كانت تتناول الفطور مع والدتها باستمتاع لم تشعره منذ زمن
فرغم إصرارها على استكمال الحياة لم تكن سعيدة من الداخل
بل كانت تقاوم لتكمل
تقاوم لتثبت للجميع أنها ليست فاشلة في كل شئ ..!
ولكن مع والدتها عادت لتلك اﻷيام البسيطه التي كانت تقضيها
مع والدتها حينما يغيب والدها عن المنزل..
صوت الباب قاطع جلستهما لتنهض قائلة
" إنه الشخص الذي أرسله فاروق ..."
حينما فتحت الباب لتأخذ اﻷشياء تعجبت لكثرة اﻷكياس التي أحضرها
لتأخذهم على طاولة السفرة وتفتح بعضها لتجدها وجبات جاهزة شهيه .. وحلوى مغلفه بطريقة مميزة والكثير من الفاكهه
شهقت والدتها لتقول بحرج
" لقد أحضر الكثير من اﻷشياء وكلف نفسه للغايه
واﻷمر لا يستحق يا ابنتي ..."
هزت نوران رأسها لتردف وهي تضع اﻷشياء بنظام
"ليست كثيرة الى هذا الحد يا ماما .. دعينا نكمل فطورنا .."
ابتسمت والدتها بتهكم لتلك الذكرى التي حضرة في عقلها لتهمس
بشجن مؤلم
" ليست كثيرة ... !!! ... هل تذكرين حياتنا وقت والدك يا نور
لقد كان كل شئ بحساب حتى أنفاسنا .."
ربتت نوران على يدها لتقول بحنان
" انسي يا أمي تلك الحياه وحاولي الشعور بالراحه .."
قاطعتها والدتها لتقول وهي تنظر لها بعينين مليئتين بالدموع
"وهل يشعر محمد بالراحه .. أين هو ..؟؟ .. كيف هي حياته ..؟؟
هل هو بخير .. ؟؟ ..سيجن عقلي يا نوران والسنوات تمر وأنا لا
أعلم عنه شئ ... إن كان بخير أم ...."
اختنقت نوران بغصه قوية هي اﻷخرى لتقول برقه
" هو بخير يا أمي فتوقغي عن القلق ... هو مخطئ أنه تركنا
ومخطئ أنه لا يهاتفك كي يطمئنك عليه ..."
شهقه مختنقه خرجت من صدر والدتها تزامنت مع تلك الدموع التي
أغرقت وجهها لتقول بتعب
" لا تظلميه يا نوران .. لقد كاد والدتك يقتله آخر مرة .. حينما كان يضربه على الدرج ووقع محمد ليضع والدك رقبته على حافة الدرج.."
وهل يمكن أن تنسى ..؟؟
ذلك اليوم محفور في الذاكرة ... فهو نفس اليوم الذي هرب فيه
محمد من المنزل وتركهم وحدهم
سمعت حشرجه أنفاس والدتها المختنقه وصوتها الحزين
" لقد كان يخرج فيه غضبه المكبوت لسنوات من جدك .. لقد كان جدك
شديد القسوة على والدك ولكن الفرق أن والدك كان مستسلم وصامت أما محمد فكان يجابه والدك ولا يخضع لتسلطه وكان عقابه الضرب المبرح .."
غامت عينا نوران بحزن واشتياق لشقيقها
كيف يبدو الآن وقد مرت السنوات وغيرت الحياه كل منهما ..؟؟
كيف يعيش ..؟؟
كيف مرت حياته السابقه بعيدا عنهم ..؟؟
يا الله .. الحياه صعبه للغايه لمن مر بتعرقلاتها
أخذت نفس قوي لتبتسم ابتسامه صغيرة حزينه بعض الشئ
لتقول لوالدتها
" ماما .. اليوم لا نريد حزن .. ادع الله أن يكون بخير .. ودعينا نقضي
اليوم سويا ونفرح قليلا ..."
مسحت والدتها وجهها لتقول بأسف وهي تنهض لتقضي اليوم
مع ابنتها الحبيبه
" لا تغضبي مني يا ابنتي .. أفسدت عليك فرحتك غاليتي .. دعينا
ننهض من تلك الجلسه البائسه .."
|