عرض مشاركة واحدة
قديم 27-09-17, 02:21 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس

5 – لماذا تعذبني ؟


كانت عائلة كروموبل تعيش فوق جرف صخري مرتفع ، يمتد الى الشمال من شاطئ (( أوربوا )) الطويل . تمتد أمامهم فسحة واسعة براقة من خليج (( هاواركي )) المزين بأشرعة متعددة الأشكال والألوان ، ويبدو كذلك جزء من أسطول أوكلاند لليخوت .
كان المنزل عصريا أنيقا يظهر للعيان وكأنه معلق في الفراغ ما بين البحر الواسع والسماء .. يبدو المنظر خلابا ، وجميلا جدا ، انما وجدت نيفين (( هانترزفالي )) أكثر اناقة وارضاء .. على أي حال ، كان آل كروموبل أكثر من سعداء بمنزلهم ، وبرؤية اليوت بكل تأكيد .
.
قدم نيفين على أنها ممرضة لأمه ، ورفيقتها . وهذا ما غير بكل تأكيد النظرة في عيني جوك كروموبل الى نوع من الاجفال ، تشاركها مع زوجته . . لكن التردد لم يدم سوى لحظات تذكرت على أثرها بات كروموبل واجباتها كمضيفة ، فسألت وهي تقودهما الى غرفة مطلة على البحر والسماء :
- كيف حال السيدة هولاغ ؟
رد اليوت بصوت جاف :
- بخير . . تعرفين أمي . .
- انها غير معقولة . . أليس كذلك ؟ والآن نيفين ، أقدم اليك (( غي براندون )) ، وهذا (( ريتش )) . . تعرفان طبعا اليوت . . وهذه نيفين ستيوارت .
- كان الأخوان براندون أشقرين متماثلين ، المرأة أقصر بانش أو اثنين من شقيقها ، وتلقت نيفين من الشاب ابتسامة لطيفة ، وتحية حارة . . بينما تركزت عينا غي على اليوت ، وكان في عينيها نظرة أغضبت نيفين . لكنها أكملت تبادل التحيات مع ريتش براندون ، ولم تعره اهتمامها ولم تعي ما كان يقوله لها الى أن أجلسها الى الصوفا يسألها :
.

- كم مضى عليك في (( هانترزفالي )) ؟
- منذ عودة السيد هولاغ من المستشفى . . وسأغادر حين يقرر طبيبها عدم حاجتها الى . .
كانت ابتسامته تغازلها بوضوح : من أين أنت ؟
- من أوكلاند .
- وأنا كذلك .
كان صوته يوحي بأن كل هذا مصادفة غريبة . وأجابت :
- لا أجد هذا عجيبا بما أنها أكبر مدينة ، والوحيدة هنا .
- لا تتأثري هكذا . . كنت فقط أحاول ايجاد رابط بيننا .
- اعتبره موجودا . . فكلانا من أوكلاند ، وكلانا من البشر ، ونتكلم الانكليزية . . وكل هذه روابط كثيرة اذا فكرت بها .
استخدم جسمه لاخفاء بقية الغرفة عن نظرها وقال متذمرا :
- أنت لا تأخذين هذا على محمل الجد ! اذا كنت ستكونين غير مهتمة فكيف يمكن لي أن أقنعك هذه الليلة بالذات ، وقبل أن تغادري ، أنك تعرفينني بما يكفي لأن تخرجي معي ؟
ابتسمت :
- لن تفعل . . انما تصرف الآن بأدب ، فمن غير الائق أن تدير ظهرك لمن في الغرفة .
- ليس وبقية الغرفة فيها اليوت آبكوت . . أعتقد أنك مثل كل النساء اللواتي أقابلهن ، بما فيهم شقيقتي ، تحبون هذا الرجل بجنون .
جاء صوت أليوت مرحا ومعه كوب عصير لنيفين :
- يا للأسف ، أتمنى لو كانت تحبني . . لأن للسيدة شخصية طاغية .


.


قال ريتش بمرح فظ :
- أوه . . حسنا ، اذا كان سحرك الشهير لم يقنعها فاذهب من هنا ودعني أحاول بدوري معها .
قالت نيفين بلطف مع قليل من الحدة :
- أنا لازلت هنا !
أجفل ريتش :
- هل كنت فظا معك ؟ آسف . .
- كلاكما كان فظا .
لمعت عينا اليوت باعجاب ساخر ، وبادرها ريتش بالقول :
- بدأت تذكرينني بالسيدة التي سبق أن علمتني أول مرة دخلت فيها الى المدرسة . . كانت عيناها حمراوين وطولها خمسون قدما .
- ولها نزعة شريرة في سلخ جلودنا بسرعة فائقة . . أكانت تمت لكِ بصلة ما ؟
- بكل تأكيد . . والآن نيفين ، اتركي هذا المهرج وشأنه وتعالي لنسعد قلب جوك وبات في التمتع بالمنظر المطل على منزلهما . .
وأتت شهقة الاعجاب كما كان يتوقع المضيفان . . وتنفست نيفين الصعداء تستوعب عيناها المنظر :
- أوه . . انه رائع .
كان المنزل مبنيا على بعد قليل من حافة الجرف الصخري الخالي من أي حديقة أمامه . . فهو مجرد غابة صغيرة من الأشجار الاستوائية (( اليوهوتوكاوا )) . . خضراء وفضية تلمع بعد أن يحركها الهواء العليل . . يأتي من خلف الأشجار مياه خليج هاتفيلد وكأنها شاطئ رملي بحد ذاته ، يمتد أمامها مباشرة رأس صخري آخر مليء بأشجار الصنوبر يتآلف مع شاطئ رملي صغير عند أقدامه .

.


همست نيفين :
- وكأن المرء يعيش في مركب (( غندول )) أو في بالون .
هزت بات رأسها حماسة :
- أو على مقدمة سفينة . . يبدو المنظر مذهلا في الليل ونحن نحب العيش هنا .
قالت نيفين :
- يذكرني باليونان . . التلال والصنوبر . . لكن الأشجار هنا أكثر كثافة والتلال أكثر خضرة مما كنت أراها في اليونان . . ويشبه لمعان الزيتون الفضي هناك لمعان (( اليوهوتوكاوا )) والطقس فيه لا يحتمل تماما مثل هنا . لقد توليت آنذاك قيادة سيارة فان عبر طريق للماعز جنوبي (( باروس )) ثم خرجت لأبكي بين الصعتر والمردقوس البري والقصعين لأنني كنت مشتاقة جدا لموطني .
بدا العجب على غي براندون :
- حقا ؟ أنا لم أصل يوما الى باروس ، لكنني أحببت مايكونوس . ولم أرغب في أن أغادرها بتاتا . .
وطفق الجميع يروي شيئا عن عطلته ، الجميع باستثناء اليوت ونيفين . فسرعان ما أحست بالحرج لكشفها . . وحاولت التركيز على ما كان يقال ، لكن انتباهها ذهب سدى فقد كان يأسرها الرجل الماثل أمامها . .
التفتت غي الى اليوت مبتسمة :
- ماذا عنك اليوت ؟ لا شك في أنك سافرت أكثر منا كلنا مجتمعين ، فما هو مكانك المفضل ؟ أهو مكان خفي معزول في جزر السيشل ؟ أم كوخ تزلج في سانت مورينز ؟
قال :
- انها قرية صغيرة لا تبعد كثيرا عن لندن .
أصبحت ابتسامة غي مزيجا من التشجيع واللهفة :
- لا تكن مثيرا للسخرية . . أخبرنا عن السبب .
وكانت نيفين لحظتها مستعدة لدفعها من النافذة المفتوحة ، دون ذرة ندم .
.



- لدي ابن عم يعيش بعيدا هناك ، وهو مكان جميل على الطراز الانكليزي وأفضل ما فيه الحفلات التي يقام فيها سباق للخيول الصغيرة .
حين بدا واضحاأنه لن يكمل حديثه توسلت اليه بات كروموبل ضاحكة :
- أوه . . تابع اليوت . . أنت مزعج في مزاحك . . نحن بلهفة لسماع السبب .
ضحك لمضيفته ثم قال بصراحة مثيرة :
- لقد رأيت حب حياتي لأول مرة هناك طبعا .
كان الضحك الذي استقبل هذا حذرا ، ولم يدرك أي منهم اذا كان يمزح أم لا . . وسألته (( غي )) برقة :
- حقا ؟ ومن هي المرأة المحظوظة ؟
- ستضطرين للانتظار لمعرفة هذه المعلومات كما أخشى . . فأنا ألاقي صعوبة في اقناعها بأنها هي المحظوظة .
بدا واضحا أن أحدا لم يصدقه ، ولا عجب في أنه كان يبدو مغرورا . . وانتقل الجميع الى شرفة اخرى .
اعترفت بات ، بعد أن لاحظت نظرة نيفين الى بركة السباحة والى ينبوع الماء المجاور :
- ان البحر لا يبعد أكثر من عشر دقائق عن الصخور ، لكن الطريق اليه شديدة الانحدار والبحر دائما أكثر برودة من البرك . . ونحن نحب الراحة التي صنعناها بأيدينا .
قال اليوت ساخرا : يا للترف .
ابتسمت بات له :
- أوه . . كلنا نعلم بأنك تسبح في برك البراري الباردة كالثلج . لكن حتى أنت أيها الرجل الفولاذي لديك بركة سباحة مياهها ساخنة . . اجلسي نيفين . . هل شاهدت نيفين بركة سباحتك الخاصة اليوت ؟
انضم الى نيفين ليجلس فوق أريكة براقة المفارش :
- ليس بعد . .
- يجب أن تفعل . . انها جميلة جدا . . بركة فوق أفريز صخري عريض على تلة خلف المنزل يحيط بها دغل كبير ، ولها شلالها الذي يغذيها بالماء .
ابتسم جوك كروموبل لزوجته :
- انها ملساء ، شديدة الانحدار حتى أنني اضطررت الى دفعك صعودا لو كنت أذكر جيدا . . وأذكر أن أليوت رفض مساعدتي يومها .
تبادل الزوجان واليوت الابتسام . وسألت غي :
- أين هي تلك البركة ؟ لماذا لم أرها ؟ أكنت تخفيها عني اليوت ؟
قال ببرودة :
- من الصعب الوصول اليها .
.



غمز جوك نيفين وقال : لقد سبق أن قال اليوت لبات بأنه تعلم السباحة فيها وهذا السبب الذي دفعنا الى الذهاب اليها ، وحين وصلنا اليها أخيرا لا شئ استطاع أن يقنعها بغطس قدمها فيها قالت بات بسخط ضاحك :
- لقد بدت شديدة البرودة ! ثم انني أردت الذهاب لأن اليوت أخبرني عن وجود بعض الزهور المحلية هناك في الدغل . . المكان جميل جدا مع شجرة (( نيتوكي )) الضخمة القائمة فوق ضفة معشوشبة فيها حبل طويل مدلى من أحد أغصانها ، بحيث يمكن لأي شخص شجاع بما يكفي للسباحة فيها ، التأرجح فوق البركة ثم القفز من علو شاهق !
ارتجفت بات . . والتقت عينا نيفين بعيني اليوت . . وأدركت ما يعنيه ذلك الحبل . .
وتحول الحديث الى نقاش عن معرض فني في أوكلاند ، وأصغت نيفين بصمت . . انتقل الحديث من الفن الى الابحار وبعض القيل والقال ، ثم عن الباليه الانكليزي ، وعن أفضل طريقة لطهو السمك المحيطي . . وأخيرا الى صانعة خزف اكتشفتها بات .
- انها رائعة ! لقد اخترعت أشياء خيالية من الخزف . واشتريت منها احدى القصاع التي صنعتها ، وكانت كالسيمفونية بل كالشعر . . انها معجزة مثل غروب الشمس !
مازحتها غي لحماستها ، لكن اليوت سألها عن اسم صانعة الخزف :
- اعتقدت أنك ستهتم . . اسمها كارين غراينجر .
سألت غي باهتمام :
- زوجة ديك غراينجر ؟
- انها هي . . أنت تعرف ديك ، يا اليوت ، أليس كذلك ؟ كنتما في المدرسة معا ؟ كارين هي ابنة زوج أمه ، وكانت ممثلة في اوستراليا قبل أن تعود الى هنا لتتزوجه وايلا شيريدان هي أختها من أبيها .
تمايلت غي الى الأمام :
- زوجة غوركي ؟
وضحكت ضحكة مصطنعة ، ورفعت نظرها الى السماء .
- أوه . . غوركي رجل رائع . . وصدمنا جميعا حين تزوج لأول مرة .
وانطلق الجميع بحديثهم عن أشخاص كانوا بمثابة أسماء مجهولة لنيفين . . مع أنها كانت أحيانا تتعرف الى الأسماء عن طريق الأخبار ، أو في قسم المال .
.



وصل المزيد من الضيوف الى العشاء ، أناس لطفاء ضحكوا وعاتبوا ، وتناولوا ما لذ من طعام . . وتمتعت نيفين بوقتها وحيدة . . لم تكن جميلة مثل غي . . ولا مرحة مثل الفتاة الأخرى الوحيدة التي لا يرافقها أحد ، والتى سرعان ما ارتمت بين ذراعي اليوت ساعة وصولها .
وغابت الشمس بينما كان كل هذا يحدث ، وحطت ببطء في بحر ذهبي وقرمزي . . وهب مع أفولها نسيم بارد .
سألها الرجل المجاور لها فيما كانا يتحدثان :
- أتشعرين بالبرد ؟ سأدفئك .
لم تستطع وهما مختبئان خلف ستار تجنب الذراعين اللتين أحاطتا بها فجأة ، وأدركت بأنه لا يجد صعوبة تذكر في الانتقال من الحديث عن التجارة الى الغزل والعبث .
وردت بلطف :
- لو تركتني وشأني ، لحصلت على شئ ألبسه ووجدت ما يدفئني .
- لكنني سأبقيك دافئة .
- أخشى أن لا أكون راغبة . . في الواقع ، اذا لم تتركني فسأضطر الى رفسك على ساقك ، وسأشرح للجميع عندما تقفز متألما عن سبب اضطراري لما فعلت .
وصل الاشمئزاز في صوتها اليه ، فأرخى ذراعيه عنها وتراجع :
- لا داعي لهذا .
وتراجع مرة أخرى .
تقدم اليوت دون محاولة اخفاء البرودة الفولاذية في صوته وقال :
- توم . . زوجتك تبحث عنك .
نظر اليه توم مجفلا . ثم تمتم شيئا ، وعاد الى المحتفلين . .
وأحست نيفين بالسرور لأنه جاء يبحث عنها .
- شكرا .
- لا داعي للشكر . . لقد تصرفت معه بشكل يثير الاعجاب . .
لكن حاولي أن لا يجرك أحد الى مثل هذا الموقف . . فريتش ينتظر مثل هذه الفرصة .
انه غاضب . . أجفلها غضبه ، لكنها مدت يدها لتلامس ساعده . فارتفعت يده الأخرى لتغطي يدها ، ورفعت لحظتها فقط رأسها لتنظر اليه . انه مخيف ، بشرته مشدودة فوق بنية وجهه بشكل جميل ، وتلمع عيناه ببريق فاتن كالذهب .
قال :
- لا أحب أن يلمسك أحد . هذا يؤلمني . . أنا أعرف توماس منذ سنوات ، انه شاب لطيف . . حتى زوجته تضحك على ميوله الى العبث . . لكنني كدت أقتله . . تعالي ، حان وقت رحيلنا .
تقدمت بات مبتسمة بخبث :
- آه . . ها أنتما . . لو تركت نيفين لي لجعلتها ترى تلك التحفة الخزفية التي صنعتها كارين غراينجر . . أنا أبقيها في غرفة نومي حين أتمتع بها .
.



- هيا . . اذهبي معها نيفين .
كان صوت اليوت ناعما ، وتنفست نيفين بعمق قبل أن تتبع المرأة الى داخل المنزل .
قالت بات معلقة بخفة :
- انه رجل متسلط . . أليس كذلك ؟
- انه غاضب مني . . لقد تصادمت مع توم ، وصل اليوت ليراني أحاول تخليص نفسي .
- أوه يا عزيزتي . . توم مزعج أحيانا ! أنا آسفة . . لكن من السهل جدا ابعاده .
- لم يكن هذا أمر عاقل مني .
- عزيزتي ، كيف لك أن تعرفي ؟ . . اليوت ليس ذلك المتعصب حتى يصدق أنك شجعته ، فهو يعرفه . لكن لا شك أنه غضب منه لتحرشه بك . . هاك . . ما رأيك بقطعتي الخزفية ؟
كانت قطعة رائعة رقيقة كالخزف الصيني ، مكسوة بطلاء ذهبي وأحمر .
قالت بات
- هيا . . المسيها .
راقبتها بابتسامة رضى وهي تداعب الآنية بمحبة . وعادتا بعد دقائق الاعجاب الى التراس . . ووصلتا في الوقت المناسب لتريا الشقراء المثيرة التي عانقت اليوت بشوق ساعة وصولها ، تجلس قربه وتداعب وجهه المبتسم .
وارتفعت الهتافات وتعالي الصفير ترحيبا بهذا العرض ، وعلت يدا اليوت لتمسكا بخصر الفتاة .
مزقت الغيرة البدائية المدمرة أحشاء نيفين ، فتجاهلت تعليق بات الساخر مجبرة نفسها على الانحناء وكأن شيئا علق في حذائها . . وكان اليوت حين استقامت مجددا يبتسم لوجه الشقراء قبل أن يبعدها عنه ، وتمتم بشيء جعل من حولهما ينفجرون ضاحكين .
استدارت الشقراء وهزت قبضتها في وجهه ، لكنها كانت تضحك وتميل عليه بحرية لتثبت بأن العلاقة تتعدى الصداقة .
قالت بات متذكرة واجباتها كمضيفة :
- أوه . . هذه مارجي ! لا تستطيعين سوى أن تعجبي بها . . لا شك أنك تحتاجين الى كوب عصير آخر . . لنرى ماذا يمكن لجوك أن يقدم لنا .
.



تقدم اليوت نحو نيفين وهي نصف مختبئة ، كيانها كله في عزلة تامة . . قال وعيناه الساخرتان لا تفوتان شيئا :
- لا تأكليني بعينيك ! والا بدأ الناس يتساءلون ما اذا كنتِ أكثر من ممرضة لأمي .
- وهذا لا ينفع . . أليس كذلك ؟ يمكن أن أتصور أنهم الآن يتساءلون لماذا ليست ممرضة أمك مع أمك ؟
كانت الكلمات الباردة مثقلة بازدراء النفس . . أجبرها منظر غي التعيس أن تدرك ما ستواجهه لو سمحت بأن يدفعها الى حبه . . الوهم والألم هما بالضبط ما يعاني جوفري منه لجرأته على أن يحب حيث خذلته المحكمة .
قال متعمدا :
- أنت جميلة ، رهيبة ، ومتحجرة القلب . . أصدقائي على صواب ولن يظنوا شيئا غريبا حول ممرضة مخلصة تأخذ قسطا من الراحة .
- وبالطبع . . هم معتادون على رؤيتك مع امرأة في عهدتك . . في الواقع سيظنون أن من الغرابة لو أن اليوت آبكوت الذي لا يقاوم . .
- اذا كنت ترغبين في مشاحنة أو مشاجرة ، فسوف أشبع رغبتك ونكمل جدالنا في السيارة شرط أن تلتزمي الصمت حتى ذلك الوقت . . والا جادلتك الآن وعندئذ سيكون للجميع مادة يتحدثون عنها .
كان التهديد أكثر تأثيرا وهو يقال بصوت بارد غير مهتم . . وابتلعت نيفين ريقها لتريح غصة في حلقها ، قبل ان تطيع اليد التي دفعتها نحو مضيفيهما .
كانا بعد عشر دقائق على طريق العودة الى الوادي . . وحدقت نيفين بتمرد عبر الزجاج الأمامي ، بينما كانت أنوار الفيراري الأمامية تقطع الظلام الشديد أمامهما ، وتشل حركة بعض مخلوقات الليل .
ابتعدا ليتجها الى الداخل عبر طريق ريفية خلفية . ووجدت نفسها رغم ارادتها تعجب بقيادة اليوت . . بدا أنه كان يعرف بالغريزة كيف يدير السيارة الكبيرة دون ضجيج حول الزوايا الضيقة ، وعبر الخطوط الضيقة التي تجعل من الطريق خطيرة؟
قالت بهدوء :
- توليت قيادة السيارة حين كنت في ايطاليا . . مع بعض الأصدقاء عبر الجبال في الشمال . . الى أن وصلنا الى قسم مرتفع جدا في منتصف الطريق واكتشفت أن أجزاءا من الطريق قد انزلقت ، تاركة مسافة للطريق في اتجاه واحد ، دون حافة . . وبدا أن النصف الآخر من الطريق قد ينهار في أية لحظة .
- و . . ؟
.



- و . . كان الفان قديما تماما ، ولم نكن نعرف ما اذا كان سيصل القمة أم لا فيما لو توقفنا . . وما من مكان نستطيع أن نستدير فيه لنعود أدراجنا ، كان المطر ينهمر بشدة وأحسست بالرعب .
تنهدت متذكرة كم كانت خائفة ، وفاقدة الثقة .
- لكنني لم أكن خائفة بقدر الآخرين . . وحاول الشباب اعطائي النصيحة بدون احباطي ، وأغمضت صوفيا عينيها فقد كانت معي . .
قال يقاطعها بصوت حاد .
- أذكرها . . وهل أنت سائقة سيئة الى هذا الحد ؟
- لا . . بل أنا سائقة ماهرة ، لكن الرجلين كانا مقتنعين أن المرأة هي أقل قدرة من الرجل ، خاصة في القيادة . .
- يبدو أنهما صغيران جدا .
- أكبر مني بقليل .
- وكم أمضيتم من الوقت ؟
- ثلاثة أشهر . . كان الوقت قصيرا لا يكفي لأن أرى كل شئ في أوروبا . . لكن على الأقل حفظت مليا الأماكن التي سأعود اليها .
تلاشى التوتر بينهما مع بدء تحدثه عن الأماكن المختلفة التي زارها في أوروبا . . وتعجبت مرة أخرى لسهولة الحديث والتحاور معه . وضحكت نيفين حين تذكرت اليوم الذي عانقها فيه ايطالي ولهان ، في أحد أشهر مقاهي روما . .
وقاطعها اليوت سائلا :
- وما كان رأي صديقك بهذا ؟
أهي لهجة تمرد أم برودة ؟ أهو احتقار ؟ وردت عليه بتصلب :
- لقد ضحك الشابان طبعا . . وماذا تظن أن عليهما أن يفعلا ؟ أيضربانه ؟
- كنت سأفعل هذا .
أرسلت الملاحظة الواضحة رجفة في أوصالها ، فأدارت وجهها لتنظر الى حنايا وجهه . من غير المجدي أن تحاول الشرح له ، لكنها فعلت :
- لقد فعل هذا بخفة . . كان يمازحني . . خفة روح منه . . ولم يكن من حق أي من الشابين أن يعترضا . كنا نسافر سويا ، لا أكثر ولا أقل . . وللحماية المشتركة . . أوه . . ما الفائده !
- لا شئ . . لا شئ أبدا . . أمي تقول لي انني كنت أشعر بالتملك قبل أن أفكر بكلمة (( لي )) . . أنا لا أتشارك مع أحد خاصة في النساء .
- لكنني لست واحدة من نسائك .
- لا . . أنت الوحيدة . . ولا شئ أستطيع أن أفعله .
وضحك . . ولو من غير مرح .
.



- لو تلقيت تحذيرا بأنني سأقع في الحب من أول نظرة ، لسخرت من الجميع . . . ثم حدث لي هذا . . . فبعد نظرة واحدة عرفت أننا لبعضنا وبأنني وجدت أخيرا امرأتي .
سألت بنعومة وقوة :
- حب ؟ . . حب . . اليوت ؟
- سميه ما شئتِ . . فهو موجود .
- أسميه الرغبة ، اللهفة ، الجشع . . هذا ما هو عليه . . الاندفاع الأعمى نحو الغرائز . . هذا اذا كنت تريد أن تكون مهذبا . . ماذا . . . ؟
توقفت السيارة . . ونظرت نيفين لتدرك أنهما توقفا في منطقة واسعة ، نائية عن الطريق خلف كومة من الحصى .
قال اليوت :
- سوف يقومون الطريق ويعيدون تسويتها .
تصاعد صوت انفتاح قفل حزام المقعد في السكون . ورأت نيفين بعد أن اعتاد نظرها على نور ضوء القمر ، النوايا التي ارتسمت على قسمات وجهه ، وسألته متوترة :
- لماذا توقفنا ؟
رد ساخرا ، يفك حزام مقعدها بسرعة :
- أوه . . نيفين .
أمسكت بالحزام وهو يمر قرب جسدها . وقالت :
- أحذرك . . اذا كنت تظن أنك قادر . .
- حبيبتي . . سوف أوضح فقط تفسيرا خاطئا ، أو اثنين . وهذا ما أظن أنه ضروري في علاقة ما ، ألا تعتقدين هذا ؟
احتجت حين فتح بابها ، لكنه أخرجها من مقعدها بلطف ، ووضع ذراعيه حول كتفيها . . قائلا :
- السيارات مكان غير مريح . . على أي حال ، لا يمكن للشحاذ أن يشترط ؟
- لقد وعدت أن لا تلمسني .
رد ساخرا :
- واضح أنني غير أهل للثقة . .
.



قاطع محاولاتها للهرب بأن دخل السيارة ثم جرها خلفه . . وأخفضت رأسها لتتجنب السقف ، وانتهى بها المطاف بين ذراعيه . .
تنفست بصعوبة :
- لن تجرؤ .
ولكن سرعان ما ضاع غضبها في سجن ذراعيه القاسيتين ، وبخضوع لا مثيل له .
همست ، والدموع تملأ عينيها :
- لماذا ؟ لماذا تعذبني هكذا ؟
ضحك ضحكة غريبة :
- لست وحدك من تعانين . . ألا يمكنك الاحساس بألمي ؟ أنا أريدك ، أريدك .
قالت متخدرة الاحساس :
- أنت تطلب المستحيل . . ما كان يجب أصلا أن أكون في منزلك ثم ان جوفري قريب من حافة اليأس والقنوط ولن أفعل شيئا قد يدفعه أكثر . . لن تكون لي علاقة معك . . فهو سيعرف عاجلا أم آجلا ، وقد تحاول اقناعي بالزواج منك . .
تفرس بوجهها الشاحب :
- لا علاقة للزواج بهذا . .
أجفلت لكنها لن تعترف ولو كان الثمن غاليا :
- أعرف . . وهو غير وارد ، مثله مثل أي علاقة .
سأل بهدوء :
- ما هو الوارد اذن ، أهو خوفك من فقدان سيطرتك على نفسك . . لماذا حبيبتي ؟
كان التوتر المجروح قد يصل اليها . . وهي التي تخاف من هذا الضعف الكامن فيها . . فبامكانها التعاطي أكثر مع كلمات الحب المجنونة التي يطلقها أكثر من تعاطيها مع لطفه الخطير .
أطبقت أسنانها على شفتها السفلي ، وشعرت فجأة بالغثيان والغضب والغدر .
تنهدت ، فربما هذا الاحساس هو أفضل من الخوف . . كانت تظن أن خطر اليوت بالنسبة لها جسدي فقط ، وأنها تواجه خطر نيران الرغبة المشتركة . . لكن تعليقه الأخير بعيد النظر جدا . . وبقيت جامدة ، تحس بضربات قلبه المنتظمة ، وتأمل أن يكون قوله رمية من غير مرام .
.



وأثبت تحركه الذي تلا ذلك بأنها مخطئة :
- لقد كنتِ خائفة منذ البداية . . وظننت أنا أن السبب هو أنك لم تشعري من قبل بمثل هذا التجاذب . ولقد سررت لهذا ، لأنني لم أرد امرأة مثلما أردتك . . لكن الأمر لم يكن هكذا تماما . . صحيح ؟ لقد كنت خائفة من الأحاسيس نفسها ، وليس مني فقط . . فما الذي جعلك تقررين بأن الرجال قد يؤلمونك فقط ، نيفين ؟
وتساءلت في قرارة نفسها لماذا لا تقول له ؟ أمن السهل القول بدل الاستمرار في مقاومة الصمت . . قالت في صوت يخلو من الاحساس :
- لا تقع في الحب في عائلتنا . . بل تقع في الهوس . . أصبح والدي حين كنت في السابعة عشرة من عمري مخبولا ومهووسا بحب فتأة أكبر مني بثلاث سنوات . . فتركنا وعاش معها .
- كان هذا أمرا صعبا . . لكنه يحدث . . يحدث طوال الوقت . ويسميه الأميركيون باضطرابات وجهل منتصف العمر .
- هل كان هكذا حقا . . ؟ لقد قتلته . . كانت فاسقة . . عاشت معه سنة ، واستولت فيها على كل قرش يملكه ، حتى أنه باع المنزل ورمى أمي في الشارع . . ليس بالضبط لكن كان عليها أن تجد شقة وعملا ، وكنت أنا في مدرسة داخلية ، لكن لم يعد هناك من مال لأكمل تعليمي ثم تركته بعد أن سلبته كل ماله ورحلت لأحضان رجل آخر أكثر ثراء منه ولم يكن لديه مكان يذهب اليه . فعاد ليجلس دافعا بحياته نحو الموت .
لم يرد . . فرفعت رأسها تنظر الى قسمات وجهه الكاملة . . وتلعثمت بالكلمات التي أنهت فيها كلامها :
- لم يستطع مواجهة الحياة من دونها . . واضطررنا للوقوف متفرجين وهو يقتل نفسه شيئا فشيئا . .
.



قال بلهجة رسمية جافة ، لا تكشف ولا تنم عن معنى :
- وتظنين بأن الحالة سوف تتكرر وتحصل مع جوفري ؟
خافت من ترجمة مخاوفها السرية الى كلمات . . ومررت لسانها متوترة على شفتيها ، وقالت :
- كان يحب تيفاني حتى الجنون . . واستولت على كل ما كان لديه ورمت بحبه في وجهه . . لقد قالت . . قالت . .
ضمها الى صدره وهي تبكي غضبها وخوفها ، دون محاولة التخفيف عنها الى أن أخذت تشهق بصمت من شدة مبالغتها في البكاء . . ثم رفع رأسها ومسح دموعها بمنديله .
قال بلطف :
- يا حبي المسكين الصغير . . كل هذا القلق والخوف ! بقدر ما يستأهل قلقك بقدر ما بالغت في تقدير عمق مشاعر أخيك نحو تيفاني ، ومدى قدرته على استعادة عافيته من تلك المشاعر . . أنا أؤمن أن الحب هو حب حقيقي حين يكون متبادلا . . وتيفاني لم تكن تحب جوفري . . لذا مهما كان يشعر نحوها مع شدته ، لم يكن حبا . . أعرف أنك لن تصدقيني ، لكن تأكدي أنه تغلب على الأسوأ . . أخبرني ممثلي الذي يتعامل معه أنه مرتاح جدا ولم يعد يظهر عليه دلائل من يتجه الى انهيار عصبي . . أما والدك . .
توقف للحظات قبل أن يتابع بهدوء :
- . . أظن ان والدك مات بسبب كرامته .
- كرامته ؟ لم يعد لديه كرامة !
- بالضبط . . لقد جرحته في كرامته ، جعلته يبدو أبلها ولم يستطع تقبل هذا . . ولا تستخفي بقوة جرح الكرامة . . لقد قتلت الكثيرين مثلها مثل الطمع . . لقد مات لأنه لم يكن قويا بما يكفي ليواجه العالم الذي يجده سخيفا . . لكن جوفري ليس سلبيا الى هذا الحد .
نظر الى وجهها المذهول و ابتسم :
.



- أنا أتطلع شوقا لمقابلة أمك . . أظنك وأخاك قد ورثتما الكثير عنها . . فأنت لست ضعيفة نيفين . بل ناعمة كالحرير ، رائعة . . ولا تصنفين في أعماق قلبك جوفري مع والدك . . أستطيع سماع الاشفاق في صوتك حتى حين تتكلمين عن والدك ، لكنني لا أجد شيئا منه حين تذكرين جوفري .
تساءلت نيفين وهما عائدان الى المنزل بصمت ، يحمل في طياته تواصلا هادئا لا كلمات فيه . . فيما لو كان اليوت محقا في تحليله لأبيها . . وتذكرت لطفه معها غير المتوقع ، مع ذلك لم يكن غريبا عن شخصيته . لديه لطف وعذوبة القوي الذي لا ينهار أبدا .
وادركت ببطء . . أن ما تشعر به نحوه يجب أن يكون حبا .
همست لنفسها بغضب :
- أوه . . أيتها البلهاء . . أيتها المغفلة الكبيرة .
لم تكن عملية الاعتراف بحبها سهلة ، كانت الفكرة في البداية مناقضة تماما للطريقة التي أدارت فيها حياتها حتى الآن . لطالما كانت تخشي المشاعر . . ويستحوذ عليها نوع من الرعب للقوة التي يمكنها أن تنطلق من مثل هذه المشاعر . حتى عائلتها لم تسمح لها بالاقتراب هكذا منها . . لقد سبق أن قالت لأليوت انهم عائلة لا تحب المظاهر ولا التفاخر ، وهذا صحيح . انما في حالتها هي ، كان الخوف الأساسي من أن تتألم أو تتأذى هو الذي يزيد من قوة التحفظ الطبيعي فيها .
لكن الألم حصل . . انه ألم سببه غدر قلبها . . وكان عقلها هو من أعطاها الاذن أخيرا .
وأظهر عليها الكفاح في مقاومة مشاعرها قلقا . . ونظرت السيدة هولاغ اليها بحدة وسألتها :
- هل تفكرين بش ما ؟
- لا . . لكنني لم أنم جيدا .
بدا أن السيدة تقبلت الرد ، وقالت :
- أتشعرين بقدرة على قيادة السيارة ؟
- أجل . . بالطبع .

.



وخرجتا مع سالي الى الساحل ، حيث سبق أن اشترت السيدة هولاغ فيلا قديمة خربة ، فيكتورية الطراز ، كان من الواضح أنها لا تستطيع الانتظار الى أن تصلحها وتعيد ترتيبها ، وأعلنت لسالي المتحمسة مثلها أنها المكان المناسب للأحفاد .
لم يعد اليوت ليلتها الى المنزل . . ووجدت نيفين نفسها بعد العشاء تتجول في الحديقة ، غير آبهة للصور الجميلة التي ابتدعتها السيدة هولاغ هناك . . وازداد قلقها فأمسى لا يحتمل . .
عادت الى المنزل لتقابل سالي داخل باب المطبخ تماما وأشارت سالي للدرج الصاعد الى الطابق الثاني :
- نيفين ، أظن من الأفضل أن تلقي نظرة عليها . . انها مهتاجة . .
- سالي . . بيني وبينك ، يمكن أن أقول انني من المحتمل أن أصاب بصدمة جنون أكثر من السيدة هولاغ . . وحدها شحنة ديناميت يمكن أن تميتها . . هل أنت حقا قلقة ؟ أنت تعرفينها حق المعرفة أفضل من أي كان ما عدا اليوت .
- بل أكثر منه . . أجل ، أعرف أنني أنفعل بسرعة ، ولست قلقة حقا . . لكنني سأشعر أفضل حالا لو قمت بفحصها . . انها فوق ترسم الخطط !
- لماذا قررت شراء منزل جديد ؟ اعتقدت أنها تحب الوادي .
قالت سالي بنظرة ذهول أجفلت نيفين :
- حسنا . . سيتزوج اليوت عاجلا أم آجلا والوادي منزله . . الشقة في أوكلاند جميلة وكبيرة ، لكنها ليست المكان المناسب لتربية عائلة . . وهي تعرف تماما أن ما من عروس ستتقبل بلطف السكن مع حماتها . . اضافة الى هذا انها تحب ترتيب الأماكن ، كان يمكن أن تكون مهندسة ديكور ممتازة . . لا شئ هنا لتفعله وسيعطيها المنزل الجديد دافعا جديدا أو حافزا رائعا للحياة . .
ليس هناك أي شك في هذا . . وكانت السيدة هولاغ تضع في غرفة نومها ملاحظاتها على تقرير المراقب . وابتسمت لنيفين حين رفعت رأسها ابتسامة كشفت أنها تعرف بالضبط لماذا جاءت وقالت :
- سالي عجوز ثرثارة . . وأنا لم أشعر هكذا منذ سنوات ؟
- صحيح . . لكن ربما تكون فكرة جيدة لو تمكنت من النوم الليلة أبكر من المعتاد .
.



- وماذا عنك ؟ أتحسين بالقلق ؟ رأيتك تتجولين في الحديقة . لماذا لا تخرجين لتتمشي قليلا ؟
- أوه . . سأبقى هنا . .
- في حال مت من الاهتياج ؟ لا يمكنك تخصيص نفسك لي ليلا ونهارا . . هذا غير منطقي !
- لقد وظفت لـــ . .
- أوه . . كلام هراء ! قولي لي الحقيقة الآن . . هل هناك من سبب يدعوك للظن بأنني قد أصاب الليلة أو في أي ليلة بصدمة قلبية ؟
- بالطبع لا تدركين جيدا أن طبيبك مسرور جدا من تقدم صحتك .
- بالطبع أتقدم . . لست بلهاء . . لكنك أنت من بدأ يتصرف كالبلهاء . قلت لك سابقا بأنني أنتظر أحفادي ، وليس هذا السبب الوحيد الذي يجعلني أعيش . . صدقيني ! اذا كان هذا سيسعدك أكثر يمكن لسالي أن تبقى معي الى أن تعودي . أنت متوترة كريشة في مهب ريح . . ومن السئ لي أن أراك متكدرة وكأن نهاية العالم تكاد تصل . . هيا . . اخرجي في نزهة !
ضحكت نيفين وطبعت قبلة على خد مريضتها .
- حسن جدا . . لكن لا تفعلي شيئا متعبا . . ولا تجعلي قصص سالي عن الفضائح تثيرك !
أخبرتها غريزتها التمريضية أن لا حاجة للقلق . لكن ما أن خرجت من الباب حتى ترددت . . ووضعت يديها على صدرها في محاولة لتخفيف الخفقان السريع لقلبها . . وكانت ردة فعلها زائدة الحساسية أمام الثقل السلبي في الجو .
ربما كان السبب اقتراب عاصفة كهربائية . . رغم أن السماء كانت مغطاة بالغيوم الا أنه لا يوجد أي دليل على الرعد . . كانت أشعة الشمس تميل الى اللون البرتقالي المغشى وهذا يعيد اليها ذكرى حرائق الأدغال في أوستراليا . . ربما يكون هذا دخانها وقد حملته الريح آلاف الأميال فوق البحر (( الشمالي )) الأوسترالي . .
اتجهت بقلق نحو غرفة نومها . . ربما من الأفضل أن تنام .
.



لكنها قررت فجأة عكس ذلك ، فانتعلت حذاء مناسبا للمشي والتقت بسالي في منتصف الدرج وقالت لها انها متجهة نحو البحيرة عبر الوادي . . لم يكن لدى اليوت المتسع من الوقت ليأخذها الى هناك . . لكنه أشار الى مكان وجودها وهي واثقة انها ستجدها .
قالت سالي :
- سوف تشعرين بالحرارة والعرق . . انما لو كان لديك طاقة زائدة لتحرقيها فهذه طريقة ممتازة . . ومن الأفضل لك أن تأخذي معك مصباحا يدويا .
وأحست فعلا بالحرارة والعرق ، وقد أعطى تسلق التل الشديد الانحدار لتوترها طريقا لتصريفه . . الى أن وصلت القمة حين حل الغروب ، وكانت مرهقة وشاهدت من تحت شجرة (( تيتوكي )) غروب شمس غروبا لم تر مثله من قبل . . أتون ملتهب من الألوان القرمزية البرتقالية والحمراء القانية والزهرية كانت تخبو وراء غلالة الليل القاتمة . . وكان القمر خلفها وقبل أن يزول هذا المنظر الرائع ككرة ضخمة منيرة ، بعكس الشمس الغامضة . وأصبح الهواء أبرد بكثير . . ودفعت وطأة الجو المتصلبة التي توشك على الاختفاء بنيفين الى الارتجاف . . كانت البحيرة تتلألأ ، فخلعت حذاءها ، لتتمتع ببرودة العشب تحتها . . وأمست الوهدة الصغيرة تحت شجرة (( التيتوكي )) دائرة ظل ، ووقفت نيفين تنظر حولها ، بينما الدموع تحرق جفنيها .



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس