[شفاء العوير]

لو كانت الغربة رجل لقطعت رأسها

نعم إنها الغربة وأوجاع الغربة هي ما تكسر الرجال، وتقتل الأمل في قلوب النساء، هي الغربة ما تجعل الشباب يشيبوا قبل الأوان، وما تجعل الأطفال يكبروا قبل تعلمهم الكلام، الغربة هي ما تجعلنا نبكي طوال الوقت، وما تجعل من الهاتف حياتنا كلها، الغربة ما تجعل لساننا يسرع بقول عساه خير حين رنين الهاتف، وتجعل من أيامنا أرقام نعدها إلى حين اللقاء، الغربة تكسر الإنسان وتجعل منه شخص بلا روح، وتجعل الحياة بلا طعم، الإبتسامة ناقصة، فرحة التخرج مبتوره، وتجعل من الفستان الأبيض غصة، الغربة فقط ما تحول أيامك إلى سواد، فرنين هاتف واحد يجعلك تحيى أياما على نار، تسمع الأخبار تنتظر الصور، تدعو الله بكل طاقتك بأن يالله أجعلهم سعيدين، غربتنا صارت أقسى منذ بدأ الكل يكبر، فصار الموت والمرض يصحبون كبارنا وبركة أيامنا، صارت أقسى عندما لا تستطيع أن تشارك بجنازة أحب الناس إلى قلبك، ولا أن تقف بالصف الأول تتلقى التعزية به، فصرت تعزي نفسك فقط في بيتك البارد الخالي من الحياة، صارت أقسى عندما يصلك بكاء غالي على قلبك وكلماته تخبرك بأن حبيبة قلبك وبهجة أيامك مريضة، إنها طريحة الفراش، تجد دموعك تهطل دون توقف ولسانك يدعو لها يارب سلم يارب سلم، وقدماك تحملانك إلى التقويم لتعد الأيام والليال، وتنتظر صورة أو كلمة من أحدهم تبرد قلبك الملتاع، الغربة تصبح أقسى بدموع والدك الحبيسة على من فرقته عنهم الدنيا، تصبح أصعب بمرض أمك شوقا، وبيداك المقيدة بالصمت ولسانك الذي يدعو الله وحسب، يارب هون أيام الغربة علينا ودعها تمضي بسرعة فالشوق قاتل فالشوق قاتل.