عرض مشاركة واحدة
قديم 03-11-17, 08:52 AM   #5

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



مذكرات شهد الغالي

لم أملك أي خيار آخر أمام الفرصة المغرية في تشابك رغباتنا أنا و أمال ... و لا حلول سحرية قد أحصل عليها إن ترفعت عن استغلالها كما كان يصرخ ضميري ....الضمير شعور مكلف و لا أحد قد يملك فكرة عن كمية ما خسرت و انتظرت وفاءا لمبدئك به .....و هل الذي فعلته أهل للثمن ... كان مربكا جدا لي حيرتي بين أمران أحلاهما مر ....لكنه في النهاية كانت شطارة مني أنني انحزت لما قد يخلصني من سلطة الضمير .....على أيامنا هذه كلما ازدادت ألاعيب الشخص ازدادت ثقة الناس به ... الصدق الخالص يولد شكوك التذاكي ...ذلك أنني أشك أصلا في سبب ملاحقة أمال لي ...فذريعة التدريس لأبنائها ما تمكنت من نباهتي ....و أظنها شخص يخفي الكثير مما يبدي .....إن كنت صادقة مع أمال لن ينفعنا الصدق لكلينا معا ....

حقيقة عملي الذي أصبح يرهقني بقوة مع المشاكل التي تفتعلها لي أمي في رقابتها الخانقة ...هي تحجزني في معتقل السلطة الأمومية دون محاكمة .....قد أكون متهمة بشيء أشنع مما فعلته سابقا إن تأخرت عن الوصول للبيت في موعده المحدد .....
لكل شخص مخزون صبر و أنا من الأساس ولدت بعيب خلقي في مخزون الصبر و التجمل ..... لم يعد لي حمل على صراخها علي يوميا بينما تشيعني نظرات والدي و إخوتي المشفقة ....حتى أنني أصبت بفوبيا الشفقة ....و أصبحت عنيفة حد الألم لي ...من جهة علاقتي بهم ...أفضلها سطحية باردة على أن أكون محور و محرك تعاطفهم الأسري ....أحيانا أعامل من طرفهم بحذر مهيب يستفز كل أعصابي على آخرها فبت أشعر بمراقبتهم الخفية لي ....كنظرات تخترق ظهري لتصل إلى قلبي كأنها طعنات غادرة ....حتى اهتمامهم بأدق تفاصيل حياتي أقصد فشلي ...... يحسسني بأنني قد فقدت الأهلية و القدرة الذاتية و المسؤولية....... مهما بلغت أخطائي السابقة حجما لا يعقل في فظاعتها و تهورها .... لا زلت شخصا كغيره يستحق من الفرص ما يكفيه كرامته ....من غير المعقول أن أقيد بمعاملة مشاعر والدي .....معاملة ناعمة كزجاج في هشاشته ...فالحرص الزائد عن حده ...في تجنب ما يثير مشاعرهم الحمائية ....يستنفد مني قدرة كبيرة ..أتعب في بذلها لسبيل أن أبتعد عما قد يحرر الوحش الغاضب بداخلي ....لكن للصراحة التامة أنا لا أنجح سوى أن أكون إلا الابنة العاقة لهما .... لا تجيد سوى الصراخ فيهما رفضا و عنادهم بتخطي أوامرهم و ضربها عرض الحائط .... فقدت ما يلزم لتحمل المعاملة الحذرة ..تكفيني الخلفية الاجتماعية الصعبة ..التي أحملها بين كتفاي ........
هنا لا يبدو أنه يوم ممل .
انتبهت أمال أنها كانت قضت فعليا نصف ساعة تثرثر في هواء .. بينما شحبت شهد بتصلب فيها ... دون أن تبدي أية اهتمام بكلامها .....فقطبت حائرة ترفع كفها نحو ذارع شهد وهي تهزها برفق ....
-شهد أنا أكلمك منذ دقائق... هل تراجعت عن قرارك...؟؟....
فأفاقت الواقفة أمامها من شرودها الطويل .... و عادت ملامحها لراحة بعد أن تشنجت كليا في أفكارها الخاصة كعادتها...الغوص في دواخلنا قد تكون خطوة لا رجعة فيها نحو متاهة متشعبة ...فالبقاء على سطح الأمور تفكير ذكي يجنبنا أحيانا ما نخشى ألمه ... كما التعمق هو وجه الثاني لعملة للألم ......إذا يكون الألم اختياري لا حتمي كما يدعي البعض ...
ابتسمت ساخرة من الرهاب العميق الذي يتلاعب بآمال كقشة في وجه الإعصار ...متسائلة عن القدر التجني الذي تمارسه عليها ....وهي تستغل الحاجة العميقة التي تدفع بها إلى تحمل نزقها .... ربما تستمع بالقدر الكبير لاهتمام الخالي من الشفقة أو عطف الذي توجهه أمال نحوها ....تمنحها رفاهية البساطة في تعاملها ...لا تشير أبدا إلى ذلك العالم السفلي المعتم بداخلها ....لا سمعة الطيبة و الشرف النبيل أو الاسم العريق الذي يحكم بينهما ...فقط رغبات مجردة ..قد لن تؤذيها إذا ما تعاملت معها ..فأمال تمتاز بالرقي ما قد يمنعها من نبش ماضيها و ارتياد قبعة القصاص الاجتماعي ..فتمتمت بسعادة كاذبة ..مداعبة ...
-لا ليس بعد هيا أسرعي لنجلس على إحدى مقاعد قبل أن أغير رأيي بالعرض......
........فردت أمال بسأم منها ....
- بربك يا شهد هل تمنين علي بمجرد وظيفة تنالين أجرها مسبقا ..... أنت انتهازية و صاحبة مصالح ......
التفت شهد لها بحدة و رفعت حاجباها بسخرية مريرة و ملامح باردة
-ماذا تفضلتي حضرتك...حقا أنت واعية لما تجعلينني عليه .... ما كان يرشيني بمال الدنيا لأطرد بعض من تلاميذي حتى يخلو الجو الدراسي لحضرة أبنائك ...حقا يليق بك يا سيدتي ....
فتوترت السيدة الأربعينية من لاذعة لسان شهد و قررت الاحتفاظ برأيها في هذه الآفة التي وجدتها في طريقها ....الصمت و إن كان أشد في عنفه ....إلا أنه يضل سليم العواقب أكثر من الكلام ......فتصنعت بملامحها الحزن و قالت بنبرة بكاء مفتعلة .....و خبث في محاولة لسعها و مجاراة طول لسانها .....إن كان عليها أن تباريها بذكاء فليكن لا أخطر من امرأة ذكية كشهد ...
- لا تليق بك إلا القسوة ....كفى عني تجنيا منك شهد ...لا تلفي هنا و هناك ..ضعي الاتفاق و اتركينا من اللوم ....
ضمت شفتيها بقوة و أشهرت أصبعها في وجه أمال مهددة و منذرة بفقدان أعصابها في أي لحظة .........
- ألف ...؟؟ هل أنت متأكدة من مطابقة الكلمة لفحوى الحديث...من يلف الدنيا على طولها ....أنا أم أنت يا أمال ...ثم هل أنت هنا لتقيمي مدى قسوة مشاعري اتجاهك ...
أمسكت أمال بإصبع شهد و حضنته بيدها مترجية لها و حانقة من قلة تهذيبها.....
- لا أحد قيمك يا شهد ....لا تقلقي كنت أورع من أن توصفي بالقسوة ....
أطلقة شهد امتعاض من أمال المتملقة و أردفت حازمة..... ذلك أنها ستحصل على تلك المنحة مهما كلفها الأمر حتى لو صارت في نظرها تشبه مروان ... عن غيرها هي لا تملك بجعبتها ما يجنبها شقاء المهن الصعبة ...... و طريقها الوحيد لعبور نحو ضفة الأخرى.... منحة عمر الصاوي .... فالخطوة الأولى نحو النسيان أن تشغل نفسها بطريق لا نقطة وصول فيه ....أبدا لن تبقى خلف الركب تنتظره بيأس و أسى....لن تسمح له أن يتفوق عليها حتى في القطيعة ...الانتظار و الاستكانة غباء نسوي متفشي ....بين القابعات في سجن ذكريات الحب ..برجل لم يستحق يوما رجولته الناقصة .....لن تسمح له أن يصيبها بالعدوى .....
.....فالماضي في علاقتها به ليس بالضرورة يجب أن يكون خيبة تحملها على عاتق حاضرها ...
– مم حسنا أقنعيني بنواياك الحسنة و رقة قلبك اسمعي عرضي لكي سار إذا و فقط إذا........ أتيت لي بورقة اعتماد لمنحة التكوينية في هذه الشركة...... أخوك الجلف طردني اليوم بكل بساطة دون أي اعتبار.... لم يمنحني حتى مجرد فرصة ثم ما ينقصه مني حتى ينصب نفسه علي المعلم تصدقين يتشدق علي بمبادئ سخيفة ما دخله فيم استعملت شهاداتي الثانوية ثم ما كان اسمه
.................................................. .................................................. ...........................
ليست المفاجأة وحدها من اعترت ملامح أمال بكل كان مزيج غريب من مشاعر مختلطة ... في صدمتها متأخرة أكثر من اللازم حينما وعت على وجود شهد الغريب بشركة الصاوي دون غيرها من الشركات ...فنظرت لها بطريقة استشفت منها الأخيرة مليون شيء ..الدهشة ..ارتياح ..غموض ..سخط ..خوف ...ألم ...
أمور أشعرت شهد بخوف غريب يزحف فوق جلدها كما لو أن المياه الباردة تعبرها كسكين حاد في لسعتها و صقيعها ...فالأفكار التي خطرت على بالها جعلت شيء يخبط بداخلها ....بينما تهدل فم أمال بطريقة كما لو أن الدماء انبثقت في نهايات أعصابها مشحونة بالترقب ....و هي تنتظر منها أن تكمل كلامها المبهم في تفاصيله و المخيف في طبعه ....و فكرت أن هاشم الغالي لن يكون سعيد بما تفعله ابنته من غير علمه ...
..لكن سرعان ما استعادت زمام تحكمها ....
-إذن تريدين منحة التدريبية ...عمر شخص متشدد فيما يخص العمل بالشركة ..هولا يمنح الفرصة إلا لأصحاب الكفاءات العالية .....رجل أعمال صعب لا يقبل إلا بالمستوى العالي ...لن يسعد باتفاقنا هذا ..
قطعت شهد كلامها وهي تلوح بنزق و نفاذ صبر ...
- لا تهمني سيرته الذاتية و مزاياه كرجل أعمال ... ما أريد حصوله هي تلك المنحة ....أنت لن تشرحي له شيء ....فقط اطلبي منه ورقة اعتماد المنحة ...و خلصينا مما نحن نتجادل منذ ساعة من أجله ...
فكرت أمال بعرض شهد هنيهة من الزمن أمام صمتها ....هي تبدو أنها قطعا لا تملك أية خلفية أو هدف ما ....ربما لا زالت صغيرة على أن تقحم نفسها في صراعات عائلية ....و كانت جد سطحية في طلبها للمنحة ..شهد رغم تلك الشرارات العميقة التي تبعث من نظرة عيونها ..إلا أنها تملك سمة من البراءة الروحية ..في شخص لم يتشوه بالكامل و لازلت به أماكن مغلقة ..خلف باب الانتظار ...فقط تحتاج لمن سيحرر ذلك الجانب النقي منها ... .... ثم قالت باقتضاب.....
- حسنا لن أشرح له شي عن هذه الصفقة لكن لي رجاء عنك...
أمالت رأسها جانبا تمط شفتيها لأمام و كتفت يداها لصدرها....تصدر صوت ساخر ...
- دعيني أزيدك فوق هذا سكرة ...تشكرا على جهودك العظيمة ....في منحي الشرف الأعظم لشركتكم العتيدة ....كفى بالله عليكي مجرد منحة لم تزيد عن شهرين .....
قلة الاحترام التي تتعامل بها شهد لا تنم سوى عن انعدام تربية بالنسبة لغيرها ...كما سمعت كثيرا من أمهات طلباها ..تشكيا و رفضا لطريقتها في التعامل ......بينما تراها أمال كطريقة مشابهة لما يفتعله ولدها البكر في إثبات نفسه و كسر حاجز الخوف الذي يملأ قلبه ....هي تكسر قيود و تتخطاها قبل أن تكسرها ....تفعل المضاد المتوقع من فتاة شابة تنتمي لعائلة الغالي ...بل هي تزدري انتماء كهذا فهو يعزز بها مشاعر الكراهية نحو ذاتها..و يزرع الخوف الكبير أمام الفقد ...و الفقد هنا لا يكون سوى روحي ....فقدٌ لما تملكه في سبيل أن تكون الصورة الحسنة و الواجهة المنمقة لعائلتهم ..بينما ترى نفسها أنها لا تملك شيء...و لو حاولت أن تعطي أكثر مما لا تملك .....قد يزيد كرهها فوق الحد المنطقي ...هي بالنهاية شخص يسعى للحفاظ على ما تبقى منه ...
و الحقيقة سمعتها في تدريسها المتقن و قدرتها على رفع مستويات الطالب المتدنية في فترة وجيزة.....سمة تبرع بها و تضل المتنفس الوحيد حيث تواجه نفسها فيه . أو بالأحرى الشيء اليتيم الذي يمثلها .. هي من جعل أمال تترجاها كما لو أنها تملك على أصابعها المفتاح السري ....متحملة منها قسوة المعاملة و انعدام لباقة ..... ملاحقة إياها بالاتصالات ليل نهار من أجل قبول ولديها عندها...... لكن أحيانا يكون من الصعب مسايرتها ....خصوصا عندما تفقد السيطرة على نفسها ...و تفتقد لأي ذرة تحضر و أدب......فهزت رأسها بأدب ...تفتش بحقيبتها عن ضمادة نظيفة .....
-حسنا توقفي فقط عن النظر لي بتلك الطريقة المخيفة.....سينتهي الجدل هنا ....ضعي هذه على شفتك لقد جرحت .....
... فتناولت شهد منديل أمال منها ...لتجفف دماء شفتيها بقوة ....و هي تخاطب أمال الجالسة ....
- قد أصبح منظري مشرد ....أنت لا تجلبين لي سوى المتاعب.....
ابتسمت أمال بحنان ....تشير نحو المدخل الزجاجي للشركة .....
-لا ليس سيئة المنظر لتلك الدرجة ...بك من الأناقة الفطرية ما يميزك حتى في أسوء حالتك ...بالنسبة للمنحة اصبري إلى أن أجد لك منحة ...عمر صلب قليلا فيما يخص عمله ...
- صلابته ..خشونة رأسه ...عناده ليست محطة اهتمامي .....أنت لديك مهلة ثلاث أيام .....إذ لم تأتي لي بالوثيقة اتفاقنا ملغى .... لكن لا أنصحك بالفشل .... فعلى ما أظن أبنائك يعانون الويل في مدرستهم بسبب عدم قدرتهم على الاندماج وسط عامة الشعب...... عامة هكذا هم مترفين عديمي الشخصية و ضائعين في إختيارتهم أظن أن المال الوفير يسلب الإنسان إرادته الكاملة .....
جلست آمال على كرسي جانبي و أمسكت بقلبها دلالة على حزنها من إهانة شهد لها ....و هي تهمس بنبرة ألم ....
-ما تتفوهين به إهانة في حقي ...... أنت لا تطاقين بالمرة....فقط أريد معرفة ما الذي يجبرني على استحمالك....
فردت شهد ببساطة ....
- إعتبريها ما شئت و الآن سلام لدي محاضرات علي أن احضرها ...قبل أن أرسب أنا الثانية .....
غادرتها مرتبكة و مضطربة....كلما حاولت جرح غيرها ..لم تجد الألم إلا يعود عليها ........ لطالما رجع تأثير كلماتها المسمومة على روحها و كيانها...و همست بخفوت ..(.. فقط أنا لم أعد أريد أذية نفسي..)......
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .............................................

طرقت أمال الباب بخفوت و دلفت لغرفة المكتب الواسعة. ....فأخذت عيناها تجول حول المساحة المبهرة في تأثيثها الأنيق بتفاصيلها.... دون تكلف في إبداء مظاهر الثراء الفارغة ..... مكتبة كبيرة الحجم برفوفها المرتفعة و المكتظة كتبا التي غطت أحد جدران الغرفة .. أجهزة الحديثة تراصت بترتيب حوله .... إلى أن استقرت نظراتها على الجالس وراء المكتب....يبدو منهمكا في دراسة إحدى ملفات الضخمة و تقطيبه تعلو وجهه دلت على تفكيره العميق بمشكلة معينة ....
هكذا هو عمر كما تعهده ... عميق التفكير في كل ما هو حوله....سرعة إدراكه و بديهته ... هي ما جعله يصل للقمة في غضون عشر سنوات.... رغم انشغاله الطويل في سفراته و أعماله الكثيرة بالخارج.... بالإضافة إلى مسؤولياته العائلية باعتباره رجل العائلة الوحيد من بعد وفاته والدهم الحنون.... و عجز والدتهم عن مداراة حزنها... فتقوقعت حول نفسها كليا في سنوات أخيرة تنعي ذكرى زوجها الراحل و تمجد خصاله دون أن تعير أبنائها الستة ( الخمس بنات و عمر )..... أية اهتمام و كأنها فقدت اللذة في العيش بجانب أبنائها.....
فرحتها الوحيدة تمثلت في خطوبة عمر الغامضة بقرار منها ...لم يجد فيه الأخير أي مجال للمناقشة ...و كان لا بد أن يقبل على مضض باختيارها لأميرة الساري رغم ما جاء ورائها من مشاكل.... سببتها أميرة بطفوليتها الزائدة و حسها العالي لجذب الفوضى أينما حلت...في رغبتها العميقة للحصول على الاهتمام الرجولي المعدوم لديها ...و العاطفة الأبوية المفقودة التي حرمت منها طوال طفولتها حتى أن كبرت محرومة حد الألم ..لتجد في عمر ما ينقصها من أمان عاطفي و روحي ..تفهم و حنية ..عطاء رجولي لا حصر له.... في كرمه و إغداقه عليها تكمن أوجاعها ...فلا رأت معاملة ناعمة حد الخدر من رجل ..لا تستهويه الفتن و شهوات النفس ...و لا يَبَشِعُ الثراء الفاحش داخله ...هو مختلف عن والدها ..رجل صالح شهم أصيل ذو أنفة و عزة نفس ...صريح و غير مرواغ ..لا تكون متعته في إيلام امرأته ..و الأهم ما يغريها به أنه وفيٌ لا خائن ..حتى لنفسه ......
إنه يغطي جميع أوجاعها الداخلية ...يشفيها من حقدها اتجاه كل ما هو ذكوري .......و كذلك يحطم جدران الوحدة التي تملئها ......و لدهشتها المجفلة تتصرف عكس ما تتمنى أن تكون ... فهي تخاف أن تعيش حلم لن يكون إلا في مخيلتها ....تخاف حقا أن تكون سليلة والدتها ....
تفككٌ أسري رهيب كالذي عاشته قد جعل منها امرأة منقوصة من كل شيء ..حتى في احترامها لذاتها و تقدريها للعلاقة الزوجية ....بها من الشك اللعين ما يفقد عمر هدوءه و صوابه ....لكنه رغم كل ما يحدث لا يجد نفسه سوى أن يشعر بالشفقة نحوها ...فهو رجل يقدر تماما معنى أن يرمي والد ابنته فور عقد زواجها أمام الحضور المهنئين ...يتأبط في ذراعه عارضة شقراء ملونة ..دون اعتبار لسنه الكبير و هيبة رمادية شعره .....وهو يتخلص بآخر ما قد يربطه بالبلد و العائلة ...ليلحق بزوجته الإيطالية التي تماثل أميرة سنا ........
لكن وقوف عمر في عتمة صمته إزاء حال أميرة الاجتماعية ....و تخبطها بين السفر خارجا و اللحاق بأب لا تضمن أبوته لها أمام سحر تلك العارضة الشقراء .... ..و إما البقاء في البلاد فريسة طريدة للمجتمع القاسي بحكمه الجائر على كل من يحمل في جيبه محفظة نقود ممتلئة ....في التقاط الشاردة و الواردة من حياته لتكون لقمة سائغة تكفيهم جوع النميمة لأعوام ....هي تعتبره صمتا تضليليا منه لا أمان فيه ...يضعها في حالة استنفار و حساسية قاسية .......و يقرع بداخلها أجراس الإنذار الحتمية ...فربما غدا كذلك هو في يوم ما ... رجلٌ نذلٌ و استبدلها بأخرى أكثر شبابا و ذكاءا ....بالأخير تكون أسيرة ماضي أسرتهم ...و بالتأكيد نصائح والدتها لن تثمر إلا شوكا بها .......
قطعت صمتها الطويل حينما لاحظت غفلته عن الانتباه لها ....

– عمر كيف حالك.....؟؟...
رفع رأسه أخيرا ليجدها تقف بجانب مكتبه و على محياها أعذب ابتسامة غريبة ...فهمس بصوت داخلي (.... غريب أنها تاسعة صباحا كيف لها أن تأتي في هذا الوقت المبكر... عادة تعود لنوم فور ذهاب أحمد و رائد للمدرسة طبعا إن رضي الشقيان بالذهاب و مزاولة الدوام ......)
عمر يرى أن المرحلة الحرجة التي يمر بها كل من رائد و أحمد تعد طبيعية للغاية مقارنة بمراهقتهما الصعبة .... بتقبل وفاة والدهم منذ سنتين في ظروف غامضة لسقوط طائرة عسكرية ... فلا أحد منهما توقع أن يأتي يوما ليتحول الفخر بوالدهم كضابط شرطة إلى حزن و رثاء له ....و حتى غضب دفين من أقدار لم تختره إلا هو عن غيره ..بينما نجى بقية الضباط من الهبوط الاضطراري لتلك الطائرة ..... ما يشكل عندهما رفضا لحقيقة اليتم التي صارا عليها .....يترجمانه في عدوانية سافرة اتجاه أمومة والدتها عليهما ...و تمرد صخب على سلطتها عليهم .......
لكن أمال بطبيعتها الحساسة و رهافة شعورها تظن أن طرقهما التعبيرية البحتة في حزنها أمر جليل الخطر على قوامة سلوكهما ..و أمان تفكيرهما ..هذا غير هلعها الكبير ناحية التعنت القاطع منهما في الإقامة عند قصر والدها ..إلى درجة أن خصصت لهما طابق منفرد عن بقية الطوابق .......لاعتبار تعاطف الخالات معهم مجرد شفقة إنسانية على يتمهم ....يترفعون عن الإحساس بها ..حينما يصبح الشعور اليتم سمة الخطر على كرامتهم ..... هم يملكون من الأنفة ما يشقيهم حتى في طفولتهم ....ما منحتهم الحياة بساطة بكاء لعبة لم يحصلوا عليها ....جل ما تعلموه تلك الطريقة الشاذة المعبرة عن الفقد ..في صمتها المتخاذل ...و وجعها الخدر ...و براءة شذوذها .....و انعزاليتها التامة ...
أحيانا تعبير الإنسان عن حزنه بابتعاده عن الدنيا و ما فيها أحسن طريقة لمجاراة الألم و تقبل الحقيقة..... لكن ما تفعله أمال من إظهار قوة جبارة في الصبر و التجلد..... كأن شيء لم يحدث أن تصدع بقلبها ... سبب في ابتعادها عن أطفالها..... فربما شعر أحدهم أنها حقا تخلصت من أباهم ضابط الصارم في معاملته و الضبابي في مشاعره ...
ما عانته من سنين بجانبه تمثل في انعدام قدرته على احتواء إغداق أنثوي باذخ في روحيته ..كالذي شكلته أمال له .. فهي لم تكن مجرد زوجة و امرأة بحياته ..لقد مثلت له كل شيء ...و جعلت من نفسها محور ما قدر على إيجاده بين تجاربه النسوية ...أمال شخص يعطي كل ما بداخله دفعة واحدة لا على جرعات ...هي أكسبته حبها حد الثمالة ....مشاعر أخافته و أرعبته ...في أن يدمنها حد لا يقدر على التنفس إلا جوارها بل يصير يتنفسها ...ليجد نفسه يوما أبعد ما يكون عن أؤكسجين حياته ..فالرجل إن أعطته المرأة أكثر مما يريد ..أربكه العطاء و صار في نظره قضية مشبوهة ..تستحق منه ملكته المحققة ....
فكل محاولتها الحثيثة في ترويض جانبه العسكري الصلب ...قد وضعتها على الرف الأمثل لأن تكون ...... و تقبلته كما يكون على سجيته ....بتردده و انغلاقه حول نفسه خوفا كلما فرشت له أجنحة الوله و الصبابة ... ...فالحب يعني أن نحتوي من نحب بالطريقة التي تضمن أنه لن يضطر لشطب جزئيات من نفسه في سبيل أن نسعد ...و أمال أحبت زوجها ووجدت طريق لقلبه...
فقده كان صدمة من الصعب أن تستوعبها ....لم تتوقع وضع بحسابها أنه رجل قد يرحل ...قد يموت أو يختفي ...أو أن الأقدار لن تكون لها بتلك البسمة الكبيرة ......كل ما كان يقيدها بأصفاد ....هي تلك المخاوف التي تقيد السعادة بينهما ....أنه رجل قد لا يحبها ...و حتى إن فعل قد لن يكون بمثل طوفان مشاعرها ...و حينما رحل كما لم تتوقع ..حزنت كما لم يفعل غيرها .... فما تعيشه اليوم ليس حزنا على وفاته ..بل هو غضب منا على نفسها لما أضاعته هباء من حياتهم في ترصده و الجري خلفه عسى أن يبادلها الحب جهرا و علنا ..ما عرفت أنه كغيره من الرجال الذين يحبون بصمت ...صمت يقطعه كلمات بسيطة أو جمل شهية حد الجوع ...كان من المفروض أن تبكيه لذكرى ...لا لعدم وجودها ....قطع شرودها الطويل ... الصوت الرجولي الهادئ في نبرته .....
-أمال صباح الخير
...........اقتربت نحوه بخطوات هادئة بينما وقف احترام لها حتى وصلت لجانبه ....المسافة القريبة بينهما سمحت لعطره النافذ أن يصلها مختلطا برائحة رجولية بحتة عكست مدى جاذبيته و قوة شخصيته الهادئة ..فتطلعت عليه بفخر و حب أخوي ....ناسية أنه يغتاظ من ابتسامتها البلهاء نحوه .....يملك من الحياء الرجولي ما يجعله مغري لأبعد حد ...فلا أوسم من رجل خلوق .....أخاها الصغير عمر كامل القوام و القوامة ... فارع الطول كغيره من رجال العائلة و قوي الشكيمة..... ملامحه الصلبة و قاسية تعبر عن مدى خبرة هذا الرجل الطويلة في الحياة.... و كأن شي لم يعد يبهره بعدما خبر الكثير و ذاق أنواع عديدة من الفقد و الاحتياج......و سامته الفذة و الغريبة جعلته مطمع عديد الفتيات متيمات به.....
هذا ما يجعل من زواجه غاية في الاستبدادية...لا يملك فيه حقا أن يستمع لمخاوف أميرة و يرد عليها ..حتى ثقافة الاعتذار لم تتواجد بمفهوم علاقتهم ..كل ما عليه أن يتقبل ثوراتها الجنونية و ما كان وليد المخاوف الأنثوية المتأصلة فيه و الشكوك القاتلة بها ...
البقية الوحيدة التي تجعل زواجهما ثابت إلى حد الأمان ...هي قدرته الكبيرة على جعلها بإحساس الضالة و الصغر سواء بالحد ..حينما تتجاوز المساحة الرجولية من التفهم و الصبر الجميل .... التي يمنحها إياها حتى تنفس عن ما يعتريها لدرجة الخنق ......
ربما ما تمكن أحد من رؤية الخذل العاطفي مرتسم على وجه عمر كلما وقفت أميرة أمامه ...لكن أمال شعرت بتلك الذبذبات العنيفة بالخطر تنبعث منه فور أن تلامسه خطيبته بحميمة أو عاطفة ....يتبلد شعوره الهادئ في طبعه ... و يخطف لونه بدرجة شحوب مخيفة ....
أمور كثيرة لاحظته فيه من مدة ...لتعرف أن عمر يعاني أزمة العلاقة و الأمان ....من خلال ابتعاده الكلي عن كل ما هو نسوي في طبعه ....فحتى باقي أخواته لا يتعامل معهن إلا عن اضطرار...في مناسبات عائلية بحتة ...يتصنع فيها الثبات و الهدوء ..إلى أن يهرع نحو غرفته في طابق منفصل عنهم ... ...و أمال الوحيدة التي أجبرته على تقبل اهتمامها و سطوتها النفسية عليه ....أمسكت كتفه بقوة تشد عليه ..وهي ترد
-صباح النور .....يا سيد عمر ....
ابتسم عمر بتسامح و وقف تجانب أخته يقبل صدغها بعطف و محبة..... يحيطها بذراعه اليمنى و يبادلها النظرة المتفحصة ...فأخفض بصره نحو ما تدقق به ...قد عرفت من قميصه المجعد أنه لم ينم بالقصر ..و ربما لن يعود إليه ....فهمست بصوت هادئ ....
-إلى متى ستضل بعيدا عن القصر عمر ...؟؟..
تردد عمر كثيرا في الإجابة قبل أن يهمس بتوجس و حذر
- البارحة قضيتها في المكتب هنا كانت لدي أعمال طارئ كما أن القصر لن يبرح مكانه ...سأعود إليه وقت ما أجد نفسي متعب ...
تأملته بنظرة مشككة حاذقة في الترصد لأدنى زلة قد تظهر عليه ...إلى أن رفعت كفها نحو معصمه الأيمن تشد عليه برفق ..لدهشتها قد ألمه ....و همست بفتور...
-عمر ...لا تدع تلك الهواجس تتآكلك ...حياتك الزوجية تستطيع أن تجعل منها سعادة تكفيك قناعة ...كل شيء يكون صعبا في البداية ...لكن مع الوقت ستتفهم ظروف أميرة ..
هم يرد بالرفض لنصائحها التي يراها عن قيد تجربتها السابقة في زواجها ..إن كانت وجدت طريق لزوجها "باسل "..فهذا لا يعني أن غيرها قد يسلك طريقها نفسه نحو السعادة ....لكنها قاطعته بضغط خفيف على معصمه القيد بأصابعها ....ليزفر حنقا منها ..
-لا تدع منظر الخراب الذي تعيشه أميرة يشوه مزاجك و حياتك و يحد من قدرة على الوقوف في مشاكلك معها ..بعض اللين في المعاملة يكفيك ...
و أضافت بنبرة غامضة .
-صدقني لا امرأة قد تنفر منك ...حتى أعتاهن....وحدها النفوس الصغيرة تهجس بالأذى ..حينما لا تملك المقدرة إلا عليه .....و أنا ما عرفتك إلا كبيرا ...
ما هي ثواني قليلة على صمتها في وجهه حتى ابتعد عنها نحو كرسيه الجلدي ...خطوات قليلة وضعت له المسافة التي أراد... حتى يمرر نفسه الطويل دون أن تلاحظه ....لكنها ضلت تتصيده بثبات و تصميم ...بينما غطت ملامحه مسحة خذلان و حزن ......
ما توقع منها أن تجابهه في ألمه ...أمال و رغم جهلها بتفاصيل كثيرة عن حياته ....لم يسمح لها أن تكون ظاهرة لعائلته ..إلا أن أمومتها القوية تمدها بإحساس وراء آخر ....يتعلق به و ينبهها إلى غموض كبير يلفه ...بأنه خلف تلك الواجهة الهادئة ينطفئ ببطء و عذاب ....
هو يعرف تمام الثقة أنها ستهب لنجدته فور أن تخذله أقنعة القوة ...تسقط عنه ...لتعريه أمام الواقع ..فمثله واقعه قادر أن يفجر فيه ما يحاول جاهدا أن يدفنه في الأعماق .....الأعماق المظلمة حيث لا مكان لذاكرة أن تدخله .....
سيبقى على غموضه و صمته ...لأنه لن يكون شبيه ذاك الرجل ..حتى لو إستلزمه الأمر ....أن يختنق بعذابه .......كما قالت أمال أنه وحدها النفوس الضعيفة ..تقدر على الأذى ....ما تعلم أن يؤذي غيره فقط لأنه عاجز .....
فوق هذا لا يريد أن يجرب شعور الراحة لامرأة ...فالراحة تعبير شافي عن ما بلغه من الألم ...و لأنه لا يريد أن يحصي جردة ألامه و إنكسارته ..يجب أن يضل في عتمة الصمت ...و إن كان نورها أسطع من ضياء كشفه لنفسه أمامها .....أن تطرح كل أوراقك بالنسبة لرجل مثله.... يعني أن تفرط بألمك ...و هو ما اعتاد أن يفرط بما يملكه ....استدار بعيدا عنها نحو زواية من مكتبه ....و تكلم بهدوء
-مشكلتي لا تكمن إلا في زواجي ...تعلمين أنني ما قبلت إلا تحت رغبة أمي ...لا أريدها أن تشقى حزنا و وحدة بعد اليوم ....يجب أن أملكها فرحة الأحفاد ......أنا أدفع سبب انغلاقها علينا ...
فكر عمر بأن لا أشقى من والدته تعيش مزدحمة بكراكيب و مخلفات الماضي ...بأنها امرأة تضع نصب عينها أن ألمها اختياري و ليس قدري ...لهذا تتعامل معه بثبات ...لربما إن اقتحم خلوتها الآن ...وجدها تحيك ملابس صوفية بصمت أم تقرأ كتاب ما من كتبها المتراصة على الأدراج المعلقة بغرفتها ...لن تبادله النظرات طويلا قبل أن تفر بوجهها تشيح به ...لأنه فقط نسخة كربونية عن خطاب ....
لكنه أمال لم ترحمه من سياط المحقق ....فأخترق صوتها الغرفة ....عاليا بنبرته و مخيفا بكلماته ....
-لما لا تكف عن اختلاق الأعذار الواهية و تعود للبيت ...كفاك تشردا بين مكاتبك ...أم أن الشقة الجديدة التي قمت بشرائها قد أعجبتك ..
كل ما يختلقه عمر في أعماله الطارئة و سفراته الكثيرة مؤخرا ..أعذار تافهة صارت في نظرها ....بل و تستفزها ... يتقصد عمدا أن يغيب ساعات متأخرة عن البيت مجهدا نفسه بالعمل ...... ظنا منه أنه قادر على إخفاء ارتباكه الرافض من أميرة....و تواجدها في القصر بين الفترة و الأخرى ...... خصوصا بعد عقد قرانهم و تخلي والدها عنها لاحقا ككلب لاهثا وراء عارضة إيطالية . و هو يعلن بكل انعدام دم و أبوة أنه قد سلم عمر مسؤولية أميرة ..
لقد كان مستعدا أن يدفع له مال الدنيا حتى يخلصه من التزامه اتجاه ابنته ....و مما صدمه أكثر زواج والدتها الفوري بعد طلاقها ..... من عجوز ثري ضمنت أنه على استعداد كامل بأن يملأ محفظتها نقودا و ألماسا ...تعوضها عما سطت عليه الأوربية الشقراء .....
...شفافية عمر منعت من إخفاء رفضه مصاهرة عائلة متفككة العلاقات بتلك الدرجة ...لكنه يجد نفسه عاجزا أمام فرحة أمه الوحيدة و تفاعلها مع تجهيزات زفافه ....تفاعلٌ صدمه بشدة ..فلم يتوقع أن تخرج من قوقعتها الانعزالية ..فقط لأنها تريد أن تشاركه الفرحة .... تاركة قدسية الوحدة التي تمجدها ..في انتظار أن تلحق بوالده ......
فلطالما سببت طريقتها في حزنها الكثير من الأذى له..... كيف لا و هو من كان مدللها باعتباره رجلها الوحيد ....بين بنات منشغلات بحياتهن الأسرية بعيدا عنها ...ليبقى و أمال أعزلين أمام مواجهة والدتهم الباردة في رفضها تخطي عتبة البيت ..إلا لضروريات تعد على الأصابع ....

ردة فعل الوحيدة منها ...و التي أدهشتهم أكثر مما أسعدتهم ... هي حينما طلبت منه لتقدم لأميرة ابنة صديق والدهم المقرب.....ولم تسمح له بأي بادرة رفض ....أمام احتوائها الكبير لخطيبته....و دفاعها المستميت عن أخطائها و زلاتها في حقه .....مانحة إياها سلطة لم تجد استخدامها في تهديد أخواته بالطرد من القصر .....أكسبتها عنجهية و تكبر لا حدود له ..خصوصا حينما تقرر الإقامة في جناحها من فترة لأخرى ...فلم يجد عمر نفسه مجبرا إلا على تعجيل زفافه تزامن مع كثرة سفراته خارج البلاد لأمور مجهولة ....
استدار نحوها بثقة و هدوء ..جفلت لها ..كلما أرادت محاصرته في الزاوية وجد لنفسه مهرب ...
-لا أظنك تجدين مهنة التحقيق ...أنا منضبط تمام الانضباط في عملي و لا داعي للشك ...
و أضاف بنبرة مازحة ..
-أم أنت حينما فلت منك ولديك ..قررت أن أكون ضحية أمومتك المخيفة ....تعرفين أنني رجل ناضج ....
........... ابتسمت أمال بحنية و أحاطت خصره بذارعيها و قالت تتصنع الدهشة و الفرحة ....
- اترك منك ولدي يا غيور ..انظر لحالتك قميصك مجعد و لا تجد حتى من تكويه لك ....على ذكر رائد و أحمد ...لك البشرى ...
-قولي هيا ....
تنفست بعمق وهدوء .....لتهمس به بتوجس ....
-لقد أقنعت أخيرا تلك الفتاة بتدريسهم ....كانت غاية في العناد ..حتى رضيت علي ....
.فكر عمر مليا و هو يدرس ملامح أخته مرتبكة و المتصنعة...هامسا بصوت داخلي (....مكشوفة أنت يا أمال .....) ...
-حقا ؟؟...لقد أخبرتني أنه لا جدوى من إقناعها ..كما انك شكوت منها كثيرا ..كيف لها أن تتفاهم معك بسهولة ....؟؟
. فابتعدت عنه خطوات مرتبكة للوراء ..متشاغلة بإصلاح شعرها ..... ربما لن يكون سعيد بمعرفته عنها ...
- هي في الواقع صديقة قريبة لرائد .... صداقتهم كانت قبل وفاة باسل بمدة قصيرة .. طبعا قبولها يعود إلى مواهبي .....ما فعلت إلا بعد إلحاح مني.... فأنا لحوحة جدا فيما يتعلق ب مستقبل أبنائي .....هي عشرينية في السن ..ذكية جدا .. ...
قطب عمر متسائلا..........
- تكبره فقط بأربعة سنوات.... هل ستتمكن من إحكام قبضتها عليه جيدا؟؟....
ابتسمت أمال بفخر و شرف ... حسنا في نهاية تمتلك شهد بعض الأمور الجيدة التي يمكن الاعتماد عليها .....
- أنت لم ترى بعد ناريتها.... و قوتها المهم دعني أدخل في موضوع المهم....
أحس عمر بذبذبات جسد أخته المتوتر ....حسنا بدأ يفهم ماهية الموضوع الذي تنوي الدخول إليه.... حتما تحتاج إلى إحدى خدماته أو معارفه الشخصية ......تنهد مستسلما و قال....
- تفضلي ...
فنظرت مطولا له و هي تدعو سرا ألا يكتشف هوية شهد و يطردها من الشركة.....و تتمنى فقط أن يكون تكوينهم بعيدا عن أروقة مكتبه فلا يراها هنا
-أريد فرصة التدريب لتلك الفتاة ..هنا في الشركة ...هي تملك مقدرة هائلة في البرمجيات ....يحزنني أن يشقى مثلها في مهن صعبة لا تسمن و لا تغني من الجوع .....
- تريدين منحها فرصة للعمل ..لكنني أدربهم فقط دون عقود ثابتة أي لا أجور لهم ..كما أنك حتما لن تبخسي حقها ....
و نظر بريبة لوجه أخته المحمر و ارتباكها....غير قادر على تخطي شعوره بالغرابة في الموضوع ......لم تكن مدة كبيرة خرجت منها تلك الفتاة من الغالي لتدخل أمال بطلبها الغريب ...فهمس (. حسنا ..عرفت هوية الفتاة التي تتوسلين لها فرصة )....... سألها مقتضب وهو يجلس على كرسيه من جديد ...
-أريد قائمة تحوي هويتها و شاهداتها السابقة ...شرط أن تكون منتسبة للجامعة .....
و لم يكمل كلامه حتى اندفعت أمال رافضة تلوح يديها في الهواء عاليا..... ...
-لا تشغل بالك أعطي تصريح القبول لي و أنا سأتكفل بالباقي ....
- حقا حسنا لكن فقط أريد اسمها....بالنهاية أنا المدير لربما استطعت. منحها فرصة عمل بدل التدريب ..لو كانت تملك المقدرة كما أشرت
تشنجها المثير للشفقة قد أرضى غروره و جعل في نشوة استمتاع بقلب طاولة التحقيق عليها ....إنها أكثر صدقا و شفافية من محاولتها الكذب ...و كذلك أكثر حساسية من ناحيته ....موضوع كهذا قد يلهيها عن محاولتها سبر أغواره ...إلا أمال هي آخر من يريدها أن تراه عاريا من قوته ....راقبها تردد كثيرا مرة تفتح شفتيها تنوي الكلام ...و مرة تصمت بقهر أمام ابتسامته المتشفية ....حتى استسلمت خاسرة تهمس بحزن
-حسنا ..... شهد الغالي.....
و لم تكد تنهي همسها الذي بالكاد كان مسموع ...حتى ارتفع حاجبا عمر بسخرية كاذبة .... و تصلبت جميع قسمات وجهه المنحوتة كالصخر.....بينما صدح صوته الداخلي يسخر منه ليذكره (....بالتغاضي عن تاريخه العريق مع عائلة الغالي ..... تلك العفريتة التي لم تجب إلا على سؤال واحد في امتحان... تعرف حتما كيف تستغل قدراتها الماكرة.... ألا يكفي أنها تحايلت لتدخل الشركة من السكرتيرة ليديا بل و وصلت متأخرة بأكثر من نصف ساعة في اختبارها..... كما شكا له مؤطري الدورة من تسلطها عليهم .. حتى إنها نامت طويلا أثناء إجابتها على الامتحان و بقيت صامتة أثناء الامتحان ألشفاهي لا تجيب سوى عما يرضيها... و تجرأت على شتم المراقب العام... لقد أثارت فوضى عارمة في الشركة... ظنا منها أن المدير مسافر في رحلة عمل لقد كانت أخبارها تصله بالتدقيق فهو من أشرف على تصحيح أوراق إجابتهم و دراسة ملفات سيرهم الدراسية إنها متفوقة بدرجة رهيبة تعد من نخبة النخبة متخرجة من أصعب المدارس الثانوية التقنية بمعدل ممتاز... لكن سيرتها الجامعية كارثة.... الفتاة لا تواظب عليها و نتائجها الدراسية كارثية متذبذبة جدا بين قبول و رفض......حتى و إن شك بنوتها لهاشم ...لكنها لا تحمل له اسم )...فسألها متوجسا
-هل هي تكون ابنته ....أمال لا أريد مشاكل مع الغالي من جديد ....كما أن مسيرتها الجامعية جد كارثية .....
لم تحتج لكثير من المجهد حتى تغطي صفحة مشاعرها عنه ....و أجابته كاذبة ......وهي تلوح يديها بسخط و نزق ....
-لن أنبش في ماضي تعيس يا عمر ...لا رغبة لأحد منا في فعل ذلك ....و تلك الفتاة بعيدة كل بعد عنه ....لا تحكم عليها من مجرد شهادات تعرف كرجل أعمال أنها تشترى ..
اندفاعه أثار استغرابه فوق ما كان عليه .....تبدو شبه متعلقة بالفتاة ..... حقا يقر بذكاء الأخيرة..... عن اختياراتها الذكية في الأسئلة .... كما أنها أثارت انتباه العديد من مراقبي اللجنة بفطنتها الشديدة و قوتها في تلقي ضغطهم عليها ....تساءل عن إمكانية ميلان مشاعر أمال الأمومية نحو شهد كذلك ....نظرتها المترجية أسرته و أربكت تصميمه ...أمال امرأة تعبر عن احتياجها بتلبية حاجيات غيرها ........فحضن وجه أخته و قال مقتضب....
-أنا لا مشكلة لدي أمال ..لكنني حقا لا أريد فتح دفاتر قد أغلقتها بإحكام ....
ابتعدت أمال بسرعة و سارت اتجاه الباب بسرعة مخافة تغيير رأيه و قالت
- حسنا...أعدك يا أخي ....شكرا على المنحة ....
ابتسم عمر يرفع ذراعيه عاليا مما أبرز عضلاته المتخفية خلف قميصه الأبيض ....
- أنا لست مخير في هذا بالرغم من اعتراضي عليها لكني سأختارها في نهاية المطاف......
جمدتها نبرته الشبيهة لشهد فتوقفت مكانها كفها معلق على مقبض الباب .... كلمات عمر التي قاربت معناها لكلمات شهد.....استدارت نحوه ببطىء شديد ...لتقبض فيه النظرة الهادئة التي يملك ....لكن سرعان ما هرعت تخرج من الباب مسرعة ...قد يزل لسانها و تأتي على الأخضر و اليابس ....
.................................................. .................................................. .................................................. ...........................................

مشت شهد تهرول بخطوات سريعة نحو مدخل الجامعة.... عسى أن تلحق محاضراتها الأخيرة ...نفاذ الفرص من حولها سيدفعها دفعا إلى إتمام تعليمها الجامعي ...أن تنهض من جديد يعني أن ترفض الواقع .....و تمحي أجزاء كبيرة من نفسها ...لأنه تعلم أنها لم تكن من قرارها ..فخضوعها لسلطته الفكرية هي من تولد بها التخاذل الفظيع ..و النظرة السوداء لمن حولها .....لن تبقى معلقة طوال حياتها برغبة إعادة ما انكسر بروحها ..كما أن الرغبات لا تقدم على طبق من ذهب ...عليها أن تشقى لبناء ما تهدم كما شقيت في هده بعنادها ...فليس عليها أن تعيد بل تصنع لنفسها صرح جديد ...لبناته من الكرامة و الشرف ...ما نفقدهم عادة هو أكثر شيء نريده بعدها .....و في العادة الفقد لا يكون إلا سمة قدرية حتى نستوعب حجم الأشياء التي تمثلنا ....مثلها قد فرطت بما تملكه و يميزها ....تسعى إليه كما لو كان قرار فيصلي .....
إنه لمن صعب أن يعيش الإنسان يبني لنفسه كيان و روح ليستقل بتفكيره و حياته.... فيجد في لحظة ما أن كل ما بناه و اعتمد عليه..... لمجرد سراب توهمه ...لم تعد تريد تلك الفلسفة الصعبة أن تعايشها .... فقط تود لو تركن إلى زاوية ما في زوايا الحياة...تعيش عزلة شهية في مذاقها ...و رحيمة في عذابها ..... بدون أن تضطر لمعايشة البشر...لأن ضجيجهم أصبح لها الهاجس في عتمة الليل ..تظل تحصي على نفسها و تعدد ...كيف نظر لها هذا و ماذا قالت الأخرى ...نظرات تختلف بين الرفض و القبول ..الشفقة و التعنيف النفسي ...الشماتة و التعاطف .......كلهم يعرفون أنها قد تعرضت لاغتصاب أو ربما لم يحصل ..هي لا تذكر شيء و لا تسعى لمعرفة ما حدث ...لأن معرفتها الوحيدة تمثلت في نصف الطريق نحو الاغتصاب .....أنه كان بإرادة كاملة و عيون مفتوحة ..لا عن تضليل مراهقة متمردة ....فلا أكثر تعاسة من شخص ذكي حد الغباء ......لا يعلمون و ليتهم يفعلوا أنها مشت تريد لنفسها هوية المذنبة ...قد أرادت الذنب و كان لها ..بأكثر أضعاف مما أحبت ....
عايشت أقصى لحظات و كينونتها الفتية تتحطم ..... عارفة لمدى الألم .....و دون أن تجرب شعور المرأة الحقيقة أو تفكر فيه ...كانت تجيد أن تقتله بداخلها قبل أن يولد ......
بعد ذلك لم تكن لديها حماسة الصبيات في عذرية شعورهم بالأنوثة ...بل حد الوجع أصبحت تبحث عن شعور الهوية الصلبة و الكينونة الواعية .........يغيظها الضعف الذي ألصقه الناس بها كهوية المغتصبة...مسكينة منتهبة ......
في نظرها لا أكثر أسى من مجرم بُرِىَء من تهمته عن بلاهة من قاضيه ....إحساس الزيف في البراءة ....كمن يتجرع العلقم المرير و هو يبتسم ... لربما حقا لم يتمكن ذلك الرجل من فعل أراده بها ..إن لم يواريها شكٌ..... لكنه بالمقابل اغتصب براءتها و أحلامها..... قد لم يكن مجرد رجل عابر سبيل بالنسبة لها ...و هنا تكمن المعضلة ...و تزيد البلة ...أن لا تجد هوية لمن أذاك ...يعني أنك كنت مستمتعا بنشوة العذاب معه ...بالفعل كانت امرأة ماشوزية معه ؟؟......تصدقه و هو يكذب ..تريد حبه و هو لا يقدر ...تسامحه وهو لا يخطئ ..بل يجرم بحقها ...تتمسكه وهو يرمي لها قيود العبودية .....
ما وضعت حُدُوداً منطقية لعلاقتهما .. كانت لتحفظ الكثير من كرامتها الأنثوية الشامخة و براءتها الشهية في مذاقها ...
بل استمتعت بفعل أشياء غاية في العبثية ....لمجرد الرغبة الشرسة في كسر القيود الأبوية التي حاصرها بها والده هاشم .. قد تأخر كثيرا في منحها إحساس البنوة و الحماية منه .. و عندما فعل لم تعد لمعنى شعورها أية تقبل منها ...فالأماني التي ننتظرها قيد العمر ..قد تأتي في وقت متأخر تجدنا فيه كبرنا في الاختلاف و لم نعد نملك أمنية...

و لأنها لم تحصل على شيء من اهتمامه الأبوي الصادق .....عمدت إلى كسر تلك السلطة الحانية منه حينما أعادها إلى البيت ...منهيا سنوات القطاع عنها ..و بنت لنفسها عالم يخصها حيث لا يقتحمه أي شخص عداها...
بنية أي عالم منفرد بطبيعته يجب أن تكون أسرار كونية ...و ربما جغرافية أو فلكية ... لكن أسرارها كانت أكبر و أفظع من أن تؤسس لها العالم الذي أرادت ...
.فقد عبثت بمفهوم قدرة البشرية على التحمل ..أحيانا إن تحملنا الكثير ماتت بداخلنا أشياء جميلة ....لكنها لم تفق إلا على حرائق مهولة بداخلها ....ما تصدعت أو انهارت جدران كيانها في غمرة تلك الفترة من حياتها .. بل انمحت عن بكرة أبيها ...و سكونها الجنوني أمام الوحشية في الحب التي فتكت به .. ...دل بخطر على الهوية الأبية التي قتلتها ....
مروان كان رجلٌ لم تعرفه من قبل ....اختلافه عما ما حوله ....أكثر ما قد جرفها نحوه باندهاش عذري ..لم يكن كغيره من رجال ... يجد عنفوان رجولته في أن يتمادى في القطيعة ...بل يفعل في الوصال ....أو يغدق عليها بالمشاعر الكاذبة ...بل يضعها أمام واقعٍ طالما آلمها ... وما عرفت له تفسير وهي طفلة ...يحيرها أنه لم يرى بها المرأة التي أراد ...و مع ذلك ما تركها إلا مجبرا ...كما ظنت ...
بالنسبة لمراهقة محملة بالغضب مثلها ..و فاقدة لمعنى الشعور الحميمية للبيت و العائلة....أغراها كثيرا أمر أن تناوره ببراعة في كل رقصة سادية ..يجبرها فيها أن تراقصه بألم ...
لم تهتز بها نخوة الأنفة و همجية العزة ..كلما كان يتفنن في ذلها .....و لم تقدر إلا على استخراج مشاعر الدهشة أمام أعطابه النفسية ..و مخيباته الرجولية ..
تذكر جيدا ولعها و شغفها المثيران للشفقة بدور الممرضة المنقذة له ....ربما ما كان حب بينهما ...بل مجرد وصال فكري و روحي ...يجمع بين العطف و الألفة ...و المنطق والجنون .....بالمختصر بين المتضادات من الأشياء ....
ما يعزيها أنها أرادت به الخير ...أن تقضي على تلك المساحة السوداء فيه ..بكثير من عطفها الأنثوي النقي ..لكن تشمي الرياح بما لا تشتهي النفوس....وكجزاء سنمار نالت...قد تغلبت أوجاعه على صفاءها ....

و لأنها أخافته كثيرا بعطائها أخذ يقسو عليها عن ألم .. ما تنفك تألفه لتجتاحه بتفهمٌ و تقبلٌ عن قرار...معركة المد و الجزر في العطاء و الأخذ ..لم تكن نهايتها إلا عليها ...إذن بالنهاية تكون هي المذنب ...

سخرية القدر اللعينة ..كانت في العتاب الذي يكون بدل الانتقام ..لو حدث أن جمعتهم الصدف مرة ثانية ....
. رهبتها العميقة هي اكتشافها أنها قد أحبت حقا من كانت له النزعة السادية في تطويعها على هواه ..و رغبةٌ الغير المسيطرة عليه في إيذائها و الدوس على كرامتها ... و أن حقيقة الارتضاء لنفسها الألم
.... مصدرها قدرة مروان على تعليمها إياها .....
هي لم تكن قط شخصا يستغل مشاعره ويتعامل معها بتلك الطريقة الماشوزية
...لكن تحت وطأة احتياجها الاهتمام أجبرت على تقبل غروره و تكبره ....و ما درت أنها حكمت على نفسها الإعدام الأنثوي الغبي ....

( إن أردتني لك... فعليك أن تسلمي روحك و كبريائك لي... و أن تتخلصي من نزعاتك القوية في الدفاع عن ذاتك ...محولاتك في الإحساس بحقيقة الحب تقتصر عليك بنسيان إنسانيتك معي أنا... عليك أن تدربي نفسك في تحمل مني القسوة و الظلم ...
الحب أن تخضعي لي لا أن تخضعيني..... الحب أن أمتلكك لا تمتلكيني و تجعلني في نهاية سيد حياتك.... أن نكون معا يعني أن تكوني نصفي التابع .... و تنسي وجودك كامرأة )
رغم اختلاله و طعون ظلمه عليها ..كان به من الولع ما يجذب الفراشة نحو الشمعة ...بغباء تفرد جناحيها الملونين ..لتكسبه انتصار نزعة عذريتها ...و عندما يكويها حبا ..تموت ذليلة تحت ضوءه الساطع ......

انتزعها رنين هاتف من شرودها الطويل ...واقفة أمام المدخل ..... لتحول نظرها للحظات تحدق في محطة مترو الصاخبة .... حيث التقت أول مرة بمروان .... حينما بدا لها رجل ليس كغيره ينتشلها من ضياع بكاءها الخافت .... إنها روعة البدايات و بشاعة النهايات في قصص الحب ...أو توهم الحب .... .....تذكر أنها بكت جانب المحطة وحيدة ... لإجبار والدها على إتمام دراستها في الوطن ..رافضا عودتها لفرنسا .....ولم تنسى لمروان سماحة مسحه لدموعها .... .....
ذكريات كهذه أصابتها بالغثيان في وجعه ... فأخرجت هاتفها من جيب حقيبتها السوداء..ترفعه نحو اتجاه نظرها ....لتضلل الشمس التي سطعت بقوة تحته ..و ما إن همت بالرد ... استوقفها الاسم الذي علا الشاشة جعلها تصفر عاليا من دهشتها . ...و همست بصوت داخلي (بريهان تتصل شخصيا بي يا لا حظي العاثر؟؟؟)
فتحت الخط على صوت ضعيف غطى نبرته تشويش عال و ضجيج الصاخب .....فأرهفت السمع جيدا إلى أن سمعت الكلمات الخافتة
-إن كنت تريدين لقائي أنا في بهو المطار ....
-فكرة سفرك تثير بي رغبة مقرفة في الضحك ..صدقيني مزاجي غير مناسب ...
- عذابها كله لن تكون نهايته إلا الموت ..فما فائدة العلاج .؟؟.....
-بريهان كفى جنون ....أين مكانك أنت ؟؟.....
- لكم أتمنى أن أقطع تذكرة عبور ....فلا أجد طريقي للعودة هنا ....
زفرت شهد عاليا بغضب مكتوم ..
- أنا قادمة لا تتحركي من مكانك عليك اللعنة ....
رمت الهاتف من يدها عبر الحقيبة تستدير عائدة من مدخل الجامعة......و تدمدم بين أنفاسها غاضبة ( حسنا يبدو أنه لا دراسة كذلك....بحق الله أي لعنة هو اليوم.... كل ما أود فعله يفسد و تنقصني تلك بريهان بمشاكلها....يكفيني كذبها و تمثيلها الرخيص علي .... ).....
و اتجهت نحو الرصيف الكبير تطلب تاكسي لتصل بسرعة لمطار الدولي.....
-من فضلك إلى المطار الدولي......
قالتها باقتضاب لسائق التاكسي ....منشغلة بتفتيش حقيبتها بحثا عن الأجرة ...حتى أخرجت المبلغ المتبقي من مصروفها ...تطلعت عليه بعيون ملئها الدمع الخفي .... ..فأسندت رأسها لزجاج السيارة و غابت في أعماق روحها..... تشعر بالنعاس الشديد..و لم تكن لها من طريقة لتخلص منه غير أن تفرد جميع أوراق اليوم قبل أن يحين موعدها الليلي ....بعض الأمور تقديمها أحسن بكثير من أن تأتي في موعدها بصفة دورية ..لربما صادفها ألمها يوما...جل ما تخشاه أن تقابل مروان من جديد ..فلا تنام ليلا من بعدها ....

صعقتها الفكرة في ألمها ....فراحت تفردها بعبث و ارتجاف داخلي ... تذكرت عمر الصاوي الذي طردها شر طردة الصباح من الشركة ... ابتزازها لأمال مع أنها لم تقصد أن تحصل على فرصها بتلك المصلحية...صديق كرائد معزته تفوق الوصف .... لكن خاله قد أجبرها على فرض وجودها بتلك الطريقة....قط لم تريد أن تشبه مروان و لا أن تتشبع بروحه و تصبغ على نفسها بعقليته ......لكن ما نرفضه دائما بازدراء هو ما نكون عليه غالب الأحيان..... لطالما عبرت عن رفضها لطرقه في العيش و مبادئه.... التي كانت تسميها بقوانين هتلر الطاغي لكن في نهاية نلبس القماش الذي نترفع عن نوعه .. ......و نتوهم حب الشخص الخطأ......قطع صوت السائق الغليظ بنبرته .....
-وصلنا آنسة
- تفضل سيدي
مدت له بأجرة التوصيلة.....متذكرة أنها قد اعتادت دخول المطار كلما ضاقت بها الدنيا..في مهمة تهديديه لحياتها بأنها ستترك ورائها كل ما يعنيها ..فلا عودة لنا لمن نحب ..عدما نقر على القسوة ........
ابتسمت بفخر نحو المدخل الواسع و بهي بطلته ....فقد وجدت أخيرا من يتبنى فكرة مجنونة في حد ذاتها ..طريقة ذكية في حد ذاتها من لا يملك تذكرة سفر ..أم من حُضِرَ اسمه و عمم على كل المطارات البلاد ..حتى لا يهرب ...فعلها هاشم الغالي و حجزها إلى الأبد ....
طريقة بريهان في التعبير عن رفضها لأقدارها بمجيئها اليوم إلى هنا ...تعد نجاح فتي لشهد قد تفتخر به بعدها ..... حتى لو عاد الأمر لاحدى أفكار مروان لها حينما قال لها ذات مرة ( نحن عندما لا نملك سوى أن ننصاع لأقدارنا نختار أكثر الطرق إثارة لشفقة لتعبير عن الرفض لها.... أنت مثل تركنين إلى زواية ما من غرفتك و تبكي.......... عليكي أن تجدي طرق أكثر فاعلية تمنحك شعور غريب في نوعه ... ).... و بالفعل وجدته ذات مرة في نفس مكان بريهان منزعج ينفخ بسيجارة .... لم تصدق إلى الآن ما حصل لها آنذاك....في انبهارها به و إعجابها بطريقته الفذة في تعبير عن حزنه......
جرت قدميها برهبة داخل بهو المطار الدولي الواسع... و أخذت تبحث بعينيها طويلا إلى أن استقرت على فتاة جالسة على أحد مقاعد ....وحيدة مرهقة و آثار البكاء واضحة عليها....
سجلت بأنها المرة الأولى التي تشهد على حالة مثل هذه.... ل بريهان هي دائما قوية و مرحة محبة لحياة...في الواقع محبة لدرجة الجشع .....و حزنها المرير هذا ما هو إلا انكسار لا يجبر ..... تقدمت نحوها تدريجيا و جلست بجانبها بقلق متصاعد .... و لدهشتها ساد صمت طويل بينهما....صمت بإيقاعه الكبير عليهما ...رغم الضجيج المرتفع من حولهما ... فعرفت أن صديقتها تحتاج لفترة هدوء وسط هذا الصخب من المسافرين ..... منهم من رائح و منهم من هم راجع .....
إنه لمن قدسية أن نحدد هوية طريقنا في حياتنا ...فأغلبهم يعيشون دهرا و يموتون كما أنهم لم يعيشوا قبلا .بلوغنا الغاية من وجودنا الإنسي روحية قليل من يعرفها ...كمن يبلغ درجات من الخشوع في إيمانه التقي ..و غيره لم يعرف لها لذة ......
فنصف السعادة أن تعرف لك طريق...رغم أنه لن يكون مفروش بالورد لكنه سيكون طريقك ....كثيرا ما غضبت لحجزها دوليا من طرف والدها ......و فكرت أنه لربما تصل لسلامها النفسي إن قررت يوما ما السفر.... هي على الأقل ستعرف أين تكون وجهتها ستختار لا إجبار منه...لأنه في الضفة الثانية من العالم ستكون بانتظارها المرأة التي تحب
التفت بريهان بملامح شاحبة و صوت مهزوز.... ليقطع صوتها صمت شهد و شرودها الطويل......
-أمي ستموت
أحنت الأخيرة رأسها تجمع يديها عند حجرها و تمتمت مقتضبة
-على الأقل هي تملك تذكرة للموت ...هوني عليكي ....إنه معبر من الدار الفانية إلى الآخرة ..... حصولها عليها ما هو إلا إرادة ربانية....لم تكن عبثا ....
قطبت بريهان حاجبها و تشنجت ملامحها بقوة من مدى برودة شهد و قسوتها في تقرير حالة أمها دون مراعاة شعورها و مدى إحساسها باليتم من جديد بعد وفاة والدها فصاحت مخنوقة .....
-لديها مرض سرطان ثدي هي لن تقتطع تلك التأشيرة إلا بعد معاناة كبيرة ستدفع ثمنها طويلا.....
. ضاقت عينا شهد في وجه بريهان المنقبض و أردفت ببرود و بساطة ...
-في نهاية ستموت
فالتفت نحوها مغتاظة من برودها و كلماتها المسمومة و هتفت بها تلوح يدها في وجهها....
-إن أتيت خصيصا لتدميري نفسيتي و تعزيز نزعتك السادية في إيذاء مشاعر الناس... فاغربي عني أنا لا أحتاجك و كما أنني قطعا لست مثيرة لشفقة كما ترينني.....
. تململت شهد في جلوسها و مطت شفتها بدون اهتمام بثورة غضب التي اجتاحت الجالسة جنبها و أطلقت صوتها بقوة.....
-انقلعي أنت من وجهي.... حقا أنت سخيفة لما عساني أسخر منك... قد تكون أمي في نفس مكان أمك لسمح الله ...بعيد الشر عنها..... أنا أسمعك ما تريدينه ببساطة ...لما تنفجرين في وجهي كمفرقعات .....
.فأبعدت وجهها الشاحب عن وجه شهد الساخر و شردت طويلا في المسافرين منهم من هو فرح بعودته للوطن و منهم فرح بمغادرته حقا تعدد طرق سعادتنا و تختلف .....
أدرات شهد عينيها بسأم من سكوت صديقتها ... و بدأت تلعب احدى لعب إلكترونية بهاتفها الذكي تاركة لها مساحة الحرية التي تحتاج أن تعبر فيها عن غضبها و حزنها بتحديقها الطويل في الفراغ ....فأحيانا نستمد قوتنا من جماد و أخرى من الحركة....و بعد فترة طويلة لم تتحملها أكثر قطعت شهد الصمت ....تخاطبها ...
-دعينا نعد لا فائدة ترجى من بقائك جامدة
على جلستها صامتة تتطلع على ما تقع عليها عينها بشرود و عدم اهتمام.....قد أثارت غضب شهد ..كيف لها أن تتصنع الألم لتلك الدرجة ....هل أصبح مغري لذلك الحد السخيف ..... فأخفت وجهها بين كفيها و زفرت طويلا بين أنفاسها الحارة ....
- بريهان أنا حقا لست أهلا لمداراتك طويلا لكن هل ستتحملين مصاريف العلاج الكيماوي لوالدتك....
..... أجابت برهان بصوت مكبوت
-لا أنا لا أملك لكن أمي تملك دفعة تكفيها لمدة ثلاث شهور......
حدقت شهد بها و مالت شفتيها بابتسامة حنون دافئة عبرت مدى متانة صداقتها
-يعني في النهاية ستضطرين لاستدانة مني إنه قدرك
ضحكت بريهان بقوة من تعليقها و التفت نحوها تضربها في معدتها بقوة تردف
-أيتها القاسية تختارين أوقاتك حرجة لتنتقمي مني يا سافلة ......
ضحكت شهد و هي تحاول إفلات من ضربات صديقتها.......
-حسنا لنعد نحن لا نملك سوى بعضنا يا عاهة .................................................. .................................................. .................................................. .........
مذكرات شهد الغالي
كما الحياة تمنحك أشياء ما تتوقعها أو ترغبها ....في الوقت الذي تتوقف فيه متطلباتك الإنسانية ..... تسلبك أخرى يسري اعتقادك أنها مسلمة من حياتك ..مسرى الدم في العروق على غفلة .. ..إذن تَفْرُقُ هي بالنسبة لنا في شعورنا ناحية العطاء و الأخذ ....فشقائنا فيما قد تعطيه و سعادتنا فيما تسحبه ....
لكن هناك نوع من البشر عادة ما يكونوا استثنائيين في قدرهم ...إما أن يُمْنَحوا حد البذخ بكل ما رغبة لهم فيه ..و إما أن تستنزفهم الحياة كل ما يملكون ...حتى يغادرونها محملين بديون فاقت ما سلبتهم إياه ...
في الواقع قد أجد نفسي أكثر تفردا عن غيري في حقيقة أنني أمثل النوعين فيهم....والدي هاشم منحة تفوق الوصف في أبوته اتجاهي....لم أتمكن من تحديد أبعادها بعد ....أو ربما لم أرد إستوعابها ..... هي علاقة بيننا سمتها أنها متذبذبة بين الرفض و القبول له ....
فمن الصعب على من عاش مثلي مشرد بين البيوت أن يتقبله كأب من أول يوم أعادني فيه إلى البيت .....أو بالأحرى رواده الحنين إلى نسخة ثانية من ورد ..... فأنا كبرت و ماتت تلك الأمنية البريئة بداخلي ....أمنية أن أناديه أبي كما رغبت ..دون أن يراودني شعور الغرابة في أبوته لي ... .. إنني أصبحت أشك أصلا في النوايا التي دفعتني و أنا طفلة إلى كتابتها في دفتر صغير ..ربما كانت الغيرة التي أحرقتني في صميمي ..كلما رأيت فيها زميلاتي في المدرسة برفقة آبائهن ...فأنظر من حولي لأجد الفراغ .....و أفرد أوراق هويتي فأجدها خالية من نسبه ... فقد جعلني معلقة على باب عائلة الغالي ....
هذه الهبة الأبوية المخيفة في حنانها التي حصلت عليها أخيرا و أنا مراهقة غاضبة ثائرة ....ضاعت مني أحلامي الطفولية ......قد سلبت مني كل هدف أن أعيش ...ربما أن قلت أن عطفه الحاني و الإستوعاب المتفهم الذي أبداه في مواجهة جنوني التمردي ...هو نصف الطريق الذي قطعته في علاقتي مع مروان ...
اليوم أدهشني أن تعود سفراته الخارجية من جديد ..حين لم أتوقع أن أجده بالمطار الدولي برفقة شخص لم أعرفه ...فصرفت بريهان بتهذيب فاق حده ..إلى درجة أن أثرت شكوكها ..وهي المرأة المولعة بالشك و الحذر ....لكنني راوغتها كما أجيد دائما ...فأنا بالنهاية أمتلك حكمة الذكاء و هي خبث الثعالب .....لأهب ناحيته بملامح متشنجة غضبا و قهرا ....كان يقف موليا لي ظهره ....و لم أفق على نفسي إلا صارخة بأعلى صوتي ..الذي اخترق الضجيج بنبرته ...
-هاشم الغالي ....
أحسست بالرجفة العنيفة تجتاح جسده المكسو ببدلته الرسمية ...كما لو أنه قد تأرجح عاليا من برج شاهق الارتفاع ....قد خفت حقا أن يسقط عن طوله فلا يجد غيري من ينتشله ..لم تعجبني الفكرة مطلقا .......فرحت أكبح شعور الشفقة عليه بالقوة و أنا أتنفس بعمق كبير ....
شجاعتي كلها اختزلتها في أن أتقدم الصفوف الكثيرة اصطف فيها المسافرين ...مع أنه معرفتي وليدة من زمن غابر حينما كنت لا أزال اخط أحلامي الصغيرة ....بأن الوصل بيننا يكون مستحيل الجغرافية المعقدة لعلاقتنا ....
الطرق المتقاطعة بيننا كثيرة أكبر من حد رغبته في احتوائي ....لربما العوائق كلها ما كانت إلا أنني أشابهه روحا ...أحيانا أرى بعيناه العسليتين دهاليز كياني المعتمة صمتا ...لترتعد أوصالي من الرهبة العميقة كلما رمى نحوي نظرته الحانية في هدوءها ....
أما عندما يبلغ ألمي مبلغ الوجع الإنساني برمته في قلبي ...... لا يكفيني إلا أن يكون جانبي متخفيا خلف الجدار المصمت ..ليحفظ كرامته الحسية عبر تلك المسافة اللامرئية التي أجبرته عليها ....إنه رجل يحترم رغبة المرأة في البعاد ...و أنا ابنته لم يجد حرجا أن يعاملني بشهامته خلقية ...
استدار نحوي بإباء ...بملامحه النبيلة في حسنها ...معبر في حزنها ...عزيزة في أنفتها .....لأجد أن كل خلايا جسدي تصرخ رغم عن إرادتي ...'هذا أبي '.... فلم ترضى دموعي إلا أن تشاركها التمرد العلني ......قد أدهشني أن أجد نفسي أبكيه و أنا أرتمي في حضنه ممسكة إياه بقوة ...تمنيت أنني ملكت سيطرة أن أبقيه جواري ..حتى لو شهد على خطأي من جديد ......
لكأنه أحس بما اعتمر بداخلي فأحاطني يطوقني بذارعيه الصلبتين في شدهما و رقيقتين في لمستهما ..لقد طوق الوجع بساعديه ....و من فرط غبائي في اللحظة انتشلت نفسي بقوة من قيده ...حيث ضربتني جليدية الهواء شتوية في برودتها ...تعلقت عيناي بعيناه طويلا ..إلى أن كسرت الصمت ..
-هاشم ..سأفعل الشيء الذي تمنعني عنه ..فقط دعني أجد العذر المناسب حتى اهرب منك ....حيث لا مكان لك أن تجدني ...
أجابني بثقة حميمة ..وهو يقبل وجنتي بالأبوة التي تليق به ...
-أنت ابنتي أين ما كنت ....حينما تجدين العذر المناسب غاليتي .تذكري أن والدك سيدعمك ...
و راح يغادرني أبي إلى حيث أعرف .......
..................................
......................................


بعيد عن صمت ضجيج الليل بتلك المنجاة التي كانت تخترق سمعه ....استند عمر بوركيه إلى سطح المكتب المعتم في تلك الظلمة المحيطة به .....فتنفس عاليا و مشاعر الوحدة تخنقه و تستفزه بالذاكرة المضادة ..ربما ما عليه أن يبقى وحيدا بعد اليوم ..حتى لا يضطر لمواجهة تلك الضلال المتوارية خلف الذكرى ...تحرك بنظره نحو سطحه فوقعت أنامله المرتجفة من فرط التعب... على أوراق تركها على مكتبه منذ فترة الصباح ... قطب و حملها ليقرأ اسم لا بد أن يخط بصماته عن قريب في شركة....شهد الغالي ......
فهمس بهدوء (يبدو أنك تصرين على اقتحام الشركة ....مهما وضعت بيننا المسافة التي يلزم ..أتمنى أن لا تكوني كغيرك من الغالي ..لم يعد بي ما يحتمل ..)...
تحركت عيناه على خط يدها المبعثر و كلماته المبهمة و جرت على رسوماتها على هوامش الورقة ........و حتى توقف عند كلمة كتبتها بعجلة ......لكني سأختارك.... أحس عمر أنها تقصده بكلماتها المبهمة و ابتسم ساخرا ...فبحث عن قلمه و خط بسرعة عليها بكلمات أنيقة بدت رائعة أمام خطها المشوه ....لكنه سرعان ما رمى القلم بألم عن يده اليمنى ..دون أن يفقده الأمر ابتسامته المريرة ...


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس