عرض مشاركة واحدة
قديم 06-07-17, 06:52 PM   #1599

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

حسنا... لو كان يظن أن يومه بدأ بطريقة غريبة فهو مازال واهم... فبعد نصف ساعة من تنفسه براحة خروج لين بلا خسائر و هو فعلا لم يفهم بالضبط سبب تواصلها معه، إلا أنه وجد سكرتيرته تنبهه على وجود زوجته خلف الباب...
اضجع على كرسيه بسخرية ينتظر دخول الأخيرة و هو يتخيل كم هي ساخرة حبكة قصته... ساخرة و مستفزة حقا... لو أخبره ألف ساخر ان تواجد هدى الآن من قبيل الصدفة فلن يصدق...
لكن دعنا من ذلك و ليستفيد من غيرة هدى الأكيدة و ليرجعها و لو بطريقة ملتوية لبيته...
و بعدها سيبحث عن الجاسوس في مبناه و الذي يغذي –لصدمته- زوجته بتلك القصص الظريفة...
أو ربما يكافئه لو استعادها!
و كالمعتاد شعر بعقدة في معدته من المشاعر و هو يرى زوجته تدخل المكتب بتوتر و قلق... لم تكن هي تلك الواثقة منذ يومين و لم تكن الغاضبة منذ عدة أيام، بل هي امرأة اخرى متوترة قلقة، و كأنها لا تعرف أرضها من سمائها، إلا أن هذا لم يمنعه من أن ينهض و يتجه إليها في شوق حقيقي، و تحية محبة، بل احتضان لجسدها المتصلب. مجيئها للمكتب حتى لو لأسباب ملتوية أسعده... مجيئها إليه لا المكتب...
عن هدى لم تفاجأ به و هو ينهض ليستقبلها باحترام و يحتضن جسدها المتوتر بشوق، و يقودها لتجلس على الأريكة المزدوجة بألفة و يجلس جوارها ثم يطلب من السكرتيرة أن تؤجل كل مواعيده لما بعد هذا اللقاء و لا ترسل له أية اتصال...
بحيادية كان علاء يحاول دوما أن يجعلها تشعر أنها مرحبا بها في أية زيارة لمكتبه، و رغم ذلك زياراتها كانت جد نادرة، و كلها لهدف، لا لتدلل أو شوق أو أية عاطفة تدل على الضعف الأنثوي، بل كانت لأسباب ثقيلة تحتاجها فعلا لأن تذهب إليه...
لذلك ذهابها العفوي إليه بثياب بيتية قطنية بدا نوعا ما خارج حدود سيطرتها الذاتية... سمعته يرحب بها و بسمة ترتسم على شفتيه... هل حقا هذه البسمة لأجلها؟!
"نورت المكتب هدى... لا تتخيلي مدى سعادتي بهذه الزيارة المفاجئة بطريقة رائعة..."
ابتسمت ابتسامة متوترة و هي تفكر أنه لن يكون بهذه البسمة و هذه السعادة بعدما تخبره ما ستخبره به...
"ماذا تفضلين أن تشربي... متأكد أن زوجة عمك لم تدعك تخرجي بلا افطار... دعيني أخمن أكيد لا قهوة و الشاي الأحمر قرأت أنه مضر بالحمل... ربما أحضر لك عصير طازج... فقط أي نوع تفضلـ......."
"استمع إلي علاء... لدي ما أخبرك به أهم من العصير!"
قاطعته بتوتر و كرمه لأجلها و مراعاته خنقتها حقا، لدرجة أن بشرتها احمرت!
"فقط استمع إلي و لا تقاطعني... ربما ستفهم لم فعلت ما فعلت و لم قلت ما قلت... بكل الأحوال... أنت تستحق أن تعرف الآن الحقيقة!"
و مع نظراته المركزة على عنقها المنحني و عقدة حاجبيه المركزة و يديها التي تطقطق مفاصلها بتوتر بدأت تخبره بكذبة حملها و سببها...
لحظات صمت مرت و هو يحدق بها بملامح مسودة و كراهية حقيقة تنبت فيه...
لقد أراد هذا الطفل... ربما أكثر من يزن أراده... أحبه و اشتاق له بل فكر ببعض الأسماء الملائمة له لو كان ذكر أو أنثى... و الآن ببساطة تسحب منه هذا الأمل...
رغما عنه تنفس بقوة و كلماته محتقرة راغبة بإيجاعها مثلما أوجعته...
"إذن كل هذا لأجل الحقير ابن عمك!"
رفعت رأسها بحدة إليه بعدما تجملا بالصمت طويلا نتيجة لاعترافها... ظنت أنه سيفكر بعقلانية لكنه انطلق كسهم موجه لأيمن كالمعتاد!
"و الآن و بعدما اشترطت شرطك السخيف تأتين لتخبريني أن كل ما شعرته من انتماء لطفل طالبتك به طويلا كان كذب... فقط أردت أن تسيطري على جميع الخطوط و بالتأكيد بعدما يرحل ابن العم العائق و يهدأ غضب الزوج الأحمق الذي سيوفر لزوجته كل ما تريد تقوم السيدة هدى بإظهار الحقيقة!"
البرودة في حروفه جعلت بعض التوتر يستبدل بالعصبية و الغضب...
"لو كنت كما تقول لما تحملت عناء المجيء هنا و الاعتراف بكل شيء و لأكملت الكذبة، و بلا من ذلك، أخبرك أنني فقدت الطفل نتيجة للتوتر بسببك و سبب اهمالك و حالتي النفسية... لو كنت مادة لحقيرة متسلقة لكنت أجبرتك -و أنت تعلم أنك لن ترفض لي طلب عندما اكون حامل- أن تصالح ابن عمي و تنهي هذه الزوبعة... لا علاء، لا يحق لك و لغيرك نعتي بأية نعت مما ذكرت... فقط لأجل احترام لك رغم انك وقتها ما منحتي شيء منه، لكن لأجل هذا الاحترام كذبت على عائلة عمي، و لم أرد أن تفسر بقائي في بيتهم و أيمن موجود بطريقة مختلة كما تفكر الآن، مع أنك تعلم أنك لا حقوق لك بعد وقوفك بصف امي... لذلك لا تخاطبني و كأنني الساحرة الشريرة التي جاءت لتدمرك بعدما تسيطر عليك... أبدا لا تتجرأ على فعل هذا!"
رغم غضبه العالي و سقوط أحلامه لتتحطم في الأرض بعدما امل كثيرا بهذا الحمل إلا أن انفجارها المتوتر و اتخاذها للدفاعية بهذه الطريقة جعله يزم شفتيه و هو يحدق بها بتدقيق و كأنه يقرؤها... تلك النظرات القريبة مع مجلسه جوارها أزعجتها حقا، لتعود فتخفض عينيها لأصابعها المسكينة...
مادامت قادرة فعلا على الخروج من الخدعة بلا تمريغ كرامتها بالأرض لم جاءت إليه تهين نفسها...
برزت كالضوء الساطع في رأسه... لين الصانع...
كانت شكوك و الآن تحولت ليقين... لم تكن هدى لتسلم مملكتها دون قتال و لين كانت دوما نقطة خلاف مموهة في حياتهما... تذكر سؤالها المتكرر عن علاقتهما و مدى عمقها و قد ظن أنها غيرة أو تملك لكنها كانت حكاية اكبر من ذلك... بكل تأكيد زوجته تعلم رغبة لين بالانفصال و ظنت أن الأخرى جاءته لكي تستعيد كل شيء بضربة واحدة...
هذا التفكير العبقري العميق لم يأخذ الكثير من الوقت لكنه كان بالنسبة لهدى عمرا من التوتر يكاد يضيف خصلة شيب لشعرها...
"إذن..." رفعت رأسها بحدة إليه و هو يتحدث ببرود مع نهوضه و عودته ليجلس بسيطرة خلف مكتبه... البعد زاد بينهما كثيرا بهذا الانسحاب و هو يعلم ذلك أكثر منها، لكنه بحاجة للسيطرة على كل عواطفه... يداه تعابث كالمعتاد قلمه الفضي المفضل...
"إذن أنت جئت إلي لكي لا تدعيني أتمرغ طويلا في سعادة كذبة الحمل الذي كنت أترقبه و اكاد أرجوك لكي توافقي عليه... و هذا طبعا لا علاقة له بابن عمك المتيم و لا علاقة له بأي شخص خارجي... فقط استيقظت على فكرة أنه من عدم اللائق الكذب على زوجك اكثر... فعلا سمو خلقك سيدة هدى يذهلني..."
شدت على نوادها تحبك الغضب... لم تتوقع منه هذا التصرف الصبياني... ظنت أنه سيتضايق لكن ليس كهذه الطريقة... لذلك وجدت نفسها تندفع...
"لقد أخطأت... مرة واحدة أخطأت... حسنا... اثقل كفة ميزاني بها و وزانها مع حسناتك الكثيرة بحقي و.........."
أغلقت عينيها و الانزلاق الذي تنحدر به أوجعها... لذلك أعطت نفسها فرصة لتأخذ نفس عميق قبل أن تقول له...
"علاء أنا فعلا آسفة لأنني كذبت... كانت الكذبة لكي يرحل أيمن و لا أزيد من جبل المشاكل بيننا، لكن الأمر تزايد و توسع عندما صدقاني عمي و زوجته و أخبراك... امرأة اخرى لم تكن لتهتم برغبات زوجها خصوصا مع غضبها منه وقتها... لذلك رجاء يكفي لحد هنا!"
رفع حاجبيه بلا تصديق من وقاحتها...
"حقا هدى... أتظنين أنك ستأمرين و سننسى لأجل سيادتك... لقد فاجتني... حسنا، فقط من باب الفضول... أخبريني لم الآن استيقظ ضميرك النقي و قرر أن يحررني من هذا الوهم!"
أخذت نفس عميق متجاهلة سخريته... ربما هو أسوأ وقت لتعترف له بضعفها و حاجتها له... تخبره أن والدها لم يكن ذلك الضعيف الذي ظنته و أن حبه لأمها كان قوة في حين تشوه أمها كان اعاقة أزلية!... هي فعلا بحاجة للتحرر من كل ما هي مثقلة به... تخبره أنها خزنت عواطفها طوال عمرها و الآن هي الفرصة لتحررها، فقط لو أمسك بيدها يعاونها.
"لأنك من المفترض أن تعرفني يا زوجي و تعلم أنني لا أسلك طرقا ملتوية أو أبحث عن حلول معوجة... من المفترض من زوجي الذي عاش معي لما يقارب الستة أعوام أن يعرف أنني لا أتحمل الكذب و الخداع... أنا أحترمك أكثر من أن اكذب عليك بهذه الطريقة... و بكل الأحوال لو أردت أن أخلق رابط بيننا كما تظن لما اخترت شيئا تريده بهذه القوة... علاء أنا فعلت ما فعلت لأجلك وحدك. لذلك بعض التفهم لن يضرك!"
"لأجلي هدى؟؟... اكاد اصدق... و اعترفت أيضا لأجلي... كرمك هدى يغمرني و يكاد يغرقني... فقط لم لا تعترفين لنفسك أنه يوجد بعض الأسباب القوية التي جعلت السيدة هدى تفسد جدولها و تعبر من منتصفه لمكتبي تخبرني بهذه الكذبة... هيا هدى كوني صريحة و لو لمرة واحدة مع نفسك!"
عقدت حاجبيها بلا فهم قبل أن تميل على مكتبه و حروفها تخرج مكتومة...
"نعم يوجد... لكن قبل أن أعرف ما عرفته كنت قد قررت أن آتي إليك و أخبرك بالحقيقة... صدقا لم أكن لأطيل حبل هذه الكذبة أكثر من ذلك!"
برقت عيناه بذكائه، رغم أنه كره فعلا سلوك زوجته لطريق ملتوي مثل التجسس عليه، لكنه كان على حق، و هذا يعني أن هدى بكل الأحوال امرأة عادية، لا كما أوهم نفسه باستثنائيتها!
"و هذه الـ.... الأسرار التي عرفتها مؤخرا دفتك دفعا لتقتحمي مكتبي كأول نشاط لك... أظن أنها ثقيلة تلك الأسرار!"
للمرة الألف تجاهلت سخريته و هي تفكر بطريقة تبدأ بها معه مع عدم تشجيعه المريع لها...
"في الحقيقة نعم... اليوم صباحا عرفت الكثير مما غاب عني... و بعد جلسة صراحة مع نفسي وجدت أنني كنت على خطأ لفترة طويلة و تقييمي للكثير من الأمور في حياتي كان سطحي بلا أية تعمق أو بحث... حتى أنني -نوعا ما- بدأت أتفهم، و ربما قد أغفر لك مساندتك لأمي متجاوزا إياي... و بما أنها حياة مشتركة فلم أطق صبرا أن آتي إليك لأخبرك بكل هذا!"
للمرة الثانية يرفع حاجبيه لكن باهتمام مزيف تجاهلته رغم أن كل سخريته و تظاهره بالاهتمام بدأ يزعزع قناعتها و يدفعها للتراجع لكنها استدعت تلك المجنونة التي تقفز بقوة لدرجة أن تتقدم لخطبة هذا الرجل المختل!
"إذن صباحا وصلتك أخبار طازجة و فهمت عبرها مدى اهمية بيتك و قيمة زوجك... هل تعلمين... لو أعلم أن زيارتها ستؤتي تلك الثمار بهذه السرعة الذرية لدعوتها بنفسي للمكتب؟؟"
عقدت حاجبيها بلا فهم لتنثني شفته بشبه بسمة لكن السخرية منها كانت واضحة...
"هيا هدى... الأمر ليس عيبا أو مخيفا... الحقيقة قد توجع احيانا لكنها تبقى حقيقة... لذلك هل تعلمين سأكافئها و ربما قد أقدم لها المعونة التي طلبتها رغم أنني لا أطيق حروف اسمها!"
هذه المرة عقدة الحاجبين المستفسرة ازدادت و هي تفكر بتلك و زيارتها...
"هل بقي شيء تريده منك أمي؟؟"
تساءلت فورا و عقلها يصل لهذه النتيجة، لكن شبه بسمته توسعت و كله تقدير لكفاحها ضد معرفته لها...
"هيا هدى... هل ستجلسين أمامي و تكذبين بعيني... لقد عرفت فور سماع اسمك سبب الزيارة... ربما لو لم أكن أخطب ودك لكنت غضبت بطريقة أو بأخرى.. لكن يكفيك انكارا لما هو واضح وضوح شمسنا من النافذة!"
ببطء تراجعت بجلستها و هي تسأل ببرود جعل ثقته تتزعزع قليلا...
"و كل ذلك لأجل؟؟"
"لأجل ما أردتيه منذ البداية... منذ دخولك لتلك الحفلة و عرض الزواج... لأجل بيت و أسرة... لأجل أطفال و زوج... لقد كنت واضحة بما تريدين و ما ستبذلين من جهد لأجل حفظه!"
مالت برأسها و هي تفكر بكلماته رغم أن ذكره لعرضها للزواج اوجعها، لكنها لن تنكر فعلتها و لو عاد بها الزمان ستفعلها مرة أخرى!
"فقط أخبريني دون أن أثير أية فضائح بالمكتب عن الجاسوس الذي غذاك بالمعلومات... رغم كل شيء لن ترضي أن يبقى تحت امرتي جاسوس و لو كان لك!"
العقدة تعود للتكوم بين حاجبيها، و صرامة تتخلل ملامحها و هي تقول من بين أسنانها...
"تلميحاتك منذ أن دخلت مكتبك مهينة على أكثر الكلمات تهذيبا... لذلك إما أن تخبرني بالضبط من هي و لم تظن أنني أتجسس عليك أو سأخرج من هنا و أقسم أنك سترى وجها آخر مني لم تره من قبل!"
"لقد علمتِ هدى عن رغبتها بالطلاق... مجيئها لمكتبي... و الباقي واضح جدا... خفتِ ان تستعيد مكانة لم تكن لها لذلك جئتني ركضا بملابسك المنزلية لتحفظي بيتك... فقط لو أبكرتي ثلث ساعة لكنت رأيتها و هي جالسة مكانك!"
لم تفهم حقا ما قاله و لا الهدف منه... ظنت أنه يتحدث عن امها لكنها مطلقة فكيف تطلب الانفصال و لا تظن أنها ستتزوج الان... عن من يتحدث هذا المحامي الألمعي!
"تستعيد مكانة لم تكن لها؟؟"
قالت ببطء و هي تحدق بعينيه الساخرة...
"عن من تتحدث علاء... أريد اسم واحد و الآن بلا لف أو دوران... من كانت هنا تستعيد مكانة لم تكن لها..."
ثم ضربها الادراك مرة واحدة و ذكائها أخيرا يعمل...
ثوان أخذت تتنفس عبرها بسرعة و كأنها تمنح عقلها المزيد من الطاقة ليفهم...
"لين... لين الصانع... أليس كذلك؟؟"
لم تنتظر موافقة أو هزة رأس منه و كل كلمة من أول ما دخلت المكتب تأخذ مكانها و تترتب بطريقة منتظمة...
بعد اللقاء...
قصد لقاؤه مع منبوذة الصانع...
الجاسوس...
ابتسمت بسخرية...
يظن أنها زرعت جاسوسا في مكتبه و هاجمته لكي تحفظ بيتها بعدما عادت لين بحضورها البهي لتزعزعه...
على كل حال... المرأة كانت دوما في خلفية تفكيرها عن سبب موت العواطف من زوجها... و ها هي تدخل في الصورة بفجاجة مع ختامه.
بواجهة ثلجية انتصبت في جلستها و هي تستدير لتنظر إليه بنظرات باردة...
"أستشف مما فات أنك تظن أنني جئت لهنا كي امممم ماذا أقول عنها... آه كي استعيدك قبل أن تسرقك ابنة الصانع التي على ما يبدو تخوض طلاق جديد... أليس كذلك؟؟"
ملامحه الجامدة لم تنبئ برد لكنها تابعت بذات البرد...
"و قبل هذا تظن أنني قليلة الثقة بنفسي لدرجة أنني زرعت جاسوسا في مبناك كي يغذيني بكل ما تفعله بعيدا عن عيني..."
عدم الارتياح تكاثر فيه، في حين تابعت هي بقوة...
"و أنني تنازلت مرة واحدة عن كل شروطي لأجل تلك الفكرة المذهلة".
لثوان ضمت شفتيها قبل أن تنهض و تقف أمامه تستند على كفيها على حافة المكتب و تميل ناحيته ليصبح وجهها مقابل وجهه...
"سأخبرك شيء جديد زوجي... أنا لن أرضى بالفتات مرة أخرى... ربما لم تفهم هذا بشكل واضح سابقا لكنني أخبرك به الآن بشفافية... أنا لن أرضى بالحياة الميتة السابقة... انا لا أريد الرمادي... أنا لا أريد أن ابقى معك لأن ما يربطنا هو وثيقة زاج وجدران و سقف و طفل أو طفلان... لا أريد فقط أن يكون ما تشعر به ناحيتي هو المسؤولية و التوكيل للتصرف كشريك في مؤسسة ميتة لا مشاعر فيها... لا علاء، لم أعد أريد هذا... أنا أريد أن أتصدر القائمة... هل تعلم لم لا يذكر أحد المضحين بأنفسهم... لأنهم ينتهون ما أن تنتهي التضحية... لا أريد ما كنت فيه و إلا كنت عدت إليك دون نقاش... لا زوجي العزيز... لن أعود لأجل ذلك، و لتعلم عزيزي أن ألف عينة من ابنة الصانع أو أية امرأة غيرهم لن تؤثر بي أو بثقتي بمكانتي... لذلك زوجي فكر جيدا قبل أن تفترض فرضيات غبية..."
ثم أخذت نفس عميق و عينها بعينه راغية بدقة أن يستوعب ما قالت...
"أما ما دفعني لأن آتي إليك فأنت بتفكيرك الغبي هذا لا تستحق ان تعرفه أبدا!"
ثم نهضت بكبرياء و شمم...
"عندما تعرف الفرق بين المرأة الحقيقية و بين التي تتاجر بنفسها على أكثر الوصوف تهذيبا، عد إلي... لكن قبل ذلك يجب أن تعلم أنني لا يمكن أن أوضع أنا و تلك بكفتي ميزان واحد... أما و أنت قد فعلت ذلك فهو يجعلني أفكر!"
و بهدوء غادرت ملقية و متلقية صدمة جيدة نوعا ما!
***
"هل من الممكن أن تجلسي قبل أن أخبرك بما لدي، ثم يمكنك أن تقرري قرارك النهائي و أنا سأحترمه بالكامل... أنا أيضا تبعت لبنى و أريد أن أرتاح... صدقيني أنا الآخر وصلت لقمة الانهاك!!"
و رغما عنها جلست و سمعت... و ما تلى ذلك من الانتظار لمدة ساعتين تآكلت فيها أعصابها، و ها هي تتأكد من كلماته...
سلام في مشروع خطبة!
سلام أختها أخيرا وجدت الشخص الملائم... الاتصال الأخير معها بعدما أعلمتها ميار بتوتر وجود ضيوف في بيتهم و انشغال سلام و أهلها معهم و أنهم سيكلمونها لاحقا، جعلها تشعر بعدم اليقين... الشك بقوة كلماته بهت مع تصريح ميار... و لكنها لم تتحدث و هي تخرج من مكتبه لغرفتها تنتظر وحدها... نظرته المشجعة لها مهينة على أقل تقدير... و عندما تحدثت مع اختها... عندما سمعت الارتياح بنبراتها رسمت مكياج متقن من البهجة في صوتها و هي تستمع لها تتحدث براحة و ثقة... لم تستطع أن تنفصل عن مأساتها الخاصة لكنها زيفت ذلك الانفصال و هي تستمع
هو خريج كلية فنون...
يعمل صباحا في مدرسة حكومية، ثم بعد المساء يعمل كنحات مع زياد الصانع...
و دون بهرجة أصبح الفتى الذهبي للسيد الزياد مع قوة يديه و الفن الجيد الذي يتقنه...
"من الصعب... بل ربما من المستحيل أن يعجب السيد زياد بأحد... لكنه أعجب بإبراهيم..."
ابتسمت رغما عنها للرضى بصوت سلام و هي تتحدث برزانة تلائم عمرا يفوق عمرها...
"هو شاب جيد أختي... أمي صلت استخارة و أخبرتني أنها مرتاحة و محسن كذلك، و أنا أيضا... لا تغضبي لبنى لأنني لم اخبرك بالأمر في حينه لقد خشيت أن يفشل كالمعتاد، خصوصا مع همومك مع مديرك النحس و غربتك و بعدك... و كأن الله كتب عليك السقوط مع المديرين النحسين... لم أكن أريد أن أزيد همك و أشغلك خصوصا مع علمك كم مرة فشل الأمر... أما الآن أنا أشعر بالحاجة المجنونة لوجودك معي..."
لا فكرة لديك كم هم مديرين نحسين!
"لكنني لن أدع أغيد يقتلني لو طلبت منك أن تأت لأجل خطوبة عائلية بسيطة... فقط أريدك في حفل الزفاف... تأكدي من ذلك..."
ابتسمت بسخرية و هي تعلم أن أغيد يمكنه أن يطير بها بطائرته الخاصة و يعود قبل أن تشعر... لكنها لم ترد أن تفسد يوم أختها بملامح وجهها التي لم تتعلم التبرج بالسعادة...
"لا يهمني محسن أو امي... أو يهمونني لكن ليس بمثل أهميتك... أخبرني ما الذي شعرت به عندما جلست معه... اريد كل التفاصيل هل تسمعين؟؟"
شرد عقلها لمجلس أهلها البسيط و الذي احتلت فيه سلام ركنا مع ذلك الشاب المكافح المحترم...
كان هادئ و هو يستقبل كلماتها البسيطة عن عدم محبتها للخروج من المنزل كثيرا، و كأنها تشترط عليه عدم الخروج كأي شابين في فترة الخطوبة...
كان من الممكن أن تواري العقدة التي بها و تلقي الأمر على تشدد محسن في الخروج معا، و تفكيره الصعب، لكن سلام بعقلها الهادئ أخبرته بالحقيقة... لم تنكر وجود عطب فيها، لذلك لم تضلله قط و هي تذكر له مصابها بالرهاب من الخروج من المنزل... وقتها لأول مرة بحياتها يختل نبضها لأجل رجل و هو يبتسم بحنان ابتسامة هادئة...
"هذه ليست بالمشكلة الكبيرة... لقد قرأت عن الأمر مرة في مجلة طبية... و حلها ليس مستحيل... قد يأخذ بعض الوقت لكنه ينتهي..."
ثم حاول أن يجعل الأمر مرحا مع الحمرة التي تزين وجنتي الصبية التي سقط بغرامها مرة واحدة عندما رآها مرة تركب مع محسن... حسده وقتها على زوجته الرائعة ليعلم أنها اخته... و رغم غباء الاشاعات عن تقدمها بالعمر و تأخر زواجها و السحر و النحس، لم يفكر مرتين و هو يرسل أهله لخطبتها... محسن رجل يفخر لو كان نسيبا له... و الفتاة جميلة كلها حياء و هي صفة ندرت فيه هذا الزمان...
"ثم إن أي رجل سيحب أن تمكث زوجته في البيت لأجله... لا تعتبري الأمر قط نقيصة فيك... سنجد حلا لأجل ذلك، لكن حتى ذلك الوقت لا أمانع –لو كتب لنا الله القبول- أن تكون لقاءاتنا في مكعبات اسمنتية..."
وضعت يدها على صدرها و هي تكتم الدموع في صدرها... شتان بين دموع الوجع و دموع الفرحة لأختها...
"يا الله سلام كم أتمنى لو تحضنيني كما كل مرة... " ثم ضحكت رغما عنها عبر دموعها...
"انت الطويلة لذلك لا أستطيع قط أن أحضنك... حبيبتي كم أتمنى لو كنت عندك... ادفع كل عمري لأكون جوارك... لا تقلقي... قريبا سآتي لأجلك حبيبتي... فقط سلمي على هذا الأخ و قبليه.........."
"لبنــــــــــــى... لقد فقدت حياؤك بالكامل بعد زواجك!"
مسحت دموعها و هي تضحك بسخرية...
"كنت سأقول قبليه على خديه أو بين عينيه... تعالي هنا و سترين القبل في كل مكان وكأن الناس يتنفسون قُبل!"
"لبنـــــــــى.."
"حاضر حاضر... سأسكت... فقط أخبريني هل هو وسيم... هل هو طويل كفاية ليحضنك لا تحضنيه... هل.........؟؟"
أغلق شاشة المراقبة و هو يكره نفسه أكثر و أكثر و أكثر... الابتزاز الذي مارسه عليها لتبقى كان حقير بل أحقر عمل يمكن أن يقوم به... نهض من مكانه لينظر من نافذة غرفته التي تطل على بركته الضخمة...
"اختك في خضم خطوبة و قد تنجح... هل تتخيلين ما سيحدث في بيتكم إن عدت لهم مطلقة في مثل هذه المناسبة... فكري لبنى و زني خياراتك و ما ستقررينه سيكون هو الكائن!"
وقتها تمنت لو تقوم و تضربه حتى تتكسر مفاصلها و تفرغ قهرها كلها بأضلعه الحقيرة!
"أنت كاذب... لا يمكن أن ترتبط أختي دون علمي!"
الجدال خصلة نسوية و قد نزلت سورة كاملة في القرآن عن جدالهن... لذلك أفرغ الله عليه بعض الصبر و هو يرد عليها...
"الأمر مازال في حيز المشاورة و البحث... لم يصل للقبول الكامل أو ان القرار سيكون مبدئي خلال ساعتين... كما قلت لك لبنى........"
هزت رأسها نافية أكثر من مرة و هي تعيد بعناد...
"لا يمكن ما تقول... لو كان لكنت أول من سأعلم من سلام... إنها تخبرني كل شيء!"
أخذ نفس عميق قبل ان يتحدث بهدوء حيادي...
"ربما ليس في هذا الموضوع... لا أعلم حقا كيف تفكر هي او محسن لكن........"
لم تكن معه على نفي الموجة و هي تقاطعه و تفكيرها يبحث عن ثغرات في فرضه...
"و إن كان كذلك... كيف تعرف انت..."
ثم اتسعت عينيها بكل قوتها حتى خاف ان تتضخم لحجم مضاعف كأفلام الكرتون...
"أنت تتجسس على أهلي!!"
لا يدري لم شعر ببعض الخزي مع نظراتها و اتهامها ليجد نفسه يرد بدفاعية...
"لا لست أتجسس عليهم... أعني ان الهدف ليس التجسس عليهم... فقط أريد حمايتهم!"
ظلت تنظر إليه بتلك النظرات الغريبة و كأنها تحاول ان تفهم حقا من أي طينة هو قبل أن تهز رأسها نافية...
"تحميهم من ماذا؟؟ من خطبة لأختي ام صديقة لميار أم جارتنا الثرثارة... لا أغيد... أنت تريد السيطرة الكاملة... فقط كلمة واحدة و أتمنى لو أصدقك أيا كان ردك لكن أتمنى أن يكون العم آدم ربى فيك شيء جيد لكي لا تكذب..."
و قبل ان يرد على الاهانة التي نالها منها سألته و الألم يتضخم فيها...
"هل هذا الخطيب الذي تقول أنه تقدم لسلام له علاقة بك... هل أنت دفعت له أو وعدته بشيء أو اغريته أو حتى خططت بأية طريقة لكي يتقدم لأختي... هل لك علاقة بالأمر من قريب أو بعيد؟؟"
الشخص الوحيد الذي يهتم لأمره في هذه المعمورة يسأله إن كان بهذه الخسة... رغما عنه شعر بوجع من قيمته في عينيها و كم تدنت لمستويات لا تطاق...
"لا، لبنى... صدقي أو لا تصدقي... حتى أنني لم أسمع باسمه إلا بعدما علمت أنه تقدم لأختك... نعم كنت أتوقع أن تخطب أختك خلال هذه الأيام و ذلك لأسباب كثيرة، لكن لم أخطط قط لأن ألقي في طريقها رجل ما... سلام تستحق اكثر من ذلك... ربما أكون خسيس نذل في عينك لكن سلام تستحق أن تنال احترام أكثر مما تظنين أنني سأعطيها!"
انتبه عليها تدخل مكتبه دون إذن و قد انهت مكالمتها مع أختها و التي لا يعلم بم ختمت...
وقفت تنظر إليه بخذلان موجع... خيبة أملها منه كانت فاصلة و كأنها شطرت مشاعرها بالكامل... سمعها تسأل بهمس موجوع و هي تعقد ساعديها على صدرها...
"كنت تعلم؟؟"
ثم أشارت بيدها ناحيته و فرحتها بالخبر قد قتلت بالكامل...
"لأجل ذلك تصرفت بكل هذه الثقة... كنت تعلم قبل ان تأت لهنا، كنت تعلم!"
الآن تهدج صوتها بالكامل و الدموع تنزل أخيرا عينيها لكنها لم تتوقف عن الكلام بصوت مخلوط بالوجع...
"بل كنت تعلم عندما فعلت فعلتك تلك... كنت تعلم أنني لن أدمر فرحة أختي و سأتجلد... كنت تعلم... أليس كذلك؟؟"
ابتلعت الدموع و هي لا تخجل ان تمسحها بقوة...
"حسبي الله و نعم الوكيل فيك أغيد المفتي... لقد قتلت فرحتي بأختي لأجل مخططاتك... حسبي الله و نعم الوكيل!"
في وقت آخر كانت ستفكر بملامح وجهه الموجوعة و هي تدعو عليه، لكنها الآن لا تشعر إلا بألمها الخاص...
"لقد قتلت كل شيء... مبارك أغيد لا أعلم كيف آذيتك لتحطمني هكذا، لكني فعلا مبهورة بقوتك على تدميري من كل المحاور... شكرا أغيد... درس لن أنساه أبدا..."
ثم دارت على محورها لتخرج من المكتب، تاركة إياه يستمتع بتهنئتها لنجاحة في تدمير زواجه عبر مخططاته العبقرية!
***
نهاية الفصل


eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس