عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-17, 03:57 AM   #19

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل السابع عشر

حيرة العشاق

يقال دائما " لا ينام الا خالي البال", أقر أبطالنا الأربعة بصدق تلك المقولة هذه الليلة حيث لم يغمض لأي منهم جفن أبدا حتى آذان الفجر ولكن كما يقولون "فكل يغني على ليلاه", ففيما يتعلق بمريم فقد جافاها النوم وهي تفكر في مدى تطور علاقتها بالنسبة ليوسف؟ على الأقل بالنسبة لشعورها هي, فلقد بدأت تشتاق لكلماته, تترقب ابتسامته, بل انها أصبحت تحن لسخريته مهما كانت لاذعة. ولكنها تساءلت هل هي بالفعل على استعداد لتتقبله كزوج لها؟ وماذا عنه هو؟ انها تعرف تمام المعرفة ان رجلا كيوسف جلال من الصعب عليه أن يكشف عن شعوره الحقيقي , بل فلنقل أنهم يمكنه أن يعتقد أن تلك الأحاسيس والمشاعر نقاط ضعف يجب ألا يعلمها أحد غيره, ولكن خطر في ذهنها صورة تلك المدعوة علياء وهي تتمايل وتتدلل أمام زوجها دون أن يبدي أي نفور منها وهذا ما جعلها تتخيله ذلك الدون جوان الذي سمعت عنه قبل الزواج والذي يبدو انه لا يشعر بالنفور الا منها هي وحدها "زوجته".
أما عن يوسف جلال الذي كان يجلس في سريره يقرأ في أحد الكتب كعادته الا ان هذه المرة لم يستوعب عقله كلمة مما قرأ, فلماذا تحتل تفكيره بتلك الطريقة التي لم يعتادها مع أي امرأة؟ انه بالفعل قد عرف الكثير من النساء, ولكن لم تستطع أي منهن أن تحتل تفكيره كما تفعل هي الأن ويمكننا القول انه قد أدمن كل حركاتها الطفولية, و قد أصبح يرغبها بشدة على قدر رفضها له, ولكنه يجهل الطريق للوصول إليها. فبالرغم من انها زوجته الا انه لم يعتد ان يلاحق امرأة مهما كان تعلقه بها وخصوصا وهو متأكد من أنها لن تستجيب له.اذن فالحل الوحيد أمامه الأن هو ان يتناسى وجودها بالقرب منه ويستكمل حياته كما كانت قبل ظهورها.
وإذا ذهبنا الى وليد نجد انه ليس بأفضل حالا منهما, فبعد أن خاصم النوم عينيه قد هجر فراشه وخرج الى الشرفة لعل نسيم الليل يسكره فيغلبه النوم, ولكن حينما وقعت عيناه على ضوء القمر الذي كان في طور البدر في تلك الليلة, ليرى وجهها وقد ارتسم على صفحته ولكنه كان وجها حزينا بعينين تملؤهما الدموع تنظر اليه بألم وكأنها تعاتبه, نعم تعاتبه! وهو يعلم ان لها الحق لذلك, فلقد كان قاسيا معها لأبعد الحدود, ولكنه لا يستطيع أن يتراجع عن القرار الذي قد اتخذه, لذا أصر أن يستمع إلى أحكام العقل وسيلغي دور القلب إلى أن يأتي حينه.
أما هي فلم تجد سواه معين على شدائدها, لذا فبعد أن قامت ليلها ظلت جالسة على سجادة الصلاة تناجي ربها ودموعها تسبقها بدون توقف وهي تتذكر كل كلمة جارحة خرجت في حقها من بين شفتيه: إلهي إن يكن ذنبي عظيم فعفوك يا إله الكون أعظم. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. يارب أنا عارفة اني عصيتك كتير وإن كان دة عقابك ليا على معصيتي فأنا راضية بيه و أنا لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه. ربي اني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي ظهيرة اليوم التالي يدخل يوسف غرفة سكرتيرة مكتبه وفور رؤيتها له وقفت احتراما وهي تقول بلهجة ترحيبية: أهلا وسهلا يا يوسف بيه, حمدالله على سلامة حضرتك.
يوسف: الله يسلمك يا مي. هو وليد جوة.
مي: ايوة يا فندم, وليد بيه في مكتبه.
يوسف: لوحده ولا معاه حد؟
مي: لا يا فندم. وليد بيه لوحده.
يوسف: طيب انا هدخله دلوقت بس مش عاوز حد يقاطعنا.
مي: امرك يا فندم.
وتوجه يوسف ناحية باب المكتب ليدخل وقد أغلق الباب خلفه: السلام عليكم.
فرد وليد وهو ينهض سريعا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يوسف بيه! يا مرحبا يا مرحبا.
وابتعد عن كرسيه قليلا وهو يشير إلى أخيه:اتفضل يا كبير, أخيرا المكتب هينور بصاحبه.
فوضع يوسف يده على كتفه وهو يبتعد به عن المكتب: سيبك من الكلام دة بس عشان أنا عاوز أتكلم معاك في موضوع مهم.
ثم جلس الاثنان في أحد أركان المكتب وقد كان يشبه بأثاثه الفاخر الاستراحة حين يقرر صاحب المكتب الابتعاد قليلا عن جو العمل, فسأل وليد وقد بدا عليه القلق: خير يا يوسف؟ موضوع ايه اللي انت عاوز تكلمني فيه؟ قلقتني.
يوسف: الحقيقة الموضوع خاص بمسألة جوازك من حياة.
وليد: ماله؟
يوسف: انت مقتنع بالجوازة دي؟
فتبسم وليد قليلا وهو يحاول أن يسبر أغوار أخيه: مش فاهم. وأنا لو مش مقتنع تفتكر كنت هستنا لحد ما نكتب الكتاب؟
يوسف: يعني انت مش حاسس انك اتسرعت شوية؟ أو اني ورطتك امبارح؟ صحيح انا كنت بتمنى اللحظة دي من زمان وكان نفسي أفرح بيك, بس مش عارف فيه حاجة كدة مش مطمناني.
وليد : حاجة؟! حاجة ايه؟ و منين وصلك الاحساس دة.
يوسف: منك انت وحياة, مش عارف ليه ما كنتش حاسس بالفرحة اللي المفروض أشوفها في عيون اتنين على أبواب حياة جديدة.
ثم سأل وليد فجأة وعينيه مليئة بالشك: وليد! هو انت حصل بينك وبين حياة حاجة؟
وليد: مش فاهم قصدك, حاجة ايه؟
يوسف:يعني حاجة تكون هية اللي أجبرتك انك تتجوز حياة. فلو كان دة حصل فعلا, فانت مش مضطر انك تتمم الجوازة وكفاية أوي انك كتبت الكتاب.
فانتفض وليد فور سماعه لاتهام أخيه , ونهض وهو يشعر بالغضب: ايه اللي انت بتقوله دة يا يوسف ؟ انت ازاي تفكر بالشكل دة؟ معقول تكون بتشك ان انا أغلط غلطة زي دي؟
ثم أكمل بجمود: حياة كمان أشرف من انك تفكر فيها كدة, وبتهيئلي ان كفاية اوي انها بقت مراة أخوك عشان تستاهل احترامك.
فنهض يوسف هو الأخر ليربت على كتف أخيه مهدئا اياه باعتذار: أنا اسف يا وليد. ما كنتش أقصد. وألف مبروك يا صاحبي , وربنا يسعدك.
وليد: ع العموم حصل خير. وعلى فكرة انت قاعد هنا لحد امتى؟
يوسف وهو يقبل تغيير أخيه للموضوع بصدر رحب: لا انا مش هقعد, انا بس كنت جاي عشان أقولك اني خلاص اتفقت مع منسقة حفلات كويسة عشان تبدأ شغلها في التجهيز ليوم الفرح, ولا انت غيرت رأيك وناوي تعمله في قاعة أو فندق معين؟ وكمان عاوز اعرف انتو ناويين تقضوا شهر العسل فين؟
وليد: لا يا يوسف, انا خلاص موافق انه يتعمل في الفيلا, وكمان اتفقت مع استاذ محمود على كدة.
يوسف: طب على بركة الله, وشهر العسل بقا, هتعملوا فيه ايه؟

وليد بارتباك: لا احنا مش هنعمل شهر عسل.
فنظر اليه يوسف متعجبا: مش هتعملوا شهر عسل! ازاي يعني؟
وليد: زي الناس, انا اتفقت مع حياة على كدة.
يوسف: وهي وافقت؟
وليد: طبعا, انت نسيت المسرحية اللي بيحضرولها في الجامعة؟ فاحنا لو سافرنا هي مش هتعرف تكمل البروفات, وانا كمان عندي شغل كتير مش عاوزة يتعطل.
يوسف مازحا: امال فين نصايحك ليا زمان؟ وشهر العسل اللي تلاتين يوم؟ وتأنيبك ليا عشان ما سافرتش انا ومريم؟
وليد بمرح وهو يحاول ان يداري الحزن بداخله: ابدا يا سيدي, كل دة لسة موجود. بس مش وقته وانت شايف ان كل حاجة جات بسرعة واحنا ما كناش مستعدين يعني, بس بعد ما نخلص اللي ورانا ان شاء الله هنقضي شهر عسل من اول وجديد.
يوسف بغير اقتناع: اللي تشوفوه.المهم بقا انت كنت بتسأل ليه اذا كنت هقعد في الشركة ولا لا؟
وليد: اصل أنا كلها ساعة وهمشي.
يوسف متعجبا: هتمشي تروح فين؟
وليد: كنت هاخد حياة وننزل نشتري فستان الفرح وبعدين نروح الشقة عشان نشوف اذا كان ناقصها حاجة ولا لا؟ بس للأسف قبل مانت ما تدخل بخمس دقايق تقريبا كلمني الباشمهندس معتز وكان بيقول ان فيه مشكلة عنده في المشروع وقالي انه لازم ييجي يكلمني فيها دلوقت وكلها نص ساعة ويوصل, بس ممكن كلامي معاه ياخد وقت.
يوسف: طب خلاص, روح انت مشوارك وانا هستناه وهشوف ايه الموضوع وهبقا اتابع الشغل في شركة الكامل بالتليفون.
وليد: اوك, شكرا يا كبير.
يوسف مداعبا: طب ياللا ياد امشي من هنا عشان الستات دول ما يكرهوش اد ان الراجل يخليهم يستنوا.
وليد: طبعا بقا. مانت خبير في الأمور العاطفية دي. ياللا سلام.
وقبل أن يغادر التفت مرة أخرى ناحية يوسف يسأله: يوسف! هو احنا مش المفروض بردو نعزم اعمامك على الفرح؟
يوسف: هو دة المفروض فعلا عشان كدة انا هروحلهم بنفسي بكرة.
وليد: وانا هاجي معاك.
يوسف: لا لا, بلاش انت, احنا عاوزين نهديها مش نشعللها, وعمتك طبعا مش هتسكت وممكن وجودك يزود المشكلة.
وليد: طب وان مقدرتش تقنعهم. هيحصل ايه؟
يوسف بعد تفكير قليل: ساعتها بقا يبقا هما حرين. ويبقا احنا كمان عملنا اللي علينا.
وليد مندهشا: هو انا ليه مش حاسس انك زعلان؟
فاقترب منه يوسف و احتضن وجهه بكفيه وهو ينظر اليه بعمق ويقول بنبرة صادقة: عشان لما يكون الموضوع متعلق بمصلحتك وسعادتك يبقا كل الدنيا بالنسبالي تهون.
وليد بامتنان: ربنا ما يحرمني منك يا صاحبي.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي سيارة وليد نجده يجلس خلف مقود السيارة وبجواره حياة وقد بدا ان الاثنان لا يرغبان في الدخول في أي حديث, فبادرت مريم وقد كانت تجلس وحدها في المقعد الخلفي: ميرسي أوي يا وليد , واسفة لاني أخرتكم. معلش بقا ماهي طنط مها هي اللي اصرت اني اروح معاكم عشان هي ما كانتش فاضية, وانا ما كنش ينفع ان النهاردة يعدي من غير ما اطمن على جدو.
وليد: ما تقوليش كدة يا مريم, عبدالرءوف بيه عزيز علينا كلنا, وانا كمان كنت عاوز اطمن عليه, والحمد لله انه بخير.
مريم: بس انا مستغربة اوي من الحراسة اللي برة اوضته دي, هو مين اللي جابها وليه؟
وليد: دي اللي جابها يوسف. ومدربين في أحسن شركة حراسة.
مريم: طب ليه؟ هو فيه خطر على حياة جدو؟
وليد بابتسامة مرحة: لا طبعا, كل الموضوع ان عبدالرءوف الكامل رجل أعمال ليه وضعه واسمه وموضوع الحراسة دة مش أكتر من مجرد prestige منظر يعني زي كل رجال الأعمال.
مريم وكانت لاتزال تشعر ببعض القلق: انت متأكد ان مفيش أكتر من كدة؟
وليد مطمئنا: طبعا يا مريم. أكيد متأكد, اطمني انتي بس ومتشغليش بالك كتير.
مريم: اوك. طب هنروح فين دلوقت بقا؟
وليد: زي ما تحبوا. شوفوا انتو عاوزين تبدأوا بايه ؟ تحبوا نروح نشوف الفستان الاول ولا تشوفوا الشقة الاول؟
مريم بمرواغة وهي تنظر ناحية حياة: والله الرأي رأي العروسة, في الفترة دي يابني المفروض ان لا رأي يعلو على رأيها. وأهي عندك أهي اسألها.
فسأل وليد حياة ببرود وقد زال عنه مرحه: تحبي تروحي فين يا حياة؟
فأجابت حياة وهي تنظر من نافذة السيارة بجوارها منذ أن ركبت بجواره: اللي تشوفوه.
وبعد أن تم الاتفاق بين وليد ومريم على ان يشتروا فستان الفرح أولا ثم يتوجهون الى شقته مباشرة, توقف وليد أمام احدى محلات الازياء التي أشارت عليه مريم به,وكان نفس المحل الذي أشترت منه فستان الخطوبة ثم فستان الزفاف بصحبة حياة, وعندما دخل ثلاثتهم المحل ورأتهم صاحبته تعرفت على مريم مباشرة وتوجهت اليهم مرحبة: اهلا اهلا مريم هانم, نورتي المحل.
مريم بتهذذيب: منور بصاحبته يا مدام ناهد
ناهد: طب تعرفي انا كان قلبي حاسس انك هتيجي تاني وقريب كمان, قوليلي بقا مناسبة ايه المرادي؟
فقالت مريم وهي تشير باتجاه حياة: لا المرادي احنا جايين عشان حياة مش عشاني. فرحها بعد أقل من اسبوعين, وعاوزينلها فستان فرح كويس.
فتحولت ناهد الى حياة وقد زادت ابتسامتها: ألف ألف مبروك.وربنا يتمم بخير, وان شاء الله تلاقي عندنا حاجة تعجبك يا انسة حياة.
فردت حياة بابتسامة هادئة: الله يبارك فيكي.
ثم نظرت ناهد الى وليد بحيرة: وحضرتك بقا العريس مش كدة.
فاكتفى وليد بهز رأسه قليلا مؤكدا على كلامها. فاستأنفت ناهد وقد زادت حيرتها: بس مش عارفة الحقيقة انا شفت حضرتك فين قبل كدة؟
وتولت مريم الرد وهي تعرفها بشكل أوضح على وليد: ماهو دة الباشمهندس وليد جلال أخو يوسف جلال جوزي.
ناهد: ااااه. عشان كدة فيه شبه كبير ما بينكم. أهلا وسهلا بحضرتك.مبروك يا فندم وان شاء الله بالرفاق والبنين. وحقيقي انت عرفت تختار. فعلا عروسة زي القمر
فرد وليد بكلمة واحدة عبرت عن عدم رغبته في المزيد من الحديث: متشكر.
فتداركت مريم الامر سريعا حرصا منها على مشاعر تلك السيدة التي بدا عليها الاستياء من جفاء معاملة وليد: جرى ايه بقا يا مدام ناهد؟ انتي مش هتورينا الفساتين ولا ايه؟ ولا انتي مش عندك حاجات جديدة؟
وبالطبع كان حرصها على عملها كفيلا بنسيانها أي أهانة قد تتعرض لها من أي عميل وخصوصا ان كان في مكانة وليد جلال, فعادت اليها ابتسامتها من جديد وهي تقول: بالعكس مانتي عارفة بقا يا مدام مريم احنا الجديد كله عندنا, واتفضلوا وانتو تشوفوا بنفسكم.
مريم: طب تعالى معانا يا وليد.
وليد: لا انا هستناكم هنا لحد ما تخلصوا.
لم تلح مريم كثيرا في هذا الطلب حتى لا تتسبب في احراج أحد: اوك, واحنا كمان مش هنتأخر.
وبعد ان ابتعدوا عنه قليلا قالت ناهد هامسة: هو الباشمهندس ماله؟ انا شايفة انه متضايق.
مريم: لا ابدا. بس انتي عارفة بقا ان الرجالة مش بيحبوا المشاوير دي.
وبعد انتظار دام ما يقرب من النصف ساعة, عادت مريم لتجد وليد جالسا على أحد الكراسي وهو يغطي وجهه بين كفيه.مما جعل مريم تشعر بالألم من أجله: وليد!.
فنظر اليها وليد وقد رأت الحزن بعينيه وهو يسألها بصوت مهموم: ايوة يا مريم! خلصتوا؟
مريم: تقريبا, فيه فستان عجب حياة وهي بتقيسه دلوقت. مش هتيجي عشان تشوفه؟
كان لصمته أبلغ المعاني, فجلست مريم بجواره وقد رقت لحاله فحاولت التخفيف عنه: وليد! انا عارفة انك مجروح اوي, بس هي والله مجروحة اكتر منك. لكن انتو الاتنين لازم تحافظوا ع الشكليات. وكفاية اني أقولك ان مدام ناهد شكت في موضوعكم, يبقا ليه بس نخلي نفسنا عرضة للقيل والقال؟
وليد: يعني عاوزاني أعمل ايه يا مريم؟
مريم: ع الاقل تيجي معايا دلوقت واحنا بنختار الفستان.
وليد وهو ينهض معها: حاضر.
وأخذته مريم الى حجرة تبديل الثياب , وعندما رآها خالية تساءل: امال هما فين؟
مدام ناهد راحت مع واحدة جات نادتلها عشان تقريبا عندها مشكلة مع واحد من الزباين, اما حياة جوة في البروفة.
وبينما كانت تشير الى أحد الأبواب المغلقة تفاجأ وليد بأنه يفتح لتخرج منه حياة وهي تردي الفستان الأبيض الجميل المطرز بأكمامه الطويلة وتنورته الواسعة التي جعلتها تبدو كالفراشة بحجمها الصغير وخفة حركاتها التي توشك أن تجعلها تطير من فوق الأرض. خرجت وهي تبدو في قمة السعادة وتقول ممتدحة نفسها: ايه رأيك بقا يا مريم؟ انا طول عمري بليق في اللون................
لم تكن جملتها هي الوحيدة التي انقطعت لدى رؤيته, بل أيضا لقد ماتت الابتسامة على شفتيها. وكعادته معها أراد ألا يفوت الفرصة ليصفعها من جديد بكلماته الجارحة وسخريته اللاذعة ليكمل عوضا عنها: الأبيض؟!
شعرت حياة بغصة تكاد تخنقها والدموع تتجمع في مقلتيها فانسحبت بشكل تلقائي الى الوراء لتعود من جديد الى الغرفة التي خرجت منها للتو وتغلق الباب خلفها وكأنها تحتمي به.
مريم وهي تعاتبه: ليه كدة بس يا وليد؟
وليد بانفعال قليلا: انا ما قولتش حاجة غلط. وبعدين هي مش كل كلمة هقولها تفسرها على مزاجها,دي بتدلع يا مريم. ولما تخص دلعها بقا. يبقا بلغوني عشان نمشي.
ثم غادر الحجرة وقلبه يعتصر ألما, لا يعلم لم يقول دائما هذا الكلام الذي يتسبب في جرحه هو قبل أن يجرحها به؟
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
ومر بقية اليوم دون أحداث تذكر وفي اليوم التالي نرى هدى مستلقية في فراشها تحتضن الوسادة وهي تجهش بالبكاء, فدخلت عليها هادية لتجلس بجانبها تمسح على شعرها : معلش يا بنيتي, بكرة تتجوزي سيد سيده.
فقالت هدى من بين دموعها : يعني هما مش مكفيهم اللي عملوه, لا وكمان جايين يعزمونا على فرحه؟ دة على اساس يعني اننا هنروح نهني ونبارك؟
هادية بنظرة شيطانية: ومين جال اننا مش هنروح يا بنيتي؟
هدى بصدمة: ايه, انتي بتجوليه دة يا اماي. بجا عاوزاني أروح أباركله عشان سابني وفضل بت البدري عليا؟
هادية: انا جولت اكدة بردك؟ احنا صحيح هنروح. بس عشان نتشفا مش نبارك ونهني.
هدى بعدم فهم: نتشفا! ازاي يعني؟
هادية بايضاح: هجولك يا بنيتي. بس لاول لازم نتأكد من ان عيلة البدري لسة مجاطعين ولدهم محمود.
هدى بتأكيد: ماهما فعلا لسة مجاطعينه, وهو اللي عمله دة يتنسي اكدة ببساطة اياك؟ دة حتى الباشمهندس علاء بيجولوا انه جه وجعد اهنا , وبيدور على شغل جريب من البلد بعد ما ساب شغله حدا يوسف ولد خالي لما عرف ان بت عمه هتتجوز اخوه. ما جولتليش بجا. ناوية على ايه؟
هادية: هتعرفي, بس روحي جيبي ورجة و جلم واكتبي اللي راح أجولك عليه.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وجاءت ليلة الزفاف, وفي حجرة نوم وليد نجده مع أخيه يوسف الذي وقف يعدل له البدلة ورباطة العنق الخاصة به. فقال له وليد مازحا وهو يحاول ان يدفعه عنه برفق: يا عم اوعى بقا, مانا طول عمري بربطها لوحدي وانت ولا بتعبر أهلي.
يوسف: يا سيدي الليلة تختلف. انت عرييييييس.
وليد: وايه يعني؟!
يوسف بضيق: بس ياد, انت ايه فهمك انت في الكلام دة؟ بس المهم انك تشرفنا بقا الليلة وانت شكلك قفل كدة.
فرفع وليد كتفيه قليلا بثقة: اخوك طول عمره راجل يابني, ودايما مشرفك.
فدفعه يوسف بلطف وهو يقول له بغيظ: طب ياللا خلص بسرعة. وانا هتصل بمريم واشوف هما خلصوا ولا لسة؟
وليد: والله مريم دي خسارة في جتتك.
فقال يوسف وهو يميل على السرير ليلتقط هاتفه: يابني يعني انت اللي تستاهل واحدة زي حياة؟
وليد: سيبك سيبك, احنا اصلا اتنين ملهمش زي, ويا بخت مدامتنا بينا.
يوسف: مدامتنا! انت بتجيب الكلام دة منين؟
وليد وهو ينظر في المرآة ليتأكد من هندامه: التليفزيون يا ابيه يدق كل الأبواب.
يوسف وهو يضغط على بعض ازرار هاتفه: الله يخربيت التليفزيون اللي مضيعكم.
فتبسم وليد وهو ينظر الى صورة أخيه في المرآة وقد وضع الهاتف على أذنه ويقول: وعليكم السلام, ايوة يا مريم........اه احنا خلاص خلصنا.........وانتو كمان قربتوا تخلصوا؟....... اوك ع العموم احنا كلها نص ساعة ونكون عندكم.......ماشي سلام.
وأنهى يوسف المكالمة ليقول لأخيه: ياللا يا عم بقا.
وليد متذمرا: يا بني انت مش بتقول انهم لسة ما خلصوش؟ يبقا ليه الاستعجال؟
فقال يوسف وهو يضرب كفا بكف: والله لسة غشيم زي مانا قلت من الاول. يا بني انت اللي المفروض تكون مستعجل, وكمان انت نسيت نصيحتي ليك؟ مش قولتلك الستات ما بيحبوش يستنوا؟ كدة هتخليها تاخد عنك فكرة وحشة من أول يوم. افهموها بقا.
فضحك وليد وهو يضع ذراعه على كتف أخيه: طب ياللا بينا يا عم الدون جوان.
وخرج الأخوان من الحجرة لا يعلمان ما تخبئه لهما تلك الليلة
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي احدى الغرف بمركز التجميل نجد أخصائية التجميل تضع اللمسات الأخيرة من الزينة للعروسة التي حرصت على أن تبدو في غاية البساطة بتعليمات من حياة نفسها فأعطاها ذلك وجها ملائكيا يخطف الأنظار, فقالت سلمى وهي ترفع يدها الى السماء حين انتهت الاخصائية من عملها: عقباااالنا يا رب.
فنهرتها هالة بضربة خفيفة على ظهرها: انتي يا بت انتي هتفضلي متسربعة كدة ع الجواز لحد امتى, اهي سربعتك دي هي اللي بتطفش منك العرسان.
سلمى بغيظ: طب بس انتي يا ام حميدة, طبعا مانتي خلاص ضامنة حبيب القلب ومكلبشاه بالدبلة, الرك والباقي بقا ع الغلابة اللي زينا.
هالة: انتي غلابة انتي؟ دة انتي يتفاتلك بلاد يا شيخة, الله يكون في عونه اللي هيتهف في عقله ويتقدملك. اكيد امه دعت عليه في يوم مطرة.
سلمى وهي تدعي الحزن: طب الله يسامحك. دة انا حتى جوهرة بس مش لاقية اللي يكتشفني.
فضحك الجميع , وبينما وهن على تلك الحالة جاءت نورا مسرعة وهي تصيح بصوتها الحاد: العريس جه, العريس جه, العريس جه.
الى أن اقتربت من سلمى وهي تردد جملتها, مما جعل سلمى تغتاظ كثيرا وهي تقول لها: يابنتي ارحمي أهلي بقا. هتجوز انا ازاي دلوقت وانا ودني ضاعت بسببك؟
ثم توجهت الى حياة التي قد خلى وجهها من الحياة وهي تتشبث بيد مريم وترفض أن تتركها: ياللا بقا يا جميل, العروسة للعريس وانا هجري مع المتاعيس دول.
شعرت مريم بيد حياة التي أصبحت كالثلج فانحنت اليها لتهمس في اذنيها لعلها تستطيع أن تزيل عنها ذلك الخوف والقلق: اهدي يا حياة, مفيش داعي للقلق دة كله, وليد مش ممكن يأذيكي.
في الحقيقة لم تعلم حياة ان كان كلام مريم قد طمأنها أم انها ازدادت قلقا؟ ولكن ما كانت على يقين منه أن قدميها لن يحملانها حتى تقف لاستقباله, وبدا ان مريم قد قرأت أفكارة ودون أن يفطن أحد لذلك قد استطاعت أن تساعدها على الوقوف وحياة تنظر اليها بامتنان. الى أن دخل وليد بصحبة يوسف, وما ان رآها بالفستان الأبيض والحجاب الذي من نفس اللون حتى توقف في مكانه يتأملها بتمهل من رأسها الذي يعلوه تاجا جعلها تبدو كالأميرة مرورا بباقة الورد البيضاء التي قد أعطتها لها مريم وقد بدا انها هي التي تضفي مزيدا من الجمال على الزهور وليس العكس وكانت تمسك الباقة بيد وتتشبث بمريم باليد الأخرى وكأنها درع الأمان بالنسبة لها ,وقد بدأ صراع يدور بداخله بين القلب والعقل لا يعلم الى من سيستسلم فيهما؟
وقد ايقظه صوت أخيه وهو يميل عليه قليلا ويقول له هامسا وهو يصر على أسنانه: ما تتحرك يا لوح, الله يخرب بيتك هتكسفنا.
فاقترب منها بخطى ثابتة, و في كل خطوة كان يخطوها نحوها تشعر هي بأنها تبعده عنها لأميال حتى لم يعد يفصلهما شيء وفي ترقب من الجميع, لم يرض وليد أن يخيب ظن الحاضرين: فأخذ وجهها بين كفيه ومال نحوها ليطبع قبلة رقيقة على جبينها ويقول لها بنبرة رقيقة كانت قد افتقدتها معه منذ مدة طويلة: مبروك.
شعرت بأنه قد تم تخديرها كليا فلم تستطع الرد سوى بهزة خفيفة من رأسها, وتعالت الزغاريد من صديقاتها مصاحبة بالتهاني والتصفيق, وعندما جاءت اللحظة ليضع يدها في ذراعه. حاولت مريم سحب يدها برفق الا ان حياة زادت من تمسكها بها,وقد لاحظ وليد ذلك فأراد معالجة الأمر بفكاهة: جرى ايه يا ست مريم؟ ما تسيب عروستي. وانت يا عم يوسف, ما تيجي تاخد مراتك وتحلوا عن سمايا بقا.
فاستجاب يوسف لفكاهته ورد عليه وهو يقترب من مريم ويحتضنها بذراعه: انت ياللا ما ليكش دعوة بمدامتي, انت بقا ليك مدامتك وانت حر معاها بقا, اما انا بقا فهاخد مراتي ونروح مشوار كدة ع السريع وهنبقا نحصلكم بعدين.
وأخيرا استطاعت مريم ان تخلص يدها ليأخذ وليد مكانها ويضع يد حياة في ذراعه, فسألت مريم بدهشة: هو احنا مش هنروح معاهم؟
يوسف وقد بدا انه قد نسى العهد الذي كان قد قطعه على نفسه بأن يتجاهل وجودها معه: لا يا قمر, احنا هنروح مشوار سريع كدة الأول, وبعدين يبقا نحصلهم هناك.
مريم: مشوار ايه في الوقت دة؟
يوسف بنظرة غامضة: هتعرفي بعدين.


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس