 الفصل الثانى
"2"
"صديقتى القديمة "
تترنح بمشيتها تحمل عدة أكياس بلاستيكية
تتعثر خطواتها بتلك العبائة الفضفاضة أو كما يسميها زوجها "منظفة الأرصفة " نظراً لإنسياب العبائة وعدم تناسق مقاس العبائة مع طولها
تجر معها مخلفات الطريق من أتربة وغبار
كانت تترنح بخطواتها تلعن الزواج وتلعن زوجها الفظ والحياة والناس أجمعين عندما توقفت تلك الحسناء أمامها تطالعها وكأنها تستجمع ذاكرتها
بعودها النحيل ...بشرتها الصافية ...
ملابسها المنسقة تبرز رشاقة خصرها
تتمايل فى مشيتها بخفة
وكأنها ابنة السادسة عشر نطقتها قائلة بفرحة "ميرو"
معقولة إنتِ ميرو؟؟؟
طالعتها مودة بتعجب واستفهام ولسان حالها
من تلك الجميلة التى تناديها باسمها
"تُرى من تلك الحسناء ؟ "
ابتسمت المرأة قائلة :
"مودة معقولة معرفتنيش ؟
إخص عليكى يا ميرو أنا سوسو
ببلاهة ونفس التعجب أجابتها مودة "سوسو مين ؟
قهقهت الصديقة : سوسو مين يا بت ؟ يخونك سندوتشات الانشون البيتى يا فطسة ؟
لتفرغ مودة فمها بذهول تطالع تلك الرشيقة تدور بأكياسها الثقيلة حول المرأة وكأنها تعاينها
القد الرشيق .......الخصر كالساعة الرملية الوجه الصافى الملابس المهندمة ........
قائلة بحسرة وغيرة مبطنة "معقول سعاد "
إيه الحلاوة دى كلها يا بت ؟
والله ما عرفتك إيه دا كله يا بت منين جتك الحلاوة دى كلها ؟
ولوت فمها دا أنتى عِشرة أربع سنين جامعة يا مقشفة
عادت الصديقة لتبتسم ساخرة : والله ولا أنا عرفتك دا أنتى بقيتى محمود مش مودة
راحت فين ميرو الرشيقة القمر مين اللى قدامى دى ؟
إيه جوزك نقع عليكى ولا إيه وبقيتى رخمة زيه ما هو على رأى المثل
"يا واخد القرد على ماله .... بكره يروح القرد وتقعد لنا إنت بداله "
ابتسمت مودة بحسرة وغصة تعتلى حلقها دون رد لتكمل سعاد :
"بس الواضح أنك أتغيرتى خالص
والدنيا مكركبة فوق دماغك
الحزن والهم باين على ملامحك "
انزوت مودة لجانب الطريق واضعة حملها الثقيل شاردة بما وصفتها به صديقتها قبل قليل فحقاً لقد كانت مثال تحتذى بها البنات خلق وجمال وعلم
انزوت صديقتها بمقابلتها قبل أن تلقى بهموم تعتلى صدرها وتؤرق حياتها ذهبت مودة لتغدو مكانها مودة النكدية كما يلقبها زوجها
أفاقت من شرودها على صوت صديقتها
مالك إنتِ زعلتى؟ أنا بهزر معاكى والله
هزت مودة رأسها بالنفى ولكن تلك العبرة المتحجرة بمقلتيها على وشك الهروب وقد يأتى خلفها بركان جارف من العبرات تفضح أمرها
تنحنحت وخرج صوتها ساخراً : يا بت أزعل إيه مبزعلش أنا من حاجة هههههههههه على رأى حسن جوزى على قلبى "فريون مبحسش "
ديب فريزر متنقل
طالعتها سعاد بشفقة فتلك العبرات المتحجرة لا تتلائم مع صوتها الضاحك الساخر من ذاتها فطالعتها بعيونها مباشرة "مودة أنا هاجى أزورك بكرا الصبح بعد ما البيه بتاعك يكون راح شغله " عنوانكم زى ما هو ولا نقلتوا ؟
ابتسمت لها :تنورى وتأنسى يا سوسو عنوانا زى ما هو
وعادت لتتناول حقائبها البلاستيكية قائلة :هستناكى هحضر صينية البسبوسة بالقشطة واعملى حسابك هنتغدى سوا بكرا
.................................................. ....
فى اليوم التالى كما وعدتها أتت سعاد لزيارة صديقتها
تبادلتا أطراف الحديث عن سنوات لم يلتقيا بها وعن أزواجهما وأبنائهما فسعاد قاطعت الإنجاب بإرادتها عقب إنجابها ابنها الوحيد
أما مودة فهلم جراً فها قد وضعت منذ أشهر قليلة ابنها الرابع
"عادى" كلمتها المعتادة كلما سُئلت عن أحوالها وزوجها
لتزم سعاد صديقتها ما هو واضح طبعا ما اشتغلتيش بشهادتك وركناها جنبك والبيت والعيال واخدين كل وقتك وطلبات سى السيد أهم أولوياتك مش كدا ؟
لتناقضها وكأنها تتهرب من واقع أنها الملامة لا غيرها على وضعها : "يعنى أهمل ولادى وبيتى ؟"
ويقولوا عليّ ست مهملة
دى الست بتبان نضافتها من ولادها وهدوم جوزها خصوصاً الأبيض لما يبقى بينور فى البلكونة كدا
رفعت سعاد شق شفتها بسخرية مردفة
" إنتى بتتكلمى من عقلك إيه دخل نضافة بيتك وولادك بأنك تهتمى بنفسى تشوفى نفسك
وتسعديها ؟ "
لوت مودة فمها بضيق "ومنين أجيب الوقت لدا كله دا بالعافيه بلاقى وقت أروح الكوافير كل شهرين تلاتة؟
لتضرب سعاد فوق صدرها "شهرين تلاتة " تصدقى ليه الحق يعاملك كدا طبعاً ما هو شايف واحد صاحبه قدامه مش مراته اللى حبها واتجوزها
قطبت مودة جبينها بضيق ولكن تلك السعاد لم تكتفى وأردفت "أبقى شوفى إما اتجوز عليكى
الرجالة كلهم واحد يا قلبى طارق لولا إنى شايفة نفسى كان عملها من زمان واتجوز
لم تقتنع بكلمات صديقتها عدوة الرجل الأولى
وإن كان بعضاً من كلماتها حقائق لا خيال
فقاطعت صديقتها " طب أجيب وقت لنفسى منين البيت والولاد وطلبات حسن اللى مبتخلصش
مش بلاقى نفسى غير وأنا بسمع المسلسل بس
ويا ريت العيال بيخلونى أتفرج عدل يا دوشتهم يا زن أبوهم
لتقاطعها سعاد
أهو فى وقت أهو بدل المسلسلات والكلام الفاضى
أشغلى نفسك بحاجة بتحبيها فعلا
اهتمى بنفسك أرجعى مارسى موهبتك نسيتى أنك بتكتبى شعر حلو
أخرجى برا دايرة البيت والولاد شوية لاقى نفسك دورى عليها محدش هيساعدك غير نفسك
العمر بيجرى ,
طارق مخلينى تاج على راسه مش جزمة فى رجله
دورى على نفسك يا مودة هتلاقيها أكيد
|