عرض مشاركة واحدة
قديم 08-02-17, 10:09 PM   #7

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس
قفزت ستيفاني من مكانها , ثم ركضت خارجة من المخزن نحو مصدر الصوت , وألبرت بجانبها , وكان آتياً من المنزل . كانت سارة تصرخ و الدموع تبلل وجنيها . و كان جون يحتضنها بشدة محاولاً تهدئتها . وسألته ستيفاني لدى وصولها :"ما الذي حدث ؟ " فاندفعت سارة نحو ستيفاني ثم تشبثت بعنقها بقوة , وبعد ذلك هدأ الصراخ وأخذت تبكي كمن يعاني ألماً .
قال جون : " لقد لسعها شيء ما , ربما نحلة ." وأمسك بقدمها وأخذ ينظر في البقعة البيضاء الصغيرة البادية في تلك القدم الملوثة بالتراب .
أخذت ستيفاني تهدهد الطفلة و هي تسرع بها نحو المطبخ , وهي تقول لها :" فلنغسل لك قدمك يا حبيبتي ثم نرى ما هناك ." وفي دقيقة واحدة كانت القدم قد غسلت وانتشل ألبرت منها الحمة الصغيرة التي كانت سببت المشكلة ,وإن يكن بكاء سارة لم يتوقف كما أنّ مكان اللسعة ظلّ أحمر اللون .
أخذت ستيفاني تمسد ظهر الطفلة تسكتها , وتمسح دموعها , ثم تمعن النظر في مكان اللسعة وهي تسأل :" هل ستتحسن حالتها ؟"
فأجاب ألبرت :" أظن ذلك . سأحضر لها مضاداً للحساسية . حاولي أنت ِ أن تجعليها تكف عن البكاء"
وغاب لحظات عاد بعدها بحبة دواء سرعان ما سحقها ثم وضعها في ملعقة وأضاف إليها بعض الماء ثم مدّ بها يده إلى الطفلة لتشربها . ولما نفرت من ذلك , أخذ يلاطفها متملقاً إلى أن ابتلعت الدواء في النهاية . وبدت أجفانها منتفخة , ولم تعلم ستيفاني ما إذا كان ذلك من البكاء أم من الحساسية التي خلّفتها اللسعة . ولكنها ما لبثت أن أخذت أنفاسها تصفر.
قالت ستيفاني تخاطب ألبرت :" إنّ حالتها تسوء , ياألبرت .أليس من الأفضل أن نعرضها على طبيب ؟"
أجاب :" إنّ أقرب طبيب هو في المدينة وهي على مسافة ساعة من هنا . أظن الدواء المضاد للحساسية سيفيدها , ولكنه بحاجة إلى بعض الوقت لتظهر فعاليته . وربما أفادها كمادات باردة ." وخامر ستيفاني شيء من الخوف لردة الفعل السريعة في جسم سارة للسع النحل . ولكن ألبرت بدا هادئاً واثقاً . فاستمدت منه القوة وهي تتناول المنشفة المبللة بالماء البارد التي قدمها لها وابتدأت تمسح وجه الطفلة وجسدها .
و في المطبخ , أجلست ستيفاني الطفلة على كرسي وابتدأت تهزها , وهي تقول لألبرت :" إننا بحاجة إلى كرسي هزاز."
فسألها بلطف :" وهل هذا علاج آخر من كاليفورنيا ؟ إنّها ستكون بخير . انتظري فقط إلى أن يسري مفعول الدواء ."
فقالت :" وإذا لم يحدث هذا ؟"
فقال :" عند ذلك نستدعي الطبيب."
فقالت :" إنّ العيش في مثل هذا المكان النائي ليس من السهولة التي كنت أظنها . فأنا لم أكن أدرك مقدار بُعد العناية الطبية ." ذلك أنهم احتاجوا إلى هذه العناية مرتين في هذا النهار . لقد كان الطبيب في كاليفورنيا لا يبعد عنهم أكثر من خمس دقائق . ولكنها لم تعد في كاليفورنيا الآن . وقال يخاطبها :" قلت أنّكِ تعلمت الإسعافات الأولية , وكذلك نحن جميعاً . إنّ بإمكاننا أن نستدعي الطبيب المتجول عند الضرورة , أو أن نذهب إلى المدينة بالسيارة ."
فتمتم جون :" يا ليت كان هذا بهذه السهولة عندما مرضت زوجتي روز , فلو كنا استطعنا إحضار طبيب إليها بسرعة , لما ماتت ."
فقال ألبرت عندما توقفت سارة عن البكاء :" ها هي ذي تتحسن ." وكأنما أعجب الطفلة ما رأته حولها من اهتمام بها , فالتصقت بصدر ستيفاني وهي تنظر إلى عمها بخجل .
قال ألبرت :" أظن الأزمة انتهت ."
قال جون وهو يخرج من الغرفة :" ما دامت الأزمة قد انتهت , فأنا ذاهب إلى المكتب . نادياني إذا شعرتما بحاجة إليّ ."
قال ألبرت عندئذ لستيفاني :" إنني بحاجة إلى أن تتعود عليّ طفلتي . لقد ابتدأت بالإجراءات القانونية التي تجعل من سارة ابنة لنا , ما يمنحها الشعور بالإستقرار إذ تدرك أننا أبواها وليس مجرد عم وعمة ." فأومأت برأسها مدركة أن ألبرت يزيد من توثيق العلاقة بها . إنّه لن يهجرها في المستقبل , ولا في أي وقت كان , كما أنّه لن يكون مثل مايكل . وجابهتها حقيقة ذلك وهي تراه يحمل الطفلة . لقد كان إلى قوته وكبر جسمه , يعاملها بكل رقة ومحبة , وتاقت نفسها فعلاً إلى تلك الرقة و المحبة . وغامت عيناها بالدموع فأشاحت بوجهها كي لا يراها . هل من الممكن أن تكون وقعت في غرام زوجها ؟ إنّها تتمنى أن لا يكون ذلك , فقد كان في منتهى الوضوح حين قال لها أنّه لا يريد أن تحبه امرأة ومن الأفضل لها أن تتذكر مايكل وخيانته .فهذا سيهدئ من أي شعور بالحب قد يساورها . وعاد ألبرت يقول :" إذن فأنتِ موافقة على أن نكون لها أباً وأماً ؟"
فأجابت بلطف وهي تحبس مشاعرها بينما فتحت الصنبور لتتدفق المياه في الحوض :" نعم . إنني موافقة ." أخذ ألبرت وستيفاني يلعبان مع سارة إلى أن حان وقت نومها . وعندما وضعتها ستيفاني في سريرها , خرج الاثنان من غرفتها مغلقين الباب خلفهما . وقال ألبرت وهما يتجهان نحو السلم :" لقد اتصلت هاتفياً بساندي بينما كنت تغسلين الأطباق وهي ستكون هنا في نهاية الأسبوع القادم ."
فقالت :" أبهذه السرعة ؟ كم ستبقى هنا ؟" وأخذت تفكر في أنّه لم يكتمل الأسبوع بعد على زواجهما , وها هما يتوقعان ضيوفاً .
أجاب :" ستمكث أسبوعاً "
وخطر لستيفاني خاطر مفاجئ , فتوقفت , ثم رفعت بصرها إلى ألبرت الذي توقف بدورها ينظر إليها مستطلعاً . وسألته :" وأين ستنام هي ؟"
أخذ يحدق فيها في عتمة القاعة وقد بان الغموض في ملامحه , فأخذ قلبها يخفق بعنف . ثم قال :" في غرفتكِ , أما أنتِ فستنامين معي في غرفتي ." وكانت نظراته تتحداها أن تقدّم حلاً آخر . ذلك أن الغرف الأخرى في المنزل لم تكن مؤثثة على الإطلاق . وهكذا لم يكن ثمة مكان آخر تنام فيه ساندي . وتابع قائلاً : من المهم جداً أن تعتقد ساندي أنّ زواجنا ثابت متين . لا أريد أن يحول حائل بيننا و بين حضانة الطفلة . فهي تتوقع أن تنامي معي . إنني آسف لحضورها السريع هذا , ولكن هذا سيحدث على كل حال سواء عاجلاً أم آجلاً."
كان كلامه منطقياً . خصوصاً إذا كان عليهم إقناع ساندي بترك سارة معهما , ولكن المنطق شيء , والواقع شيء آخر . فهي لم تستطع أن تهضم فكرة أنّه يريد منها أن تشاركه غرفته في غضون أيام قليلة .
اقترب منها ألبرت وهو يتمتم :" لقد حان الوقت لتحقيق زواجنا عملياً , يا زوجتي . ويجب أن تعلمي أنّك لي طول الحياة."
ارتجفت وهي تفكر في قوله هذا . أتراه سيمتلكها ؟ ولكنه زوجها وله الحق في ذلك , ولكن زواجهما هو زواج مصلحة وليس نتيجة حب . فلماذا تغيير الأمور ؟
وأخذ يحدق فيها بعينين ضيقتين , متأملاً ضيق تنفسها وتوهج وجنتها , والاضطراب والذعر اللذين رآهما في عينيها . ثم قال :" هل تريدين أن تنتظري إلى أن تأتي ساندي , يا ستيفي , أم تأتين إلى غرفتي الليلة ؟"
شعرت لجزء من الثانية , بأنها تريد أن ترى نتيجة كل هذا المشاعر التي تحس بها , وإلى أين تؤدي بها .
هزتها هذه الفكرة هزتها وأخافتها , فتراجعت إلى الخلف وهي تحدق فيه بذعر . ليس ثمة حب بينهما . وربما لن يكون أبداً . أنّها تحترمه وتكن له بالغ المودة . ولكن هل يكفي هذا ؟
وقالت بصوت رقيق:" كلا........بل أفضل الانتظار ." كانت تشعر بالخوف من تحقيق ذلك دون حب من أي منهما , كانت خائفة من المستقبل . وجذب هو نفساً عميقاً , ولكنه لم يجادلها في ذلك , بل أومأ بصمت , ثم تركها وتحول ينزل السلم متثاقلاً , وبقيت هي واقفة تحملق في أثره متسائلة عما إذا كانت أخطأت في تصرفها .
عندما غادرت ستيفاني الحمام تلك الليلة بعد أن مكثت مدة طويلة في الحوض المليء بالماء الدافئ , كانت تشعر بالإسترخاء والنعاس . فقد كان يوماً حافلاً . وكانت ترتدي البيجامة القطنية وقد جمعت شعرها أعلى رأسها لتحفظه من البلل .
كان ألبرت متكئاً على الجدار بجانب غرفتها , و ترددت حين رأته , ثم اتجهت إلى غرفتها ببطء وقد بدت عليها علامات الإرهاق . وعندما تلاقت أعينهما , تذكرت أول مرة رأته فيها في المطار . لم يكن يرتدي قبعة الآن وكان شعره القاتم يلمع في ضوء الردهة . سألته وهي تقف بجانب بابها :" هل تريد شيئاً ؟" فأجاب :" أريد أن أشكرك لعنايتك بي وبسارة هذا النهار . لقد كان عملكِ ممتازاً ."
كان صوته بالغ الرقة . وأجبته قائلة :" إنني مسرورة لرأيك هذا . إنني لم أكن أدرك, في الواقع , مبلغ بعدنا عن الطبيب ."
فقال :" لقد استطعنا التصرف بشكل حسن لسنوات عديدة , وسنتمكن من ذلك في المستقبل ."
فأومأت برأسها , شاعرة بعدم الرغبة في تركه , ولكن دون أن تستطيع النطق .
وسألته :" هل تريدني أن أفحص الضماد؟"
فابتسم , وهو يقول :" ليس الآن . لقد شعرت بالفخر بكِ أيتها الأمريكية .لم يتملك الذعر ولكنكِ تصرفت وكأنكِ نشأتِ في هذا المكان .إنّكِ رفيقة ناجحة ."
وأفرحها صوته وقد سرت البهجة لما سمعت في كيانها . لقد ملأها هذا الإطراء منه لها , بالزهو .
وتابع قائلاً :" إننا هنا نعتمد على أنفسنا , أكثر مما يفعل سكان المدن ."
قالت :" ذلك لبعدكم عن الطبيب ."
قال:"هذا صحيح . أظننا سننجح , يا ستيفي ." ثم اجتاز الردهة ومضى إلى غرفته.
وقفت جامدة في مكانها دون أن تتمكن من الحراك , شاعرة بالدوار قبل أن تتحول , في النهاية لتنشد الأمان في سريرها .
ومع الأيام ,أخذ يزداد تأثر مشاعرها لوجود ألبرت بجانبها . فكان أحياناً يستند إلى الجدار متحدثاً إليها ببساطة أثناء غسلها ألطباق , ويحرص على أن يكون موجوداً كل ليلة ليضع معها سارة في الفراش .
وذات مساء , حين كان يراقبها وهي تغسل الأطباق ,نظرت إليه بخجل قائلة :" هل تدرك أنّه مرّ على زواجنا الآن أسبوع تقريباً ؟"
فأومأ برأسه وقد بان الاهتمام فجأة في عينيه , وتابعت هي تقول :" ومع هذا أشعر بأن الواحد منا لا يعرف عن الآخر أكثر مما كان يوم وصولي من بلدي ."
هزّ كتفيه قائلاً :" إنّ أمامنا وقت نتعرف فيه إلى كل شيء , وهذا يجعل الحياة أكثر متعة . ماذا تريدين أن تعرفي بالتحديد ؟"
أجابت :" لاأدري ." ثمة ألف سؤال تتطلب أجوبة . فمن أين تبدأ ؟ وسألت :" هل كنت ترغب دوماً في إدارة المزرعة ؟"
أجاب :" نعم."
نظرت إليه مترقبة وهي تنشف الطبق :" نعم فقط؟ هلاّ أسهبت في شرح تفاصيل ذلك ؟
فضحك قائلاً :" وكيف تريدينني أن أسهب ؟"
فقالت :" أن تقول مثلاً ,ــ نعم لقد أردت أن أدير المزرعة لأنني أحب الأبقار ــ أو شيئاً كهذا ."
فقال :" ستيفاني , ليس هناك من يحب الأبقار . فهي غبية وتسبب كثيراً من الإزعاج ."
قالت :" ربما أنت تحب الانطلاق في البراري إذن ."
أجاب :" نعم ."
قالت :" آه يا ألبرت . كيف لي أن أعلم عنكَ أي شيء إذا كانت أجوبتك هي نعم ." وضربت بقدمها الأرض وقد بانت عليها خيبة الأمل ما جعله يضحك منها , ثم يمد يده يأخذ منها منشفة الأواني فيضعها جانباً ثم يقودها خارجاً إلى الفناء ومن ثم إلى الطريق العام , حيث قال :" ما رأيك في أن نتمشى قليلاً أخبرك أثناءها عن كل ما تريدين معرفته ؟ "
أجابت بخشونة بعد إذ ساءها أن يضحك منها لا بأس ."
فابتدأ قائلاً :" عندما كنت غلاماً يافعاً , استولت عليّ فكرة أنني سأدير المزرعة يوماً ما , ولكن أبي كان يسكن هنا عندما منت أنا صبياً , وكان طبيعياً أن أفكر في أنه سيستلم المزرعة من جدّي وسأتبعه أنا , أو سنتبعه أنا وإدي وفي السنوات الأخيرة عملنا معاً . ولكن أبي رحل إلى ملبورن عندما ذهبت أنا إلى الجامعة ."
فسألته :" لماذا؟ ألم يكن يحب العيش هنا ؟"
أجاب :" لقد كانا هو وجدّي متضادين على الدوام , وبجانب ذلك , أظن أن شيئاً في قلبه قد تحطم عندما هجرته أمي , فانتظر إلى أن كبرنا تقريباً وصار بإمكاننا الإستغناء عنه , ثم رحل ."
فسألته :" وهل رحلت أمك عندما كنت أنت صبياً صغيراً ؟"
أجاب :" نعم . لقد كان إدي طفلاً رضيعاً , وكنت أنا في حوالي الرابعة ."
فعادت تسأله:" وهل كانت جدّتك في ذلك الوقت متوفية ؟"
أجاب :" نعم .لقد ماتت قبل أن يتزوج أبي بوقت طويل . لقد انتقل أبي إلى ملبورن ليدير شركة سفن , مفضلاً ذلك على الماشية . ويبدو أنّه وجدّي , قد أصبحا الآن أكثر تفاهماً كذلك , وهو الذي عرّف إدي بكلير زوجته ."
قالت :" كنت أتساءل كيف تعارفا ."
أجاب :" لقد بقي إدي شهوراً يمضي هناك أوقاتاً أكثر مما يمضي هنا , ومن سوء الحظ أن كلير ظنت أن الحياة هنا ستكون كما كانت أثناء شهور الحب ّ والغزل , لتجد أنّ الأزهار وحفلات العشاء و الرحلات قد انتهت لتبدأ الحياة الحقيقية ."
سألته :" أتراها شعرت بالحنين إلى الحبّ الشاعري ؟"
أجاب :" لقد شعرت بالحنين إلى جوّ المدينة . كان على إدي أن يدرك أنها غير مناسبة للحياة هنا . كانا يتشاجران على الدوام . كانت تريده أن يذهب للعمل مع أبي . ولكنه كان مغرماً بالمزرعة , ويريد العمل فيها . كانا غارقين في الحب ولهذا أصرا على الزواج . أظن من الأفضل لو لم يتزوجا ."
لم تعرف ستيفاني ماذا تقول , في أمها وكيف كانت حياتها مليئة بالمشاعر والإضطراب , وكل ذلك باسم الحب . أتراها كانت مثل كلير ؟
وقالت توافقه :" إنهم يعطون الحب أهمية أكثر مما يستحق ."
فقال :" إنّكِ تقولين ذلك بالنسبة إلى أمك ِ , أليس كذلك ؟ "
أجابت :" نعم"
فزم شفتيه وهو يراها تحصر جوابها بنفس الكلمة التي سبق واستعملها من قبل . ولكنها ضحكت منه تتحداه أن يعترض .
قال آمراً :" أخبريني عنها "
قالت :"ليس ثمة الكثير ليقال . إنّها ميتة الآن " وكان صوتها وهي تنطق بذلك جامداً كعادتها كلما أتت على ذكر والدتها , تزيح بذلك الألم الذي كان يرافق هذه الذكرى .ولكن ألبرت أصرّ على السؤال :" هل كنتِ تعيشين معها في حداثتكِ؟"
أجابت :" لقد تطلق أبي وأمي عندما كنت صغيرة , فعشت معها . لقد تزوجت ست مرات من بعد أبي . ونالت حق حضانتي , ولكنها كانت ترسلني إلى جدّتي على الدوام . وعندما تركت كلية الدراسة جعلت مقرّ إقامتي مع جدّتي "
سألها :" وبعد ذلك ؟"
أجابت :" وماذا بعد ذلك ؟ إن ّالحب وهم . وكانت تفتش عنه باستمرار . فلم تشأ أن تدعني معها . خصوصاً عندما كبرت أنا وكانت هي تحاول جهدها أن تبدو أصغر من سنها ."
سألها :" وهل هذا هو السبب في أنّكِ لم تتزوجي ؟"
فقالت:" ولكنني متزوجة."
فقال وقد فرغ صبره :" عنيت قبل أن نتزوج"
قالت :" نعم . إنها لم تكن مثالاً للوفاء الزوجي . فقد تزوجت ست مرات . فهي تبقى إلى أن تتعسر الأمور , عند ذلك ترحل . أو يرحل زوج الشهر الواحد . الحب لا يدوم أبداً , بالنسبة إليها . ولكنها ليست السبب الوحيد لعزوفي عن الزواج , فقد كنت مخطوبة مرة . وكنت أظن أنني سأتزوج وأعيش بعد ذلك سعيدة . ولكنه لم يكن من النوع المخلص . ومن حسن حظي أن أكتشف ذلك قبل الزواج وليس بعده "
سألها :" من هو؟"
قالت :" اسمه مايكل اولان , وكان متعهداً لاستيراد البضائع لأحد المخازن في لوس أنجلوس"
سألها بخشونة :" وهل أحببته؟"
أجابت :" ظننت نفسي أحبه . ولكن نسيانه لم يأخذ مني وقتاً طويلاً , ولهذا لا أظن أنني أحببته حقاً . وأظن أنه أثّر فقط على مشاعري "
فقال :" إنّكِ إذن لم تعرفي الحب أبداًَ "
قالت بمرارة :" ربما ليس هناك شيء يدعى الحب الحقيقي "
فقال :" الحب هو تفتح في المشاعر مفروض أن يثمر أحسن العلاقات . ولكن هذا لايحدث . لقد كنت أنا نفسي خاطباً مرة , منذ مدة طويلة . لقد فسخت الخطبة عندما اكتشفت علاقة لجنيفر مع رجل آخر . ربما نحن الاثنين متشابهين في هذا الشيء "
فقالت :" إنّ البعض يعيشون حياة زوجية سعيدة ."
قال :" إنّهم ليسوا كثيرين , هذا إدي مثلاً . لقد كان يحب كلير ولكنهما كانا يتشاجران طوال الوقت , كانت هي تدّعي أنّها تحبه , ولكنها تركته لتفتش عن حياة أكثر صخباً . وأمي هجرت أسرتها لأنها لم تشعر بأنّها محبوبة تماماً "
فقالت برقة و بحزن :" إنّ دوام زواج ما , هو شيء عجيب "
قال :" إنّ زواجنا سيدوم لأنّه مؤسس على احتياجات مشتركة . وليس على مجرد مشاعر هائمة "
فتسارعت دقات قلبها , وألقت نحوه نظرة سريعة . كان صحيحاً أن لهما احتياجات مشتركة .ولكن ما بينهما كان أكثر من ذلك . لقد كانت تحب وجودها معه , وكانت تنتظر انتهاء النهار لكي تراه . كانت تشتاق إليه . إلى كلماته وأحاديثه . إنّ مجرد مغازلات قليلة بينهما أثارت إعجابها فكيف لو أنّه وقع في حبها ؟ هل سيجعل هذا زواجهما أفضل ؟
قال :" إذا كنا صادقين مع بعضنا يا ستيفاني , فستكون حياتنا معاً طيبة , دون كل تلك المشاعر المتقلبة التي يسمونها الحب "
فأومأت برأسها شاعرة بخيبة الأمل . ربما كانت ذات قلب شاعري دافئ , ولكنه كان نزيها ً معها . عليها أن تجعل من زواج المصلحة هذا علاقة تدوم الحياة كلها .
وعندما عادا إلى المنزل , توجه ألبرت رأساً إلى المكتب فأخذت تنظر إليه وهو يبتعد , تتأمل كتفيه العريضتين وخطواته الواثقة . وأخيراً قررت أن شيئاً من الحب بينهما لن يؤدي إلى أي ضرر.
مسحت ستيفاني يديها بجانب بنطالها شاعرة بالعصبية من المقابلة المنتظرة , وقد وقفت خارج المكتب تتأمل الباب وهي تسحب نفساً عميقاً . فهي قد أتمت هنا الأسبوعين تقريباً ومنذ تلك الليلة الأولى وصراحة جون معها جعلتها تتجنبه قدر إمكانها . و لكنها الآن جاءت تريد مقابلته .
وسحبت نفساً آخر عميقاً , ثم نقرت على الباب المفتوح , ناظرة إليه وهو يستدير من أمام الكمبيوتر ليراها واقفة بالباب . وكما كانت تتوقع . بان العبوس على ملامحه لدى رؤيته لها .
سألته بصوت حاولت أن لايبدو مرتجفاً :" هل أستطيع ا لكلام معك لحظة ؟" كانت تحاول دوماً أن تبدو قوية إزاءه بعكس ما كانت تشعر به فعلاً .
أومأ برأسه وهو يشير إلى كرسي أمام المكتب , فأغلقت ستيفاني الباب خلفها بحذر ثم سارت نحو الكرسي . استند إلى الخلف وهو يتأملها قائلاً :" أهو حديث خاص ؟أتريدين الخروج؟"
فهزت رأسها نفياً وهي تجلس على حافة الكرسي قائلة :" كلا , لا أريد الخروج . إنني أعلم أنك لا تراني مناسبة لألبرت . ولكنني أحاول جاهدة أن أكون زوجة صالحة له . فأنا لست فتاة عابثة جئت لآخذ نصيبي من ميراث كاثرين ثم أرحل . لقد التزمت بعهد وسأحافظ عليه . وهذا ليس سبب قدومي إليك , وإنما أريد أن أعرف ما هو نوع الكيك المفضل لدى ألبرت "
عند ذلك استقام جون في جلسته وهو ينظر إليها مبهوتاً , ثم سألها :" الكيك المفضل ؟"
أجابت " نعم , فاليوم هو , كما تعلم , ذكرى مولده , وقد قررت أن أقدم له كيك مكان الحلوى بعد العشاء هذه الليلة وأظنك ستقدم له الهدايا بعد العشاء ما دمت لم تقدمها بعد الفطور ."
كانت تتحدث باندفاع وهي تحدق فيه بهدوء , بينما قلبها يخفق قلقاً . فهي لاتدري ماذا ستفعل لو أنه سخر منها.هزّ جون رأسه وهو يقول :" ذكرى مولده ؟ إننا لا نفعل الكثير في هكذا مناسبات "
قالت :" إنني لن أقوم بالكثير . سأصنع فقط الكيك الذي يحبه , والبفتيك للعشاء . فأنا أعرف أنه يحبه "
سألها " هل هذا من جملة ذلك الإهتمام الذي كان يتحدث عنه؟"
ابتسمت قائلة :" هذا ليس بالكثير . مجرد كيك"
قال :"ولكنه سيكون أكثر مما ناله قط في حياته "
فنظرت إليه بذهول وقالت :" ماذا تعني ؟"
أجاب :" عنيت ما أقوله . فنحن لا نقوم بشيء في ذكرى ولادة الأشخاص "
فهتفت :" أبداً؟؟!!"
قال :" ربما عندما كان صغيراً قبل أن ترحل أمه . كان ذلك منذ وقت طويل لا أتذكره "
قالت :" حسناً إنني أريد أن أصنع له كيك , وأريدها أن تكون من النوع الذي يحبه "
فقال :" الشوكولاته . إنه دوماً يحضر هذا النوع عندما يذهب إلى مكان ما " وسكت وكأنه لم يرها من قبل , ثم تابع قائلاً :" أتعلمين أنّ ساندي لامب ستصل غداً ؟"
فأومأت برأسها . وهل تستطيع أن تنسى ؟ لقد كان الخوف يملأ نفسها لهذا . وسألها :" وهل بإمكانك التعامل معها ؟" فأمعنت فيه النظر لحظة وهي تتساءل عما إذا كان قد تكهن بخزفها من هذه الزيارة . ثم قالت بهدوء :" أظن ذلك " إنّها ستسعى جهدها مهما كان الأمر . وهل بإمكانها أكثر من ذلك ؟ووقفت تستعد لمغادرة مكتبه
و فقد أنجزت ما جاءت لأجله .عندما وصلت إلى الباب أوقفها جون قائلاً :" إنني سأذهب إلى المدينة بعد قليل . وسأحضر إليكِ الكرسي الهزاز الذي أشرتِ إليه ذلك النهار "
فأومأت برأسها وهي لا تدري ما تقول . وفتحت الباب لتخرج منه .تاركة إياه مفتوحاً قليلاً , ومن ثم اتجهت نحو المطبخ . هل كان يعني بذلك هدية الصلح ؟ وساورها خاطر مفاجئ فاستدارت على عقبيها تنظر إلى الباب المفتوح فانتبه إليها فسألته :" هل من الممكن أن تحضر لي معك بعض الشموع أيضاً لأجل الكيك؟"
فأومأ وهو يعود إلى شاشة الكمبيوتر . وخيّل إليها لحظة أنّها ترى في عينيه نظرة هازلة . وكانت قد اعتادت هذه النظرة في عيني ألبرت



samahss غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس