عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-16, 11:00 PM   #56

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السابع

صمت ران على الغرفة للحظات ... لم ينطق أحدهم بكلمة واحدة ... مازالت ذراع (زياد) تحيط بخصر (راندا) التى تسمرت عيناها على وجه (وتين) الشاحب ، تحدق فيهما بصمت .. عيناها ارتسم الألم رهيبا داخلهما و شفتاها كانتا ترتجفان ... لحظات مرت قبل أن تستوعب (راندا) ما يحدث ، انتزعت نفسها من يدىّ (زياد) وابتعدت و هى تهمس بإسم (وتين) ... نقلت (وتين) عينيها منها إلى (زياد) الذى وقف باردا متباعدا و كأنه لم يفعل أى شئ ... لم يبعد عينيه عن عينيها الناظرتين إليه بألم و تساؤل جريح ، اكتفى بأن رفع حاجبا متحديا و كتف ذراعيه أمام صدره قبل أن يسألها ببرود
_"ما الأمر (وتين) ؟! ... كنتِ تريدين شيئا؟!"
اتسعت عيناها بألم و ازداد ارتجاف شفتيها قبل أن تبتسم بصعوبة و هى تنظر نحو (راندا) التى قطبت حاجبيها فى ضيق و ألم قبل أن تقول
_"معذرة ... لقد أتيت على صرخة (راندا) و ... تصورت أن أمرا قد حدث و"
قاطعها بلهجة أشد برودا و هو يقترب مجددا من (راندا)
_"كما رأيت ِ... لم يحدث أى شئ ... سئ ... لاشئ يستدعى قلقك ... شكرا لكِ .. يمكنك الذهاب بأمان"
لم تقطع التواصل المرير بين عينيهما و حديثهما بالأمس و وعده القاسى لها عاد ليتردد فى ذهنها بوضوح ... اتسعت إبتسامتها رغم الألم الظاهر بوضوح فى عينيها لرده البارد و هى تقول
_"إذن أعتذر مجددا على المقاطعة ... يمكنكما الإستمرار من حيث توقفتما ... اعذرانى"
قالتها و رفعت رأسها و استدارت مشيحة بظهرها لتغادر الغرفة بكل هدوء تتبعها عينا (زياد) اللتان غادرهما البرود و القسوة و حل محلهما ألم مماثل لألمها ... تنفس بقوة و هو يلتفت نحو (راندا) التى وقفت بصمت و حاجباها معقودان تنظر إلى الباب حيث كانت تقف (وتين).. تنهد و هو يقترب منها قليلا ليقول بتردد
_"(راندا) .. أنا .."
التفتت نحوه بحدة و هتفت و الدموع تلمع فى عينيها اللتين اشتعلتا بنيران غضب
_"اصمت (زياد) ... لا أريد أن أسمع كلمة منك"
_"(رندا) ... أرجوكِ ... دعينى أشرح لـ "
رفعت كفها فى وجهه و صرخت تقاطعه
_"يكفى (زياد) ... يكفى ما فعلته حتى الآن ... يكفى ... أنا أكرهك (زياد) ... أكرهك"
_(راندا) ... أرجوكِ .. لا تـ.."
التفتت نحوه بجسدها كليا و هى تهز رأسها فيما صوتها يختنق و هى تقول
_"لماذا (زياد) ؟! ... أنا لا أصدق ... لم أعد أعرفك .. أنا لا أعرف هذا القاسى الذى يقف أمامى ... منذ متى يا (زياد) و أنت بهذه القسوة ، متى تعلمت أن تكره و تقسو هكذا؟"
تنهد بقوة و هو يمرر أصابعه فى شعره بعنف قبل أن يهتف بها
_"متى ؟! ... تسأليننى متى و لماذا (راندا)؟ّ! ... أنتِ بالذات لا يجب أن تطرحى سؤالا كهذا ...ماذا كنتى تتوقعين منى (راندا)؟! .. بحق الله أنتِ تعرفين كل شئ .. كنتِ شاهدة على كل ما بيننا ، الآن تستنكرين ما أفعل "
تنفست بألم و هى تستوعب كم المرارة و الألم فى صوته
_"أعذر ما تمر به (زياد) .. لكن ... لا يمكننى أن أغفر لك أبدا ما فعلته لتوك ... كنت تعرف أن (وتين) تقف على الباب ، صحيح؟ .. أنا متأكدة من هذا ... ما كنت ستفعل شيئا كهذا إلا و أنت تعرف .. اسمع (زياد) كل ما سبق كان مجرد مزاح و مقالب سخيفة بيننا منذ الصغر و قد اعتدنا هذا أنا و أنت ... لكن ... أن تستخدمنى لتجرح (وتين) بهذه الطريقة ، فهذا ما لا أستطيع تقبله أبدا"
عضت شفتيها بقوة قبل أن تهتف بقوة و هى تلوح بكفيها
_"لقد سأمت من غبائكما أنتما الاثنان ... سأمت من عنادكما و لعبتكما السخيفة هذه ... تريدان قتل بعضكما افعلا إذن ... لكن لا تشركانى فى هذه اللعبة الغبية التى تجرى بينكما ... لا تفعلا ، هل تفهم؟! ... أحمقان"
صرخت كلمتها الأخيرة فى وجهه بعنف قبل أن تندفع نحو الباب لتغادر قبل أن تتوقف هناك للحظة و تلتفت نحو (زياد) الذى وقف بحاجبين معقودين مطرقا بوجهه المتجهم للأرض .. تأملته لحظة بغضب و هى تكز على أسنانها قبل أن تتنهد بقوة ... رفع عينيه إليها فهزت رأسها و هى تقول
_لن أشعر بالراحة إن غادرت هكذا ... أقسم أننى سأموت غيظا إن لم أفعل هذا .. اعذرنى"
ضيق عينيه بتساؤل و هو يراها تقترب بسرعة و قبل أن يفتح فمه بحرف كانت قبضتها قد ارتفعت لتهوى على فكه بلكمة قاسية بدا واضحا لها أنه لم يحاول تفاديها أبدا كأنه يعاقب ذاته ... لكمته بكل قوتها و هى تهتف
_"إياك أن تكررها (زياد) .. إياك أن تستخدمنى مرة أخرى للإنتقام من (وتين)... إياك"
قالتها و غادرت الغرفة و هى تصفق الباب خلفها بكل عنف ... تركته واقفا يتأمل الباب المغلق بعينين معتمتين قبل أن يتراجع للخلف ببطء فيسقط جالسا على حافة فراشه و يرفع يده يتحسس فكه الموجوع و إبتسامة ساخرة ترتسم على شفتيه و هو يهمس
_"تبا (راندا) ... أصبحتِ تلكمين بقسوة"
إبتسامته الساخرة تحولت لضحكة مريرة و هو يتراجع بظهره ليتمدد على فراشه بالعرض و قدماه مازالتا تلامسان أرض الغرفة .. وضع ذراعه على عينيه لحظات و هو مازال يضحك بمرارة قبل أن يهمس إسمها بألم ... رفع ذراعه ليتأمل السقف بعينين مشوشتين قبل أن يلمس قلبه و هو يكرر همسه
_"(وتين) ... (وتين) ... (وتين)"
كرر إسمها و صوته يزداد ألما و حرقة مع كل مرة فيما يضرب صدره بقبضته بعنف أكبر مرارا ... لكم صدره بقوة و هو يهتف
_"توقف ... توقف أيها الأحمق و كُف عن الإرتجاف هكذا مع إسمها ... لقد تركتنا ... لقد تخلت عنا فكُف عن تعذيبى هكذا ... كُف عن هذا بالله عليك"
أغمض عينيه و هو يعاود همسه المحترق
_"كُفى عن تعذيبى (وتين) ... (وتينى)"
وتينه هى ... شريانه المذبوح بلا رحمة... شريانه الذى لا يتوقف عن النزيف داخله ... نياط قلبه الذى قطعته هى بنفسها و وقفت تراقب نزفه حتى الموت بلا شفقة ... وتينه المذبوح غدرا ... رفع كفيه أمام عينيه و ارتجف جسده و هو يتذكر ليلة البارحة .. يتذكر ما فعله و ما قاله ... يا الله !! ... لقد اقترب منها كما لم يقترب من قبل ... لامسها كما لم يفعل من قبل ... رباه لقد تجاوز كل الحدود التى فرضها على نفسه منذ أن أدرك أنه وقع فى حبها ... منذ أدرك أن السحر الذى كان يلفه منذ الصغر كلما رآها كان عشقا لا حدود له ولد بميلادها ... منذ أن أدرك أنها ولدت فقط لتكون ملكه ... له وحده .. فرض على نفسه قيودا و حدودا لا يتجاوزها فى علاقتهما ... كان يحميها من نفسه ... من قوة مشاعره نحوها ... لكن البارحة .. البارحة كسر بنفسه تلك الحدود ... شيطانه أخبره أنها تستحق ... أجل كانت تستحق ... من أجل كل هذا العذاب .. من أجل تلك النيران التى أشعلتها داخله و تركته يحترق فيها وحده ... كان يجب أن يحرقها معه ... كان يجب أن يجعلها تتذوق ذلك الألم و ذلك الإحتراق الذى لا يتوقف عن قتله من الداخل ، لا يتوقف عن نهش روحه دون رحمة ... جزء فى داخله يعرف و يدرك أنها تتألم ، لكنه لا يريد أن يعترف بهذا... لا يريد أن يمنحها عذرا لذلك الغدر ...لن يمنحها صك غفران لا تستحقه .. فلا مبرر ... همس بوحشية من بين أسنانه
_"لا مبرر ... لا عذر لكِ أبدا (وتين) ... لا عذر أبدا"
الغضب الوحشى كان يحرق أعماقه و هو يتذكر كيف كانت تتألق بالأمس و هى تخطو لقاعة الحفل ... سب نفسه بقوة لأنه لبى دعوة صديقه للحفل الذى أقامته عائلته ، عاد من السفر و لم يرغب أن يعود للقصر ... خشى أن يقابلها ... كان جبانا و يعترف ... كان مشتاقا لها حد الموت رغم فعلتها ... لقد هرب حرفيا ... عاد كما أخبره (آدم) ... عاد برغبة محرقة أن يأخذ بثأره ثم يسترجع ما يؤمن أنه حقه ، لكن ما أن لامست قدماه أرض الوطن حتى وجد نفسه يقرر الهرب بعيدا ... وجد نفسه يؤجل تلك الخطوة حتى يتمالك أعماقه المبعثرة ... جبان ... ألم تكفيه تلك الأشهر التى غابها ... ألم يتصور أنه قد تمالك نفسه بما يكفى و تجاوز طعنتها ، لماذا تجدد الجرح بهذه البشاعة إذن ما أن ظلته نفس السماء التى تظلها ...
لم يعرف أنها ستكون هناك ... لم يعرف أنها ستلاحقه فلا تترك له وقتا لإلتقاط أنفاسه و الإستعداد للطعنة القادمة ... لم يتخيل أن تأتى طعنتها بهذه السرعة ... رؤيتها بهذه الطلة ذبحته ذبحا ... كان غارقا فى حديث مع أحد أصدقائه حين ظهرت برقتها الملائكية و طلتها الجديدة ... ثوب محتشم من الحرير زادها رقة ذو أكمام طويلة و ينسدل برقة محتضنا جسدها و خصلاتها القمحية التى كان يعشق رؤيتها حرة ، كانت مصففة بطريقة كشفت رقة وجهها و أظهرت عينيها الفيروزيتين اللتين لمعتا فى الأضواء ... عيناها حبيبتاه .. عيناها اللتان كانت كل مشاعرها نحوه ترتسم بوضوح فتفضح كل ما يدور داخلها ، كانتا الآن غائمتين .. قلقتين و هما تدوران حولها فى قلق ... هل كانت تبحث عنه ؟! ... عاد يلتهم وجودها كله بشوق ... هاله ذلك الجوع المخيف لها الذى شعر به و روحه ترتجف بشدة ... اشتعل الغضب داخله و قبض على كفه بعنف و هو يرى ذراعها التى تأبطت ذراع خطيبها و ذراعه التى استقرت حول خصرها بكل أريحية كأن له كل الحق ... اللعنة ... لا حق له أبدا ... لا حق ... لعن نفسه بشدة لأنه تمالك نفسه ... كان يجب أن يذهب إليهما .. كان يجب أن يلكمه بكل الكراهية التى يحملها داخله و يجذبها من بين يديه ... يطلق العنان لذلك البركان العنيف داخله و يثبت لها و للجميع و أولهم ذلك الوغد أنها ملكه وحده ... وتينه هو فقط ... لكنه لم يفعل ... لم يتحرك من مكانه ... اكتفى بنظراته المحرقة التى قابلتها عيناها أخيرا ليرى رجفتها بوضوح ... لمعت عيناها بشئ ... كان شوقا أم خوفا أم خزيا ... غضبه الشديد شوش عقله فما عاد يدرك .. تعامى عن رؤية ذلك الحب و الشوق الذى لم تستطع عيناها أن تخفيه ... كز على أسنانه و هو يرى (سالم المنصورى) ينحنى ليحدثها و هى هزت رأسها له بإبتسامة صغيرة اشعلت النيران داخله ... شعر بالحسد نحو (هشام) الذى لم يخشى شيئا و هو يسمح لغضبه و مشاعره بالظهور بوضوح ... كان جريئا فى إنتزاع ما يراه حقا له ... لم يخشى شيئا و هو يترك (راندا) معه فهو يعرف عنه الكثير بحكم تعامل والده معه ... كان جديرا بثقته ... لكنه لم يستطع أن يمنع شعور بالمرارة و الحسد داخله من أن يتملكه نحو (هشام) الذى استطاع أن يفعل ما هو عاجز عن فعله فى هذه اللحظة و هو يرى الفتاة التى يؤمن أنها خُلقت له مع آخر ... تتأنق من أجله ... تبتسم له ... تتركه يلمسها كما لم يفعل هو أبدا ... يريد أن يذهب إليه ليقتله و ينتزعها منه ... لكن بأى حق ؟! .. بالحق الذى فرطت فيه صاحبة الشأن نفسها؟! ... لكن لن يكون (زياد هاشمى) إن مرر الأمر بهذه البساطة ... إن سمح لهذه الليلة أن تنتهى دون أن يجعلها تحترق مثله تماما ... أقسم بشدة داخله و بر بقسمه لنفسه و لكن ضميره لم يتوقف بعدها عن حرقه بشدة و شيطانه لا يتوقف عن إخباره أنها كانت تستحق ... عاد يهمس بحرقة و هو يضرب قلبه بقوة
_"حتى متى (وتينى)؟! .. حتى متى ... متى ستتوقفين عن ذبحى؟! ... كم مرة تنوين قتلى حتى تكتفين حبيبتى؟ّ .. كم مرة؟!"

*****************

ظل (عاصى) واقفا مكانه يرمق الشرفة حيث كانت (رهف) التى رمته بإحدى نظرات كراهيتها التى اختصته بها نيابة عن العالم كله ... قطب حاجبيه و هو يركل العشب تحت قدميه بقوة و هو يهتف من بين أسنانه بغضب لا يسمح له أبدا بالسيطرة عليه و لا يظهره أمام أحد
_"حسنا آنسة (رهف) ... سنرى حتى متى سيستمر عنادك هذا .. لن أكون (عاصى رضوان) إن لم أجعل هذه النظرة تغادر عينيك للأبد"
لم ينتبه لحظتها لـ(هشام) الذى راقبه من خلف فُرجة صغيرة من وراء الستار الذى يغطى نافذة مكتب والده الذى تعلوه غرفة (رهف) ... راقب بإستمتاع ملامح الحنق التى ارتسمت على وجه (عاصى) و هو يركل الأرض بغضب ... لم تفوته النظرات التى كان يوجهها للشرفة قبل قليل بأمل قبل أن تلمع عيناه بطريقة أنبأته أن (رهف) قد غادرت غرفتها للشرفة ... قبل أن يختفى الألق منهما و هو يتطلع للشرفة بنظرات جعلته أشبه بطفل هجرته أمه ... أعاد الستار و هو يهز رأسه مبتسما و هو يهمس بيأس
_"أحمق عنيد"
جلس على مقعده خلف مكتب والده الذى أصبح يعمل منه كما كان يفعل والده ... ابتسم فى حنين و هو يتذكر تلك الأيام و والده يجلس مكانه و (رهف) تتفنن فى إزعاجه كل حين خصوصا حين تريد طلبا و يعاندها هو و (عاصى) ... التقط الصورة الموضوعة فى إطار طفولى لطيف من إختيار (رهف) لم يتغير مكانها منذ وضعته بنفسها على مكتب والده قبل سبع سنوات و هى تخبره أن صورتهم يجب أن تكون أمامه دائما و هو يعمل حتى لا ينشغل عنهم للأبد ... ابتسم و هو يلمس الصورة التى جمعتهم مع أمهم فى عيد ميلاد (رهف) الخامس عشر ... هو و (عاصى) يحتضنان (سلمى) التى تبتسم للصورة بحب و هى تتطلع لوالده الذى التقط الصورة بنفسه ... فيما (رهف) الشقية تميل جانبا لتستند بظهرها إلى جنب (عاصى) مكتفة ذراعيها و هى تلتفت نحوه بوجهها تبادله نظرة مشاغبة شقية و شفتيها مزمومة بشقاوة و هو ينظر لها و أحد حاجبيه مرفوع بحركة شريرة متوعدة بعد أن شغلته عن النظر للكاميرا ... تأمل وجهه المبتسم بإتساع و تحركت أصابعه تلامس إبتسامة أمه التى ولِدت مجددا اليوم بعد طول غياب ... ليلامس بعدها وجه (عاصى) المتوعد و ملامح (رهف) الشقية التى لا تكف عن مضايقته فى روتين لم يتوقف إلا قبل سنتين ... شئ ما حدث بينها و بين (عاصى) لم يعرف أبدا ما هو ... تغيرت بعده (رهف) و توقفت عن مقالبها و ملاحقتها المستمرة لـ(عاصى) و ركنت إلى الهدوء حتى ظن أنها أخيرا قد تعقلت و أدركت أنها يجب أن تنضج كما يجب أن تكون فتاة فى العشرين من عمرها ، لكن يبدو أنه كان مخطئا فهو كان قادرا على رؤية التوتر الذى يسيطر بقوة على المكان حين يتواجدا سويا ... تنهد بقوة و هو يعيد الصورة مكانها ... كل شئ تغير فى منزلهم ... بدا كما لو كانت السعادة قد غادرته للأبد ... و لكنه سيعيدها بأى طريقة ... قلبه يخبره أيضا أن (راندا) بروحها الشغوفة المقاتلة التى لامسها بقوة البارحة ستحمل معها جزءا من السعادة و الحياة إلى منزله الذى يشتاق إليهما بشدة ... هذه الحياة التى استشعرها تعود داخله و هو يقترب منها و يشاكسها مثيرا غضبها ... ابتسم و هو يسترخى ليستند بظهره للمقعد ... (راندا) ستعيد تلك الحياة لعائلته مجددا ... يثق فى هذا ... رنين هاتفه أوقف أفكاره فالتقطه ليضحك بخفة و هو يرى إسم المتصل ... كتم ضحكته و هو يجيب بصوت هادئ لم يحمل أثر ضحكه
_"مرحبا (رواء) ... كيف حالك ؟!"
أتاه صوتها الهادئ مجيبا بعملية
_"بخير سيدى شكرا لسؤالك... أعتذر أن كنت أتصل بوقت غير مناسب "
_"لا عليكِ عزيزتى ... ما الأمر؟!"
_" أردت إخبارك سيدى أن .. مندوب الشركة الفرنسية هنا أكد على موعد الإجتماع غدا ، كما أكد على أن تتواجد السيدة (سيلين) فى اللقاء"
قطب حاجبيه فى تساؤل
_"(سيلين)؟!"
_"أجل سيدى ... أخبرنى أن وجودها مهم جدا و أن رئيس الشركة بنفسه مهتم بهذا الأمر"
صمت لحظة مفكرا قبل أن يقول
_"حسنا (رواء) ... شكرا لكِ ... أنا سأتحدث مع (سيلين) فى هذا الأمر"
_"حسنا سيدى .. آآآ .. سيد (هشام)!!"
لمس التردد فى صوتها فسأل
_"ما الأمر (رواء)؟! ... تحتاجين شيئا؟! .. لا تترددى هكذا و أخبرينى"
همست بعد لحظة تردد و هى تقول بإعتذار
_"أنا آسفة سيدى و لكن ... شقيقتى اتصلت من المنزل و أخبرتنى أننى يجب أن أعود لأمرٍ هام و"
قاطعها قائلا بإهتمام
_"اذهبى (رواء) لابد أنهم يحتاجون إليكِ ... عودى للمنزل و لا تقلقى عزيزتى ... أنا سأغادر للشركة بعد قليل"
قالت بإمتنان شديد
_"شكرا لك سيدى .. شكرا كثيرا"
قال بمرح
_"اعتبريها تعويض صغير عن معاناتك مع (عاصى) اليوم"
صمتت للحظة و خُيل إليه أنها قد قطبت حاجبيها فى غضب قبل أن تتنحنح و يأتيه صوتها بهدوء لمس خلفه حنقا مستترا ببراعة
_"أى تعويض سيدى؟! ... أنا أقوم بعملى ... و السيد (عاصى) .."
قطعت جملتها ليبتسم و هو يتخيلها تضغط على أسنانها بقوة مكملة
_"السيد (عاصى) كان أكثر من متعاون معى ... لا تقلق سيدى"
ضحك بتفهم و هو يومئ برأسه
_"حسنا (رواء) ... أنا أصدقك عزيزتى ... هيا غادرى لتطمأنى على أسرتك و أبلغيهم سلامى"
همست مجددا بإمتنان
_"حسنا سيدى سأبلغهم ... شكرا لك"
أغلق الهاتف و هو يهز رأسه بإبتسامة واسعة مرددا
_" (عاصى) كان أكثر من متعاون !! ... للأسف ... أنتِ كاذبة فاشلة يا (رواء)"
عاد يقلب فى هاتفه قبل أن يتوقف لبرهة عند إسم معين قبل أن يضغط طلب الإتصال و هو يهمس بتوتر قلق
_"ماذا فعلتى هذه المرة (سيلين)؟! .. فى أى مصيبة أوقعتِ نفسك هذه المرة؟!"
انقطع الرنين ليأتيه صوتها الرقيق بلكنتها الفرنسية المميزة و هى تجيب
_"مرحبا (هشام) .. كيف حالك؟!"
ابتسم مجيبا بصوت لم يحمل قلقه
_"مرحبا عزيزتى ... أنا بخير ... كيف حالك أنتِ"
_"أنا بخير (هشام) ...ما الأمر؟! .. لماذا يبدو صوتك قلقا؟!"
تنهد مفكرا .. لم يخدعها صوته كعادتها ، دوما تستطيع أن تستشف ما يخفيه الآخرون بسهولة ... أجابها قائلا
_"هل يمكنكِ أن تقابليننى فى الشركة بعد قليل عزيزتى ... الأمر ضرورى"
صمتت لحظة قبل أن تجيبه
_"حسنا (هشام) ... لن أتأخر"
ودعها و أغلق الهاتف و هو يفكر لبرهة قبل أن ينهض ليبدل ثيابه و يعتذر من أمه و (عاصى) بضرورة ذهابه لأمر هام و ألا ينتظرا عودته على الغداء ... أخبره (عاصى) أن ينتظره ليذهبا سويا لكنه أخبره أنه أمر يخص أحد أصدقائه و لا يستدعى القلق و غادر بسرعة تاركا إياهما يتبادلان النظرات المستفهمة...
******************



may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس