخز فيا الضمير , كان صراخه كوحش جريح موسيقى جميلة لأذنيها المعذبتين , تراخت قبضته قليلا , فتحررت منه بسرعة البرق وهبت واقفة ثم ركضت بأقصى سرعتها , يدفعها الى ذلك خوف وهلع لم تعرف لهما مثيلا في حياتها.
لم تنتبه الى أن ثيابها وجسمها ترتجف كورقة في مهب الريح , كانت شفتها الدامية تؤلمها كثيرا , وذلك رجلها وظهرها , ماذا حدث لأدوني ؟ كيف يتصرف على ذلك النحو المجنون ؟ وبدا وكأن الشيطان دخله وجعله شخصين مختلفين , لم تكن تتخيّل أو تحلم بأن هذا الشاب اللطيف الساحر يمكن أن يتحول فجأة الى شخص شرير فاسق ....... الى حيوان مفترس.
ضمت قطع الثياب الممزقة الى صدرها وأستدارت لتذهب الى شقتها الصغيرة .... ولكنها توقفت فجأة , كان ريك يقف أمامها بقامته الطويلة القوية ينظر اليها بعينين فولاذيتين غاضبتين , تضايقت كثيرا لأن نظراته كانت مركزة على نصفها الأعلى شبه العاري , وتطالبها بأطلاعه على التفاص


miya orasini غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس