عرض مشاركة واحدة
قديم 06-07-17, 06:51 PM   #1597

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

الفصل الثاني و العشرون
(22)

دون وعي منها أخذت يدها تشد على المقود، و التردد مع الخوف يثبتها بحزام أمن آخر للمقعد... ترفع عينيها للمبنى من نافذة السيارة ثم تنزلها للسيارات أمامها، و عقلها لا يتوقف عن اخبارها أن التراجع مازال ممكن... ظلت على حالها تتأرجح بين الفعل أو اللا فعل و التوتر ينهكها إلى أن وجدت نفسها تميل برأسها لترتاح على المقود و هي تعيش شعوراً بالاستنفاذ الكامل و كأنها حلقة وصل فقط تُعَبَّئ لتملأ الآخرين بما يمر عبرها من مشاعر... و المشكلة أنها عاشت تلك المشاعر بالكامل و تمرغت بها و أحبتها و لوهلة –بحماقة- ظنت انها لها...
كحالها قبل يومين عندما احتضنها و ضمها و أعطاها تلك الوفرة العظيمة من تلك المشاعر التي ظنت بسذاجة أنها لها، لكنها كانت لأجل شيء آخر... لأجل أن تبقى لأبنائه بينما هو يلاحق خيالات لنساء أخرى... لأول مرة تشعر بألم مهاب عندما اعتبرته وسيلة للانتقام، و وسيلة للأنوثة و وسيلة للأمومة... الآن هي واثقة انها نالت محكومية عقوبتها كاملة معه، و مدركة أنها استوفت كافة الشروط لتبحث عن حريتها خارج تلك الجدران...
رغم تشجيعيها لذاتها إلا أنها ظلت على حالها تشد على عينيها حابسة الوجع... لقد سافر لأجل الأخرى بعدما انتهى من تشبيع نفسه بمذاق الأولى... ليست نيران غيرة بل خذلان... خذلان مريع ما تشعر به... كذبة كبيرة انتسبت إليها و الحلم الذي عاشته في تلك الليلة، كان وهما ضخم... بل كان غباء أن تربطه بما يحدث بينهم...
لذلك ستسقطه من المعادلة و ترسله لما قبله من الاحلام، و تعود لما طلبته قبل كل ما فات بعدة ساعات...
الطلاق...
هي تريد الخروج من هذه المنطقة الرمادية الخانقة و التي جرها مهاب لها و كبلتها امومتها و رغباتها بها...
ستظل دوما غير كافية لمهاب أو لأي شخص آخر... الاكتئاب الذي سيطر على مشاعرها كان خانق... لم تحاول ان تفعل أي شيء مما كانت الطبيبة تنصحها به... الحبوب كانت حلم بعيد مريح لكن رؤية طفليها أشعرتها بالاشمئزاز الذاتي ان تفكر بها مجرد تفكير...
ماذا بيدها ان تفعل؟؟
لقد كتبت عليها الوحدة الكاملة من أي بالغ و هاذان الطفلان فقط ينتميان إليها كما ينتمي أي طفل لمربية بديلة...
تذكرت في زمن قديم عندما قالت لعلاء -وقت أن كانت بنصف عمرها الحالي- أن أبنائها لن تربيهم قط مربية... لآخر لحظة كانت ستحولها لأبنائنا ثم جعلتهم لها...
و هو ضحك و قال انه أصلا لن يدخل خدم لداره على الاطلاق... ثم نظر لها نظرة خبيثة ذات معنى مزدوج لم تعلمه حتى الآن...
"هذا طبعا إن فقدت عقلي و تزوجت... سأكون و سأبقى دونجوان عصري و اغزو العالم أجمع!"
"دونجوان؟؟ ما معنى دونجوان؟!"
فقط لو سمعه زياد يشرح لها ما قصده من معاني كلماته لها؛ لكانت حياة الرجل اختلفت مع اعاقة دائمة نتاج ما نور به أخته البريئة الطفلة!
ابتسمت بوجع و هي تفتقدهم...
يا الله كم تفتقدهم و تفتقد تلك الحياة و هي تعلم أن بكائها و شوقها لن يغير الواقع لكنها لن تقتل انسانيتها بقتل الشوق... لن تقتل انسانيتها بعدم المحاولة...
اعتدلت أخيرا بعزم تنظر للمبنى حيث مكتب علاء رافع ياسين...
ثم ترجلت من السيارة و قد حسمت أمرها...
هي معركة طويلة تواجه بها ماضيها كله...
ستحارب ليس الخصم و لكن الخسران... و لو لم تنجح فعلى الأقل هي كافحت!
و بهذه القوة دخلت المبنى...
***
جالسة بسيارتها في المرآب الخاص أسفل مؤسسته الضخمة... التردد يطغى على ملامح وجهها و هي تفكر بما يجب عليها فعله... هل سيتقبل علاء كل ما هي ذاهبة لتلقيه بوجهه... تعلم كم يريد هذا الطفل و تعلم كم هو بحاجة له ليستقر زواجهم أكثر مما يظن أنه لأجل يزن... أغلقت عينيها و هي تسند رأسها لمسند المقعد...
الطاقة الفائرة تحولت لفاترة...
ماذا لو تعامل معها ببروده... ماذا لو أخبرها أن الحب لا يهم و أن هذه المشاعر السخيفة كانت خارج المعادلة منذ البداية... هل ستتحمل؟؟
اعتدلت و هي تأخذ نفس عميق قبل أن تقرر أن الجلوس في السيارة و التوقع لن يوصلها لأي مكان... لذلك تحركت صاعدة للأعلى بحثا عن الجواب...
عند زوجها المحامي علاء رافع ياسين!
***
شد على نواجده و هو يقاوم أن يفعل شيء أحمق... شيء غبي... شيء يلائم أن يستفتح يومه بها...
لين الصانع؟؟
ما الذي جعلها تتذكره اليوم؟؟
أخذ نفس عميق و الاتصال منها يتوقف لثوان، ثم مرة أخرى عاد رقمها الجديد يومض و الذي كان معه منذ زمن، و ذلك تحسبا لأية خطوة منها غير محسوبة أو مدروسة... و الآن هي تعدو نحو خطوة من تلك الخطوات... توقف الاتصال مرة اخرى و قبل أن يقوم بحظر رقمها من هاتفه فوجئ باتصال من السكرتيرة تخبره ان الفتاة تنتظره بالخارج...
طحن على أسنانه و هو يفكر بطريقة لحل تلك المعضلة... لين بالنسبة له كعلامة نذير لمصيبة... لا يمكن أن تتواجد بمكان لتنشر البهجة و الراحة و السلام...
لذلك هي قادمة بمصيبة...
و يفضل ان يستقبل المصيبة قبل أن تتطاول و تصل لزياد، فمازالت وعود زياد بدفنها حية تنبض في عقله...
لذلك و كصديق حقيقي أمر أن تدخل لمكتبه.
***
لأول مرة تشعر بهذا الخوف بداخلها حين جلست دون اعتراض تنتظر المحامي أن يوافق على أن يقابلها... ستنتظر حتى آخر اليوم أو حتى لليوم التالي ليفعل ذلك... لا يهم، طالما تجرأت، فلا يهم!... السكرتيرة لم تنظر لها نظرات متهمة أو محتقرة كما توقعت، مما يعني أن اسم لين الصانع ليس من المحظورات هنا... رحبت بالشرود و هي تتذكر لقاؤها الصباحي مع أطفالها و محادثتها معهم و محاولة شرح ما ستفعل و ما سيحدث...
تذكرت نظرات محمد بعيونه الواسعة و رموشه الطويلة التي تشرح التعود على الخذلان... لكم تمنت أن تضمه لكنها علمت متأخرة من مهاب أنه يكره كل انواع التواصل الجسدي بعدما عاينه بعض تجار الأطفال كبضاعة و عَرَّاه و فحصه بالتدقيق...
مازالت تستطعم المرار بحروفه و هو يخبرها كيف خطفوا الطفل من أمه و هو غائب و قرروا أن يثروا عبره... استمعت إليه بوجع و هو يخبرها -وقت أن كانت تكافح لأجل كذبة زواجها- أنه نال تلك الطعنة على جانب فمه للتوحش الذي انسكب من جسده و هو يهجم عليهم محاولا استرداد ابنه..
لكن كل ذلك لم يمر بلا ثمن فمازال محمد يتحرك ببراءة طفولته عبر عقد صنعت به و تتضخم، و كلما كبر و فهم لم حدث ما حدث، كلما كبلته تلك العقد...
لذلك فقط ربتت على شعره و هي تنظر لعينيه بنظرة خاصة و قد تجمعت الدموع في عينيها...
"ستظلون أبنائي للأبد... امك ماتت محمد، أليس كذلك؟... لا أحد سيأخذ مكانها و ستظل تذكرها للأبد... انا لا أستطيع أن أكون أم... لا أستطيع ان أنجب اطفال... لذلك أنتم ابنائي الوحيدين... لم أنجبكم من رحمي لكنني انجبتكم من روحي... تذكر انني أحبك للأبد محمد و سأكافح لكي تبقى علاقتنا للأبد... لا تنسى ذلك أبدا..."
ثم التفتت للمى التي لم تفهم بالمجمل ما تقوله لين...
"أما انت يا شقية فكل الحكاية..." ابتسمت و هي تستجيب لدلال لمى و تحملها لتضعها في حضنها كما لو كانت أقل عمرا...
يا الله كم هي مخادعة تلك الطمأنينة التي أعطتها للطفلة...
كم هي كاذبة بهذا الكفاح المضني الذي لا يعني شيء...
لذلك كما لين دوما ستلتف لأجل الأمر و سترى حلا آخر بعدما أقفلت صفحتها مع مهاب...
"أنت هي نور حياتي و كل قصتي... منذ البداية كنت انتظر قدومك لتعطيني دفقة من الحياة... لذلك لا تصدقي أبدا أنني سأنساك أو أنسى وجودك... تذكري دوما ما أقوله..."
هنا سألت الطفلة ما شرحته لين و ما تريد أن تتأكد منه بلا عبارات كبار متفلسفة...
"إذن لين لم ستتركيننا... لم سترحلين؟؟"
حدقت فيها قبل أن تقول بتشبيه مقارب...
"هل تذكرين صديقتك تلك التي انفصل والديها و كل يقيم في بيت منفصل... تبقى أيام عند أمها و أيام عند والدها... سأكون هكذا... أعلم أنه صعب عليكم لكنك تحبينني و تحبين أن أكون سعيدة... و أنا الآن لست سعيدة... بل حزينة جدا... هل تذكرين كيف كنا قبل مجيء مهاب... نلهو و نلعب و نخرج و نخطط سويا... سوف نكون كذلك لكن ليس لكل الوقت... و خلال الوقت الذي سأغيب فيه عنك سوف نتواصل و نتحدث طوال اليوم... الأمر ليس صعب أو مستحيل أليس كذلك؟؟"
"تفضلي سيدتي... السيد علاء سيستقبلك الآن..."
أخذت نفس عميق و تلك تستعيدها لأرض الواقع... الآن هي تحارب فعليا لأجل كل ما ضحت لأجله أن يظل نظيفا لا أن يبدو كذلك...
و بحزم و ثقة دفعت الباب الذي يبدأ سلسة الأبواب التي ستحررها من أن تبدو!
***
دخلت المكتب بتوتر و رغما عنها شوق يندفع في عروقها... لم تتوقع منه أن يرحب بها أو حتى ينهض لاستقبالها، لكن موافقته على استقبالها كان موجع بالأمل فيه... نظرت إليه و هو جالس كعادته في مكتبه بسيطرة على الغرفة كلها... الاسترخاء الكاذب يرشح منه مخبرا إياها أنها مازالت تؤثر به و لو بالاشمئزاز... صديقها القديم... نصف أخ و رجل في وقت الشدة تركن إليه و قد جربت ذلك كثيرا... ثوان ظلت واقفة مكانها لا تعرف ما يجب عليها فعله، ثم نصبت ظهرها و شحنت عزيمتها قبل أن تتحرك للداخل تتخذ مجلسا قبالة مكتبه دون دعوة... حائرة مقابل صمته البارد فتبدأ بطريقة ساذجة بأول ما خطر ببالها...
"كيف حالك؟؟"
سؤالها الأخرق بدا غير ملائم لعلاقتهما التي بترت بترا بالكامل... كانت قد ابقت بعض الأوردة الخبيثة بينهما و لكنها مع فعلتها الأخيرة بزياد تمزقت و نزفت دم فاسد للأبد...
"حقا لين؟؟"
شدت على أسنانها و هي تحاول أن تنجح اجتماعيا... تذكرت كلمات جابر لها قبل عدة أيام و هو يرفع معنوياتها و يخبرها أن مهاراتها الاجتماعية ممتازة فقط لمن يستحق... نحت الخزي و العواطف القديمة و رفعت عينيها إليه بنظرة صافية...
"حسنا... فعلا كيف حال، كيف هم ابنائك و زوجتك؟؟"
لثوان كان سيطردها من المكتب و قد نفذ صبره منها و من الضيق الذي تكوم فيه مع مرآها، لكنه توقف و تسلية ما بدأت تدير افعاله...
"ابن واحد... يزن... و زوجتي بخير حال... في الحقيقة هي حامل الآن... لذلك يمكنك أن تهنئيني على اختياري... فقد حصلت على كل ما يريده أي رجل... زوجة و أطفال و بيت دافئ... هل هنالك شيء أكثر!"
لِم كل الرجال يكونون خبثاء بطريقة غبية عندما يريدون أن يهينوا امرأة؟...
هل هي صفة يولدون بها كما يولدون بكروموسوم الواي!
على العموم اهانتها بنقيصتها أن تكون أم ليس بالأمر الجلل طالما هو ليس زوجها الذي تركها بعدما حرق فراشها و انطلق لينقذ حبيبته الأخرى!
"هل تعلم؟؟"
ابتسمت ابتسامة حلوة صدمته لدرجة أنها كادت أن تضحك...
"أنا سعيدة فعلا لأجلك... تلك هي الحياة التي تستحقها علاء... بيت و زوجة و أسرة و حياة دافئة... إن كان شخص سينجح في صنع هذه الحياة و الاستمرار بإنجاحها فهو أنت!"
لثانية واحدة صدقها، لكنه مع علمه بمكرها فلا يستنكر إمكانية علمها عن انفصاله المؤقت عن هدى، و سخريتها منه. تلك السخرية جعلت البرودة تتسلل لتعيد علاء لصراطه المستقيم...
"شيء آخر بعد لسعادتك سمو الأميرة... أظن أن دوري في الترفيه عن حضرتك لا يشمل عروض أكثر!"
شفتها التي كانت تبتسم بسعادة لأجله الآن مالت ببسمة مرة بعض الشيء لكن إن كان يريد اللعب البارد فهي ستكون على قدم المساواة معه...
"لا... لقد انتهت تلك العروض المسلية..."
لثوان حدق بها قبل أن يسأل مرة أخرى بشكل مباشر...
"لين... بصدق وقتي ثمين و ستدفعين مبلغ جيد لإضاعته لذلك أخبريني لم أنت هنا و ماذا تريدين؟؟"
ظلت تنظر إليه دون مبالاة بوقته الثمين قبل أن تميل عبر المكتب ناحيته...
"أريدك أن تكون محامي الخاص!"
لو أنها أرادت أن تضحكه بعد يوم حافل لكان من المفترض أن تأت بعد ثمانية ساعات، أما أن تضحكه مع أول يومه فهي سابقة... لكنه لم يضحك و هو يرى ملامحها الهادئة الجادة... تلك الجدية جعلت عقدة تتشكل رغما عنه في معدته...
"ما هي المصيبة التي قمت بها؟؟"
لهجته الجادة مدعومة بنظراته الحادة جعلت شبه بسمة تتراقص على شفتيها قبل أن تقول بهدوء شديد...
"لم أقم، لكنني سأقوم!"
عقد حاجبيه لتقول بثقة أكبر...
"أريد أن اخلع زوجي!"
إن كانت تظن أنها ستؤثر بعلاء فهي واهمة و لم تهتم لوهمها و هي تكمل...
"المشكلة هي لمى... أريد وضع قانوني لي في حياتها!"
الآن فهم أخيرا ما تريده...
بقوة ألجم مشاعره من الطفو و هو يسأل بهدوء مهني..
"لم تطلبين الطلاق لين؟؟"
أعطته لثوان نظرات مبهمة قبل أن ترد...
"إن وافقت أن تقبل على تمثيلي فسأخبرك كل ما لدي و أظن أنه سيندرج تحت بند السرية بين العميل و محاميه... لكن حتى ذلك الحين يجب أن تعرف السبب الذي ربما قد يهمك: أريد القصاص الذاتي!"
عقد حاجبيه بلا فهم لتبتسم مرة أخرى بمرارة...
"يجب أن أنال قصاصي علاء... أظن أن هذا ما يقض مضجع زياد أنه لم ينتقم مني... أنت تعرف كيف هي عائلتنا و كأن لنا جذور صقيلية... لذلك ستبقى حلقتي أنا وزياد مفرغة ما لم ينل قصاصه مني... بالنسبة لي أي دم سيكون أهون من هذا التجاهل... لذلك أريد القصاص علاء... أريد أن أرتاح!"
بلا أية انفعالات ظل ينظر لوجهها قبل أن يهز رأسه نافيا، و هو يرمي سهمه مباشرة...
"إن كنت تريدين عبر كل هذا أن تتقربي من زياد من خلالي فأنت واهمة... لا يمكنني أن أتركك أن تعيدينه لما كان عليه بعد كشفه لفضيحتك!"
هزت رأسها عدة مرات نافيه...
"لا أريد أن أتقرب لزياد عبرك و لا عبر غيرك... لو أردت لطرقت باب بيته و أرغمته على الجلوس معي... و سيكون أكثر تعقلا أمام طفله و زوجته من أن يجرني من شعري للطريق... لا أريد ذلك الآن... سيأت وقت زياد المناسب، و سيكون مجبرا على سماعي".
ثم مالت عبر المكتب قبل أن تقول...
"هل تعلم ما ميزة القصاص... أخذ العقوبة بدلا من تعليقها... أنه يريح المجرم... بكل تأكيد كمحامي تعلم ذلك... أنا متعبة منذ خمسة أعوام و نصف، أنا منهكة... أعيش بتكرار يومي جحيمي الذاتي... بتر زياد لي ليس إلا كوقف المحكمة لمنحي حكمي و تركي أتلظى كل يوم و أنا أنتظر الحكم... لذلك أنا سأحاكم نفسي... أنا سأريحكم و أقتص من نفسي... و صدقني سأرضيكم جميعا!"
رغما منه سرت رعشة في أطرافه لم تلقطها هي و المرارة مازالت متشبثة بكل حواسها....
"أنت لن تقفي أمام سيارة ما و تقتلي نفسك كما تلك المرة!"
هزت رأسها مرة أخرى بنفي...
"لا... هذه طريقة منتشية جبانة... يجب أن أعيي ما يحدث لي... يجب أن أشعر به بالكامل..."
ظل ينظر إليها لثوان و هو يتمنى لو يمكنه أن يصدقها... لكن لين تفوقت على نفسها في تشويه نفسها!
"صدقا لين... لمرة واحدة لعينة كوني صادقة مع نفسك قبلي... لم أنت هنا... هل خلاف العشاق بينك و بين عشيقك أقصد زوجك جعلك تحنين لرجل يحترم و يقدس الزواج؟!"
أخيرا سأل و يداه كالمعتاد تعبث بقلمه الفضي الأنيق... أما عنها فقد تصلبت لثوان ثم استرخت كتفيها مرة أخرى و هي ترد عليه...
"يمكنك أن تهينني كما تشاء... يمكنك أن تلقي علي التهم أكواما... لكنك أكثر شخص يجب أن يشكرني لأنني أفسدت تلك الحماقة المسماة خطوبتنا!"
رغما عنه انتبه لها لتكمل بهدوء...
"أنت لم تكن تراني أكثر من أختك الصغيرة... لذلك ما كافحت لأجل شيء أكبر... و أنا لم أرى فيك إلا أخ أكبر... و لم تكن لتبرح تلك الصورة... زواجنا كان سيكون أكبر نكتة... و عند فشله روابطك مع زياد ستفقد قوتها... لذلك علاء كن صريحا مع نفسك و لو مرة واحدة و أشكرني على خدمتي المجانية!"
طحن على أسنانه و هو يقول رغما عنه بحقد رجولي...
"ليته كان على الأخوة أو النجاح و الفشل لين... هل تعلمين كيف شعور الرجل عندما من تسمى خطيبته تعابث آخر و تستعمله كوسيلة لإثارة غيرة ذاك و قهر هذا... هل تعلمين؟؟ لو لم تفهمي حتى الآن كم هو مقزز هذا إذن فأشك بطهرك من الحبوب كما تزعمين... "
ثم هز رأسه من غبائه و هو ينفتح مع هذه...
"لين... حتى الآن لم أفهم لم انت هنا... تريدين القصاص أو التطهر أو أية نكتة جديدة، لكن ذلك حقا لا يهمني و لا يفسر وجودك هنا... و بكل تأكيد انت تعلمين أنني لن أمثلك قانونيا... و تعلمين أنني لا أهتم لأجلك و لو مقدار شعره... لذلك لا تضيعي وقتي اكثر من ذلك!"
أخذت نفس عميق تقوي به نفسها...
"أريد أن أعتذر... أعلم أنه ليس بكاف لما فعلته بك و بزياد و أنت تحمل نفس وجعه... لكنني لا أملك إلا أن أعتذر... عذري أنني لم اكن بعقلي... دون أن تقول أعلم أن اعتذاري غير مقبول... و لا أفعل هذا لأجل فقط فعله و لكنني أقسم لك أريد أن أريحك و أريحني... الغضب و الكره سيء... فقط تخلص مني و منه و سامح!"
مط شفتيه باستهانة...
"بجدية لين... أنت تعطين نفسك مقاما أكبر مما تستحق... أنت لا تخطرين ببالي إلا لو رأيت اسمك أو اسم زوجك في أي مكان عدا ذلك أنت أقل همي... لذلك مسامحتك أو عدمها لا تعنيني، بل كلك لا تعنين عندي شيء... لقد انتهى الوقت الذي يهمني وجودك على هذه البسيطة... ببساطة كنت على قيد الحياة أو لم تكوني لا يفرق معي... لذلك يمكنك أن تطمئني من ناحيتي..."
ثم نهض أخيرا في طرد مباشر له و هو يشير للباب لكنها لم تنهض و هي تقول بتردد...
" حسنا، كما تقول... لا أعلم إن كان هذا جيد أم لا و لكن... و لكن أريد أن أسألك سؤالا..."
ثم أخذت نفس قوي قبل أن تسأل...
"لو انفصلت عن مهاب... هل لي أية حقوق في الأطفال؟؟"
عقد حاجبيه وهو مازال على وقفته... اطفال؟... كل علمه هي فقط لمى...
"محمد طفل جاء به مهاب من ميانمار... إنه ربيبه لذلك أريد أن أعرف هل لي أية حق بزيارتهم و لو زيارة أسبوعية أو شهرية..."
أغلق عينيه و هو يكره أنه تأثر بالأمل في عينيها... تلك النظرة تتركه يبحر في ذاكرته و هو يراها تأمل فيه الكثير في مراهقتها و كأنها بطل خارق... تلك النظرة الآملة التي كانت تدفعه دفعا ان يكون بطل لأجل اعطائها فخر أخرق!
و تلك النظرة التي سممت حياته و حياة صديقه... يجب ألا ينسى هذا أبدا...
"هذه الأمور عادة تتم بالتراضي... لكن بشكل قانوني بحت: لا، ليس لك أية حق بأي منهما... لا لمى و لا محمد ذاك... لذلك و لو أردت نصيحتي ابقي كما أنت... حتى لو فعل بك زوجك مصائب الدنيا... لا تدعي تضحيتك لأجل الأمومة تذهب هباء... صدقيني هذه نصيحة مجانية و ثرية..."
نهضت بأناقة تقبل انتهاء المقابلة و هي تعدل حزام حقيبتها على كتفها...
"شكرا للنصيحة علاء، لكنني عشت فيها لمدة طويلة و أجد أنني لم أعد قادرة على التحمل... يوجد للإنسان حدود... انت بكل تأكيد أكثر شخص يعرف هذا الشيء... و أنا قد وصلت لبعد سقفي بطوابق عديدة... لذلك لو كنت سأوجع نفسي بالتحرر فسأفعلها..."
ثم استدارت خارجة من المكتب و هي تقول دون أن تلتفت إليه...
"رغم كل شيء... سعيدة لأنك سعيد هانئ مستقر علاء... هذا ما تستحقه... زوجة محبة و أطفال كثر و هناء و رضا... لذلك –حتى و إن كان ذلك لا يهمك، أنا فعلا سعيدة لأجلك..."
و قبل أن تلج عبر الباب...
"بلغ زوجتك عني التحية و السلام... و بارك لها بحملها الثاني... وداعا..."
***


يتبع...............


eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس