عرض مشاركة واحدة
قديم 11-08-17, 04:51 AM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلآم عليكم و رحمة الله .

* " أتمنى بعد ما تقرأوا الجزء هذا تعطوني توقعاتكم + أي شخصية حبيتوا " .








¶ الفصل الأول : ما قبل الثاني عشر من أكتوبر ¶ .
«6»

في طوكيو ، و بعد ثلاثين دقيقة تماماً من المشي في الأرجاء هنا و هناك ، قالت ( مارو ) و هي تنظر لساعتها :
" اوه عليّ الذهاب الآن " .
( ناتسوكو ) : " ناندي؟ – لماذا ؟ - .
( مارو ) : " عليّ الاستعداد للاختبارات " .
قال الثلاثة في ذات الوقت : " أيّةُ اختبارات ؟ "
لِتنظرَ إليهم ( مارو ) بِنظرةٍ جعلتهم يبلعون ألسنتهم ، لِتصرخ عليهم : " أأنتم حمقاء لهذهِ الدرجة ؟ ، ألا تعلمون أن الاختبارات النهاية قريبة ، و أننا سنتخرج قريباً أيضاً " .
لِتردف بعدها بِسخرية : " كنتُ أعلم أنكم حمقى و لكن ليس لهذهِ الدرجة ! " .
سألها ( طلال ) باستغراب : " ألا تظنين أنهم يمزحون ؟ "
لِتجيبه ( مارو ) : " لا "
لِتردف و هي تُشير لِـ ( ايتشيرو ) :" هذا القبيح يأتي متأخراً للفصل و ينام ، و هذا العملاق أيضاً كذلك ، و هذا باستثناءِ أنهما يتغيبان كثيراً "
لِتنهي كلامها و هي تشير على ( تاتسو ) ، لِيسألها ( طلال ) و هو يقصد إغاضة ( ناتسوكو ) :
" ماذا عنها ؟ " .
لِتجيب ( مارو ) بِعصبية : " هذهِ العملاقة الأخرى ؟ تنظرُ للنافذة و تراقب الشارع و كأنها حارس ، هذا باستثناء نومها دائماً في حصةِ الرياضيات و الأدب ! "
لِتردف بنبرةٍ غاضبة كالسابق و هي غير مُنتبهة أنها تحدث ( طلال ) : " أتعلم كم هو ترتيبهم من بينِ مئة طالب ؟ " .
لِيقول الثلاثةُ في ذاتِ الوقت : " هوي هوي ، كيف لكِ أن تكشفي كل هذه الأمور لغريب ؟ " .
لِترد عليهم بغضب : " فقد سأمتُ منكم ، سينتهي بكم المطاف تتسولونَ على الطريق ، لِذا سأخبره بترتيبكم المُشين " .
لِتردف و هي تُشير على ( ايتشيرو ) و بعدها على ( تاتسو ) : " القبيح ترتيبهُ 98 ، و العملاق 100 "
و أشارت على ( ناتسوكو ) و لكنها لم تكد تتحدث حتى أمسكتها ( ناتسوكو ) و هي تُغطي فمها بيدها ، لِتقول و هي تنظر لِـ( طلال ) : " لا تصدقها فهي تتحدث كثيراً أمام الغرباء ! " .
و ما إن أنهت جُملتها حتى نطقت بِـ : " ايتا ! ، مارو ! ، عضتكِ مؤلمة كعضةِ كلب ! " .
لِتتجاهلها ( مارو ) و هي تنظر لطلال : " ترتيبها 88 ! ، فلتحرِص على اخبار والدتها " .
و بعدها ذهبت و تركتهم في وسطِ الطريق ، لِيقول ( ايتشيرو ) : " تتغير فعلاً حين يخص الأمر الدراسة " .
( ناتسوكو ) : " إن أوكّا سان تهتم كثيراً لدراستنا " .
( تاتسو ) : " هل علينا أن ندرس فعلاً ؟ " .
لِتجيبه ( ناتسوكو ) بنبرةِ استهزاء : " و هل هناك جامعة ستقبلك أصلاً ؟ "
لِيقول ( طلال ) : " و كأن هناك جامعة ستقبلكِ انتِ " .
لِتقول له : " هوي ، إنك تتحدث كثيرا ً بالنسبة لِسائق ، فلنذهب الآن " .
بعدها استمروا في المشي ، و كان ( ايتشيرو ) و ( تاتسو ) يتحدثونَ مع ( طلال ) الذي أحّس أنه سيموت ُ من الغيض لأن الأمر انتهى بِكونه مع هؤلاءِ المراهقين الحمقى ، في ذات الوقت كانت ( ناتسوكو ) تُفكر في شيءٍ يجعلها ترتاح من هذا الـ ( طلال ) الآن و للأبد .. إلى أن توصلت لفكرة أخيراً لِتنطق :
" انني أشعرُ بالجوع "
( اتشيرو ) : " فلنأكل الرامِن
( تاتسو ) : " lets go “
ليذهبَ الثلاثةُ و برفقتهم ( طلال ) الذي أكل قلبه الندم اكلاً ! ، فقد ندم لأنه وافق على الزواج من صرّافة
النقود ( نازك ) فصحيحٌ انها ستُمطر عليهِ الأموال و لكنها لا تملك دماغاً البتة ! ، و ندم أيضاً لأنه لم يتزوج اخت ( نواف ) بدلاً من ( كنان ) فهو يُؤخذ برأيه و لا يُجبر على شيء بعكس ( كنان ) ، قطع تفكيرهُ صوتُ ( تاتسو ) القائل :
" هوي .. أوجي سان – عمي – ألن تدخل ؟"
فتح ( طلال ) عينيهِ بأكملهما من الصدمة ، هو ليس بعجوز ، فقط يبلغُ خمسةً و عشرين عاماً و هو يناديهِ بعمي؟ ليقول بصوت منخفض : " ما ألومك دامك ربيع ذيك الخبلة " .
و لحقَهم بعدها ، و شعر بالندم أكثر و أكثر حين قرر القدوم هنا ، فقد اعتقد ان هناك فرساً بانتظارهِ لِيروض و لكن قد يكون هو الفرس الذي سيُروض ، فكيف لهم أن يحضروه هو و بكامل فخامته لِمطعمٍ كهذا و عليهِ الجلوس على الأرض أيضاً ! ، فلم يكن لديهِ خيارٌ سوى كظم غيضهِ و الجلوس بصمت و السرحان في عالمٍ آخر ، و لكن اليوم قرر أن يُراقب الذاهبَ و القادم إلى أن يرتاح من حفنةِ المجانين هذه ! ، و فجأة مرّت مجموعة فتيات يبدون كأميرات فاتنات ، ليراقبهُن هو و يفحصهن من أعلى رؤوسهن حتى أخمص قدميهن ، لتقول له ( نازك ) : " "شوي شوي على عيونك لا تطلع من مكانها " .
لم يرد عليها ( طلال ) بل رمقها بنظراتِ سُخرية و أشاح بوجهه ، و ما إن وصل الرامن ظلَّ ينظرُ إليه بتقزُز فهو لا يحبه ! ، و لكن حدث ما لم يكن بالحسبان حين قلبت ( نازك ) طاولة الطعام بأكملها على ( طلال ) و ولّت هاربة ، في حينِ ان ( تاتسو ، ايتشيرو ) كانوا في حالةِ صدمةٍ و ذهول !! أما ( طلال ) فكان يعيشُ حالتين .. الأولى : صدمةٌ و ذهول ، الثانية : الألم نتيجةَ الرامن الساخن الذي انسكب على ساقه ، و هنا و في هذهِ اللحظة قرر أن يُعيدَ تربية هذه الطفلة المُراهقة و تراجع عن فسخِ الخطوبة ، في حينِ أن ( ايتشيرو ، تاتسو ) ولّوا هاربين أيضاً وراء صديقتهم .
أما ( نازك ) و التي مشت مسافةً متوسطة حتى تصل لمنزل والدها الفخم ، دخلت المنزل و ابتسامةٌ عذبة مرسومة على وجهها :
" تدايماس – لقد عُدت –" .
تعجّب الموجودون من ابتسامتها الساطعة التي رُسمت على ثغرها منذ أن أتت و تعجبوا أكثر بعد أن ألقت تحية الدخول ، إذ أنها مُعتادة على الدخولِ بوجهٍ غاضب .. فلطالما تعب الجميع منها و من محاولةِ إعادة غرس الأخلاق التي تفتقرها فيها .
( مريم ) بشك : " ليش أحسش مسوية مصيبة؟" .
تجاهلتها ( نازك ) كعادتها الوقحة ، لتقول ( نور ) تلك التي تحمل الشيء الكثير من أساليب الحياة اليابانية : " نور تشان تحس بذلك أيضاً ! " .
ردّت ( نازك ) على الاثنتين بردٍ لا يؤخذ منهُ حقٌ و لا باطل : " انني بانتظارِ الحرية " .
لتقول ( مريم ) بنبرةٍ ملؤها اليقين : " متأكدة انش سويتي مصيبة " .
رمقتها ( نازك ) بنظراتٍ غير معلومةِ الماهية و ابتسامةٌ لئيمة رُسمت على ثغرها : " أتمنى لو أستطيع ذلك ! ".
( نور ) : " من يسمعكِ الآن سيظن أنكِ ملاك بريئة ، لن يخطر على بالهم أبداً انكِ رئيسة عصابة " .
تجاهلتها ( نازك ) من جديد و هي تقفُ لأخذ " ريموت " التلفاز ، لتجلسَ بعدها من جديد و هي تضعُ رجلاً على الأخرى و أخذت تقلبُ في القنوات حتى توقفت على قناه موسيقية تعرضُ أغنيةً راقصة ، لترفع الصوت و ترقصَ على أنغام الموسيقى كالمخبولة ! .
( نور ) : " إن رآك من يتعاقدُ معكِ و انتِ ترقصين سيُلغي العقد فوراً و ينتحر ! " .
كان ردُ ( نازك ) عليها هو رفعُ الصوت أكثر و التمايلُ مع الألحانِ بجنون .
( مريم ) : " خفي الصوت لا أكسر راسش " .
( نازك ) على نفس حالتها السابقة : " ما اسمعش اول شي و بعدين لا تتكلمي عربي"
وقفت ( مريم ) لتذهب لأخذِ الـ" ريموت " و تخفض الصوت ، لتجلس بعدها ( نازك ) و هي تمتمُ بأحد أغانيها الجديدة ! .. و لكن تمتمتها توقفت حين تخلل إلى مسامعها صوتُ اغلاقِ الباب بقوة ، و يليهِ صرخةُ والدها : " ناازك ، وينش يا قليلة الأدب؟ "
لِتقف و الخوف ُ يعتريها و لكنها حاولت اخفاءه ، لترى جُثة والدها العريضة تقفُ امامها بِكل شموخ ، ليستقبلها والدها بِلطمةٍ جعلت أيمن وجهها يحمّر و يتورم وسط دهشةِ ( نور ، مريم ) أما هي فلم تكن تتوقع أقل من هذا و لكن كل شيءٍ بسيط بالنسبة لها ما دام المقابل هو أن تبقى عازبة !
صارت ( نازك ) تمسح وجنتها اليُمنى من الألم بأطراف أصابعها و التزمت الصمت ، لتوقن ( مريم ) أن أختها الوسطى قد افتعلت مُشكلةً بلا شك ! ، لذا وضعت يدها على كتف ( نور ) لتمشيَ الاثنتان بتجاهِ الدرج اللولبي ، تاركين ( نازك ) و والدها يتصارعين وحدهما
نطق والد ( نازك ) : " شاللي سويتيه ؟ هاا ؟ " .
لتبلعَ التي سُؤلت ريقها و تعطي أجابةً واحدة .. السكوت .
ليصرخَ عليها والدها من جديد : " تكلمي ، انطقي " .
ليردف بسخرية و بنبرةِ صوتٍ أكثر انخفاضاً من السابقة : " أنأكل لسانش ؟ " .
حينها نطقت ( نازك ) أخيراً قائلةً : " و هل يوجد حل آخر ؟ ، اذا كان لديك حل آخر فلتعطيني إياه "
لتردف بعدها بنبرةٍ مرتفعة ملؤها العجز : " أنا ابنتك و لست أحد سلع شركتك لتبيعني هكذا لذلك البائس الحقير " .
ليصرخ عليها والدها من جديد : " لا ترفعي صوتش لا أقص لش لسانش " .
و أردف بعدها : " لا تحسبي انش بتصرفات الأطفال هذي بتغيري لي رأي ، خلاص زواجش شهر3 " .
لتنظرَ إليه ( نازك ) بعينين مفتوحتين بالكامل و شفاهٍ منفصلة جرّاء الصدمة : " و الله و على جثتي اتزوجه .. إن كان هو و لا غيره " .
عناد ( نازك ) مُستفز و وقاحتها أكثر استفزازاً لذا قال والدها : " اطلعي من هالبيت ، الحين تتقلعي و وجهش هذا ما اريد اشوفه لحد ذاك اليوم الي نروح فيه عمان " .
لِتذهب ( نازك ) بتجاهِ الباب بخطواتٍ بطيئة فهي نادمة لأنها قد جنت على نفسها و الآن عليها الزواج من ذاك القبيح بعد شهر ، و في ذات الوقت تذكرت ان والدتها أخبرتها أن التخرج سيكون في شهرِ أكتوبر .. لكنها ابتسمت بسخرية حين تذكرت أن والدتها درست طوال حياتها في الخليج ، و في عمان بالتحديد فكيف ستعلم متى هو التخرج ، حتى أنها لم تكن في اليابان أثناء تخرج ( مريم ) ! .
ظلت ( نازك ) تمشي في الطرقات و هي لا تزال بملابس المدرسة ، فقط تلفُ وشاحاً على رقبتها ليغطي نصف وجهها مُخفيةً هوية ( نات تشان ) .. و انتهى بها الأمر و هي تجلسُ على أحدِ الكراسي القابعة على جانب الطريق ، لتمسك هاتفها محاولةً الاتصال في أي أحدٍ من أصدقاءها ، فهي أولاً لا يمكنها النوم في منزل ( ايتشيرو ) كونه فتى ، و لا في منزل ( تاتسو ) .. لذا الحل الوحيد كان ( مارو ) بما أن ( نارومي ) تحاول تجنبهم في هذه الفترة

¶ ¶ ¶

في الجانب الآخر .. كان ( كنان ) يجلسُ على احد الكراسي في صالةِ الانتظار فهكذا هو ! ، كالدميةِ بين يديّ والديه حين يطلبون منه الرحيل يرحل و حين يُعيدونه يعود ! ، و لكنهُ قد تعب من كونه هكذا ، يشعرُ بالأسى حين يقارن حياته بحياة ( الأمير طلال ) فهو منبوذ و مشتت في حين أن ( طلال ) كالأمير ، لكنهُ أبعد هذا التفكير و شهق بعضَ الهواء و زفرهُ من جديد ، ليقفَ و هو يُعلق حقيبةَ ظهره على كتف واحد حين سمع النداء لطائرته المُتجهة إلى طوكيو ! ، لِيستعيدَ بعدها ما حدث قبل ساعات :
كان جالساً في غُرفتهِ هذهِ المرة ، يُقلّب كُتب الفن بينَ يديه ِ ، حين دخلت والدتهُ غُرفته ، لِيُجبر نفسهُ على الابتسام ، و لكنها كانت كعادتها معه .. جافة ! .
قالت والدته : " بتروح طوكيو .. بدال نيويورك " .
لِيرُد عليها ( كِنان ) سريعاً بنبرةٍ فرِحة و سعيدة : " مع طلال ؟ " .
لِتُجيبه والدته بِجفاف : " طلال اليوم راجع " .
و إلى هذا الحد توّقف ( كِنان ) عن استرجاعِ ذكرياته ، لِيُدركَ أخيراً أنهم قد أرسلوه لِـ منفى آخر ، غير نيويورك ، ليعيشَ مشاعرَ الوحدة من جديد .. في أملِ أن يعبُد المال كما يتمنون ! .

¶ ¶ ¶

في الجانبِ الآخر .. في أرخبيلِ اليابان .
حاولت ( نازك ) الاتصال بِـ ( مارو ) مرارا ً و تكراراً و لكن هاتفها مُطفئ ، لذا لم يكُن لديها حل سوى الاتصال بِـ ( نارومي ) علّها تُجيب و لكنها الأُخرى لا تجيب .. أو بالأصح تغلقهُ في وجهها ، لِتجلسَ مكانها على الكرسي بيأس و هي تنظرُ للساعة ، 9:00 أين يُمكنها الذهاب الآن ؟ .
ظلّت ( نازك ) لِفترة على نفس الحال ، تنتظر اتصالاً من أحد الاثنين : والدها ، مارو ، فلعلّ الأول يُعيدها للمنزل ، ولعلّ الأخرى تأويها في منزلها .. إلى أن أخيراً رأت هاتفها يُضيء باسم مارو ، لِترد سريعاً و تنطقَ بِـ : " مارو .. آهٍ كم أُحبكِ " .
مارو بنبرةِ استغراب : " هوي هوي ما الذي يجري ؟ " .
ردّت عليها ( نازك ) : " طُردت من المنزل " .
لِتسمع بعدها شَهقةَ ( مارو ) و التي أردفت بعدها بِنبرةٍ قلقة : " أين أنتِ الآن ؟ .. هذهِ المرة الثانية التي تُطردين فيها من المنزل هذا العام ! " .
( نازك ) بإحراج : " لا مكان ، أظنُ أنه لا يمكنني المكوث عند تاتسو أو ايتشيرو " .
( مارو ) ردّت عليها سريعاً : " لا .. لا تذهبي هناك ، فهم في النهاية شُبّان ، أين أنت ِ الآن ؟ سآتيكِ لآخذكِ لمنزلي " .
( نازك ) بِإمتنان : " أريغاتو أوكّا سان .. أنا الآن جالسة على ذلكَ الكُرسي ، الذي كنّا نلتقي عندهُ قبلاً في أيام العُطل " .
( مارو ) : " حسناً ، ابقِ هناك ، سآتيكِ فوراً " .
أغلقت ( نازك ) المُكالمة و هي تبتسم ، لأن ( مارو ) كانت مكتوبةً في قدرها ! ، رٌبما أُعطيت أباً قاسياً و لكنها في المقابل تملكُ أماً عظيمة ، و رُبما طُعنت من أصدقاءها في الماضي و لكنها الآن عوّضت بِـ ( مارو ) .

¶ ¶ ¶

في الجانبِ الآخر من المدينة ، في منزلِ والد ( نازك ) ، كانت الوالدة قد عادت للبيت قبل دقائق ، حين رأت ( مريم ) و والدها يتناقشان في بعضِ الأمور ، لِتتأكد بأنها أمور خاصة بشركة العائلة ، و انتقلت ببصرها بعدها لِـ ( رؤى ) و التي كانت تُغيّر قنوات التلفاز بملل ، و بعدها رأت ( نور ) التي كانت مُمسكةً بِـ الـ " آيباد " ، لِتسألهم سريعاً باستغراب :
" وين نازك ؟ .. الساعة 9:30 ! " .
لِتلتفتَ كُل الأنظارِ إليها باسثناء الوالد ، لِينظرَ الجميع عليها و السكوتُ هو إجابتهم الوحيدة ، لِتقول بعدها من جديد :
" هي دايماً ما تتأخر عن هالوقت ! " .
لِيرفعَ لها الوالد ُ نظرهُ بِبرود و يقول : " طردتها .. لا تخافي أكيد حصلت لها مكان ، بتلاقيها ببيت حد من الشلة الصايعة إلي تعرفها " .
فلم يكن والدها على وِفاقٍ أبداً مع أصدقائها ، و لكن ردةَ فعل والدتها كانت الصدمة ، لِتسرع في إخراج هاتفها من حقيبةِ يدها و الاتصال بـ ابنتها الوسطى ، وسط لا مُبالاةِ الوالد ، و خوف ( نور ) و فضول ( رؤى ) و التظاهر باللامبالاة من ( مريم ) ، لِتنطقَ سريعاً حين سمعت صوت ابنتها :
" انتِ وين ؟ .. متأكدة ؟ .. أوكِ " .
لِتغلقَ الهاتف بعدها و تقول : " ببيت ربيعتها " .
و التزمتِ الصمتَ بعدها ، فهي لا يُمكنها أن تُناقش زوجها في أي شي ء .. و لم يسبق لها أن تفعل هذا من قَبل حتى .. فهي لا تتجرأ أصلاً ! .

¶ ¶ ¶

بعد ثلاثةِ أسابيع، في يومِ التخرج :
( تاتسو ) : " هوي نات تشان ، ءلا تزالين تُقيمين في بيت مارو ؟ "
( ناتسوكو ) : " هوي هوي ، إن هذا مُحرج بما فيهِ الكفاية فلا تتحدث عن الأمر " .
( مارو ) : " لا بأس ، نحن نقضي وقتا ً ممتعاً ، فوالديّ مُسافران ، و لا يوجد في البيت عداي و أختي الصُغرى " .
( ايتشيرو ) : " إن والدكِ قاسٍ و شرير للغاية .. لا أشكُ أن سيقوم ببيعكِ في المستقبل " .
لِيقول بعدها مُمثلاً الشجاعة : " لا تخافي .. سأجعلُ والدي يقومُ بتبنيكِ " .
ما إن نطق ( ايتشيرو ) حتى تذكرت ( ناتسوكو ) موضوع ( طلال ) لِتشعرَ بالاشمئزاز ، و بعدها ضربت ( ايتشيرو ) على رأسهِ كالمُعتاد : " أصمت يا قبيح " .
أمسك ( ايتشيرو ) مكانَ الضربةِ و هو يقولُ بِألم : " كان من المفترضِ أن تكوني ذكراً ! " .
أنهت ( مارو ) هذا الحِوار بِقولها : " أين هي نارومي ؟ .. كيف لها أن لا تأتي ليوم التخرج ؟ " .
( ناتسوكو ) و هي تخرج هاتفها من جيبِ تنورتها المدرسية : " سأحاولُ الاتصال بها " .

¶ ¶ ¶

في مكانٍ آخر من طوكيو .. في المطارِ و على أحدِ الطائرات بالتحديد ، كانت ( نارومي ) قد قررت الرحيل َ فعلاً فهي لا يُمكنها تحملُ ما قد تفعلهُ بها ( أم تاتسو ) ، لذا فقد قررتِ الرحيل بإرادتها بدلاً من إجبارها على ذلك .. ففي النهاية ستكون النهاية واحدة ! ، قطعَ تفكيرها صوت أختها الصُغرى و هي تقول لها :
" نيتشان ، عليكِ ارتداءُ حزام الأمان الآن " .
لِتفعلَ ( نارومي ) ما قالتهٌ لها أختها في صمت .. و هي تستعدُ لِتغادر اليابان للأبد ! ، و لكن سؤالاً واحداً لا يزالُ يتبادر لِذهنها ، لماذا كون ( تاتسو ) مُعجباً بِـ ( ناتسوكو ) كما نصّت إحدى الشائعات من فترة جائز ، و لكن هي و ( تاتسو ) مُحرّم ، لِتطردَ هذا التفكير من عقلها و ترسل لِـ ( ايتشرو ) بما أنهُ كان الاسم الأقرب بأنها راحلة بلا عودة ! .. و أغلقت ِ الهاتف بعدها .
و بعد ثوانٍ .. رحلت ( نارومي ) تاركةً ورائها أشخاصاً بعضهم كانَ السبب في دمارِ حياتها و تشتتها الذي تعيشهُ الآن و البعضُ الآخر أسعدوها كما لو أنها تُسعد يوماً ! .

¶ ¶ ¶

في المدرسة :
فتحَ ( ايتشيرو ) هاتفه ما إن سمع صوتَ تنبيه وصول رسالة ، لِيقول بنبرةٍ غير مُصدقة :
" مَساكا – مستحيل " .
لِيردَ عليهِ رفاقهُ الثلاثة في ذاتِ الوقت باستغراب : " ماذا هناك ؟ " .
( ايتشيرو ) : " اقرأوا هذا ! " .
أخذ ( تاتسو ) الهاتف من يدِ ( ايتشيرو ) ، و أدخلت الاثنتين رأسيهما في الهاتفِ ، لِيُصدموا جميعاً بعدها ، لِيتبادر لِذهن ( تاتسو ) أن هذا من فعلِ أمه ، فقد فعلت سابقاً نفسَ الأمر مع أخيهِ الأكبر ، لِذا أعاد لِـ ( ايتشيرو ) هاتفه ، و ركضَ خارجاً من الفصل تاركاً أصدقاؤه و هم ينادونه وراءه ! " .
ذهب ( تاتسو ) راكضاً لِحيثُ تقبع والدته .. فلا مكان آخر تكونُ فيه في مثل هذا الوقت إلا الشركة ، ليدخلَ و هو يركض وسطَ استغرابِ الموظفين ، لِيصل لِمكتبِ والدته و يفتحَ الباب و يتوجه لِيقف أمامها مُباشرة ً :
" أوكّا سان ، لم تكوني أنتِ من فعل ذلك صحيح ؟ "
لِتفهمَ والدته قصده و لكنها تتجاهله : " ءلم أقل لكَ ألف مرة ، أن لا تأتي راكضاً إلى هنا كالمجنون ، و لا تفتحَ الباب بهذا الجنون أيضاً " .
( تاتسو ) : " هل كنتِ أنتِ فعلاً .. من أرسل ( مارو ) بعيداً ؟ " .
والدته : " لم أُجبرها و لكنني خيّرتها في ذلك ! ، و اخرج الآن من هنا ، و إن كانَ لديكَ شيءٌ لِقوله فاتركهُ للمنزل .
لم يكن لدى ( تاتسو ) خيارٌ حينها سوى السكوت و الخروج كما طلبت منه .

¶ ¶ ¶

في المدرسة :
كان الثلاثةُ يجلسونَ على السطح حين سمعت ( ناتسوكو ) صوت تنبيه وصول رسالة في هاتفها ، لِتظنَ أنها من ( تاتسو ) ، و لكنها تتفاجئ حين قرأت اسم والدها ، و قرأت المحتوى :
" ارجعي البيت .. اليوم رايحين عُمان ! " .
لِتبتسم بِسخرية و تقول : " إنهم فعلاً يحبون إغاضتي " .
( ايتشيرو ) : " ماذا هنالك ؟ " .
( ناتسوكو ) : " إن والدي يطلب مني العودة للمنزل ، لأننا سنعود لعُمان اليوم " ,
( ايتشيرو ) : " لقد بدأت أفكر فعلياً في جعلِ والدي يتبناكِ ! " .
( مارو ) : " لا أدري كيف استطعتِ تحمل هذا طوال هذهِ الفترة ! " .
( ناتسوكو ) : " رغم أنها ليستِ المرةَ الأولى التي أُطرد فيها من المنزل ، و لكنها المرة الأطول و أيضاً لم يسحب والدي بطاقاتي الائتمانية .. و الآن هل يُريد السفر كثمنٍ لإبقاء البطاقات ؟ " .
( مارو ) : " هل تظنينَ هذا فعلاً ؟ " .
( ناتسوكو ) : " في كلِ الحالات لن أعود ! " .
قالتها و هي تتذكر تهديدَ والدها لها ، بِتقديم الزواج من ذاك البائس ( طلال ) ، و لكنها لن تذهب و حتى لو كان ثمنُ ذلك هو روحها ! .

¶ ¶ ¶

بعد ساعات ..
كانت ( نازك ) تستعدُ للخروجِ الآن بِرفقة ( مارو ) حين رأت رِجال والدها باستقبالها ، لِتفهم سبب مجيئهم ، و تقول لِـ ( مارو ) :
" أعتقدُ أنه علي الذهاب " .
لِتذهب بعدها بِكرامتها مع رجالِ والدها ، فهي تعلمُ أنه طلب منهم إحضارها بأي ثمن و طريقة ! ، و لكنها تعجّبت حين رأت أنهم يسكلون طريق َ المطارِ بدلاً من طريقِ المنزل ، و حين وصلوا أمروها بالنزول لِتفعل و هناك رأت ( مريم ) .. و ما إن رأتها ( مريم ) حتى قالت :
" نروح نحنه قبل و همه يلحقونا بكره " .
لم تهتم لها ( نازك ) مُطلقاً بل مَشت وراءها ، و هُناك في المطار حينَ رأت أحدَ رجال والدها مشغولٌ بِوزنِ الحقائب التي أكتشفت لاحقاً أن إحداها تخصها التفتت للخلفِ سريعاً في غفلةِ من الاثنين ( مريم ) و ذاك المعتوه ذي العضلات و الرداءِ الأسود ، فهي لا تثق بِـ ( مريم ) في مثلِ هذهِ الأمور إذ أنها ذراع والدها اليُمنى ، لِذا قررت أن تمسك نفسها و تهرب من هُنا ، لِذا جرت بِسرعة ، لِتتمكن ( مريم ) أخيراً استيعاب ما يحصل ، لِتصرخ مناديةً :
( نازك .. نااازك ) ! .
و بعد أن تفوّهت بهذا أصبحت تجري وراءها و كذلكَ رجلُ والدها مفتولُ العضلات ! .. كانت ( نازك ) خائفةً من أن تلحقها ( مريم ) فهي في هذا الوضع لا يُمكنها الاعتماد على قاعدة " كُلما كُنت أطول كانت خطواتك أكبر و أسرع " ، فصحيحٌ أن ( مريم ) أقصر منها بِعشرةِ سنتيمترات إلّا أنها كانت العدّاءة رقم واحد في ثانويتها ، و العدّاءة رقم ثلاثة في طوكيو ، و لكنها ظلّت تدعو في قلبها أن لا تلحق بها ، و حاولت الإسراعَ قدر الإمكان ، حتى التفتت و رأت ( مريم ) لا تبعد عنها كثيراً .. و تلقائياً و بدون أدني تفكير أخرجت الميداليةَ المتوسطةَ الجحم التي هي على شكلِ دُب و رمتها على ( مريم ) ، فضرَبت الميدالية رأس ( مريم ) مما جعلها تفقد تركيزها و تتعثر و بهذا خرجت ( نازك ) من المطار بِسلام و لكنها اتجهت للمنزل ! .
أما ( مريم ) فبعد أن تعثرت أمسكت بذلك الجسم الصغير الذي رمتهُ بها ( نازك ) لِتتفاجئ حين ترى أنه ميداليةُ الدب ، فلطالما كانت تحبها لِدرجةِ أنها ممنوعٌ لمسها ! .. لِذا أخذتها ( مريم ) و وضعتها في جيبها حين وصل رجلُ والدها هو و الحقائب ! .. لِتتصل ( مريم ) بوالدها و تخبره ُ بالذي حصل ! .

¶ ¶ ¶

بعد نصف ساعة تماماً ، دخلت ( نازك ) المنزلَ و رأت والدها في استقبالها ، لِتقول له قبل أن ينطق :
" ما لازم تطردني .. بطلع بكرامتي ! " .
لِيردَ عليها بابتسامةٍ باردة : " اجلسي مكانش " .
و توّجه للخارجِ بعدها ، فعليهِ تربيةُ أمواله لِتتكاثر أكثر فأكثر ! ، في حينِ أن ( نازك ) كانت مُتعجبة تماماً ، فكيفَ لِوالدها أن لا يُلقي بها خارجاً ، أو يرسم كفّه على وجنتها ، أو يصرخَ عليها على الأقل ، في الحقيقة لم تكن ( نازك ) تعلم أن كُل شيءٍ جرى مثل ما خططَ لهُ والدها .
فجأةً أصبحت ( نازك ) تُحس أن حرارتها مُرتفعة لِدرجةِ أن أنفها يسيل ، و قبل أن تصعدَ لغرفتها المهجورة منذ أسابيع ، رأتها والدتها لِتقول لها باستغراب :
" ما رحتوا ؟ " .
لِتجيبها ( نازك ) : " هربت ! " .
ما إن سمعت والدتها ما قالته حتى اعتلت الصدمة وجهها و و جاءت لِتوبخها و لكن عُطاس ( نازك ) المُستمر منعها ، لِتضع يدها على جبهتها و تقول : " شكلش مريضة ! " .
و قد كانت فعلاً مريضة ، و يوماً بعد يوماً زاد ارتفاع ُ حرارتها و ارهاقها ، لِدرجةِ أنها لازمتِ السرير لِأيام ، و بعد هذهِ الأيام أوقعت ( نازك ) نفسها في الهاوية دون أن تدرك ، حين كانت لا تزال مريضة ، لِذا فلم تعد مُركزة كما لو كانت بصحتها و عافيتها ، فقد كانت تجلسُ في حديقةِ المنزلِ حين جاءها سكرتير والدها ، يطلبُ منها توقيعَ بعض الأوراق و لو أن ( نازك ) أمعنتِ النظر لرأت أن شكلها مُتغيّر ! ، فشرعت توقعُ الأوراق دون أن تسأل حتى ، فهي مُتعبة للغاية ، لِذا قال لها السكرتير :
" ءليسَ من الأفضل لو تقومين بقراءتها قبل توقيعها ؟ " .
ردّت هي : " لا بأس ! " .
فلو أنها كانت بِخير لأدركت أن الأمر مريب ! .. فلو أنها قرأت الأوراق جيداً لوجدت أن هناك ورقة مكتوبة بالعربية ! ، رُغم أنها لا تقرأ العربية و لكنها كانت ستشك فيها بما أن هناك فراغينَ يُملآن بالتوقيع ! .. فلو كانت مُنتبهة لَعلمت أنه عقدُ زواج ! .. و لو كانت بخير لعلمت أن الأمر غريب ، فمنذ متى و هي توقع أوراقاً لوالدها ؟!، و لم يتمكن السكرتير العجوزُ من إخبارها رُغم أنه يشعرُ بالأسى عليها لأن والدها سَيقومُ بِدفنهِ حيّاً ! .

¶ ¶ ¶
لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين .
اللقاء القادم : الإثنين .
أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه .



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس