عرض مشاركة واحدة
قديم 17-12-16, 07:52 AM   #6

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بيت العنكبوت 4
- دمار-


كان عمري خمس سنوات وقتها ..
في العام 1999 حدث الإنقسام الكبير في صفوف الحزب الحاكم .. كانت الحرب في جنوب البلاد في قمة إشتعالها .. تفتح فمها القبيح لتلتهم الآلاف من شباب الوطن وتصرخ : هل من مزيد ؟ كان هذا طبعا قبل خمسة أعوام من إنتهاء الحرب هناك وإشتعالها من جديد في دارفور ، وقبل عشر سنوات على تمددها لتشمل جنوب كردفان والنيل الأزرق .. هذا لا يدهشني كثيرا للأسف لأن تاريخ بلادي ما هو إلا سلسلة طويلة من المآسي .. ربما عشنا أوقاتا هادئة يوما ما في زمن بعانخي ولكن منذ حينها وتاريخنا ما هو إلا عبارة عن إحتلال وقمع تطيح به ثورة يليها إحتلال يطيح بالثورة ثم ثورات يخمدها الإحتلال ، ثم إستقلال يحكمه طائفيون يطيح بهم جنرال عسكري تقتلعه ثورة شعبية ليستلمه جنرال عسكري آخر تطيح به ثورة أخرى لتعيد الحكم لطائفي يطيح به إنقلاب جنرال عسكري جديد .. لم نملك الأمن والرفاهية يوما لنندهش من فقدانهما .. هكذا نحن .. إنتهت الحرب عام 2005 بتوقيع إتفاق هش وتفرغت الحكومة بعدها للحرب الجديدة في دارفور .. كان التمرد في قمة مجده حينها .. عام 2003 سيطر على عدة مدن توجها بالهجوم الشهير على مدينة الفاشر .. حينها فقط تنبهت الحكومة لخطورة الأمر .. يجب توجيه القتال كله إلى دارفور .. بيئة دارفور كانت مختلفة تماما عن بيئة الجنوب .. طريقة القتال التي تتبعها الحركات المسلحة مختلفة تماما عن تلك التي كانت تتبعها الحركة الشعبية في الجنوب .. الوعي العام للمواطن في ذلك الزمن كان مختلف تماما عن ذلك الوعي في التسعينات أوج حرب الجنوب ... لن يستطيعوا بعد اليوم تعبئة الشعب كما كانوا يفعلون من قبل .. القتال في دارفور مرهق لأنه عبارة عن حرب عصابات في مدى مفتوح من السهول والصحارى والوديان ويمكن أن يستمر إلى أبد الآبدين .. الحل الوحيد كان ما إقترحه أحدهم .. حل شيطاني سيطفى النار بصب المزيد من البنزين عليها .. تسليح قبائل الرعاة وتجنيدهم لمواجهة الحركات المسلحة .. تلك القبائل كانت تعرف كيف تقاتل في تلك البيئة .. تعرف أين وكيف ومتى تهجم .. تلك كانت أول مرة يسمع فيها العالم بالإسم الرهيب .. قوات ال(ج) .. نفس القوات التي تقف الآن في خمس سيارات تاتشر عسكرية تحيط بسيارة لاندروفر منتهية الصلاحية أقودها أنا .. (س) .. توقفت بفرملة عنيفة جعلت السيارة ترتج ومعها رأسي وقلبي وكل خلية في جسدي .. إنتهت رحلتك يا (س) .. كانت حياتك قصيرة وغير مميزة على الإطلاق .. ثمان وعشرون سنة عشتهم فوق تراب هذه الأرض ولم تغادرها يوما .. لن يذكرك أحد بعد اليوم سوى صديقك معتصم الحزين وحبيبتك آية الباكية التي تنتظرك بكل شوق الدنيا وأنت لن تعود إليها .. هبط خمسة منهم وأسلحتهم مشهورة ليتنزعوني من مقعد القيادة ويدفعونني نحو سيارة قائدهم .. كانت الشمس تحرق وجهي والعرق يسيل على عيني فلم أميز حتى ملامحه .. قال لي :
- منو إنت ؟
بلعت لعابي بطعم الغبار والإسفلت وأجبته مرتجفا :
- زول الله ساي مسافر للخرطوم عشان أقابل ناس هناك
- ماشي عشان تلحق بالناس الفي المطار ؟
- أيوا
- قابلوك ناس الحركات في طريقك ؟
- أيوا
صمت مفكرا في حين جاء أحد جنوده وهو يحمل جهاز اللاسلكي الخاص بي ويعرضه عليه .. تغيرت ملامح وجهه لتكتسي بشراسة مفاجئة وهو يقول :
- جاسوس
حاولت أن أصرخ نافيا وشارحا ولكن أيدي الجنود إنتزعتني لترميني علي الأرض وأرتفعت فوهات الكلاشنكوف نحوي .. صوت تعمير السلاح المعدني يرن في أذني كأنه صوت ملك الموت نفسه .. ترى ما هو شعور من تصيبهم الرصاصات ؟ لن أعرف لأن الرصاصة التي ستصيبني ستقتلني .. طاخ .. صوت الرصاصة يأتي من بعيد .. ليس رصاصة واحد بل مطر من الرصاص إنهمر .. عشر سيارات تاتشر أخرى رأيتها من قبل تأتي من الإتجاه الآخر .. تستعر تلك المنطقة .. حركات مسلحة وقوات (ج) .. حرب مستمرة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين وحتى اليوم .. نيران متبادلة وصوت الدوشكا يصم الآذان .. أدفن وجهي في الأرض ولا أرى غير أشباح تتجارى حولى .. كم طال القتال ؟ أعتقد إنها عشر دقائق فقط ولكنها مرت مثل السنين .. ببطء أرفع رأسي لأجدهم يحيطون بي .. أرفع رأسي أكثر لأجد الجثث والدماء تغرق المكان .. لقد أبادوهم بالكامل .. ساعدني أحدهم على النهوض لأقف أمام قائدهم الذي قال لي مبتسما :
- قلت ليك أحذر منهم
مرة أخرى تركوني وحدي وبعد أن قادوا معهم السيارات والأشياء التي غنموها .. وحدي وسط بحر من الدم .. بخطوات متخشبة أركب سيارتي وأنطلق في رحلتي الطويلة .. أسكب على رأسي الماء لأفيق من الصدمة .. هناك أكثر من ثلاثين رجل قتلوا أمام عينيك يا (س) .. هناك روؤس تم نسفها نسفا .. هناك من إخترقت طلقة دوشكا صدره مخلفة فجوة كبيرة بحجم الصحن .. هناك دماء .. ولماذا تصدم يا صديقي ؟ ما رأيته مجرد لمحة صغيرة لما يجري في دارفور منذ ربع قرن كامل .. دارفور .. أرض التقابة ونار القرآن .. أنا كنت هناك قبل خمس سنوات .. لقد رحل القرآن ولم يعد فيها غير النار .. تواصل اللاندروفر طريقها ومن بعيد تبدو معالم البيوت ومآذن الجوامع .. لقد وصلت لمدينة (ك)
يتبع


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس