عرض مشاركة واحدة
قديم 28-09-17, 04:35 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


7 ـ
لـن أنساك



أسوأ ما في المطارات هو أنه يتوجب عليك الوصول باكراً , فيطول
الوداع إلى ما لا نهاية , ما يزيد الألم . وخطر لسيلينا أن الأمر يصبح
أسوأ إذا ما كنت تنتظر من الآخر أن يقول شيئاً , أنت نفسك لا تعرف
ما هو . لكن مهما كان هذا الشيء فإنه لم يقله .
أوصلته إلى مطار دالاس , فتحققا من موعد إقلاع الرحلة المتوجهة
إلى أطلنطا , وسجلا حقائبه ثم بحثا عن مقهى حيث جلسا يشربان
القهوة . لكن ليو قفز فجأة من مكانه وقال : (( تعالي معي )) .
سألته فيما كان يمسك بيدها ويجرها على عجل : (( إلى أين )) .
ـ أريد أن أشتري لك هدية قبل أن أرحل , وقد أدركت الآن ما
هي .
قادها إلى متجر يبيع الهواتف الخلوية , وقال : (( شخص مثلك ,
ينتقل بقدر ما تنتقلين , يحتاج إلى مثل هذه الأجهزة )) .
ـ لم يكن بإمكاني شراء هاتف من قبل .
شعرت بسعادة قصيرة الأمد حين أدركت أنه يريد البقاء على
اتصال بها . لكن سعادتها لم تدم عندما تذكرت أنه سيرحل , وأنها قد
لا تراه ثانية .
اختارا الهاتف معاً واشترى لها بطاقة الساعات الثلاثين الأولى .
كتبت له الرقم على ورقة صغيرة وراقبته وهو يخفيه في محفظته .
ـ حان الوقت لأمر على دائرة الجوازات .

فقالت على عجل : (( ليس بعد . لدينا الوقت لتشرب فنجاناً آخر
من القهوة )) .
تملكها شعور مروع بأن الأمور تتسارع وتسر بها نحو حافة هوة
سحيقة . إنها الوحيدة القادرة على وضع حد لهذا , لكنها لا تعرف
السبيل إلى ذلك ؟ لم تستطع أن تجد الكلمات المناسبة , فهي لم تنطق بها
قط , وبالكاد تعرفها . لقد حاولت جهدها الليلة الماضية لتكشف له
حقيقة شعورها . والآن , هاهو قلبها ينفطر فيما يبدو هو غافلاً عما
يجري .
أمضت الدقائق القليلة الأخيرة جالسة قبالته , تحاول أن تتذكر كل
حركة من حركاته وكل تفصيل من ملامحه وكل نبرة من نبرات صوته . .
سوف يرحل وينساها .
لم تبتسم يوماً ابتسامة متألقة بقدر ابتسامتها اليوم . ومن ثم سمعا
النداء (( إلى المسافرين . . . )) .
فقال ليو وهو يهب واقفاً : (( أظن أن الوقت حان . . . ))
رافقته تقريباً إلى البوابة , حيث توقف ولمس وجهها بلطف , قال :
(( ما كنت لأفوت هذا لقاء كنوز العالم بأسره )) .
فقالت بخفة وهي سدد لكمة خفيفة إلى ذراعه : (( أحقـاً ؟ ستنساني
ما إن تبدأ المضيفات بإغرائك بأهدابهن الطويلة )) .
لكنه لم يبادلها الابتسام بل قال : (( لن أنساك أبداً يا سيلينا )) .
بدا وجهه منقبضاً وظنت للحظة أنه سيضيف شيئاً ما إلى ما قاله .
انتظرت فيما راح قلبها يخفق بأمل جامح , لكنه اكتفى بأن عانقها عناقاً
سريعاً .
ـ لا تنسيني .
ـ من الأفضل لك أن تتصل بهذا الرقم لتحرص على ألا أنساك .
ـ سأفعل .
وعانقها مجدداً قبل أن يتركها ويرحل . حاولت جاهدة أن تجد في
عناقه الأخير صدى لعناق الليلة الماضية , لكنها لم تفلح , فلم يكن ليو
سوى رجل يرغب في العودة إلى موطنه وبيته , عندما وصل إلى البوابة ,
التفت ولوح لها . بادلته التلويح , وقد حافظت على الابتسامة التي تعلو
وجهها بفضل إرادتها الحديدية . . . ثم رحل . .
لم تغادر على الفور , كما كانت تنوي أن تفعل , بل انتظرت عند
النافذة حتى أقلعت الطائرة , ثمر راقبتها إلى أن غابت عن ناظريها بين
الغمام . عندئذ , قفلت راجعة إلى المرآب , حيث جلست خلف المقود
وراحت تحدث نفسها . ما الأمر ! أنها كمثل مركبين التقيا في بحر الحياة
ثم سار كل منهما في طريقه . هذا كل ما في الأمر . أمامها يمتد مستقبل
واعد أفضل مما عرفت يوماً , وهذا ما عليها أن تفكر فيه , ضربت
يدها بقوة على المقود , فهي لم تحاول يوماً أن تخدع نفسها بالأكاذيب ,
لكنها تحتاج الآن إلى كذبة تعزيها وتواسيها لتتغلب على ما تمر به .
قالت بغضب : (( كان علي أن أقول شيئاً , أي شيء يجعله يدرك .
ربما كان ليطلب مني أن أرافقه . آه , من أحاول أن أخدع ؟ كان
بإمكانه أن يطلب مني مرافقته , لكنه لم يفكر في ذلك قط . لن يتصل بي .
و الهاتف لم يكن سوى هدية وداع . كفي عن التصرف بغباء يا سيلينا ,
لا يمكنك أن تبكي في مرآب )) .
بدا وكأن الرحلة بين أطلنطا و بيزا ستستمر إلى الأبد , وليس إلى
يوم جديد وحسب , بل إلى بُعد آخر وعالم آخر . حاول ليو أن ينام لكنه
عجز عن ذلك . غادر الطائرة وقد أصابه دوار من شدة الإرهاق ,
وشق طريقه عبر دائرة الجوازات والجمارك . وشعر بالغرابة مع أنه عاد
إلى موطنه .
توجه نحو صف سيارات الأجرة , وهو مستغرق في احتساب
الوقت الذي يتطلبه وصوله إلى منزله بحيث لم ينتبه إلى صوت شخص .

خلفه , لم يرَ من ضربه أو عدد الذين اعتدوا عليه , علماً أن الشهود
أشاروا لاحقاً إلى أنهم كانوا أربعة . كل ما عرفه هو أنه سقط أرضاً
فجأة بعد أن دفعه أشخاص أغراب . سمع صراخاً وصوت خطى تفر .
جلس يتحسس رأسه متسائلاً عن سبب وجود هذا العدد من رجال
الشرطة حوله . وامتدت الأيدي لتساعده على الوقوف على قديمه .
وسأل : (( ماذا حدث ؟ )) .
ـ تعرضت للسرقة سيدي .
عبس ومد يده إلى حيث يضع محفظته , فلم يجدها . كان رأسه يؤلمه
إلى حد أنه لم يستطع أن يفكر أكثر . واستدعى أحدهم سيارة إسعاف
فتم نقله إلى مستشفى محلي .
استفاق في اليوم التالي ليجد شرطياً يقف قرب سريره , ويحمل
محفظته المفقودة . قال الرجل : (( وجدناها في أحد الأزقة )) .
وكما هو متوقع , كانت محفظته فارغة . لقد اختفى المال وبطاقات
الاعتماد . لكن ما روع ليو هو اختفاء الورقة الصغيرة التي تحمل رقم
سيلينا .
أخذه رينزو , المشرف على مزرعته , من المستشفى وقطع معه
الخمسين ميلاً التي تفصله عن منزله بيللا بودينا . وما إن وجد ليو نفسه
وسط تلال توسكانا حتى بدأ يسترخي . مهما كانت حياته مضطربة ,
فإن غرائزه تشير عليه بأن ما يهم فعلاً هو أنه عاد إلى موطنه , حيث
تنمو الكرمة وتمتد حقول القمح تحت أشعة شمس ساطعة .
كان يتمتع بشعبية بين العمال لأنه يدفع لهم بسخاء , ويثق بهم
ويتركهم يهتمون بأعمالهم . راحوا يلوحون له وينادونه سعيدين بعودته
لدى مروره بالقرب منهم .
كانت أراضي أسرة كالـﭭـاني شاسعة . وخلال اجتيازهما الأميال
القليلة الأخيرة , راح يتأمل حقول قريته الخاصة . مورينزا , تجمع
صغير من الأبنية تعود إلى القرون الوسطى , يقوم على أراضي أسرة
كالـﭭـاني يلتف حول الكنسية وحول بركة صغيرة يسبح فيها البط , قبل
أن يقود إلى خارج القرية , من ثم عبر حقول الكرمة المزروعة على
المنحدر لتداعبها الشمس .
في الأعلى , يقع المنزل الذي بني في القرون الوسطى أيضاً , والذي
يطل على منظر رائع في الوادي . دخل إلى المنزل بتنهيدة ارتياح ورضا ,
ورمى حقائبه على الأرض ثم التفت من حوله يتأمل الأثاث المألوف
الذي يحبه . ها هي جينا قد حضرت له طبقه المفضل , وجهزت له
عصيره المفضل , فيما راحت كلابه المفضلة تحوم حول قدميه .
تناول وجبة ضخمة وطبع قبلة امتنان وشكر على خد جينا ثم توجه
إلى الغرفة التي يستخدمها كمكتب والتي يدير منها ملكيته . وبعد
ساعتين أمضاهما مع أنريكو , مساعده الذي أشرف على الأعمال
المكتبية خلال غيابه , تبين له أن هذا الأخير قادر على إدارة هذه
الأعمال بشكل ممتاز ومن دون مساعدته . لم يكن يحتاج إلى المزيد .
غداً , سيجول على ممتلكاته مع رجال قريبين من الأرض بقدره .
أمضى الساعات التالية وهو يتحدث إلى عائلته عبر الهاتف , ليسمع
آخر الأخبار . وأخيراً , خرج ووقف يتأمل القرية التي تلألأت
بالأنوار . وقف هناك طويلاً , يستمع إلى النسيم الذي تغلغل في
الأشجار وإلى صوت الأجراس التي تردد صداها في الوادي . وفكر في
أنه لم يعرف يوماً مثل هذا السلام والجمال . ولكن . . .
إنها العودة الممتازة إلى المكان الممتاز . لكنه شعر فجأة بالوحدة كما
لم يفعل قط في حياته .
استلقى في سريره وحاول أن ينام , إنما من دون جدوى , فما كان
منه إلا أن نهض ونزل إلى مكتبه . إنه الصباح في تكساس , وكان بارتون

من أجاب على الهاتف , فسأله آملاً : (( هل سيلينا لا تزال عندكم ؟ ))
ـ لا , فقد غادرت فور رحيلك . عادت إلى هنا لتأخذ جيبرز ثم
رحلت . ألم تكن رائعة ؟ جيبرز هو الجواد الذي تحتاجه . ستصبح نجمة
مع هذا الجواد .
ـ عظيم , عظيم !
حاول ليو أن يبدو سعيداً ومرحاً , لكن , ولسبب لم يشأ أن يتعمق
فيه , لم يسر لسماع أخبار نجاحها في الجهة الأخرى من العالم .
ـ هل اتصلت بكم ؟
ـ اتصلت بالأمس لتسأل عن أليوت , فقلت لها إنه بخير .
ـ هل سألت عني ؟
كان قد وعد نفسه بألا يطرح هذا السؤال , لكنه خرج من بين
شفتيه رغماً عنه .
ـ لا , لم تأتِ على ذكرك . لكن إذا ما اتصلت بها فأنا واثق . . .
لِمَ علي أن أتصل بها في حين أنها لم تهتم حتى لتسأل عني ؟ هذا ما
خطر له .
ـ بارتون , لا يمكنني أن أتصل بها . تعرضت للسلب وفقدت
الورقة التي كتبت عليها رقم هاتفها الخلوي . هل لي أن أحصل عليه ؟
ـ كنت لأعطيك إياه لو أني أملكه . لكنني لا أعرف كيف أتصل
بها .
ـ عندما تتصل في المرة القادمة , هلا شرحت لها ما حصل وطلبت
منها أن تتصل بي ؟
ـ طبعاً .
ـ هل قالت لك إلى أين تتوجه ؟
ـ رينو , على ما أعتقد .
ـ ســأترك لها رسالة هناك .
حاول أن يركز على زيارته القادمة إلى البندقية , حيث سيحضر
زفاف شقيقه الأصغر غويدو , من خطيبته الإنكليزية دولسي . وسيقام
زفاف آخر قبل زفاف شقيقه بيوم , إذ سيتزوج عمه , الكونت
فرانشيسكو كالـﭭـاني , من ليزا , مدبرة منزله السابقة وحب حياته .
سيكون هذا الزفاف خاصاً ومختصراً .
كان ليو ينتظر بشوق مناسبة عائلية مفرحة , لكنه شعر الآن ,
وبشكل مفاجئ , بأنه لا يرغب في حضور أي عرس .
أين هي ؟ ولِمَ لم تتصل به ؟ هل نسيته بهذه السهولة ؟
أرسل أكثر من رسالة إلكترونية على موقع الروديو في رينو , فصل
فيها تحركاته في الأيام القادمة , كما ترك رقم هاتف عمه في البندقية ,
ورقم هاتفه الخلوي , وذكرها برقم هاتف منزله على سبيل الاحتياط .
بقي حتى اللحظة الأخيرة متعلقاً بأمل أن تتصل به , لكن الهاتف ظل
صامتاً . وأخيراً , غادر منزله متوجهاً إلى البندقية .
لم يكن ليو يوماً رجلاً كئيباً . وكان من النادر أن تخرج امرأة من
حياته رغماً عنه , لكنه يتصرف عادة بشكل إيجابي إذا ما حصل هذا .
والعالم مليء بالنساء الضاحكات , السهلات المعشر على غراره ,
واللواتي يسعدهن أن يمضي الوقت معهن . لكن هذه الفكرة لم تفرحه .
استقل القطار من فلورنسا إلى البندقية حيث ينتظره مركب العائلة
لينقله إلى قصر كالـﭭـاني الواقع على القناة الكبرى , وعندما وصل , وجد
العائلة تتناول طعام العشاء . عانق ليزا ومن ثم عمه , ودولسي ,
وهارييت ولوسيا , والدة ماركو . كان غويدو وابن عمه ماركو
موجودين أيضاً . وبعد أن تصافحوا , انتهى الترحيب .
حاول أن يبدو كعادته أثناء تناول الطعام , ولعله خدع أقاربه من
الرجال . لكن عيون النساء أكثر حدة في هذه المسائل , وما إن انتهت
الوجبة حتى أحاطت به دولسي وهارييت وقادتاه إلى الأريكة كزوج من

كلاب الرعاة يسوق أسداً , ثم أجلستاه بينهما .
قالت هارييت : (( وأخيراً وجدتها )) .
سألها براتباك : (( هي ؟ )) .
ـ تعرف من أعني . هي ! المرأة المناسبة . لقد علقت في الشباك .
سألته دولسي : (( ما اسمها ؟ ))
توقف عن المواربة إذ لن يتمكن من خداعهما . واعترف : (( اسمها
سيلينا , التقينا في تكساس , وقد شاركنا معاً في الروديو )) .
وصمت . فسألتاه بشوق : (( ومن ثم ؟ ومن ثم ؟ ))
ـ رحلت كما رحلت أنـا .
فقالت دولسي : (( إذن , ثمة قاسم مشترك بينكما )) .
وافقت هارييت : (( تزاوج عقلين متماثلين )) .
فاقترحت دولسي : (( لا أظن أن للعقل علاقة بذلك )) .
ـ فعلاً .
قال ليو هذا , وهو يتذكر نعومة سيلينا بين ذراعيه . وللحظة شعر
وكأن أنفاسها الحارة تلفح بشرته وتدعوه إلى شغف وحنان عظيمين .
واضاف بشكل مفاجئ : (( كان الأمر رائعاً )) .
فقالت له هارييت : (( كان عليك أن تصطحبها معك لتقابلنا )) .
وسألته دولسي : (( لكن ألم تتبادلا رقمي هاتفيكما وعنوانيكما )) .
ـ ليس لديها عنوان , فهي تجول من روديو إلى آخر وتعيش حيثما
تصل . كنت أملك رقم هاتفها الخلوي , لكن . . . لا بد أنكما تعلمان
أن محفظتي سرقت مني , وكانت الورقة في داخلها . حاولت أن أتعقبها
عبر الإنترنت , لكن يبدو أني , ولسبب ما , أفقد أثرها في كل مرة . وقد
لا أراها ثانية .
أصدرت الشابتان أصوات تعاطف . لكن ليو شك في أنهما تجدان
الأمـر مسلياً في سرهما . ولعله كذلك . ليو كالـﭭـاني , الرجل الحر , فقد
شهيته لأن امرأة شابة , ذات طبع متقد , اختفت من حياته , يا له من
أمر مضحك ! وبعد حين , انضم إلى الرجال الآخرين , لكن حتى
رفقتهم لم تنجح في تسكين ألمه . عريسان سعيدان وخطيب ليسوا ما
يحتاجه في مزاجه الحالي التعيس .
وبدأ الجمع يتفكك تدرجياً , فاختفى غويدو ودولسي معاً ليضعا
اللمسات الأخيرة على تحضيرات عرسهما الوشيك . وغادر ماركو
و هارييت ليتنزها في شوارع البندقية . خرج ليو إلى الحديقة حيث وجد
الخالة لوسيا جالسة بهدوء , تتأمل النجوم في السماء .
قال ليو وهو يجلس قربها : (( أظن أن ماركو و هارييت سيحددان
موعد زفافهما في أي لحظة )) .
فقالت لوسيا بلهفة : (( أرجو ذلك . أعلم أنهما خرجا معاً الآن ,
وآمل أن يعودا وقد اتفقا على التفاصيل )) .
سألها بفضول : (( أنت متحمسة جداً لهذا الزواج , أليس كذلك ؟
علماً . . . حسناً , أنه ليس زواج جب , أليس كذلك ؟ )) .
ـ أتعني أني دبرته ؟ نعم , لقد فعلت وأنا لا أنكر ذلك .
ـ ألم يكن من الأفضل تركه يختار عروسه بنفسه ؟
ـ أخشى أني كنت لأنتظر طويلاً . يجب أن يكون في حياة ماركو
امرأة , وإلا سينتهي به الأمر وحيداً , وهذا فظيع .
ـ ثمة أمور أسوأ من الوحدة يا خالة .
ـ لا يا عزيزي , ما من شيء أسوأ .
لم يتمكن من أن يجيبها . ولأول مرة في حياته , شعر بأن ما تقوله
صحيح . واستفهمت بلطف : (( أظنك بدأت تكتشف ذلك للتو , أليس
كذلك ؟ )) .
هز كتفيه بلا مبالاة وأجاب : (( إنها حالة نفسية وحسب . لقد
أطلت الغياب . وبعد أن عدت وجدت الكثير من العمل

بانتظاري . . . )) .
واختفى صوته .
ـ صفها لي .
أخبرها قصته مجدداً , أطـال هذه المرة في وصف سيلينا . ولأول مرة
راحت الكلمات تنساب من فمه بسهولة , فاستطاع أن يتكلم عن
الحلاوة واللطف خلف القشرة الشائكة , وكيف استطاع اكتشاف هذه
الطبيعية بلطف , كيف أسرته .
سألته لوسيا : (( أنت تحبها كثيراً , أليس كذلك ؟ )) .
فسارع يدافع عن نفسه : (( لا , لا أظن أني . . . في الواقع , لا
أستطيع منع نفسي من أن أقلق عليها . فليس لديها من يهتم بها . لم يكن
لديها أحد يوماً . لم تعرف سوى أناس حاولوا استغلالها . عائلتها
الوحيدة هي أليوت . ولهذا , انفطر قلبها حين أدركت أن أيامه
ولت . . . إنها وحيدة من دونه )) .
ـ وفقاً لما قلته , فهي تستطيع العناية بنفسها , وقبضتاها قويتان .
ـ يمكنها أن تعتني بنفسها من هذه الناحية , لكنها وحيدة في
داخلها . لا أظن أني قابلت يوماً شخصاً وحيداً بقدرها . إنها تعتقد أنها
أكثر سعادة هكذا .
ـ لعلها كذلك . فقد قلت للتو إن ثمة أموراً أسوأ .
ـ كنت مخطئاً . عندما أفكر في أنها ستستمر بحياتها على هذا النحو
لسنوات . . . وهي تخدع نفسها مدعية أنها سعيدة , فيما هي تنعزل عن
العالم أكثر وأكثر . . .
ـ قد لا يحصل هذا . ستلتقي شاباً لطيفاً وتتزوجه . وبعد سنوات
قليلة , قد تلقاها صدفة فتكتشف أنها رزقت بطفلين وتنتظر الثالث .
عبس ليو وقال : (( أنت ذكية يا خالة . تعلمين أني لا أريد ذلك )) .
ـ أتساءل ما الذي تريده فعلاً .
ـ مهما كان ما أريده , أظن أني لن أناله .
راحت الأضواء تخف تدريجياً على طول القناة . وخلفهما , بدأت
الساحة الكبرى تقفل محالها ومقاهيها . وقف ليو وساعد لوسيا على
النهوض يدورها . و قال : (( أشكرك لأنك أصغيت إلي . أخشى أن
دولسي و هارييت تسخران مني وتعتقدان أني مهرج بعض الشيء )) .
فقالت لوسيا وهي تضغط على يده : (( حسناً , كانت حياتك مليئة
بالورطات والأشراك القصيرة الأمد . لكن , إن كانت سيلينا هي المرأة
المناسبة لك فستجدها مجدداً . علماً أني أظنها مجنونة إن لم تأتِ للبحث
عنك )) .
رد ليو بكآبة : (( لعلها لا ترغب في أن تجدني . حتى وإن فعلت , فما
الفائدة بالنسبة إلي ؟ فهي لا يرغب في حياة عادية , في مكان واحد , مع
زوج وأولاد )) .
ـ لم أكن أعم أن أفكارك وصلت إلى هذا الحد .
فقال على الفور : (( لم تصل . كنت أتحدث بشكل عام )) .
ـ حسناً , حسنـاً .
ـ إنها تحب الترحال , الانتقال من مكان إلى آخر , عدم معرفة مـا
بحمله الغد . لذا , لن أتمكن من إسعادها على الأرجح .
ـ كف عن هذا الكلام . إذا قُدر لحبك أن يكون , فسيكون .
والآن , لدينا حفل زفاف في الغد , وسنستمع بوقتنا جميعاً .
وصلت سيلينا في وقت متأخر إلى باحة مزرعة فورتين حيث
توقفت لترتاح . وكان بارتون في انتظارها .
ـ سمعت أنك أبليت حسناً في رينو .
فردت : (( ســأصبح مليونيرة قريباً . بارتون , هل من خطب ؟ )) .
ـ اتصل بي ليو .
ـ أحقاً ؟

ـ لا تدعي أنك لا تهتمين للأمر . أظنك في حالة سيئة كحاله .
ـ و لِمَ هو في حالة سيئة ؟
ـ لأنه أضاع رقم هاتفك . كاد يجن وراح يتصل بك هنا وهناك ,
ويترك لك الرسائل كي تعاودي الاتصال به .
ـ لكني لم أكن أعلم بذلك . . .
ـ لا , اضطررت للتغيب فترة , لذا تركت خبراً بأن يعلموك بما
يجري إذا ما اتصلت . لسوء الحظ , تركت الرسالة مع بولي . لا أدري
إن كان كثير النسيان , أو أن الأمر يتعدى ذلك . . .
ونظر إلى وجهها ثم أردف : (( هل ذلك علاقة بالحادثة التي تعرض
لها بولي حين " داس على المذراة ؟ " )) .
ـ حسناً , لم أشأ أن أخبرك , بعد أن كنت لطيفاً للغاية معي . . .
ـ اعلمي أني رغبت دائماً في لكمه بنفسي .
ـ لقد تصرف بشيء من الوقاحة , فقمت . . . حسناً . . .
ـ أنت من فعل ذلك , وليس ليو ؟
ـ لا , لم يكن ليو . فقد وصل بعد أن انتهى الشجار . لكن , لعلي
تماديت .
فقال بارتون مستمتعاً : (( لا , لم تتمادي . لكنك أحسنت فعلاً حين
لم تخبري والدته , فهي تبالغ في ردات فعلها على هذه المسائل . حسناً ,
حسناً , لقد تمكن من الثأر منك )) .
ـ ربما علي أن أتصل بليو .
لكن سيلينا بدت غامضة وشاردة الذهن .
ـ ألا ترغبين في ذلك ؟
ـ بالطبع أرغب في ذلك , لكنه بعيداً جداً . وسيكون شخصاً آخـر
في بلاده .
ـ ما عليك إلا أن تذهبي وتعثري عليه في بلاده . اكتشف ما إذا
كان بإمكان تلك البلاد أن تصبح بلادك . سيلينا , عندما يستمر رجل
ما في الاتصال , ويبدو عليه الاضطراب كهذا الرجل , فهذا يعني أن
لديه ما يقوله للمرأة التي يبحث عنها . وهذا الكلام لا يقال عبر
الهاتف .
ـ أتعني أن . . . أذهب أنــا إلى إيطاليــا ؟
ـ إنها ليست الجهة الأخرى من القمر , تعرفين أني سأعتني بجيبرز
و أليوت أثناء غيابك . لديك مال الجوائز , فما الذي يمنعك من السفر ؟
وعندما لم تجبه , راح بارتون يقلد صوت الدجاجة وحركاتها .
ـ أنـا لست جبانة كالدجاج .
ـ لست جبانة في الحلبة وهذا أمر أكيد , فـأنـا لم أر يوماً من هو
أشجع منك . لكن هذا الأمر سهل . أمـا العالم فمخيف أكثر , ربما
عليك أن تفكري في ذلك .
* * *
في طريق عودته إلى منزله , كـان ليو يحاول أن يقنع نفسه بأن الأمور
ستتحسن . فهذه طريقة القدر في إعلامه بأنه وسيلينا لن يجتمعا .
كان الزفاف رائعاً , لكن رؤية شقيقه سعيداً للغاية بعد أن أصبح
زوج دولسي جعلته غير راضٍ عن نصيبه . وهذا لا يعني أنه كان يفكر
في الزواج . لكن مجرد تخيل سيلينا في الثوب الأبيض الناصع والمخرم
الذي اختارت دولسي أن ترتديه , أعاد هذه الفكرة إلى الواجهة . على
الأرجح , ستفضل سيلينا أن تتزوج وهي تعتمر قبعة طويلة وتنتعل
حذاء رعاة البقر .
عندما وصل إلى منزله , كان قد حسم المسألة في فكره , لقد أمضيا
وقتاً ممتعاً معاً , لكن كل هذا انتهى , كمـا ينبغي له . لن يفكر بها ثانية .
كانت جينا قد انتهت لتوها من ترتيب سريره . حيته واتجهت نحو
النافذة حيث تركت منفضة الغبار . وشرعت تقول : (( أراد رينزو أن
يراك بعد الظهر , لكي يتمكن . . . من هذا يا ترى ؟ ))

ـ من ؟
وتقدم ليقف قريباً عند النافذة المطلة على الطريق الذي يصل من
مورنزا .
شخص طويل ونحيف , يرتدي بنطلوناً من الجينز وقميصاً ويحمل
حقيبتين , كان يتجه نحو المنزل . كانت المرأة تتوقف أحياناً لتنظر إلى
الأعلى , ويدها تظلل عينيها . بدت بعيدة جداً فلم يتمكن ليو من رؤية
وجهها , لكنه عرف التفاصيل الأخرى كلها , من مشيتها المتمايلة إلى
جانب رأسها حين تميل به إلى الخلف . قالت جينا : (( لا بد أنها غريبة
عن هذه البلاد , لأنها . . . سيدي ؟ ))
لم تجد مستخدمها إلى جانبها . لكنها سمعت وقع خطاه السريعة
وهو ينزل السلالم , ثم رأته في الأسفل يركض بسرعة جعلت جينا تظن
أنه سيقع في الوادي . رمت الشابة حقيبتيها وبدأت تركض أيضاً . وفي
اللحظة التالية , ارتميا في أحضان بعضهما البعض وقد نسيا بقية العالم .
نادت جينا إحدى الخادمات : (( سيلينا , لدينا ضيفة . اتركي مـا
تفعلينه وجهزي لها غرفة )) .
وأضــافت وهي تتأمل الشكلين المتعانقين : (( وأظنها ستطيل
الإقامة )) .

* * *

نهاية الفصل(( السابع)) . . .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس