عرض مشاركة واحدة
قديم 11-11-17, 07:25 PM   #177

دنيازادة

نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة

alkap ~
 
الصورة الرمزية دنيازادة

? العضوٌ??? » 263614
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,235
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » دنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond reputeدنيازادة has a reputation beyond repute
?? ??? ~
نحن بين رحلة حضور وغياب، ستُدفن مهما كانت قيمتك، وستُنسى مهما بلغت مكانتك، لذلك اصنع اثراً جميلاً فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها...
افتراضي


الفصل الخامس
عمان/ بيادر وادي السير 2011م
تأففت زويا بتنهيده ضجر وملل وهي تلوح بيدها قائلة باستنكار متذمرة : - الناس تقضي الأجازات في السفر حول العالم وعلى شواطئ البحار للاسترخاء والاستجمام بالنزهات بينما نحن نتصبب عرقا بالتنظيف والتعزيل، الطبخ وتجهيز المونه..
كن قد جلسن في الحديقة الخلفية لبيت الجدة تحت ظلال معرشات الدالية يفترشن الأرض منهكات بتلقيط أوراق الملوخية الخضراء. ردت العمة تيتيان: - الفتاة الشركسية يجب أن تبرع وتتقن كل شيء.. لهذا عليكن أن تتعلمن فنون الطهي والقيام بالأعمال المنزلية وتصبحن ماهرات في التطريز والأشغال اليدوية..

ردت زويا برعب من المصير الذي تحيكه العمة وباقي نساء الأسرة بكثير من الحب : - عميمه إذا كنتِ تقصدين تحضيرنا لننال رضا السيد الزوج فأرجو أن تعفونني سلفا من الأمر.. لأني إذا وركزوا جيدا على إذا فكرتُ يوما ما بالزواج لن أختار الارتباط برجل جل اهتمامه مهارتي بعمل الجبن الشركسي وقدرتي على تكوير كرات اللبنة بنفس الحجم لكبسها مع زيت الزيتون بمرطبان!!.. أو مدى دقة إمكانياتي بتجفيف البامية بعد بذل جهد لإدخال الإبرة والخيط بكل واحدة منها لتصير في حبل نعلقه ونحفظه..
قاطعتها العمة تيتيان تسكتها عابسة: - لا أمل فيكِ يا زويا.. ننطق بجملة مفيدة فيها نصح وإرشاد لصالحكن فتردي بمرافعة طويلة لا متناهية.

ضمت زويا كفيها بحركة توسل بطريقة هزلية تمتزج كلماتها بالجدية:- لهذا أرجوكن أطلقن سراحي من الإعمال المنزلية الإرهابية فأنا عاجزة عن الانسجام مع واقع هذا الحال.. ما شأني بحفر الباذنجان ونقر الكوسا ولف اليبرق..
قالتها تهز رأسها باستنكار.. تدخلت دينا توضح : - زويا لا تحيا في كوكب الزهرة النسائي ولا يشغلها ما يريده رجال كوكب زحل.. بل تقلقها أمور أخرى مختلفة تماما تعتبرها أهم بكثير..
وافقت زويا بشدة وهي ترمي عود الملوخية إلى كومة العيدان التي تمت إزالة أوراقها: - نعم .. تماااام .. أحسنتِ دينا أنتِ الوحيدة التي تفهميني جيدا.. تكفيني هموم كوكب الأرض لأنشغل فيها..
استطردت تقول: - كما لنكون واقعيين أنا لا أمتاز بكامل مقاييس الجمال الشركسي التي يتمناها الخاطبين بالطريقة التقليدية..
زجرتها العمة :- لا تظلمي نفسك زويا.. إن اعتنيتِ بحالك واهتممتِ بهندامك بدل هيئة المتشردين المهلهلة وتأنقتِ بمظهرك قليلا مرتدية فستانا جميلا ستتوجين ملكة على عرش الجمال الشركسي.
رفعت حاجبيها ترد متهكمة باستهزاء: - ذلك ولا في الأحلاااام.. لن أهدر الوقت متسكعة بالأسواق التجارية لأضيع أموال طائلة على أثواب وأحذية وحقائب أستعرضها في الحفلات والمناسبات.. ولن أمضي ساعات بصالون التجميل جالسة تحت جهاز البخار لعمل حمام زيت لشعري ونقع يداي وقدماي بالماء الفاتر ثم تدليكهما بالكريمات ومستحضرات العناية بالبشرة، أو البقاء ساعة دون حركه حتى لا ينتزع ويتشقق قناع الطين عن وجهي!!.. وكل ذلك لماذا؟.. من أجل جذب الأنظار وأكون جاهزة لأصبح عروسة بالعيد!!..
علقت العمة وهي ترفع رأسها لسماء كمن عجزت وتطلب من الله أن يلهمها الصبر: - استحالة .. لا أمل فيكِ ولا مجال لإقناعك..
أخذت نفسا عميقا وأردفت بحنو : - أنتِ يا زويا لؤلوة ثمينة قررت أن تغلق المحار على نفسها كي لا يراها أي أحد، روعة جمالك وأنوثتك المخبئة لن يكتشفها ألا الصياد المحظوظ..

تجاهلت زويا الجملة الأخيرة لعمتها تهز كتفها بلا اكتراث بغير اهتمام.. ألتفتت باتجاهه ابنة عمها بابتسامة خفيفة تتلاعب على ثغرها وأكملت: - لنكن واقعيين الأمهات يحببن لأبنائهم عروس جواشة (أميرة) مثل دينا تملك كل المواصفات الشكلية المطلوبة، مبهره بجمالها الشركسي الملائكي الذي ورثته عن جدتنا توجان, ناصعة البياض بطبيعية، ممشوقة القوم ونحيلة الخصر، مرتبة أنيقة دائما..
استطردت بشقاوة :- كما أن طبعها هادئ ومطيعة بطيبة، أي أنها لا تجادل وتشاكس وتحول المواضيع لقضايا مثلي.. وأضافه لذلك تجيد كل ما يتعلق بشؤون البيت.. دينا جاهزة تماما لزواج..
رمت عود الملوخية ورفعت كفيها تدعو:- عجل الله بقدوم العريس ليأتي ويختطفها على حصانه الأبيض الأصيل..
أطلقت دينا تنهيدة حارة وقد أشرق بانتعاش وجهها متوهجا بالاحمرار.. وبابتسامة واسعة راحت تحرك شفتيها دون صوت: - يارب .. يارب..
تابعت زويا تغمز بعينها لابنة عمها:- ربما يجب تعديل صيغة الدعاء ليناسب عصرنا لأن العريس لم يعد يأتي كفارس على صهوة جواد.. عجل الله بقدوم العريس ليأتي ويختطف عروستنا الجواشة دينا بسيارته البيضاء الفارهة.
قالت العمة بحزم: - دينا ما زالت صغيرة على أعباء الزواج ومسؤولياته.
تعكر مزاج دينا واختفت ابتسامتها، همهمت منزعجة تكز باسنانها في احتقان :- لستُ صغيرة..
التفتت العمة ناحيتها منتفضة بعينين متسعتين:- ماذا قولتِ بشاشة (فتاة)!!
أجابت بإصرار:- عميمة لستُ صغيرة.. سأبلغ الثامنة عشرة في أيلول القادم.
أردفت بصوت خافت بالكاد يسمع وهي تلوي عرق الملوخية بين أصابعها بارتباك: - الجدة توجان تزوجت مرتين عندما كانت بعمري.
أجفلت العمة مشدوهة للحظات قبل أن تنهرها: - احتشمي بكلامك.. بلا قلة حياء..
أكملت بلهجة تأنيب :- بدون حماقات ومهاترات زيتا (بنات).. رباه يا إله السموات ما هذا الجيل.. أعاننا الله عليكم.. أستغفر الله العظيم.

حل الليل بعتمته وهن في أماكنهن يتجاذبن أطراف الأحاديث والمناكفات المشاكسة بين حين وأخر..
زمجرت زويا بتجهم متكدرة - : ثلاث ساعات ولا من نهاية لهذا العذاب والشقاء.. عميمة لما اشتريتِ كل هذه الكميات المهولة من لملوخية!!
- بالكاد ستكفي .. سأوزعها بالتساوي لأرسل منها لأهلنا وأقربائنا بالخارج.. أبيكِ وأمك يا زويا يحبان أكلة الملوخية.
أومأت إيجابا :- أجل .. الملوخية من الأطباق الأساسية التي اعتمدتها أمي بقائمة الطعام في المناسبات والاحتفالات.. وباستمرار تطلب من طباخين السفارة أن يقوموا بأعدادها في ولائم الدبلوماسيين العرب والأجانب..
تابعت وهي تنفض العيدان الخضراء عن سروالها الباهت:- لا تفهمان أنني أريد التملص لكن يجب أن أذهب لأطمئن على الجدة توجان.. لابد وأنها استيقظت وتحتاج لأمر ما.
نهضت زويا متأوهة من مدة الجلوس فوق الأرض :- رجلي تيبست .. الدم توقف عن السريان بها.
نصحتها العمة: - افرديها وحركيها حتى يزول الخدر.
استندت على جذع شجرة الدالية الضخم تدعك ساقها..
فجأة أخترق هدوء وسكون الحي أصوات طلقات رصاصات متتالية وصلت لعنان السماء.. انتفضن متسائلات عما يحدث!!.. أرهفن السمع فعاد مجددا صوت الطلقات لتعلو مدوية.. دفعت العمة تيتيان الفتاتان وهي تقول :- هيا أدخلن إلى البيت سريعا..
أكملت تحذرهما:- أذا قرع أحد الباب أنا سأفتح.. هل فهمتن؟.
همست دينا بابتهاج والفرحة ترتسم على محياها:- طلقات الرصاص أشارة واضحة أن دوناي (الدنيا الجميلة) نجحت الليلة بالهروب.. كم كنتُ أتمنى مشاركة الصبايا والشباب عملية خطفها.
تمتمت زويا: - لقد حاولوا مرتين وفشلوا في خطفها فالعم بلان (الشجاع) كل يوم بعد صلاة المغرب يجلس أمام البيت يدخن الأرجيلة ويحوم كل عشرة دقائق حول الحديقة متفقدا يستطلع مما جعل عملية الخطف عسيرة.
- ألآن سيجوب الحي مفتشا عنها في بيوت الشركس ليعيدها قبل أن يصل الخاطفين بها لدار المختار.
طرقات الباب القوية جعلت العمة تيتيان تهرول سريعا لتفتحه.. وقف العم بلان بوجه منتفخ الأوداج لشدة الغضب يسأل عن أبنته:- لا يا أخي.. دوناي ليست هنا.. اذا لم تصدقنا تستطيع تفتيش البيت كله أذا أردت هذا حقك بالاديغة الخابزة.. لكننا لم نراها أبدا ولا نعرف مكانها.. لا شأن لنا باختفائها..
أغلقت العمة الباب ولسانها يلهج بالدعاء : يارب سترك وعفوك على بناتنا وشبابنا المسلمين والمؤمنين.. لا حول ولا قوة الا بالله .. المسكين سوف يصيبه الجنون..
قلبت زويا شفتيها باستغراب:- لا أفهم لماذا العم بلان يستشيط غضبا بجنون وهو يعلم ان زواج الخطيفة من اديغتنا(عاداتنا).
أجابت العمة بانفعال:- له كل الحق بالغضب ولو كنتُ أعرف في أي مكان بالحي تختبئ تلك الشقية لرافقته وأرشدته بنفسي ليعيدها معه للبيت.. دوناي ابنته لم تكمل الثامنة عشرة.. مازالت صغيرة على الزواج.
بخفوت همهمت دينا بعصبيه:- نصغر ونكبر حسب أمزجتكم.. عندما لا يعجبكم أمر نفعله نكون صغيرات.. أما أذا أردتم أنتم نصبح كبيرات.
قالت زويا :- الجميع يعرف بقصة حب دوناي وأقتاي..
العمة تيتيان رفعت حاجبيها لأعلى باستنكار: - حب مراهقين..
اعترضت دينا بحياء:- وقد يكون حبهما صادقا .
التفتت العمة لها وقد ضاقت عينيها بنظرة متوجسة :- ان كانا كذلك ليتمهلا حتى يتأكدا أن حبهما لن يزول حينما يبلغا سن الرشد.. أقتاي عليه أن ينتظر لتكمل دوناي تعليمها أولا ثم بعد ذلك يفعلا ما يحلو لهما.. العتب واللوم يقع على من قام بتأيدها ومساندتها ودعمها في الخروج عن طاعة أهلها.
تابعت توضح في استفاضة محذره:- زواج الخطيفة عندنا تستوجب الالتزام التام في الأديغة الخابزة، وهي ليست سهلة مثلما تتصورانها بل بالغة الصعوبة وقد لا تطيق العروس المخطوفة صبرا وجلادة وقدرة على تحمل تطبيق تلك الأنظمة والقوانين.. نحن الاديغة الشركسية قوم يمنح الحرية لشباب والبنات بالتسلية والترفيه معا لكننا نتمسك ونحافظ على شرفنا بقوة ولا نسمح لأحد مغافلتنا أو الاستهانة بنا.



وقفت دينا أمام خزانة الثياب تتفقد فساتينها بحيرة:- ماذا سأفعل؟!! ليس لدي ما ألبسه في حفل دوناي واقتاي.
أبعدت زويا عينيها عن الابتوب رافعه حاجبيها مستغربه:- كل تلك الفساتين التي تكتظ وتنوء بحملها مشاجب خزانتك ولا تجدي ما ترتدين!!.. ماذا عن ذاك الفستان الأحمر؟. لم أراك تلبيسه من قبل.
هزت دينا رأسها بشدة.. تناولت بحذر وتأني الفستان ووضعته فوق جسدها الرشيق:- هذا الفستان احتفظ به لأنني سأقوم بلبسه فقط عندما يأتي نارت لأرقص معه في حفل النادي الأهلي.
غمزتها زويا مشاكسة: - نارت طبيب القلب ..
اتجهت دينا نحو جهاز التسجيل تشغله، صدحت عاليا أنغام الموسيقى الشركسية مع صوتها الرقيق :- حلمي أن أرقص الزفاكؤه مع نارت.

أخذت دينا ترقص بانسياب وبدأت تدور وتدور بفستانها الحريري الأحمر ألامع المتطاير كموجات حولها.. دارت جانبيا بنعومة رافعه رأسها بشموخ قائلة:- الرقص الأديغي متعة الأرواح.
صفرت زويا مصفقة في حماس بضحكة رنانة:- جكووو وي وي ..


يتبع >>>>>>>






التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 04-02-18 الساعة 06:35 PM
دنيازادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس