عرض مشاركة واحدة
قديم 23-02-17, 06:20 AM   #12

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


( الجزء التاسع - بدايات مختلفة )




الخميس
الدمام , الخامسة والنصف عصرا .


الذاكرة كما تحتفظ بالذكريات الجميلة , تحتفظ باللحظات المؤلمة والحزينة أيضا ,
بل تتفوق على الذكريات الجميلة .
خمس سنوات وأكثر , مرت ولا تذكر منها سوى ما آلمها , كذلك اليوم الذي عادت
فيه إلى منزلها مع ’ تركي ’ وطلقها فورا , وحين أمسكت بهاتفها تنوي الإتصال بأحد
إخوتها ليأتي لأخذها , كانت تمسك نفسها عن البكاء بقوة , جرحتها كلمة
( أنتِ طالق ) وكسرتها , ولكنها لم تعلم بأنه يوجد ما هي أقوى منها وقعا على
القلب , وهي كلمة ( الوالدة توفت ..! ) .

وحين ذهبت إلى المنزل علمت من إخوتها بأن أمها كانت في غيبوبة منذ أن غادرت
هي المدينة , ولم يشأو أن يخبروها بذلك حتى لا تحمل هما فوق همها .

أتت ’ والدة تركي ’ بالقيام بواجب العزاء , وكانت في غاية الطيبة والحنان , حتى أنها
لم تسألها عن سبب طلاقها من ’ تركي ’ إلا بعد شهرين مما حدث , وهي لم تقل لها
الحق , بل قالت بأنهما لم يتفقان ولا تظن بأنهما سيتفقان يوما ما .


و ’ والدة تركي ’ بدورها استغربت , فهي التي دائما تراهم على أحسن حال , سوى
قبل سفرهما , وبالطبع ’ تركي ’ لم يسلم منها , لم تترك في قلبها شيء من العتب
واللوم والغضب , خاصة على عدم إخبارها بمرضه وسفره للعلاج .
كما أن ’ تركي ’ أيضا اتصل ليعزيها , كان في صوته بعض الشعور بتأنيب الضمير
وشيء من الإعتذار .. أما هي فكانت كتلة من المشاعر الباردة , أو ’ الميتة ’ ..!

أما إخوتها , فلم تخبرهم عن طلاقها إلا بعد شهر , وذلك حين أمرها أخيها بالعودة
إلى زوجها .


وهم لم يسكتوا أبدا , إذ استجوبوا ’ تركي ’ عمَّا حدث , فــ ’ سارة ’ شقيقتهم الوحيدة ,
ولا يرضون لها الحزن .

كانت تلك الفترة أسوأ فترة مرت بها على الإطلاق , رغم وجود الجميع حولها , إلا
أنها كانت تشعر بالوحدة , حتى تقدم لها ابن عمها الأرمل ’ فيصل ’ بعد ثلاث سنوات
من طلاقها , ووافقت عليه دون تفكير , ربما يستطيع هو أن ينتشلها من الحزن والوحدة .

ولكن آمالها خابت مرة أخرى , فهو أيضا ليس من النوع الذي يروق لها , يحب
العمل كثيرا , فهو مهندس في إحدى الشركات العالمية , مخلص جدا لعمله , حتى
حين يعود إلى المنزل يحدثها عن العمل , ليس عصريٌّ أبدا ..!

ولكنها فرحت أشد الفرح , وذاقت طعم السعادة من جديد , حين رُزقت بمولود بعد
سنة ونصف من زواجها منه والذي كان بلسما لجروحها وأحزانها , بيد أنه لم يساعد
على نسيان حبها ’ تركي ’ .


ضمت ’ إبنها ’ إلى صدرها وأغمضت عيناها , ليست لتبعده عن خيالها , بل
لتجلبه … فهي منذ أن فارقته تعيش على ذكرياته القليلة , جدا …!



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


تبوك , التاسعة مساء .


لا شيء يبقى على حاله أبدا , نعم .. لا شيء .
فــ الفتاة التي كانت قبل خمس سنوات يغطيها الجليد , ويحيط قلبها القسوة … أصبحت
شديدة اللين والطيبة .
سابقا لم تكن تفكر سوى في معرفة الحقيقة الغائبة { الموجعة } , أما الآن فإهتمامها
كلها بوالدتها وشقيقاتها , خاصة في هذه الأيام بــ ’ نور ’ التي اقترب موعد زفافها ,
اهتمت بكل تفاصيل العرس , والتفاصيل الصغيرة التي تخص العروس أيضا , جهزت
كل شيء بمالها الخاص , فهي تشعر بأنها المسؤولة عنها , وأنها هي من تحل محل
الأب او الأخ .

هي تقريبا حصلت على كل شيء , الحقيقة , وشهادة الدكتوراة , والوظيفة التي كانت
تحلم بها .. فهي الآن جراحة قلب في أحد المستشفيات الكبيرة في تبوك .


ولكنها لم تحصل على شيئان , حضن والدها .. والحب .
علمت كل شيء عن والدها , وتراقبه بشكل دائم , تراه دائما على شاشة التلفاز وهو
وأبناءه وأحفاده الذين لا يصغروها سوى عدة سنوات .
ولكنها لم تستطع الذهاب إليه , تخاف أن يرفضها ويخيب ظنها , ولا يعترف بها .
ولكنها ستفعلها يوما من الأيام .

أما الحب , فلم تكن تنوي به أبدا , بعد أن خاب ظنها في ’ تركي ’ , ولكنها تشعر بأنها
بحاجة إليه , خاصة وأنها بلغت الثلاثون من عمرها .
تقدم لها الكثير من الشباب الأثرياء , ولكنها لم توافق على أيٍّ منهم لحاجة في نفسها
( هي لا تعرفها ) ..!



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



الرياض , الثانية عشرة صباحا .


الليل , وما أدراكم ما الليل .. موطن الذكريات , الأليمة منها والجميلة .
ودعت الآلام وغادرتها منذ عدة سنوات , بعد أن التقت صدفة بتلك الفتاة التي كانت
معجبة بأخيها ’ غادة ’ , كانت فتاة بمنتهى الطيبة والرقة , متدينة نوعا ما , أرشدتها
للطريق الصحيح , بل أرشدتها للسعادة الحقة .

بعد أن تعرفت عليها وأصبحت مقربة منها و تراجعت عن قرار إنتقامها من ’ مازن ’ , نعم
نسيت ذلك التهديد وتلك الخطة , ولكنها لم تنسَ ما فعله بها .
أما ’ غادة ’ فقد تزوجت بإبن أختها ’ فواز ’ , هي من شجعته على ذلك , ورشحت له تلك
الفتاة , وكان يستحقها فعلها , يعيشان بسعادة غامرة .
حتى ’ وعد ’ تزوجت قبل سنتان من رجل أعمال يعرف والدها , واستقرت حالها .
سعيدة لأجلهم كثيرا , ولإستقرارهم … وهم أيضا كانوا يريدون منها أن تستقر وتتزوج
مرة أخرى ؛ ولكنها أبت إلا أن تبقى ( مطلقة ) حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا .
فالزوج والزواج والحب أشياء ضرورية في الحياة , ولا يمكن العيش دونها … ولكن
إن مررت بتجربة مريرة , لا يسعك إلا أن تجلد نفسك بسوط اليأس , بكثير من الأمل
والتفاؤل بحياة جميلة ’ بلا زوج ولا حب ’ .

جلست على شاشة الحاسوب , و كتبت على أحد مواقع التواصل { القلب قد حُطِّم , ولا
أعتقد بأن أحدٌ ما سيرممه كما يزعمون , أصبحت فريسة ذات مرة , وبقيت تلك الضعيفة
التي قد تُخدع مرة أخرى دون أن تعلم } .

فرد عليها أحدهم { خاطرتك هذه قد تجعل ألف شاب يحاول أن يكون هو الطبيب , خاصة
وأنكِ اعترفتي بضعفك , أنصحك بحذفها } .

{ قد يخدعني أحدهم ويستغلني إن كان أمامي في الواقع , ولكن هنا … أنا بطلة تستطيع
هزيمة الجميع ومحاربتهم بــ 28 حرف في المواقع الإفتراضية ولا أبالي } .

{ وإن لم تكفيكِ الــ28 حرفا , مالعمل ؟ } .

{ أكتفي بحجبه , تماما كما أفكر أن أفعل بك الآن } .

{ أحسنتِ , ما مشكلتك ؟ } .

{ لا يخصك , ولكنني سأقوله بإختصار ( إحتيال , وبعض الخيبة ) } .

{ فليعينك الله , أظنك صغيرة .. لذلك وقعتي في خدعة الإحتيال } .

{ بل كنت عمياء } .

{ بارك الله فيك } .

{ وجه غاضب } .

{ وجه ضاحك , أمزح وحسب } .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


تبوك , الثالثة صباحا .

دائما ما يكون ’ فارس ’ محقا في كل شيء , حتى في أمور الحب , فكأنما هو من يعيش
بدوره , وهو فقط يتحرك دون أي شعور ودون إحساس .
في السابق كان يعارض أحاديثه وآرائه على الدوام , أما الآن فقط يستمع … أصبح
بارد المظهر , ولكنه يشتعل من الداخل .
ولد لكي يندم , ندم على تركه لمحبوبته ’ سارة ’ التي قد تزوجت فعلا رغم ترجيه لها
وعودتها إليه , وقد أنجبت إبنة , وهي سعيدة جدا في حياتها , وندم أيضا على تركه
لزوجته , والتي هي أيضا قد تزوجت وأنجبت إبنا .. بالتأكيد هي أيضا سعيدة .

وإنما هو لا , كما قيل : الظالم لا يرتاح أبدا .
حتى الآن لم ينسى تلك الليلة التي عادا فيها إلى المنزل , وأوقفها قبل أن تدخل إلى
حجرتها وقال ( أظن بأنك لم تنسين أن … مهمتك قد انتهت يا سارة ) .
التفتت إليه بعين دامعة وقالت وهي تقترب منه ( أنا راضية بالطلاق ياتركي , بل كنت
أنا من طلبته , ولكن الآن ….. ) .

’ تركي ’ ( ماذا الآن ؟ ) .

تحدثت سارة بعد صمت بتوتر وإرتباك وهي تضم يديها إلى بعضها ( كنت لا تريد الزواج
بسبب مرضك , وها قد تعالجت وشفيت منه , وبسبب محبوبتك .. وهي تركتك كما قلت ,
لم لا نكمل حياتنا مع بعضنا ؟ ) .

تبسم ’ تركي ’ بسخرية ( لم تتوقعي الصواب ) .

اقتربت منه ’ سارة ’ وأمسكته من ذراعيه وقالت بصوت باكٍ ( أرجوك يا تركي , لا تفعل
ذلك , الآن على الأقل , أمي مريضة .. وستتعب أكثر إن علمت بأمر طلاقي ) .

’ تركي ’ ( استطعتي الذهاب إليها حتى دون أن تخبريني ولم تخافي عليها ذلك الوقت
و أنا لست بمزاجك , أنتي طالق ) .

توسعت عينا ’ سارة ’ بدهشة من سرعته لإطلاق تلك الكلمة التي وقعت على قلبها
كالسكين الحادة , ولكنها لم تصدر أي ردة فعل , بل ذهبت إلى حجرتها بكل هدوء .

أما هو , فوقف في مكانه وتنهد بضيق , ثم أخرج هاتفه من جيبه ورد على المتصل ,
والذي كان شقيق ’ سارة ’ الكبير , توتر دون أن يعرف السبب … وإذ به تتوسع عيناه
من الصدمة , حين قال له شقيقها بأن يخبر ’ سارة ’ بوفاة والدتها بهدوء حتى لا تنهار .

أنزل الهاتف من أذنه وابتلع ريقه , وذهب إلى حجرتها ببطء شديد , وتمنى لو أنه
تمهل أو أنه مات قبل أن يُوضع في مثل هذا الموقف .


فتح باب الحجرة وتفاجأ حين رآى ’ سارة ’ ساجدة على الأرض والهاتف مرميا بجانبها ,
جلس بجانبها حتى رفعت نفسها عن الأرض والتفتت إليه وهي تبكي وتقول ( أمي كانت
ستتألم كثيرا إن علمت بأمر طلاقي , ولكنها ذهبت الآن … وتركت الألم لي ) .

ظل ينظر إليها لبعض الوقت , حتى وقفت وجلست على سريرها واحتضنت مخدتها وهي
تبكي بصمت بعبائتها وطرحتها , وحين جلس أمامها كي يهدئها ويواسيها , رفعت رأسها
قائلة ( لم تعد محرما لي , تستطيع المغادرة ) .

اندهش من قولها , وخرج وهو ليس بيده أي حيلة .
ولم يملك بعدها أي حيلة أيضا .
كانت تلك الخطوة هي من حددت نمط حياته فيما بعد , كانت والدته غاضبة عليه جدا ,
حتى أنها لم تستقبله في بيتها , ولكن ’ فارس ’ حل المشكلة والخلاف بينهما حتى
رضيت عنه … ولكن علاقتهما لم تعد كما السابق .


- هل هذا ما كنت تريده ؟ ألم تقل بأنك تزوجت ’ سارة ’ لترضي والدتك ؟ إذا كان عليك
أن تتقين وتعلم بأن تركها يعني غضبها عليك .

هذا ما كان يردده عليه فارس في بداية الأمر .
الآن يا ’ تركي ’ لن ينفعك شيء , أي شيء ..!


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°




الأحد .
تبوك , السابعة صباحا .


لو كان شخص آخر غير الصديق … لكان الأمر هين ..!
ولكن الآن , الأمر صعب وجدا .. أيضا لو كان الحياة بلا أطفال , لصعب عليها العيش
جدا في منزل كمنزلها .

فارس هو فارس الذي كان قبل خمس سنوات , لم يتغير أبدا , بل لم تستطع هي أن
تفعل ذلك حيث أن ما يشغله وكل مايشغله هو ’ تركي ’ ثم العمل , أبدا لم تشعر بأنه
يحبها ذلك الحب الذي تستحقه .

فهي وفية , تحفظ زوجها وتصونه في غيابه وحضوره , وتهتم ببيتها كثيرا , لا تغضب
إن تأخر عليها أبد .

فحبها له , وحبها لإبنيها يجعلها تصبر عليه كثيرا وتتغاضى عن تقصيره .
إبنها الكبير ’ بندر ’ بلغ الخامسة , ويذهب إلى الروضة .. أما الآخر ’ عمر ’ فقد أكمل
السنة قبل عدة أيام .
لا تعلم لولاهما بعد رحمة الله لها ماذا كانت ستفعل .

ولكن أليس تعلقه بــ’ تركي ’ غريب نوعا ما ..!
حتى أنه لا يهتم بعائلته إلا قليلا ؟
لا تنكر أن ’ تركي ’ مر بالكثير من الأحداث المزعجة في حياته , ولكن حتى في الأيام
العادية , يكون ’ فارس ’ بصحبته ..!
ذلك الــ’ تركي ’ لا يستحق كل هذا الوفاء , ما فعله بصديقتها ’ سارة ’ ليس بالهين .
هل سحره ’ تركي ’ كي يلازمه ؟


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



الدمام , الثانية ظهرا .


هل الرجال الذين يحبون عملهم إلى درجة كبيرة , عادة لا تجذبهم النساء , أو جمالهن
وأناقتهن ؟
وإلا لماذا هي لم تستطع فعل ذلك منذ زواجهما ؟
فهي دائما ما ترتدي له الملابس الأنيقة , وتتزين له على الدوام , ولكنه لا يكاد يغازلها إلا قليلا .
أم أنها هي من لديها العيب ؟
فتركي أيضا لم يكن يفعلها , وهذا أيضا ؟
تنهدت وهي تفتح الباب وتخرج من الحجرة بعد أن تعطرت وتأنقت قائلة لنفسها
( تركي مرة أخرى ؟ ) .
نزلت إلى الأسفل وصوت حذائها يصدح في المكان , صحيح أن الوقت الآن لا يسمح
لكل تلك الأناقة , ولكنها تريد أن تكون سعيدة , حتى لو كان ذلك في ظهيرة موسم الصيف !

ابتسمت لزوجها الذي دخل في ود وقبلت جبينه واحتضنته , وسرعان ما ابتعدت عنه
وهي تجامله .
صعدت معه إلى الحجرة وأخرجت له الثياب ثم نزلت مرة أخرى تجهز له الغداء ,
والحنق يملأ قلبها ..!
لمَ لمْ يقل لها كلمة جميلة ؟ ألا تستحق ..!

انتظرته لربع ساعة حتى أتى , وجلس على الطاولة يتناول الغداء ويحدثها كالعادة
عما حصل معه .
في الوقت الذي كانت فيه ’ سارة ’ تبتلع طعامها وهي تبتسم له مجاملة وتكاد اللقمة
تقف في حلقها .

حتى قاطعته دون إراداتها بقول ( عزيزي فيصل , هل لك أن تخرجنا في المساء إلى نزهة ,
قد مللت من جلوسي في المنزل ) .

ابتسم ’ فيصل ’ متفاجأً وقال بكلمات غير مرتبة ( جسنا , كما تشائين ) .

ابتسمت ’ سارة ’ وأكملت طعامها وهي في داخلها تشعر بتأنيب الضمير عليه بسبب
مقاطعتها له , حتى كادت أن تعتذر .. ولكن لحظة ؛ هل تريدين أن تكونين ساذجة مثله ؟
اصمتي أيتها الحمقاء .


لم تمر سوى نصف دقيقة حتى تحدث ’ فيصل ’ يكمل حديثه ، في الوقت الذي هزت فيه
’ سارة ’ رأسها بإستياء .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الرياض , الثامنة مساء .


تشعر بالملل الشديد , تود الترفيه بشدة .. ولكن لا يوجد شيء أيضا .
كلٍّ أصبح منشغلا بحياته الخاصة .
صحيح أنها قررت أن تجدَّ أكثر بدراستها , ولكن إن أصبح لدى المرء شيء واحد فقط
في حياته , يمل منه .

أخذت نفسا عميقا , وخرجت من حجرتها وقد عزمت على طلب الإذن من والدها
لكي يسمح لها بالسفر .
وكم من مرة خرجت منها وهي عازمة على فعل الكثير , ولكن أي من هذه الأشياء
الكثيرة لم تتحقق .

ضحكت حين راودتها هذه الخاطرة وطرقت الباب على والدها الذي كان منشغلا , دخلت
قبل أن يقول شيئا , وهو متى كان متفرغا أصلا ؟

قبلت رأسه وجلست أمامه وهي تبتسم قائلة ( كيف حال والدي العزيز ؟ ) .

ابتسم لها والدها ( بل العجوز يا ابنتي ) .

ضحكت ’ أريج ’ ( بالفعل يا أبي , وماذا تكون إن لم تكون عجوزا , لم أركَ في حياتي
دون أوراق أو عمل , أمنيتي أن أراك ولو لمرة واحدة .. تأخذ بعض الراحة والإستجمام ) .

تنهد والدها ( لم يبقى الشيء الكثير يا ابنتي حتى أرتاح , قريبا سيأتي أجلي ومن ثم أرتاح
في قبري ) .

’ أريج ’ ( أطال الله في عمرك يا أبي , لا تقل ذلك ) .

والدها ( الموت لا بد منه يا ابنتي و كما العمل تماما , أنا كُلفت بعمل ذات مسؤولية , وعليَّ
أتحمل تلك المسؤولية وأفعل ما عليَّ على أكمل وجه , ولا أخون أو أخيب ثقة أحد فيني ) .

’ أريج ’ بعد تفكير ( كان عليك أن تتقاعد الآن , وتسلم تلك المسؤولية إلى غيرك , أنت
ربيت إخوتي تربية صالحة , وهم بالتأكيد لن يخذلوك ) .

ابتسم والدها بألم ( أنا أيضا رباني والدي تربية صالحة , ولكنني خذلته ) .

عقدت ’ أريج ’ حاجبيها قائلة ( ماذا تقصد ؟ ) .

والدها ( لا داعي لذكر ما حصل في الماضي يا ابنتي , والآن قولي لي , هل تحتاجين شيئا ,
هل هناك ما ينقصك يا عزيزتي ؟ ) .

’ أريج ’ ( لا ينقصني سوى رؤيتك مرتاحا , ولكنني أريد أن أطلب منك شيئا واحدا فقط ) .

والدها ( تفضلي , لكِ ما تشائين ) .

’ أريج ’ ( سلمك الله , أنا ………. أود أن أسافر إلى أي مكان لمدة أسبوع أو أسبوعان ) .
خلع والدها نظارته ونظر إليها بدهشة .

ارتابت ’ أريج ’ من نظرته وقالت وهي تتلعثم ( ماذا ؟ هل يزعجك ذلك ؟ حسنا لن أسافر ) .

ضحك ( لا يا عزيزتي , الأمر ليس كما تظنين , ولكنني تفاجأت قليلا , وليس لدي أي مانع ) .

’ أريج ’ ( ولم قد تتفاجأ ؟ ) .

’ والدها ’ ( لأنك يا ابنتي لم تسافري منذ أكثر من عشر سنوات ) .

تنهدت ’ أريج ’ وهي تنظر إلى الأسفل ( نعم , وقد حاولت مرة أخرى وفشلت المحاولة ) .

’ والدها ’ ( اذهبي يا ابنتي إلى حيث تشائين , ولكن من سيرافقك ؟ ) .

نظرت إليه بإبتسامة بريئة ( أنت ) .

’ والدها ’ بدهشة ( أنا ؟ ) .

’ أريج ’ اتسعت إبتسامتها ( نعم أنت , إذا أردت أن تسعدني فلتأتِ معي , أرجوك يا أبي ) .

’ والدها ’ ( بالطبع يا ابنتي أني أريد أن أراك سعيدة , ولكني كما تعلمين كم أنا مشغولا ) .

’ أريج ’ ( أنت دائم الإنشغال , لن تضرك إجازة أسبوع أو أسبوعان , وسيرعى
أعمالك عبدالرحمن ) .

’ والدها , ( ومن هو هذا ؟ ) .

’ أريج ’ ( الشاب الذي كان معك تلك المرة حين كنت في الباحة , إبن صاحبك ) .

’ والدها ’ ( تقصدين عبدالعزيز , لا أعلم يا ابنتي , ولكنه هو من يرافقني في
سفراتي أيضا ) .

’ أريج ’ ( هذه سفرة مع إبنتك , هل ينبغي عليه أن يرافقك أيضا ؟ لا أعتقد ذلك ) .

’ والدها ’ ( بلى يا ابنتي , هو بالنسبة لي كالحارس الشخصي , لن يرضى أبدا بذلك ,
وأنا لم أوافق إلى الآن ) .

’ أريج ’ ( بل أنت موافق , وذاك لا داعي لذهابه معك , أنا وأنت فقط يا والدي ,
أرجوك … لا تردني ) .

تنهد وهو يفكر مليا ثم رفع عيناه إليها وابتسم ( حسنا يا ابنتي , كما تريدين ) .

قفزت ’ أريج ’ من مكانها واحتضنت أبيها وقبلته بفرح شديد ( لا حرمني الله منك يا
أبي , أحبك ) .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



الإثنين .
تبوك , الثامنة مساء .


رائحة البخور تنتشر في كل مكان , والأصوات تصدح بالمكان .
والدتها تقف بجانب المدخل بكامل أناقتها تستقبل الضيوف بإبتسامتها التي لم تفارقها ,
وأختها ’ رنا ’ لا تريد النزول من المنصة والإنتهاء من الرقص , أما هي ونجلاء تتنقلان
من مكان إلى آخر تتفقدان ما ينقص الضيوف وتسلمان عليهم .
كانتا أنيقتان , تلفتان الأنظار أينما ذهبتا .

دائما تشكر الله وتحمده على أن رزقها صديقة مثل ’ نجلاء ’ , فهي وفية جدا .
كانت معها منذ الصغر وحتى الآن , وكانت ترفض الزواج أيضا من أجلها , ولم تكن
لتتزوج أبدا حتى هذا الوقت لولا غضب عائلتها عليها وعتاب أحلام لها .
فهي قد عُقِد قرانها منذ أسبوعان فقط .

كان العُرس في المنزل , كما أرادت ’ نور ’ , لأنها لا تريد أن تكلف على أختها أكثر
مما كلفت , فمنزلهم واسع جدا وجميل , أجمل من بعض قصور الأفراح كما تقول .

كانت تجلس في حجرتها تتحدث مع خطيبها على الهاتف , حين دخلت ’ أحلام ’ بصحبة ’ نجلاء ’ وابتسمن لها .

أغلقت الخط والتفتت عليهن ( هل كل شيء على ما يرام ) .

’ أحلام ’ ( نعم ) .

’ نور ’ ( وهل وصلوا أقارب والدي ؟ ) .

’ أحلام ’ تنظر إلى ساعتها ( ليس بعد ) .

’ نور ’ ( أحلام , هل يزعجك وجودهم ؟ ) .

ابتسمت ’ أحلام ’ ( لا , ولمَ قد يزعجني ؟ أنا لم أعد كما كنت سابقا , وحتى في
السابق , لم أكن أكرههم من باب العنصرية , بل من باب أني كنت أحب أن أكون
عربية فقط ) .

’ نور ’ ( أعلم ذلك عزيزتي ) .

’ نجلاء ’ ( تبدين جميلة جدا ) .

ابتسمت ’ نور ’ قائلة ( أنتي الأجمل حبيبتي ) .

’ نجلاء ’ ( بالمناسبة نور , وآسفة على هذا السؤال الذي ليس له صلة بشيء , كم

عمرك الآن ؟ ) .

’ نور ’ ( سأبلغ السادسة والعشرون عما قريب , ولكن لمَ تسألين ؟ ) .

’ نجلاء ’ ( لا لشيء , فقط فضول ) .

والتفتن جميعهن إلى الباب حين فتحته ’ رنا ’ بمرح وقالت ( ترارا , هاهي عزيزتي ج
ميلة قد وصلت ) .

أسرعت ’ جميلة ’ إلى ’ أحلام ’ واحتضنتها بقوة ( يا إلهي يا أحلام , لو تعلمين كم اشتقت

إليك ) .

’ أحلام ’ بسعادة ( أنا أيضا يا جميلة , لقد مر وقت طويل على لقائنا الأول والأخير ) .

أمسكت ’ جميلة ’ بوجه ’ أحلام ’ وهي تقول ( لا يهم إن كنا ابنتا عم أم غير ذلك , المهم
أنك مثل أختي تماما وأحبك ) .

’ أحلام ’ ( بالتأكيد ) .

’ نور ’ ( من العروس الآن ؟ ) .

ضحكت ’ جميلة ’ وتوجهت إليها وسلمت عليها بحرارة .

كانت ’ أحلام ’ مبتسمة طوال الوقت , لا تدري لم هي سعيدة بهذا الشكل , ويدق قلبها
بشكل مختلف حين تتذكر ’ سعيد ’ .

أهو الحب ؟ طردت الفكرة من رأسها سريعا , لا تريد أن تحب أحدا , فهي تخاف أن تُخذل .
لا تعرف إن هو أحب إحداهن أم لا , ومن ثم هو … مغرورا ..!
نعم مغرور , ويكرهها … أو هكذا ظنت !
لأنه هو أيضا كان يفكر بها طوال الوقت ..!


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الثلاثاء .
تبوك , السابعة صباحا .


دخل ’ تركي ’ إلى مكتبه وتفاجأ حين وجد والده في إنتظاره , سلم عليه وقبل رأٍسه
وجلس بجانبه وهو يبتسم قائلا ( أي ريح طيبة أتت بك ؟ ) .

’ والده ’ ( أنت لا تزورنا , قلنا نمر عليك نحن , أينك أنت ؟ لم أرك منذ مدة ) .

’ تركي ’ ( اعذرني يا والدي , أعلم أني مقصر معكم جدا , ولكني مشغول في هذه
الأيام ببعض الصفقات التي أنت تعلم بأهميتها أكثر مني ) .

’ والده ’ ( أعلم يا بني , ولكن والدتك أصبحت تقلق عليك دائما , لمَ لا تنتقل للعيش معنا
يا تركي ؟ إلى متى تريد أن تظل وحيدا ) .

’ تركي ’ ( لا أنوِ ذلك أبدا يا أبي , لأنني إن انتقلت ستقلق أمي علي أكثر , فأنا لست تركي
الذي كان يعيش معكم قبل سنوات ) .

’ والده ’ ( ولمَ لا تعود أيضا كما كنت ؟ أنت لست صغيرا يا ولدي , قربت من الأربعين
ولا تزال تهمل نفسك ) .

ضحك ’ تركي ’ ( سامحك الله أبي , عمري ليس قريبا من الأربعين , بل ثمانية وثلاثون ) .

’ والده ’ ( نعم ثمانية وثلاثون أقرب للعشرين من الأربعين ) .

ضحك ’ تركي ’ حتى احمر وجهه وقال وهو يقبل يد ’ والده ’ ( آسف يا أبي , أعلم أنك
تشتهي رؤية أبنائي , ولكن ماذا تريديني أن أفعل , إبنك تعيس حظ ) .

’ والده ’ ( أبدا , بل أنت من جلبت التعاسة لنفسك ) .

ابتسم ’ تركي ’قائلا ( تستطيع أن تقول لوالدتي أن تبحث لي عن فتاة ترضى بي ) .

تقدم ’ والده ’ إلى الأمام غير مصدق ما يسمعه ( هل أنت جاد ) .

’ تركي ’ ( نعم يا أبي , سئمت من الحياة , أريد أطفالا يملئون بيتي ويدخلون البهجة إليه ,
أنا حقا أتوق لرؤية أطفالي ) .

ابتسم ’ والده ’ بسعادة ( فليرضيك الله يا ابني ويسعدك ويوفقك , سنجد لك فتاة تناسبك بالتأكيد ) .
ابتسم هو الآخر وسرح بخياله بعيدا .

هل سيكون سعيدا بهذه الخطوة ؟ هل ما يفعله صحيح ؟ هل سينساها ؟ ينسى سارة ؟؟!
ولكن أي سارة منهن يقصد ….!


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الدمام , الثامنة صباحا .

ودعت زوجها ’ العديم الأحاسيس ’ كما أردفت فور خروجه , وأخذت تلاعب إبنها بعد
أن دخلت إلى الصالة .

تناولت هاتفها , وكعادتها .. دخلت إلى صفحة ’ فارس ’ على أحد مواقع التواصل
الإجتماعي , تبحث عن أي شيء يطمئنها على ’ تركي ’ , وهي منذ أن طلقها تفعل
هذا الشيء , و ’ تركي ’ لا يملك أي حساب على أي موقع … فهو إنسان واقعي .
حين تتفقد عن أحواله من صفحة فارس , أو من ’ أحلام ’ بطريقة غير مباشرة ,
يراودها شعور بأنها خائنة , خاصة بعد زواجها .

ولكنها لا تستطيع أبدا بأن لا تطمئن عليه , فهي لا تزال تحبه وتتمنى الرجوع إليه ,
ماذا لو أصبح لــ ’ فيصل ’ شيء ؟
ثم أعود إلى ’ تركي ’ , أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , كيف أتمنى الشر لزوجي ,
هل أريد أن أصبح أرملة ؟ وهل أتمنى يتم إبني ؟

ولكن لو حقا حصل هذا الشيء , هل سيعيدها ’ تركي ’ إليه بعد أن تركها بتلك الطريقة
البشعة ؟ ولمَ لمْ يتزوج إلى الآن ؟
هل هو باقٍ على أمل اللقاء والعودة إلى تلك ؟
أرجوا أن لا يكون الأمر كذلك ؟

أم أنه لم يوفَّق في حياته بعد أن فعل ما فعل بنا ؟
ضحكت وهي تقول ( كلانا لدينا سمة خاصة في العلاقات الزوجية والعاطفية , هو لم
يحصل على حبيبته ولم يحصل على سواها , وأنا لم أحظى بأي إهتمام من كلا الزوجين ) .

أعادت أنظارها إلى الهاتف بعد أن حدثت الصفحة للمرة الخامسة , لعل وعسى أن تجد
أي شيء جديد عن ’ تركي ’ , ولكن …. خيبة !

تنفست بعمق , ثم اتصلت بإخوتها واحدا تلو الآخرة حتى تقضي على الملل .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°




****


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس