عرض مشاركة واحدة
قديم 21-08-17, 11:15 AM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الجزء السابع

إن لون الحزن أزرق وبارد.
هذا أكثر ما آمنت به رسيل من بعد ما إكتسبت قدرتها. أنظر لوجه شخصٍ حزين بدقة وستجده باهت ويميل إلى الزرقة كمن سحبت الحياة من روحه. إذا مات شخصٌ ما ستجد لونه أزرق؛ فالموت حزن, والخوف حزن, والفراق حزن. كل ما يؤلم القلب هو حزن ..
كانت رسيل تستطيع ترى ألوان لمشاعر الناس متجسدة على هيئة هالات تحيط بهم.
الشخص الذي يشعر بالسعادة ترى حوله لون أبيض, يجعلك اللون تشعر كأن ذلك الشخص لم يعلم معنى الحزن أبداً, وترى لون يشبه النار على الشخص الغاضب؛ فالغضب كالنار التي تحرق كل ما حولها إن لم يخمدها أحد, وهكذا الأمر لكل المشاعر كالحب, الكره, السكون, الغيرة, التوتر و الحقد. لكن لون الموت وهيئته كانت مختلفة, فقد كان لونه أسود داكن, ويأخذ شكل الظل, كانت رسيل تعرف أن الشخص الذي أمامها سيموت بمجرد أن ترى ذلك الظل يتتبع هذا الشخص, وكلما إقترب موعد موته ترى الظل يندمج معه كأنه يبتلعه. لم يكن الأمر مختلف كثيراً حول الشخص القاتل, فالإختلاف هو أنها ترى ذلك الظل ملطخاً بالدماء وفي بعض الأحيان تراه ممزوجاً باللون الأحمر الداكن كلون الدماء, وإذا كان القاتل له عدة ضحايا فتزيد تبعاً له عدد الظلال, يجعلك الأمر تشعر كأنها أرواحهم. أما وصماته فقد كانت تظهر لها كالظلال الضبابية, ترشدها دائماً إلى الحلول أو إلى ما يقربها منها.
قامت رسيل من فراشها لتصنع بعض القهوة بعد أن زارها ذلك الكابوس مجدداً. تطوعت هي بكتابة تقرير القضية نظراً لأنها لن تذهب معهم ولوجود وقت فراغ كبير أمامها , فتحت حاسبها وبدأت بكتابة التقرير, لم تكن لديها خبرة كافية في كتابة التقارير لهذا كان به بعض الأخطاء التي تحتاج إلى مراجعة؛ فنقلته على ذاكرة بيانات لتعدله بالمركز بمساعدة المحقق نائل قبل أن تطبعه وتسلمه. أضاعت وقتها بين مشاهدة التلفاز وقراءة بعض الكتب حتى حان موعد عملها, أرتدت ملابسها ورتبت شعرها ووضعت أشيائها بحقيبة ظهرها وغادرت المنزل. كان منزلها يبعد مسافة لا بأس بها عن المركز, لهذا كانت تمشي في الكثير من الأحيان. عندما وصلت للمركز كان الوضع هادئ إلى حدٍ ما, حيت زملائها ووضعت أشيائها على المكتب وجالت بعينها في المكان للعثور على المحقق نائل لكنها لم تجده. كانت مكاتب المحققين جميعاً في نفس الغرفة, لم تكن كغرفة ليصح التعبير بل من الممكن أن نقول أنها قلب المركز. كان المركز مكون من طابقين, في الطابق الأول توجد ردهة كبيرة على يمين المدخل منها الدرج, وفي أقصى اليمين يوجد غرفة أرشيف, كانت خاصة بالقضايا القديمة أو القضايا التي لم تحل لعدم وجود أدلة كافية أو عدم العثور الجاني. أما عن يساره فيوجد بابً لغرفةٍ ما, وفي أقصى اليسار يوجد مدخل زجاجي يدخلك على مكاتب المحققين المتخصصين في الجرائم العنيفة, كانت الغرفة بها عشرة مكاتب, أربعة منهم تتوسط الغرفة, كانت المكاتب خاصة بالمتدربين, شكلت على شكل مربع, فالأربعة مكاتب متجاورة ومتقابلة. يوجد مكتبين آخريين في الربع الأول من الغرفة ومكتبين في الربع الأخير من الغرفة, كانت تلك المكاتب تقوم عليها بعض الإستجوابات الخاصة بالجرائم البسيطة الخاصة بنطاق عمل هذه الدائرة, أما عن أخر مكتبين فكانا يخصان المحقق أيهم والمحقق نائل, كانت مكاتبهم متوسطة الغرفة من عند الحائط, تفصلهما مسافة تسمح بوضع مكتبين متقابلين بينهما. كان يوجد بها أربع غرف, الغرفة الأولى خاصة بالإستجواب, الثانية خاصة بالملفات, الثالثة خاصة بمناقشة القضايات والأدلة والرابعة خاصة بالمحققين, وكان بها حبسٌ صغير مخصص لوضع المجرمين به, سواء للإجراءات الوقائية أو حتى يتم تحويلهم إلى السجن. أما الطابق الثاني فيوجد به غرفة للإجتماعات ومكتب رئيسة القسم وبعض المكاتب الخاصة بمحققين ذو الرواتب العليا والتخصصات المختلفة, كالمتخصصين بجرائم الخطف أو جرائم العنف أو جرائم المخدرات أو جرائم خاصة بالأموال .. وهكذا, وبالطبع في نطاق عمل تلك الدائرة أيضاً.
أنتظرت رسيل المحقق نائل بضع دقائق؛ فربما يكون قد تأخر بسبب الطريق أو أي شيء لكنه لم يحضر فقررت أن تسأل زملائها ..

- أرأى أحدكم المحقق نائل ؟

أجابها آدم :

- أعتقد أنه كان هنا مع المحقق أيهم منذ قليل ..

أعقب فارس قائلاً :

- لقد رأيتهم يصعدون للطابق الثاني.
- حسناً, شكراً لكم.

صعدت رسيل السلم متجهة إلى الطابق الثاني, وأسرعت خطواتها عندما سمعت صوت المحقق نائل لكنها سرعان ما وقفت عندما سمعت ما كانوا يتحدثون عنه ..

- كيف تظن أن رسيل علمت بشأن ذلك السلاح ؟
- لا أعلم, لكن ما يهم أننا وجدنا وحللنا القضية وأغلقناها, وأنقذنا مدير تلك الشركة.
- لا أدري حقاً, يجب ألا ننسى أنها أبنة المحقق قاسم, وأنت تعلم من هو ذلك المحقق !
- بأي منطق تتحدث أنت ؟ حقيقة أنها أبنته لا تعني أنها مثله !
إن رسيل ذكية وسريعة الملاحظة, ربما لاحظت شيءٌ ما لم نلاحظه نحن, وإن كان سيثيرك الشك إلى ذلك الحد الذي يجعلك تظن أن لها علاقة بالقضية, فأسألها.

لم تكمل رسيل الإستماع إلى هذه المحادثة, لكنها أيضاً لم ترحل. هبطت درجتين من الدرج ثم أخذت نفساً عميقاً يحبس أنفاسها ودموعها معاً, وصعدت بسرعة إليهم وهي مبتسمة. إرتبك كلا المحققين عند رؤيتها وبداخلهما سؤالٌ واحدٌ فقط وهو " هل سمعتنا يا ترى؟."

نظر إليها المحقق أيهم سائلاً إياها بإرتباك :

- رسيل .. ماذا تفعلين هنا ؟

حيتهم رسيل ثم قالت :

- لقد كنت أريد من المحقق نائل أن يعاين تقريري للقضية قبل أن أسلمه لكني لم أجده فأخبروني أني سأجده هنا ..

عندما أطمئن المحقق نائل أنها لم تسمع شيئاً من شكوك المحقق أيهم ولا أياً من حديثهم أجابها قائلاً :

- حسناً يا رسيل, يمكن أن تضعيه لي على مكتبي وسأقوم بفحصه بعد قليل.

أماءت رسيل برأسها وإستدارت لتهبط الدرج ولتزيل إبتسامتها وحاجز دموعها لتدعها تنهمر.لم تكن حقيقة والدها هي ما آلمتها فلقد إعتادت ذلك الأمر, بل حقيقة ظنون رئيسها عنها وحقيقة أنها كل يوم تكره قدرتها عن اليوم الذي يسبقه. عندما هبطت الدرج وجدت آدم واقف أمامها ومسنداً ظهره إلى الحائط, قامت بمسح دموعها على الفور لكنه كان قد رأها بالفعل ..

- أأنت بخير ؟
- اه, نعم.. على أحسن ما يرام.
- أمتأكدة ؟
- بالتأكيد, يجب على أن أذهب الآن لأنهي عملي ..

لم تدرك رسيل أن سؤال آدم كان بسبب أنه يعلم سبب بكائها, ليس لرؤيتها تبكي, أو هذا ما ظنه هو.

************************

كان المركز هادئٌ جداً في ذلك اليوم, كان من الممكن القول أنه هدوء ما قبل العاصفة, والعاصفة كانت المحقق أيهم. كان الأربع متدربين جالسين بدون فعل شيء أو بالأحرى منتظرين حدوث شيء. تقدم إليهم المحقق أيهم ومعه الكثير من الملفات التي أسقطها على مكاتبهم مما جعلهم يفزعون من صوت إرتطامها الذي دوى في المكان. كانت نظرات التساؤل بادية عليهم جميعاً, فتنحنح قائلاً لهم ما يفسر الأمر ..

- إن ما يجعل عمل المحقق يتطور هو الممارسة, إختلاف وتنوع مسارح الجريمة يجعله مع الوقت يفكر كالمجرم ويلاحظ أدق وأبسط التفاصيل التي قد تقلب مسار القضية 180 درجة. لكن الممارسة العملية ليست كل شيء على الرغم من أنها تشغل النسبة الأكبر في العمل, لهذا قررت أن أجعلكم تتطورون أنفسكم عن طريق الممارسة النظرية أولاً ثم العملية.

صمت قليلاً ثم وضع أمام كل واحد من الأربع متدربين رزمة كبيرة من الملفات, وأردف قائلاً بعدها :

- هذه ملفات قضايا قديمة, الطابع الغالب عليها هو الصعوبة. أريدكم أن تدرسوا هذه القضايا جيداً, تدرسوا جميع تفاصيلها حتى أصغرها, أمامكم أربع ساعات لتدرسوا هذه الملفات وعندما تنهوها سأختبركم بها, قد يكون الإختبار عملي وقد يكون نظري. فلتعتمدوا على حظكم.

قاطعه فارس متعجباً ..

- كيف لنا أن ننهي جميع هذه الملفات في أربع ساعات !!
- أنتظر لحظة فيبدو أنني لم أفسر الأمر جيداً ..

بدت عليهم علامات الإرتياح لثوانٍ معدودة ثم تبدلت من بعدها بسبب قاله المحقق أيهم ..

- إن الملفات التي أمامكم ستنهوها في ساعة وبعد أن تنهوها ستعطوها لشريككم وتدرسوا الملفات التي كانت معه في ساعة أخرى, إنقضت هكذا ساعتان. بعد أن ينتهي الشريكين من دراسة ملفاتهم سيبدلونها بينهم وبين الشريكين الآخرين وستعاد الدائرة وهكذا تنقضي الأربع ساعات. سأذهب الآن وأعود إليكم بعد أربع ساعات.

تركهم المحقق أيهم غارقين وسط الملفات لا يعلمون كيف سيبدأون وإلى أين سينتهون. مضت نصف ساعة ولم ينجزوا حتى نصف الملفات التي أمامهم. تنهد أمير بتململ ثم ضرب فارس على مؤخرة رأسه بالملف الذي كان في يده ..

- أكان يجب عليك أن تسأله ؟ أنظر إلينا الآن لا نستطيع أن ننجز حتى الملفات التي أمامنا لكي نبدلها فيما بيننا !

حك فارس رأسه أثر ضربة أمير وشرع في ترتيب شعره ثم أعقب على كلامه قائلاً :

- حتى إن لم أتذمر حول الأمر, لا تتجاهل حقيقة أن ذلك الرجل يستمتع بتعذيبنا.

مرت نصف ساعة أخرى ولم يستطيعوا أن ينهوا الملفات. كان رسيل وآدم جالسين بهدوء, على الرغم من أنهم لم يستطيعوا أن ينهوا الملفات مثل أمير وفارس لكنهم كانوا يركزون إهتمامهم على الدراسة والتحليل وكتابة الملاحظات, لم يكونوا مهتمين بإنهاء جميع الملفات بقدر أن يفهموها جيداً. وضعوا جميع ملفاتهم أمامهم وقاموا بدراستها معاً غير منقسمين, فساعدهم هذا على أن يسبقوا الزمن قليلاً. لاحظ أمير وفارس طريقتهم هذه وبدأوا بتطبيقها لكن على طريقتهم, فقد كان أمير يدرس مسارح الجريمة ويحللها جيداً ومن ثم يقارن تحليله بالتحليل المكتوب بالملفات ومن ثم يكتب الإختلافات التي يجدها. أما عن فارس فقد كان يدرس التقارير والسجلات والمتعلقات الإلكترونية الخاصة بالملفات. إستطاع الأربع متدربين أن يدرسوا الكثير من الملفات على الرغم من أنهم لم يستطيعوا إنهائها جميعها. بعد إنقضاء الأربع ساعات جاء إليه المحقق أيهم ووراءه المحقق نائل ..

- يبدو أنك لم تستطيعوا أن تنهوها جميعاً كما هو متوقع منكم !

قاطعه آدم قائلاً :

- لكننا إستطعنا أن نفهم ونحلل جيداً ما درسناه, وأعتقد أن ما يهم هو أن نطور قدرتنا على التحليل والملاحظة لا أن نعلى عدد دراستنا للملفات دون فهمها ..

إبتسم المحقق أيهم إبتسامة باردة ومكارة, وجال في المكان ذهاباً وإياباً ثم وجه كلام إلى الأربع المحققين الذين معهم في الغرفة قائلاً :

- يمكنك أن تذهبوا إلى بيوتكم الآن ولتعتبروا أن بقية هذا اليوم إجازة, شكراً لعملكم.

لم يفهم المحققين ولا المتدربين ما الذي يقصده المحقق أيهم وما الذي ينوي فعله ..

- لماذا مازلتم هنا ؟ سيتولى هؤلاء الأربعة قضايا بقية اليوم مكانكم, لهذا يمكنكم الذهاب, ولا تقلقوا .. أنا سأتحمل مسؤولية هذا الأمر, وسيتحملون هم مسؤولية كوارثهم.

بدت على وجه المحققين السعادة ونفذوا ما أخبرهم به المحقق أيهم وقاموا بتسليم ملفات القضايات للأربع متدربين. كانت القضايا عبارة عن سرقة, إعتداء, محاولة إختطاف وملاحقة. قضية السرقة كانت لرسيل, الإعتداء لفارس, محاولة الإختطاف لآدم والملاحقة لأمير. كانت السرقة بين صاحب محلٍ للطعام والفتى الذي يعمل معه, والإعتداء كانت بين بائعتين تقاطعت أرزاقهما مع بعضهما فبدأوا بالشجار الذي أنتهى بوجودهم بالمركز, أما محاولة الإختطاف فكانت من رجلٌ في عقده السادس محاولاً إختطاف طفلٌ في منتصف عقده الأول, والملاحقة كانت بين شابٍ والفتاة التي يحبها أو يظن ذلك, فقد حللها أمير بأن الشاب مصاب بهوس العشق. إستطاعت رسيل أن تحل قضيتها عن طريق سجلات كاميرات المراقبة وإتضح أن صاحب المحل هو المخطئ, فقد كان المال مخصص لإيجار المحل فجهزه للمالك ونسي أنه وضعه بحقيبته التي تركها في أحد الخزائن وظن أن مساعده هو من سرقه. أما قضية الإعتداء فقد قام فارس بمراضاة السيدتين حتى إنتهى الامر بالتصالح. وقضية الإختطاف إتضح من سجلات المجرم أنها لم تكن أول قضية له فتم تحويل إلى الطابق التاني للمحققين المتخصصين بتلك القضايا. وآخراً قضية الملاحقة, قام أمير بوضعة بالحبس لمدة أربعٌ وعشرون ساعة كإجراء وقائي وتم أخذ منه مذكرة تعهد على عدم الإقتراب من الطرف الأخر, وقام بالتحدث معه قليلاً فهو في بادئ الأمر كان طبيباً نفسياً.
بعد أن أنهوا القضايا التى سلمها لهم المحققون والقضايا التي توالت من بعدها, جلسوا متعبين غير قادرين على الحراك. وقف فارس وقام بتمديد عضلات جسده حتى يريح جسده قليلاً ثم أردف قائلاً :

- لقد قررت قراراً تغاضيت عنه منذ فترة كبيرة !

إنتبه له الجميع بإنتظار ما سيقوله..

- سأذهب لأعمل مع شرطة الإنترنت, بعد التفكير في الأمر قليلاً أستطيع أن أرى أنه التخصص المناسب لي.

ضحك الجميع على طريقة قوله لقراره بعدما بدأ بوضع أشياءه في حقيبته, وشاركه القرار أمير قائلاً :

- وأنا سأعود لأصبح طبيباً نفسياً, فعلى ما يبدو مكاني وسط المرضى والإستشارات.

قاطعته رسيل قائلة :

- على ذكر ذلك, أريد منه أن تصف لي منوم فأنا لا أستطيع أن أنام جيداً هذه الأيام ..
- لماذا ؟ أهناك شيء !

إبتسمت له رسيل قائلة :

- لا تمارس مهامك الطبية معي, كل ما في الأمر أني أعاني من الأرق.

ضحك أمير على ما قالته وأماء برأسه على الموافقة. كان قد إنتهى وقت عملهم الرسمي فقاموا بترتيب الغرفة ونقل الملفات ووضعها في أماكنها وهموا بالخروج,أوقفهم المحقق أيهم قائلاً :

- لا تنتظروا مني أي تشجيع فأنتم فعلتم ما يجب عليكم فعله, وإن أنتظرتم إطراء أو تشجيع في كل مرة تنجزون فيها شيئاً فلن تستطيعوا العمل هكذا .. أما الآن فهناك شيئٌ مهم يجب أن تتدربوا عليه !

تململ الجميع مما قاله فلقد أرهقوا كثيراً من العمل الذي وكل إليهم منذ بداية اليوم. خرج بهم إلى سيارة الشرطة المصفوفة بجانب المركز وأدخلهم إليها ..

- أنتم تعلمون أن في بعض الأحيان يتوجب علينا كمحققين أن نرصد ونراقب أماكن معينة قد يتردد المجرم أو المشتبه به عليها, قد يظهر الشخص المعني بعد بضع ساعات وقد يظهر بعد العديد من الساعات وقد يظهر بعد يوم, ومن الممكن ألا يظه. لهذا سيتم تدريبكم على هذا الأمر عن طريق جلوسكم هنا لمدة أربعٌ وعشرون ساعة ستسجلون جميع التحركات التي ستروها وسأتأكد منها بنفسي. إن خرجتم قبل الموعد المحدد فسيتم معاقبتكم وإن خرجتم في الموعد المحدد فهنيئاً لكم.

أغلق المحقق أيهم باب السيارة وتركهم مذهولين من سرعة حدوث الأمر. كانوا متعبين جداً ويشعرون بالإرهاق والنعاس, لهذا كان بقاء أربعتهم مستيقظين أمرٌ صعب فقرروا أن يتبادلوا مع بعضهم البعض وتطوعت رسيل بأن تبدأ بالربع الأول من الأربع وعشرون ساعة ثم تتناوب مع آدم ومن بعده فارس وأمير إلى أن ينقضي الوقت.

************************

في أحد المباني المتهالكة التي تجعلك تشعر أنها ستقع إن أثقلت خطواتك في المشي على أرضها, جلس شخصاً ما وحيداً في الظلمة التى أخفت ملامح وجهه, ينظر إلى دقات الساعة التي أعلنت بدورها عن حلول منتصف الليل. نهض من مكانه وكتب على أحد الحوائط جملةً ما, وقام بحمل حقيبة ظهره التي أثقلت ظهره بثقلها وشق طريقه في الظلام. حينما انقشع السحاب عن القمر وأنار ما حوله, تبينت الجملة التي كتبها وكان نصها :

" إن الألم الذي آلم قلوبهم ليلاً, كان نتاج تجارب كثيرة نزعت الحياة من أرواحهم, ربما لم يتغير بعضهم وربما صنع من بعضهم وحوشاً لا يمكن هزيمتها, وهذا ما يجب أن يؤول إليه الأمر. أما من تركت في قلبه ضوءً أبيض أعاد روحه فأولئك من يجب أن ينطفئوا. "

************************




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس