عرض مشاركة واحدة
قديم 28-01-17, 03:12 PM   #38

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

البارت الخامس والعشرون 25

قراءة ممتعه، ولا تلهيكم القراءة عن الصلاة والعبادات



_____________




" لا أعرف من أين ابدأ بصراحه، سيكون من الجيد لو أحضرتي احد اقاربك مثلا لكان الأمر أسهل ... احم، اظهرت الفحوصات....انكِ، انكِ مصابة باللوكيميا"
أظن انني لم أسمع جيدا!..بالتأكيد لم أسمع جيدا!...هل قدراتي في اللغة الانجليزي صارت ضعيفه؟!...قلت بخوف:
"عفوا، لم اسمعك!"
خفض رأسه ثم رفعه مجددا وقال باختصار:
"انتِ مصابة باللوكيميا (سرطان الدم) "
وقْع الخبر علي كالصاعقه! ... لم اصدق ، لا أريد ان أصدق!...بلّمت، أحاول استيعاب كلماته بلا جدوى!
نظر الطبيب الى عيني الجاحظتين ثم قال بطريقة روتينيه بعد ان لم يجد رد:
"يجب عليكِ الذهاب الى مستشفى السرطان غدا، دون تأجيل ... لتتأكدي من صحة الامر، أرجو ان يكون هذا خطأ منا وليس صحيح"
ثم مد الي بعض الاوراق الطبية ، اخذتها منه وما زلت لا اصدق...يا اللهي! بعد كل الألم النفسي الذي مررت به، بقي الألم الجسدي!!
خرجت من العيادة وعيني لا ترمشان، بينما اخترقت الأرض بنظراتي الشارده...ليس لي طاقة للكلام ابدا!...بعثت رسالة لحسن كي يأتي ويأخذني
وبقيت واقفة مكاني دون حركة ، بالكاد أتنفس!...هل تتخيلون الأمر؟!
لا أستسيغه انا .. لا يمكنني تخيل نفسي بعد شهور من المرض اصارع الموت!
يا اللهي !
مرت دقائق وانا على نفس الحاله..الناس يمرون من حولي ويصطدمون بي احيانا وانا لا أبدي أي ردة فعل...وصل حسن فدخلت السيارة والوجوم مسيطر علي ... استقبلني هو بالسؤال:
"ماذا قال لكِ الطبيب؟"
نظرت اليه دون أي اجابه ، لا يمكنني نطقها ... لا أستطيع القول انني مصابة بالسرطان! ... لا أريد الاعتراف بالامر!
حرك السيارة وهو يرى صمتي المخيف ولم يصر على سماع الاجابه
عندما وصلنا سبقته الى الداخل وبيدي الاوراق ... قالت أسيل عندما رأتني:
"أجل؟...ماذا قال الطبيب؟"
بلعت غصتي ثم توجهت للدرج ... توقفت وانا اسمع حوار أسيل مع حسن:
"ما بها؟!"
"لا أدري، لم تقل شيء...هل كنت معها عندما قال الطبيب النتيجه؟"
"لا ... لكن يبدو أن الامر خطير!"
شهقت اسيل وقالت:
"هل ستكون مصابة بمرض خطير!"
ثم سمعت صوت خطواتها تأتي نحوي بسرعة ... جلست على الدرج واحتضنت الورق وبدأت بالبكاء...وصلت أسيل إلي وقالت بهلع:
"مايا!!..اخبريني ماذا هناك ارجوكِ!"
صرخت صرخة تخالطها الشهقات والدموع، مزيج من كل آلام حياتي ... صرخة باحت بكل همي وحزني ... بكيت بكاء لم أبكيه من قبل!...سمحت لصوتي بالتعبير عن ما بداخلي ... حتى ان حسن جاء على صوت بكائي وهو مصدوم من منظري
وسمعت صوت آدم يبكي في غرفته! ... قالت اسيل بعد ان تجمعت الدموع في عينيها لبكاي:
"مااياا أرجوووك أخبريني ، قلبي لن يحتمل"
قلت بصوت أقرب للصراخ:
"أنا مصابة بسرطان الدم يا أسيل!!...مصااابة بسرطان الدم!!!"
ثم دفنت رأسي في حضني وأتممت بكائي الصارخ المتعذب ... مع شهقات كتمتها طويلا، فخرجت كالصرخات ...
ارتخت يديّ أسيل عن كتفي وجلست بجانبي والصدمة ألجمتها هي وحسن!
زادت دموعي وزاد نحيبي ، كان بكائي يخبرني بدون صوت: انتِ تعيسه، وستظلين تعيسة دوما! شعرت أن روحي تتمزق وانا اذكر لؤي... اجل تذكرت لؤي، وكأنه أحد جروي التي ولدتها الأيام في قلبي...



(عـودة فـي الذكـريـات)


استيقظت والفرحة تحفني من كل جانب ... الراحة النفسية التي أشعر بها مع وجود لؤي لا أبيعها بأموال الدنيا كلها .... الحواجز التي بيننا صارت تزال شيء فشيء بسبب لطفه وحنانه وحبه!
بدلت ملابسي ثم ربطت شعري وذهبت لأعد الفطور ، اليوم الدور علي في المطبخ ... ومنار ستنظف المنزل ... وضعت إناء الشاي على النار وذهبت الى غرفة لؤي لإيقاظه، طرقت الباب بلطف وقلت بصوت لطيف:
"لؤي، هل انت مستيقظ؟"
لم أسمع رد ، لكنني سمعت خطواته تقترب من الباب وفتحه ... قال بحماس:
"تعالي بسرعه .. ادخلي"
سحب يدي بسرعة وأدخلني الى غرفته ... انها أول مرة أدخلها!!...شعرت ببعض الخجل لكنني تجاهلت هذا الشعور عندما أمسك بيديه جاكتين ورفعهما الى حد رقبته وهو يقول :
"أيهما أجمل؟...الكحلي ام الخمري؟"
نظرت اليه من الأعلى الى الأسفل ، كان يرتدي بنطلون جينز وقميص أبيض... وصفف شعره بطريقة مختلفه ... تكتفت وقلت:
"لماذا كل هذه الأناقه اليوم؟"
قال بمرح:
"ستأتي فتاة جميلة واريد لفت نظرها!"
ثم ضحك...رفعت حاجبي وضيقت عيني وقلت غير مبالية بمزاحه الثقيل الذي قاله ليثير غيرتي:
"لا أعرف ايهما أجمل .. انهما نفس الشكل لكن اللون مختلف، هممممـ حسب الشخص الذي سيأتي الى الشركة حقا ... اذا كانت فتاة، ارتدي الخمري فنحن نحب هذا اللون عليكم...واذا كان رجل مهم ارتدي الكحلي فهو أكثر رسميه"
ابتسمت بعد أن اتممت جملتي عندما رأيته يرمي الجكت الخمري ويرتدي الكحلي ... اقتربت منه بسرعة ثم صفعته برؤوس اصابعي وضحكت قائله:
"هذا لكي تذكب علي مرة أخرى ... فتاة جميلة هاه؟!"
ضحك وقال:
"هل صدقتي؟!....لا يوجد فتاة أجمل منكِ ابدا"
وقبل أن ارد سمعت صراخ منار وهي تقول:
"ماايا!!!...الماء تبخرت من الاناء!!"
ضحكت ثم خرجت بسرعة الى المطبخ ....



(عـودة مـن الذكـريـات)



اظن أنني استنفذت كل دموعي الليلة الماضية ، الجميع اصابهم الوجوم بعد سماعهم الخبر...حاولت أسيل جاهدة ان تجبرني على الأكل لكنني رفضت رفضا قاطعا
عيني متورمتان من كثرة البكاء وقلة النوم ... واليوم سأذهب معهم الى مستشفى السرطان للتأكد من النتيجه والبدء في العلاج المؤلم
ارتديت ملابسي ثم نزلت اليهم في المطبخ حيث يتناولون طعام الفطور ... جلست بجانب اسيل مجاملة لهم، لكنني لم أتمكن من أكل اكثر من لقمة واحدة، كان الصمت يخيم علينا ... فلا أحد منا يستسيغ الخبر او يصدقه!
قلت بصوت متعب من البكاء:
"هل يمكنني أن أطلب منكم طلب؟"
نظروا لي باهتمام فاكملت:
"لا أريد ان يعرف أحد في الوطن عن مرضي...لا عمتي ولا خالتي ولا خالي ولا حتى لؤي"
قالت أسيل باعتراض:
"كيف لا نخبرهم؟!..هل تظنين أن الـ.."
وقفت وقلت:
"أنا طلبت، واذا عرف أحد بالمرض...صدقوني، سيحدث شيء لن يعجبكم!"
نظرت أسيل الى جدي فأومأ لها بنظرات كلها حزن!..عيونه تطلب البكاء لكنه يكابر!...لا أريد ان اسبب لك الحزن يا جدي...لا أريد
عبست ملامحي وبلعت غصتي ثم خرجت لأنتظرهم في الحديقة ، لا يمكنني مواجهة كآبتهم ابدا

***

بقي حسن مع آدم في المنزل وخرجنا نحن الى المشفى ، وبعد خروج الفحوصات .. تأكدنا من أن مرضي موجود ، وانه يجب البدءْ بالعلاج مباشرة ؛ لأن ساعة تأخير قد تتسبب بموتي!
جلست أبكي امام الطبيب وانا لا احتمل الخبر...جدي خرج لا أعرف اين، اظنه يريد الانفراد بنفسه بعد هذه الصدمه ... قالت اسيل بلهجة اجنبيه باكيه:
"أرجوك أخبرني...هل هناك أمل للشفاء؟!"
قالتها وهي ترتجي الطبيب بنبرتها ... فقال محاولا تهدئتنا وبلغة عربية فاجئتنا:
"قولوا الحمدلله! ... سرطان الدم هو أكثر انواع السرطان قابلية للشفاء، وبإذن الله ستشفى "
رفعت رأسي لأرى ملامح الطبيب، ليست عربيه فكيف يتكلم لغتنا!...اكمل قائلا:
"انا مسلم، وتعلمت اللغة العربية لقراءة القرآن بلغته الأم...أرجوكما اجعلا املكما بالله كبير!"
قلت باختناق:
"هل سأحتاج الى الكيماوي؟"
صمت قليلا ثم قال:
"الكيماوي لا مفر منه ، لكننا سنحدد الطريقة لإعطائك اياه بعد أخذ فحوصات معينة أخرى، يمكنكم الذهاب بعد أخذ الفحوصات والعودة غدا"
مسحت دموعي التي لم تتوقف وتناولت أسيل الورق من الطبيب ثم ذهبنا لعمل الفحوصات ...

***

في الليل ..
اتصل خالي عبر skype... كنت اجلس خلف اللابتوب واستمع اليهم بصمت ، فقط أراقبهم اذا كانوا سيتفوهون بشيء حول مرضي!
كانوا يبتسمون ابتسامات صفراء كاذبة... وكان من الواضح انهم يخفون شيء عن خالي وهو مرضي...
سمعته يقول:
"وكيف حال مايا الآن؟"
تأهبت في جلوسي فقالت أسيل بارتباك:
"مــ...مـ..ــايا ، انها ..بخير الحمدلله"
قال خالي بنبرة شك واضحه:
"دعوني أتكلم معها"
نظرت أسيل باتجاهي فحركت حاجباي بمعنى لا أريد فقالت:
"هي نائمة الآن"
لكن سمعت صوت لؤي يقول بلهفه:
"أيقظيها، يجب أن اتكلم معها"
تنهدت أسيل ولم تعرف ماذا تفعل...حتى انا أرتبكت ... لا يمكنني التكلم معه ابدا ، قال حسن ليقطع الحديث:
"انها متعبة لاننا ذهبنا في رحلة ... اعذروني علي الذهاب"
وذهب من امام الكاميرا...فقالت أسيل بتهرب:
"يبدو ان آدم استيقظ، سأكلمكم فيما بعد"
وخرجت من الغرفه .. بقي جدي جالسا مكانه وهو شارد الذهن ... قال لؤي مقاطعا لشروده:
"جدي!، كيف حالك"
نظر اليه جدي بوجوم ثم قال بصرامه:
"ماذا فعلت لمايا؟!"
تفاجئت انا من سؤاله اكثر من لؤي، لقد كان يقولها وكأنه يتهم لؤي بأن له دور في مرضي !...قال لؤي مباشره:
"لم أفعل شيء!...طلبت مني الانفصال لكنني رفضت!"
لم يقتنع جدي ، نظر نحوي ثم اعاد نظره الي لؤي وقال:
"حسنا...مع السلامة ، سأكلمك فيما بعد"
ثم أنزل شاشة اللابتوب
اقتربت منه وجلست عند قدميه وقلت:
"جدي، لؤي لم يفعل لي شيء...لؤي لم يجرحني يوما...لكن انا أرى ان من الأفضل ان يذهب كل واحد في طريقه"
امسك يدي ومسح على رأسي ثم قال:
"صغيرتي، لا تعرفين كم انا خائف عليك"
بلعت غصتي وابتسمت قائلة:
"وماذا في اليد ان نفعل، يوم..شهر..الموت يلوح لي من بعيد يا جدي ، اريد ان امضي آخر ايامي وانا اتمتع بابتسامتك!"
سقطت من عينه دمعة خانته فأشاح وجهه عني ... انه لا يريدني أن ارى دموعه! فانسحبت خارج الغرفة بهدوء ...


(عودة في الذكريات)


"لم أذق في حياتي طعام ألذ من هذا!"
قالها لؤي ثم اكمل ضحكته التي جعلت دموعه تسقط! ... قلت بغيظ وانا اضع يدي على خصري:
"تضحك علي يا لؤي؟!...حسنا حسنا"
ثم استدرت لأذهب، لا أريد أن اسمع ضحك منار المتشمت أكثر ... اليوم طبخت انا للغداء، ماذا لو كان الرز محروق؟!...ماذا لو كان الدجاج من دون ملح؟!..هل سيموتون ؟!
والكل صاروا يضحكون علي...انا سأريهم، خرجت الى غرفتي لكن لؤي لحق بي وامسك يدي لأتوقف وهو يقول محاولا بتر ضحكته:
"مايا، لا تغضبي...نحن فقط نمزح"
تكتفت وقلت بقهر:
"تمزحون؟!...انظر الى نظرات منار الشامته!"
أوقف ضحكته بالكامل ثم قال بابتسامة حانية:
"فداك كل الأرز وكل الدجاج ... أنا لا أريد ان آكل بقية عمري لو كانت هذه هي ضريبة زواجنا!"
ابتسمت بخجل ثم قلت:
"لن أرضى الا اذا فعلت شيء يجعل منار تنسى هذا"
صمت قليلا ثم قال:
"ما رأيك ان ننسى نحن ما حدث...ونذهب لنأكل في أحد المطاعم؟"
نظرت في عينيه وقلت بفرح:
"5 دقائق وسأكون في السياره"
وعندما خرجت من الغرفة قابلتني منار ... قالت برفعة حاجب:
"الى أين؟!"
"سنذهب انا ولؤي الى احد المطاعم، هل تمانعين؟!"
ثم ابتعدت عنها بحركة مستفزه ، ركبت بجانب لؤي فسأل:
"الى أي مطعم تحب قطتي الجميلة أن تذهب؟!"
رفعت حاجبي وقلت:
"لم تجد غير اسم قطتي لتسميني به!"
ثم صمتت قليلا وأنا افكر وقلت:
"ما رأيك ان نذهب لزيارة خالتي؟!...افضل من الطعام، انا اصلا غير جائعه"
"اصلا متى كنتِ تجوعين؟!...منذ خطوبتنا وانت لا تأكلين جيدا"
صمت قليلا وهو يحرك المفتاح واكمل:
"لكن ماذا أفعل ما دام الأميرة طلبت، علي أن أنفذ!"
وابتسم عند آخر كلمة ... صارت ضربات قلبي مليون وابتسامتي تشق طريقها من الأذن الى الأذن .
على الطريق كنت امسك الهاتف وأراسل براء ... نسيت اصلا انني في السيارة، لكن فجأة انسحب الهاتف مني!...نظرت الى لؤي الذي سحبه مني وقلت:
"أعده لي!"
نظر الى الشاشة متجاهلا طلبي ثم رمى الهاتف للمقعد الخلفي...قلت بغيظ:
"لؤي!!...لماذا فعلت هذا؟!"
قال دون ان ينظر الي:
"مزاج!...انا خطيبك ام زميلتك براء هذه؟!...أريد أن اتحدث معك"
زفرت بقلة حيلة وقلت:
"حسنا يا سيد لؤي، تكلم"
ضحك ثم قال:
"عرضوا علي في الشركة ان أسافر للعـ.."
قاطعته بصرخة عفوية:
"لا!!"
عقد حاجبيه باستغراب وقال:
"على ماذا ال"لا" هذه؟!...لم أكمل كلامي"
قلت مباشره:
"لا تسافر أبدا، لا أريدك أن تبتعد عني! ... يكفي الاشخاص الذين ذهبوا من حياتي!"
قلتها وبلعت غصتي ... بعد دقيقة صمت قال:
"يبدو ان عمر سيسافر وحده!"
ثم نظر لي وابتسم ... ابتسمت وقلت:
"ما رأيك ان نشتري شيء ما لخالتي؟"
هز رأسه وقال:
"بالتأكيد "
وانعطف في السيارة لأحد المحلات...


***


بعد زيارتنا القصيرة قالت خالتي بترجي:
"لؤي...دع مايا تبقى عندنا اليوم!...أريد ان اشبع منها"
قلت انا بسرعه:
"اجل يا لؤي أرجوك "
قال:
"لكن يجب ان نعود!"
قالت خالتي:
"وما الضرر لو بقيت هنا ليوم واحد؟! هي عندكم 24 ساعه"
فكر لؤي قليلا ثم وقف وقال:
"حسنا، لكن غدا سآتي لأخذها الى الجامعة من هنا"
قلت بحماس:
"شكرا لك"
وابتسمت خالتي بامتنان ... قمت مع خالتي لتوصيله الى الباب وهناك همست له:
"استعد للهجوم من منار!"
كتم ضحكته وهمس:
"عيب عليك، انها اختي"
رفعت حاجبي بعدم اهتمام وودعته مع خالتي وعدنا للداخل...
امسكتني خالتي من كتفي وسألت:
"ما هذا ما هذا؟! ... كيف لؤي لطيف معك هكذا وسعاد ومنار معكما في المنزل؟!"
قلت:
"احم...لأنه يحبني"
قلتها ثم ناديت على نسرين بصوت عالي...جاءت تلك الاخيره تركض وهي تقول:
"ألم تذهبي معه؟!"
"لا...سأبقى هنا اليوم"
صرخت بحماس ثم جلست بجانبي وقالت:
"لقد اشتقت لك كثيرا كثيرا"
امسكت يدها وقلت:
"ليس بقدر ما اشتقت انا"
صمتت قليلا ثم نظرت لخالتي وقلت:
"انا جائعه، هل هناك شيء لآكله"
قالت بابتسامه:
"بالتأكيد يا أغلى مايا، سأجلب لكِ شيء لتأكليه"
ثم خرجت من الغرفه ... تربعت نسرين فوق الكنبة فتربعت مثلها فقالت:
"هيا هيا أخبريني بكل شيء ... بالتفصيل، منذ ان سافر جدي الى الآن"
نظرت الى السقف بتفكير ثم قلت:
"ليس هناك شيء مهم بصراحه ، مشاكل مع منار ، سعاد تلتزم الصمت بالعاده .. ولؤي يعاملني بلطف وحنان اكبر كل يوم من اليوم الذي سبقه!"
ابتسمت ابتسامة خبث وقالت:
"هل تحبيه؟!"
رفعت طرف فمي دليل على ان سؤالها لم يعجبني ثم قلت:
"عزيزتي...ليس في هذا القلب...حب أكبر من حبي للؤي"
قلتها وانا أشير الى قلبي...ضحكت وقالت:
"يااا رب ابعث لي الزوج الصالح الجميل الطيب مثل لؤي"
ضربتها على كتفها وانا امثل التضايق:
"أغار عليه، ممنوع ان تتكلمي عنه امامي"
صمتنا قليلا ثم سألت:
"وانتِ صحيح؟!...ألم يدق بابك أحد؟!"
عدلت جلوسها وقالت:
"بلا...لكنني لا أريد الزواج، أريد ان أكمل دراستي أولا"
"7 سنين من الدراسه؟!..متى ستتزوجين على هذه الحاله؟!"
"لا يهم، اصلا كل ما يهمني الآن هو ان اكون الأولى في دفعتي"
"ان شاء الله"
وهنا سمعنا صوت خالتي تنادي:
"مايا .. نسرين...تعاليا الى هنا...رائد وريان ليسا في المنزل"

***

في اليوم التالي...


جهزت نفسي وودعت خالتي ونسرين ثم خرجت ... وجدت لؤي ينتظرني في السيارة ومعه منار...اخذت نفسا عميقا وركبت في السيارة
كان واضحا ان منار قد تشاجرت مع لؤي، وبالتأكيد كان السبب "انا" ألقيت السلام فمحا لؤي كل ملامح التضايق وقال:
"وعليكم السلام، كيف كان يوم امس؟"
قلت بهدوء:
"رائع جدا"
ابتسم وانطلق بنا الى جامعتينا ... ومنار لم تنبس ببنت شفه
صحيح انها كانت هادئة في هذه اللحظه ... لكنه هدوء ما قبل العاصفة ، فتعالوا وانظروا ماذا حدث عندما عدت من الجامعه...
بدلت ملابسي ومشطت شعري ثم خرجت الى الصالة ... لؤي ما زال في الشركة وخالي يتأخر في دوامه ... نظرت لي سعاد من رأسي الى آخري ثم قالت:
"كيف تبيتين خارج المنزل من دون اذني؟"
قلت بعدم اهتمام:
"وهل يجب أن آخذ اذنك؟!...لا أذكر انك الوصية علي؟"
ازدادت ملامحها حدة وقالت بنبرة أعلى:
"من الآن وصاعدا ممنوع ان تخرجي من المنزل من دون اذني"
ابتسمت بسخرية وقلت:
"اذا استأذن منكِ هذا الحائط، فسأستأذن انا!"
وتركتها وجلست على احدى الكنبات ... وقفت منار أمامي وقالت:
"اسمعي، لولا ان أبي نبهنا ان لا نفعل شيء لكِ ... لكنت كسرت رأسك الآن "
ضحكت وقلت:
"خفت بصراحة، خفت كثيرا ... كل هذه غيره؟!"
استشاطت غيظا وقالت:
"احترمي نفسك ... وعلى فكرة ، لم ألمس شيء في المطبخ...انه ينتظرك لتنظفيه"
رفعت حاجبي وقلت:
" من عيوني ، سأنظفه جيدا جيدا .. أخاف ان تموتي من القهر لو نظفتيه!"
ثم وقفت متوجهة للمطبخ ... لكن سعاد اوقفتني عندما امسكت يدي وصرخت:
"اسلوبك هذا لا اسمح لك باعادته مجددا"
"عندما أطلب رأيك في أسلوبي .. تكلمي"
صرخت بصوت أعلى:
"مايا!!...احترمي نفسك والا"
وهنا دخل لؤي بسرعة على صوت صراخها وسحبني من يد ثم قال:
"ماذا هناك يا أمي؟!"
قالت سعاد بغضب:
"انت فقط دافع عنها ، ألم تسمع كيف كانت تحدثنا ؟!"
امسك بيدي وقال:
"بل سمعت كل شيء...كيف تريدين منها ان تتحدث وانتما تشنان هجوم مباغت عليها؟"
قالت منار:
"انها تتعمد اغاظتنا"
رد:
"لو تبقين في حالك لما قالت لك شيء"
وسحبني من يدي الى غرفته ...دفعني الى الداخل واقفل الباب بالمفتاح ثم جلس على السرير وأنا واقفة في منتصف الغرفة احاول السيطرة على أنفاسي السريعة وعلى دقات قلبي .. لأول مرة منذ موت والدي أشعر بهذا الأمان!...الأمان الذي احتواني به لؤي في حضنه!
تيار كهربائي شديد جرى في عضلاتي من لمسته!...لا أستطيع السيطرة على دموعي!...فجأة وجدت نفسي أبكي وشهقاتي تصل الى مسامع لؤي!
نظر الي باستنكار واقترب بسرعة وهو يسأل:
"ماذا بك؟!"
حاولت كتم شهقاتي لكن عبس!...قلت بصوت مختنق:
"لا أعرف...لا أعرف يا لؤي!...أنت ..أنت!"
لم أعرف ماذا أٌقول...فلا أعرف لماذا أبكي؟!...هل لأنني تذكرت ابي؟...أم هذه دموع الفرح لانني وجدت من يعوضني عنه؟!
امسك بيدي ثم جعلني أجلس على السرير وجلس بجانبي وقال:
"هل فعلت لك أمي شيء؟!"
هززت رأسي بلا عدة مرات ... فقال:
"هل آذتك منار؟"
قلت:
"لا لا..لم يفعلا شيء، بل أنت"
فتح عينيه بصدمة وقال:
"انا آذيتك!؟"
ضحكت رغما عني من بين دموعي .. أظن ان حالة هستيرية أصابتني !... لا أعرف لم بكيت ... والآن أضحك؟!...ماذا سيقول عني لؤي؟!...قلت:
"لا ... لكن لأول مرة أجد الأمان في شخص بعد أبي "
بقي صامت لدقيقة ثم احتضنني ومسح على شعري وهو يقول:
"لا أريد أن أرى دموعك ... ابدا"
بقيت بين أضلعه حتى هدأت ... فأبعدني عنه وقال بمرح:
"صحيح أنا احضرتك الى هنا لأوبخك بعيدا عن مسامعهم!...ألا تختصرين الكلام!..لماذا يجب أن تردي كل كلمة بعشره؟!"
"هل تريدني أن أظل صامته؟!"
"لا ولكن على الأقل راعيهما قليلا"
فكرت قليلا ثم وقفت وقلت:
"احلم انت وهما ... لن أسكت ابدا الا اذا احترمتاني !"
قلتها وهربت بسرعة من الغرفه قبل ان يقوم وسمعت صوت ضحكته تتبعني....



(عـودة مـن الذكـريـات)


استسلمت للنوم وآخر ما في ذهني هو هذه الذكرى...
***
مر أسبوع مثل الدهر علينا ، اسبوع أحاطته الكآبة ... اسبوع تلحف بالسواد ، حاولوا سحب الكلام مني عن سبب شجاري مع لؤي لكنني لم أقل شيء...
لا أريد ان يعرف احد شيء ، فانا التي كبرت الموضوع عمدا كي أجد الحجة وابتعد عنه ، أنا التي مثلت امامه انني صدقت منار ، انا التي صرخت به وهو يحاول تهدئتي ...
أغمضت عيني بألم وانا اشعر بالكيماوي يحرق شراييني!..اليوم أول جلسة كيماوي ، لا أحتمل الألم!...تخيلوا ان تُضَخ النار في عروقكم!...أجل انه كالنار، دواء أصعب من المرض!..هه حتى علاجي يريد إيلامي!... كم من طفل مريض مثلي، الآن فقط شعرت بألمهم! أشعر به يخترق أضلعي ويوخز عظامي!
بدأت دموعي تسقط وحدها ولا أسيطر عليها ... من الألم النفسي الذي فاق الألم الجسدي!
أسيل بجانبي تبكي بصمت ... وهي ترى ملامح وجهي كيف تتغير .
تذكرت براء، تبارك، شيماء، ساره، نجوى ... كم افتقدتهن ، لا أعرف عنهن شيء من يوم ان سافرت ... فقد حذفت جميع حساباتي في مواقع التواصل الاجتماعي كي لا اتواصل مع لؤي!
لا أعرف لم تذكرتهن الآن...من بين كل آلامي ظهرت لي صورتهن!
زادت دموعي أكثر وأكثر...والممرضة أمامي تعقد حاجبيها باستغراب...
نظرت الى أسيل وقلت:
"أريد العودة للمنزل!"
مسحت دموعها وقالت:
"سنعود، بعد ان تنتهي الجرعه"
"اشتقت لهم!"
صمتت أسيل وهي تقرأ وجهي ... هي لا تعرف من أقصد بالضبط ... ولا أنا !
قاطعت الممرضة حديثنا عندما قالت:
"done"
ثم سحبت الإبرة من يدي واكملت:
"Relax now, then you can go"
وخرجت من الغرفة ... قلت لأسيل:
"انه مؤلم جدا يا أسيل!..كالنار في عروقي!"
لم تعرف أسيل ماذا تقول .. اكتفت بالإيماء والاتصال بحسن ليأتي ويأخذنا الى المنزل ...
أرخيت رأسي على الوسادة وانا احاول رسم صورة لنفسي بعد عدة أشهر ، ربما أكون في قبري!
مسحت دموعي واغمضت عيني بتعب ... كل يوم تزداد أعراض المرض ، وتعبي يزداد ... كم أنا بحاجة لأمي وأبي الآن...أريد ان أغفو في حضن أمي وسماع صوت أبي الذي نسيته!
بحاجة لـلؤي ، الى حضنه الدافئ الذي يواسيني كلما ضاقت بي الدينا !
منعت الجميع من ان يذكروا مرضي أمام أحد ... وطلبت منهم ان يمثلوا امامهم انني لا اريد الحديث مع احد ، أنا متأكدة لو عرف لؤي بمرضي ... سيترك كل شيء ويأتي لي ... ليكون بجانبي ، لكن اذا ظن انني لا أريده، فسيحترم رغبتي ويظل بعيدا!
حضر حسن وعدنا للمنزل ...
ساعدتني أسيل في الصعود الى غرفتي ... قالت:
"اذا احتجتي أي شيء أخبريني"
هززت رأسي بهدوء فخرجت ... ان سريري يقع مباشرة تحت النافذة ، فيمكنني رؤية كل شيء في الخارج ....
وضعت الغطاء على رجلي وأسندت رأسي لزجاج النافذه ، من يعلم ماذا ينتظرني...
هل سأشفى؟ ... لا أتمنى هذا بصراحه!..أريد ان اموت في أسرع وقت حتى أرتاح من الدنيا وهمها ... فجأة تذكرت تلك اللحظه!...سمعت منار وعفاف ... سمعت كلامهما، لم اهتم وقتها ... لكنني لم اتوقع ابدا ان استخدم هذه النقطه للإبتعاد عن لؤي
اشعر بتأنيب الضمير...هو الذي كان لي النبض...الذي اعتنى بي وواساني ، اتهمته مثل هذا الاتهام؟!...مع علمي انه لم يفعل؟!
بلعت غصتي ونظرت نحو صوت آدم....رأيته يتحرك نحوي ببطئ وأسيل تقف خلفه وتبتسم
تجاهلت كل ألمي وقمت من السرير وحملته عن الأرض ...
وضعته على السرير وجلست امامه ... قلت :
"همممـ...هيا يا آدم...قل (مايا)"
كان ينظر الى حركة فمي ويضحك!...أعدت كلامي:
"قل...مايا!"
تجاهل كلامي ونظر الى أسيل وهو يمد يده نحوها لتحمله ...امسكت يديه وقلت :
"مــااا...يـــاا"
حرك فمه وقال:
"أما!"
ضحكت وقلت:
"لا....ماا..ياا"
بدأت ملامحه تعبس وهو يصرخ:
"أماا..أماا"
حملته أسيل وهي تقول:
"انه جائع الآن ، سأطعمه ثم آتي به الى هنا"
هززت رأسي بابتسامة فخرجت ....
قمت وبدلت ملابسي ثم نمت...لعلي أنسى بعض آلامي وهمومي....



ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ



أنتهى البارت ...

أتمنى يعجبكم
توقعاتكم؟

بحاول أسرع في كتابة البارتات قدر الامكان
يمكن تكون البارتات الجايه اغلبها قصير
لاني رح اكتبها بفتره قصيره ... مش اسبوع ^^


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس