عرض مشاركة واحدة
قديم 03-11-17, 08:50 AM   #4

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الأول

مذكراتي الأخيرة .........


قد خرجت مصدومة من المقابلة.....؟؟ لا بل نظرة خاطفة فقط لمكتبه الباهر و الباذخ في تأثيثه الفاخر ... أشعرتني بالدونية تحت وطأة البريق اللامع من كل زاوية به .....لدرجة أن أحسست بصعقة الدهشة تجمدني مكاني ........
و عميت ذلك أنني لم أتمكن قط من رؤية ملامح وجهه…فرحت أشحن أفكاري و قدراتي التحليلية .... بأنه لابد أن يكون عديم اللباقة بالفطرة أو محدث نعمة بالطريقة التي صرفني بها ....
قد أعترف أنني فاشلة في تسيير قدراتي و مكاسبي علمية لكن هذا لا يعطيه الحق في أن يحكم علي بتلك الطريقة القاسية و كأنني صاحبة سوابق عدلية...... اللعنة فقط عليه من رجل صلب لا يقبل فيما سماه به كعيب و هو الفشل .....
و من رغم مكابرتي قد وجدت نفسي أُسائلها بمنطقية .. هل حقا فشلت في حصولي علي منحتي المستحقة؟؟؟ ........ حسنا يمكنني قول أنها دعوة ثلاثية الأبعاد من أمي ...ما يبهرني أنها وصلت حتى لمخططاتي السلمية في تطوير قدراتي و مكاسبي ..أي أنها تخطت بعد الأول مني في الشخصية الذاتية و الثاني في السمعة المبهرة ....و وصلت إلى بعدي الحقيقي و الذي لا تشوبه شائبة بعد .....
هي فعليا دون أدنى رأفة بي دعت علي في كل عمل أقوم به يتجاوز سلطتها الفاشلة في إحكام طوق الطاعة حول رقبتي ....أن يكون مصيره قبل بدايته تحدد بكثير على طرف لسانها ..إنه الفشل كما وصفني إياه هذا الصاوي القابع خلف برجه العاجي ...... ماذا أقول فيك يا نبع الحنان ......قد لن يمنحنا القدر في كونك والدتي أن نجد سبيل التفاهم .....لكنه حتما سيريك فيني ما تزدرينه بتبجح .......
-فقط لو أعرف ماذا يدور في ذلك الرأس الفارغ ...؟؟؟.......
أفزعتني ليديا قطعة الثلج المتنقلة بين البشر كما أحب تسميتها ..... أستاذة ليديا والدة أحد تلاميذي....أنيقة المظهر و الملبس ...سلسلة الطباع و عميلة جدا في معاملتها ....صريحة القول و الفعل ....
أجدها حولي كلما انتكست عزيمتي في محاربة طواحين هواء لذاتي ...بيتها كقلبها من ناحيتي.. مفتوح كلما خالجتني رغبة في اعتزال عالمي أو بالأحرى صراعاتي ..
بعملي في تقديم دروس إضافية خصوصية طبعا في غرفة نومي في أيام العطل الأسبوعية.....كسبت الكثير من المعارف المرغوبين و الغير المرغوبين فيهم مني ....
ليديا قد أحار في تصنيفها بين الفئتين إنها تقع دائما في منتصف الأشياء ...هي لا تعلن عن نفسها ..مثل الكل من حولها . فخلف قناع الثبات و المرونة في التعامل ...تقع جراحا و ربما خيبات و طعنات تستهويني و تعلقني بها في علاقة ثنائية مجهولة الصفة و الميزة ...لا تحكمها قيود السن و العرف ...لربما ما أنتظره منها في أن تطمئن لي لا يعد سوى غطاء لرغبتي أنا في اللجوء إليها ....
فلسفة غريبة اكتسبتها و تعمق بها فهمي و علاقتي الاجتماعية ........مم ماذا أقول إنه عملي الذي أعيش عليه و أتمكن بواسطته من حفظ كرامتي أمام أبي... فأنا أقسمت أن لا أطلب منه قرش منذ فترة طويلة...
مما دفعني لتعليم جميع المستويات التعليمية في مواد العلمية ....
لأجد نفسي أنني تجاوزت سقف طموح رفع الميزانية الاقتصادية العاطلة لأصل إلى نحو مبكر من العزلة الاجتماعية ...فقد أصبحت أتواجد بين الكتب في بيتي و بين الأعمال الشاقة خارجه ....و رغم صعوبة العمل في غرفتي الشخصية أقصد المشتركة بيني و بين أختي و ابنة عمي..... و أحمد الله سلفا أنهن تتحملنني في العطل الأسبوعية من صباح الباكر حتى منتصف الليل في تدريسي لمجموعة المتوحشين لا يستحقون بعد لقب المتمدرسين .........إلا أنه يعد الشيء الوحيد الذي لا أحاسب فيه عن تراكمات من الماضي ....إلا إن أخطأت في معادلة رياضية ما ......
من أمثلة الصبر العظيم الذي تمارسه أختي في تحمل تفاصيل حياتي الصاخبة ...مشكلة أشك أنني من صنعها أو بالأحرى جلبها لنفسي ...أيهم طفل أستاذة ليديا ليس بقليل عن غيره ...في الشغب المريب الذي انبثق منه بعد أن كان شبه المزهريات الملونة في هدوءه و جموده و جمالية أدبه .... ذلك العفريت مد يده آخر مرة على أغراض الشخصية لأختي و عبث بها مما اضطرني لمواجهة عنيفة معها كادت أن ترميني من نافذة الغرفة ...و والدته هذه لا تكف عن جعلي أمر بإحساس طالبة ابتدائية أمام سلطتها الفكرية و ذكاءها الحاذق في تسييري حسب رغبتها ..بت أشك من أنه إحدى عميلاتي أمي في استخداماتها الخارجية ...حينما لا أكون متواجدة تحت مراقبتها المقتنصة خارج البيت ....وجدت نفسي أتخيلها تزف الخبر السعيد لأمي عن فشل وراء آخر في شحذ منحة ترفعني و تكفيني ذل المهن الشاقة .....التفت نحوها أرد بصوت ملئه القهر و الغل ..
-لا شيء يذكر .... سوى أن مديرك الكريم قد طردني بلباقة تحت ما يسمى بالمبادئ العريقة لشركتم العظيمة .....
لم أغفل عن الخيبة المرتسمة على صفحات وجهها ..حينما أشارت بيدها نحو الباب الخشبي الثقيل الموصد كما حظي ....و هي تهتف بي ببرود ..
- اخرسي يا طويلة اللسان ... أنت لم تجيبي على أي سؤال في امتحان التقدم للمنحة التكوينية ....و تأتي في آخر المطاف لتنتقدي ببساطة ..خسارة تعبي في إقناع سيد عمر بقبولك .....
....قد قهرتني بلومها و تعنيفها اللبق المهذب في أسلوبه .... مررت لي خذلانها مني في بضع كلمات موجزة .......فرددت عليها الضربة ....
- نعم....... جاوبت على السؤال مهم و الأهم .....لم يسعني وقت ...لكنه لماذا قد استدعاني إن كان ينوي طردي هكذا....لكان وفر علي الوقت الضائع في استكشاف طلته البهية ...
لكنها كانت أوفر مني في إبداء قهرها بطرق ذكية ..أظنها نبعت من تجربة غباء سابق استبد بها آنذاك ..إلى أن تحولت لهذه المرأة الراقية بطبعها و الضبابية بتصرفاتها ...طاعنة في حكمة المبالغ فيها .....لم أعرف من نظرة عينيها إلى أي حد متدني وضعتني به بعد خيبة أملها في نجاحي .......
- أظنك لم تجادلي حتى في قراره.....
بادلتها النظرة ذاتها ....أتشاغل بترتيب كتبي المكدسة في يدي ....كي أجيبها ببساطة ..
- لما أضطر لفعل ذلك إن كان حتى لم يقل مرحبا بي . أنا حتى لم أرى ملامحه..... اللعنة عليه من مدير سمج أحمق .....يظن نفسه سابق لأوانه ..
هزت رأسها بنفاذ صبر و أمل منقطع ...بينما تدق أصابعها على سطح المكتب برتابة و هدوء ....كأنها تقرر في أمري شيء ....
- توقعت ذلك أنت لا فائدة ترجى منك.... ارجعي لجامعتك و اهتمي بدارستك....أظن أن لا شيء يصلح بك .....
لا يصلح بي شيء ...حسنا هي تبالغ نوعا ما في تقرير عن ما قدرة لي في فعله ....و أصلا ما فائدتها في ما قد أفعله ..لما أعلم لما تصر بعناد بغال على دفعي بطريقة تشعرني أحيانا أنني ما سوى شخص كسيح ....فقد كل تواصله الحركي و الروحي مع الحياة .. الأمر ببساطة حبذا لو تفهمها ...هي أنني لم تعد تبرهني ملكة الحياة حتى تكون لي اللهفة في عيشها .....توجهت نحو المخرج ....
- نعم يبدو أنه الحل الوحيد.... أنا فقط عديمة حظ كما تتبجح أمي بفخر .....
يوم ممل في أحداثه ....
لكأن الصدمة أصابت شهد عندما صاحت ليديا من خلفها جالسة في مكتبها .....بصوتها منخفض الرنة ......أخفى الكثير مما ودت أن تصارحه بها ......
- يابسة رأس .....أنت لا طريق لك
لم ترد شهد أن تسمع موشحات أكثر مما حفظت عن ظهر قلب في تفكيرها المتصلب و عدوانيتها السافرة أمام غيرها في فرض مجرد رغبة الرفض .....هي مجردة كذلك لأنها لا هوية لها سوى أنها من صلب الألم ...الألم الاختياري ...هي ترفض و ترفض مما قد يعطى لها أو يطلب الأخذ منها ...فقط لأنها ليست بالقدر الكافي على أهلية الأخذ و العطاء...و حتى التقدم .....فردت عليها تشير بإصبع مهدد ....
- اسمعي طفلك ذاك العفريت كاد يتسبب بطردي من غرفتي إن لن تربيه جيدا فلي كل الفخر في فعل ذلك
تصنعت ليديا الدهشة على وجهها بطريقة استفزت حاجب رقيق لشهد ارتفع لا إراديا ....حينما رفعت ذراعيها تلوح في الهواء بهما بطريقة درامية.....
- ماذا انظروا من يتحدث عن تربية......أنت آخر شخص يصلح للنقاش في موضوع التربية آنسة شهد الغالي .....إلى حد الآن لم تخف صدمتي منك ...... لم أنسى معاملتك لأمك بتلك الطريقة آخر مرة ...و أشك في أنني سأفعل .....
تيبست كل أطراف شهد و جمدت ملامحها بقسوة جليدية أمام نظرات ليديا الحذرة و المترقبة بحبور .... خاصة عندما كسا اللون عسلي الداكن بغضبه البارد عينيها اللامعتين بقوة و ضمت شفتيها تزمهما ...كما ارتفع حاجباها بطريقة جعلت ليديا تشك أصلا في أن روح قد تتواجد بداخل جسدها في حالتها تلك ..... هي مختلفة عن باقي البشر بداخلها روح نزقة عنيفة و نارية تشتعل في وجه أي شخص تتعامل معه .... لكن ما إن تسدل ستار الجمود حولها فإنك لا تملك سوى أن ترى ملامحها تتبدل نحو ما يشبه التوحش....... حقا إنه لمريب أحيانا تشعر ليديا بأن شهد شيء خطر قد يهدد سلامتها الفكرية؟؟و أحيانا تندم لأنها وضعت بيدها طفلها أيهم بين أيديها لكن ما إن ترى تقدم نتائجه الدراسية تهدأ شكوكها اتجاهها ربما هي هكذا شهد في طبيعتها المتفجرة كالحمم ... لكن ما الذي تخفيه هذه الفتاة الجامحة....حتى جعل منها شخص فريد من نوعه ...يذهب في كل حالة إلى أقصاه ...و الغريب أن في تطرفها تكمن قواها و يخلد أثرها باقي ....لربما لو كانت معتدلة الطباع ..ما أثرت في حياتها لتلك الدرجة .....فتمتمت متأسفة ...
-آسفة شهد على ضياع الفرصة أعرف أنها مهمة لك في رفع الغبن عنك من شقاء الأعمال المهينة التي تحصلين بها على راتبك و مصروفك ..... لكن ربما تجدي ما هو أفضل مستقبلا ...سيد عمر شخص نزيه و لم يكن ليظلمك في اختياره ...
انصرفت ببرود عنها دون توديعها و كأنها لم تساعدها في دخولها شركة تعد من أهم البنى التحتية الاقتصادية للبلد...لقد كانت فرصة غالية بالنسبة لها ..و لن تكرر في طرقها العابرة ...ذلك أنها تشك في قدرتها على صمود أكثر في انضباطها على تطوير نفسها .فالصوت العنيف الذي يهز جدران قلبها لا يكف عن كشف الصدع الكبير .... صدع قد يبقيها في الزاوية ...فلا شيء سيغير ما مر و فات .....احترام و تقدير الذات بالنسبة لشهد لا يتواجد بين الشهادات العالية .......هو فقط في فرصة خيالية لمسح الماضي ....
فكرت ليديا بأن شهد شخص لا يجد حرجا في إظهار امتنانه حتى لو عبرت عن ذلك بطريقتها الصامتة في بريق عينيها و مسحة الاطمئنان النفسي ..... لكن أحيانا تكون جاحدة اتجاه أشخاص قد يملكون مكانة خاصة بداخلها ..تحاول أن تبقى في الظل بعيدا عن حولها ...فقط لمراقبة حياتهم و الراحة لهم ...... التفت ليديا لعملها دون أن تتعب نفسها بلحاق شهد فهي عندما تغضب تستحيل لكائن بشري غير معروف سمات ......ربما غدا تهاتفها لتطمئن .......
مذكرات شهد الأخيرة ......
"........يا لا حظي العاثر ...من بين كل الطلبة المتقدمين لم يجد الصاوي غيري ..ليفرغ به رغبته السادية في إظهار سلطاته المكتبية بي على الشباب المغمور إلا أنا ؟؟.... ..... أنا أين سأكون نفسي إن خسرت حقا فرصة مثل هذه .....هل سأجدها في المطاعم البسيطة بين أطنان من الأطباق المتسخة ...أم في معامل الخياطة البدائية بساعات الدوام المرهقة ......لو فقط أجبت على أسئلة الباقية ..لكنت وفر على كرامتي الكثير ... و ما جعلته يطلع على شهاداتي السابقة حتى يجد لي العذر التافه الذي تبجح به .......من يظن نفسه صاحب المبادئ ذاك حينما ترفع حتى عن النظر لي (نحن لا نرغب بتكوين شخص بمثل هذه الشهادات بدون أن يعرف كيف يستخدمها)....... فقط لو أهملني ما يكفيني لأرد له بما لا يعجبه عن ماهية الشهادات الخالية إلا من كتابتها المبجلة و المنمقة في تمجيد صاحبها و إكسابه مهارات قد لا يعرفها من أساسها ......و رغم أن أغلبهم لا يستحقونها ...
البعض منا يتخطى حياته كما لو أنها أرسلت له عبر البريد القدر في هدية مغلفة بما لا يضيره و لا يشقيه ..أما الآخر فكمن ينحت حياته على الصخر القاسي بأصابعه ...جاهدا على تثبيت نفسه على الأقل كإنسي عبرها ...لتسلبه التصاريف ما قضاه جاهدا فيها ... و أنا أظن أن عالم قد سلبني جميع فرصي في نفض الغبن عني .....
كذلك هو يوم ممل و أؤكد ..
رن هاتف شهد بنغمة موسيقية حالمة.... فاستلت الهاتف من حقيبتها السوداء بصعوبة مع حملها لكتب الجامعة ....و ما إن رأت الرقم حتى زفرت غاضبة ....... رقم إحدى نساء أو بالأحرى المعارف الغير المرغوب فيهم كما سمت .....طلبت منها أن تدرس ولديها لكن المشكلة تكمن في أن العدد قد اكتمل عندها و لا يمكنها أن تسمح بالزيادة ...مسؤوليتها الخلقية في التدريس تحتم عليها أن تضع حدود ..... فلا يمكن أن تتحكم بأن من ثلاثين طالب أثناء 14 ساعة من أيام العطل..... لكن تلك السيدة لا يمكن أن تمل قطعا من اتصالاتها اللحوحة .....فتحت الخط وهي تبرطم بين أنفاسها .......
- آلو من معي
فوصلها الصوت الأنثوي الناعم بنبرته و هادئ بكلماته ....كأنها تملك كل الوقت الكافي لتقنعها .....في الحقيقة هي تقلق راحة شهد بالنظر إلى تعاملها السلس و رزانتها العميقة في تقبل تنمرات عليها .....بها من الاستقرار النفسي و الروحي ما يبعث على النفور لها ....
-شهد أرجوك ابنتي استمعي لي أنا أحتاج فعلا لخدماتك سأدفع لك راتب كامل إن أردتي ..... فقط اقبلي بولدي .....لا تكوني متمنعة هكذا .....
- قلت لك لا العدد اكتمل لدي..... أنت فجرت رأسي بهما ....
- أرجوك شهد
- لا ....
- أريد مقابلتك يا شهد أين أنت سآتي لك......
- في الجحيم ابتعدي عني ......
أغلقت الهاتف بعنف و رمته بداخل الحقيبة و هي تشتم بخفوت من تلك المرأة اللحوح التي لم تمل من فرض قراراها عليها ... ...هي تحفر حتما في البحر بحثا عن الكنز .....فأخذت تدمدم بين أنفاسها (...يوميا بحق الله لا أراها إلا وهي ورائي أمامي ..... لما لا تتركني و شأني أنا في حالة أقدر فيها على قتل إنسان ......)
****
سارت نحو البهو الواسع بخطوات غاضبة تفرغ فيها شحنات الخيبة و المرارة التي ما تعرفت إلا على قدرها ....لا أكثر أذى من هذا السؤال ...فما أبرع القدر في تكريسها للعبودية النفسية ..حينما تبقى صايخة بين حقيقتها و الرغبة في تمزيقها ......فلا يبقى منها سوى الاسم دون الذاكرة ..... وصلت لدرج فاصل بين المدخل و رصيف الباحة الواسعة تسقط على وجهها مباشرة بعد أن تعثرت رجليها بإحدى درجات الواسعة....... فشتمت بقوة و احتقن وجهها غيظا ... لتتجمع دموع القهر بمقلتيها....لم ترد أن تجلب الانتباه أكثر لها من ذي قبل ...فأحنت رأسها بين ركبتيها جالسة ...تسترجع الأنفاس و الأعصاب .......فقطع الصوت الأنثوي الناعم ....صمتها المهين ...
آنسة هل أنت بخير...؟؟..تحتاجين مساعدة ؟؟....
نعم تماما شكرا لك ..فقط أصبت بدوار خفيف .....-
و ما إن رفعت شهد رأسها حتى اصطدم نظرها بنفس الهيئة المتأنقة بتكلف و الوجه الأنثوي لأمال ....رجفة عميقة عبرت أوصالها وهي تتأمل الابتسامة المجاملة التي رمتها أمال نحوها بحذر و ترقب ....إنه الامتنان العميق الذي يبرق من تفاصيلها .و كأن العناية الإلهية قد ألمت بها و سقطت عليها من السماء .....لربما كانت تحارب طواحين الهواء وهي تتبع شهد من مكان لآخر دون أن تلقى الفرصة المناسبة .....فكرت بأنها تشبه كثيرا هاشم الغالي في عناده و صلابة تفكيره ....بينما استقرت يد شهد على كتفها في حركة دفاعية من نظرات أمال وهي تتمتم بصوت داخلي حانق .." .. بحق الله من أين وقعت علي هذه المصيبة أي دعوة علي سلطتها يا أمي..... هذه المرأة ستصيبني بالجنون حتما ......."...
نفضت ثيابها المتسخة وهي تنهض تلملم حاجياتها من حولها ....تبعرث كل كتبها على الأرضية المتسخة ...كما فكرت بأن كرامتها قد تبعرث كذلك ..فلا يمكنها أن تغفل عن المرح الخفي للمرأة الواقفة خلفها ..وهي تراها عارية من كل دفاعاتها النارية ......و قناع الغطرسة التي ترتديه عادة أمام أي غريب .....كأنها مشهد تأملي لغروب العواطف ....استدارت نحوها متصلبة الملامح .....
-سيدة أمال ما الذي تفعلينه هنا ؟؟على ما أعرف أنت لا تعملين هنا بخلاف انشغالك بإصلاح ولديك و الجري ورائهم ...؟؟
صاحت أمال مدافعة عن نفسها فهذه شهد لم تتوقف عن إهانتها قصدا و عمدا كل مرة..... إنها لمجرد أم تخاف على مستقبل أبنائها ...فلما تلقى هذا الجفاء منها كل مرة تتواجد معها تشعرها بأنها مجرد مراهقة تجري وراء شاب أحلامها ....

- أنا هنا في زيارة أخي إنه صاحب و مدير الشركة ..عمر خطاب الصاوي .....
- ماذا قلتي أخوك أنت..؟؟
- نعم لما لا أتظنني بدون أهل .....أجل أخي عمر ...
فكرت شهد مليا و شردت بعيدا عن أمال في عالمها ....بأنها تملك فرص ربما تحصل عليها بالخديعة ...هي ليست شخص يملك من النزاهة ما يكفيه حتى يعيش مرتاح البال ....و لا ضير أن تستغل اللهفة الموجعة لأمال في إحكام طوقها عليها ... امرأة مثلها رصينة و ناضجة نضج قد يتقبل نزعتها المهووسة في حصولها على ما تريد ...لتغطي على ما أخذ منها من كرامة و شرف و تقدير ... ..فاستحال لون عينيها عسلي داكن و ضاقت حدقتهما في وجه الواقفة بارتباك أمامها ....
-أنا سأدرس أبنائك بشرط واحد ..لا جدال فيه يا سيدة المجتمع الراقي ...
.ردت أمال ملتاعة و كأنها وجدت طوق نجاة بعد أن كانت تغرق في بحار الحيرة و الاضطراب.....
- تحت أمرك أنا .....
- شيء بسيط لا يكلفك الكثير أنا فكرت كثيرا في عرضك و رغم اعتراضي على تخطي اللاءات في منهجية التدريس .... لكني سأختارك فنحن في نهاية المطاف لا نملك سوى الاختيار الخاطئ



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس