عرض مشاركة واحدة
قديم 29-03-17, 09:43 PM   #1454

hamidakarfi

? العضوٌ??? » 384016
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 129
?  نُقآطِيْ » hamidakarfi is on a distinguished road
Rewity Smile 3

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة * فوفو * مشاهدة المشاركة

10 – الحقيقة المرة

أثناء الرحلة الطويلة من سان دييغو إلى شيكاغو راح مايسون يفكر بما سيفعله . هل عليه أن يخبر روزي عما اكتشفه بشأن والدتها ؟ هل يخبرها بكل ما عرفه , أم من الأفضل ألا يخبرها بأي شئ ؟ ليس لأنه يعتقد أنها لن تتمكن من تحمل سماع الحقيقة المرة , فهو يعرف أن روزي محترفة في تحمل الصدمات . لكن في هذه القضية بالذات , ما الغاية من تعريضها للمعاناة ؟
استقل الطائرة التي ستحمله من شيكاغو إلى هيوغتون ولم يكن بعد قد وضع تصورا عما سيفعله ما إن تطأ قدماه أرض المطار ويقف وجها لوجه أمام المرأة التي يحبها .
حسنا ! وجد مايسون دولوريس كنغسلي التي أصبحت الآن دولوريس ترلير , فهي متزوجة من صاحب مصرف , وتعيش حياة مترفة في إحدي ضواحي سان دييغو .
عندما وصل إلى منزلها في اليوم السابق , كانت المرآة في الباحة الأمامية للمنزل تعتني بحوض الزهور . جلس في سيارته المستأجرة عبر الشارع , وبما أن زيارته غير متوقعة تمكن من التقاط بعض الصور لها . إنها في الثانية والأربعين من عمرها , وما زالت جميلة جدا . حياتها المتهورة في شبابها عوض عنها من خلال التمارين الرياضية الأسبوعية وعلاجات في منتجعات باهظة الثمن وبعض عمليات التجميل . هذا ما علمه من خلال بعض التحريات السرية في الجوار . سقطت خصلة من الشعر الأشقر من تحت قبعة القش التي تغطي وجهها الجميل , فيما حملت دولوريس بعض الأغصان المقصوصة بيدها التي يغطيها القفاز . إنها تعمل على تشذيب نبتة من الورود بكل أناقة وكبرياء , ما جعل مايسون يشعر فجأة بالتوتر والضيق .
خرج من السيارة وسار نحوها ملاحظا ملامح أخري فيها تشبه روزي كلما ازداد اقترابا , الجسد الرشيق النحيل مع الساقين الطويلتين , بالإضافة الى عظام الخدين المرتفعين والشفتين المكتنزتين .
ابتسمت له فى البداية بتهذيب وفضول واضحين , فلمح روزي التي يعرفها بعد خمس عشرة سنة . لكن سرعان ما اختفت الابتسامة ما إن اخبرها عن الغاية من زيارته .
أدرك مايسون بسرعة الاختلاف الكبير بين المرأة التي يحبها والمرأة التي تشاركها الدي أن أي .
نظرت دولوريس كنغسلي ترلير مباشرة في عينيه , وقالت له من دون أن يرف لها جفن : " هذا أمر حدث في الماضي "
أبقت صوتها منخفضا , فمن الواضح انها حريصة ألا يسمعها احد الجيران الذين يعيشون على الثرثرة , وألا تسمعها الفتاتان المراهقتان اللتان تعملان على غسل السيارة في الطريق الخاصة للمنزل الذى يبدو على شكل مزرعة مستقلة . تماما مثل روزي وأمهما بدت الفتاتان شقراوين ونحيلتين . قدر مايسون إن إحداهما في الخامسة عشرة والثانية في الثالثة عشرة . من الواضح أن كلتيهما غير قادرتين على قيادة المرسيدس الحديثة الطراز التي يقومان بتنظيفها بالصابون الكثيف .
لدي روزي أختان , مع ذلك فأمها لا تريد أية علاقة بها .
لم ينو مايسون السماح لدولوريس أن تنجو بفعلتها بسهولة , فهذا ما فعلته في السابق ولن يسمح لها بتكراره الآن . ليس قبل أن يحصل على الأجوبة التي تريدها روزي .. الاجوبة التي هي بحاجة إليها وتستحقها : " انظري إلي ابنتك "
قدم لها إحدي الصور التي التقطها لروزي في مدينة نيويورك . بدت روزي في الصورة مبتسمة بل تشع بالابتهاج وهي تقف على قمة مبني إمباير سيتايت , فيما حول الهواء البارد خديها إلى لون زهري . بدت جميلة وسعيدة , وبالنسبة إلى مايسون بدت فتاة مختلفة تماما عن الفتاة المشردة الجائعة التى التقطها عن الطريق العام منذ اشهر خلت . قطبت المراة الواقفة أمامه جبينها لرؤية الصورة , وابعدتها عنها بإحدي يديها , وكأن رؤية الشابة المبتسمة أمر يصعب عليها تحمله .
- اقترفت خطأ , سيد سترايكر ..
- اسمي مايسون , ويمكنني القول أنه اكثر بكثير من مجرد خطأ .
نظرت دولوريس بقلق من وراء كتفها , واخفضت صوتها حتى بدا كأنها تهمس وهي تقول : " كنت في السادسة عشرة من عمري ولا أعيش حياة ملائمة عندما ولدت كريستل "
- كريستل ؟
تأوه مايسون , ثم أغمض عينيه لبرهة . عمل من قبل في شرطة ديترويت لفترة كافية , وهو يعرف تلك التصرفات المسيئة للأطفال بسبب إدمان أولياء أمورهم . تمني أن يكون مخطئا بشكه , وتمني ألا يكون الأمر كذلك عندما سألها : " دعيني أحزر .. هل كنت مدمنة ؟ "
هزت المرأة رأسها بقوة , فشعر بانقباض في معدته .
- هجرت المنزل . كنت أعاني من مشاكل عدة , وتزوجت رجلا يعمل في توزيع المواد الممنوعة .
- تخليت عن كل شئ من أجل نزوات عابرة , وانتهى بك الأمر لتصبحي حاملا .
قال مايسون ذلك بمرارة . لم يفكر للحظة أن ما سيكتشفه عن ماضي روزي سيكون بمثل هذا السوء . جزء منه تمنى أن تنكر المرأة كلامه البشع , لكنها لم تفعل . بدت متكبرة أنيقة وبعيدة جدا عن قذارة شوارع ديترويت المظلمة .
والدا دولوريس عاشا في أحد تلك المنازل الكبيرة التي تطل على بحيرة سانت كلار , وكانت هي طفلة وحيدة لديهما . دفعا الكثير من المال لتحصل ابنتهما الوحيدة على ثقافة عالية , فأرسلاها إلى اكاديمية للفتيات على الساحل الشرقي , وكانت تبقى هناك تسعة أشهر كل سنة . كانت دولوريس كنغسلي مثالا حيا للفتاة الثرية المدللة . فقد تعمدت القيام بأي شئ لتحصل على اهتمام عائلتها . والآن , أدرك مايسون أنها وجدت ما تريده عندما أصبحت مدمنة .
ذكره ذلك بالوضع اللذي كانت عليه إميليا , ولمع بباله على الفور أنه وروزي أصيبا بجروح كثيرة بسبب أشخاص مدمنين . فكر بمرارة أن هناك من لا يكترث مطلقا لمثل هذه الأمور .
- تخلي عني والداي . قالا لي إننى ما دمت في ذلك الوضع فإنه غير مرحب بي في منزلهما وإنهما لن يدفعا تكاليف دراستي في كونكتيكت ..
- وهكذا هربت من المنزل .
- أجل . هربت , حتى إنني لم أدرك أننى حامل إلا بعد فوات الأوان .
- أتعنين فوات الاوان على التخلص من الجنين ؟
رفعت ذقنها لكنها لم تنظر إلى عينيه , إلا انه حصل على الجواب . كانت لتتخلص من روزي لو استطاعت . شكر الله لأنها لم تفعل.
شحب وجهها قليلا فوضعت المقص في جيبها , ثم نزعت القفازين من يديها ببطء .
- حاولت أن أؤمن حياة لنا عندما توفي والدها , لكن صعب على الأمر عندما استمر والداي بمعاقبتي . كان علي أن اقوم ببعض الخيارات , واعترف ان بعضها كان بائسا .
- خيارات بائسة ؟ !
قال مايسون ذلك بصوت كالرعد . لايمكنه ان يدعها تتنصل من الماضي , ماضي روزي الذى وسم بالكثير من الرفض والعذاب .
قالت له بتوسل : " أخفض صوتك "
ثم لوحت وابتسمت بفرح لابنتيها اللتين أخذتا ترمقان مايسون بنظرات ملؤها الشك والحيرة . قالت الفتاة الكبري : " هل كل شئ بخير , أمي ؟ "
- أجل , حبيبتى .
وتابعت محدثة مايسون : " أعتقد أن عليك الرحيل "
- ليس بعد .
قال ذلك بصوت منخفض , ثم تابع : " لدي ما أقوله لك سيدتي تركت ابنتك عند زاوية شارع في ديترويت . تركتها تحبو هناك وهي لا ترتدي إلا قطعة بالية في منتصف الشتاء . كان بإمكانك أن تتخلي عنها عبر وسائل قانونية , هذا بدون ذكر وسائل أكثر سلامة لها . ابنتك تستحق ذلك على الأقل . كان بإمكانك القيام بذلك لأجلها حتى لو كنت يافعة . أنت اتبعت الطريقة الأسهل , لكن ابنتك عانت كثيرا بسبب ذلك "
- لا أعلم كم تريد انت والفتاة سيد سترايكر , لكنني سأدفع كل ما تطلبانه .
تملكه غضب لا يوصف لأن كل ما تفكر به هذه المرأة هو مبلغ من المال , في حين أن ما تريده روزي هو الاحساس بالأمان . أجاب مايسون بغضب : " ابنتك لا تريد مالا . إنها تريد أجوبة , وربما فرصة للقائك . هي تريد حبك "
تراجعت المرأة خطوة إلى الوراء وهي تقول : " آه , لا ! هذا مستحيل ! لدي حياة جديدة الآن . أننى اعيش حياة هانئة وسعيدة , وانا كذلك منذ ... "
- دعيني أحزر . منذ أن تخليت عن ابنتك وعدت إلى أمك وأبيك .


hamidakarfi غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس