عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-17, 02:02 AM   #3

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الـفـصـــل الأولــــ
هل سيحدث ذلك من جديد؟ أم أن التجربة التى أقلقتها بعد ظهر يوم البارحة كانت مجرد خيالات و أوهام ؟ من المؤكد أن ذلك الدوار و الطنين فى أذنيها و الأنوار المتداخلة أمام عينيها ليس إلا مجرد تعب من تحديقها بصورة النبيل الايطالى من القرن السادس عشر.
لورا روسى أرملة فى الثالثة و الثلاثين من عمرها ,عادت إلى قاعة رجنستين فى مبنى الفنون فى شيكاغو من أجل التأكد مما حدث لها ,ومع ذلك ما أن حدقت بعينى الرجل النبيل حتى نسيت دفتر ملاحظتها فى حضنها ,و أدركت أن اضطرابها يوم البارحة لم يكن أمر عارض.
لقد لاحظت اللوحة فى الأسبوع الماضى , عندما أتت إلى المتحف لتبحث عن أفكارجديدة لمجموعة الشتاء فى عملها روسى اورجنال . ومنذ ذلك الوقت زارت المعرض ثلاث مرات , من أجل أن تضع الطلبات المرجوة. على الأقل هذا ما قالته لصديقتها كارول مارشينت و شريكتها فى تصميم الأثاث وهو العمل الذى اختارته بعد وفاة زوجها .
فى الحقيقة , لم تستطيع البقاء بعيداً, بدا لها أنها لم تر بما يكفى تلك الصورة. رجل فى الأربعين من عمره ثاقب النظر و يرتدى بذلة من المخمل الأسود و قميصاً أبيض ذات ياقة عالية و قفازين من الجلد تظهران قوة أصابعه وجمالها . حتى الرجل نفسه غاية فى الجمال , و بالنسبة إلى الورقة الملصقة تحت اللوحة فقد رُسمت عام 1520 أى قبل مئات السنوات من ولادتها .ومع ذلك تشعر كأنها تعرفه جيداً أو كأنها تعرفه منذ أن بدأت تتذكر.
لا يمكن أن تعرفه , بالطبع ,مع كل تلك القرون بينهما , والرابط الوحيد الذى يمكنها أن تفكر به , أن وجها سائق سباق السيارات غاى روسى هو من شمال ايطاليا حيث رُسمت هذه الصورة.
أما زوجها غيلرمو بتترو انطونيو داسورزا روسى , فقد حُرم من ثراء والده فى الوقت الذى التقيا فيه .
لم تدع قدمها فى بلاده و لم تزر مصنع السيارات العائلة فى تورين و لا حتى فيلا روسى فى المنطقة المجاورة.
و لكى تؤكد ما تفكر به فهى تجد تشابه واضح بين الصورة و زوجها , مع ان غاى كان نحيلاً و يسهل التعامل معه, بينما بدا الرجل فى الصورة غامضاً و قوى البنية .كما و أن تعابير وجهه تظهر أنه صعب المرأس و تنتابه فترات من الغضب و هذا ما جعلها تشعر بالقلق من جديد.
ليس فقط تأثيرها بالصورة يقلقها , فعندما كانت تنظر إلى اللوجة بالأمس , شئ ما غريب حدث.
فقد عانت كما يُقال بتبدل الزمان و المكان , لقد لمحت الستائر وكادت ان تشعر وكأن ذراعها لمست قماش مخملى.
ومع انها من النوع المبدع و عملها الفنى هو مصدر عيشعل بكنها لم تعانى يوماً من هذا النوع من التبدل بالأحساس , و هى لا ترغب فى أن تعيش .
ومع ذلك أحساس المغامرة لديها يجعلها تصمم كى تكتشف أن كان ذلكالأحساس سيعاودها من جديد.
سارت برفقة مجموعة من السائحين مع مرشد فى المتحف, اقتربت من زوجين شابين يسيران ببطء فى جانب المعرض , و بينما كانت لورا تحدق باللوحة , مر الزوجان من أمامها . وما أن ابتعدا بعد دقيقة أو أكثر شعرت بتحديق النبيل بها ,وكأن عينيه تتقدان ناراً.
أصبح الوقت متأخر وحان موعد الإغلاق غادر السائحين المعرض و أصبحت لورا بمفردها فى الغرفة , فكرت على مضض يجب أن تغادر ,وهذه مجرد لوحة فى النهاية , شئ ثابت لا يستطيع أن يؤثر فى الوقت أو فى أى شئ . كما و أن باولو سيكون جائعاً و جوزى بانتظارها لتذهب إلى منزلها أو تنضم إلى أصدقائها .
فجأة وكأن القدر يسخر من رغبتها فى المغادرة فقد حدث معها كما حدث فى زيارتها السابقة , بدات أذناها تطنان , و بعد مرور لحظات أمسكت بحافة المقعد ,محاولة أن تستجمع شجاعتها ,لابد أن افكارها تتلاعب بها وكادت أن تصرخ لو أن أحد ما جاء من وراءها و لمسها أو تحدث إليها فى تلك اللحظة . تنفست بعمق و نهضت على قدميها , أمسكت بدفتر ملاحظاتها و وضعت شريط حقيبتها على كتفها . بعد مرور لحظات كانت تمر أمام مكيب الاستقبال فى المتحف ثم خرجت إلى الشارع لتنتظر الحافلة و هى واقفة تحت تمثال أسد رابض أمام المدخل. وما زالت لا تصدق أنها تنظر حولها إلى إزحام السير فى شارع ميشيغن وهى لا ترى شيئاً .
وصلت الحافلة و صعدت إليها و هى شبه مخدرة حدقت بالجسر ثم المحلات المضاءة وهى أكثر محلات الثراء فى المنطقة وكأنها تنظر إلى لوحة جدارية , وكل ما يشغلها هو اضطراب أفكارها .
بطريقة ما تذكرت أن تنزل من الحافلة فى المكان الصحيحز فشقتها فى الطابق الثالث فى مبنى دوبول ذو الحجارة البنية اللون تقع على بعد عدة مبانى من هنا و الذى يعود ملكه إلى السيدة المطلقة ميتشيل و أبنتها جوزى.
ركض نحوها أبنها باولو صاحب العينين الخضراوين كعينيها , ما أن فتحت لورا الباب .
صرخ :"ماما , ماما." فأنحنت لتضمه تابع :"تعالى و انظرى ! أنا و جوزى انهينا بناء موقع سباق السيارات ."
كانت لورا قد اتفقت مع جوزى على ان تجلس مع أبنها فى الأوقات التى يأتى بها من روضة الأطفال إلى حين عودتها حوالى الساعة السادسة مقابل مبلغ من المال.
نظرت جوزى إليها بحب كبير و قالت لأمه:"أخشى القول أنها احتلت معظم مساحة غرفة الجلوس , لورا" و ابتسمتقبل أن تتابع :"آهـ , قبل أن أنسى أتى رجل إلى هنا منذ ساعة و سأل عنك."
ربما هى شديدة الحساسية نتيجة لما حدث لها فى المتحف قبل قليل . لكنها تعلم أنها ليست كذلك.
وهى تعلم جوزى جيداً فهى تلتقط أى ملاحظة لو أن هناك أى شئ غير عادى.
سألتها :"هل ترك أسمه؟ أو قال ما الذى يريده؟"
و شعرت بالتوتر أكثر مما يقتضيه الوضع الراهن آنذاك.
هزت جوزى رأسها و قالت :"قال أنه سيتصل بك فيما بعد , لكن ربما أستطيع أن أقدم لك ملاحظة عنه , مع أنه يتكلم الانجليزية بطلاقة لكن لديه لهجة أجنبية"
شعرت بالفضول على الفور لكنها لم تطرح على جوزى أى سؤال .
تابعت جليسة الطفل :"أنه ايطالى , على ما أعتقد "و أخبرتها تماماً ما توقعت أن تسمعه .
أضافت جوزى :"أنه وسيم جداً , ومن نوع الرجال الذين تلاحظين وجوده و لو بين مائة و تتساءلين ما الذى يفكر به ."
اتفقت لورا على دفع المال لـ جوزى كل أسبوع مساء يوم الجمعة , فقدمت لها المال و تمنت لها عطلة أسبوع جيدةى , أخذت لورا وقتاً كافياً لتقدر موقع السيارات الذى بناه باولو لسيارته الرياضية المصغرة و راقبته يلعب لأكثر من مرة قبل أن تختفى فى المطبخ لتبدأ بتحضير العشاء.
تساءلت من يكون ذلك الشخص الغريب , ونظرت إلى دفتر ملاحظاتها الذى وضعته قرب طاولة الفطور . فتحت وعاء من المكرونة الجاهزة و بدأت تسخين محتوياته فى الفرن الكهربائى. قررت انه سيتناول الفاصوليا الخضراء مع المكرونة و الجبن ثم صلصة التفاح كحلوى , من المحتمل أن يكون النبيل من أحد أقرباء غاى و باولو القدماء, هذا ما فكرت به و هى تحضر السلطة لنفسها تسكب لأبنها كوباً من الحليب البارد . ربما هذا يفسر ما شعرت به.
وأن كان هناك علاقة ما , من المحتمل أنها تستطيع أن تتحق من ذلك , أقارب غاى لن يساعدوها البتة . ماعدا رسالة من أمه فى المناسابات , فلم يكن لـ غاى أى علاقة بعائلته بعد ذلك الشجار بينه و بين أبيه , لم يصلها اى جواب عندما كتبت إلى آنا روسى بعد الحادث لتخبر العائلة بموته .زهرة منسية
و بالنسبة لما قاله لها غاى , الشجار و الأنفصال عن والده كان نتيجة للعمل الذى أختاره و بعناد قرر أمبرتو روسى مالك و رئيس شركة روسى للسيارات أن السباق مجرد لعب للأولاد وأصر على غاى أن يستقر بالعمل فى شركات العائلة . وعندما رفض غاى عمد امبرتو على حرمه من الميراث . و إذا كان الرجل العجوز لا يسمح لزوجته بأن تتصل بأبنها فمن الصعب عليه أن يجيب على أسئلة لورا.
أجلست باولو على مقعد أمام طاولة الفطور و وضع بقربه سيارة السباق لديه ليتمكن من تناول طعامه بشهية , سكبت لورا لنفسها كوباً من العصير ثم مزجت السلطة . فكرت أن أفضل شئ تستطيع القيام به هو أن تضع كل ما حدث معها اليوم بعيداً عن أفكارها . ووبخت نفسها قائلة , يجب أن تبقى بعيدة عن المعرض حتى ينتهى هذا العرض, فلديك الكثير من العمل لهذه المجموعة و مهما بذلت من جهد لم تستطيع أن تنسى مدى تأثرها بتلك اللوحة , فهى تشعر وكأنها مرتبطة بتلك اللوحة.
رفعت رأسها بقوة ما أن قرع أحد ما جرس بابها , هل هو ضيفها المجهول ؟ أم أنه صبى الجرائد أتى ليأخذ ماله عن الشهر الماضى؟ فكرت لابد أنه كذلك.
"كل طعامك عزيزى , و لا تلعب بالمعكرونة " قالت لأبنها و هى نمسك بحقيبة يدها .
بعد لحظات , ابعدت الستارة لتتمكن من رؤية الشخص الذى يقف على عتبة بابها , فكرت , هذا أمر غريب لابد أننى مصابة بشئ ما. ومع ذلك أنه نفسه. الأمر الذى لا يُصدق ظو الشخص الذى أتى ليسأل عنها متوسط الطول أسود داكن الشعر مرتدياً بذة من الحرير لكنه الشخص عينه النبيل فى عصر النهضة.
الزجاج الذى تستطيع من خلاله رؤية الشخص المواجه لا تمكن الشخص من رؤية من فى الداخل , لكنه سمع إبعادها الستارة و من دون سؤال علم أنه مراقب .
سأل :"لورا روسى؟"
سمعت الشخص يقول :"أنا أخ زوجك انزو من ايطاليا هل أستطيع الدخول؟" لقد أتيت من مكان بعيد جداً لأتحدث معك."
لم تسمح يوماً لغريب أن يدخل شقتها تحت أى ظرف, شعرت لورا وكأنها تسمرت مكانها و تساءلت كيف يمكن أن يكون أخ لـ غاى وكل شئ فيه يدل على أنه من القرن السادس عشر.
و ليؤكد هويته و قصده الشريف أمسك بجواز سفره ثم فتحه على صورته , بعد ذلك أظهر صورة له و لـ غاى منذ عشر سنوات . فى تلك الصورة يرتديان ثياباً خفيفة و يبتسمان إلى الكاميرا وكل واحد منهما يضع ذراعه على كتف الآخر وهما يتكآن على سيارة رياضية تحت شجرة باسقة.
وكما حدث بالفعل نسخة من ذات الصورة كانت من بين حاجيات زوجها التى أحضرها معه عندما تشاجر مع عائلته و غادر منزل العائلة قرب تورين منذ ثمانى سنوات و على ما يبدو هذا الغريب الأنيق و الذى أتى ليسأل عنها هو شقيق غاى الأكبر , و واحد من عائلة روسى و الوريث لمصنع سيارات السباق .
شعرت برعشة تعريها فتحت الباب و وقفت جانباً سامحة له بالدخول . نظر إليها بحزن و قال :"أنت أرملة غاى , لورا على ما أعتقد؟"
هزت رأسها بالموافقة
أنها أجمل بكثير من المرأة التى كانت تنتظر مولوداً فى الصورة عرضها عليه غاى عندما تقابلا لوقت قصير فى فلوريدا فى سباق للسيارات قبل عدة أشهر من موته, لاحظ انزو عيناها الخضراوتين الكبيرتين و شعرها البنى المتدلى حتى كتفيها و وجها الرائع الجمال . شعر وكأنه يعرفها سابقاً قال :"وما هو الأمر الأكثر طبيعى , و أنت تقدمين لعائلتى شبيه لأخى؟"
مع أنها لا تجد فى أبنها الكثير من الشبه لوالده لكن لورا مهذبة جداً و لم تعارضه . ادركت بانزعاج أن مصافحتها له كانت غلطة . و سألت نفسها , ما الذى يحدث لها , أنه أخو غاى , فلا تحاول أن تجعل من نفسها حمقاء أمامه. تنهدت عندما ترك انزو يدها و لفت نظره مجموعة من الصور الكبيرة الحجم و التى تزين الجدار فوق المقعد الطويل فى غرفة الجلوس . تلك الصور التى كبرتها لورا و علقتها بعد حادث زوجها وهى تُظهر أفضل لحظات نجاحه فى عالم سباق السيارات و بها يبدو غاى مرح , سعيد .وان امعنت النظر بها ترى أنه مستسلم لقدره.
ظهر الحزن على وجه انزو و هو يحدق بها , فكر بألم عميق , أخى الصغير لن تعلم أبداً كم أفتقدك , لماذا, لماذا كان عليك أن تموت و تتركنا بهذه الطريقة البشعة؟
حبه للسباق جعله يهاجر إلى الولايات المتحدة قبل أربع سنوات من الحادثة و هذا ما جعل خسارته أمر يصعب جداً احتماله.
لاحظت لورا عاطفته التى لم يستطيع أن يخفيها لكنها شعرت بالغضب من طريقة معاملة عائلة زوجها له و لو أن انزو كان يهتم لـ غاى كثيراً لماذا لم يزوره فى اميركا؟ أو أن يقوم بما يستطيع لقيام به ليردم الصدع بينه و بين والده؟ وأن كانت السلطة التى يظهرها فقط هى للمظاهر , و القيام بالمصالحة لابد انه أمر صعب عليه تحقيقه .
فى تلك اللحظة نادى باولو من المطبخ بصوت ناعم:"ماما , ما الذى يؤخرك؟ ومع من تتحدثين؟"
قال انزو بصوت ملئ بالعاطفة وحب الاستطلاع :"أبنك؟"
"أجل , و أسمه باولو"
كتب غا لوالدتى عن توقع ولادته قبل الحادث الذى قضى على حياته , أحب كثيراً أن القاه و أتعرف عليه"
حضوره الطاغى فى الشقة لم يعطها مجالاً للرفض . مع أنها لم تستطيع أن تتكلم معه بعد , أجابت و هى تسير أمامه :"من فضلك ,تقدم من هنا"
اتسعت عينا باولو ما أن دخلا المطبخ و هذا يعنى بوضوح أن والدته لا تستقبل أى ضيوف رجال فى منزلها .
سأل الطفل وهو يحدق بالرجل الغريب :"من أنت؟"
بالنسبة إلى انزو بدا له باولو و على الرغم من العينين الخضراوين اللتين ورثهما عن أمه فهو يبدو صورة عن أخيه الأصغر العنيد المشاكس و الذى كان يتبعه إلى أى مكان عندما كانا فى السادسة و الثالثة من عمريهما . كان هناك لطخة من صلصة البندورة على زاوية فم الصغير .
شعر بعاطفة قوية نحوه لم يشعر بها يوماً نحو أبن أخته كريستيان و رغب فى أن يحمل بالو بين ذراعيه و يضمه إليه بقوة .
قالت لورا عندما لم يتحدث الرجل بجانبها :"هذا عمك انزو , أخ والدك"
لم يعرف باولو والده يوماً لولا مئات الصور لديه ,كما و ان لورا لا أخ لديها فبدأ له أن الأمر غير طبيعى فهو لا يعلم تماماً ماذا تعنى له العم, هكذا استمر باولو فى التحديق .
بحزن أمسك انزو أصابع باولو الناعمة و سلم عليه وكأنه شخص بالغ قال :"أنا سعيد جداص لرؤيتك , أبن أخى أنت صبى وسيم جداً و أن كنت تشبه والدك كثيراً فستكبر لتصبح رجلاً شجاعاً ومحباً"
نظر إلى الوراء فلمح الدموع تلمع فى عينيها , قال بهدوء :"لقد قاطعت وقت تناول عشاءكما , ربما علىّ المغادرة و ساعود لاحقاً."
مع أنه عرض عليها المغادرة لكنها لا تريده أن يرحل . فبالنسبة إلى باولو ليس لديه أقارب إلا والديها , و اللذين يسافران كثيراً , ومدحه لـ غاى و الحنان الذى أظهره لـ باول جعلها تتخلى عن تحفظها .
قالت لن يكون ذلك ضرورياً , اقتربت من خزانة المطبخ و أحضرت كوباً له لتملأه بالعصير و هى تتابع:"أن لم تتناول طعامك بعد يمكنك أن تنضم إلينا."
أضاء وجه انزو ابتسامة مشعة قال :"هل أنت جادة؟ يسعدنى ذلك . و أن كنت لا تمانعين أفضل أنلا أتناول المعكرونة بل أن أشاركك السلطة"
ملاحظته جعلتها تشعر بالمزيد من الارتياح لحضوره . قالت:"هذا ما يفضله, كنت معتادة على الأهتمام بالطهى من أجل أخيك لكننى لم أعد أفعل ذلك هذه الأيام."
جلس انزو على الطاولة قربهما و أشار انزو بالسلطة المكونة من الخس المتعدد الألوان و البندورة و الجزر و الفليفلة الخضراءمع قطع من السلامى و الجبن .
أخبرته لورا عن التفاصيل المهمة فى حياتها مع غاى و بعض تلك الأخبار عن عملها , و لم يتحدثا مطلقاً عن وحدتها , ربما شعر بذلك , لكن أقتناعها بأنه عصبى و سريع الغضب لم يتغير , رغم أجاباته اللطيفة و تكيزه على كل ما قالته .
رجل ثرى جداً و قد إعتاد على الأوانى الخزفية و الصينية أو الفضية و الكريستال . بدا لها وكأنه لا ينتمى إلى هذا المكان فى مطبخها المتواضع .
ومع ذلك بدا مرتاحاً جداً . وكأنه يتناول الطعام على نصف طالولة أمر عادى له أثناء تناول الطعام و تبادل الحديث , راقب انزو باولو و عاين المنزل .
وضع يده على دفتر ملاحظات لورا وكأنه يرغب فى فتحه و تقليب صفحاته , عندما سكبت القهوة و قدمت له فنجاناً و سرعان ما أخذت الدفتر و وضعته فى مكان بعيد عن متناوله على سطح البراد , لأنها لا تريد أن تتحدث معه عن النبيل الذى تعود صورته إلى القرن السادس عشر.
حملا القهوة إلى غرفة الجلوس بناءاً على إقتراحها , عاد باولو للعب فى مجرى السباق الغالى لديه و هويقلد صوت المكابح كلما اقتربت من المنعطفات .
قالت لورا و هى تمسك بألبوم صور من المكتبة :"سيارات سباق هدية من غاى"
"لكننى أعتقدت......"
" بدأ بشراء المجموعة (لأبنه ) ما أن علم أننى حامل"
جلس قربها على المقعد تحت الصور و بدأ يتصفح الألبوم , و الذى رتب حسب التسلسل الزمنى , الصفحات الأولى أحتوت على صور مع أصدقاء متبادلين لها و لـ غاى عندما بدأ يتواعدان . ثم تبعها صور زفافهما , صور سباق سيارات و عدد من الصور الجميلة أخذها لها غاى و هى حامل .
علق انزو و هو يرفع عينيه نحوها بحز و غضب :"من السهل معرفة كم كان أخى يحبك من خلال هذه الصور و فالأمور واضحة جداً"
أجابت بسرعة لتبدل الموضوع من شدة العاطفة التى أعترتها :"لا أستطيع إلا التساؤل , أن كنت قطعت كل هذه المسافة من ايطاليا لرؤيتنا "
اعترف قائلاً بعد أن رشف رشفة من القهوة :"أخشى القول لا بالتحديد , يقتضى عملى أن أتواجد فى ديترويت بعد غد من أجل المفاوضات مع شركة اميركية لصنع السيارات مع شركة روسى موتوورك من أجل إقامة مصنع مشترك , لكننى أملت...."
توقف عن الكلام و نظر إليها .
على الرغم من الحواجز التى اقامتها فى أعماقها لعدم اهتمام عائلة روسى بأبنها , لم تستطيع لورا إخفاء ألمها و ضيقها . و بعد الطريقة التى عاملت العائلة غاى أبنها كيف ستتوقع أن ينظروا إلى أبنه .ــ
أضاف وكأنه علم ما يجول فى فكرها :"الحقيقة أننى رغبت فى البحث عنكما منذ بعض الوقت و قد أعطتنى والدتى العنوان من أجل ذلك."
لم تتخل عن غضبها , قالت :"وما الذى جعلك تقرر أن تفعل ذلك الان؟ لقد توفى غاى منذ أربع سنوات و لابد أن كان لديك زيارات دائمة إلى اميركا "
"أنت على حق , فأنا أتى إلى هنا باستمرار ."
"إذن , ما السبب؟"
عنيد وعاطفى بذات الوقت ظهر الندم على وجهه وهو يقول :"أبى مريض , لكن لا أريدك أن تعتقدى أن هذا هو السبب الوحيد "
يا للهول فكرت لورا بحزن و غضب . بعد كل التصرفات التى قام بها امبرتو لا يمكنك أن تتوقع أن أنسى و أسامح.
سألت :"هل المشكلة تتعلق بضغط الدم؟" حاولت أن تركز حديثهما على تفاصيل بعيدة عن أبنها و زوجها , تابعت :"أخبرنى غاى أنه يعانى من الضغط منذ فترة طويلة و جزء من السبب أن لم يعد إلى ايطاليا أو أن يحاول أن يتصل بوالده بعد ذلك الأنفصال لأنه لم يرغب فى إزعاجه و تسبب اتوتر له , كى لا يحدث له أى أزمة فى الضغط ." و علىالفور شعرت بالندم لأنها تفوهت بتلك الكلمات بدا لها وكأنها تعتذر من تصرفات زوجها .
ــــ
لم ينظر انزو إلى الأمر من تلك الناحية بل أجاب:"أخشى القول أن هذا ما يعانيه , فقد تعرضلعدد من الأزمات و لواحدة قوية جداص , لكن جميعها أثرت على نطقه و حركتهو خلال الأشهر القليلة الماضية لم يُسمح له بمغادرة السرير و أنا أعتقد أنه يحتضر وكما تعلمين لورا....."
لم تكن لورا راغبة فى أن يتابع حديثه لكنها لم تستطيع أن تفعل شيئاً إلا حبس أنفاسها .
تماماً كما فى اللوحة, عينا انزو السوداوين تمسرانها وكأنه يحاول أن يسيطر على أفكارها .
روادها شعور أنه سيمسك بها من كتفيهاليجعلها تقبل بما سيقترحه.
تابع أخيراً وهو يختار كلماته بدقة :"فى ايطاليا العائلة هى الأمر الأكثر أهمية فى الحياة.نعم, أعلم بما تفكرين . لو ان ذلك صحيح لماذا لم يحاول والدى مد يد السلام إلى أبنه الذى يحبه كثيراً؟ يمكن أن أقول أنه فخور جداص بنفسه . رغم حكمة بأكملها . فأنه أحياناً يتصرف بحماقة . و أدرك أنه ليس هذا بعذر . لكننى اسألك , هل أنت مجبرة على تكرار خطأه؟ و هل التنزق بعائلتنا يجب أن يستمر؟"
ما زالت غاضبة على عاناه , فلم ترغب بموافقته . لكن انزو ضمها إليهم عندما تحدث عن العائلة , وجعلها هى و باولو جزء منها .
همست :"أنا ليست متأكدة مما ترمى إليه؟"
"آهـ, لكن أعتقد أنك تفهمين جيداً ما أقوله و انا لن ألومك أن قلت لوالدى أن بإمكانه أن يذهب إلى الجحيم . ومع ذلك آمل ألا تفعلى ذلك . و بالتأكيد تعلمين أن الغضب لن يعيد غاى أو ينهى الخلاف مع امبرتو و لا أستطيع إلا أن أفكر أن نوعاً من العزاء سيتم إذا ألتقى باولو بجده ....قبل أن يفوت الآوان على ذلك."
نظراً للمنطق الذى يتحدث به لم تستطيع لورا أن تجيبه بأى شئ , تابع انزو :"يلزمى الكثير من الشجاعة لأطلب ذلك خصوصاً بعد هذا الوقت القصير من التعارف . لكن من الممكن أن تفكرى أنت و أبنك بالذهاب لزيارته ؟ ومن الطبيعى أن تكون الرحلة على نفقتى"
تسارعت الأفكار فى رأسها فقالت لورا لتضع أمامه بعض الحواجز :"هل طلب امبرتو أن يرى حفيده ؟" طرحت الموضوع مباشرة فلابد أن هذه النقطة هى الأهم فى الموضوع كله.
اعترف قائلاً :"لا ليس بالتحديد , لم أذكر له خطتى بالبحث عنكما , كى لا أجعله يأمل بالأمر , لا أعرف نتيجته بعد ذلك . لكن و بما أننى أكثر المقربين لوالدى و الرجل الذى دير مصانع روسى موتوورك مكانه أنا مقتنع أننى أستطيع معرفة ما يفكر به"
قالت لنفسها , هذا ليس بكافى , ومع ذلك أن غاى قد توفى و رحل إلى الأبد لكنه يستحق أن يـُعتذر له , وأن كان لدى رأى بالموضوع فلابد أن يحصل ذلك.
قالت:"حسب مجريات الأمور لا أعتقد أنه سيرحب بنا هناك"
لدهشتها توقف انزو عن الخوض فى الكلام عن ذلك الموضوع و عاد لمراقبة الصور . و فى الوقت الذى أنتهى فيه من تقليب الصفحات و وضع الألبوم جانباً لاحظ أن باولو توقف عن إصدار الأصوات , لكنه أصر على وضع سيارته الصفراء مازريتى المفضلة لديه فى تصدر السباق على الرغم من تثاءبه و فركه لعينيه.
قالت لورا و هى تنهض :"حان وقت النوم عزيزى."
وقف انزو حين سمع كلامها و وضع يده على شعر الصبى و قال :"من الأفضل أن أذهب ."
سمحت لـ باولو أن يلعب بسيارته للحظات أطول لمرافقة انزو إلى الباب , قال وهو يقف قربها عند الباب:"لا أستطيع أن أخبرك كم عنت لىّ هذه الأمسية . اللقاء بك و بـ باولو أخيراً كان رائعاً"
و بالمقابل شعرت لورا بإحساس من الألفة يسيطر عليها .وعلمت أن كل ذلك بسبب عينيه , فهى لا تستطيع أن تشرح الاحساس القوى الذى يربطها بهما . أجابت :"أسعدنى قدومك , أعلم أن غاى يوافق على زيارتك ."
ساد الصمت بينهما وكأنهما يتشاركان ذكرى غاى معاً . مع أن هذه الأثناء حزنها على زوجها قد زال, لكنها بالطبع لا تشعر بالرغبة فى معرفة أحد ما و التقرب منه .
قال قاطعاً عنها أفكارها :"غداً نهار السبت , هل لديك عمل ما؟ فإن لم يكن لديك عمل, ربما يمكننا تمضية المزيد من الوقت معاً. أحب أن أخذك أنت و باولو لتناول الفطور بالخارج و ربما نذهب إلى حديقة الحيوانات ؟"
لم ترغب لورا فى توديعه فقد ربطته بلوحة ذلك النبيل و ردة فعلها نحوها و ظهور انزو أمام باب منزلها أعاد إليها ذلك الأحساس الغريب . لكنها لم تحص على إجابة لأسألتها
تمتمت :"أنا متأكدة من أن باولو سيسعد كثيراً فهو يحب الأسود و النمور و الفيلة"
ابتسم انزو فبدت الرقة على ملامح وجههقال :"سأتى لاصطحبكما عند الساعة التاسعة أن كان يناسبك ذلك"
"سنكون بأنتظارك"
مد يده مصافحاً فشعرت بالاحراج من شدة تأثرها به .و للحظة لم يتحرك أحد منهما أو يتكلم مع أنها لحظة كانت من الجنون , وكأنها شعرت بأصابع ذلك النبيل تلمسها . للحظة أعتقدت فيها أنها لا تستطيع تحمل كل ذلك التوتر أكثر.
قال انزو بصوته العميق الصافى :"عِمت مساءً لورا, أتمنى لك و لأبن أخى الرائع نوماً هنيئاً."





التعديل الأخير تم بواسطة samahss ; 09-02-17 الساعة 04:56 AM
samahss غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس