عرض مشاركة واحدة
قديم 08-02-17, 01:26 AM   #3

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الأول
أخذت ستيفاني تفكر بذعر , و قلبها يخفق , أنها مازالت غير مستعدة . كانت تنزل من الطائرة الصغيرة ذات المروحتين ليستقبلها نهار استرالي متألق . أخذت تجيل بصرها في الأرض و الفضاء التي تحيط بالمطار الصغير بينما ترامت وراءها مدينة صغيرة . وبللت شفتيها بلسانها و هي تشعر بخفقات قلبها تتعالى . ما الذي تفعله هنا في مدينة أديلايد في المنطقة الشمالية ؟ هل فقدت عقلها ؟ و لكن , أترى فات الأوان لتغير رأيها ؟
ورفعت يدها تسوي من شعرها الأشقر العسلي و الذي ينحدر إلى كتفيها , وقد اتسعت عيناها الزرقاوان , كما أدهشها أن تشعر بأصابعها ترتجف . فأخذت تتنفس بعنف و هي تعود فتنظر حولها مرة أخرى و كأنما تلتمس مهرباً في هذه المناظر المجدبة . ما كان لها أن تستجيب لذلك . و في الواقع , ما هو الخيار الذي كان أمامها ؟ إن شيئاً لم يتغير . كان عليها طبعاً أن تستجيب , فهذا مجرد إجراء عملي محض و غاية في البساطة , وهي في أشد الحاجة إلى المال لأجل جدتها .
و مشت إلى حيث يقوم مركز التوصيل الكهربائي تنشد شيئاً من الظل يقيها من أشعة الشمس , مجتازة رجلاً كان يستند إلى جدار المركز , دون أن تلقي عليه نظرة , فقد كانت أفكارها تبعد عنه آلاف الأميال . و تساءلت مت سيأتي أحد ما لأخذها . وإلى متى بإمكانها أن تحتفظ بهدوء أعصابها .
و جاءها صوت قوي من خلف كتفها اليمنى يسأل :" ستيفاني آرثر "
استدارت لتجد ذلك الرجل الطويل القامة المتين البنية الذي كان مستنداً إلى الجدار القديم , لتجده يمعن النظر فيها من تحت حافة قبعته العريضة . فأخذت تتأمل كتفيه العريضتين , وعنقه البارز من خلال فتحة قميصه الأزرق . ونظرت إلى ذراعيه المفتولتين المعقودتين فوق صدره , و قد رفع كميّ قميصه , وساقيه الطويلتين في البنطال الذي علاه التراب , ثم عادت فرفعت بصرها لتلتقيا بعينيه , و من ثم شعرت بالدوار يتملكها .
سألها :" هل أنت ستيفاني آرثر ؟"
أجابت و هي تتقدم فتقف أمامه :" نعم , أنا ستيفاني آرثر ." سعرت بالسرور لارتدائها ذلك البنطال الكحلي اللون و القميص الأبيض ذا الكشاكش , ما أسبغ على مظهرها لمسة أنثوية , و بالسرور لتسريح شعرها قبل نزولها من الطائرة .....فانسدل في تجعدات طبيعية حول كتفيها .
فقال بلهجة متكاسلة :" إنني ألبرت دوغلاس . لم أكن واثقاً من حضورك ."
فنظرت ستيفاني في عينيه الرماديتين الصافيتين , و لون بشرته الذي لوحته شمس استراليا فأصبح برونزياً . لقد فتنها للتو تألق عينيه و سمرة وجهه و سواد شعره , وكان صوته عميقاً قوياً رائعاً بلهجته الاسترالية .
وتساءلت ستيفاني , للحظة قصيرة , عما إذا كان فاتها شيء لك تلحظه . و هزت رأسها تدفع بذلك , الاضطراب الذي اعتراها . هل هذا هو ألبت دوغلاس ؟ هذا الرجل الصلب الحازم الواثق من نفسه الذي يقف أمامها , و الذي ينضح قوة و جاذبية ؟ لم يكن كما تصورته قط . لقد كانت عمته على صواب و هي تخبرها أنه حسن المظهر ......لقد كان رائعاً حقاً .
فقالت تجيبه بذهن مشتت :" و لكنني سبق أن قلت بأنني سأحضر ." مدّ يده إليها ليصافحها , فترددت لحظة قبل أن تمسك يده القوية . وكانت أصابعه متينة صلبة دافئة . تدافعت خفقات قلبها , وتراجعت خطوة إلى الوراء بعصبية . وكادت تجذب يدها من يده و تفر هاربة من تلك المغناطيسية المنبثقة من عينيه , وتلك الجاذبية التي لم تتوقعها , حتى مع مايكل , لم تكن تشعر بنفسها أنثى , كما أنها لم يسبق أن تأثرت بوسامة رجل من قبل . لا يمكن أن تتزوج هذا الرجل , فهو سيسيطر عليها في غضون ساعة واحدة.
مع أنها كانت طويلة القامة , فقد كان ألبرت دوغلاس يزيدها طولاً بكثير . لقد كان طوله فوق الستة أقدام , و لم يكن عرض كتفيه ليقلل من طوله هذا . و كانت قبعته القش تكاد تغطي نصف وجهه تظلله من أشعة الشمس .
و لكن كان بإمكانها أن ترى عينيه , تتأملانها بإمعان , ما أرسل في كيانها رجفة غريبة .
لقد داخلها الخوف عندما التقت عيناها بعينيه , و ساورها الاضطراب . و أخذ هو يمعن النظر فيها بعينين ضيقتين فتمنت لو كانت مرتدية ثوباً و ليس بنطالاً . و أنها أحسنت زينة وجهها هذا الصباح.
قال لها بينما كان يتأملها باهتمام : "إنك لست كما توقعت ."ودون أن تظهر عليه أي إشارة إلى نوع تفكيره , استقام في وقفته , و استدار متجهاً نحو الطائرة بخطوات متراخية متعجرفة و كأنه يملك المنطقة بأكملها , و هو يقول : " سنأخذ أمتعتك ثم نتناول بعض الطعام . مازال أمامنا ساعة أخرى قبل أن نصل إلى البيت ."
تبعته ستيفاني و هي تتمنى لو كانت وضعت نظارات شمسية تظلل عينيها من أشعة الشمس القوية, كما تحميها نوعاً ما من نظرات هذا الرجل النفاذة . و أسرعت في خطواتها لكي تلحق به .
وجدت نفسها تسأله :" و ما الذي كنت تتوقعه ؟"
أتراه أصيب بخيبة أمل ؟ و أنه سيغير رأيه و يبطل اتفاقهما ؟ أم مازال مهتماً بمتابعة الأمر ؟
أتراها حماقة منهما أن يعقدا زواجاً يقوم على المصلحة المادية في عصر كهذا ؟ و هل يتوقع منها أحد أن تستمر في الطريق ؟ ولكنها , مع ذلك , لم تشأ له أن يغير رأيه .
فهز كتفيه وهو يسحب من خلف الطائرة حقائبها , ثم يجيبها عابساً :" لم أتوقع أن أجدك بهذا الجمال ."
فتملكتها الدهشة و لم يبد ِ عليه أنه لاحظ انعقاد لسانها كفتاة صغيرة و هو يتجه بها نحو شاحنة صدئة مغبرة . أكان هذا مديحاً لها ؟ لم يكن يبدو أن هذه الحقيقة أعجبته . ولاحظ ترددها و هو يشير نحو العربة , فقال :" لسوء الحظ من الصعب المحافظة على نظافة أي شيء عندما تهب عواصف الغبار لهذا أستعمل هذه في أنحاء المزرعة و على الطرقات . و لهذا تبدو لك في أسوأ مظاهرها , ولكنه نظيفة في الداخل ."
فأومأت موافقة و هي تنظر إليه يلقي بحقائبها بكل سهولة , في الخلف من الشاحنة , متسائلة عما إذا كان يسأل نفسه الآن عما جعله يرسل إلى آخر العالم طالباً عروساً لم يسبق له أن رآها قط . ذلك أنها , حسب ما رأت منه , قد أدركت أن بإمكانه الحصول على زوجة بكل سهولة . بل إن الصعوبة هي أن يتمكن من إبعاد النساء عنه .
كان شكله مليئاً بالحيوية , و تصرفاته واثقة حازمة , ربما سيغير رأيه بعد أن رآها . و تمنت بكل لهفة أن لا يحدث هذا , إنما لم يكن لحصتها في الميراث أثر في هذه اللهفة . و ساعدها على الصعود إلى الشاحنة , وعندما صعد هو إلى مقعده , استدار يتفرس فيها , فبادلتها نظراته برصانة كي لا يلحظ الحرارة التي سرت في كيانها أو تسارع خفقات قلبها , وقال لها :" هنالك مكان صغير لطيف في المدينة يقدم الطعام . سنتناول الغداء فيه بينما نتحدث عن أمورنا قبل أن نتوجه إلى المزرعة ."
فقالت :" هذا جميل يا .......ألبرت ." و سرّها الطريقة العفوية التي نطقت فيه باسمه , وأنّ صوتها لم يتهدج فيفضح توترها . كانت خائفة من أن تتحطم آمالها . لم تكن تريده أن يدرك مقدار ما تشعر به من ارتباك , ولا عدم الثقة بالنفس المفاجئ الذي تملكها ,وكل ما يعتمل في نفسها .
التوت شفتاه بنصف ابتسامة و هو يتحرك بالسيارة . لقد أدرك ما يعتمل في نفسها .
أخذت تنظر حولها بلهفة و السيارة تمر بهما في شوارع المدينة , مستمتعة بكل ما تراه . كان هنالك شارع واحد رئيسي ذو رصيفين , ولكن التراب كان من الكثافة بحيث بدا كطريق قذر . و كان يحد الشارع عدة محلات و متاجر , كما كان هناك بناية بأكملها . و لمحت عدة بيوت إلى جانبي الشارع أضفت عليه الحدائق التي تحيط بها ألواناً بهيجة و بالإجمال , كانت أديلايد مجرد مدينة صغيرة عادية .
أوقف ألبت العربة أمام مقهى صغير يدعى شتراوس , و كان ممتلئاً تقريباً بالزبائن , ما عدا مائدة أو اثنتين , فاتجه بها إلى واحدة منهما في مؤخرة المكان حيث يمكنهما أن يكونا على انفراد نوعاً ما . وكان أثناء مروره يحني رأسه للبعض , ويرد تحية البعض الآخر دون أن يتوقف ليتكلم معهم أو يقدمهما إليهم .
وعندما استقر بهما المقام , أخذت ستيفاني تتفحص المكان حولها , وقد انسدل شعرها الأشقر على وجنتيها يبعد عنها نظرات ألبت التي كانت تحدث فيها تأثيراً لم تحدثه نظرات رجل آخر من قبل . كانت تريد أن تجد فرصة تتنفس فيها .
و جاء النادل ليسجل طلباتهما حيث أخذ ألبرت يثرثر معه بعض الوقت , كما أنه لم يقدمها إليه ما قوى من اعتقاد ستيفاني بأنه غيّر رأيه بالنسبة إليها , ذلك أن الناس لن تثرثر فيما لو أعادها إلى بلدها دون أن يعرفها أحد أو يعرف سبب مجيئها .
و نظرت إليه و هو يبلغ النادل ما يريدان , وهي تتساءل عما إذا كان قد أخبر الناس بأمرهما , أترى يعلم الجميع أنه أرسل إلى أميركا يطلب عروساً لم يسبق أن عرفها من قبل ؟
وكان هو , في هذه الأثناء , يطلب من النادل أن يحضر لهما فطائر باللحم و بطاطا مقلية , وذلك دون أن يأخذ رأيها في ما تريد أن تأكل. فرمقته بنظرة حادة و هي تتساءل عما إذا كان يتصرف دوماً بمثل هذه الثقة بالنفس و بالآخرين . إذا كان الأمر كذلك فما الذي جعله يقبل بمثل هذا الزواج المدبر , حتى و لو كان زواج مصلحة ؟ إنه لا يبدو من أولئك الرجال الذين يجعلهم الآخرون يقومون بشيء لا يريدونه هم . و عاد النادل بأطباق الطعام بسرعة , وكانت هي تشعر بالسرور للصمت الذي ساد بينهما , فصممت على أن لا تكون البادئة باختراقه .
وعندما أخذا في تناول الطعام , سألها ألبرت :" هل كانت رحلتك مريحة ؟ "
فرفعت نظراتها إليه , شاعرة بتأثير شخصيته الطاغية لم يؤثر عليها رجل من قبل بمثل هذه القوة . وسحبت نفساً عميقاً في محاولة لامتلاك أعصابها . لقد اختارت بنفسها هذا الوضع و ستستمر فيه و لو كان في ذلك هلاكها .
وأجابته قائلة :" نعم , شكراً . وشكراً لك لإرسالك لي تذكرة السفر " و اعتدلت في جلستها و هي تنظر إليه مفكرة و قد سرها أن وجدت صوتها هادئاً قوياً . فأومأ برأسه و هو يحدق فيها قائلاً و قد ضاقت عيناه : " إن الوضع محرج , أليس كذلك ؟"
فاحمرت وجنتاها و لكنها لم تشأ أن تتظاهر بعدم الفهم , فأجابت :" نعم...إنني غير واثقة ...."
فقاطعها قائلاً :" إنني أنا أيضاً لست واثقاً تماماً في الواقع . كنت أظن أن الأميركيين يتصفون بشخصية بالغة الاستقلال , ومع هذا أراك مستعدة للزواج من رجل حال اللقاء به ."
فأدارت بصرها حولها , لا تعرف بماذا تجيب , فهي لم تتوقع مثل هذا الكلام الصريح , فقد كانت ترجو أن يأتي على ذكر هذا بشيء من الكياسة . وأخيراً , عادت تنظر إليه , ثم قالت :" إنني بحاجة إلى المال الذي سأحصل عليه بالزواج منك . كما أن فكرة كوني أماً لفتاة صغيرة بحاجة إليّ كانت فكرة مغرية تماماً و قد وضعت في حسابي أنني قد أصادف أشياء غاية في السوء
فقال :" آه إذن , فأنت ترين بأنني لست أفضل من الموت بكثير ."
لم تكن تقصد إهانته , فقالت متلعثمة :" أنا ......إنني أريد أن أشعر بأن ثمة حاجة إليّ ."
فأومأ برأسه و كأنه فهم ما تعنيه ,وقال :" إنني و سارة بحاجة إليك فعلاً . إذن فليست القضية قضية مال فقط ؟" وتضمن سؤاله هنا شيئاً من عدم التصديق .
فقالت :" كلا . رغم أن رفض ذلك المبلغ من المال هو , بصراحة شيء صعب على أي إنسان ."
وابتسمت بعصبية فبدت على إحدى وجنتيها غمازة جذابة ثم عادت إلى رصانتها مرة أخرى لتقول :" إن المال ضروري بالنسبة إليّ لكي أتابع علاج جدتي . وأعتقد أنني كتبت إليك عن مرضها الشديد ."
فقال :" هذا يفسر العجلة في امتلاك المال . ما هو رأيها في قدومك إلى هنا ؟ "
فأجابت :" إنها مسرورة لأجلي , فقد كانت هي و عمتك كاثرين صديقتين حميمتين مدة طويلة , فهي تشعر أنها تعرفك , كما أنها أحبت فكرة أن أكون أماً للطفلة . وقد طلبت مني إرسال صورة لها ."
كانت تتحدث شاعرة بالشوق إلى جدتها , ذلك أنها الوحيدة التي عرفت عندها الاستقرار , بعد حياة طويلة حافلة بالتنقل من مكان إلى آخر .
قال لها :" أظن أن علي أن أزيدك معرفة بالوضع ." ومال إلى الخلف و هو يحدق فيها , بينما كان يقول :" إن جدي يعيش معي في المنزل . وعندما مات أخي إدي وزوجته كلير , جاءت ابنتهما الصغيرة سارة لتعيش معنا , وجداها الآخران , والدا كلير يطالبان الآن بحضانتها . وكان إدي قد طلب مني أن أكون حاضناً لها , وأنا أريد أن أربي ابنته و لكن الطفلة بحاجة إلى أم . فالمحكمة تطلب لها بيتاً حقيقياً مستقراً , فإذا لم أستطع توفيره لها , فستسلم حضانتها إلى والدي كلير ."
فأومأت برأسها متفهمة . إن لدى ألبرت أسباباً للزواج أكثر من مجرد الحصول على نصف الإرث , فقد كان مستقبل الطفلة في خطر . وهذا يجعل زواجهما أقل مادية و بروداً . و عاد هو يقول :" ولكنني لا أريد حلاً مؤقتاً . فإذا كنت مصممة على الزواج لكي تحصلي على إرثك , ثم تبتعدي , فانسي هذا الأمر . فأنا أريد من يعتني بسارة إلى أن تكبر على الأقل . إنني أريد حلاً دائماً " أومأت ستيفاني برأسها وقد اتسعت عيناها فهي لم تبتعد بأفكاره كثيراً إلى ما بعد الزواج , فهو طبعاً يريد علاقة ثابتة مستقرة لأجل الطفلة , وهي لا تريد أن تعرض الطفلة سارة إلى نفس الحياة القلقة الممزقة التي مرت هي نفسها بها من قبل , وسحبت نفساً عميقاً و هي ترى نفسها تلتزم بهذا الأمر لعشرين سنة على الأقل . وشعرت بنفسها مغلوبة على أمرها , ولكن لم تجد أمامها أي حل آخر تتبعه .
قالت تجيبه :" إنني لم أوافق على القدوم إلى هنا لأتزوج لعدة أيام فقط , ثم أرحل . فقد وضعت كل ما أملكه في الشحن إلى هنا و حقائبي هذه ما هي إلا جزء منها , فأنا لست هنا لأمضي مدة قصيرة فقط ." كانت تتحدث بحزم و ثبات , و قد بان التصميم في عينيها الزرقاوين , ذلك أنها قد كرست مستقبلها في سبيل أن تعين جدتها على الشفاء . وهي ستلتزم بما صممت عليه.
أخذ هو يتفرس فيها لحظة طويلة , كانت نظراته أثناءها تخترق أعماقها , ثم قال:" عندما تزوج إدي من كلير , لم أكن أنا أريد الزواج , فقد فكرت في أنهما سيتكفلان بإنجاب أولاد يرثون الأملاك , ولكن رأيي هذا تغير بعد الحادثة . إن سارة بحاجة إلى امرأة إلى أم , ة لأجلها سأحضر أماً "
فأضافت :" ولأجل المال أيضاً "
فأجاب متهكماً :" طبعاً فهو مبلغ أكبر من أن يرده أحد."
فأومأت برأسها ذلك أنها عرفت ذلك قبل مجيئها . ليس بالنسبة لجده الذي يعيش معهم , وإنما بالنسبة للبقية , وقالت :" سأحاول جهدي بأن أكون أماً صالحة ."
فتابع و هو ينظر في عينيها مباشرة :" وعليك أن تعلمي , منذ الآن أنني لا أثق بالحب فهو من خيالات الشعراء التافهة . لهذا لا أرى من العدل أن أتزوج امرأة ربما تهتم بي أكثر مما أهتم أنا بها , إذ تتصور نفسها غارقة في الحب معي , أو أن تتخيل قضاء أمسيات شاعرية معي . إن زواجنا سيكون زواج مصلحة فقط لا غير ."
فعادت تومئ برأسها و هي لا تتمالك نفسها من سؤاله , إذ كانت ما تزال حائرة من ذلك الإرث الذي تركته عمته كاثرين له و لها بشرط أن يتزوجا . سألته قائلة :" هل تعرف سبب وضع عمتك لمثل تلك الوصية ؟ "
فأجاب :" لقد كانت عمتي كاثرين تحب دائماً أن تتوسط في الزواج , حتى في كاليفورنيا . وهكذا كانت زكتك لي إلى درجة بالغة ." وابتسم بشيء من السخرية ثم تابع يقول :" إنني أعلم أنك تحبين الحياة الهادئة , وتعرفين شيئاً عن المواشي بحكم عملك كمحاسبة في مؤسسة لتربية المواشي في كاليفورنيا , وأنك لا تحبين التبذير و الإسراف, و أنك طاهية ماهرة و ربة منزل قادرة وسكت و قد بدا على وجه ستيفاني . كانت تحملق فيه قائلة :" و لكنني لم أتلق تزكية عنك ,و أظن من الأفضل أن تذكر صفاتك الجيدة قبل أن نذهب بعيداً في هذا الأمر ."
فقال بصراحة :" اسمعي . دعينا نتحدث بوضوح . ما كنا لنتزوج لولا رغبة عمتي كاثرين . أليس كذلك ؟ و هذه الوصية ستحقق شيئاً يرغبه كل منا , نحن الاثنين . فأنت ستحصلين على المال الذي سيساعد في علاج جدتك , وأنا سأحصل على أم لسارة , وطالما نتذكر ذلك , فسنتمكن من إتمام هذه الاتفاقية , وكل شيء بعد ذلك سيسير في طريق النجاح."
فقالت بحدة :" يبدو لي أن بذكر دوام الأمر تريد أكثر من مجرد إتمام هذه الاتفاقية . فقد سبق و تحدث عن حل دائم."
فانحنى فوق المائدة , وقال :" إن أسرتي لم تتعود زواجاً دائماً بين أفرادها . فجدتي توفيت شابة , وأمي هجرت أبي عندما كان إدي رضيعاً , وكلير تركت إدي قبل أن يقتلا معاً بذلك الحادث . و أنا الآن أريد أن أخالف هذا الاتجاه , فأنا أريد لزواجنا هذا أن يموت أحدنا بعد انتهاء عمره , هل هذا مفهوم؟"
أجابت :" تماماً " و لكن قشعريرة سرت في كيانها . كانت تريد أن تبقى و لكن ماذا لو كانت مثل أمها ينقصها الثبات في العلاقات ؟ و تابعت تقول :" إني لن أجعل لك عذراً لإنهاء هذه العلاقة , فهل بإمكانك التعهد بنفس الشيء ؟ "
قال :" وأنا بالمثل , لن أجعل لك عذراً لذلك ."
قالت بصوت بدا عذباً رقيقاً بالنسبة إلى لهجته الاسترالية الجافة :" أظن في اجتيازي كل تلك المسافة من كاليفورنيا ما يشكل التزاماً كاملاً مني بهذا الاتفاق ." كانت تريده أن يثق بأنها متمسكة بالناحية العملية من اتفاقهما . قال :" هذا عظيم , لقد قمت أنا بإجراءات الزواج , و يمكننا أن نتزوج عصر هذا اليوم ."
تساءلت عما إذا كان تسارع خفقات قلبها قد أصبح عادة مزمنة عندها , ذلك أنها عدت تتسارع الآن بعد سماعها كلمات ألبرت صحيح أنها قد تعهدت بالزواج منه و أنه لم يعد ثمة موجب للتأخير , و لكنها كانت قد فكرت بأن لا بد أن يسبق ذلك بضعة أيام تتعرف فيها إليه أولاً , ولكن , ما هي نتيجة ذلك ؟ إنها كانت مصممة في الواقع على أن لا تتزوج مطلقاً , ولكن ما كان لها أن تغفل هذه الفرصة التي سنحت لها للمساعدة في علاج جدتها , و التي كانت من الأهمية بمكان , ولكنها لم تتوقع مطلقاً أن يكون زواجها حال نزولها من الطائرة , لقد كان يتحدث عن إتمام الزواج بعد دقائق , فلماذا هذه السرعة الفائقة ؟ و كأنما لاحظ ترددها و تباطؤها , فرفع حاجبيه متسائلاً :" هل هناك مشكلة ؟ "
أتراه قرأ أفكارها ؟ و هزت رأسها محاولة التظاهر بالهدوء و الثقة بالنفس و هي تقول :" ليس ثمة مشكلة , إنها الدهشة فقط لرغبتك في الزواج هذا اليوم . هل استلمت الأوراق التي كنت قد أرسلتها إليك ؟ " و كان في حقيبتها نسخة من المستند الرسمي
فأومأ قائلاً :" إن الطريق إلى المزرعة طويل و قد مضى معظم النهار الآن , ولن أتمكن من العودة إلى المدينة قبل فترة " كان يتكلم و هو يتفرس في وجهها بعينيه الرماديتين .
و تمنت لو أنه لا ينظر إليها بهذا الشكل , فقد شعرت بنفسها ضعيفة عاجزة تحت وطأة نظراته الثاقبة . و في كل مرة كان ينظر فيها إليها , كانت تشعر و كأنها على وشك أن تفقد توازنها .
و أخيراً قالت و هي تدفع عنها الشعور بخيبة الأمل إذ تراه لا يريد أن يضحي بيوم عمل في المزرعة يجيء فيه إلى المدينة لأجل العرس , عرسه هو , وقالت :" هذا سبب عملي جيد للزواج هذا اليوم " و ألقت نظرة على ثياب السفر التي كانت ترتديها ثم على ثياب العمل التي يرتديها هو . كانت تتوقع أن يكون عرسها كبقية الأعراس . و فكرت في ثوب الزفاف الأبيض الذي اشترته و أحضرته معها , هل عليها أن تذكر ذلك له ؟ ربما من الأفضل أن لا تفعل , إذ سيتبادر إلى ذهنه أنها تسعى إلى أن يكون العرس شاعرياً , بينما كان سبق و صارحها باحتقاره لهذه المشاعر .
قال :" إن لدي في المنزل سيارة يمكنك استعمالها متى شئت , يا ستيفاني , فلن تكوني مرتبطة بالمنزل على الدوام , إذا كان هذا ما يقلقك . و لكن ليس لدي وقت يسمح لي بالسفر على الدوام ذهاباً و إياباً إلى هنا , فأنا أدير المزرعة و لا يمكنني الابتعاد عنها مدة طويلة ."
فأجابت :" و أنا لم أتوقع حياة ليلية هنا , فإنّ هذه الاتفاقية بينما ستستغرق كل وقتي و اهتمامي , فلا تقلق لذلك . و أنت كنت صريحاً في رسالتك عما سأتوقعه هنا , وأنا على كل حال لم أتعود على الأضواء و السهرات ."
قال :" إنك لن تجدي ذلك هنا . لقد كانت كلير تزعج إدي بإلحاحها على الدوام لكي ينتقل إلى ملبورن , شاكية من أن ّ الحياة في المزرعة نائية تبعث على الملل ."
أتراه يقارنها بكلير ؟ و قالت له :" ما كان لك أن تتوقع هذا مني ."
فأجاب :" كلا . ولكن كلير نشأت في ملبورن ما جعلها تفضل الحياة فيها على الحياة في مزرعة المواشي هنا . هل لديك سؤال آخر قبل أن نذهب ؟ " و كان قد أنهى طعامه و تناول قبعته .
كان لدى ستيفاني ألف سؤال , ولكنها ستجد أجوبتها جميعاً بمرور الوقت . وليس بينها ما ينبغي أن يكون جوابه قبل الزواج ... الزواج ؟ و سحبت نفساً عميقاً و هي تشعر بفطيرة اللحم كالحجر في معدتها . لقد التزمت بوضعها هذا قبل أن تترك كاليفورنيا . و قد فات الآن أوان العودة عن قرارها ذاك .
وقالت :" ليس لدي أسئلة أخرى إنني مستعدة ."
بعد ذلك بساعة , كانت ستيفاني تجلس بجانب عريسها الذي اتجه بشاحنته شرقاً في الطريق المزدوج الاتجاه . كان الاحتفال بالزواج قصيراً مختصراً . و ألقت نظرة على خاتم الزواج الذهبي الذي يتألق في إصبعها شاعرة بالدهشة لشرائه لها مسبقاً , وكانت دهشتها أكبر أن وجدت قياسه مناسباً لأصبعها . كيف أمكنه أن يعرف ؟
لم يكن ذلك الاحتفال ليماثل حفلة الزفاف الفخمة التي كانا , هي ومايكل , قد خططا لها , ولكنها كانت مناسبة لتلك الاتفاقية العملية التي أبرمت بينها وبين ألبرت . و مع أنها لم تتوقع أن يكون الزواج بهذه البساطة و هذه السرعة , إلا أنها أقسمت يمين الزوجية بكل إخلاص , مصممة على أن تكون له زوجة صالحة . لم يكن الزواج هو مبتغاها , لو كان لديها الخيار , ولكنها ستريه أن بالإمكان الركون إليها والاعتماد عليها . لقد ساورها شعور ضئيل بأنها عروس للبيع .......ولكن تفكيرها بأن جدتها ستحصل من وراء هذا الزواج على أفضل علاج , جعل الأمر يستحق كل ذلك , وكان عليها أن تشعر بالسرور لحصول هذه الفرصة لها التي ستيسّر لجدتها سبيل الشفاء . فقد كانت ستيفاني تدين لجدتها بالكثير , وهي سعيدة الآن إذ أصبح بإمكانها أن تسدد بعض فضل جدتها عليها .
وانتقلت عيناها من الخاتم , لتتفرس في الرجل الجالس بجانبها ....زوجها . لقد بدا تماماً كما رأته لأول مرة منذ ساعات قليلة .. واثقاً من نفسه إلى شيء من الغطرسة . لم يكن يبدو عليه , مثلها هي , وكأن عالمه مال فجأة على محوره . طبعاً لم يحدث هذا بالنسبة إلى ألبرت , ذلك أن حياته لن تستمر كما كانت قبلاً , فقد أصبح عنده الآن من يستلم مسؤولية سارة و المنزل ليبقى هو حراً في تكريس حياته لإدارة المزرعة .
عالمها وحده هو الذي مال . كل شيء فيه قد تغيّر . وأخذت تتساءل عما أصابت في قرارها هذا . فقد هجرت كل ما ألفته لكي تبدأ حياة جديدة في استراليا مع رجل غريب . فهل ستتمكن من النجاح معه , أم أنها ستندم على هذا اليوم؟



samahss غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس