عرض مشاركة واحدة
قديم 17-12-16, 07:58 AM   #9

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


بيت العنكبوت 7
- المزرعة –


إسمه د.أسعد ..
هكذا قال لي ، أو هذا ما تخيلت إنني سمعته لأنني في اللحظة التالية إنطفأ نور العالم أمام عيني وسقطت فاقدا للوعي .. الأدرينالين الذي سكبته في دمي مع كل ذلك الإنفعال والجهد تسبب في فصل الكهرباء مؤقتا عن جسدي .. أفقت بعد حوالي ربع ساعة.. كان جسدي يرتج فأدركت بإنني في المقعد المجاور للسائق في سيارتي اللاندروفر وذلك الشاب يقودها بيد ويسندني بيده الأخرى .. قال مبتسما إذا رآني أفتح عينيّ :
- شنو يا عمك الأعصاب الضعيفة دي ؟ كده ما حتعيش يومين بطريقتك دي
- إنت منو ؟
- سبحان الله !! قلت ليك أنا أسعد وأنا الطلعتك من المجانين ديل .. إنت عندك زهايمر ؟
بدأ عقلي يصفو رويدا رويدا .. كنا نقطع شوارع مدينة (ك) ووقت الأصيل قد إقترب .. تأملته للمرة الثانية وقد بدت ملامحه مألوفة بالنسبة لي .. لقد رأيته في وقت ما أو مكان ما ولكني نسيت .. قلت له معرفا نفسي :
- أنا (س) .. باشمهندس (س) .. قلت لي إسمك أسعد منو ؟ لأنو شكلك ما غريب علي
ضحك بمرح قائلا :
- عادي كتير من الشباب في عمرنا بيتذكروني لأني أول الشهادة السودانية وأول واحد جاب 99% من زمن طويل
آه تذكرته الآن .. قلت له مسترخيا في مقعدي :
- إتذكرتك .. أنا كنت التاسع بالمناسبة لكن المعلومة دي ماف زول بيتذكرها طبعا غيري أنا وناس بيتنا .. نحن ماشين وين بالمناسبة ؟
قال لي وهو يراقب الطريق :
- مكان آمن نبيت فيهو وتاكل ليك حاجة لأنو شكلك بيقول إنك جاي من مجاعة عديل .. مكان جميل وهادي
قلت له متشائما :
- وفي مكان زي ده في البلد دي حاليا ؟
لم يجبني بل دار بالسيارة منعطفا لأجد أمامي ذلك المنظر الجميل الذي أفتقدته طويلا .. النيل .. النهر الخالد الذي جرى ويجري وسيجري للأبد غير مبالي بتفاهاتنا ومشاكلنا .. يمتد من الجنوب إلى الشمال في مساره السرمدي يتلألأ تحت شمس الأصيل .. يهبط أسعد بالسيارة عن الطريق الرئيسي وينحدر بها نحو طريق ترابي ملئ بالحصى نحو جروف النيل الخضراء .. نسمة باردة تعبر الأجواء .. تعبر فوق مياه النيل فتمنحها البرودة ، ثم تعبر نباتات النيل المأئية عند الجروف فتمنحها رائحة الأرض والغروب ، ثم تحط رحالها عند وجهي لتنعشني وتبعث في جسدي المكدود السكينة .. نظر لي أسعد بطرف عينه وه يقول :
- نحن ماشين لمزرعة عم إسماعيل .. راجل طيب هو وأولادو عايشين بيزرعوا ويصيدو السمك
كانت المزارع قد بدأت تلوح لنا .. مساحات كبيرة مسورة بالأسلاك الشائكة وبداخله كلاب قوية تنبح بشراسة وأمام أبوابها أفراد مسلحين بالبنادق .. إتجه أسعد نحو ثاني باب كبير يقابلنا فرفع حارسه بندقيته وهو يأمرنا بالتوقف ، فأخرج أسعد رأسه وهو يصيح :
- أنا دكتور أسعد يا مجاهد
أنزل المدعو مجاهد بندقيته ولوح بيده مرحبا وهو يسرع ليفتح البوابة لنمر جواره وهو يقول :
- يا أهلا وسهلا يا دكتور ، قلقنا عليك من أمس ما عرفنا خبرك شنو .. إتفضل أبوي حيتكيف شديد لما يشوفك
عبرنا البوابة لداخل المزرعة .. مساحة شاسعة من أشجار الليمون والمانجو وأحواض الخضروات يتوسطها بيت صغير .. صوت المحرك جعل الجميع يخرج لمقابلتنا .. العم إسماعيل الرجل السبعيني الجالس على مقعذ متحرك وعلى رجليه بندقية خرطوش قديمة .. أبنائه السبعة الذكور وكل منهم يمسك ببندقية كلاشنكوف قوية في يده .. لكي تعيش ويكون لك أملاك في هذ الزمن يجب أن يكون لك سلاح وظهر .. هكذا فكرت ونحن نهبط من اللاندروفر .. الجميع كانوا يصافحون أسعد بحماس وحب .. عم إسماعيل يزيح البنددقية ويقول له :
- كلمتك يا ولدي قلت ليك أقعد معانا هنا إنت زي أولادي لكن إنت مصر تمشي الخرطوم .. حمد لله على سلامتك
صافحت الجميع بحذر وهم يحملقون في وجهي فقال لهم أسعد :
- أحم .. ده باشمهندس (س) من مدينة (أ) .. مجنون زيّ كده ماش الخرطوم بعربيتو المكركبة دي لقيتو في المدينة متورط مع جماعة الأنتي كوز ضربت عليهم ذخيرة من بندقيتك الأديتني ليها يا عم إسماعيل ، هربو وأخدتو جبتو معاي هنا ، لأنو جيعان ومريض وعربيتو ما فيها وقود
تحرك عم إسماعيل بمقعده مقتربا مني متفرسا في ملامحي :
- شكلو طيب وود حلال .. عموما ضيفك ضيفنا يا دكتور ، الليلة حنعمل ليهو وليمة
قال له أسعد وهو يمسك برسغه بحركة طبية مألوفة :
- أها إنت ضغطك ماشي كيف ؟
- تمام .. الحبوب بتاعتك دي نفعتني شديد .. تعال شوف الود خضر قام من الملاريا الليلة الصباح وكمل آخر حبة الليلة
قال أسعد وهو يحك رأسه :
- المشكلة يا عم إسماعيل إنكم ساكنين جنب البحر وما عندكم ناموسيات يعني بكرة تاني حتلقى واحد جديد وقع بالملاريا .. المراكب البتجي بالتهريب من الجنوب ما بتجيب ناموسيات ؟
- ما سألنا لكن حنوصي زول .. إتفضل يا باشمهندس شكلك تعبان .. يا عمار كلم أمك تجهز غداء كارب للضيوف.. مجاهد أمشي لعمك موسى جيب لينا سمك وتعال ..
بدأ لعابي يسيل على أنغام كلامه .. لكزني أسعد هامسا :
- رأيك شنو ؟ مش مكان جميل ؟
سألته :
- إنت ماشي الخرطوم برضو ؟ عايز تلحق ناس المطار ؟
تلاشت إبتسامته المعهودة وهو يقول بحزن :
- لا .. أنا ماشي لخطيبتي .. هبة .. خليتها هناك لي شهر كامل بعد تعبت شهرين بفتش فيها بعد أحداث الخرطوم .. عارف ما صدقت لما لقيتها حية وقلت سريع أرجع البلد أجيب أبوي وأجي أعرسها لأنها كانت براها بعد أمها أتوفت وأختها أختفت في الأحداث .. لكن ...
صمت طويلا وخلع نظارته وهو يتنهد ثم يكمل :
- أبوي برضو أتوفى قبل تلاتة أسابيع والطريق بقى صعب جدا ومافي أي وسيلة مواصلات
عزيته بكلمات أشبه بالهمهمة فأستعاد شخصيته المرحة وهو يقول :
- بس الحمد لله أهو لقيتك إنت بعربيتك المكركبة دي .. إنت ماشي المطار ؟
- أيوا عندي صحبي هناك وواحدة تقريبا كده خطيبتي ماشي عشانها .. قلت لي إنك دكتور ؟
- أيوا
حكيت له الأعراض التي أشعر بها منذ شهور .. الضعف العام .. آلام العظام والعضلات .. الصداع ونوبات الإغماء .. كان ينصت لي وحاجباه معقودان بتركيز وهو يستمع لكل كلمة أقولها ، ثم غمغم وهو ينظر لي بدقة :
- حاجة غريبة يا س بس خلينا ناكل وأقوم أفحصك بالكامل
صلينا المغرب جماعة خلف إبن عم إسماعيل الأكبر عبد الله ، ثم جلسنا حول النار ومجاهد ينظف السمك بخبرة ويشويه لتتصاعد الرائحة الزكية للشواء في الأجواء .. جاءت السلطة الخضراء فأكلتها بشهية إنسان لم يرى طماطم وجرجير منذ عام ، ثم جاء السمك والبصل ففتكنا بهما وجاء بعدهم الشاي بالنعناع .. أمن وطعام وأصدقاء .. صارت أشياء عزيزة لكي تحصل عليها يجب أن تكون محاطا بالبنادق والأسوار .. أحضر مجاهد عودا قديما وهو يقول :
- يا دكتور غني لينا حاجة بالعود ده إنت الوحيد البتعرف تعزفو ، عبد الله ده فاشل ساكت وما بيعرف يعزف
ضحك الجميع بينما أمسك أسعد بالعود وداعب الأوتار وراح يغني .. وسط خضرة الجروف ونسيم النيل إنساب صوته ..
كل ما سحابة تلاقي سحابة
تنزل منك دمعة عشاني
كل ما تلاقي مسافر عائد
تمشي وتسألي عن عنواني
وأنا عنواني عيونك إنتي
وأي زمان تمشيهو زماني
يا راجياني وما ناسياني
ياما الغربة بتتحداني
وأنا بتحدى الزمن الجاير
لو في بعدك يتحداني
يالله يا وردي ..كم مى من الزمن لم أسمع فيه صوتك ؟ إنتهت الأغنية وسط التصفيق والمطالبة بواحدة أخرى فقام أسعد وقال لي :
- تعال يا س أشوف الحاصل عليك شنو
رقدت على سرير صغير فقاس ضغط دمي بجهاز يحمله في حقيبته وسألني مرة أخرى عن تاريخ ظهور الأعراض وعن مجال عملي .. وفي النهاية قال لي :
- الموضوع صعب الحكم عليهو بدون فحوصات وموجات وأشعة ورنين مغنطيسي .. بس ..
وصمت مبتلعا ريقه فقلت له وأنا أربت على كتفه :
- إتكلم يا أسعد وقول الفي راسك إنت ما براك العبقري .. إنت عرفت عندي شنو بس ما قادر تصارحني صح ؟
إلتفت لي ببطء ثم تنهد قائلا :
- دي ما الفكرة يا س بس كل الأعراض القلتها لي دي ما بتتفق إلا مع حاجة واحدة بس ..
قلت له مكملا وأنا أحدق في اللامكان :
- سرطان .. مش كده ؟
)يتبع)



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس