عرض مشاركة واحدة
قديم 25-11-17, 01:47 AM   #4420

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


" زهور يمكنك الجلوس مكانك "

تجاهلت ذاك الصوت الرجولي العميق مجددا وبقيت واقفة حيث

هي بعناد ترفض أن تتحرك من مكانها ، لم تتمنى الموت حياتها

كما تمنته اليوم وشعرت بأنها والجدار المقابل لها سواء فبأي حق

يعاملها هكذا كطفلة في مدرسته ثم وما أن ينهي سخريته وطلبه

منها يطلب منها الجلوس ؟ لن تتحرك من مكانها مهما كرر ذلك

كل حين وستتحمل ألم ساقيها مهما طالت المحاضرة وبعد خروجه

من هنا فليفعل بها ما هو أسوء من هذا إن رآها مجددا .

قرر أن ينهي المحاضرة أخيرا بعد قرابة الثلاث ساعات قضتها

واقفة حتى تخدرت قدماها اللتان لم تحركهما من مكانهما أبدا

وكأنه يتعمد أن يوقفها أكبر وقت ممكن أو أن يكسر عنادها

لتتعب وتقرر الجلوس ، وما أن بدأ بجمع أوراقه يتحدث عما

عليهم البحث عنه قبل محاضرتهم القادمة تحركت جهة حقيبتها

ومذكراتها وحملتهم وغادرت القاعة من قبل أن يخرج هو ليست

تهتم برأيه ولا ما سيكون عقابه القادم لأنه لن يطبقه عليها ،

غادرت الجامعة وركبت سيارتها وغادرت من هناك فورا وفي

ذات الطريق الذي جاءت منه حتى وصلت منزلهم ونزلت ضاربة

بابها بقوة ودخلت من فورها متوجهة حيث والدتها التي كانت

في المطبخ مع الخادمة والتي نظرت لها ما أن دخلت وقد نزعت

قفاز الفرن من يدها قائلة

" ما بك عابسة هكذا ؟ ثم أليس أمامك محاضرة أخرى حتى

الرابعة عصرا ! "

تنفست بقوة وغضب وقالت

" لن أذهب لتلك الجامعة مجددا "

نظرت لها والدتها بصدمة قبل أن تقول بضيق

" ما هذا الجنون يا زهور ؟ من التي أصرت على الدراسة في

كلية التجارة غيرك لتغيري رأيك الآن والفصل الدراسي

يكاد ينتهي ! "

نفضت يدها والحقيبة فيها قائلة بحنق

" لم أعد أريدها ولن أذهب هناك مجددا ولن أقابل ذاك الرجل "

" ما بها ابنتي غاضبة ؟ "

التفتت فورا للواقف خلفها ببذلته الرسمية الرمادية الأنيقة

يمسك حقيبته في يده وقد عاد للتو من عمله .. من رباها

منذ كانت طفلة وعاملها كابنته وليس ابنة لزوجته وهو من لم

يرزق بالأبناء من زوجته السابقة فطلبت الطلاق منه ، قالت باستياء

" أبي أريد تغيير دراستي أنت قلت أني أدرس ما أريد أليس كذلك ؟ "

اقترب منها وحوط كتفيها بذراعه وقال سائرا بها في الاتجاه الآخر

" ما هذا الذي يجعل زهرتي الجميلة تترك التخصص الذي تحبه

وقد عاندتني ووالدتها لتدرسه ؟ "

عبست ملامحها الرقيقة وعلمت ما سيكون رأيه من المقدمة التي

أتحفها بها وكأنه يذكرها بأنه وقف في صفها حين اختارت ما تريد

دراسته ، جلس وأجلسها قربه فرفعت شعرها القصير خلف أذنيها

وقالت ناظرة لعينيه برجاء

" إن أخبرتك بكل شيء أتعدني بأن تنصفني ؟ "

مسح بإبهامه تحت جفنها الواسع وقال مبتسما

" أعدك فهيا أخبريني ما سبب هذا القرار المفاجئ ؟ "

نظرت للتي وقفت أمامهما يداها وسط جسدها تنظر لها بحنق قبل

أن تنظر ليديها في حجرها وتنهدت بحزن وبدأت تسرد ما حدث

معها منذ البداية حتى اليوم وما أن انتهت نظرت للذي كان يستمع

لها بانتباه وقد قال مبتسما

" أنتي إذا السبب وراء مغادرة ماريه وإغلاق منزل عمها وجميع

أعماله واختفائه حيث لا أحد يعلم مكانه حتى الآن ؟ "

ابتسمت ببرآءة ورفعت كتفيها قائلة

" كنت أريد فقط أن تخرج ماريه من هنا والباقي كان

خارج مخططي "

ضحك وقال

" جيدا فعلت يا زهور "

" عبد الرحمن !! "

تحدثت الواقفة أمامهما بضيق تنظر له تحديدا فابتسم وعاد

بنظره للجالسة بجانبه وقال

" لكن قرار ترك الجامعة ليس صائبا يا زهور وأنا لن أوافق

عليه أبدا "


قالت بتذمر يائس

" أبييي "

شد شحمة أذنها وحركها برفق مبتسما وقال

" هل لي أن أفهم يا مشاكسة كيف تكون من فعلت كل ذلك

جبانة هكذا وتهرب من مواجهة استاذها "

لمست أذنها لا شعوريا ما أن أبعد يده وقالت بأسى

" بعد أن أخبرتك بكل ما فعله اليوم تقول هذا ؟ "

وقف وقال ناظرا لها

" أجل فأثبتي لذاك الشاب أنك أقوى من أن يهزمك ؟ أنتي

التي لم تعجزك مادة سابقا وكانت والدتك تلقبكما أنتي وماريه

بفأرتا الكتب تهزمي أمام مادة ليست سوى مادة قانون لا تمت

لتخصصك الأساسي بأي صلة ! "

كانت ستتحدث والسخط باد على ملامحها فسبقها قائلا

" اعتبري الأمر تحد وأثبتي له أنك أقوى من أن يهزمك فلن

يستطيع أن يخسرك المادة وأنتي متفوقة وأعدك أن أتدخل

إن لزم الأمر ذلك نهاية العام "

عبست ملامحها الحزينة وتمتمت بأسى

" لكني خسرت كرامتي أمام الجميع "

قال بذات ابتسامته المحبة

" بل حين رفضت العودة للمدرج أثبتي للجميع أن كرامتك

فوق كل شيء وأولهم استاذك ذاك "

زاد عبوس ملامحها حتى كادت أن تبكي وقالت

" لكن الأسوء أني خرجت من المحاضرة فور أن انتهت

وقبل أن يخرج هو لأني كنت عازمة على أن لا أرجع أبدا

لتلك الجامعة "

ضحك ووضع يده على رأسها ولعبت أصابعه بشعرها القصير

الناعم وقال

" لا أريدك أن تخسري أمام نفسك قبله يا زهور ولست

أصدق أن المشاكسة الشجاعة دائما تهرب من هذا ! "

أنهى كلماته تلك وغادر ووالدتها تتبعه تراقبهما نظراتها

العابسة اليائسة بعد أن فقدت الأمل في أن يقف في صفها ،

رفعت وسادة الأريكة وضربة بها وجهها متمتمة بقهر

" سحقا لي ولماريه ولزوجها ومحاميه الأخرق ذاك "


*
*
*
وصلت بهو الفندق ولازالت تضع النظارات الشمسية الكبيرة

على عينيها وبحثت بنظرها في الأرجاء حتى وقع على الواقفة

بعيدا تنظر أيضا لما حولها بحثا عنها ويبدو التوتر واضحا جدا

عليها فاقتربت منها سريعا وسحبتها من يدها حتى كانتا خلف

العمود الرخامي الضخم المذهب ورفعت نظارتها فوق حجابها

وقالت هامسة

" أين والدتك الآن ؟ ألن تشك بشيء ؟ "

حركت رأسها بالنفي فورا وقالت

" ما تزال في الأعلى ولن تشك أبدا فهي لا تعلم أني أملك رقم

هاتفك ولا هاتف جليلة وكل ما تعلمه أني هنا لطلب سيارة تقلنا

للمطار فهي قررت أن نسافر بالطائرة هذه المرة وكل ذلك كي

لا نبقى هنا لوقت أطول "

وسرعان ما ملأت الدموع عينيها وأمسكت بيدها قائلة برجاء

" لا أريد المغادرة قبل أن أراه يا غسق ، بل لا أريد أن أبتعد عنه

أبدا ، والدتي لا يمكنها فهم هذا وإن أخذتني من هنا فلن

أرجع مجددا "

شدت على يدها بيدها الأخرى وقالت ناظرة لعينيها

" جهينة عليك أن تعلمي أولا أن رماح قد يعيش مقعدا للأبد

بل وقد تزداد حالته لأسوء من هذا "

حركت رأسها وهمست والدموع تتقاطر من عينيها

" ليس يعنيني كل ذلك يا غسق أريد فقط أن نكون معا فلن

يعلم أي منكم ما يعنيه لي وهو الرجل الذي أحببته منذ أعوام

طويلة فكيف سيكون طعم حياتي وهو بعيد عني ؟ لقد جربت

ذلك سابقا وما أقساه "


رفعت يدها لوجهها تمسح دموعها من وجنتيها تكابد أيضا

الدموع التي ملأت تلك الأحداق السوداء الواسعة فهي قاست

ذلك مثلها تماما وتعلم ما معنى ذاك الشعور لكنها لا تمتلك صفة

الغفران التي امتلكتها هي وإن وجدت التبريرات مثلها ، ليست تعلم

لأن جرحها أعمق وأقسى أم أن حبها لذاك الرجل هو ما كان أشد

وأعظم من أن تغفر له !

أمسكتها من يدها وسحبتها جهة المصاعد قائلة

" هيا اصعدي وسألحق بك بعد قليل وعليك أن تتفاجئي برؤيتي

أيضا لا تنسي ذلك "

وراقبتها وهي تغادر بعينان اكتسحتها الدموع مجددا فهي ستسعى

كل جهدها لتسعد هذه الفتاة وشقيقها قبلها مهما فعلت ومهما
كان الثمن بما أن شرط رماح تحقق أخيرا


*
*
*

تلك الطرقات الخفيفة على باب جناحهما كانت ما كسر ذاك

الصمت القاتل سوى من الدموع الصامتة للتي كانت تجمع

أغراضهما في الحقيبة الصغيرة التي أحضرتاها معهما البارحة .

تبادلتا نظرة صامتة قبل أن تهمس والدتها متوجهة للباب

" لابد وأن السيارة جاهزة وأرسلوا أحدهم ليعلمنا عنها "

وقفت التي تركتها خلفها على طولها تمسح بقايا دموعها هامسة

بدعاء خافت أن تكون شقيقته تلك أعند من والدتها رغم شكها

في ذلك فلم يكسر يوما عنادها أحد ولا والدهم رحمه الله ولا

إبنها البكر وأقرب الناس لها ... وحده ابن شاهين من فعلها

الآن فهي كما الجميع لن تستطيع قول كلمة

" لا " لهذا الرجل .

فتحت والدتها باب الجناح وكم أملت بأن أملا جديدا قد يكون

فتح معه وهي تنظر للواقفة أمامه بل ولأجمل من رأت عيناها

قد لبست السواد كاملا والتي نقلت نظرها بينهما قائلة بابتسامة

رائعة تشبهها تماما

" أعتذر إن أزعجتكما "

نقلت نظرها لوالدتها حين التفتت لها برأسها فتبادلت معها تلك

النظرة المصدومة كما سبق واتفقتا رغم أنها استشفت الكثير

من الشك في نظرتها تلك قبل أن تعود بنظرها للواقفة أمامها

وقالت وقد تنحت جانبا

" أبدا بنيتي أمثالك لا يزعجون أبدا ... تفضلي "

وما أن خطت قدماها للداخل حتى تابعت التي أغلقت الباب

ونظراتها التحذيرية مسلطة على تلك العينان الدامعة

" كنا نجهز أنفسنا للمغادرة فطائرتنا بعد ساعتين لكن الوقت

أمامنا لنتوادع بالتأكيد "

عبست تلك الملامح الحزينة الباكية ما أن وقفت غسق بينهما

تخفيها عنها فأومأت لها برأسها مبتسمة ومشجعة فهي إن كانت

تعرف والدتها فليست تعلم عنادها هي وحصولها دائما على

ما تريد ، التفتت سريعا للتي أصبحت خلفها وقالت مبتسمة

" إن فاتت هذه الطائرة فثمة العشرات غيرها بالتأكيد ولا مشكلة

أبدا في ذلك فهل نجلس ونتحدث قليلا يا خالة "

أشارت لها بيدها فورا على الصالون الأنيق قائلة

" بالتأكيد تفضلي "

فتحركت هناك من فورها لحظة ما نظرت تلك لابنتها قائلة

" اجمعي باقي الأغراض من الغرفة يا جهينة "

نظرت لها فورا وباستياء ولم تستطع قول شيء بسبب نظرة

التهديد في عينيها فلم تكن تتوقع أبدا أن تبعدها عن حديثهما !

وكان عليها أن لا تستغرب ذلك فهي بالتأكيد ستفكر بأنها قد تؤثر

على حديثها سلبا لذلك ما كان أمامها سوى أن تنصاع لأوامرها .

وما أن اغلق باب الغرفة خلفها حتى جلست والدتها ونظرت

للتي قالت بهدوء

" يبدوا أنك غادرت منزلي مستاءة ليلة أمس ولن تغادري البلاد

وفي خاطرك ما يكدرك منا أبدا "

نظرت فورا ليديها في حجرها وشعرت بالخجل من نفسها فحتى

إن كانت أكبر منها وفي مقام والدتها فهي تبقى ابنة الرئيس

السابق للبلاد ومن كانت زوجة لذاك الرجل العظيم ووالدة

ابنته بل ومالكة هذه المدينة وكل ما فيها تتنازل لتعتذر منها

هي وتراعي خاطرها وتفكر أساسا إن خرجت من منزلها مستاءة

أم لا !! قالت ونظرها لازال على يديها ولتختصر على كليهما

المقدمات

" جهينة هي ابنتي الأنثى الوحيدة ولست أكره لها ما تحب أبدا ،

كنت أتفهم دائما أسباب رفضها الزواج حتى الآن وكل ذاك الحزن

الذي رافقها لأعوام حتى أنها اعتزلت الناس لفترات طويلة ولن


أحب لابنتي إلا ما يسعدها فلا أريد لها أن تتخذ قرارا تندم عليه

لسنين طويلة وأن تنجرف خلف عواطفها فتعيش نصف امرأة

لباقي عمرها "

شدت الجالسة أمامها قبضتيها لا شعوريا وشعرت بالألم لحجم

الإهانة التي وجهتها لشقيقها وإن كانت لم تقل ذلك بشكل مباشر ،

لكنها تغاضت عن كل ذلك وقالت بذات هدوءها

" لن يرضى أحد بذلك لابنتك يا خالة وأولهم رماح وما كنت

لأكون هنا لو كنت أعلم بأن ذاك سيكون مصيرها معه "

لاذت المقابلة لها بالصمت دون أن تعلق ولا أن ترفع نظرها

بها فتنهدت بعمق وعلمت أن مهمتها لن تكون سهلة أبدا ،

قالت تراقب ملامحها وجفناها الواسعان المسدلان وقد اكتحلا

بسواد فاحم

" لو كان لك ابن أو شقيق في حالته لما تمنيت له إلا الأفضل ،

واتباع عواطفنا لا يعني دائما أننا سنؤذي أنفسنا "

رفعت نظرها بها حينها وقالت بجمود

" لديا ابن مصاب بسمات التوحد ولن أفكر يوما في أن أظلم

امرأة لتكون خادمة له وإن كانت مجنونة بحبه "

أغمضت عينيها وتنفست بعمق تذكر نفسها بأنها في سن والدتها

وأن تحترمها مهما قالت وتقدر طريقة تفكيرها في مصلحة ابنتها

قبل أن تفتحهما وتنظر لها قائلة

" وضع رماح مختلف تماما يمكنه ممارسة حياة طبيعية

جدا ثم هو .... "

سكتت قليلا قبل أن تقرر قول ما كانت ترفض قوله نزولا عند

رغبة شقيقها

" هو قد يسير مجددا وإن بشكل جزئي وهذا ما أكده الأطباء

لكنه من يرفض العملية "

لاحظت نظرة عدم اقتناع في عينيها فتقدمت في جلستها حتى طرف

الأريكة ومدت يديها وأمسكت بيدها وقالت برجاء

" رماح يحتاج لمساعدتنا جميعا وجهينة أولنا فهل يرضيك

أن يبقى هكذا وبيدك الحل ؟ "

أبعدت نظرها عنها وقالت

" تعلمين بأن شقيقك من يرفضها فلنذهب في حال سبيلنا

أفضل لنا فظروفنا لن تسمح ولا بالبقاء هنا ليومين آخرين "

ابتسمت وقد شعرت ببصيص أمل وإن كان ضئيلا وقالت من

فورها وقد تركت يدها

" أي ظروف هذه التي ستمنع بقائكم في بلادكم ؟ من يفضل

أن يتغرب عن وطنه ومجتمعه وأهله ؟ "

تنهدت الجالسة أمامها بحزن وقالت تنظر لأصابعها

" ابني البكر يعمل هناك وهو من يعول أسرته وعائلتنا ،

هو مطارد في قضية ثأر قديمة فقد أصاب زميلة برصاصة

بالخطأ حين كان مع جيش ابن راكان في الماضي ، عائلة

المقتول أعفوا عنه لكن شقيقه من والده طالب بإخراجنا من

المدينة وقال بأنه لن يبحث عنه لكن إن رآه أمامه فسيقتله

لذلك غادرنا البلاد بأكملها لنحافظ على حياته وهو يرفض

العودة والحديث عن الأمر خاصة أنه لم يحضى بأي فرصة

للتعليم ولا شهادة لديه ويعتمد على عمله اليدوي هناك

لدفع إيجار المنزل وإعالتنا جميعنا ويرفض أن تعمل أي

واحدة منا عملا تهان فيه وأي أعمال هذه المشرفة التي

سنحضى بها ! فحتى جهينة أوقفت دراستها منذ أعوام بسبب

تكاليف رسوم المدارس لأننا لسنا من البلاد "

شعرت بالحزن على قصتها وما عانت هذه العائلة فالإبن الأكبر

مطرود وحياته مهددة بالخطر والآخر مريض هذا غير تردي حالهم

ماديا ومعنويا بالتأكيد ، قالت من فورها

" السكن والوظيفة جميعها مشاكل يمكن حلها وبسهولة فالمنازل

هنا تقدم مجانا أو بأسعار رمزية للأسر المحتاجة حتى يتحسن

وضعها وتنتقل لأماكن أخرى وتكون ملكا لها ، كما يمكن إيجاد

وظيفة لكل واحد منكم وسأتكفل شخصيا بابنك المريض فثمة

مراكز هنا لمن هم في مثل حالته ، أنا لن أطالبك بأن تذهب ابنتك

لشقيقي ولا أن تفرض نفسها عليه أريد فقط أن نمنحهما فرصة ...
فرصة أخيرة ليقررا مصيرهما فإما أن يقتنع رماح أو أن تغير

ابنتك رأيها فيه ولن تظلم أبدا أقسم لك يا خالة وكرامتها من

كرامتي لن تهان ولن تجرح يوما "

لاذت بالصمت للحظة واحترمت هي ذلك وتركتها مع أفكارها

لتقرر وجل ما تتمناه أن تنجح في مهمتها فإقناع هذه المرأة

ومهما كان صعبا هو أيسر من إقناع شقيقها رماح ، قالت

التي نظرت لها مجددا

" ابني لن يقبل أبدا أعرفه عزيز نفس بل وسيغضب مني ومنها

إن نحن فقط تحدثنا معه في الأمر ولا تفكري بأنك قد تقنعيه

بالتحدث معه فالنتيجة ستكون ذاتها وسيغضب من جهينة

تحديدا فحتى قدومنا إلى هنا كان رغما عنه ولولا إرسال الزعيم

ابن شاهين رجاله وأوامره الصارمة لندخل البلاد معهم

ما وافق أبدا "

نظرت لها بصدمة قبل أن تهمس

" مطر من فعل ذلك ؟ "

أومأت برأسها بنعم وقالت

" أوامره وحدها التي ما كان ليستطيع رفضها أبدا ... بل من

كان ليتخيل أن يطرق رجاله باب منزلنا يوما ؟ "

أشاحت بوجهها جانبا وتنهدت بضيق .. هل على ذاك الرجل

أن يخرج لها في كل شيء ؟ جليلة ... مؤكد هي من لجأت له

في هذا لكن كيف وصلت له ؟ آه أجل وقت قدومة لاجتماعهم

لا تفسير آخر للأمر ، نظرت لها مجددا وقالت

" اتركيني أحاول التحدث معه وإن عبر الهاتف ، بل وسأسافر

وأراه شخصيا إن كان ذلك سيقنعه "

حركت رأسها بالنفي متنهدت بحزن وقالت

" لن يجدي ذاك نفعا صدقيني فحتى حين اقترحت عليه أن نخبر

رجال ابن شاهين يوصلوا له طلبنا بحل قضية الثأر لأننا كنا خارج

البلاد وقت حرر الهازان وتولى جميع تلك القضايا المشابهة رفض

ذلك فورا وقال بالحرف الواحد

( لسنا بحاجة لأن نتسول عطف من هم مسئولون عنا أمام الله

قبل الناس )

فلا تتوقعي أبدا أن يوافق "

وقفت على طولها تشد قبضتاها بقوة ونظرت فورا جهة التي

كانت تنظر لهما من شق الباب المفتوح قليلا .. نظرة باكية

حزينة مكسورة فظهرت صورة شقيقها أمام عينها فورا ونظرته

الحزينة الشاردة تلك حين علم أنها قد تكون غادرت البلاد ، أغمضت

عينيها وتنفست بعمق هامسة بخفوت

" من أجلهما يا غسق ... من أجلهما "

أدخلت يدها في جيبها وأخرجت هاتفها وتحركت حتى باب الشرفة
وفتحته ووقفت خارجا تتكئ بظهرها على الجدار ونظرها على

الحديقة المقابلة لتلك الفنادق والأطفال يتراكضون حول النافورة

التي تلاعبهم برذاذ قطرات الماء المتناثرة منها وكأنها تستمتع

بأصوات ضحكاتهم الصغيرة المتداخلة .

ضربت بطرف حذائها على الأرض بتوتر تستمع لصوت رنين

الهاتف في الطرف الآخر ، تكره أن تتحدث معه مجددا بعد مكالمته

تلك واتهامه لها وتكره أكثر أن تطلب ذلك منه لكن لا مفر لها من

هذا فالثمن سيكون سفر تلك الفتاة وللأبد وعيش شقيقها وحيدا

رافضا حتى المحاولة للمشي مجددا ، كتمت تنفسها الذي سحبته

قويا وبدأت تخرجه ببطء فور أن فتح الخط وسمعت تلك النبرة

العميقة المبحوحة

" أجل يا غسق "

زمت شفتيها بضيق تسمع بوضوح صوت الريح لتحركه في

سيارة ما أي أنه لن يكون لوحده فيها بالتأكيد ، هذا الرجل لن

يتوقف عن التبجح بأنها ما تزال زوجته وتعلم بأنه لا يفعلها

إلا لمضايقتها ، حررت شفتيها وقالت

" تبدوا مشغولا لكن ثمة أمر مهم علينا التحدث فيه "

وصلها صوته القلق فورا

" ما بها تيما ؟ هل هي بخير ؟ "

قالت من فورها

" هي بخير الموضوع يخص رماح وجهينة ولا يقبل التأجيل أبدا "

سمعته يحدث أحدهم قائلا

" توقف هنا يا قاسم "

تنهدت بضيق ما أن سمعت ذاك الاسم ونظرت جانبا وهي تسمع

ذاك الصوت الرجولي القريب

" ماذا حدث ؟ ما بها ابنتك ؟ "

سمعت صوت باب السيارة وهو يفتح وصوت مطر قائلا

" لا شيء "

ساد الصمت من ناحيته قليلا ومن صوت الأمواج الواضحة

علمت أنه عند الخط الساحلي لبحر بينبان جهة غرب الحالك

ليسلكوا طريقهم لغرب الهازان كما سبق وقالت ابنته فشعرت

بتلك الغصة المؤلمة في قلبها والدموع تملأ عينيها السوداء

الواسعة محدقة بالسماء ولم تستطع مع انكتام أنفاسها أن

تقول شيئا .


*
*
*


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس