عرض مشاركة واحدة
قديم 17-08-17, 03:16 PM   #1871

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي


الفصل السادس و العشرون
(26)


في أشد خيالاتها جموحا بل أبعدها عن الواقع لم تتخيل أن ترى هذا المشهد في مجلس بيتها بينما رضيعها محمول على يديها...
مهاب يجلس مع زوجها!
اختلست نظرة من النافذة للمى التي اشتاقت لمحمد و أخذته مع عمر ليلعبا بالحديقة الخلفية...
عقلها يحيد لذلك اليوم الذي عاد به محطم بالكامل من سهرته مع علاء... لأول مرة يلتجأ إليها بهذه الحاجة و يشد نفسه إليها بوجع و كأن كل قوته تبعثرت مرة واحدة...
ليلة طويلة مرت و هي تحتضن رأسه على صدرها تواسيه بلا فهم أو علم، و إن شكت أن علاء أخبره بمصيبة جديدة تخص لين...
و رغم ذلك لم تصل ليقين؛ ففي اليوم التالي عزل نفسه بالكامل عنها، إلا أنها لم تتراجع، بل تقدمت تقتحمه بقوة و هي تسأله عما به... يحاول أن يشغل نفسه بأي شيء، لكنها بقوة تمسكه من يديه لتثبته ناحيتها، تبادله النظرات... تنظر إليه بقلق و هو ينظر إليها و شيء منكسر بعينه... حتى يوم هجرها لصحرائه لم ينظر إليها بهذا الانكسار...
"لا أستطيع أن أتحدث الآن... فقط امنحيني بعض الوقت لأتحمل فقط الحديث!"
ببطء تراجعت خطوة لتنظر لعينيه بطمأنينة...
"كما تريد زياد... لكن تذكر دوما أنك لست لوحدك... لو تخلى عنك العالم كله، أنا هنا دوما لأجلك... لو الدنيا كلها تكسرت فوقك فتذكر أنني سأفديك بعمري لتنجو... تذكر هذا زياد... أنا صخرتك كما أنت صخرتي".
دون أن يكافح نفسه احتضنها بقوة و هو يقول بهمس فوق شعرها...
"لو لم تكوني أنت الحقيقة الوحيدة الثابتة بحياتي لكنت قضيت من اليأس... أنت فقط من تسمحين لعقلي أن يستمر بعيدا عن هذا الجنون... أنت فقط!"
لم تعلم أن الأمر جلل إلا عندما فوجئت بالرجلين في عصر ذلك اليوم يدخلان باب بيتها... علاء الذي يلزم أن يكون في مثل هذه الجلسة لم يظهر...
انتظرت كثيرا و لم يظهر...
تنظر لوجع زياد و حديثه الهادئ جدا بعزل كامل لما يشعر مع مهاب... القوة التي يمتلكها لألا ينفجر به صدمتها... لم تسمع نصف الحديث و عدوى الجمود تنال من مهاب فيرد هو الآخر على تساؤلات زياد بهدوء ملائم... فقط تنظر له و عقلها يخبرها أن ما حدث كبير، و كبير جدا...
وكزوجة تعرف زوجها جيدا، قررت أن تنتظر بصمت لتعرف....
***
طوال الطريق في الطائرة و من ثم السيارة و هي –بغباء فذ- لَمْ تفكر لِمَ أو لأين هم مسافرين...
بالحقيقة كانت تعيش في دوار أصابها من تسارع وتيرة حياتها اليومية و اجبارها على الوقوف على ألف مفترق طرق، و اتخاذ ألف قرار مصيري، لذلك لم تفكر كثيرا و لم تسأل، و هي على شبه يقين أنها عائدة لوطنها، خصوصا مع ركوب هدى معهم.
أما الآن فهي مصدومة من تواجدها في ولاية أخرى، و زاد الأمر سوءا عندما زوجها الصامت –ما ان وصلت الطيارة- تركها مع هدى ليركب سيارة وحده و يختفي عن أنظارهم...
حسنا هذا كثير، و الله العظيم كثير!
المشكلة حتى مع تعمق العلاقة مع هدى لم تقدر أن تسألها بحماقة لم نحن هنا...
و هكذا لم يبقى إلا أن تسأل: ديانا أم سيمون؟؟
سيمون أفضل، فديانا لم ترها في الحضيض أكثر من مرة كما سيمون...
"سباقه..." ردت المرأة بنظرات مستغربة على سؤال لبنى، لتعقد حاجبيها بتساؤل، فتحاول تلك الشرح...
"سباق الدرجات الجبلية... متأكدة أنك لا تعرفين عن الموضوع؟"
لست بحاجة لفلسفتك يا هانم!
"هل هو راعي له؟؟"
أغلقت الفتاة عينيها مع نفس عميق و هو كناية عن قول صبرني يا رب...
"بل هو أحد المشتركين بالسباق... و العام الفائت حصد المركز الأول... متأكدة سيدتي أنك لا تعرفين عن ذلك!"
***
نعم لا تعرف عن ذلك، بل لا تعرف أصلا ما هو سباق الدرجات الجبلية... بل لا تعلم عن شيء اسمه دراجة جبلية، فكل علمها عن الدرجات هو تلك التي بها جرس و سلة و تركبها الفتيات البريطانيات في الأفلام القديمة!
حسنا لو لم يفاجئها أغيد كل يوم مرة على الأقل فلن تثق أنه مازال نفسه؛ فلربما انتحل شخص ما هويته!
تنهدت بضيق و هي واقفة مع هدى و مجموعة كبيرة من المشجعين في منطقة جبلية جبالها تبدو مرعبة لتتسلقها بقدميها و يديها بمعدات تسلق، أو حتى بسيارة لاندروفر...
عقلها يحيد للمكالمة التي تلقتها من دعد الصانع منذ لحظات، و التي كانت بسيطة و كأنهن صديقات منذ زمن، و لتطمئنها أخبرتها أنها أخذت الرقم من محسن، لكي تحدثها و كأنها تريد أن تعرف آخر أخبار صديقتها التي هجرتها!... ثم كأي أم أخذت تتحدث عن طفيها و عن طفل علاء و لمى و كيف البيت تحول لحضانة...
علاقتها مع دعد الصانع كانت جيدة و نوعا ما تحاول ان تكون صداقة رسمية، فدائما هنالك بينهن حدود... أخيرا سألت عن رقم هدى لأن يزن يريد أن يحدثها و رقمها ليس مع دعد، و قد تلف جهازه اللوحي... ربما سترتاب في شيء، لكن هدى اخبرتها بعمق صداقة زياد و علاء؛ لذلك لم تشك كثيرا خصوصا أن المرأة الأخرى تعتني بطفلها بينما هي هنا في مؤتمر و سباق و نوعا ما غضب على زوجها!
المهم أنها بعدما أنهت المكالمة شعرت أنه يوجد شيء خاطئ في الأمر بشكل عام...
المروحية التي تدور في السماء جعلتها تعيد تركيزها على هذه الانتحارية المسماة سباق، و هي تعلم أن هدى ربما قد تغضب لو نالت دعد رقمها الجديد دون علمها، فقررت أن تخبرها أنها أعطتها إياه قبل أن تتصل دعد لكن بعدما تنتهي هذه العروض الرومانية المتوحشة!
المصيبة هي أنها فهمت معنى هذا السباق... لقد قضت كل وقت فراغها في الليلة الفائتة تتابع فيديوهات تعرض تلك الرياضة و قرأت أكثر من مقال يشرحها، و يشرح كيف تختلف الدراجة الجبلية عن الدراجة العادية في مقودها و سمك عجلاتها و حتى تصميمها... بجلد ذاتي علمت كم ضحك عليها بداخله عندما سخرت من ركوب الدراجة و اعتبرته متعة للأطفال... أطفال؟؟
هي التي ستولول قلقا كالأطفال!
و الآن هي واقفة بترقب تنتظر زوجها... هذه المرة لم تتحرج من أن تسأل ليو عن لون ثياب أغيد و متى سيبدأ سباقه...
نفس عميق... تشد بيدها على يدها الأخرى و كأنها تستمد من نفسها الأمان...
ثم بدأ السباق!
***
السباق هنا فردي... هذا ما فهمته منذ الأمس... يخرج كل متسابق و يعبر مضمار محدد بالطبيعة...
يوجد عدة مقاييس و معايير على التقييم...
السرعة...
الثبات...
الوقت الذي يستغرقه...
و الاستعراض!
أو هذا ما سمته و الادرينالين يصب في دمها و كأنه صفائح دموية!
تركيزها على الأربعة متسابقين قبل أغيد جعلها تفهم خط السير الذي يبدأ من نقطة ثابتة ثم يتحرك عبر ممر لا تتخيل أن تتوازن إن مشت عليه بقدميها...
يتحرك بعدها نزولا لمنحدر ستتدحرج فيه كأنها حزمة علف...
ثم سيتحرك صاعدا لجبل آخر أيضا لن تتسلقه إلا بحبال حماية...
بعدها يسير في ممر آخر طويل ضيق كالأول... بعدها ينزل من الجهة الأخرى للجبل، لكن هذا النزول ليس عادي فيوجد مسار محدد... الآن يكون الاستعراض على أوجه و هو ينحدر ثم يثب للأعلى بقوة بدورة كاملة بالهواء قبل أن ينزل مرة أخرى ثم يثب وثبة ثانية من عقبة صخرية و الاستعراض هنا ظنت أنه صعب لأن الارتفاع ليس كبير...
بعدها يجب أن ينحدر لأسفل و يستقر مرة أخرى أمامهم...
رسم ثورين يتناطحان في شعار معروف لريد بول منحوت على الصخر، جعلها تلعن المشروب و الأجنحة... هل يشربون ريد بول ليستطيعوا عبور هذه الرياضة النحسة؟!
قلبها يرتجف برعب و هي تفكر، بسبب يوجد أناس مجانين في هذا العالم ليقوموا بمثل هذه المخاطرات المعتوهة...
لِم يقوم الكثير من الناس بتلك الأفعال التي لا تصف إلا بالمختلة؟!
قلبها يكاد يخرج من فمها و هي تركز بكلها مع المتسابق الثاني و هو يكاد ينزلق عن مساره، لكن بقدرة من الله استطاع السيطرة على دراجته...
هدى جوارها مع سيمون و الحرس متحمسون و هم يهتفون بكل قوتهما للمتسابقين و كأن ما يهمهم حقا هو متعة السباق لا مشاهدة المتسابق...
هل هي حقا بمثل هذه الرقة لكي لا تتحمل مثل هذا الجنون السادي الذاتي!
أغلقت عينيها و هي ترمق الجمهور يجن ما أن جاء دور زوجها... كيف لا و هو الفائز الفائت...
كيف لا؟!
الازدحام يتزايد حولها و سيمون تفقد وقارها و هي تقفز بقوة تهتف له بينما ينطلق بمهارة عبر المضمار...
ليو يهتف، هدى تهتف، سيمون تهتف، كل فريق الحراسة حولها يهتف، بل حتى مشجعي المتسابقين الآخرين يهتفون!
كلهم يهتف متحمس بينما القلق يكاد يخنقها و هي تضع يدها على فمها تمنعه من الصراخ متأملة وثباته الجديرة بأن توضع في كتاب للتدريب... أشاحت بوجهها أخيرا و هي ترفض أن ترى هذا الجنون و كأنها بهذا تعبر عن رفضها... الهتاف يتصاعد و هي لا تريد أن ترى... لن تراه... لم يعد فيها قوة لترى جنون أكبر!
تتراجع للخلف مبتعدة عن الهامات العالية و كأنها تصنع حاجزا بينها و بين هذا الجنون...
لكن فجأة كل شيء تدهور مرة واحدة... شعور بالاختناق داهمها و لم تستطع أن تقاومه...
و قبل أن تفقد وعيها صلت ألا تكون سقطته من حالق قاضية!
***
يتأكد من كل شيء...
درس المضمار و درس محيط حركته و فيزيائيته و حالته الجوية و الجيولوجية... درس كل شيء و تدرب كثيرا حتى يصل لهنا...
الآن يمني نفسه بالراحة التي يخلقها هذا الجنون في عضلاته و يحرر كل الضوابط التي يفرضها على نفسه...
لكن عقله لم يرحمه قط...
عقله لم يتنازل هذه المرة عن نكت الجرح، و تذكيره بخسارته الفادحة المقبلة... يحرك بسرعة أكبر البدالات و هو يسابق أفكاره التي تسخر منه و هي مستلقية براحة على كتفيه...
سترحل... يعلم ذلك... لبنى لم تكن له و ما كانت...
سترحل و تتركه...
اللعنة!
انطلق في الممر الضيق و هو يجده أشد رحابة من حياته معها...
ستطلب الطلاق...
و ربما ستتزوج رجل آخر...
رجل حقيقي بدماء حمراء فائرة لن يمنع نفسه عن امرأته منذ اول ليلة و قد سلمت له...
نعم هي من سلمت، بينما هو يقاوم تسليمها..
لم يكن يريدها مستسلمة بل أرادها ند له، مساوية له، تأخذ بيد و تمنح بأخرى...
لم يرد زوجة تعتبر الحياة الزوجية فقط فراش و علاقة و تطبيق ظاهري للشرائع و تتجنب للعنات الملائكة...
يثب بقوة عن الممر الضيق ثم يصعد بجنون للجبل المتعثر الشبه رأسي...
لا، لم يرد تلك الحياة و لا تليق به...
اخبرها أنه لن يتنازل عن مقايضة كلها بكله..
بعد ذلك يكون الحديث مفهوم...
ربما يوما... ربما ستكون كبرت و فهمت ما كان يفعل...
ربما ستستوعب ما هو هدفه...
ربما لكن هل ستكون موجودة لتخبره بذلك،
أم ستختار اللحاق بركب آخر ينال منها ظواهر زواج ميت!
الآن يصل لقمة الجبل لينحدر نازلا عبره للضفة الأخرى و لا يتوقف بحركته بل يميل بجسده بقوة ثم يثب عبر اول هضبة صغيرة وثبة عالية و يدور في الهواء لكن بدلا من الدورة الواحدة صنع دورتين مزدوجتين... الجمهور يجن بينما حمد الله على التحرر البسيط الذي ناله و هو معلق في الهواء منذ لحظات... تلك اللحظة لو يمكنه أن يقايضها بكل ثروته لفعل!
يهبط بعنف و يسيطر على الدراجة بقوة مستحيلة ليستمر بالهبوط السريع و كل جسده يختض مع الطريق المليء بالصخور الصغيرة...
هل سينجو؟؟
هذا هو السؤال...
هل سينجو؟... لقد مر عبر الكثير، و كان واثقا أنه سينجو...
لكن الآن و مع خسران الفتاة الوحيدة التي أحبها بصدق...
هل سينجو؟
الفتاة التي جعلته مجنون بالكامل و هو يخطط و يخطط و يخطط...
هل سينجو دونها؟
لم يجد جواب لسؤاله و عقله رغم كل تركيزه في سباقه، قد انتبه لضوضاء عالية صادرة من الجمهور...
لم يحاول أن يفقد سيطرته على دراجته و هو ينطلق للهضبة الثانية ليثب الوثبة الأخيرة...
لكن سماعه لاسمها بصوت سيمون صارخة و هي ترنوا بقامتها فوق الجميع جعل تركيزه ينحرف لأقل من عشر ثانية... ذلك التشتت البسيط كان النهاية...
و ببطء بدلا من أن يهبط على عجلات دراجته،
هبط على جانبه الأيسر...
يديه تتخلى عن الدراجة كي لا تسحقه و هو ينحدر عبر الجبل...
يتقلب و كأنه يتعمد ذلك حتى يستقر في الأسفل...
و بينما يركض المسعفون ناحيته و فريق الحراسة يسابقهم أغلق عينيه و هو يعلم أنه لم يسمع صوت زوجته بينهم!
***
واقفة بالمشفى و هي تشعر بالرعب مما رأت...
كانت تقف جوارها...
تقسم أنها كانت جوارها... لكن مع حماسها ما أن دخل اغيد حتى نسيتها و نسيت كل شيء... الهتاف، الحماس، الصراخ، الفورة، و الأدرينالين مع العدوى من الجمهور، و التشجيع، كله سلبها كما سلبتها تلك الرياضة مرة واحدة!
و بجهد عالي فعلا اخترق صراخ سيمون التي دوما تكون ثابتة صلدة تلك الدوامة...
لقد اختفت...
فقط اختفت...
بغمضة عين حدث!
و قبل أن تبدأ بالفزع، سمعت صرخة مذعورة من باقي الجمهور و أغيد يفقد السيطرة على دراجته و يسقط بطريقة مرعبة... مشتتة بين الرعبين وجدت نفسها متجمدة و هي لا تعي ما المطلوب منها... يا الله لو كان علاء معها!
جلست على مقعدها و هي تنتظر الطبيب أن يخرج من غرفته...
من مكانها بدت السقطة مرعبة لكن الطبيب الميداني أخبرهم أن الأمر يحدث كثيرا و أنه مر عليه الكثير من هذه الحوادث و أقصى ما يمكن أن يحدث له هو خلع بالكتف أو التواء بالكاحل، بالإضافة لعدد من السحجات و الكدمات، و إن كان يظن أن حلته، و الحماية على مفاصله، و خوذته حموه من تأثير السقطة...
المهم أنه شبه متأكد أن الأمر لن يتطور لكسر...
التفتت لضوضاء خارجة من ناحية مدخل الطابق... رجل كبير في السن يدخل على عكاز و جواره امرأة ممتلئة...
من صور لبنى له علمت أنه والد أغيد و بكل تأكيد من تسير معه هي زوجته... رآهما ليو الذي لم يهتم بمصاب أغيد كثر اهتمامه باختفاء لبنى، و تسخير قوى لا تعلم قدرها لإيجادها... فهمت من تلصصها أنهم يتوقعون من هم الخصوم و أن العمل لإيجاد الفتاة لا يتوقف، و كل فرد يعرف ما عليه فعله...
المهم أن ليو بمعرفته لأهميتهما حف لاستقبالهما، و عاون الرجل العجوز ليجلس على كرسي قريب، بينما ذهبت ماجي لتسأل في الاستقبال عن حالة ابن زوجها...
كان الرجل قد شاخ حقا ألف عام عما أرتها لبنى في الصور...
بدا مرعوب على حال ابنه و هو يفرد أصابعه و يتأملها بذعر يكاد يكون ملموس...
لا تدري لم انتماء لهذه الأسرة جعلها تنهض و تتجه ناحيته... تجلس جواره و تتمنى لو أنه حماها هي لتشد على فخذه بدعم، أو ربما احتضان...
سمعته يقول من بين أسنانه بالعربية، و هو لا يعي قربها...
"أخبرته ألف مرة أن يتوقف عن التقافز كالأطفال... أخبرته ألف مرة أن يهدئ و يعقل أو يمارس الركض أو التنس أو الغولف أو حتى الملاكمة الودية... اخبرته أن يجرب شيء آخر... لكن هل يسمع؟؟ هل يهم لأبيه المسن؟... كلا... إنه أغيد المفتي حيث لا عقل مثل عقله و لا أحد يفهم مثله... فقط اتمنى لو ينجو حتى.........."
لا تدري لم ابتسمت من خوف الرجل و حديثه مع نفسه، و هي تتذكر عمها مرة ينفجر هكذا من سرقة أيمن –المراهق- لسيارته و القيادة فيها بطرق وعرة و سرعة عالية... يومها لا تريد أن تتذكر ما توعد أن يفعل بأيمن ما أن يجبر كسر يده...
الذكرى جعلتها تسيطر على نفسها و جرح أيمن بالذات مازال موجع... دون أن تهتم بكم مرة اقحمت نفسها بما لا يخصها تحدثت بالعربية مع الرجل بصوت خافت و كل ما تريده هو أن تطمئنه بأية طريقة...
"الطبيب الميداني أخبرنا ألا نقلق... لن يكون هنالك كسور... ربما رضوض و سحجات و كدمات... أسوأ شيء هو خلع بالكتف أو التواء بأحد المفاصل... أعلم أنه شيء سيء، لكنه أفضل من الأسوأ الآخر!"
التفت إليها ينظر إليها بنظرات حادة و كأنها تخبره بوفاة ابنه و تطلب أن يمنحوها كبده!
"أنت؟؟"
ابتسمت نصف بسمة و هي تقول بهدوء...
"أنا هدى زوجة علاء أخيه..."
هنا التفت الرجل حوله و كأنه انتبه لشيء ما، ثم عاد إليها يسأل بقلق...
"و أين لبنى؟!"
***
نوعا ما مازال يستطيع أن يفاجئ نفسه...
هذه حقيقة قوية و جبارة...
فعلا هو سيد مفاجآت نفسه...
فبعدما رحل زياد، بقي هو وحده متجمد بالكامل... لو سألته وقتها ما هو شعورك، فلن يفهم أصلا معنى كلمة شعور!
ليلة كاملة بلا شيء بلا أي دواخل بلا أية انفعالات... ليلة كاملة فارغة و كأنها سحبته في ثقب خيالي امتص كل شيء فيه بالداخل و تركه قشرة مفرغة!
ثم؟؟
ثم عادي... كل شيء أصبح عادي...
عاد للانكماش بثوب الفتى بعمر السابعة عشر...
الفتى الوحيد الصامت...
حتى مع وجود يزن كان صامت...
حاول بكل قوته أن يتحدث معه لكن لسانه التصق بحلقه...
سكون في كونه بالكامل يتسلى عليه...
و المفارقة هي السخرية الكاملة، عندما ينطلق لسانه في القاعات و المرافعات... كأن لا شيء قد حدث...
كأنه لم يفقد كل ركائزه...
هل هذا هو جزاء التضحية؟؟
هل استقرار و عودة حياة زياد تستحق منه ما فعل؟؟
يعلم أنه مهما بلغ من مكانة لدى زياد لن يصل للين، و لم يحاول أصلا أن يقارن نفسه بعمق هذه العلاقة...
لم تكن طلقة اختبار، فهو يعلم كم يريد زياد أن يستعيد أخته، و لم يهتم لو كان هو البلاطة التي ترمم الهوة التي حفرت في الجسر بينهما...
ربما هذا ما خفف عنه...
لكن شيء فيه كان غاضب...
غاضب باحتراق مشتعل...
غاضب من الصمت...
غاضب من الوحدة...
غاضب من زياد لأنه ببساطة صدقه و ظن به هذا الظن..
غاضب من لين لما فعلت و لما يحدث الآن...
مهاب لا يستحق أن يغضب لأجله!
أما غضبه الأكبر فكان منها... من هدى...
و من ابن عمها...
تنفس بقوة و كأنه أنفاس قطار حجري لا تعبر عن كم فحم حرق فيه...
ينتظر أن يدخل لمكتب الحقير...
ربما كان سينفصل عنها؛ فرحيلها كان و كأنه طلب بالطلاق، لكنه لن ينهي الأمر دون أن يفجر غضبه في سبب من هذه الأسباب... السبب الذي سمح له بأن يدخل مكتبه و انفجارات في عروقه يستحيل السيطرة عليها تهدد بالانسكاب على كل شيء حوله!
***




التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 30-03-19 الساعة 01:15 PM
eman nassar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس