عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-17, 03:49 AM   #15

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الثالث عشر

*ما بين الجاني والضحية*


في شقة محمود البدري, وبعد أن أم أسرته في صلاة الفجر كما كان يفعل دائما, استأذن كريم وهو يتثاءب: طب عن اذنك يا بابا هروح أكمل نوم.
محمود: ماشي يا كريم,بس هبقا أصحيك تنزل معايا لصلاة الجمعة.
كريم: اوك يا بابا.
ووجه محمود ابتسامة صافية لزوجته وهو يقول لها: ما تقومي يا أم كريم تعمليلنا كوبايتين شاي من اديكي الحلوين دول.
فأسرعت حياة: خليكي يا ماما, انا هقوم أعمل الشاي.
فأوقفها صوت والدها قبل أن تنهض من على سجادة الصلاة: خليكي انتي يا حياة, انا عاوزك في كلمتين.
مها بابتسامة هادئة ونظرة ذات معنى لزوجها: خلاص,خليكي انتي يا حياة.
وتركت مها حياة لوحدها مع محمود الذي نهض من على الأرض ليجلس على الاريكة وأشار الى ابنته: تعالي هنا يا حياة اقعدي جنبي.
فأطاعت حياة الأمر على الفور, وبعد أن جلست على الاريكة بجوار والدها قالت له وفي عقلها العديد من علامات الاستفهام: تحت أمرك يا بابا.
محمود ولم تفارق الابتسامة وجه وقد قرر أن يسلك أقصر الطرق للوصول لهدفة: قوليلي بقا ايه رأيك في علاء ابن عمك؟
شعرت حياة بأن الدماء قد هربت من وجهها, ولكنها حاولت أن يبدو صوتها طبيعيا وهي تسأل: رأيي فيه من ناحية ايه يا بابا؟
محمود: من كل النواحي, يعني أخلاقه ,تفكيره, تعليمه, كل حاجة.
لم تعلم حياة بما تجيب, ولكنها حاولت الابتسام: طب وهو انا أعرف علاء أكتر منك بردو يا بابا؟
محمود بمراوغة: والله أنا عن نفسي شايف انه انسان كويس وأخلاقه عالية وأد المسئولية.
حياة باستسلام: خلاص يبقا هو كدة فعلا.
محمود: يعني انتي موافقة!
فسألت حياة بارتباك: موافقة! على ايه يا بابا.
محمود: على انه ييجي يخطبك.
فيما يتعلق بالمثل الشعبي الشهير "وقوع البلاء ولا انتظاره", فهذا المثل لا ينطبق على حالة حياة في تلك اللحظة, فهي كانت تعمل دائما على تأجيل تلك اللحظة وللأبد, ولكن ها هي تأتي ولا تعلم كيف تتصرف؟ فعلاء علاوة على انه ابن عمها الا انه أيضا كما وصفه والدها شاب ممتاز تقريبا في كل شيء, ولا يمكن لأي فتاة متعقلة أن ترفضه لأي سبب أخر غير السبب الذي لا تستطيع حياة الافصاح عنه لوالديها.
رأى والدها أن صمتها قد طال فقال ليستحثها على الكلام: جرى ايه يا حياة؟ ساكتة يعني وما قولتيش رأيك! ولا زي ما بيقولوا السكوت علامة الرضا.
لم تعلم أتظل متمسكة بصمتها وليظن والدها كما يشاء أم انها تفاجئه برفضها لتضع نفسها في دوامة من التحقيقات لن تنتهي؟ ولكنها في النهاية قررت أن المماطلة في هذا الامر ستكسبها بعض الوقت للتفكير السليم في كيفية الوصول الى مخرج مناسب من تلك المشكلة, لذلك تصنعت ابتسامة خفيفة على محياها وهي تجيب: لا يا بابا, بس أنا كنت عاوزة شوية وقت عشان أقدر أفكر في الموضوع دة كويس, وكمان ما تنساش ان انا لسة باقيلي سنة في الكلية عاوزة أخلصها الاول, وبعد كدة ابقا افكر براحتي في موضوع الجواز دة.
محمود: وهو انتي يا بنتي هتكوني أول ولا آخر واحدة تتجوز وهي لسة بتدرس؟ وأقرب مثال صاحبتك مريم الكامل أديها اتجوزت وهي لسة يدوب داخلة تانية كلية, أما انتي فكلها سنة وتخلصي دراستك خالص, وبصراحة ابن عمك مستعجل وأنا مش شايف أي داعي للتأجيل, وهو عاوز يتمم كل حاجة قبل السنة الجديدة ما تبدأ عشان بعد كدة ما تبقاش تتحججي بالدراسة والمحاضرات, فقدامك دلوقت الاجازة كلها تقدري تجهزي فيها نفسك.
شعرت حياة وكأنها كالعصفور الجريح المحبوس في قفص دون أدنى أمل في النجاة, وسألت بصوت يائس: انت بتقول كدة ليه يا بابا وكأني وافقت يعني؟
محمود بصوت وكأنه قد تفاجأ بكلامها: وهو انتي ممكن ترفضي؟
حياة بتردد: يعني أنا لسة هفكر.
محمود بحزم: اسمعي يا حياة انا وان كنت بعاملك بلين ومش بحاول افرض عليكي حاجة غصب عنك فأنا بردو في الاول وفي الاخر راجل صعيدي, وانا كنت بوافقك على رفضك للعرسان اللي قبل كدة لأني كنت مستني اللحظة دي عشان المفروض اصلا انك مكتوبة على اسم ابن عمك علاء من يوم ما اتولدتي.
فظهرت نظرة خوف في عيني حياة: يعني ايه يا بابا؟ هتجوزني غصب عني؟
محمود: ان لزم الامر هعمل كدة. وكمان انا مش شايف اي سبب يخليني أرفض ابن عمك, وأهو قدامك شاب وميسور الحال وكمان باشمهندس اد الدنيا وشغال في الشركة اللي انا شغال فيها, يعني مستقبله مضمون ان شاء الله, تقدري تقوليلي انتي بقا سبب واحد يخليكي ترفضيه؟
لازت حياة مرة أخرى بالصمت وكادت الدموع تتساقط من عينيها في اللحظة التي دخلت فيها مها وهي تحمل الصينية التي عليها أكواب الشاي وتقول بصوت قلق: فيه ايه بس يا ابو كريم؟ صوتكم عالي كدة ليه؟
محمود بغضب: تعالي شوفي بنتك يا هانم؟ قال ايه مش عاجبها ابن عمها؟
حياة بصوت باكِ: يا بابا انا ما قولتش كدة, انا كل اللي قلته محتاجة فترة بس أفكر فيها.
فجلست مها بجوار حياة من الناحية الاخرى وأخذتها في حضنها وربتت على ظهرها وهي تقول لمحمود برفق: طب يا ابو كريم ماهو حقها بردو تفكر.
فنهض محمود وقد اشتد به الغضب: تفكر في ايه؟ هي دي حاجة محتاجة تفكير؟ كفاياكي دلع بقا يا هانم في البنت اللي مش عارف هيودينا لحد فين, واعملوا حسابكم انتم الاتنين انا بكرة ان شاء الله هخلي علاء يتصل بوالده عشان ييجوا يتقدموا رسمي. ومش عاوز أسمع كلمة تانية في الموضوع دة.
وخرج محمود وهو في قمة غضبه, أما حياة فقد تركت العنان لدموعها وأجهشت بالبكاء ومها تحاول أن تهدئها بكل الطرق, فليس أمامها سوى ذلك في تعلم جيدا عندما يصر زوجها على أمر لن يتراجع عنه مهما حصل, ومن ناحية أخرى لا تستطيع أن تقف بجانب ابنتها المبهم.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
نعود مرة أخرى الى فيلا يوسف جلال وفي غرفة مريم وقد انتهت من صلاة الفجر خلف زوجها, حيث قد أذن للفجر وهما يجلسان بجوار الهاتف في الانتظار للطمئنان على جدها ,وبعد أن تم لها ذلك طلبت من يوسف أن يؤمها في الصلاة, وقد فعل, وبعد التسليم وقد ارتاح قلبها بدرجة أكبر ابتسمت ليوسف تقول له: تقبل الله.
يوسف: منا ومنكم, ياللا بقا قومي نامي, افتكر كدة خلاص اطمنتي على جدك ولازم تستريحي شوية.تصبحي على خير.
مريم: وانت من اهله.
ونهض الاثنان وعندما توجه يوسف ناحية حجرته سمع صوتها الرقيق يقول له: يوسف! متشكرة اوي.
أدار يوسف وجهه اليها ليسألها بدهشة: على ايه.
مريم ببراءة تخطف القلب: علشان تعبتك معايا, وانت كان باين عليك انك كنت مرهق اوي و مع ذلك أصريت انك تفضل معايا لحد ما اطمنت على جدو.
يوسف باهتمام: سبق وقولتلك ان جدك مش غالي عليكي انتي لوحدك.انا كمان كنت عاوز اطمن عليه, هو صحيح جدك انتي بس انا عاشرته اكتر منك.ومش عاوز اقول اني كمان ممكن اكون بحبه اكتر مانتي بتحبيه.
مريم: صحيح انا عشت معاه فترة قليلة اوي, بس في الفترة دي بقا هو كل حياتي, وما بقتش قادرة اتصور اني ممكن أعيش من غيره.
فاقترب يوسف منها قليلا بحذر وهو يسألها: هو انتي دايما كدة؟
فسألته مريم وهي لم تستوعب سؤاله: كدة ازاي يعني؟!
يوسف: يعني دايما بتوقفي حياتك على شخص واحد, في الاول كان باباكي وبس , ودلوقت جدك وبس, دة حتى ساعة الفرح حسيت انك موقفة فرحتك على وجود صاحبتك اللي اسمها حياة. ليه كدة؟
فردت حياة وقد اعتلت ابتسامة حزينة شفتاها: انت فاكر ان دة بمزاجي. دة قدري. يعني اي انسان بيكون عاوز انه يبقا في وسط ناس كتير بيحبوه وبيخافو عليه ويحس بالأمان في وجودهم, بس انا ظروفي كانت مختلفة, بابا و ماما انفصلوا بعد جوازهم تقريبا بتلات سنين ولان ماما كانت مشغولة بحاجات كتير غيري فبابا هو اللي تولى تربيتي لوحده, بس رباني على اني ازاي اكون مسلمة شرقية وطبعا دة خلاني تقريبا ما يكونش ليا اي أصحاب غير بابا نفسه حتى البنات الشرقيين نفسهم اللي كانوا عايشين في بريطانيا كانوا بيتأقلموا بسرعة على الحياة هناك لدرجة انهم كانوا بيعاملوني انا على اني أجنبية بعكس أصحابهم البريطانيين, حتى بعد ما بابا مات حاولت اشتغل وأفضل عايشة هناك بس للأسف الشغل لبنت مسلمة ومحجبة بالنسبالي ما كنش سهل عشان كدة فكرت اكتب لجدو جواب بس كنت مترردة اوي, كنت خايفة انه غضبه وزعله من بابا هيخليه يتجاهل جوابي, لكن عكس كل توقعاتي لقيت جدو بيرحب بوجودي معاه ولما جيت حسيت انه كان محتاجلي اوي زي مانا كنت محتاجاله ويمكن اكتر, بس مشكلتي فضلت زي ماهي لما حاولت اصاحب بنات من سني هنا لقيتهم بردو بيتجنبوني لسبب معرفوش.
ثم ابتسمت ابتسامة مرحة وهي تقول: حياة مرة قالتلي بالحرف الواحد انهم بيغيروا مني بسبب شكلي الاوروبي دة.
رأته ينظر اليها باهتمام وكأنه لأول مرة يراها ويريد أن يحفر لها صورة في ذاكرته فتابعت وحمرة الخجل تعلو وجهها: فمش لقيت غير حياة وشوية بنات كدة هما اللي قبلوا صداقتي ومن ساعتها بقا جدي وهما اللي بيملوا عليا حياتي هنا. يعني زي ما قلتلك دة كان قدري وانا رضيت بيه.
عاد يوسف من شروده الى أرض الواقع وهو يقول لها بتنهيدة: تصبحي على خير يا مريم.
مريم: وانت من اهله.
وبعد ان ذهب يوسف الى حجرته شعرت مريم بموجة من السعادة تجتاحها لا تعلم لها سببا ولكنها أرجعتها الى أنها قد اطمئنت الى ان حالة جدها أصبحت مستقرة و أنه قد تجاوز مرحلة الخطر,فهكذا حاولت اقناع نفسها.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
في حجرة المكتب بفيلا كمال وهدان وقف ماهر يستمع الى والده الذي كان يجلس خلف مكتبه ويتحدث عبر الهاتف: ماشي يا حامد بيه, تمام كدة, بس ما تنساش نصيبي بقا. أوك, جود لاك.
ثم وضع السماعة مكانها وهو يتنهد في ارتياح فسأله ماهر: بس انا نفسي أعرف حاجة يا بوب, هو احنا ليه ما اخدناش المناقصة دي لينا؟
كمال: ما كنش ينفع, اولا لانها اكبر من امكانياتنا, وثانيا احنا مش عاوزين نظهر في الصورة دلوقت, لازم نستنا الاول لحد ما نعرف مصير عبدالرءوف دة ايه, وامتى بقا هيموت ويريحنا؟
ماهر: هي ماما كلمته امبارح؟
كمال: ايوة يا سيدي هي كلمت المستشفى واطمنت على انه خرج من اوضة العمليات و عدى مرحلة الخطر خلاص.
ماهر بتذمر: يوووه بقا. هو هيفضل كاتم على نفسنا كدة لحد امتى؟
كمال: الخوف دلوقت ما بقاش من عبدالرءوف وبس, المشكلة دلوقت بقت اكبر من كدة, المشكلة الاساسية بقت في اللي اسمه يوسف جلال دة اللي ناوي يقفلنا زي اللقمة في الزور وخصوصا بعد جوازه من البنت اللي بيقولوا عليها بنت عمتك دي.
ماهر وقد امتلأت عينيه بنظرات شيطانية: وغلاوتك عندي يا بوب ليكون طلاقهم على ايدي وفي اسرع وقت كمان.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كانت مريم تجلس أمام التلفاز بصحبة وليد الذي كان يمسك في يده أداة التحكم الخاص به"الريموت", فقالت لها مريم بشبه توسل: معلش يا وليد خلي الكرتون, عشان خاطري.
فقال لها وليد بمزاح: يا بنتي كرتون ايه؟ اكبري بقا, احنا هنتفرج على فيلم, اوك؟
فظهر الحزن على وجهها الطفولي الصغير وهي تمط شفتيها بتذمر والحاح: طب نتفرج ع الكرتون الاول وبعدين نقلب على فيلم. عشان خاطري يا وليد,عشان خاطري.
وليد: الله يكون في عونك يا يوسف.
فاتجه نظر مريم ناحية باب المكتب وهي تسأل وقد ظهر الارتباك على ملامحها: هو يوسف هيفضل قاعد في المكتب كدة كتير؟
وليد: اصل المناقصة بتاع بكرة مهمة اوي, ويمكن تنقل شركة الكامل نقلة كبيرة عشان كدة هتلاقيه مشغول بيها لحد ما يضمن انها خلاص بقت في جيبه, وأكيد هو بيراجع ورقها دلوقت.
ثم أكمل بلهجة خاصة وبشكل فكاهي: نصيبك كدة بقا انك تتجوزي راجل أعمال ناجح.
فردت مريم بلهجة مرحة على فكاهته: يبقا الله يكون في عونها بقا اللي هتتجوزك انت كمان.
وليد بلهجة دفاعية: لا يا ستي, انا بحب أدي لكل حاجة حقها, الشغل ليه وقته والبيت ليه وقته.
مريم باعجاب: يبقا بقا نقول الله يسعدها ويهنيها اللي هتكون من حظها.
وليد بشرود واصرار: حياة يا مريم. مش هتجوز غير حياة, ومش هقبل اني أشوفها بتتجوز حد غيري.
فقالت مريم و هي تحاول رسم ابتسامة رقيقة على شفتيها: ربنا يسعدكم.
ثم سمعا صوت الهاتف الخاص بمريم يرن والذي كان أمامها على المنضدة,فأمسكت به مريم وبدأت ترد: السلام عليكم......ايوة يا حياة ازيك......ايه؟مالك؟......طب خليكي معايا.
وتوجهت مريم ناحية الباب الداخلي للفيلا والمؤدي الى الحديقة و تتبعها نظرات وليد القلقة منذ أن سمع اسم حياة. نظرات مريم و حديثها عن تأجيل تقدمه لخطبة حياة قد أدخلا الشك في قلبه.
وفي الناحية الاخرى نجد مريم تتحدث عبر الهاتف وقد ظهر الانفعال في حدة صوتها: ازاي يعني تتجوزي غصب عنك؟..... ياحبيبتي والله انا حاسة بمشكلتك بس مش عارفة أعمل ايه؟........ طيب تحبي آجي لعمو وأكلمه واحاول اقنعه بانه يأجل الموضوع شوية؟......طيب انتي شايفة ايه الحل؟.......يا حياة ارجوك اهدي شوية......طيب شوفي انا طبعا مش هقدر أخرج دلوقت بالليل فهبقا اعدي عليكي بكرة ان شاء الله ويمكن تكون واحدة فينا قدرت تلاقي حل كويس لمشكلتك دي.......ماشي يا حبيبتي......مع ألف سلامة.
وانهت مريم المكالمة وفكرها مشغول محاولة ايجاد اي حل مناسب لمشكلة صديقتها التي بدت وكأن لا حل لها, ثم قررت العودة الى الداخل حتى لا تثير أي شكوك فأدارت وجهها ناحية باب الفيلا ثم صرخت مذعورة.
: اهدي يا مريم, ما تخافيش, دة انا.
كان هذا صوت وليد الذي أشار لها بيديه محاول ان يطمئنها, الى أن هدأت قليلا بعد أن استوعبت المفاجأة وقالت له بصوت لاهث: حرام عليك يا وليد, انت ايه اللي موقفك هنا؟
قرر وليد ألا يبوح لها بالحقيقة التي تتمثل في أنه قد جاء خلفها ليعلم ما الأمر الذي تخفيه عنه: أبدا, انا بس اتخنقت من التليفزيون فقررت اتمشى شوية في الجنينة.
مريم وهي تبتعد عنه متجهة الى الداخل: اوك, تصبح على خير بقا؟
ولكنه وبخفة قد اعترض طريقها: ارجوكي يا مريم استني شوية.
تعجبت مريم من تصرفه ونظرت اليه بتساؤل, بينما كان هو يحاول ان يرتب أفكاره ويختار الكلمات المناسبة التي يمكنه ان يستجوبها بها دون ان تشعر, ولكنه لم يكن يحبذ تلك الطرق الملتوية, فهو دائما يمتاز بصراحته والتزامه فقرر ان يكون سؤاله مباشرا: هو فيه ايه يا مريم؟
مريم: فيه ايه ازاي يعني؟
وليد: فيه ايه بخصوص حياه انتي بتحاولي تخبيه عليا؟ انا من ساعة ما فاتحتك في اني متعلق بيها وعاوز اتقدملها حاسس بانك بتلفي وتدوري عليا وكأنك عاوزة تبعديني عنها, حتى دلوقت سمعت كلام كدة بينكم بيقول ان فيه مشكلة, ومشكلة جامدة كمان, فممكن لو سمحتي اعرف هي ايه؟ مش يمكن اقدر أحلها أو ع الاقل مابقاش زي الاطرش في الزفة.
ترددت مريم قليلا في ان تخبره بالحقيقة أو ان تستمر في خداعه. فتلك هي المرة الاولى التي تجد نفسها في موقف كهذا, ولكن لتتخلص من نظراته الملحة قررت ان تقول له نصف الحقيقة, ذلك الجزء الذي لن يتسبب في جرح أحد, ولكنها لم تكن تعلم ان الذي يتنازل قليلا يمكنه أن يتنازل كثيرا: اصل حياة جالها عريس , وباباها مصر انها تتجوزه.
رأت الصدمة على محياه, فقالت لنفسها: اتصدمت بس لما عرفت كدة, امال لو عرفت كل حاجة هتعمل ايه؟
وليد بنبرة واثقة: علاء ابن عمها, مش كدة؟
مريم: ايوة هو.
وليد: وياترى هي موافقة؟
مريم: وتفتكر انها لو كانت موافقة كان هيبقا فيه مشكلة؟ بس باباها مش قابل اي نقاش في الموضوع دة.
وليد: طب انا مستعد ان اتقدملها من بكرة, لا يا ستي من دلوقت, وأقدر اقنع باباها باني انسب ليها من اي حد تاني بس هي توافق.
مريم بارتباك واضح: مفتكرش انها هتوافق.
وليد بشك: ليه يا مريم؟ هي للدرجادي مش عاوزاني؟ طب يعني لا انا ولا ابن عمها؟ امال هي بتفكر في مين؟
مريم: حياة مش بتفكر في حد.
بدا على وليد نفاذ صبره من محاولات مريم المتكررة لمراوغته فظهر صوته حادا: مريم! مش دي كل الحقيقة. احساسي بيقولي انك مخبية حاجة تانية, وانا مصر اعرف ايه هي؟
فكرت مريم كثيرا في كيفية ايجاد مخرج لتلك الورطة التي قد أوجدت نفسها بها, ولكنها لم تنجح, فكان ان استجمعت شجاعتها لتقول: انا هقولك على كل حاجة, بس اوعدني ان محدش يعرف غيرك مهما كان موقفك من اللي هقوله.
وليد وقد بدأ يشعر بأن الامر خطير بالفعل كما كان يعتقد: أوعدك.
ثم شرعت مريم في سرد كل ما قصته عليها صديقتها وهي تلمح على وجه وليد تعبيرات توحي بالصدمة وعدم التصديق وقد كانت تلتمس له العذر لذلك, الى ان انهت كلامها وظلت تنتظر ردة فعله, ولكنه بدا لها في عالم آخر, ووجدته يقول هامسا وكأنه يحدث نفسه: مش ممكن! طب ازاي؟ حياة!
رأت مريم في عينيه نظرة اتهام فاستعدت للدفاع عن صديقتها: وليد! اللي حصل دة كان غصب عنها. انت لازم تبصلها على انها مجني عليها مش جانية.
وليد باستخفاف: مجني عليها!
مريم: طبعا, انا عارفة انك مصدوم دلوقت. بس من صدمتك دي تقدر تحس هي اد ايه اتجرحت.واد ايه اللي حصل دة كان مصيبة ليها اكتر من أي حد تاني.
وليد بانفعال وقد ظهر الألم في صوته: وانا المفروض مين اللي يحس بيا؟ ازاي تسيبني اتعلق بيها بالشكل دة وتفضل ساكتة؟!
مريم بحذر: وانت كنت عاوزها تعمل ايه؟
شعر وليد بأن السؤال قد ألجم لسانه عن الاجابة, فظل صامتا, فانتهزت مريم الفرصة لتكمل علها تجد منه بعض اللين: وليد! صدقني حياة اتظلمت أوي وبلاش انت كمان تكمل عليها.
وليد بحدة: بس ما تقوليش اتظلمت. بنت كانت ماشية بالشكل اللي حكتيلي عنه دة وتصاحب ناس زي اللي وصفتيهم. تستاهل اي حاجة تجرالها.
مريم: وهي مش بتنكر انها غلطانة. بس مش ممكن يكون دة عقابها. احنا لازم نقف جنبها.
وليد بدهشة: نقف جنبها؟ وعاوزانا نعمل ايه بقا ان شاء الله؟ انتي تقدري تروحي لابن عمها دة وتقنعيه انها مظلومة ومجني عليها؟
مريم: انا بتكلم عنك انت يا وليد مش بتكلم عن ابن عمها. انت الانسان اللي المفروض انه بيحبها.
وليد مصححا بحدة وكأنه ينفي عن نفسه تهمة: كنت. كنت بحبها يا مريم. أيام ما كانت بالنسبالي مثال للعفة والطهارة. أيام ما كانت عالية أوي في نظري.
مريم: وهي سقطت من نظرك دلوقت؟
لجأ وليد الى الصمت مرة أخرى فاستحثته مريم على الرد: مالك يا وليد؟ سكت ليه؟ ما تجاوب.
وليد: للأسف يا مريم.
مريم: ياااااه, بسرعة كدة؟! يا وليد اذا كان ربنا بيسامحنا ويغفرلنا أخطاء بنعملها متعمدين لما بنتوب ونرجعله, انت بقا مش قادر تسامحها على غلطة حصلت غصب عنها؟ وانت بنفسك شهدت لأخلاقها وتدينها.
وليد: وانا أضمن منين ان كل دة مش مجرد ستارة بتداري بيها على عملتها؟ وليه اصلا ما تقوليش ان اللي حصل دة كان بمزاجها وانها اخترعت كل القصة دي عشان تكسب عطف اللي حواليها مش اكتر؟
مريم: ما انت لو كنت في كامل وعيك كنت جاوبت على نفسك. تفتكر لو ظنك دة كان في محله كان ايه اللي خلاها لحد دلوقت تسكت وتخبي على اهلها؟ بلاش دي. طب لو كانت هي زي مانت بتقول ايه اللي يخليها اصلا تكشف سرها ليا وترفض انها تتجوز ابن عمها؟ مع انها كان ممكن تقبل تتجوزه وتضحك عليه بعملية كانت ممكن اي بنت تعملها عشان تضحك بيها بعد كدة ع الانسان اللي هتتجوزه.....تفتكر هي ليه ما عملتش كدة غير لانها مش عاوزة تخدع حد مع انها في ظروف أي بنت غيرها كانت فكرت في نفسها وبس من غير ما تحط في اعتبارها اي حد تاني. ما ترد عليا يا وليد.
لاذ وليد بالصمت مرة أخرى لا يعلم بما يجيب فلقد تضاربت الأفكار في عقله وقد اعتصر قلبه من الالم, وما كان منه الا ان تركها ومشى بخطى سريعة الى الخارج.
فدعت مريم أن يلهمه ربه الصواب, فهي تخشى منه وعليه؛ منه لانها قد أفشت له سر صديقتها التي قد ائتمنتها عليه وهي لاتعلم كيف ستكون ردة فعله أسيبقى على عهده معها ويظل السر بينهما فقط أم ان الصدمة التي تلقاها أكبر عنده من أي عهد؟ وتخشى عليه حيث تراه للمرة الأولى في حالة يرثى لها وكل كلمة ينطق بها محملة بالغضب والالم الذي يملأ كيانه بعد أن كانت قد اعتادت على مرحه ومزاحه المتواصل و ظلت تسأل نفسها أسيبقى وليد كما كانت تعرفه من قبل ذلك الشاب المرح الهادىء الملتزم, أم ان جراح القلب يمكنها أن تغير كثيرا من تصرفات العقل؟!
قررت مريم في النهاية أن تدخل الفيلا وستترك الوضع على ما هو عليه حتى يجد جديد, وعندما توجهت الى مدخل الفيلا وجدت يوسف في انتظارها يقف عند المدخل عاقدا ذراعيه حول صدره وفي عينيه الكثير من التساؤلات فعلمت انها بصدد استجواب جديد ولكن من نوع آخر, ولكنها فضلت ان تتجاهل ذلك وعندما اقتربت منه قالت له بصوت حاولت ان يبدو متزنا: مساء الخير.
تجاهل يوسف تحيتها وسألها وقد بدا عليه الضيق الشديد: هو وليد ماله؟ مش متعود انه يخرج من البيت في وقت زي دة غير لما يبقا فيه حاجة مهمة.
فأجابت مريم ببساطة وهي تتجه ناحية السلم: معرفش. يبقا اسأله.
ثم توقفت في منتصف القاعة مترددة وكان يوسف قد دخل وأغلق باب الفيلا فأدارت وجهها اليه فجأة تسأله: يا يوسف تفتكر رد الفعل لراجل حب واتصدم في البنت اللي بيحبها ممكن يكون ايه؟
يوسف باقتضاب: معرفش لأني ما جربتش.
مريم: يا ترى ايه الي ما جربتوش؟ الحب ولا جراحه؟
يوسف: ما جربتش الحب عشان بيكون نتيجته الجرح. قوليلي بقا, صاحبتك حياة هي السبب؟
كانت مريم تشهد ليوسف بالذكاء الحاد, ولذا فكانت على يقين تام بأنه يعلم بشعور أخيه ناحية صديقتها, ولكنها فكرت في مراوغته: وايه علاقة حياة بوليد؟
بدا ان يوسف ليس في مزاج يسمح له بمجاراتها في لعبتها فقال لها محذرا بصوت ينذر بالخطر: اسمعي يا مريم, ان كنتي انتي في كل مرحلة من عمرك بتوقفي حياتك على شخص معين فأنا بقا حياتي كلها متوقفة على شخص واحد هو وليد أخوية هو بالنسبالي الأخ والابن ويمكن كمان بحس انه الأب لما بيحب ينتقد تصرفاتي, وعشان كدة مش هسمح لأي حد مهما كان انه يفكر ولو لمجرد التفكير انه يدوسله على طرف, ساعتها انا ممكن أمسح الشخص دة سواء كان راجل او ست بأستيكة وما أخليش ولا حتى الدبان الازرق يعرفله طريق جرة, انتي فاهماني؟
شعرت مريم ببعض الخوف من تهديده ولكنها أخفت ذلك خلف غضبها قبل ان تصعد الى غرفتها: وانت بتقولي أنا الكلام دة ليه؟ انا اصلا عمري ما هفكر اني أذي وليد ودة مش عشان هو أخوك ولا عشان الكلام اللي انت قلته دة. لا , عشان هو فعلا انسان ما يستحقش ان حد يأذيه. تصبح على خير.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
على كورنيش النيل كان يقف وليد ينظر الى النيل بميائه الصافية وضوء القمر والنجوء يتلألأ فيها كحبات الالماس, ولكنه لم يكن يشعر بكل ذلك الجمال من حوله حيث كان ينظر اليه بفكر شارد لا يتذكر سوى صورتها التي تتمثل له على صفحات المياه ولا يرى سوى ابتسامتها الخجولة ولا يسمع سوى صوتها الرقيق المملوء بالشجن, وقد كان بداخله صراع رهيب يدور بين عقله الذي يوجه اليها الاتهام مع وجود كل الادلة التي تثبت ذلك وقلبه الذي يرفض ان يسلم بتلك الحقيقة وأخذ يحدث نفسه: معقول بعد ما كنت قافل قلبي ورافض اني لأي واحدة انها تدخله مهما كانت, اجي لما افكر اني افتحه تكون اول واحدة تدخله تبقا........ياااااااااه. ليه كدة يا حياة؟ ليه خلتيني احبك بالشكل دة؟ ليه سبتيني اتعلق بيكي اوي كدة؟ دة انتي الوحيدة اللي كنت حاسس اني هبقا مطمن وانا بسلمها اسمي وسمعتي. قال ايه وانا اللي كنت ناوي ارفض بنت عمتي علشانك. ع الاقل هدى انا عارفها من صغرها وتقريبا متربية قصاد عيني وعمري ما هتخدع فيها بالشكل دة.ااااااااااااااااه , لا انا بقيت عارف أصدق انك فعلا ضحية واتضحك عليكي ولا بقيت عارف أكدب كل الشواهد اللي بتقول انك فعلا تستاهلي كل اللي جرالك وما تستحقيش اني حتى أرجع وأفكر فيكي تاني أو ألتمسلك أي عذر. يا ريتني ما عرفتك, ياااااارب أعمل ايه بس؟
وبعد فترة طويلة من التفكير المشوش سمع وليد صوت المؤذن: الله أكبر......الله أكبر.
وليد: الله أكبر, والعزة لله.
ثم توجه الى الجامع لتأدية الفريضة و قد خطر على باله قول الرسول: "أرحنا بها يا بلال", وقد كان وليد في أمس الحاجة لتلك الراحة, فكان يريد ان يشكي بثه وحزنه الى الله, لعله ينير دربه ويلهمه الصبر والسلوان.
أدى وليد صلاته, وقد شعر بأن كل الهم الذي كان يحمله فوق عاتقه أصبح يتلاشى شيئا فشيئا ,ثم توجه عائدا الى المنزل, وما ان دخل الفيلا,حتى تفاجأ بصوت أخيه يأتيه من حجرة المكتب: وليد! كنت فين لحد دلوقت؟
توجه وليد الى حيث يقف أخوه عند باب المكتب الذي كان يبدو عليه هو الأخر انه لم يذق طعم النوم في تلك الليلة, وقال له وقد ظهرالارهاق واضحا على صوته: كنت بتمشى شوية, وسرقني الوقت لحد ما أذن الفجر عليا فقلت أصليه بالمرة.
يوسف: وليه ما كنتش بترد ع الموبايل؟
وليد: معلش, ما اخدتش بالي انه كان بيرن.
شعر يوسف بالقلق على أخيه فقال له برفق: مالك يا وليد؟ فيه ايه؟ باين عليك انك تعبان.
وليد: لا ابدا, يمكن بس عشان ما نمتش.
يوسف: خلاص, اطلع ناملك شوية, ومش مهم تروح الشركة النهاردة أنا هبلغ السكرتارية انها تلغي مواعيدك بتاع النهاردة. بس ياريت تحاول تصحى على العصر كدة عشان تستقبل عمتك وهدى لانهم اتصلوا وقالوا انهم جايين النهاردة.
وليد بلا ادنى اهتمام: ان شاء الله.
وقبل أن يصعد الى غرفته توقف عند أولى درجات السلم والتفت مرة اخرى نحو يوسف وهو يقول بنبرة جافة لا تحمل أي تعبير: على فكرة يا يوسف, أنا خلاص نويت أسمع كلامكم وقررت اني اتجوز.




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس