عرض مشاركة واحدة
قديم 23-11-17, 10:39 AM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الرابع
صدمة موجعة!
استيقظت جيسى على صداع أليم فى رأسها، وبقعة نور تسطع على وجهها.
ــ آه هل يستطيع أحد ما إطفاء النور؟
قالت ذلك وهى تتأوه، وتستدير على بطنها، لتدفن وجهها بالوسادة.
ــ إنها أشعة الشمس.
سمعت صوت رجل بقربها تماماً، وفجأة أدركت أن الغطاء فى مكان ما حول كاحلها. شعرت بالهواء البارد يلفح بشرتها، فأدركت أنها لا ترتدى سوى ثيابها الداخلية.
بشهقة من الإحراج أمسكت بالغطاء، وجذبته إليها، لكنه التف على ساقيها، فاحتاجت إلى جذبه بقوة عدة مرات قبل أن تتمكن أخيراً من تغطية جسمها كما ترغب.
ــ ما الذى حدث لثيابى؟
ــ نزعتها عنك بعد خمس ثوان من استلامك للنوم.
تابع ريكو بنبرة ساخرة: " على أن أعترف أنك لم تكونى رفيقة مسلية أثناء العشاء ".
شعرت جيسى بالإضطراب والضيق حين علمت أنه نزع عنها ثيابها.
جلست وهى تمسك بالغطاء حتى ذقنها. قالت: " كل ما فى الأمر أننى لم أنم منذ أكثر من ثلاثة أيام. كنت متعبة ".
حدقت به، واتسعت عيناها وهى تراه ينزع ربطة عنقه بحركات هادئة. سألته: " إنه الصباح، فلماذا تخلع ثيابك؟ ".
ــ لأننى لم أنم بعد، ولا أرغب فى الذهاب إلى السرير وأنا أرتدى بذلة.
رمى ربطة العنق على ظهر أقرب كرسى، ثم خلع سترته. أمسكت جيسى بالغطاء بقوة أكبر، وهى تتابع: " لا يمكننا أن... ننام معاً الآن، إننا فى ضوء النهار ".
رفع ريكو كتفيه العريضتين بلا أى اهتمام: " لو لم أكن منشغلاً فى اجتماعات طوال الليل، لاستلقيت إلى جانبك، منتظراً أن تستيقظى. كما أن... ضوء النهار يناسبنى ".
هذا أسوأ كابوس فكرت به يوماً. بقيت تمسك بالغطاء فوق صدرها، وتراجعت بسرعة إلى أعلى السرير.
ــ اسمع! لا يمكننا القيام بذلك.
ــ إن كنت قلقة بشأن حبيبك، أؤكد لك أنك لن تتذكرى اسمه بعد اليوم.
أكد ريكو ذلك بثقة واضحة، وهو يرمى قميصه جانباً. قلبت جيسى عينيها، وقد تورد وجهها بلون أحمر قان. لم تر مطلقاً رجلاً ينزع ثيابه من قبل، لكن ريكو يملك وسامة لانظير لها، لذا هو لا يشعر بأى انزعاج من قيامه بذلك.
لم تقدر على منع نفسها من اختلاس نظرة ثانية إليه.
إنه رجل من لحم ودم، وهو ملئ بالحيوية والحماس... حان الوقت لتخبره أنها لم تقم أى علاقة عاطفية مع كارلو. التظاهر بأنها خبيرة سيجلب لها المشاكل، فهى لا تعرف شيئاً عن هذه المواضيع. لكن اعترافها بمثل هذا الأمر سيجعلها تعترف أيضاً أن لا أحد وجدها جذابة حتى الآن، وهى لا تستطيع أن تجبر نفسها على قول ذلك بصوت عال.
قال ريكو وهو ينضم إليها فى السرير: " ألن تتركى هذا الغطاء؟ ".
حدقت جيسى بالقميص السوداء التى كانت ترتديها ليلة البارحة، والتى أصبحت مرمية على الأرض. ثم مالت عبر السرير لتتمكن من التقاطها.
ــ ما الذى تفعلينه؟
أمسكت يداه البرونزيتين النحيلتين بخصرها وأعادتاها إلى السرير: " لست بحاجة إليها ".
تابع بنعومة، وهو يبعد شعرها عن وجهها فى لمسة ناعمة واثقة: " فأنا سأعمل على نزعها من جديد ".
قالت بنبرة مرتجفة: " اسمع! حان الوقت لنتوقف عن المراوغة. أنا لست من نوع النساء اللواتى تقيم علاقات معهن، وكلانا يعلم ذلك ".
من المحتمل أنه سينظر إليها نظرة واحدة، ثم يبدل رأيه. فكرت بذلك بيأس، وهى تختبئ بقدر ما تستطيع تحت الغطاء.
ــ توقفى عن الحديث عن أولئك النساء.
بنبرة من السخط بدت واضحة فى صوته، تابع يقول: " أنا الآن معك، وهذا كل ما يهمنا ".
شعرت جيسى بالحرارة تجتاحها وبالدماء تحرق خديها.
امتد الصمت بينهما لفترة طويلة. تلاشت قدرتها على الشجار، وهى تنتظر أن يقول لها شيئاً مهيناً. تمتمت أخيراً وهى تحاول أن تبتعد عنه: " توقف عن النظر إلى. أعلم أننى لست جذابة ".
حدق بها بثبات، وبدت نظرة غريبة فى عينيه السوداوين. وهو يقول: " لست جذابة؟! ماذا تعنين بقولك؟ ".
هل سيجعلها تقول ذلك فى العلن، حسناً!
ــ أعرف أننى لا أبدو مثل أولئك العارضات اللواتى تخرج برفقتهن، فأنا سمينة.
أكد لها بصوت عميق: " لست سمينة ".
مرر يده بنعومة على ظهرها وقال: " تملكين جسماً مثالياً ".
فتحت جيسى فمها لتجادله، لكنه اختار فى تلك اللحظة أن يعانقها بقوة. تأوهت وهى تقول: " يجب ألا نفعل ذلك... ".
تمتم ريكو بصوت بالكاد يسمع: " نحن متزوجان. كان يجب أن نفعل ذلك منذ ستة أشهر".
ــ ضمها إليه بقوة، فشهقت متلفظة باسمه: " ريكو! ".
ــ أنت رائعة! علمت منذ اللحظة الأولى التى رأيتك فيها أن علاقتنا ستكون مذهلة.
هل فكر بذلك حقاً؟ حاولت جيسى أن تتمسك بتلك الفكرة، فيما شعرت أن العالم كله غاب عنهما، ولم يبق إلا الشوق الذى سرق أنفاسها من جسدها.
ــ هل أخبرك أحد من قبل أنك غريبة الأطوار بشكل مثير للجنون؟
نظر إليها للحظة وهو يفكر، ثم تابع: عانقينى تسورو، وكل شئ سيصبح على ما يرام. ثقى بى! ".
تأوهت باسمه وهى تقترب منه أكثر، وفى اللحظات التالية شعرت أنها تطفو فوق الغيوم برفقته غافلة عن كل ما حولها.....
فى نهاية الأمر استلقت جيسى مغمضة العينين، وهى تشعر الصدمة والإنبهار مما حدث. لم تتخيل حتى فى أكثر أحلامها غرابة أن العلاقة الغرامية تحمل هذا المقدار من السعادة. إنها أكثر من تجربة حسية. إنه اتحاد وتقارب لا يمكن التعبير عنهما بالكلمات. تلك الحميمية أدهشتها، فهى معتادة على الوحدة.
عاشت جيسى حياتها فى عزلة تامة. والدها أبقاها بعيدة عنه، ولم يرغب بأن يكون لديها أصدقاء. عاشت وحيدة بشكل لا يحتمل. علاقاتها الوحيدة هى مع الكتب، وأصدقاؤها هم الشخصيات الحية ضمن أوراقها. لكن ما حدث الآن جعلها تشعر بالدفء. ابتسمت ابتسامة خافتة، فما حدث حقيقى. الآن فقط علمت معنى المشاركة الحقيقية، وكيف يمكنها أن تمنح نفسها لشخص آخر. بقيت هادئة وصامتة، كأنها ترغب فى إطالة تلك اللحظة. أصغت إلى أنفاس ريكو، فيما لم تستطع أن تتذكر لماذا أرادت الطلاق. نسيت لماذا أرادت الحصول على حريتها بكل ما لديها من قوة. لماذا قد تطلب أى شئ أكثر من هذا؟
عندما ابتعد عنها، أرادت أن تمسك به وأن تطلب منه ألا يتحرك، لكن لسانها لم يجد الكلمات المناسبة. لا فكرة لديها كيف يجب أن تتصرف الآن. هل شعر ريكو بالأحاسيس ذاتها؟ لم تستطع مقاومة الرغبة بالنظر إليه. أدارت رأسها، وشعرت بكل ما فيها يذوب شوقاً إليه. إنه وسيم بشكل لا يصدق!
لم تتمكن إلا من التحديق بجانب وجهه، متأملة الخطوط القوية لفكه الأسمر. وكأن ريكو شعر بنظراتها، فاستدار لينظر إليها، ويقول بنبرة قاسية: " لا تجعلينى أعتقد ثانية أنك أقمت علاقة مع رجل آخر، إذ إننى قد أقتله ".
توقعت أن يقول لها كلاماً رومنسياً بعد تلك العلاقة الرائعة بينهما. على الفور شعرت جيسى أن الدفء والأحاسيس الناعمة تبخرت من أعماقها.
ــ ما الذى تتحدث عنه؟
استلقى ريكو على ظهره، وقال: " مانسينى... إما أنه حبيب فاشل، أو أنك كنت تكذبين بشأنه، فحتى هذا الصباح لم يسبق لك أن أقمت علاقة غرامية مع أحد ".
توقعاتها أن تسمع منه كلاماً رومنسياً تحطمت كلياً. شعرت جيسى بالدماء تتدفق إلى خديها، فليس هذا هو الحديث الذى يجب أن يتبادلا ".
ــ حاولت أن أخبرك الحقيقة.
ــ لكن بعد أن أخبرتنى كذبة أولاً. لمعلوماتك، أن تخبرى زوجك أنك خنته مع رجل آخر هو لعبة خطيرة جداً، تسورو. لا تخاطرى بذلك مرة أخرى.
استلقى على جنبه، ونظر إليها. بدا سعيداً جداً وهو يتابع: " لكننى سعيد لأنك كنت عذراء... سعيد جداً. فى هذه الظروف، قد أسامحك لأنك هربت ".
يسامحها؟!
استلقت جيسى وهى تفكر بصمت. بحثت فى عينيه العاصفتين عن شئ من الرقة... شئ ما يعكس العاطفة العميقة التى تشاركا بها. أين هى الكلمات المليئة بالعاطفة التى يفترض أن تتبع ما حدث؟
ــ أهذا كل ماتريد قوله؟ أهذا كل ما تهتم له؟
ــ وهل يدهشك ذلك؟
ابتسامته الواثقة أربكتها. مرر ريكو يده فوق كتفها بحركة متملكة، وتابع: " أنت زوجتى، وأنا لم أكن يوماً شخصاً يرضى بالمشاركة. حاولت أن أبدو متفهماً، لكن على أن أعترف أن الأمر كان صعباً جداً ".
تأثر جسدها على الفور بلمسته، وشعرت بالحرارة تجتاحها من جديد، فقالت: " أنت متملك بشكل لا يحتمل ".
ــ شكراً لك.
أبعد ريكو يده عنها، وقفز من السرير، ثم سار عبر غرفة النوم بثقة وهدوء، وهو يتابع: " من الأفضل أن تتذكرى ذلك قبل أن تقبلى الصعود فى سيارة رجل غريب ".
بقيت جيسى مستلقية للحظات، مندهشة من حقيقة أنه اعتبر نقدها مديحاً له. حاولت أن تتجاهل الضيق الذى تشعر به. غمرها إحساس بخيبة الأمل طغى على تلك اللحظات السعيدة التى عاشتها. إنها التجربة العاطفية الأولى لها، وهو عرف ذلك، مع ذلك لم يقل لها كلمة لطيفة؟ من الواضح أن هدفه الوحيد كان تلقينها درساً. شعرت أنها محطمة تماماً. بعدئذ أخذ تصميم قوى يظهر فى أعماقها، تصميم نما وترعرع خلال الأشهر الستة التى أمضتها بعيداً عن والدها: لن تسمح لأى رجل بعد الآن أن يعاملها بطريقة سيئة!
غادرت السرير، وارتدت ثيابها بيدين مرتجفتين، ثم تبعته إلى غرفة الحمام. عبرت الباب فى الوقت الذى كان ريكو يضرب زراً على الحائط، فاندفعت المياه إلى داخل مغطس مرصوف بحجارة نافرة.
ــ أريد أن أتحدث إليك.
ــ التحدث بعد علاقة عاطفية أمر مزعج، فأنا أفضل الاستمتاع بالأمور العملية.
مد يده ليمسك بمنشفة.
ــ حسناً! هذا أمر واضح.
تذكرت من كلامه أن تلك العواطف التى عاشتها للمرة الأولى ليست جديدة عليه، وهذا ببساطة زاد من ضيقها، فتابعت: " أعتقد أن طريقة تصرفك فى غرفة النوم بحاجة إلى بعض التعديلات ".
استدار ريكو ليحدق بها، فشعرت برغبة فى ضمه إليها. تراجعت إلى الوراء، وكأنها خائفة من جاذبيته الطاغية. سترسمه يوماً بقلم الرصاص، مستعملة خطوطاً قوية واضحة... أبعدت نظرها، وهى تعلم أن ليس هناك فنان، حتى لو كان مايكل أنجلو أو دافنشى، قادر على إنصاف هذه القوة التى تتضح من جسمه.
جمد ريكو مكانه، وقد ظهر عليه الانزعاج. راقبها للحظات، ثم لمعت عيناه بقوة وهو يقول: " أخبرينى بالتحديد، ما الذى يحتاج إلى التغيير؟ ".
سار نحوها، فشهقت بنعومة، وأبعدت نظرها عن صدره الواسع. إنه قريب جداً منها... تمتمت وهى تشعر بخديها يحترقان من شدة الإحراج: " لايتعلق الأمر بالعلاقة الغرامية، بل بما حدث بعد ذلك.
أنت لم تقل أى كلمة لطيفة ".
ــ ماذا؟
بدا مرتبكاً وهو يتابع: " ماذا تقصدين؟ ".
ــ لم تقل أى شئ شخصى. إن كنت لا تجدنى جذابة، فهذه غلطتك. حذرتك أن لا داعى لنقوم بعلاقة عاطفية فى وضح النهار.
ما إن انتهت من قولها حتى ساد صمت طويل. ثم وضع ريكو يده تحت ذقنها ليجبرها على النظر إلى عينيه، وسألها بنبرة ناعمة كالحرير: " لماذا تريدين إخفاء جسدك؟ ".
هل هو بحاجة ليسمعها تقول ذلك؟
ــ أنا لست من نوع النساء اللواتى تعرفهن. اعتقدت أنه... ربما...
قاطعها قائلاً:" لماذا ترغبين فى إخفاء جسدك؟ أخبرينى! أريد أن أعرف ".
قال ذلك بنبرة صوت حازمة وهادئة، كأنه يصدر أمراً.
ــ آه... حسناً! ذلك أمر واضح جداً.
حاولت أن تبعد نظرها عنه، لكن أصابعه بقيت تمسك بذقنها، لتمنعها من الحركة. فتابعت:" أتمنى لو أننى أكثر نحافة، أعنى أننى... ذات جسد ضخم بين النساء ".
ــ حسناً! أنا محظوظ لأنك لا تستطيعين تغيير ما وهبتك إياه الطبيعة.
أبعد يده عن ذقنها، وأمسك بحاشية قميصها، ثم شدها إليه مقاوماً محاولتها فى منعه. تابع قائلاً: " جسمك مثالى، تسورو! ما كنت لأرغب فى تبديل أى شئ سوى رغبتك المستمرة فى إخفائه ".
مثالى؟! قال لها ذلك من قبل، وهى لم تصدقه حينها، بدون تفكير منها حاولت أن تحمى نفسها بذراعيها، لكن ريكو ضحك بنعومة، وأمسك برسغيها، مجبراً إياها أن تلف ذراعيها حول رقبته.
همست جيسى:" لا تفعل! لا أصدق أنك معجب بى ".
ــ هل أنت بحاجة إلى برهان إضافى؟
ضمها إليه وعانقها وهو يشدها إليه بقوة.
ــ هل اقتنعت، أنجيلا ميو؟
شعرت جيسى بالانبهار من قوة الأحاسيس التى سيطرت عليها، حاولت أن تتذكر الحديث الذى كان يجرى بينهما.
ــ إن كنت تجدنى جذابة، فلماذا قفزت من السرير فجأة؟
ــ لأننى لا استطيع التواجد فى السرير معك بدون إقامة علاقة من جديد.
ابتسم لها ابتسامة ساحرة، وهو يبعد شعرها عن وجهها، ويتابع: " وأنا لا أريد أن أسبب لك أى أذى، لذا قررت أن استحم بالماء البارد عوضاً عن ذلك ".
ــ آه!
التفتت نحو المغطس، ولاحظت أنه ليس هناك بخار متصاعد منه. سوف يستحم بالماء البارد. هل كان يفكر بها عندما غادر السرير بسرعة؟
قال ريكو بنعومة: " والآن، لدى سؤال لك. أريد أن أعرف بالتحديد من الذى جعلك تظنين أنك سمينة؟ ".
رفعت كتفيها بخجل، وقالت: " الفتيات فى المدرسة... أبى.... وأنا نفسى عندما كنت أنظر إلى المرآة ".
قطب جبينه، وسألها: " أتعنين أن والدك هدم ثقتك بنفسك؟ ".
ــ لقد عمل على مهاجمتى بضربات متواصلة ودائمة.
قالت ذلك بصراحة، ثم أدركت أنها باحت بالكثير، فعبست مندهشة من تصرفها. بعد إحدى وعشرين سنة من الصمت، بدأت فجأة تطلق العنان لنفسها بالبوح بكل ما يدور فى فكرها فى كل فرصة سانحة.
نظر ريكو إلى وجهها ملياً. بدت ملامح وجهه جدية، وهو يقول: " فهمت. حسناً! والدك كان مخطئاً، وأنا لا أريد مطلقاً أن أسمعك تتحدثين عن نفسك بطريقة سيئة. جسدك رائع بكل ما للكلمة من معنى ".
شعرت جيسى بالارتياح من جراء ذلك الإطراء والرقة غير المتوقعة فى عينيه. تركت يديها تنحدران على كتفيه، وهى تشعر بالسعادة من جراء الإحساس بقوته. سألته: " هل تقصد ذلك حقاً؟ ".
تمتم وهو يهمس قرب أذنها: " بشكل مطلق. أنت كل ما أريده، وسأبرهن لك ذلك على الدوام، تسورو ".
وهذا ما فعله...
أمضيا الأسبوعين التاليين فى انسجام تام. بدا لها بوضوح أن ريكو غير قادر على الابتعاد عنها. كل ليلة، كانا يذوبان ببعضهما، ويحلقان معاً. بدا ريكو سعيداً جداً بقربها، لدرجة أنها شعرت أن من المستحيل ألا يشعر بأنها مميزة. منحها ذلك إحساساً رائعاً ومذهلاً. إن لم يكن ريكو عاطفياً، فهو شديد الاهتمام بعلاقتهما. قالت جيسى لنفسها، إنها البداية فقط! ريكو ليس معتاداً على التعبير عما يشعر به، وهى تشعر بالتعاطف معه من جراء ذلك، لأنها هى أيضاً كذلك. سيتعلمان معاً. قالت ذلك لنفسها وهى مستلقية فى سريرها بعد مرور أسبوعين على عودتها إلى صقلية. معاً سيتعلمان، فهى تعلم أنه يهتم بها، لأنه يثبت لها ذلك. لأول مرة فى حياتها باتت تشعر بالثقة بنفسها... تشعر أنها جذابة، وأنها امرأة محبوبة.
سارت حياتهما على المنوال ذاته، فهو يعمل فى جناح المكاتب الذى يحتل قسماً من الفيلا الكبيرة، ثم يمضى طوال الليل برفقتها، وينهض عند الفجر ليبدأ يوم عمل جديد. برنامج عمله دقيق جداً، أما متى يأكل ويرتاح فلا فكرة لديها أبداً.
جال فى فكرها تساؤل، لماذا يستمر رجل بثرائه فى العمل بالحماس ذاته، لكنها لم تحظ بفرصة لتسأله، لأن علاقتهما لا تتضمن أى حوار أو نقاش. حسناً! أليس هناك الكثير من العلاقات الناجحة التى تبدأ بعلاقات حسية فقط، ثم تنتقل إلى علاقات أعمق مليئة بالعاطفة الصادقة؟
بالنسبة إليها، فإن تواجدها معه هو المغامرة الحقيقية الوحيدة التى عاشتها فى حياتها. ريكو يجعلها تشعر بأنها امرأة مميزة، وهو يتعامل معها بطريقة تدهشها. رغبتها الجارفة فى الحصول على الحرية تراجعت إلى أبعد مكان فى أفكارها. أصبح تركيزها كله منصباً على علاقتهما. كل ليلة يدخل ريكو إلى غرفة نومهما كالمحارب، أما تصميمها على أنهما فى هذه الليلة سيجلسان ليتحدثا، فلا يدوم لأكثر من عشر ثوان.
علاقتهما ما زالت بدائية، لكنها مليئة بالشغف والاهتمام، ولم يعد لديها أى شك بأنه يجدها جذابة. فى الواقع، أصبحت جيسى أكثر اقتناعاً بأنه معجب بها، وإلا لماذا يمضى معظم الليل فى علاقة حميمة معها؟ إنه لا يستطيع إبعاد يديه عنها، وهى تحب فكرة أنه يجدها لا تقاوم. كل ما فى الأمر أنهما بحاجة إلى مزيد من الوقت قبل أن يمتد هذا التقارب إلى أجزاء أخرى من حياتهما. سيأخذها ريكو معه فى رحلات عمل إلى خارج البلاد. سيسافران ويمضيان أوقاتاً يكتشفان فيها أماكن جديدة...
استدارت على السرير وهى تبتسم بفرح. صحيح أنه لم يقل إنه يحبها، لكنه بدون شك منجذب إليها، وهذه مجرد بداية. إنه يقول لها على الدوام إنها مثالية وكاملة. فكرت بما يقوله ملياً، ثم ابتسمت بسعادة ورضى. لأول مرة فى حياتها بدأت تشعر بالثقة فى ما يتعلق بمظهرها.
لم يمض ريكو ليلة واحدة بعيداً عنها منذ أن وصلا إلى الجزيرة. ذكرت نفسها بذلك، وهى تضم هذه المعرفة إلى أفكارها وأحلامها، وكأنها غطاء دافئ يلفها. منذ اللحظة التى وضعها فيها فى سريره تلك الليلة الأولى، بدا واضحاً أنه لا يشعر بحاجة كى يرى أى امرأة أخرى.
فى الواقع، بدأت تصل إلى الاستنتاج أنها كانت مخطئة بظنها أنه يشبه والدها. مخطئة بشكل مطلق. صحيح أن ريكو قوى وقاس، لكنه أيضاً حساس معها، وهما يصبحان أكثر قرباً من بعضهما مع مرور كل ليلة. هل أمضى والدها كل ليلة فى سرير أمها؟ لا! هى تعرف ذلك.
ما عليها سوى الانتظار لبعض الوقت قبل أن يجد ريكو نفسه غير قادر على تمضية نهار بأكمله من دون أن يبحث عنها، ويطلب رفقتها. غادرت جيسى السرير، ثم استحمت، وارتدت ثيابها، وأمسكت بحقيبتها.
اعتادت على تمضية أيامها على الشاطئ، تنام أحياناً أو تنغمس بهوايتها السرية: الرسم. هى ليست مضطرة الآن لإخفاء ما تفعله، لأن لدى ريكو الكثير من الأمور الهامة التى تشغله عن البحث بين أغراضها كما كان يفعل والدها. إنها تسبح فى معظم الأيام، وفى بعض الأحيان تستلقى هناك، ترسم وتحلم بريكو، وتفكر فى الليل القادم الذى سيجمعهما. لكنها اليوم، ما إن استقرت على السجادة فوق الرمال، حتى شعرت بانزعاج وقلق. إنها تشتاق إلى ريكو.
نظرت إلى ساعتها، وأدركت أن الوقت بالكاد قارب بعد الظهر. ما زالت أمامها عدة ساعات قبل أن يأتى إلى غرفة نومهما... إلا إذا ذهبت لرؤيته. حسناً! لم لا تفعل ذلك؟ لماذا على ريكو أن يأخذ المبادرة دائماً؟
استجمعت كل ما تحتاجه من شجاعة، لتذهب وتراه فى الجناح الذى يستعمله كمكتب لإدارة أعماله. لدهشتها، لاحظت أن المكان أشبه بخلية النحل، فهو ملئ بالنشاط والعمل. رأت أربع فتيات جميلات مغمورات بأكداس من الأوراق فى مكتب مكيف ومضاء بشكل قوى، وراءهن، وفى غرفة أوسع مع جدران زجاجية تطل على منظر للبحر يحبس الأنفاس، رأت ريكو. كان يجلس وراء مكتبه، واضعاً الهاتف بين كتفه وأذنه، مستغرقاً فى حديث هام كما يبدو. كانت حركة يديه تدل على مدى انزعاجه من النقاش الدائر.
للحظة توقفت جيسى عند الباب، وقد شعرت بالحرج من النبرة الآمرة فى صوته ومن عرض كتفيه، وهو يعطى قائمة من التعليمات على الهاتف. بعدئذ رفع ريكو نظره، ورآها.
ــ سأتصل بك فى ما بعد.
أعاد سماعة الهاتف إلى مكانها، قاطعاً الاتصال بدون أى اعتذار أو أى إحساس بالندم. حدق بتركيز بمظهرها غير المرتب، وقال: " هل حدث شئ ما؟ هل هناك أمر هام؟ ".
إنه يربط حضورها بمشكلة ما، فبعيداً عن علاقتهما الحسية، هما لا يمضيان أى وقت آخر مع بعضهما، حتى إنهما لا يريان بعضهما أبداً أثناء النهار، لكنها ستعمل على تغيير ذلك. إنها على وشك نقل علاقتهما إلى مستوى مختلف، وستعطيه دفعة كافية ليفعل ذلك.
تمنت فجأة لو أنها لم تأت إلى هنا مباشرة من الشاطئ. كان بإمكانها أن تذهب إلى غرفتها لتبدل ثيابها. هذا لا يعنى أن هناك ثياباً مميزة أو جميلة فى خزانتها، لكنها أدركت فجأة أن ثيابها مجعدة بسبب جلوسها على الشاطئ.
ــ لا شئ هام. أردت فقط أن أراك، وأن نتحدث.
ــ نتحدث؟!
كرر ريكو الكلمة وكأنها كلمة غريبة لم يفهمها، ثم وقف وسار نحوها، وهو يسأل: " بأى شأن؟ ".
فكرت بمرح أنه طويل جداً. وهو الرجل الوحيد الذى يجعلها تنسى أن قامتها طويلة جداً. معه لا تشعر كأنها زرافة، فلا تضطر إلى إحناء كتفيها، أو انتعال حذاء مسطح.
شبكت جيسى يديها ببعضهما. إنها ببساطة، تريده أن يقول لها كلاماً لطيفاً، أو أى كلام عاطفى يبرهن فيه أنه يهتم بها، لكنه ليس ناجحاً فى القيام بذلك. أدركت أن فريق عمله يصغى إلى كل كلمة يتلفظان بها. نظرت من وراء كتفها، وقالت: " هل نستطيع أن نغلق الباب؟ ".
ــ أنا أعمل، جيسى!
حاولت ألا تفقد شجاعتها بسبب نبرة صوته الحازمة. ذكرت نفسها أنها لم يكن يتوقع رؤيتها، ومن المحتمل أن فكره مازال منشغلاً بالاتصال الهاتفى الذى كان يجريه.
ــ كل ما فى الأمر أننى أردت أن أتحدث إليك بخصوصية.
نظر ريكو إلى وجهها متأملاً للحظة، ثم تبدلت القسوة فى نظرته، ليحل مكانها تعبير ناعم ولطيف. التوتر الذى ساد فى الغرفة اختفى، وساد مكانه إحساس بالتوقع. قطع المسافة فى مكتبه بخطى واسعة، ثم أغلق الباب بلمسة من يده. قال بنبرة ناعمة كالحرير: " لدينا الخصوصية المطلوبة الآن، وأنا أتطلع بشوق لسماع ما ترغبين بقوله لى ".
ــ ألست غاضباً منى لأننى أزعجتك؟
ــ بعض الأمور تستحق أن ينزعج المرء لأجلها.
عاد ليسير نحوها، وقد ظهرت ابتسامة مشرقة على وجهه، فشعرت جيسى بحرارة دافئة تجتاحها وتغمر أوصالها. أحسنت عملاً بالقدوم إليه، فهو يهتم لها. من الواضح أنه يجد صعوبة فى التعبير عن عواطفه، لذا يحتاج إلى بعض التشجيع والتحفيز.
ــ أردت التحدث إليك، ولم أستطع الانتظار حتى الليل.
ــ هذا واضح جداً ومفهوم.
قال ذلك، ثم أحنى رأسه ليعانقها عناقاً سريعاً خاطفاً، ويتابع: " لم الانتظار، فيما لديك أمر هام جداً عليك إعلامى به؟ إننى سعيد لأنك أتيت ".
ابتسمت له، وقالت: " أريد أن نمضى المزيد من الوقت معاً ".
ــ بالطبع! هذا ما سنفعله.
ابتسم بدوره ابتسامة كبيرة، وتابع: " سنقوم برحلات عائلية وبنزهات. أشعر أن والدك كان حازماً جداً معك، ولم يكن له دور فى تربيتك. لست بحاجة إلى القلق. أنا اؤمن بأن الطفل يجب أن يجد مثالاً دائماً أمامه، أريد أن يكون لى دور كبير فى تربية ابنى منذ البداية ".
ابنه؟! حدقت جيسى به من دون أن تفهم شيئاً، وعلقت: " ما الذى تتحدث عنه؟ ".
ــ أنت تحاولين أن تخبرينى أنك حامل. لا داعى للقلق. أنا سعيد جداً بهذا الخبر. بالطبع! كنت أتوقع ذلك.
هل اعتقد أنها حامل؟
ــ لماذا تتوقع أن أكون حاملاً؟
ــ ولماذا نمضى الليل كله بإقامة علاقات حميمة؟ أليس بهدف أن تصبحى حاملاً؟
رفع ريكو كتفيه، وتابع: " إنشاء عائلة هو السبب الوحيد لزواجنا. هذا خبر رائع! أنا سعيد، سعيد جداً تسورو. أنت فتاة ذكية ".
فتحت جيسى فمها غير مصدقة ما تسمعه. ترددت كلماته فى ذهنها وهى تتذكر تلك اللحظات الحميمة بينهما. قالت بصوت بالكاد يسمع، بسبب رعبها من السيناريو الغريب الذى يختلف تماماً عما تكترث به: " طوال الأسبوعين الماضيين... هل كنت تحاول أن تجعلنى حاملاً؟ ".
ــ بالطبع! ما الذى ظننته إذاً؟
قطب جبينه كأنه يعتبر سؤالها بمنتهى الغباء.
أرادت أن تسأله عن الشغف والشوق، لكن فمها لم يتمكن من تشكيل الكلمات. بدلاً من ذلك راحت تردد ما سمعته منه تكراراً: " قلت لى إن جسدى رائع ومثالى ".
ــ بالطبع! كيف يمكنك أن تشكى بذلك؟
وقف بعيداً عنها وراح يتأملها بإعجاب، ثم تابع: " هذا ما قلته، وما زلت على رأيى. كل ما فيك مصمم للأمومة. وركاك واسعان وهذا مثالى لإنجاب الأطفال ".
مثالى لإنجاب الأطفال؟! هل يعتقد أن جسدها مثالى، لأنها خلقت لتنجب الأطفال، وليس لأنها جذابة؟ ظلت مندهشة من شدة الصدمة، لدرجة أنها لم تعد قادرة على التفكير. قالت بصوت خفيض: " أحتاج إلى الجلوس ".
على الفور، لف ريكو ذراعه حولها، وقادها نحو أريكة مريحة فى زاوية غرفة مكتبه. قال بنبرة مليئة بالاهتمام والرقة: " بالطبع تحتاجين إلى ذلك، وتحتاجين إلى كثير من الراحة. أنا أتفهم ذلك. من الآن فصاعداً سأتركك بمفردك فى الليل، لتنامى قدر ما تشائين ".
جلست جيسى على الأريكة وكأنها تلقى بنفسها عليها، فساقاها راحتا ترتجفان بشدة، ولم تعودا قادرتين على حملها. فجأة شعرت بجفاف فى فمها، فرطبت شفتيها قبل أن تتمكن من التلفظ بالكلمات التى هى بحاجة إلى قولها: " أنت لم تأت إلى الفراش كل ليلة لأنك تجدنى جذابة، بل لأنك تريد أن ننجب طفلاً؟ ".
شعرت بدوار خفيف. تمتمت الكلمات لنفسها، وكأنها بسماعها للحقيقة بصوت عال ستتمكن من استيعابها بصورة أفضل: " أنت حقاً غير معجب بى؟ ".
ــ كم من المرات على أن أقول لك ذلك؟ أعتقد أن لديك جسداً مثالياً.
تلعثمت جيسى، وهى تشعر بالغضب يتصاعد فى أعماقها: " مثالى... لإنجاب وريث لك. هذا أمر... مختلف عن اعتقادك أننى جذابة ".
ــ لو لم تكونى جذابة لما كنت أمضى الليل كله معك.
ــ ألم تفكر للحظة أن عليك بحث الأمر معى؟
قطب جبينه وسألها: " وماذا هناك لنبحث فيه؟ الحمل أمر طبيعى بعد أى علاقة غرامية ".
ــ علاقة فى العصور الوسطى، ربما.
سمعت صوتها يرتفع، لكنها لم تزعج نفسها فى القيام بأى محاولة لتتابع بنبرة منخفضة: " لكن ليس الآن. فى هذه الأيام تخطط المرأة لإنشاء عائلة مع زوجها، ويقرران معاً متى سينجبان أطفالاً وكم عدد الأطفال ".
رفع ريكو كتفه بلا أى اهتمام، وعلق: " وهذا ما نفعله نحن أيضاً. ما دمت لا تعملين، وليس لدينا أى عوائق مالية، فيمكننى القول إننا سننجب العديد من الأطفال ومن دون تأخير".
أظهر لمعان عينيها الغضب المتصاعد فيهما، وهى تقول: " آه! أحقاً؟ وهل لدى أى رأى فى هذا كله؟ ".
حدق بها بفقدان صبر قائلاً: " ليس هناك أى عائق. لم لا ننجب العديد من الأطفال، وبقدر ما نشاء. أنت شابة وصحتك جيدة، كما أنك ولدت لتكونى أماً، فلم الانتظار؟ ".
ابتلعت جيسى غصة، وقالت بالرغم من الألم الذى تشعر به: " لو أننى من النوع الذى يلجأ إلى العنف، لكنت الآن مطروحاً على الأرض ".
ــ أنا متأكد أن ما تقولينه وما تشعرين به سببه الهرمونات لديك.
قال ريكو ذلك كأنه يخفف عنها، فنهضت جيسى على الفور، وهى تشعر بألم حارق، لدرجة أنها جاهزة لضربه.
ــ أنت لا تعرفنى. أليس كذلك؟ أنت لا تعرف أبداً ما الذى أفكر به.
ــ لا يمكن لأى رجل أن يكون متفائلاً بدرجة كافية ليتظاهر أنه يفهم ما الذى تفكر به المرأة، لا سيما عندما تكون حاملاً.
تابع مؤكداً لها بنبرة واثقة وكسولة: " وأنا لا أؤمن بإضاعة الوقت فى أمور تافهة. لم نكن بحاجة لنفهم بعضنا كى نتزوج ".
ــ لكن تلك كانت البداية. ألا تعتقد ذلك؟
حدقت جيسى به بإحباط شديد. من الواضح أنه يعتقد أن دورها يقتصر على إنجاب الأطفال، ولاشئ أكثر من ذلك.
ــ هل فكرت للحظة أنه قد تكون لدى خطط لا تتعلق بالأطفال؟
ضاقت نظرة عينيه وهو يسألها: " أى نوع من الخطط بالتحديد؟ ".
ــ أريد أن أسافر. أريد أن أعيش حياتى. أريد عملاً ريكو.
أخيراً، قالت ذلك. شعرت فجأة أن قلبها يدق بسرعة، لدرجة خشيت معها أن تغيب عن الوعى.
ــ أريد أن أعمل.
أصبحت نظرته باردة فجأة، وقال: " لماذا تريدين أن تعملى ولديك الكثير من المال، بل أكثر مما تحتاجين؟
ــ ليس للمال أهمية هنا، الأمر يتعلق باحترام الذات والاستمتاع بالحياة. أريد أن أكون مثل معظم الناس.
وتريد أن يتعلق عملها بالفنون. توقفت عن الكلام، بسبب القسوة التى ظهرت فى عينيه. بعد برهة تابعت بنبرة هادئة: " أحاول أن أجعلك تفهم ".
ــ أفهم ماذا؟ أن زوجتى لا تريد أطفالاً؟
أجابت بسرعة: " لم أقل إننى لا أريد أطفالاً، كل ما فى الأمر أننى لا أريدهم فى الوقت الحالى. اعتقدت أن هذا أمر يجب أن نتحدث عنه. ألم تفكر أن هناك أموراً أخرى أريدها أولاً؟ ".
ــ لم على أن أفكر بذلك؟ لم نستعمل أى موانع للحمل، ولم تعترضى على ذلك مرة واحدة.
قال ذلك وهو يحدق بوجهها، ثم تابع: " أنت شاحبة جداً، ومن الواضح أنك غاضبة. أنت بحاجة إلى النوم أكثر مما تفعلين، فأنت متعبة. سأحضر طبيباً بالطائرة ليعانيك بعد ظهر هذا اليوم، كما أننى سأتوقف عن إزعاج ليلك ".
إنه لا يصغى إلى ما تقوله.
ــ أتقصد أنك بعد أن قمت بما عليك، لم تعد بحاجة إلى بذل المزيد من الطاقة لجعلى حاملاً؟
بدت جيسى مرهقة، فهى لم تستعد بعد هدوئها من إدراكها المفاجئ أنهما لم يستعملا أى موانع للحمل. تابعت باستهزاء: " حسناً! أخشى أننى سأخيب أملك، لكن ليس هناك من حاجة لإضاعة وقت الطبيب، فأنا لست حاملاً، ولست متوترة بسبب تضاعف الهرمونات فى جسمى، ريكو. أنا غاضبة، وغاضبة جداً فى الواقع ".
حدق بها غير مصدق ما يسمعه: " ألست حاملاً؟ ".
كررت كلماته بهدوء وببطء، كى لا يكون هناك أى سوء تفاهم بينهما: " لست حاملاً، لذا إن كان هذا هدفك، فأمامك المزيد من العمل ".
أصبحت عيناه باردتين فجأة، ثم قال: " قاطعت نهار عملى لكى تقولى لى إنك لست حاملاً؟ ".
ــ لا! لم أقاطع يوم عملك لأخبرك أننى لست حاملاً، فموضوع الحمل لم يمر ببالى للحظة حتى تكلمت أنت عنه. لم آت إلى هنا لأخبرك أى شئ. أردت فقط...
توقفت عن الكلام، فالغضب والإحباط أوصلاها إلى بؤس لا يوصف. كيف يمكنها أن تعترف أنها تريد تمضية المزيد من الوقت معه، فيما يبدو بوضوح أنه لا يشاركها الإحساس بشكل لا يحتمل. أدركت الآن أنه لا يهتم لها أبداً، أما حقيقة اعتقادها غير ذلك لفترة، فجعلتها ترغب فى أن تختفى تحت الأرض من الاحساس بالذل والكره لنفسها. ها قد فعلت ذلك من جديد! وقعت تحت سحر ريكو المميت، وجعلت من نفسها حمقاء من أجله، تماماً كما فعلت عشرات النساء من قبلها. اعتقدت أنه يهتم بها، فمنذ اللحظة التى ضمها فيها بين ذراعيه، بدأت تفكر بالحب والرومنسية، أما هو فكان يفكر بعلاقة جسدية من أجل إنجاب الأطفال. حمقاء! بل هى فى منتهى الحماقة.
وقفت بتعثر وهى تتمتم: " هذا نقاش لا جدوى منه. يجب أن أغادر، وبدون شك سأراك فى ما بعد، من أجل إنجاب طفل ما ".
أطبق ريكو بيديه على كتفيها، وأدارها لتنظر إليه. بعد ذلك قال: " السخرية لا تناسبك، وأنت لن تغادرى قبل أن نصل إلى حل يرضى الجميع ".
ــ هذا ليس اتفاق عمل، ريكو! حل يرضى الجميع يعنى أن تصل إلى ما تريده أنت، فأنت تلغى كل شخص يقف بطريقك، لكنك لن تفعل ذلك معى.
شعرت بقلبها يدق بعنف، لكنها رفعت رأسها وتابعت: " أنا زوجتك، ومن المفترض أننا شريكان. ولن أسمح لك بأن تأمرنى وتتنمر على ".
قطعت ذلك العهد على نفسها، وهى ترغب فى الحفاظ عليه.
حدق ريكو بها باستغراب، وعلق مؤكداً: " أنا لا أتنمر عليك، فنحن شريكان ".
ــ كيف نكون شريكين ونحن لا نتحدث أبداً؟
لمعت الدموع فى عينيها، فرفعت ذقنها لتحدق فى عينيه وتتابع: " لهذا السبب أتيت إلى هنا. أتيت لأحاول إدخال أمور جديدة فى علاقتنا بعيداً عن العلاقة الجسدية. هل تدرك أننا خلال الأسبوعين الماضيين لم نتحدث أبداً؟ أريد أن نمضى بعض الوقت معاً، وهو أمر لم نفعله أبداً. اكتشفت السبب الآن، فأنت غيرمهتم أبداً بالتفاهم معى. فى الواقع، يبدو بوضوح أنك لست مهتماً بى أبداً. أنت تقول إنك تريد زوجة، لكن هل أمضيت أى وقت معى؟ ".
ضحكت ضحكة تخلو من أى مرح، فيما أكملت: " أنا هنا ببساطة لأعطيك ابناً، وهذا يفسر لماذا لا أراك أبداً خلال النهار، فيما تصر على إقامة علاقة عاطفية معى كل ليلة ".
بدا ريكو كما لو أنه يبحث عما يتمسك به كى لا ينفجر غضباً. مرر يده على مؤخرة عنقه، واعترف قائلاً:
ــ هناك شئ من الحقيقة فى ما تقولينه، لكنك تجعلين الأمر يبدو سيئاً. يمكننى أن أرى أنك منزعجة وغاضبة.
ــ أحقاً؟ أيمكنك أن تعرف ذلك من النظر إلى؟
هزت رأسها بغضب، فانفلت شعرها الأسود لينتشر على ظهرها، وهى تقول: " إذاً، أنت أكثر إحساساً مما يظهر عليك ".
سارت محاولة الخروج من المكتب، لكنه أمسك بذراعها من جديد، وأدارها، وهكذا أجبرت على النظر إليه مجدداً. قال بنبرة حانقة، والضيق والإحباط واضحان فى عينيه: " أجدك الأم المثالية لأطفالى. أى إطراء أفضل من هذا يمكن قوله لإمرأة؟ ".
ــ آه، حقاً! دعنى أرى.
رمشت بعينيها لتتخلص من الدموع المهددة بالانهمار، قبل أن تتابع: " أن تجدنى امرأة جذابة لاتقاوم، ورفقتها تثير البهجة، هذه الصفات هى الإطراء الأفضل برأيى ".
ــ ليس من وجهة نظرى.
ــ دعنى اسألك سؤالاً ريكو، وأريد منك جواباً صادقاً. هل نظرت يوماً إلى ورغبت فى معانقتى لأنك لا تستطيع مقاومة ذلك؟
ــ أى نوع من الأسئلة هذا؟
ــ سؤال منطقى. أجبنى ريكو!
امتلأت نبرة صوتها بالتحدى، وهى تقترب منه وتسأله: " هل تجدنى جذابة حقاً؟ ".
ــ هذا ليس نوع الحديث الذى أتوقع أن أخوضه مع زوجتى.
عادت البرودة إلى عينيه، لتبكى هناك. قالت بنبرة مخنوقة: " انس الأمر ريكو! من المؤسف أننا لم نجر هذا النقاش من قبل. يبدو بوضوح أن كلاً منا يتوقع اموراً مختلفة من هذا الزواج. سأتركك لتتابع عملك، فهذا كل ما يهمك كما يبدو ".
*********


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس