عرض مشاركة واحدة
قديم 27-09-17, 02:18 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني




2 - حكم الإعدام

لم يقل لها أحد من عائلة هاملتون شيئاً عن اليوت آبكوت.. وكانت نيفين شاكرة لهذا، فقد كانت تكابد بمشقة لأبعاده عن تفكيرها دون أية مداخلات خارجية..
لهذا غار قلبها ساعة التقت باللايدي خارج متجر القرية بعد بضعة أيام.. وكان عليها أن تشد عزيمتها لتلتقي بالأبتسامة المتوترة التي حيتها بها، والخبث الذي كان دائم الوجود على تعابير المرأة الأكبر سناً.. وسألت دايان التي كانت ترافق نيفين:
- ماذا كنتما تشتريان دايان؟
- هدية عيد ميلاد نيفين.. ستصبح في الخامسة والعشرين يوم السبت المقبل.
- آه، يالها من مناسبة. وكيف ستحتفل بها؟
- ستسافر إلى لندن.. ستتناول العشاء مع أصدقاء لها لكنهم لم يختاروا المطعم بعد ونيفين لا تعرف الكثير من المطاعم في لندن.
ارتسمت ابتسامة اللايدي غاردنر في عينيها الزرقاوين.
- مطعم ((ادريان)) مكان ممتاز للعشاء.. أسعاره معتدلة والطعام ممتاز فيه.

.
علقت كيرين هاملتون على الحديث بعد أن ذكرته لها ابنتها..
- ((أدريان)).. أجل على الأرجح ستتمتعين به نيفين.. يقوم بصنع الطعام الإنكليزي وبعض الأطباق المحلية الجيدة، والسلمون الرائع، ولحم الطرائد.

اتصلت نيفين بصديقتها صوفيا كرمبتون، التي تنظم لها الاحتفال في لندن، وبادرتها صوفيا بحماس:

- أوه.. أجل. لقد قرأت مقالة تصف طعماهم.. سأحجز طاولة منذ اليوم.
صباح السبت أوصلتها السيدة هاملتون إلى محطة القطار مع تعليمات مشددة بأن تتمتع بعيد ميلادها.. ولوحت لها نيفين حين انطلق القطار، ثم عادت إلى مقعدها.. سعيدة بتوقعات الحرية ليومين.
وصلتها هدية من أمها في نيوزيلاندا، وبطاقة معايدة من جيوفري فيها شيك.. كانت الرسالة محبة بما يكفي، لكن دون أي دليل على أن زوجته تيفاني لها علاقة بها، وهذا أمر غير اعتيادي من جيوفري.. كانت صوفيا تنتظرها، خصلات شعرها تضيء في المحطة المكتظة:
- لقد فقدتي من وزنك أيتها الملعونة. لكن لا تجرؤي على اتباع الحمية في الثماني والإربعين ساعة القادمة.
.
في الشقة التي تتشارك فيها صوفيا مع ثلاث فتيات أخريات، كان هناك اثنتان مسافراتان لقضاء عطلة الأسبوع، وواحدة مبتعدة عن الأخريات في غرفتها، واحتستا القهوة وأخبرتا بعضهما عن أخبار الوطن واستعدتا للسهر،
نادت صوفيا نيفين من الحمام وهي تضع ظلال العيون:
- ظننت أنني رأيت زوجة جيوفري منذ أيام في مخازن هارولد..
لكنني لم أستطيع الاقتراب منها.. فالمحل كان مزدحماً كعادته..
لكن لها نفس الشعر الأحمر الرائع.. وكانت في غرفة مهندس الديكور.
- ليس تيفاني.. فجوفري لم يكسب ثروة بعد.
ملست نيفين فستانها.. إنه رائع. ينسدل القماش الأزراق برقة على قدها.. وهي تصميم آخر لا زمن محدد له، بأكمامه الطويلة، وبياقته المشابهة لياقة القميص، يتناسبان كلاهما مع طول قامتها.. ويزيد الحزام التركيز على خصرها النحيل.. واستخدمت لوناً ليلكياً مائلاً إلى الرمادي كظلال العيون، مع قليل من الأحمر على خديها.
قالت صوفيا وهي مشرقة في فستانها الذهبي والأصفر:
- تسلبين اللب.. أوه لقد وصل الشابان.
والشابان أخوان إنكليزيان، كان الأكبر (( جوزف جاكسون)) صديقاً لصوفيا، أما شقيقه بيتر فقد كان يشبهه، طويل الجسم نحيله، وقد أعجبا نيفين..
.
كان المطعم دافئا ورائعاً .. فيه الخدمة ممتازة.. وأحضروا لهم المقبلات بسرعة قبل أن يتدارسوا لائحة الطعام بهدوء.. وقررت نيفين أن كل ما يحيط بها هو بداية لعشاء ممتع.
استمرت الأمسية جيدة حتى قبل انتهائها بقليل. كانت صوفيا تستمتع بحلوى رائعة إلى أن نظرت من فوق كتف بيتر، وصاحت:
- نيفين. أليست تلك..
رأت نيفين ما شاهدته صوفيا، فشحب وجهها إلى درجة البياض.
صرخت صوفيا مرتعدة،
- نيفين.. لا.. لا يمكنك افتعال فضيحة.
وقفت نيفين ساخطة وعيناها متسعاتان في وجهها، وهي تراقب اليوت آبكوت ومن معه يرافقهما رئيس الخدم إلى طاولتهم .. وتأوهت صوفيا:
- أوه ياإلهي . . أوه، أوقفها.
لكنها تأخرت فقد تحركت نيفين كآلة مسيرة تشق طريقها عبر الغرفة.. كانت مرعبة، جسدها متوتر، في ألم مرير وغضب أشد مرارةً .. ما من شيء بإمكانه إيقافها وهي تسير بين الطاولات.. على بعد قصير من الطاولة شاهدها من كان يجلس عليها.. ووقف اليوت وجهه منحوت كالصخر، لكن نيفين تجاهلته تماماً.
قالت للمرأة الجميلة، صاحبة الشعر الأحمر، التي كانت تنظر إليها وكأنها خارجة لتوها من الجحيم:
- مرحباً تيفاني.. أين جوفري؟
راقبت بعينين باردتين قاسيتين هبوط رموش زوجة أخيها بارتباك.. وقال اليوت بنعومة:
- اجلسي.
وشدها من ساعدها لتجلس.. لكنها كررت بشراسة:
- أين جوفري؟
ونظرت تيفاني بيأس إلى اليوت الذي قال:
- لقد تركته تيفاني يا نيفين..
- لتكون عشيقتك؟ تلك التي قلت لي مرتين بأن لا أهمية لها؟
.
فرفعت صوتها بضحكة الية قائلة لتيفاني:
- كان ذلك حين حاول التغرير بي..
قال اليوت:
- الأفضل أن تتناولي شيئاً تشربينه.
هزت نيفين رأسها لتقول ببرودة:
- لقد أنهيت عشائي لتوّي. كان بإمكاني افتعال فضيحة لكما أكبر من هذه ولست واثقةً من قدرتك رغم حنكتك على التعامل معها.
قال متجهماً: حاولي، وسترين.
فكرت بهذا للحظات.. كان يكمن تحت الهدوء البارز غضب وحشي وحقود ولا يمكنها ترك العنان له، وإلا قتلتهما معاً.
سالت بأدب: متى تركت جوفري؟
نظرت مرة أخرى تيفاني برعب إلى اليوت، فقالت نيفين بحدة:
- ردي علي بنفسك.. أرجوك.
- منذ .. منذ شهر.
هزت نيفين رأسها.
- في نفس الوقت الذي وصلتني فيه رسالة غامضة من أمي. هل تركته إلى الأبد أم أنك ستعودين بعد انتهاء فترة اللهو هذه؟
- نيفين .. لأجل الله ..
- أريد أن أعرف تيفاني؟
تنهدت تيفاني بارتجاف: تركته إلى الأبد.
قالت نيفين دون وخز ضمير:
- أرجو ان تكون قد حصلت على أكبر قدر من المال من عشيقك هذا.. لأنني لا أظن أن ( منصبك) هذا آمن.
- هذا يكفي.
.
لم يرفع اليوت صوته لكنه فرقع كالصوط .. ومد يده مع اتجاف شفتي تيفاني ليغطي يديها المرتجيفتين بطريقة أثرت في نفس نيفين كأمر نوع من الخيانة.
نظر إلى نيفين:
- إذا أردت جرح أحد فجربي جرحي أنا .. لن يكون هذا سهلاً أو مرحاً لأنني أقسى بكثير من تيفاني.. مع ذلك أرحب بك لاستخدامي بديلاً عنها.. شرط أن تكوني مستعدة لتحمل النتائج.
ابتسمت بسخرية مُرّة.
- أيمكن لشيء أن يجرحك؟ مغرور مثلك لديه درع ضدّ أي شيئ .. أليس كذلك؟ لماذا لا تعاني تيفاني من عذاب الضمير قليلاً؟ لا لأظن أن جوفري يحس بالسعادة الآن.. وأضمن لك أنه لا يتناول طعامه في مكان كهذا مع امرأة مجاملة مثلها.
وقفت لتواجه غضب اليوت بابتسامة باردة، وتجاهل كلاهما ترديد تيفاني لاسميهما.. وأكملت نيفين:
- أتمنى أن تتمتع بوقتك كما تمتعت أنا ..
والتفتت لتحي الزوجين اللذين وصلا لجانبهم :
- لايدي غاردنر، لورد غاردنر.
وانطلقت عائدة إلى طاولتها بهدوء.
قالت صوفيا بسرعة:
- نحن مستعدون للذهاب .. ارفعي رأسك عالياً وابتسمي، وخذ ذراعها يابيتر بطريقة طبيعية ودون أن تكون مبالغاً ..
.
كان الشابان لطيفين يحميانها من عيون بقية الموجودين في المطعم .. وكانت نيفين شاكرة لهما بأكثر مما تستطيع التعبير عنه.
صرفت صوفيا في الشقة الرجلين وصنعت لنيفين قهوة وأجبرتها على أن ترتشفها ساخنة .. ثم قالت:
- ستشعرين بانك افضل حالاً لو غسلت وجهك .. وارتدي ثوب نوم .. ألديك صداع؟
- أجل لكنه سيزول ، ولا أحتاج إلى اقراص ضد الألم.
أعدّت لها شاياً معطراً مع قليل من الليمون كما تحبه نيفين تماماً .. واحتستاه معاً بصمت الى أن قالت صوفيا:
- أعتقد أنك كنت ستكتشفين الحقيقة عاجلاً أم آجلاً .. لكن ما هذا الحظ التعيس الذي جعلهما يختاران ذلك المطعم بالذات؟
خف الألم في رأس نيفين كثيراً .. ونظرت إلى صوفيا ضاحكةً:
- لم يكن ذلك حظاً سيئاً.
وشرحت لها باختصار دور اللايدي غاردنر في اختيار مطعم أدريان.
- لكنها لا تعرف تيفاني .. ولا أفهم..
- لقد عملت على أن يكون اليوت آبكوت هناك مع تيفاني، أي عشيقته.
- لكن .. أوه .. أوه. لقد فهمت. بحق الله أين التقيت به؟ هناك؟ فهمت .. لا عجب أن تكوني متوترة هكذا .. صدقاً لقد أخفتني كثيراً ، وكذلك أخفت تيفاني .. لقد بدت فعلاً مذعورة .. لقد بدوتِ كجلاد ينفذ حكم الإعدام..
.
اغرورقت عينا نيفين بالدموع ، وشربت ما تبقى من الشاي ، ثم نفخت أنفها ولفّت يديها حول ركبتيها لتقول بهدوء:
- كانت صدفة تعيسة أن تكون عشيقة اليوت آبكوت هي بالذات زوجة أخي.
وضعت صوفيا فنجناها من يدها:
- اليوت آبكوت .. إنه اسم شهير .. كان موس اليوت قرصاناً شهيراً في البحر الإسباني .. وحسب ما أذكر جيداً أصبح محترماً بعد عمر قضاه في القرصنة واليوت يتمتع بمؤهلات جده .. إلى أي حد وقعت بحبائله يا نيفين؟
- حسن جدا .. لقد رفضت عروضه.
- لماذا بحق الله تريد اللايدي أن تزعجك ؟ أو أن تحرجك ؟ تبدو لي سافلة.
- أظن ، مما سمعته، أنها تحب العبث لمجرد التسلية فقط. وأظن أنها اعتقدت بأن اليوت سيوافقها على لعبها ، وانزعجت لأنه لم يوافق .. وربما وجدت في هذا الموقف عقاباً لنا معاً .. فلو لم أقبل اقتراحها حول ادريان، ما كانت لتعرف أن تيفاني هي زوجة أخي .. وهذا ما أسميه بالحظ القذر .. أنا آسفة جداً لإفساد الأمسية.
قالت صوفيا شيئاً مختصراً ولطيفاً ، حمل الابتسامة إلى شفتي نيفين الشاحبتين .. وقالت:
- ياإلهي .. لقد جعلت من نفسي حمقاء أمام الجميع.
- بالكاد لاحظك أحد .. أنت تعرفين أهل لندن .. لن يهتموا مهما حدث . وهذا ما يعجبني فيهم.
ساد صمت لم يقطعه سوى صوت مرور سيارة عن بعد ، ثم قالت صوفيا:
- نيفين ؟
- نعم؟
- ماالذي حدث بينك وبين اليوت آبكوت؟ إذ ليس من عادتك خسارة برودتك أمام رجل ما.
التوى فم نيفين:
- أظن أنه ما يدعى بالأنجذاب من أول نظرة.. الأمر فظيع ، وأحسست بالعجز.


.

- وهل أحس بنفس الاحساس نحوك؟

- قال هذا .. وأظنه .. أجل. أحس.
مرت فترة صمت أخرى ، قاومت خلالها مشاعر الغيرة التي كانت تتآكلها .. لقد عانت الكثير حين رأت رأس اليوت الأسمر ينحني نحو رأس تيفاني .. وأصابعها الجميلة المزينة بالطلاء الأحمر ترتاح على ذراعه .. ساعتها ، وكما الآن ،صاح كيانها كله باحتجاج مرير.
صبّت صوفيا كوبين آخرين من الشاي .. وقالت نيفين في محاولة لأبعاد تفكيرها المعذب:
- من الأفضل أن أتصل بأمي.. علّها تخبرني عن حال أخي؟
- إنه مشتت ومعذّب كما أعتقد.
- أخشى هذا .. فقد كان مولها بحبها .. السافلة.
قالت صوفيا بتعقل أجش:
- إنه أفضل حالاً دونها .. صحيح أن هذه كلمة تقال ، لكنها الحقيقة.
- لقد مات أبي بتحطم قلبه. عاد حين تركته عشيقته زاحفاً إلى البيت كالكلب المسعور، وأخذ يذبل. كان يحبها لدرجة الهوس .


- وتظنين أن جوفري .. أوه نيفين .. أنا على ثقة بأنك مخطئة.

– ياإلهي . أتمنى هذا .. أقسم فيما لو حدث له مكروه بأنني سأقتل تيفاني .. واليوت آبكوت معها.

- أنت متعبة، ولا تعرفين ما تقولين .. تعالي ، دعينا نذهب إلى الفراش .. ستبدو الأمور أفضل حالاً في الصباح.
.
تمكنت نيفين بالتدريج من ابعاد ذكرياتها ومشاعرها علّها ترتاح قليلاً من التوتر الذي سبّبه لها اليوت وتيفاني.. وساعدها في ذلك الفتاتان من آل هاملتون اللتان أصبحتا عزيزتين جدا على قلبها.
كانت رسالة أمها لها حول جوفري رسالة متفائلة .. حصل على أمر الطلاق، وما عليه الآن سوى الانتظار سنتين قبل أن ينفذ الحكم بشكله النهائي . كان لا يزال يعمل بجهد كبير .. لكنه وجد مؤسسة كبيرة اهتمت بدعم آخر مبتكراته التي ستكون دفعاً كبيراً لمعنوياته . ولقد حصل جوفري على دخل جيد من تسجيل الكثير من اختراعاته الآلية ، آخر اختراع له كان الأعظم.
ودّعت نيفين في منتصف الخريف أونا ودايان .. وودّعت كذلك والديهما ، وأدركت بارتياح أنها لن تضطر بعد الآن لروية اللايدي غاردنر أو أن تتحمل لؤمها وتعليقاتها الشريرة. حاولت المرأة مرات عديدة اجتذاب ردة فعل منها لكن نيفين كانت في كل مرة تحدّق فيها بجرأة ، وتعامل تطفلها بجدية هادئة إلى أن استسلمت.


.

ودّعت ما تبقى من أهل القرية الذين تعرفهم بشيء من الأسى ثم سافرت إلى لندن مع كل شيء تملكه في حقيبة . وأمضت أسبوعاً محموماً تستعد لحفل زواج صوفيا إلى جوزف جاكسون، كانت الوصيفة. ثم انتقلت لتسكن في نزل ، لتحظر لسفرها إلى موطنها وشغلت نفسها بين هذين الموعدين بالتفرج على معالم لندن وتمتعت بأن تكون لوحدها ، فالعزلة كانت تناسب مزاجها.

كانت في اليوم السابق لسفرها في طريقها إلى المعرض الوطني حين بدأت السماء تمطر.. مما دعاها إلى دخول دار ((نيوزيلند)) فقررت الانتظار حتى انتهاء المطر .. والتقت هناك وهي تقرأ صحيفة من ((ويلنغتون)) بفتاة أمضت معها مرة نهاية اسبوع ممطرة تعيسة في نزل للشابات في ((لايك ديستركت)) قالت لها الفتاة بعد التحيات المتعجبة المعتادة:
- أتعرفين أن هناك رسالة لك في النزل .. إنها هناك منذ مدة.
- لا ؟ من الأفضل أن أذهب لأستلمها .. لطيف أن أراك مجدداً.
- وأنا كذلك .. أبلغي حبي للمسؤولة هناك، هل تسمحين؟
وعدت نيفين مبتسمة أن تفعل، ثم اتجهت إلى النزل ووجدت المغلف قد اتسخ قليلاً .. وكانت الرسالة مركزة على نقطة واحدة:
(( نيفين .. أرجوك اتصلي بتيفاني)) ومعها رقم هاتف في لندن.
لزمها جهد كبير لمنع نفسها من تمزيق الرسالة .. واشتد ضغط فكها بألم. طوت الرسالة عدة مرات قبل أن تدسها في جيبها، ثم اتجهت إلى غرفة الهاتف. وطلبت الرقم لتسمع صوت تيفاني.
- نيفين هنا. لقد استلمت رسالتك لتوي. أهناك شيء خاطئ.
- - لا .. كدت أفقد الأمل في اتصالك بي. متى ستعودين إلى الوطن؟
ردت ببرودة:
- بعد الغد .. لماذا؟
- أريد رؤيتك .. الأمر مهم ليس بالنسبة لك .. لكن بالنسبة لي.
- حسن جداً.. متى ألتقيك؟
- أيمكنك المجيء إلى هنا؟
- وهل الأمر ضروري؟
- أنا ألازم المنزل لأنني متوعكة .. ولن تجدي صعوبة في الحصول على تاكسي يوصلك.
قالت ببرودة شديدة:
- التكسيات هي للاشخاص الذين يملكون مالاً كثيراً.. ماهي أقرب محطة أنفاق لك؟
.
كان انتقاد في محله، وبدأت تيفاني تقول شيء ثم غيرت رأيها وأعطتها المعلومات، مقترحة أن تلتقيا عند شباك التذاكر.
التقتا.. وقالت تيفاني:
- كيف حالك نيفين؟
- بخير .. شكراً لك.
- شقتي على بعد دقائق من هنا.
ما أن دخلتا الشقة الصغيرة المؤثثة بلطف، حتى نظرت نيفين بسرعة حولها واعادت نظرها إلى وجه تيفاني التي سالتها:
- أتبحثين عن اليوت ؟ إنه ليس هنا.
- لم أتوقع أن يكون هنا
ابتسمت تيفاني بقسوة.
- اعرف .. لو فكرت أن هناك أي أمل ولو ضئيل في أن يكون هنا لما جئت. اجلسي وساصنع القهوة.
أخذت تتكلم وهي تحضر القهوة عن عملها كاختصاصية تجميل وانهت كلامها:
- ربما يبدو لك عمل تافهاً، لكنني كنت أرغب دائماً ان أقوم به لأنني كرهت عرض الأزياء.. وانا حقاً أتمتع به.. نحن نعمل كثيراً مع مرضى المستشفيات .. ويقول علماء النفس..
قاطعتها نيفين:
- لست بحاجة لأن تبرري نوع عملك لي..
- صحيح؟ إذن لماذا تنظرين إليّ وكأن عينيك تتألمان كلما رأيتني؟ ما رأيك بي نيفين.. حقاً؟
- وهل الأمر مهم؟
- لا .. ليس مهماً
صبت القهوة، وجلست تمعن النظر في عمق السائل السود:
- ما كان يجب أن أتزوج جوفري أبداً.. فأنا لم أحبه أبداً كما يستحق الحب.
- لماذا تزوجته إذن؟
تراقصت عدّة كلمات من رسالة أمها في رأسها ((جوفري يبذل جهداً كبيراً.. لكنه فقد الكثير من وزنه .. ولا يأكل جيداً .. لقد انطوى على نفسه، أصبح معزولاً.. ويبدو وحيدا جداً))
صاحت تيفاني بغضب:
- لأنه كان.. كان .. كان في ذلك الوقت هو ما احتاج إليه.. شخص أستطيع لاعتماد عليه.. ولقد أحبني فاحسست بالمسؤولية نحوه وبعرفان الجميل.. لم يكن يقصد أن يستخدم حبه كسلاح، لكنه كان يشعرني بالذنب لأنني لم أستطيع أن أحبه كما أحبني.. وأعرف أنني كان يجب أن أكون قوية وأرفض الزواج منه.. لكنه أخذ زمام الأمور بيده ولم أضطر حتى للتفكير . كنت أحتاج إلى ذلك الاستقرار العميق الثابت كالصخر، الذي تمتلكه عائلتكم..
.
- لكن هذا الاستقرار شحب أمامك بسرعة.
ردت بحذر:
- لقد حاولت.. ويعرف جوفري أنني كنت أحتاول، وهذا ما كان يؤلمه.. كلكم متشدّدون خلف ذلك الجو الواقعي الذي تكرسون أنفسكم له بكل تمسك بالدين .. حتى أمك . لقد حاول جوفري جاهداً أن يطمس غضبه وألمه. لكن المسألة كانت مسألة وقت قبل أن يتغلب غضبه على ألمه.. كنت أعرف أن هذا سيحدث، وأن كل التشدد ساعتها سينقلب ضدي.. وكنت خائفة.
- لا تقولي هذا لي . جوفري غير قادر على إيذاء..
وضعت تيفاني فنجانها بقوة كادت تكسره:
- أصغي إلي .. لجوفري نفس طباعك .. عاجلاً أم آجلاً ، كان مقدراً لتلك السيطرة على النفس أن تفلت، ولقد عانيت من حريقها.. أقول لك لأنني أعرف . قد أكون من النوع الذي تحتقرينه.. لكن لدي غريزة قوية للحفاظ على الذات. صحيح أن هذه الغريزة ضعفت قليلاً حين سمحت له أن يقنعني بالزواج، لكنها سرعان ما عادت إلى الحياة.. لجوفري نوع من الصلابة الحديدية التي تحطم الأقل منه شأناً، وهو قادر تماماً على تحطيم كل من يفشل أن يكون من مقاييسه. لقد عشت معه وأعرفه.. ولست الأخت الصغيرة التي أحبها دائماً وحاول حمايتها.
قالت نيفين ببرودة، ويداها ترتجفان:
- هذه طريقة غريبة لأيجاد الأعذار لنفسك.
احتست تيفاني قهوتها:
- حسناً، وماذا في محاولتي تبرير نفسي؟ حين رأيتني مع اليوت نظرت إليّ وكأنني شيء كريه، شيء مقرف، ولم تستطيعي تحمل رؤيتي.. أخذت تنظرين من خلالي كأنني غير موجودة.. حتى حين تكلمت معي.
.
- أكان اليوت يعرف أنك متزوجة؟
توقفت أنفاس نيفين وهي تنتظر الرد ّ.. وقابلت تيفاني بمرارة دفاعية الازدراء الذي بدا قاتماً في عيني نيفين:
- بالطبع لا .. ليس بداية. أقنعتني صديقة لي أن أقوم بعرض أزياء في حفل خيري .. وكان هناك ولم أكن أضع خاتم الزواج..وتعلقت به من أول لقاء .. وحذرتني صديقتي من أنه يكره تحطيم أي زواج، لذا لم أقل له إلا بعد أن تركت جوفري.. وغضب حين اكتشف الحقيقة.
استطاعت نيفين أن تتصور مدى تعلقها باليوت.. وقالت متعبة:
- لم يعد الأمر مهماً الآن .. لم يكن لي الحق أن أكون متعجرفة معك هكذا.. فهذا أمر لا يعنيني.
ضحكت تيفاني بخشونة:
- إذا كنت تصدقين هذا فأنت تصدقين أي شيء .. أكنت تعرفين أنه لم يخرج مع امرأة منذ أن غادر لندن؟ بالنسبة لأليوت ، هذا سجل رائع.. إنه ينتظر عودتك إلى نيوزيلند.
أطبقت أسنان نيفين على شفتها السفلى وقالت:
- هذا لا يرضي غروري .. ولا أصدقه.
- أنا أصدقه .. تبعث لي صديقة في أوكلاند ، من نفس وسطه، بكل أخباره. عرفت أنه وجد امرأة أخرى عندما عاد من تشايس فقد كان مشغول الفكر، وأوضح أن كل شيء قد انتهى بيننا .. فأصررت على الذهاب معه إلى المطعم مع أنني أعرف أنه لم يعد يريدني معه.. أردت أن ألتقي بابن عمه علي أعرف من يلاحق.
أكملت تيفاني بصوت أجش:
- لقد استحقيت ما حصل لي .. فقد كاد يأكلك بعينيه، وكرهني لأنني كنت متزوجة من أخيك.. وكان هذا يعني أنك لن ترغبي أن يكون لك أي شأنٍ معه. قالت نيفين وهي تفكر به:
- لقد تصرف .. كوغد تماماً.
.
لم تبدو الكلمات مسلية أو قديمة الطراز.. ليس بالطريقة التي قالتها .. وارتجفت تيفاني للازدراء الكامن في الصوت والوجه.
- تبدين كقاض يلفظ حكم الإعدام.
بدأ المطر في الخارج ينهمر مرة أخرى..وامتد صمت يخلو من التوتر ليشمل الشقة الصغيرة.. ثم قالت تيفاني:
- كان يعرف أنني أنوي التدرب لأكون خبيرة تجميل، ورتَّب الأمر لي .. كان لطيفاً جداً، أعتقد أن هذا سببه لأنه أدرك عدم قدرته على لومي لكوني زوجة اخيك.. إنه منطقي جداً.
- بل إنه خنزير وقذر.
- ألأنه يعبث مع النساء؟ وهكذا كان جوفري.. أتضنين أنه تزوجني وهو بطهارة الثلج؟ تعّقلي نيفين .. الا زلت ساذجة.
احمرّ وجه نيفين وثبتت نظرها على فنجان القهوة أمامها، وقالت:
- لا شأن لقيمي الأخلاقية في كل هذا.
ابتسمت تيفاني، وقالت ما لم تتوقعه نيفين:
- مسكين اليوت.. ومسكينة نيفين.. أنا، على الأقل، كنت أعرف كيف ستبتدئ العلاقة وكيف ستنتهي. لا يقع رجال مثل اليوت آبكوت في الحب.. على الأقل، ليس مع النوع الذي يرغب في الحب والسعادة إلى الأبد. إنهم يتزوجون لأسباب مادية ،ولا يكون الإخلاص جزءاً من الصفقة.. ولا أعتقد أنه أحب عذراء من قبل .. فلديه مبادئه الخاصة.
لم تقل نيفين شيئاً، فما من شيء لتقوله..عرفت منذ أول نظرة لمحته أنه ليس أكثر من صياد صياد مفترس، ناعم، جميل، وخطير.
.
أكملت تيفاني فجأة:
- لقد أنقذني.. كنت أريده، وقلت له كل الأشياء الغبية التي طالما خدعت النساء أنفسهن بها، وستجدين نفسك تفعلين هذا يوماً نيفين.. وستقولين لنفسك أن هذا هو الحب دون شك.. على الأقل، سيكون لك ذكريات.
- لست غبية إلى هذا الحد.. على أي حال .. من غير المحتمل أن أراه مجددا. ابتسمت تيفاني ساخرة:
- أستطيع القول أنه سيعرف الموعد المحدد لعودتك إلى أوكلاند.
ردت نيفين:
- أنت مجنونة.
لكنها قلقت، وضحكت تيفاني ضحكة غريبة:
- أنا أعرف هذا الرجل جيداً، وقد رأيته كيف يتحرك، إنه لا يقبل الهزيمة.. تذكري، حين يقول لك أنه يريدك، كيف سينتهي بك الأمر؟ لا أظنك قادرة على تحمل علاقة عابرة.
- ليس أكثر من تحملك الزواج.
أجفلت تيفاني، لكنها تقبلت الطعنة دون غضب:
- إذا كنت عذراء، فلا تتشبثي باليوت.. فالرجال مميزون عن النساء.. قد يصرف جوفري غضبه في العمل، أو ربما يلجأ إلى فترة ضياع ليبرهن أنه نسيني.. لكن لا أظن أن أية امرأة تعني بهذا القدر لأليوت، كما يعني له عمله.. لا تدعي نفسك أسيرة كلامه المعسول فتصلي إلى علاقة ما .. لماذا تسعين للألم؟
كناتا قد قالتا كل ما خطر ببالهما .. وللحظات تبادلتا النظرات على أمل أن تتوصلا إلى تفاهم غامض، ثم وقفت نيفين:
- يجب أن أذهب.
سارتا معاً نحو محطة المترو تحت سماء قاتمة رمادية وقالت تيفاني بأسى:
- إنه الخريف.. يكاد يحل الصيف في الوطن الآن .هل ستسافرين رأساً إلى هناك؟
- كنت سأتوقف أسبوع في هاواي.. كانت تبدو لي فكرة جيدة.. لكنني الآن لا أريد سوى الوصول إلى الوطن.
- أوه.. ستتمتعين بإقامتك هناك متى وصلتي.. استلقي على الشاطئ وأعيديقل لونك الأسمر البرونزي..
توقفتا عند مدخل المحطة، ومر بهما صمت مربك آخر.. وتأثرت نيفين بالشجاعة المختبئة في نفس المرأة، فمالت فجأة تقبلها:
- وداعاً.. وحظ سعيداً.
كان ذهول تيفاني ظاهراً ومخجلاً:
- وأنت كذلك.. ابقي لو استطعت على اتصال بي ..أخبري جوفري في الوقت المناسب أنني آسفة.. ليس لتركي إياه بل لزواجي به.
راقبتها نيفين وهي تستدير لتسير في الشارع من حيث أتيا، ظهرها مستقيم وشعرها اللماع مختبئ تحت المنديل.. فكرت وهي تدخل المحطة بأن امرأة مثلها قد تذهب هكذا إلى المشنقة.



.

لم تسمح لنفسها بالتفكير جدياً بتحذير تيفاني لها إلا بعد أن عادت إلى غرفة نومها الصغيرة.. وتساءلت وهي مكتئبة دونما ارتياح في المقعد ما إذا كان اليوت آبكوت يريدها حقاً بما يكفي ليلاحقها كما أشارت تيفاني.. وأصابتها الفكرة بنصف إثارة ونصف خوف، واضطرت إلى إعادة الجزء المتعقل من دماغها إلى سكته الأصلية.
كانت الفكرة من وجهة النظر المنطقية لا يصدقها عقل .. فما يريده منها يمكنه الحصول عليه بسهولة في أي مكان ..فالوعد الأسود لجاذبيته ساحرة بما يكفي ليجذب أية امرأة، ماعدا اللواتي يحببن غيره .. تلك الجاذبية الممزوجة مع شخصيته القوية تجعله لا يقاوم أبداً.


إنها تحتقر كل شيء فيه كرجل.. مهوس يملك غريزة الصياد المفترس، وبرودة لا رحمة فيها.. سوف يكون من المستحيل عليها أن تشعر بأي شيء سوى الإحتقار لرجل تسبب بتحطم قلب شقيقها.

.


قراءة طيبة للجميع

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس