عرض مشاركة واحدة
قديم 27-09-16, 09:11 PM   #20

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


شعرت بتلك اليد التي ارخت قبضتها على كتفها الايمن.. والتي اخرجتها من عالمها الخاص الذي تبحر فيه من دون خوف فقد اعتادت عليه.. فهي تسافر فيه الى جزيره مهجوره الا من الامها وامنياتها وبعض الاحلام الصغيره والتي ما زالت منذ صغرها على قائمة تسمى (قيد الانتظار).. واعادتها تلك اليد الى عالمها الاكثر ايلاما حيث اطل وجه ريم بابتسامه قلقه سرعان ما جلست على حين غيره لتتفاجئ قمر بسحبها تلك الورقه من يدها..
ريم بمزاح وهي تتمعن بالورقه بجديه مصطنعه " هل تعلمين انها لوحه جميله جداً.." ثم صمتت قليلا وكأنها تفكر بشيء ما واردفت " سأعلقها على حائط غرفتي لتبث في التفاؤل كل صباح.." وأتبعت كلامها بإيماء رأسها بايجاب وكأنها تؤكد على قرارها الساخر..
" هل تعلمين انها اجمل من وجهك المليء المليء بمساحيق التجميل.." دفعت تلك العباره قمر للابتسام من بين الامها وهي ترى ريم تضيق حدقتا عيناها كالقطه التي تود الهجوم على فريستها باتجاه رامي والذي منذ ان دلف الى الصاله وعيونه الساخره متجهة حيث ريم..وكم اضفى رسم الكحل الاسود حول عيونها مظهر القطة الشرسة.. اذا سيبدأ الان جدالهما المعتاد انهما حقا كالفأر والقطة.. فما كان من قمر الا ان تنسحب من ساحه المعركة بهدوء و تتجه نحو النافذه ولكنها توقفت وهي تنظر بعيونها الناعسه الحزينة ممتزجه بحنين وشوق الى تلك الاله الموسيقيه.. انه الجيتار الخاص به.. جيتار معذبها ورجلها الحديدي..

لماذا تشعر بذلك الشعور المميت عندما ترى اي شيء يخصه؟!
لماذا يعصر قلبها من الألم.. الشوق.. والحنين؟!
لماذا ينقبض صدرها عند ذكراه!! وذلك الشعور وكأن ما بداخلها يتمزق ليسبب الالم الحاد بها؟!
وطيفه ما زال يرافق ليلها ووحدتها؟!
لم اختار البعد عن هنا!! لم لا يود العودة!! لم يتقطع قلبها شوقا لرؤيته.. لصوته.. لشجاره معها!! لملامحه الغاضبة ذات الجاذبية الكبيرة!!
لم الحب اختار قلبها الحزين المليء بالخيبات والجروح التي لم تضمد الى الان!! لم اختار قلبا عانى اشد انواع العذاب من حب وفقدان وشوق وحنين!!
لم الحب اختار ان يكون الحبيب شخص ذو قلب متحجر لا يبالي الا بنفسه؟! لم يختار الحب ويفرض عليك الشخص.. المكان.. والزمان؟! ولماذا براكين الحب تلك ثارت وانتفضت في قلبها اليتيم ذاك؟!
هي زهره في ريعان شبابها عانت من صغرها .. قسوة الزمن.. الوحدة القاتلة.. خيبات أمل متكررة.. وأحلام مستحيلة؟!
ابعدت عيونها عن ما يعذبها بصعوبة كبيره.. وكأنها تدفع قلبها عن المستحيل الذي تمنته.. تنهدت بعمق بعد ان هربت من ذكراه وصادمها ذلك الواقع.. حيث جلست ريم بحنق وعلى شفتي رامي ابتسامه انتصار.. إنهما كالأطفال حقا!!
قال رامي بسخرية لاذعة " بما انك تخسرين في مواجهتي لماذا تصرين على المضي بها؟ "
لم تجبه ريم واكتفت بان أشاحت وجهها كالأطفال وقد عقدت ساعديها بقوة كبيره مما دفع قمر للابتسام والمضي ولكن استوقفها صوت رامي الذي ينظر لها رافعا إحدى حواجبه " وأنتي يا ذات الوجه الشاحب؟!"
نظرت اليه واشارت الى نفسها وكأنها تتساءل أهي المقصوده ليومئ برأسه ثم يتحدث " تجهزي؟! سنذهب"
تسائلت بحيرة " الى اين ؟!"
قال وهو يشير الى ريم " سنوصل تلك الحمقاء الى ذلك الامير المسكين ثم نذهب الى المأوى ؟!"
لم تعره ريم اي اهتمام فهي تخسر دائما لذلك حافظت على ماء وجهها ولكن ستردها اليه على حين غره.. واكتفت قمر بأن سارت ببطئ خارج الصاله...

" ما بها!!" تسائل رامي
لتجيبه ريم بمعنى لا تدري ثم اردفت قائله " انها تسجن نفسها اما في مرسمها او غرفتها.. ولكن وقتها الكثير تقضيه في المرسم؟!"
" كان من الخطأ الاصرارعليها لتوافق على العمل بشركه صديقك الجميل"
" ولكن كان يجب ان تخرج من عزلتها.." قالتها ريم بعد صمت لمده قصيره لا تتجاوز الثلاثون ثانيه..
اسند رأسه على الحائط " ولكن عزلها لنفسها ازداد.."
نظرت اليه ريم وكأنها تفكر بشيء ما أو بالأصح تحاول تحليل مجريات الأحداث لتتوصل الى النتيجه وهو السبب .... وما كان منها الا ان تذكرت ما حصل في ذلك اليوم...



بعد يومين.. من تلك الرحله التي قضتها العائله في بيتهم الجبلي..
.........
.......
.....
...
.
وفي صباح يوم جديد.. واشعه الشمس خرجت عن مسارها الربيعي واقتربت الى مسار فصل صيف حار.. والساعه المجاوره للسرير اشارت xxxxبها الى العاشرة والنصف صباحا...
استيقظت تلك الفتاة بكل حماس وفرح شديدين.. واعتدلت في جلستها و مشاعر شتى كانت تتضارب في قلبها بل جسدها بأكمله..عصافير الحب تتطاير وتدور حولها كما يحدث في افلام الكارتون التي يشاهدها الاطفال.....

لقد رأيت الساعه تقارب الى الحاديه عشر صباحا.. فحاولت الاسراع قدر المستطاع بارتداء ملابسي.. نسيت ان اخبركم من اكون.. انني ريم صاحبه تلك الغرفه المليئه بالملابس الملقاة على السرير والاخرى قد انزلقت وارتمت على الارضيه...لو رأت امي حال غرفتي الان لأصابتها نوبه قلبيه وقولها الدائم "تلك الملابس ليست كملابس الفقراء انها من افضل المحلات التجاريه ولا يستطيع احد الشراء منها"
لعلكم تتسائلون كيف جرت الاحداث وانتقل السرد الي بشكل مفاجئ ولكنني فضلت ان اخبركم انا بنفسي عن ما حصل يومها... اريد منكم ومن العالم اجمع ان يستمع الى مشاعري.. ولكن و كما تعلمون بأنهم يدعونني بريم الثرثاره.. لذالك تحملوني رجاءً.. فلنعد الى المهم....
نظرت الى نفسي عبر انعكاس صورتي من المرآة الطويله المتربعه في احد زوايا غرفتي.. قميص ابيض طويل يصل حتى ركبتي مع بنطال اسود ضيق.. وذلك الحذاء الرياضي الابيض وقد رفعت شعري حينها على هيئة ذيل حصان مع القليل من مساحيق التجميل.. ابتسمت برضى والتقطت هاتفي من حقيبه الظهر البنيه بلون القهوة اللذيذه لالتقط صورة لنفسي قبل مغادرتي... عاودت النظر لنفسي مرة اخرى حتى اتأكد من شكلي النهائي.....
لم يكن علي سوى مغادره غرفتي من بعدها.. لاسير بخطى تسبقني نحو باب غرفتي.. ربما لهفتي.. شوقي وحنيني.. هو الذي دفعني وليس ذلك العقل الاحمق الذي يتربع في جمجمتي.. ولكنه جميل ان تشعر بمشاعر كتلك وان تنسج قصص وامورا يجب ان تحدث معك.. لقد قررت في وقت متأخر من الليل ان اقوم بشراء هدية له.. ظللت أتقلب في سريري وانا انسج مشاهد واحلام..
وصلت الى المركز التجاري الكبير الذي اعشق التسوق به.. واتجهت حيث متجر الساعات الذي يقبع في الطابق الرابع.. كانت قدماي تسبقني نحو الدرج الكهربائي.... واخيرا وصلت.. دلفت الى المتجر وانا كلي امل ان اجد ما يميل اليه قلبي..
مضت نصف ساعه تقريبا او حتى لا ابالغ اقل بقليل... وأنا أجول أركان المتجر و لم أجد أي شيء يجذبني.. زفرت بضيق كبير ليأتي صوت ما خلفي
"دعيني اساعد ان كنت ترغبين؟؟"
ثم مضيت مع البائع لأنتقي ما اريد... واخيرا وجدت ما يليق بك يا رائد..
حطت اقدامي بعد ذلك خارج المتجر.. ونظرت الى ساعه معصمي السوداء بخيبة امل كبيرة... لقد اطلت المدة في الداخل.. و لا بد ان كمأ..
"ااه ريم ما اخبارك؟!"
نظرت الى صاحبة ذلك الصوت.. لقد كانت احدى صديقاتي.. او يمكننا القول احدى الفتيات التي تعرفت عليها بواسطة أمل!!
أمل لعلكم تتذكرونها..!!
ابتسمت تلك الابتسامه التي لا تخرج من القلب وقلت لها " اهلا.. بخير.. وانت؟!"
اجابتني بتملق " بخير.." ثم اخذت تتحدث بتصنع الطبقات المخملية امورا متعددة لم استوعب منها شيئا كان كل همي التخلص منها ومن احاديثها التي تتمحور حول خطيبها صاحب النفوذ والاملاك.. وانهت كلامها المشمئز بسؤال وهي تنظر بخبث نحو الهدية التي بيدي " اووه عزيزتي لمن هذه؟!"
اجبتها على مضض وانا التفت حولي لعلي اجد من يخلصني من هذه المصيبة البشرية التي امامي " هدية.. لشقيقي.."
ولحسن الحظ ان كمال قد ظهر اخيرا وقال وهو يقترب منا " لي مدة وانا ابحث عنك.."
تنفست الصعداء فجاء اخيرا من سينقذني من هذا البلاء الذي حل بي منذ الصباح... التفت اليه وانا اشير اليه بمعنى ارجوك خذني من هنا.. لاحت عليه شبح ابستامه واستطعنا التخلص من تلك المتملقة اخيرا...
اخذت اسير بهدوء بعدها ولكنني التفت عندما شعرت انني اسير لوحدي.. يقف مكتفا يديه نحو صدره ونظرة ذات مغزى لم استطع تفسيرها قلت له وانا اقترب " لماذا ما زلت تقف؟!"
" هل رأيت كيف انقذك؟"
اومأت برأسي ثم قلت باستخفاف " يا منقذي الوحيد.. يا رجل الوطواط.. يا رجل العنكبوت.. ايها الرجل الخارق.."
اشار بيده اليمنى نحو خده وهو يكتم ضحكته..وقال بعدها " الا احتاج قبله كجائزة؟"
ضربته على كتفه وابتسمت.. " هذا عندما كنا صغارا.. هل تتذكر حين كان يغضب مجد كنت تدافع عني.. وكنت تحظى بقبلة اخوية طفولية اما الان فقد اختلف الامر.."
رفح احدى حاجبية وقال وهو يحثني على المسير " وماذا اختلف الاان؟!"
" اولا لقد اصبحنا بعمر لا يليق بنا هذا الشيء الشنيع.."
"ثانيا يا حمقاء؟؟"
اجبته بكل ثقة وغرور " ثانيا لا استطيع فأنا على ذمة عاشق.."
ثم توقفت عن السير عندما القى كلماته تلك التي اشعلت حريقا كبيرا في قلبي " ولكن عشق من طرف واحد.. مضر للصحة.."
وحينها تجمعت الافكار برأسي.. وشعرت بانقباض قلبي.. لماذا يعكرون صفو قلبي ويذكرونني بهمي الذي أتناساه عمدا.. لا اريد ان اذرف دموعا لعشق لم اعش تفاصيله حتى.. اخذت نفسا عميقا واستدرت اليه حيث كان خلفي وقلت له بهدوء " هل نشرب شيئا ما؟!"
اومأ رأسه ثم مضينا في طريقنا خارجين من المركز التجاري نحو تلك القهوة الصغيرة التي تبعد عنه بمقدار خمس دقائق تقريبا...
كنت انظر الى الهدية التي وضعتها على الكرسي الخشبي بجانب الذي اجلس عليه..كنت قد انتقيت له ساعه عادية.. ليست باذخة وليست بسيطة الى حد ما.. بلون الفضة.. ولا استطيع القول الا انها جميلة وستليق بمعصمه.. وضعت يدي بدون شعور مني على السلسلة المهداة منه تقيد عنقي وابتسمت وشعرت بحبه يتضاعف ويتدفق على الى قلبي.. لا اعلم كم من المدة قد ظلت عيوني مسلطة عليها الا بصوت كمال الذي اخرجني من عالم الحب الذي احاط بي..
" اتوقع انها جميلة.. كم سيفرح بها مجد.."
استدارت اليه عيوني واخيرا ثم قلت بغروري المعتاد الذي اصطنعه في العادة " اولا كان يجب عليك القول اتأكد.. لانها من ذوقي الرفيع.."
علت السخريه ابتسامته ثم قلت بعدها " ثانيا انها لرائد وليست لمجد.."
لم الاحظ بعدها الا تلك الابتسامة تتلاشى شيئا فشيئا ليتسقيم فمه ويقول بعدها باقتضاب " هل حقا أنت متأكدة من مشاعرك اتجاهه.. اعني انها ليسـ..."
فار دمي وقلت له بغضب شديد " ليست شفقة.. هل احصي لك كم عدد الاسئلة التي طرحتها علي بشأن حبي له.."
اخذت احرك ساقاي بغضب شديد وازفر بحراره ليكمل هو اسطوانته المعتادة والتي تجعلني افقد صوابي نهاية الامر "لكن اخشى ان تكون مشاعره اتجاهك فقط كصديقة..."
حقا لقد سئمت.. لقد سئمت من كلام الجميع حول تلك المشاعر لقد سئمت من الكلام المعاد لمرات متتالية.. اني اشعر قلبي يعتصر الما.. زفرت بحراره وغصة ملأت حلقي حاولت فيها التماسك لأقول بصوت مختنق بعض الشيء "لو انه كما قلت يطمع للحصول على مصلحته لاعترف بحبه منذ زمن.."
خرجت تنهيدة منه ثم اكمل بحرق روحي " هل صرح لك.. كيف علمت ان كان يكن لك مشا..."
قاطعته قبل ان يكمل وقلت وانا اشد على اسناني " يكفي يا كمال.. ارجوك... لا تجعلني اعيد الكرة واخاصمك.. لقد قلت كلاما سيئا من قبل ولن اسمح لك هذه المرة.."
قلتها ثم نهضت من مكاني غير ابهه به.. انه تعدى حدوده بالتدخل بي وبمشاعري ايضا.. لقد حاول من قبل اعادتي الى الصواب وتبصيري للحقائق كما يقول ولكنه آلمني قبل ذلك.. ولن اسمح له بإيلامي وتجريحي.. انه صديق الطفولة اجل ولكن قلبي ومشاعري ممنوع الاقتراب...
كنت امشي بسرعه مبتعده عنه كاظمة غيظي منه ومن كلامه الاعتيادي الذي سمعته من قبل.. واذ بيده تعترض طريقي لاقف بشكل مباشر وكدت ان اتعثر لولا انه امسك بي بقوة..
"ماذا تريد الان؟!" صرخت بقوة لاخرج غضبي منه عليه
ليقول هو بهدوء " حسنا.. انا متأسف ولكن..."
وبنبرة تهكم خرجت مني "تريد مصلحتي.. ولا ادري ماذا!!؟"
" كل ما هنالك اريد ان... كل ما اقصده.. هو" حك جبينه وكأنه حاول في ذلك الوقت انتقاء حروفه حتى تخرج دون جرح مشاعري فصرخت انا به " ماذا؟!"
" اخبريني بماذا.. تشعرين وانتي بجانبه وهكذا.. وليس ابعادك عن الطريق معه " صمت قليلا واكمل بتوتر " ربما بدأت كلامي بطريقة خاطئة.."
قاطعته بعتاب " كعادتك.."
امسك يدي وبدأنا السير في الطريق العام
" حقا اعذريني دائما اجرحك.." ثم بحماس " هيا اخبريني.."..
اخذت نفسا عميقا ثم اخذت اتحدث بحب كبير اختزنته عضله قلبي
" اشعر بجانبه ان الوقت يمضي بسرعه كبيرة.. اشعر بمشاعر كثيرة تجرني نحوه .. كأنه هو الشفاء لأوجاعي.. وبلسما لقلبي.. لا ادري حقا وكأن السعاده قد ارتسمت وانا معه.. "
قاطعني متسائلاً " وهو..كيف؟!"
ابتسمت ثم " اشعر بتوتره الكبير.. عيونه التي تحدثني وتبعث في نفسي السعاده و الحب.. ارتباك نظراته عندما تلتقي عيوني بعيونه.. غير معاملته المختلفة لي وكأنني.."
اكمل عوضا عني ونحن نعبر تقاطع الطرق حيث خرجنا عن الطريق العام " أميرته.."
ابتسمت اثر تلك الكلمه ثم ...
" لقد ركنت سيارتي هنا.. هيا لأوصلك.." اتجه نحو سيارته ثم فتح الباب الامامي لي
نظرت اليه بنصف عين " لم أعهدك نبيلا هكذا... فتح باب السياره وما شابه.."
" انا دائما هكذا.." ثم مد يده كالنبلاء " تفضلي ايتها الامييرة"
ضربته بيدي ثم قلت بغرور..
" ابتعد عن...ريم.. طريقي لا... اين.. احتاج.. ذهبت.... يا حمقا... مساعدتك.."

واختلط صوت الحاضر مع صوت عقلها الذي يستذكر ما حصل في الماضي لينتشلها من ذكرياتها صوته الذي امتزج بعبارتها التي من الماضي " ابتعد عن طريقي لا احتاج مساعدتك.." وعباره الحاضر الخارجة من فم رامي " ريم.. اين ذهبت يا حمقاء.."
ثم بسخرية اكمل رامي " ام انه ذلك المسكين قد استحوذ على تفكيرك من جديد..."
قالت بضجر وهي على نفس وضعيتها " لا.. احاول التذكر لاستنتج سبب قبولها العمل.."
" كل هذه المدة وانتي تعايشين الماضي.."
قالت وهي تضع الورقة التي بيدها " لا فقط بدأت من اول النهار.. حتى استطيع ربط الاحداث واتذكر بشكل اسرع.."
وانطلقت ضحكته ثم قال من بينها " هل.. حقا..ما .... تقولين؟؟!"
ريم وهي تضربه بالوساده " اصمت.."
وبعد مده صمت رامي وحاول الخروج من وضعية الضحك تلك لينتقل الى وضعية الصمت.. ليدهشه سؤالها الذي خرج " هل تعتقد ان ذهاب مجد السبب..."
" هاا.. ماذا؟!"
اكملت وهي تعيد ضبط شعرها وتبعده عن وجهها " بعد عودتي ذلك اليوم.. قرابة الساعة الرابعة .. ممم"
" اجل اكملي..." رامي وهو يتجه للجلوس مقابلتها
" كانت حقائب السيد مجد في الردهة الامامية.. اقصد سفره بالرغم من جدي.." صمتت قليلا وهي تتذكر
" وما علاقته..؟؟!" رامي وهو يحاول استيعاب ما تقصده
وبعد مده خرج صوتها " في المساء.. بعد العشاء ونحن جالسون بالصاله.."
رامي بنفاذ صبر " اذا.. الخلاصة يا ريم.."
" حسنا.. حسنا... كانت قد اعلنت موافقتها... اقصد هل له علاقه بمجد!!.. فكما تعلم يا ابن عمي العزيز بأن ابن عمك والذي هو شقيق..."
ولكنها صمتت اثر سماعها صوت قمر القادم من الخارج وهي تنادي
"رامي.. ريم .. انا مستعدة..."
xxxxxxxxxxxx*
وعبر نافذه زجاجية تظهر من خلالها تلك الغرفه الهادئة.. الا من صوت جهاز ضربات القلب الذي يكسر حاجز الصمت بها.. مستلقيه بلباس المرضى الخارجين لتوهم من غرفه العمليات.. مستلقيه على ذلك السرير.. امرأة ذات ملامح متعبه وجهاز التنفس الاصطناعي قد شكل غطاء على وجهها.. وضربات قلبها التي تبدو مستقره الى الان.. يحف سريرها الابيض بعض الاجهزة المتنوعه.. ويمتد الى ذراعها انبوب شفاف يمر من خلاله ذلك الدم الاحمر...
زفر بحراره وهو يرجع خصلات شعره المبعثرة.. انه يشعر بالتعب حقا في ليله قضاها جالسا على كراسي المشفى للانتظار.. وحاله والدته تسوء كل يوم اكثر من ذي قبل ولكن اغلق عيونه بألم وهو يتذكر تلك الصرخات المستنجده المستنجدة من غرفه والدته..
" انها بخير يا رائد.."
فتح عيونه وادار بكامل جسده نحو ذلك الصوت تنهد وهو يأخد كوب القهوة من فتاه ذات شعر احمر ناري ويتجها كلاهما حيث المقاعد..
تفوهت جيداء بعد صمت " انت تخشى مصاريف المشفى.."
اومأ رأسه لتضيف وهي تضع يدها تواسيه " لا تقلق.. سأتكفل بالامر"
نظر اليها بقله حيله... لقد اثقل الحمل عليها كثيرا ابنه عم اكثر من اخت تسانده في محنه جميعا.. هو شاب في متوسط العشرينيات ولكن فقره لا يسمح له بأن يساند نفسه بنفسه.. حمله ثقيل جدا من يستطيع حمله وتحمله من قدر اجبر الفقر ان يلتصق به..
يجلس هو حائراً متلبكاً.. دينه على العالم اصبح كبيراً.. جيداء وعائله ريم!!
وضع رأسه بين راحتيه بتعب شديد.. لقد جعلته الدنيا يعاني من ابشع الاشياء وهو الفقر.. العجز.. !! وخرجت آهة منه على مسامع جيداء التي نهضت من مكانها بهدوء شديد وهي تنتشل هاتفها النقال من حقيبتها السوداء...

مر الوقت واصبحت الساعه العاشره والربع تقريباً.. وخلال هذه المده كانت السياره السوداء التي تقل ريم ومن معها تعبر طريقها في شوارع هذه المدينة الضخمة!! الى ان آل بها المطاف و ركنت تلك السياره السوداء على جانب الطريق.. امام بناء مشفى العاصمه الضخم ليترجل منها ثلاثتهم.. ريم.. رامي.. وقمر!!
اخذ كل واحد منهم يسير بذهنه المشتت.. وتفكير وصراع داخلي يمزق انسجه الدماغ ويسبب الألم الشديد.. واخيرا تستقر اقدامهم على ارضيه الطابق الارضي لهذا المشفى ويبدو ان ريم كانت متعجلة للوقوف بجانب وحيد قلبها فسارعت بالمضي نحو المصعد الكهربائي ليعلق رامي بسخريه " حمقاء.." فتبتسم قمر وتؤيده وتقول وهي ترجع خصله من شعرها " انه الحب!!"
ثم... توقفت لبرهة.. انها نفس تلك الطفله التي رأتها.. ازدردت لعابها وقد ملأت الغصه حلقها... وهي تتذكر ذلك اليوم.. بكاء طفله من اجل بعض الحلوى.. !! لعلكم تذكرتم تلك النزهة؟! وذلك الموقف الذي جمعها بطفله تبكي!!
تأملتها من جديد تجلس على احدى المقاعد في الشمفى.. تعبث بفستانها القصير النافش.. خطوط شعرها الذهبيه كالشمس الحارقه.. عيونها الزرقاء تذكرها بماض سحيق.. بامرأه أنانيه.. باحزان وآلام!! هي لم ولن تبكي الان!!
قاع بئر سحيق من الاحزان انتفضت الان في قلبها وعقلها!! كل ماضيها اعلن ثورته لاحتلال عقلها هذه اللحظة.. وذلك الملجأ الذي احتواها!!
لماذا تطاردتها تلك الذكريات الاليمه الان!! كما طاردتها سابقا عند رؤيه الفتاة على الارضيه العشبيه تبكي!! واخذت ابتسامه تعلو شفتيها بل انها مزيج من ابتسامتين،، فأولها ابتسامه الم وبجانبها.. بل ملتصقه بها ايما التصاق..تلك الابتسامه التي تدل على السعاده.. حيث تطوف على ذكراها ذلك اليوم...
فلنذهب نحن ونستكشف ما حصل يومها.. ونستعرض احداث لم تكن بين ثناياها قمر... ولم تعش هي في تفاصيلها..

امسك بيدها وساعدها على النهوض حيث كانت الصغيره ( ملاك ) تشاهد ما يحصل امامها باستغراب وخوف... ليتواليا بعدها عن الانظار نحو وجهةٍ قد طرأت لمجد حين رأى حالها الحزين ذاك.. فلم يكن يدرك ما عليه فعله بالتحديد... فداخله وخارجه كانا يريدان ابعادها عن كل شيء.. لو يتوقف الزمان قليلا ولو استطاع ابعاد تلك الطفله من امامها لما حصل الذي حصل.. فمشاعره متضاربه.. و يبدو عليه الخوف وارتاجفه اوصاله واضحه.. ولكن لم تكن قمر بالحال الذي تستطيع فيه ادراك او فهم ما يحصل للحديدي الذي تشبثت به كطوق نجاتها من ماضيها السحيق.. وما ادركت الا ان قادها الى جزء من الحديقة الكبيره منعزل عن بقيه الناس.. كان الممر موحشا ومظلماً كظلمه قلبها.. كانت تسير ودموعها تهطل من غيومها.. الى ان صدر ضوء خفيف.. ليبعد مجد بعض اغصان الشجر ليأتي بنا الى الجنه الخضراء التي امامنا...
خطت قدماها تلك الجنه.. لتتفاجئ قمر من وسط دموعها والامها.. هذا المكان.. انه حقا يشبه الجنه.. فالاشجار في كل مكان.. خضراء باسقة تلمع اوراقها من ضوء الشمس المسلط عليها.. وأزهار بشتى الانواع والاصناف.. فتلك الوردية.. والصفراء.. والبنفسجية متراميه بكل الاطراف... اخذت تغمض عيونها وتفتحها مرات متعددة.. ولكن سرعان ما قوست فمها وهي تنظر بعيونها نحو مرج الازهار ذاك لتقول بغصة والم وهي تتذكر والدتها التي تخرج لها من بين الفنية والاخرى من مرج يشبهه " امي.." وتوالت دموعها للسباق ايها ينحدر من عيونها اولا ليتخذ مجراه على وجنتيها من جديد.. فبرغم السنين..وبرغم صغر سنها الا ان الم الفقدان ما زال حيا في قلب قمر.. وكأنه يولد من جديد مع كل يوم تعيشه...
اخذت تشد على يد مجد بدون وعي منها وكأنها تحاول استمداد القوة منه وتخفيفها او ارسالها الى جسده.. والذي شعر بسكاكين حادة تمزق قلبه.. ليقول لها " هل نعود؟!"
تجيبه هي بهز رأسها نفيا.. وتحاول الابتعاد عنه و تذهب حيث المرج لعلها تلتقي بوالدتها من جديد.. ولعل ابتسامتها تعود لتنير وجهها القمري.. ولكن يده الصخريه حدت من حركتها بعض الشيء واتبعها بصوته المغلف بالخوف والقلق " لا تبدين بخير ابدا.."
تقاطعه بقولها: " سأكون بخير.." ثم تنظر ناحيه المرج وتخرج شهقه منها وكانها سيف حاد غرس في قلبه " ولكنه يشبه المكان الذي ارى امي فيه.."
وبعد تلك الكلمات التي خرجت.. تشعر بيده قد ارتخت و فكت اسرها لتمسح دموعها بكلتا يديها وتنظر اليه.. عيونه تظهر بها لمعه غريبة مثبته بالفراغ اما وجهه كان مشدودا يعتليه الجمود لا حراك فيه ابدا... كان ينظرالى الفراغ بشكله الصخري المعتاد...
وبعد مده خرج صوته الهادئ: "حسنا.. سأذهب لأجلب لك الماء.." فتومئ برأسها.. وصوت من داخلها يقول.. ابقى بجانبي ارجوك، انت الامان لي,, اشعر بجانبك بالامان.. ابقى.. لا يهم كلامك المسموم ابقى معي.. لا اريد ان تغادر دنياي وتتركني كما يحصل في حلمي..
وخلال استنجادها الداخلي يختفي عن الانظار وهي تلاحق ظله بعيونها...
ثم اخذت تسير ببطئ شديد.. محاوله ان تتمسك ولا تستسلم لدموعها من جديد.. تشد على قبضه يدها عندما تشعر ان دموعها ستغلبها وتغمض عيونها بقوة شديده لعل بلوراتها التي تتجمع وتغزو عيونها تعود الى ادراجها.. وما ان فتحت عيونها للمره الاخيره بعد اغلاقها.. استقبلتها تلك الزهرة الحمراء.. البعيدة عن بقيه عائلتها.. فتتوجه نحوها لتجلس بعدها على الارضيه العشبيه بجانبها..
" يبدو انني لست الوحيدة فقط في هذا العالم..( تنهدت ثم اكملت ) انتي وحيدة مثلي.. ( اخذت تنظر الى ما حولها بعيونها الحمراء) انظري كل هذا الجمال الذي حولك الا ان الجميع قد تخلى عنك ايضا.."
اخذت نفسا عميقا وهي تداعب بتلات الزهرة التي خفت رطوبتها " اعلم ان الوحدة صعبة جدا.. وهذا ظاهر من مظهرك.. فانتي جافه مثلي"
ثم صمتت قليلا واغمضت عيونها بألم " هل تعلمين سبب وحدتي؟!" لتفتح عيونها من جديد و إذ باحدى البتلات قد فارقت زهرتنا وسقطت ارضا لتكمل بألم نابع من قلبها الرقيق: " انا اشعر نفسي دائما وحدي.. لا اشعر بأي احد معي.. هناك شعور قوي بداخلي انه ساكون يوما ما لوحدي.. اعاني من جديد.. لماذا كل ما اشعر ان باب السعاده قد فتح لي واحاول العبور من خلاله و إذ به يغلق من جديد.. ألا يحق لي ان اكون سعيده.. هل السعادة غير مكتوبه في قدري؟!"
وخرجت كلمتها الاخيره بصعوبه حيث شعرت بالكلمات تخنقها وتشد على قلبها بقوة لتخونها دمعه جرت مجراها لترافقها أخواتها من الدمعات.. وبصوتها المخنوق ومن بين بكائها " بالرغم من وجود الجميع الا ان الوحدة تلازمني... كل ما اريده من من الحياه شيء واحد.. " صمتت قليلا وقالت بنفس نبرتها التي زادت سوءاً " امي.. اريدها هي فقط.. اريدها ان تعود لي لأرقد بسلام معها.."
وانطلقت شهقاتها المريعه تسيطر على المكان.. ودموعها التي أخذت تتحدث بالنيابة عنها.. دموع مليئة بالهزيمة والانكسار.. مليئه بالضعف.. الألم.. والعجز.. معانٍ كثيره تمثلت بدموعها والتي لا لم تستطع مفارقتها منذ زمن طويل..
اخرجت من جيبها ذلك العقد.. عقد والدتها المكسور.. ذكراها الوحيدة.. لتشد عليه بكلتا قبضتيها بما استطاعت به من قوة.. ثم ضمته الى صدرها وهي تبكي بحركة...

" لا تبكي.."
صوت ينبع من داخلها من جديد.. بل صوت نبع من جهة معينه.. من عقلها الباطني .. كان الصوت حنونا لأبعد حد.. مشاعر احست بها قمر لم تشعر بدفئه منذ زمن.. صوت يبعث فيها القوة من جديد.. صوت غاب عنها لسنين كثيره.. اخذت تبحث عن مصدره ولكن دموعها المتجمعه في عيونها حالت دون رؤيتها.. وتكرر الصوت لمرات عديده قائلا..
" لا تبكي.."،،،
"لا تبكي يا قلب والدتك.."
لتصرخ بصوت عالٍ " امي.." لتتهالك بعدها على الارضيه العشبية " اين انتي.. عودي ارجوكي.. عودي.."
" انا هنا بجانبك.. معك.. انا دائما في قلبك.. ولكن توقفي عن البكاء.. ارجوك.."
قالت قمر بانكسار وهي تحاول ايقاف دموعها " عودي.. او انا اذهب اليك.. ارجوك.."
وخرج صوت والدتها حنونا كعادته " انا معك دائماً.. اتواجد في قلبك الانيق.. انا هنا توقفي عن البكاء.."
ثم اخذت قمر تبحث عن والدتها بكل امل وشوق لرؤيتها ولكن دون جدوى.. فلم تسطع رؤيتها لتقول بانكسار اكبر.. وحزن شديد " السبب هو.. مجد.. منذ ان كسر القلادة.. اخر ذكرى لك يا امي.. لم استطع رؤيتك من جديد.." ثم صرخت من جديد " امي.."
واخذت تضرب بيدها الارض بحسرة والم في قلبها بسبب معذبها.. وخارت قواها تدريجيا.. لتغلق عيناها بألم.. ثم...


يتبع.....



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس