عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-17, 01:19 AM   #2

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الأول
- اعطني ماتحملين من مال!.
امرها اللص ذو البشرة الداكنة، حاولت ليزا ان تحتفظ على رباطة جاشها واجابت بكل هدوء:
- انا لا احمل مالاً.
لم يكن من الصواب ان تخرج بمفردها في هذه الساعة المتأخرة من الليل، حتى ولو كان شارع رئيس في هذا البلد الغريب، عندما شعرت بالرهبة في قلبها خاصة وانه لم يكن من احد يسير قريباً منها مما يمكنها ان تستنجد به.
كرر الرجل قوله مهدداً:
- قلت لك اعطني ماعندك من مال، والا اخذته منك عنوة.
لقد كانت ليزا صادقة عندما قالت له بأنها لاتحمل مالاً، ولكنه من الواضح لم يصدقها فأخذ قلبها يخفق بشدة وقد شعرت بالخطر الذي يحدق بها، عندها قامت بمحاولة فاشلة لتهرب منه ، فأوقفها بقسوة وقد احاط باحدى يديه خصرها، وباليد الأخرى اطبق على فمها كي يمنعها من الصراخ، ثم سحبها الى زقاق ضيق ، فكرت ليزا عند ذلك بخوف شديد، انها وقعت في خطر لا تدري ماقد يكون نوعه، وحاولت جاهدة الافلات منه، ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل.
سمع في تلك الاثناء هدير سيارة تقف الى جانب الطريق، جعلت الرجل ينتبه الى انه هو الآخر قد وقع خطر شديد.
----------------------------------
وخرج رجل من السيارة وصاح باللص الذي يمسك بليزا، فماكان منه الا ان دفعها فسقطت على الأرض، ثم ولى هارباً في الزقاق الضيق.
كانت ليزا في تلك اللحظات الرهيبة ، ترتجف خائفة بينما كان الرجل الغريب الذي خلصها من ذلك اللص يقترب منها بخطوات ثابتة، وعندما اصبح قريباً منها انحنى ليساعدها في النهوض.
ثم قال بنبرة جافة:
- لا خطر عليك مني، هل اصبت بأي اذى؟
اجابت وهي تحاول ان تستعيد كرامتها وكان ماأصابها آلمها في الصميم:
- لا، لم اصب بأية خدوش ولكنني متوترة بعض الشيء.
- لا يدهشني ذلك.
قالت وقد لاحظت فمه يلتوي اشمئزازاً:
- انه كان يلاحقني لأجل المال فقط.
- طبعاً، فالحسناوات صاحبات الشعر الأشقر والعينين الزرقاوين لا يسلمن من قطاعي الطرق هنا.
وتابع يقول دون ان يمنحها فرصة لتعلق على قوله:
- في اي فندق تنزلين؟.
اجابت ليزا:
- في فندق امباسادور بلازا.
رفع حاجبيه الداكنتين وقال:
- انه يبعد كثيراً عن هذا المكان.
قالت وكأنها تعترف بخطئها:
- خرجت للتنزه سيراً على الاقدام ويبدو انني ظللت طريق العودة.
اجابها بسخرية واضحة:
- تتنزهين سيراً على الاقدام في سان جوان؟ هل أنت ساذجة الى هذه الدرجة، ام أنك متهورة لاتدرسين الأمر قبل ان تقدمي عليه!.
اجابت بكل ماأوتي لها من فظاظة:
- لا هذا ولا ذاك كل ما في الأمر انني اخطأت وكفى.
- انه خطأ كاد ان يكلفك غالياً.
ثم اشار الى حيث تقف سيارته وتابع يقول:
- هيا، سأعيدك بنفسي الى الفندق.
كان في السيارة سائق ببذلته الرسمية، ففكرت ليزا انها ربما نجت بنفسها من خطر لتقع في خطر اشد هولاً من الأول ، لكن الرفض في هذه الظروف لن يفيدها ولا بأي شكل من الاشكال ، وسيكون تصرفاً طائشاً وغبياً صدر عنها، خاصة وانها لا تعرف في اي مكان يقع الفندق الذي تنزل فيه.
وجد الرجل بعد صمتها انها وافقت على ان يعيدها الى الفندق بسيارته، فسحبها من يدها وساعدها على الدخول الى المقعد الخلفي، ثم دخل هو ايضاً وجلس الى جانبها قائلاً للسائق:
- الى فندق سادور بلازا.
وبعدما ارتاح واستند بظهره الى الجلد الفاخر للسيارة، حول نظره الى ليزا، واخذ يتفحصها بنظرات ثاقبة وكانه يريد أن يتعرف بالتفصيل الدقيق على ملامح وجهها.
ثم سألها فجأة:
- كم تبلغين من العمر؟
لم يكن لها من خيار سوى ان تجيب قائلة:
- انني في الثالثة والعشرين من عمري اذا كان هذا يفيدك بأي شيء.
- هذه يعني انك ناضجة مافيه الكفاية لتستشيري عقلك وانصحك بأن تكوني اكثر حذراً وادراكاً حتى تبلغي سن الرابعة والعشرين، فالمرأة لا يمكنها ان تضمن سلامتها حتى في بريطانيا وفي ايامنا هذه.
---------------------------------
اخذت ليزا تنظر حولها وهي لاتدري بماذا تجيبه، بينما حول هذه نظراته عنها لينظر الى الخارج من النافذة، فكانت لها الفرصة لتنظر في وجهه الوسيم الذي انعكس عليه نور المصابيح في الشارع، وفكرت انه قد يكون ولد في بريطانياولكنه من المؤكد لم يعش فيها مؤخراً من الملاحظة التي ابداها عنها، واتضح لها بعد ان اطالت النظر اليه انه قد يكون في حوالي الثلاثين من عمره ومن النوع الذي يأمر وينتظر امره أن يطاع ، يميل الى الغطرسة عندما يتكلم معها ، ولكنها ومع كل ذلك تشعر بالامتنان له لانه خلصها من ذلك اللص.
لاحظت بعد ان تفرست في ملامح وجهه انه كان يرتدي بذلة بيضاء انيقة، فقالت بأدب:
- لايهم بضع دقائق من التأخير، هل سافرت الى سان جوان بمفردك؟.
اجابته بشيء من التحدي:
- نعم كما وأنني افضل السفر بمفردي، فذلك يتيح لي بأن ارى وافعل كل مايطيب لي.
- اعتقد انه يمكنك ان تتصرفي بحرية حتى ولو كنت برفقة صديق او صديقة يمكنك الاعتماد عليهما، انك من الواضح غير متزوجة ويمكنك أن تسافري مع اي صديقة، فذلك قد يكون اسلم واقل خطر عليك.
اجابت ليزا بغيظ:
- ولكنني لا احب ولا ارغب برفقة احد على كل ، فإنا لن اجازف بحياتي مرة اخرى لذا يمكنك ان ترتاح وان لا تقلق علي.
تجاهل ماقالته وقال:
- هناك اماكن افضل يمكنك زيارتهاغير بورتوريكو، عليك أن تزوري احدى هذه الجزر.
انها لا تريد أن تخبره بأن هذا ماستفعله في الصباح، وقد شعرت أنه ليس من الضروري ان يعرف سبب مجيئها الى بورتوريكو.
وصلا بعد ذلك الى الفندق المضيء بأنوار ساطعة وبشكل ملحوظ وعندها فقط شعرت بالارتياح لأنها ستتخلص من ذلك الغريب الذي يتدخل بكل صغيرة وكبيرة في امورها الخاصة.
خرج من السيارة احتراماً لها وليفسح لها ان تخرج هي الأخرى، واستطاعت ان تتميز الآن منكبيه العريضين وقامته الطويلة وجسده الرياضي، والذي لا تقوى اية امرأة الا ان تندهش وتنجذب اليه.
قالت له بنبرة باردة نوعاً ما:
- شكراً لك من جديد، انني حقاً ممتنة لمساعدتك لي.
كشفت عيناه الرماديتان عن نظرة استخفاف ومكر وهو يقول لها:
- يسعدني ان اكون في خدمتك، لكن انتبهي لنفسك من الآن وصاعداً.
سمعت ليزا هدير السيارة تبتعد بينما كانت تدخل الى الفندق ، ولكنها لم تلتفت لتلقي عليها نظرة اخيرة، وجدت ان ردهة الفندق تعج بالناس الوافدين وكذلك الخارجين وكان الكثير منهم قد اعتنى بهندامه استعداداً للسهر في سان جوان، وتناهى إلى سمعها اصداء الموسيقى التي تعالت من المطعم التابع للفندق، وكادت أن تدخل لترفه عن نفسها قليلاً، لكنها سرعان ماعدلت عن فكرتها تلك، إذ تذكرت ان موعد اقلاع الطائرة غداً سيكون في تمام الساعة الثامنة، ويجب أن تكون في المطار في السابعة والنصف، لذا من الافضل لها أن تأوي إلى فراشها باكراً استعداداً لتلك الرحلة، فتوجهت الى المصعد وضغطت على الزر الذي يؤدي إلى الطابق المنشود.
------------------------------------
دخلت غرفتها الفخمة والواسعة وقد غمرتها موجة من الارتياح غير مصدقة ان الحظ لايزال يلازمها، فقد تأخرت في مطار نيويورك لساعة او اكثر قبل ان تقلع بها الطائرة الى سان جوان، لتجد ان الطائرة التي كانت ستقلها إلى جزيرة سان توماس قد سبقتها واقلعت، فحجزت لهاشركة الطيران غرفة في هذا الفندق لليلة واحدة على ان تسافر في طائرة الغد إلى تلك الجزيرة ، فواقفت على الاقتراح وفي نفسها ذعر وخوف، لكنها كانت متأكدة ان الجزيرة التي ستتوجه اليها ستكون افضل، ففندق رويال الذي ستنزل فيه هناك له سمعة وشهرة واسعة، كما أنه من افضل الفنادق في الكاريبي، ولقد سبق وقرأت عنه الشيء الكثير في المنشورات السياحية، ممايدل على أنه من اغلى الفنادق على الاطلاق! فليس بمقدورها ان تتحمل مصاريف ليلة واحدة فيه ولا بشكل من الاشكال، ولكن الوضع سيكون مختلفاً معها لأنها ستعمل فيه ولن تدفع قرشاً واحداً طوال فترة اقامتها فيه.
ان عملها هو معالجة فيزيائية وهي تدري تماماً بأن هذا العمل ليس من العمال المفضلة في هذه الحياة مع انها لاتشك في مقدرتها على القيام بذلك وبطريقة ممتازة كما يريدها الزبائن، ولقد ساهم في نجاحها هذا، عملها المستمر في ناد من نوادي الدرجة الأولى، حيث أن زبائنه من الطبقة الراقية، وقد اتاح لها فرصة العمل في افخم فنادق الكاريبي، غاري كونواي عندما تحقق من اتقانها وخبرتها الواسعة في هذا الحقل، ومدة العمل في هذا الفندق تمتد لثلاثة اشهر، كما انها قابلة للتجديد خاصة وان الفصل السياحي يدوم طوال اشهر السنة حيث ان الجو معتدل والشمس تشرق معظم الايام.
وبعد ان اصبحت في السرير وصوت الموسيقى يدخل اذنيها واهياً وضعيفاً من الطابق الاسفل للفندق، رجعت بأفكارها الى الرجل الذي خلصها من المأزق الذي وقعت فيه، انه ومن دون شك من الطبقة الارستقراطية الثرية، كما أنه من النوع الذي يعتقد بأن النساء لا يدركن خطورة الأمور ولا يمكنهن العيش من دون حماية الرجل لكثرة ماتزل به اقدامهن، ان تصرفها المتهور والطائش لهذه الليلة، اثبت نظريته تلك لكنها صممت على ان لا تقع في مثل هذا الخطأ مرة اخرى.
قالت لنفسها، بما ان هناك فرص نادرة لمقابلته مرة اخرى، فأن رأيه بها لا يهمها على الاطلاق وحاولت بكل ماعندها من ارادة قوية ان تطرد من رأسها حوداث هذه الليلة وان تنعم بنوم هادئ استعداداً لرحلة الغد.
استيقظت في صباح اليوم التالي في الساعة السادسة، واسرعت الى المطار ووصلته قبل الساعة السابعة، فسألها الموظف هناك اذا كانت تفضل السفر في طائرة السابعة واربع بدلاً من ان تنتظر طائرة الثامنة ، وافقت على اقتراحه وتوجهت في الاتجاه الذي اشار به، ووجدت بعض المسافرين ممن سبقوها ينتظرون النداء للتوجه نحو الطائرة.
--------------------------------
اخذت ليزا مكانها وراء عائلة تتألف من اربعة اشخاص، ثم جاء شخص آخر ووقف وراءها، فالتفتت لتراه ينظر اليها بعينيه الرماديتين بتساؤل ثم قال:
- ارى انك عملت بنصيحتي.
نفت ليوا قوله قائلة:
- ليس بالتمام، لأنني كنت في الأساس متوجهة الى سان توماس.
- لم اتصور ليلة البارحة بأنك عازمة على السفر إلى سان توماس اليوم.
قالت دون مبالاة:
- وماهو ذنبي اذا كان تصورك في غير محله؟
قال نبرة هادئة وقد وجد ان الأمر مسلياً:
- نعم هذا ما يبدو فعلاً، ان تصوري كان في غير محله، اواقفك في ذلك.
قالت له عند ذلك بنبرة باردة:
- انني اعيش هناك، هل تريد زيارة الجزيرة مثلي؟
اجابها بنبرة باردة:
- انني اعيش هناك، على الاقل بعضاً من الوقت، كم ستطول مدة اقامتك فيها؟
- سأقيم فيها مبدئياً لمدة ثلاثة اشهر.
قالت ليزا وهي تلاحظ الدهشة التي تدل على أنها ليست من الطبقة الثرية، والتي يمكنها ان تتحمل مصاريف الاقامة في مثل هذه الجزيرة ولمدة ثلاثة اشهر، وشعرت من نظراته المتسائلة بأنه ينتظر منها ايضاحاً على ذلك، فترددت في ان تمنحه ذلك التوضيح ام لا، ولكنها قررت في النهاية ان لا تقول له شيئاً، لأن ذلك يعنيها هي ولا يعني احداً سواها.
اكتمل عدد المسافرين في هذه اللحظات، ففتح موظف المطار الباب الزجاجي ليتيح لهم عبوره وهو يأخذ منهم بطاقات صغيرة الحجم.
قال له عند ذلك:
- اعتقد بأن هذه رحلتك الأولى إلى مثل هذا الجزء من العالم، فالناس عادة يمضون اسبوعاً او اكثر بقليل في جزيرة واحدة من هذه الجزر البعيدة.
اجابت ليزا:
- أن المسألة مسألة دوق واختيار، فأنا ممن يرغب في حصر اهتمامه في مكان واحد حتى يتيح لي ان اعرف عنه الكثير، لا ان اعرف اشياء ولعدة اماكن وانا متأكدة بأنني سأجد اشياء كثيرة لأسلي نفسي بها في سان توماس، هذا بالإضافة الى ان الشمس هي المكسب الاهم ، خاصة وانني قادمة من بريطانيا حيث أن الطقس يختلف تماماً عن هذا في شهر نوفمبر.
قال بنبرة كأنه يستعيد بها ذكريات مرت عليه:
- ان الطقس في بريطانيا هذه الايام ضبابي ورطب، فأنا لا ألومك لأنك تريدين التخلص منه ولو لبعض الوقت.
سألته عند ذلك بفضول:
- منذ متى زرت بريطانيا لآخر مرة.
اجابها:
- منذ بضع سنوات، وقد مكثت فيها بضعة ايام، ولكنني اعتقد انني تركتها نهائياً عندما انتقلت مع اهلي إلى هنا.
- تعني إلى سان توماس.
نفي بحركة من رأسه وقال:
- لا بل إلى تورتولا.
-----------------------------------
كانت الطائرة التي ستقلها إلى سان توماس صغيرة بمروحيتين ويبدو عليها أنها استخدمت لفترات طويلة، وكيف لا، وهذه الطائرة تقوم بمثل هذه الرحلة عدة مرات في اليوم وتستغرق من الوقت اربعون دقيقة في كل مرة، كما وانها لم تتعرض لأية حادثة تذكر، كان مقعدها في الطائرة قريباً من النافذة وهذا شيء مسر، اما الذي لم يسرها ، فهو جلوس هذا الرجل الغريب بجوراها.
قال ببساطة:
- سنصل الى الجزيرة عند موعد تناول الفطور، هل استأجرت شقة لك فيها، ام انك حجزت في فندق ما؟.
اجابت ليزا وادركت بأن جوابها سيقابله سؤال آخر:
- في فندق الجزيرة الملكي.
قال متعجباً وفي نبرة صوته عدم التصديق:
- في هذا الفندق الفخم ولمدة ثلاثة اشهر؟ وهل قمت بحجز غرفة لك فيه؟.
ادركت عند ذلك انه ليس من مجال لها في ان تذكر السبب الرئيسي لاقامتها في مثل هذا الفندق من الدرجة الاولى والذي لا ينزل فيه سوى اصحاب الملايين.
قالت اخيراً:
- في الحقيقة، انا لا انزل فيه كسائحة ، بل كموظفة.
عقد حاجبيه وقال:
- صحيح؟ ولكن ماهي هذه الوظيفة؟.
- معالجة فيزيائية.
ادير محرك الطائرة في تلك الاثناء ، فمنعه هديره العالي من ان يعلق بكلمة واحدة حول الامر الجديد الذي عرفه عنها ولكن العلامات التي ظهرت على وجهه لم تكن لها معنى وسألها بعد ان خف هدير المحرك جزئياً:
- هل اعلن عن هذه الوظيفة في بريطانيا؟.
مع أن الأمر لا يعنيه، ولكن ليزا شعرت في قرارة نفسها وهذا الشعور قد لازمها منذ ان تعرفت عليه، بأنها مجبرة على أن تبوح له بكل شيء، فأجابت:
- في الحقيقة، انه لم يعلن على مثل هذه الوظيفة في بريطانيا، لكن ومن حسن الصدف انني كنت في حديقة سان جايمس عندما كان مدير عام هذا الفندق الذي سانزل فيه، يمارس رياضة الهرولة، فيماكنت انا أمارسها ايضاً، فتعرفت عليه هناك وسألني عن طبيعة مهنتي.
- وهل عرض عليك الوظيفة في الحال؟.
- لا، انما بعد ان قام بعدة زيارات للنادي الذي اعمل فيه وسأل عني هناك.
- وهذه العلاجات تكلف غالياً، اليس كذلك؟.
- لا، خاصة وان نتائجها مضمونة وجيدة.
بدأت في تلك الاثناء الطائرة تسير بسرعة على مدرج المطار إلى أن اقلعت، فأسندت ليزا رأسها على المقعد وفي قلبها خوف شديد وكأنها لا تثق بهذا النوع من الطائرات البدائية والتي تطير بمروحيتين.
مع ذلك، اقلعت الطائرة بطريقة اسهل مما كانت تتوقع، فنظرت من النافذة وقد اصبحت الطائرة فوق البحر بعلو لا يتجاوز يضع مئات القدام، ووجدت البحر يتلألأ تحت أشعة الشمس بلونه الأزرق المتموج، اعجبها هذا المنظر المتقطع النظير وقد ملأ نفسها انتعاشاً، فهي لم تتوقع ابداً بأنه سيكتب لها في يوم من الايام ان تزور هذا الجزء من العالم.
كان الرجل الذي إلى جانبها غارق في الصمت وكأنه يفكر في مسألة يصعب حلها، عندما نظرت اليه ليزا بسرعة وحولت نظرها بعد ذلك الى النافذة، وتساءلت في نفسها من يكون هذا الرجل الذي عرف الكثير عنها دون أن تعرف شيئاً عنه.
------------------------------------
لكن ذلك لم يثر اهتمامها كثيراً في الواقع، فمعها يكن ، هي في حالها وهي في حاله، وبقي صامتاً طوال الرحلة الى ان بدأت الطائرة بالهبوط في أرض المطار، فانشغلت ليزا بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تمكنت من رؤيتها من النافذة وادهشتها روعة التلال الصغيرة، والشواطئ الرملية الحالمة، فأدركت بأنها ستحب هذه الجزيرة الهادئة.
وقف الرجل عندما حطت الطائرة في أرض المطار، وتناول حقيبته وحقيبة يدها من الخزانة الصغيرة فوق رأسيهما، ثم ناولها حقيبتها.
اخذت ليزا الحقيبة من يده وقالت:
- شكراً لك.
ابتسم بمكر وادركت انه منذ ان عرف حقيقة ماجاءت من اجله إلى هذه الجزيرة، قد غير بتصرفاته معها فماذا هناك ياترى؟ على اية حال، لقد علمتها التجارب في هذه الحياة الا تنخدع بمظاهر الأمور لأنها في أكثر الاحيان تكون كاذبة، ففي تقديرها ان البشر هم جميعهم متشابهون، فقراء كانوا ام اغنياء.
خرجا من الطائرة ومشيا في ممر قصير المسافة يؤدي الى مبنى حديث العهد فدخلت اليه مع بقية الركاب وبعد أن دقق الموظف بجواز سفرها توجهت رأساً إلى المكان المخصص لاستلام الحقائب، اما الرجل الذي كان برفقتها، فقد توجه إلى مكان آخر واختفى عن انظارها ، فقالت في نفسها آمل أن لا اراه مرة اخرى.
أخذت تتوالى وصول حقائب المسافرين ببطء شديد وطال انتظارها، فلما عاد ذلك الرجل مجدداً سألته عن سبب تأخر وصول الحقائب، وفيما اذا كان مثل هذا الامر يحدث دائماً، فكان جوابه لها:
- هذا هو الحال في الكاريبي، وماعليك سوى ان تتقبلي الوضع كما هو او ان تضعي جناحين وتسبقي الجميع.
ضحكت ليزا وقالت:
- اعتقد انني سأتقبل الوضع كما هو، كما وانه سيكون تغيراً لطيفاً بالنسبة إلي.
- نعم وطالما انك لن تواجهي امراً طارئاً وملحاً ، عندها اعتقد انك لن تتقبلي الوضع على ماهو.
اما بالنسبة إلى ليزا، فهي لا تعتقد انها قد تواجه امراً ضرورياً يضطرها إلى التحرك بسرعة، وماعليها في الوقت هذا سوى ان تتأقلم مع نمط الحياة في الكاريبي على ماهي عليه من عدم سرعة واندفاع كما هي عادتها في بريطانيا.
وجدت اخيراً حقيبتي سفرها اللتين كانتا ثقيلتا الوزن، ولم تجد حمالاً يساعدها على حملهما إلى خارج المطار، فأخذت تجرهما بجهد في اتجاه موقف سيارة الأجرة.
تقدم منها الرجل وقد وجدها تعاني المرين من جر هذه الحمولة الثقيلة وقال:
- سأحملها لك فهناك سيارة تنتظرني.
اسرعت ليزا تقول له مؤكدة :
- هذا غير مهم، ويمكنني ان أتدبر حملها بنفسي، شكراً لك على اية حال.
أجابها بجفاف:
- ان هذه الحمولة قد تسبب لك آلاماً في ظهرك، كما أنها لا تستحق منك هذه المخاطرة على اية حال فأنا ذاهب ايضاً الى فندق رويال.
قال متسائلة:
- اعتقد بأني سمعتك تقول انك تعيش هنا.
--------------------------------
- نعم وذلك لفترة من الوقت ، لكن عندما اجيء إلى هنا، اعيش في فندق رويال.
قالت ليزا في نفسها، هذا يعني انه نزيل دائم في ذلك الفندق الفخم وان هذا يوضح سبب اهتمامه بالوظيفة التي اوكلت إلي.
- يمكنني أن استقل اية سيارة اجرة.
قالت له ذلك وهي لا تريد أن تشعر بأنها مجبرة على الانصياع لإرادته.
- ان تعرفة سيارة الاجرة هنا باهظة الثمن ونادراً ما تجدين من يطلب تعرفة مقبولة .
- انني لست معدمة الى هذا الحد، ويمكنني ان اتحمل اية تعرفة قد تطلب مني.
اجابها دون ان يدل في نبرة صوته اعتذراً للإهانة التي وجهها إليها:
- لا اعتقد انك ستكونين مضطرة لذلك خاصة واننا متجهان إلى نفس الفندق، فاقبلي هذا العرض مني بشكر وامتنان لي.
لم يسع لليزا سوى ان تقبل عرضه رغماً عنها وهي تشعر بالاشمئزاز من اصراره على ملاحقتها وملازمتها طوال الوقت، حمل حقائبها بخفة ومشى امامها وكأنه يرشدها على الطريق الذي عليها ان تسلكه.
كانت السيارة التي تنتظرهما حديثة الطراز وسائقها شاب هندي، رحب بهما بابتسامة واسعة وكأنه يعرفهما من قبل، ولاحظت ان سيارات اخرى مثل هذه السيارة كانت تتوقف لنقل الركاب إلى قلب الجزيرة وكلها من نفس النوع واللون مايدل على انها الوسيلة المعتمدة والعامة لنقل الناس.
سألته عند ذلك بفضول:
- اليس معك حقائب غير تلك الحقيبة اليدوية؟.
اجابها:
- اسافر عادة بحمولة حفيفة، آه لم اعرفك بنفسي، انني برت ساندرسون.
قالت:
- كما انني ليزا رنشو، انك في غاية اللطف ايها السيد ساندرسون.
مال برأسه ياستخفاف وقال:
- كما قلت لك، انني ذاهب إلى نفس الفندق الذي تنزلين فيه، والفندق يقع فوق تلة كما أن اقرب شاطئ اليه يبعد عنه بضعة اميال ومن المهم ان تعرفي ان اجمل بقعة على هذه الجزيرة ، هو ميناء شارلوت امالي ويقصده السواح من جميع الجهات، ويعرف بأنه من بين افضل اربع مرافئ في العالم خاصة عندما يحل الظلام.
تذكرت ليزا انها كانت قد قرأت منذ بضع اسابيع في كتاب دليل السائح باهتمام بالغ عن هذا المرفأ، وستشاهده هذه الليلة لأول مرة وطبعاً لعدة ليال اخرى.
أخذت السيارة تشق طريقها بهما صعوداً في اتجاه الفندق الذي يقع فوق التلة كما قال برت، وكان بامكانها ان تتعرف إلى الاماكن التي يمران بها وذلك لأنها كانت قد حفظتها من كتاب دليل السائح ومنها: الأبنية التي تواجه البحر، والسد الضخم والمنيع الذي حمي قديماً سكان هذه الجزيرة من الغزاة، ومن أمامها وفوق احدى التلال يقع فندق وقصر بلوبيرد الذي كتبت عنه الاساطير بأنه كان ملجأ قراصنة البحر، ثم لاح لها بعد ذلك وعلى تلة اعلى من الأخريات فندق رويال الفخم بين احضان الطبيعة الخضراء.
-----------------------------------
انحرفت السيارة إلى مجاز ضيق ثم وصلت بعد عدة دقائق الى بوابة تؤدي الى مساحات واسعة من الازهار الجميلة والشجيرات، يطل منها منحوتتان لحيوانين مفترسين وكأنهما يحرسان تلك المساحات من اي عدو غادر.
قال برت ساندرسون وقد لاحظ ليزا تلتفت لتنظر إلى المنحوتتين :
- انهما لحيوان النمس، سوف تشاهدين الكثير منها في اماكن اخرى، كذلك ولو بقيت عينيك مفتوحتين جيداً، ستشاهدين منحوتات لحيوانات الأغوانة التي تعرف بضخامة شكلها وبأنها اكلة للأعشاب، مع ذلك اعتقد ان افضل الاماكن لمشاهدتها، هي حول شاطئ لمتري.
وصلا اخيراً إلى الفندق فدخلت بهما السيارة في المدخل الخاص لتقف بعد ذلك في فنائه، فترجلت ليزا من السيارة ، وقد اخذت تماماً بروعة المشهد امامها.
كان الفندق يطل على ذلك المرفأ الذي تحدث عنه برت ، بينما كانت الجزر العديدة تتناثر في البحر هنا وهناك. كان بامكانها ان ترى ايضاً ثلاث مراكب كبيرة وقد ربطت بجبال متينة برصيف المرفأ شمالاً وكان يوجد عدد لا يستهان به من المراكب الصغيرة، وكانت بعض الغيوم الصغيرة تتماوج في الافق بفعل الجو الحار،ونقل لها الهواء رائحة زهر الخبيزة والياسمين فانتعشت وابتهجت نفسها.
فقالت وهي لا تستطيع ان تخفي اعجابها:
- ماراه الآن اكثر بكثير مماقرأت وشاهدت من صور في كتاب دليل السائح واكاد لا اصدق بأن مااشاهده حقيقة.
قال برت مؤكداً:
- ماتشاهدينه ليس حلماً، بل حقيقة مع ذلك اعتقد لو شاهدت هذا المكان منذ بضع سنوات، عندما شن هوغو هجوماً عليه، لكنت اعتقد انك تعانين من كابوس ما.
اخذت ليزا تنظر الى الحجر الذي استعمل لبناء الفندق ثم قالت:
- لا ارى اية خسائر ظاهرة في مبنى الفندق.
- ذلك لأنه اعيد بناؤه من جديد بعد عام من تلك الحادثة، كما أن الجزيرة بأكلمها لم تسلم منذ ذلك الاعتداء المدفعي.
نقل السائق في تلك الاثناء حقائبها ووضعها عند باب الفندق فخرج عند ذلك من الفندق شاب يرتدي سروالاً ابيض وقميصاً صفراء، وحمل الحقائب وهو يبتسم مرحباً بهما.
- سأنقلهما لك سيدتي إلى قسم الاستعلامات.
قال ذلك واسرع بالدخول إلى الفندق قبل أن تتمكن ليزا من الاعتراض.
دفع برت ساندرسون لسائق الاجرة المبلغ المطلوب، وتقدم منها ليقول لها مشيراً:
- هيا بنا ندخل الآن.
بما انها ستكون موظفة في هذا الفندق، فلا من داع لكي تسجل اسمها في مكتب الاستعلامات مثل اية نزيلة او نزيل آخر، هذا مافكرت فيه ليزا، كما ان برت ومن دون شك سيرشدها إلى مكتب الادارة عندما يصبحا داخل الفندق.
كانت ردهة فندق رويال بغاية الفخامة والذوق ، فقد كانت ارضها من الرخام الخالص، وفيها اثاث دل من نوعيته انه باهظ الثمن وتدلت من السقف مراوح كهربائية.
تأملت ليزا كل ذلك باعجاب ودهشة ثم ابتسمت عندما وجدت رجلاً يتقدم نحوهما، انه غاري كونواي، في الثانية والاربعين من عمره تقريباً، ومدير عام فندق رويال الفخم والذي كان السبب الرئيس لوجودها في هذه الجزيرة.
رحبت به قائلة:
- مرحباً ، هاقد وصلت اخيراً.
------------------------
- عظيم.
قال غاري لليزا ثم حول نظره إلى برت وبدت على ملامح وجهه عدم الارتياح ثم قال له:
- لم نكن نتوقع قدومك في هذا اليوم يابرت.
قال برت بنبرة باردة:
- لقد غيرت رأيي وحضرت اليوم، على فكرة هل حصلنا على معالجة فيزيائية؟.
اجابه غاري:
- الم تكن فكرتك من الاساس؟.
قال برت:
- وهل من الضرورة ان تسافر الى بريطانيا لتفتش عنها؟.
- لا، انما حدث وانني كنت بحاجة الى بعض العلاجات بينما كنت هناك فسمعت بأن ليزا هي من يسند اليه هذه المهمة كما انني علمت بأنها من امهر الاخصائيات على الاطلاق.
كانت ليزا في تلك الاثناء تنتقل بنظراتها بين الاثنين وهي في حيرة من امرها ثم قالت :
- آسفة ، لكنني اعتقد ان هناك امراً لم اعرفه بعد.
ظهرت على ملامح وجه غاري الدهشة والاستغراب وقال:
- اعتقدت انك تعرفينه، انه برت ، السيد ساندرسون مالك فندق رويال.
-----------------------------



التعديل الأخير تم بواسطة samahss ; 22-02-17 الساعة 12:09 AM
samahss غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس