عرض مشاركة واحدة
قديم 26-11-17, 11:47 AM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4- امرأة جديدة
باستعادة ذكريات تلك الامسية ، فان شيئا واحدا ما يزال يعتمل داخل ميرسى . اوه ! كان الطعام رائعا ولذيذا ، اما شهيتها التى ظنت انها فقدتها فعادت اليها بقوة كبيرة . حتى انها تمكنت من تناول الحلوى التى طلبها اندريو ، بعد ان حرصت على عدم التفوه باى شئ بالغ فى السخف
حاولت ان تحافظ على رزانتها فى ان تاخذ على محمل الجد نفيه الشديد لبشاعتها ، الا انها لم تتمكن من ذلك على الاطلاق
من جهة اخرى تقبلت ميرسى تفسيره لدورها فى ذاك الاعلان للطعام ، اذ توهج خداها بحرارة حينما تذكرت ما قاله لها ، بان الرجل الحقيقى يفضل المرأة المفيدة المهتمة والحنونة على اولئك النسوة السطحيات ، التافهات ، الانانيات ، اللواتى يقلن دوما انا ... انا ... انا ...
بدت كلماته تلك مرهما ملطفا لجرحها بعد الاذلال الذى شعرت به يومها . اما الان ، وبعد مرور حوالى اسبوعين ، فان شيئا مما قاله اندريو لها ، ما زال يعتمل فى داخلها . الا انها لم تعرف ما هو بالتحديد
لم يتسن الوقت لميرسى كى تفكر مليا بخصوص اللغز الذى ما يزال يزعجها ويغضبها . انه شئ قاله او لمح له اندريو ، لكنها لم تتمكن من التوصل اليه ، فمنذ ذلك اليوم ، وبعد ان قاما بتصوير الاعلان ، عاد اندريو الى طبيعته التى لا يمكن التنبؤ بها . انه ينتقل احيانا بحركة سريعة ، فيخرج من المنزل حالما يتناول فطوره ، ولا يعود اليه حتى ساعات متاخرة . لكنه اغلب الاوقات يبقى فى المنزل ، فيقفل على نفسه فى مكتبه ، ثم يقرقع بهوس على لوحة مفاتيح الكمبيوتر
ولطالما سمعته ميرسى يصرخ وهو يتكلم عبر الهاتف ، ثم يزار طالبا منها القدوم كى تجلب له المزيد من القهوة ، او تفرغ سلة المهملات ، او تطفئ جهاز التدفئة المركزية !
استضاف اندريو خلال احدى الامسيات زبونا هاما وزوجته ، فدعاهما الى العشاء . لكنه جعل ميرسى تمر فى اوقات عصيبة حقا حينما اكتشف قبل لحظات من وصول ضيفيه ، انها اعدت بنفسها الوجبة التى لم تكلفها سوى ثمنا زهيدا ، عوضا عن الحصول على خدمات الشركة المتخصصة باعداد الطعام . يومها اتهمها بشكل لاذعا انها تتصرف كالبرجوازيين الذين يوفرون الاموال ببخل شديد . ثم هددها بالعقاب المريع اذا ما تبين ان ما اعدته ليس كافيا او انه ليس بالمستوى المطلوب . اما بعد رحيل الضيفين ، فقد جردها اندريو من سلاحها تماما عندما تبعها الى المطبخ حيث كانت ترتب الاغراض وتتافف متذمرة . فغمرها فجاة فى عناق يشبه احتضان الدب ، وهو يصيح مبتهجا بانتصار قائلا : اهنئك هاورد ! لا احد سواك يمكنه تحضير وجبة كهذه ! هلا سامحتنى ؟
امن المستغرب بعد ذلك ان تشعر ان راسها فى دوار مستمر ؟
اما اليوم فهى تتمتع برفاهية السكوت التام ، لكنها بشكل ما احست بفراغ .
غادر اندريو المنزل عند الساعة السادسة من صباح اليوم ليستقل الطائرة متوجها الى روما لاجل العمل . ستستغرق رحلته اسبوعا او اكثر ، لذا يمكنها ان تتروى وان تفعل ما تحب فعله خلال وقت فراغها
سالها اندريو بنزق وهو يقفز نزولا على الدرج : اين هى حقيبتى اللعينة ، هاورد ؟
استخدمت ميرسى نبرتها المهدئة التى تستعملها عندما يبدو اندريو سئ الطباع ، فاشارت الى الحقيبة التى كانت قد وضبتها له خلال اليوم السابق ، وقالت : انها هنا ، سيدى . كما ان سيارة الاجرة بانتظارك
فجاة توقف فى مكانه بعد ان كان يندفع مسرعا عبر البهو الواسع ، ثم طرح عليها سؤالا كما لو انه لا يثق بانها تحسن التصرف فى غيابه : ما الذى تفعلينه عادة اثناء غيابى هاورد ؟
توقف قليلا ثم تابع يقول : لا تنادينى سيدى
فكرت ميرسى باستهجان ، ما الذى يظن انها تفعله ؟ ايعتقد انها تقيم حفلات صاخبة ، او ترتاد الحفلات الماجنة ؟ ام تذهب فتسلب حقائب يد النساء المسنات الواقفات امام مكاتب البريد قاومت رغبتها بان تطلب منه ان يهتم بشؤونه فقط والا يتدخل فى ما لا يعنيه ، واكتفت بالقول : ان السائق ينتظرك منذ حوالى الخمس دقائق . هل انت واثق تماما ان جميع الوثائق الضرورية للسفر بحوزتك ؟
ثم مرت امامه لتفتح له الباب
القى اندريو باتجاهها نظرة كفيلة بان تذبل شجرة سنديان كاملة . وذلك قبل ان ياخذ حقيبته بسرعة ، ثم يمشى خارجا مرفوع الراس . قال لميرسى : انا لست طفلا ، هاورد . وانت لست مربيتى !
تنهدت ميرسى . انه لا يحتمل ! لكنها لا تحبه الا على هذا الشكل . فكرت بذلك وهى تتناول قهوة الصباح . انها لا تشعر باية لحظة مملة ، فالاوقات التى تمضيها معه رائعة تماما . شعرت ان جفنى عينيها يذبلان ، اذ ابقاها اندريو مستيقظة حتى وقت متاخر ليلة الامس . ساعدته على ايجاد الاوراق الضرورية لرحلته الى روما ، من بين كومة الاوراق المبعثرة على مكتبه ، ثم بحثت عن المكان الذى اختفت فيه احدى حقائب الاوراق . تافف اندريو منها طالبا منها ان تستعمل عينيها جيدا كى تجد الحقيبة ، فردت عليه بالمثل متاففة قائلة بانه لو سمح لها ان ترتب مكتبه – وهو امر يرفضه رفضا قاطعا – لما تحول الى هذه الفوضى العارمة الهائلة
لفت شفتى ميرسى ابتسامة رقيقة ، فمنذ بدات العمل لدى اندريو باسكالى وهى تشعر انها غدت كتلة من النشاط . فى الواقع هى لم تشعر بهذه الحيوية من قبل فى حياتها . تذكرت مختلف المواقف التى جعلها اندريو تخوضها ، والتى تراوحت بين الغضب والاذلال والمتعة والمرح وذلك حين يشاركها فى مزحة ما . انها امور ساعدتها حتما على الاستمرار والمثابرة معه
انه رجل يتمتع بحيوية كبرى ، وهو متقلب جدا كالزئبق . فهى لم تكن تدرى متى تسود تانك العينان الفضيتان غضبا ، ومتى تومضان ضحكا ، او تتالقان متلالئتين بكل ذلك السحر الذى يستطيع استجماعه ساعة يريد . وذلك يحصل عادة ، فى حالتها هى ، عندما يقول شيئا او يتصرف بشكل ما مسببا لها الغليان لدمها
لا عجب اذا انه يستطيع تحويل اية امرأة تعجبه الى عبدة بين يديه ، فتصبح غير قادرة على مقاومة جاذبيته القوية . يا للنساء المسكينات !
لحسن الحظ انها لن تكون رقما اخر يضاف الى الانتصارات التى تحرزها من دون ان يبذل اى مجهود
بالنسبة الى اندريو هى ليست سوى هاورد البسيطة العادية ، التى يجدها فى متناول يده للاهتمام بضروريات المنزل ، وللتخفيف من شدة نوبات غضبه ، لانه يدفع لها اجرا لائقا جدا كى تتحمله . اما من جهتها ، فهى تستمتع بالاوقات السعيدة ، بفترات هدوء العاصفة حين يعاملها كما لو انها صديقته المفضلة
انهت ميرسى كوب القهوة باكمله ، وما لبثت ان وضعته على الصحن محدثة طقطقة حتى كادت ان تكره . ذاك هو الامر ! ادركت فجاة ما هو الامر الذى ما زال صداه مؤثرا فى مؤخرة ذهنها : انا لا اهتم للمظهر الذى تبدين عليه ، فلم عساك تابهين ؟
لكنها بالفعل تهتم ، وللمرة الاولى فى حياتها ، كما اعترفت لنفسها . تلقت ميرسى تربية حازمة على يد والدين ورعين يحرصان على التجرد من الانانية وعلى عدم تبذير اموال غير ضرورية على القشور ، فى حين ان الملايين فى العالم يموتون من الجوع وسوء التغذية ، او بسبب افتقادهم للماوى ومعاناتهم من امراض لا يمكن تفاديها . لذلك كان ضميرها يوجه لها توبيخا ذهنيا ، فى المناسبات القليلة التى كانت تقف فيها امام واجهة احد المحال التجارية الفخمة ، مشتهية بذلة لا قدرة لها على شرائها
لطالما تبرع والداها بما استطاعا توفيره من اموال اضافية الى احدى الجمعيات الخيرية . لكن بعد وفاة والدها ، لم يعد يتوفر لديهم سوى القليل جدا ، ما اضطرهم الى العيش بتقشف . اما ما يفيض عن حاجتهم فراحو يضعونه جانبا لاجل تعليم شقيقها الذى الحذق
لكن الامور اصبحت مختلفة الان ، اليست كذلك ؟ هى لا تريد ان تحسن مظهرها من اجل رب عملها ... حتما لا ! فهو لا يهتم او يكترث ابدا لما تبدو عليه
طلبت ميرسى رقم هاتف كارلى ، واملت الا تكون صديقتها غارقة فى نوم مطول كعادتها خلال نهار الاحد . لطالما عرضت عليها كارلى المساعدة فى عدة مناسبات ، لكن ميرسى تحتاج الى هذه المساعدة الان بالذات !
****
لم تستطع ميرسى الاكتفاء من النظر الى انعكاس صورتها الجديدة فى مرآة الحمام الطويلة . يوم الاحد الماضى كانت كارلى قد وعدتها بان تاخذ نهار اجازة يوافق يوم الجمعة من الاسبوع التالى ، وقد بدت متحمسة جدا لامكانيات النجاح المحتملة . فالجمعة هو اليوم الذى يفترض ان تنتهى فيه اجازة زميلتها فى العمل ، لذا ستكون قادرة على اخذ اجازة بدورها
لكن ميرسى ، ومع مرور ايام الاسبوع ، احست بالريبة والهواجس التى دفعتها للتخاذل . اصبحت هواجسها قوية الى حد انها اتصلت بصديقتها لالغاء الامر . لو ان والدها ما زال حيا لوبخها بشدة على تفاهتها ، فى حين ان والدتها كانت لتصاب بنوبة غضب على ما تسميه هدرا للمال
لكن كارلى صرخت فى وجه ميرسى قائلة : ارفض ان ادعك تجبنين . الديك فكرة عما عانيته كى يسمحوا لى باخذ اجازة نهار الجمعة ؟ انه احد اكثر ايامنا انشغالا . اضطررت الى الركوع على ركبتى والتوسل الى ساندرا كى تقول بانها سوف تتدبر امرها فلطالما قمت بتغطية غيابها قبل اليوم فضلا عن ذلك ، انت تدينين بالامر لنفسك
اخيرا استسلمت ميرسى لكن بشروط ، اذ وافقت على مضض انها تدين بالامر لنفسها . فبعد ان ارتفع اجرها الى حد كبير ، من دون ذكر المبلغ الضخم الذى حصلت عليه من التمثيل فى ذاك الاعلان الكريه ، فهى تستطيع تحمل صرف بعض المال على نفسها من باب التغيير ، ومن دون ان تحرم جيمس مما يحتاجه
بالفعل ، كان الامر يستحق العناء ! لقد ارهقتها فاتورة مصفف الشعر المشهور ذاك ، لكنه اجترح المعجزات . استبدل شعرها الشبيه باداة نزع الفلينة عن الزجاجة ، باخر اكثر حيوية ، اذ قصه بمهارة على شكل تدرجات وتموجات ناعمة كالريش تلامس جبهتها برقة وتستدير بنعومة حول عنقها . ذاك العنق الذى بدا طويلا الى حد مدهش بفضل كنزة حريرية مفتوحة ، على شكل زاوية حادة من الامام ، بلون الياقوت الازرق . انسابت تلك الكنزة باناقة على جسمها وانزلقت بسرعة لتحدد خصرها النحيل ، منتهية فوق تنورتها الكحلية الضيقة
اكتملت صورة ميرسى ، مع انتعالها حذائين ذا كعبين رفيعين . كما انها ابتاعت قمصانا اخرى تتلائم مع هذه التنورة ومع تنورة اخرى اشترتها فى اليوم نفسه ، بدت غير واثقة من صوابية قرارها بشراء التنورتين ، فهى معتادة على ارتداء الملابس الفضفاضة التى تخفى معالم جسمها . مدت يدها لتناول تنورة واسعة لمحتها معروضة على المشجب ، لكن صديقتها همست قائلة : لا ! لا تفعلى ! ليس عليك ان تخجلى من اظهار جسمك على حقيقته !
كما اقنعتها كارلى بشراء فستان من الكتان زهرى اللون ، باهظ الثمن لكى تتباهى به خلال اوقات اجازتها . ثم حامت كارلى حول ميرسى وهى تحمل بيدها قميصا قطنية حريرية الملمس مدهشة ، ولم تستطع ميرسى مقاومة شراء هذه القطعة الجميلة ايضا
اندفعت ميرسى بحماس لترتدى ثيابها الجديدة ، من غير ان تحزن على بذلة عملها الرمادية الشنيعة . فارتدت فستانها الزهرى المخصص لاوقات العطلة
تلائمت الالوان وقياس الفستان مع جسد ميرسى بشكل تام . ملمس القماش الناعم على بشرتها جعلها تشعر انها امرأة تتمتع بالانوثة ، كما لم تشعر ابدا من قبل
مدهش ! تلالات عيناها الزرقاوان الكبيرتان المنعكستان فى المرآة امامها . بدت لها ملامحها بشكل ما اكثر تحديدا ووضوحا ، وذلك بفضل ادوات التبرج التى اختارتها لها كارلى ، ثم علمتها كيفية استخدامها . وضعت كريم اساس ، مع القليل من بودرة توريد الخدين بالاضافة الى لمسة من الظلال الضبابية للعينين ، واحمر الشفاه الزهرى الوردى
فكرت ان جيمس لن يلاحظ اى فرق فى مظهرها ، لكنها تساءلت ما قد يظنه الرجال الاخرين بخصوص مظهرها الجديد الاكثر انوثة . هى تعلم من خبرتها الطويلة ان جيمس قلما يلاحظ اى شئ يدور من حوله ، فهو غارق تماما بعالمه الاكاديمى الصغير
اما فى ما يتعلق باندريو ، حسنا ... ! احست بخجل يتلوى فى اعماق معدتها ، فسارعت الى اخماد تلك الفكرة على الفور . انبت نفسها بقوة مذكرة ذاتها انها مجرد موظفة لديه ، وان اندريو ليس موجودا فى حياتها ، وان اية فكرة متمردة ، يجب التخلص منها فور ولادتها !
بعدئذ بدلت حذاءها ، فانتعلت الحذاء ذا الكعبين المرتفعين اللذين يتلائمان مع هذا الفستان ، ثم قامت ببعض الدورات المترنحة فى ارجاء الغرفة . فى الواقع ، هى ليست معتادة على انتعال اى شئ سوى الحذاء العادى ذا الربائط ، لذلك علمت انه يجدر بها التمرن بعض الشئ قبل ان تتمكن من المشى وهى تنتعل حذاء ذا كعبين بعلو ثلاثة انشات . بعد ان اصبحت واثقة من قدرتها على السير بتوازن ، توجهت بحذر نحو الصالة التى تلتف حول المنزل ، والتى تربط بين غرف النوم فى الطابقين الاول والثانى وبين مطلع الدرج الضخم
اخيرا ، بعد ان تمكنت من السير بثبات ، توجهت الى اعلى الدرج ، واخذت نفسا عميقا
شعرت بالامتنان لانها حظيت بالمنزل لنفسها فقط ، كى تقوم بمحاولاتها فى تقليد طريقة مشى عارضات الازياء . فهى لا تتوقع وصول اندريو قبل مرور يومين . القت ميرسى يدها برقة على مقبض الدرابزين اللامع ، وبدات تنزل الدرج
فى تلك اللحظة ادخل اندريو المفتاح فى باب المنزل الرئيسى . تكللت سفرته الى روما بالنجاح ، وهو لم يشكك ابدا بانها ستنجح ، ما يعنى انه امن لنفسه صفقة مربحة جدا . صفقة ستعمل على رفع مستوى سمعة وكالته . اعتاد ان يمكث فى شقته الخاصة الموجودة فى روما ليوم او اثنين بعد انتهائه من العمل . حيث يقوم باستكشاف معالم المدينة الجميلة والاستمتاع بها ، لكنه لسبب ما ، توجه هذه المرة مباشرة عائدا الى لندن
القى حقيبة ملابسة خلف الباب تماما ، وهو يفكر ان هاورد يمكنها الاهتمام بها لاحقا . بالطبع ، بمقدوره ان يعطيها شيئا تقوم به بعد ما امضت قرابه الاسبوع عاطلة عن العمل ، متكاسلة . وجد نفسه يتساءل عما تراها فعلته خلال وقت الفراغ الذى حظيت به . فكر وهو يبتسم ابتسامة عريضة ، انها لربما خضعت لدورة تدريبية مكثفة عنوانها : كيف يمكنك ان تكونى اكثر استبدادا
فتح اندريو فمه ليصرخ مناديا باسمها ، ليعلمها بعودته ويطلب منها مشروبا وشيئا لياكله لا يشبه الطعام الذى يقدمونه على متن الطائرات ، لكنه اقفل فمه مجددا ما ان لمح حركة خفيفة فى الظلام عند اعلى الدرج
مد يده واضاء الثريا العلوية ، فغمر الضوء تلك الظلال كاشفا عن شخص غريب . انها امرأة غريبة فاتنة تخطف الابصار ! اول فكرة طرات على خاطره هى ان هاورد تستضيف بعض اصدقائها ، اما الفكرة الثانية كانت ... يا الهى .... ! انها هاورد !
بدت هاورد ملفتة للانظار بشكلها هذا ، فهى لا ترتدى بذلة العمل الرمادية الواسعة التى تغمرها ، وتجعلها تبدو من غير شكل محدد . من كان يصدق انها تتمتع بجسم رشيق كهذا وبخصر هو غاية فى النحافة ، لدرجة انه يستطيع ان يحيطه بيديه ؟ يا لروعتها !
لو ان ميرسى لا تعمل فى خدمته ، لكان اندريو سيهتم لامرها ... بل سيهتم جدا . استغرب كيف استطاعت فتاة سمينة مهملة ان تتحول الى مخلوقة بهذه الروعة . بدا لوهلة مبهورا غير قادر على النطق ، لاول مرة فى حياته . انتزع اندريو نفسه من ذلك الشرود ، وبذل مجهودا كبيرا لتمالك نفسه ، حينما تحولت وقفة ميرسى الجامدة الى حركة سريعة
بعدئذ اطلق صوته بنبرة متشددة قائلا : احتاج مشروبا ، هاورد
ثم رفع صوته قليلا واطلق اوامره من جديد : واحتاج الى تناول الطعام ايضا . سانضم اليك فى المطبخ بعد عشر دقائق
ثم انتزع نظراته بعيدا عنها ، وتوجه الى مكتبه ليهدئ من روعه قليلا ، فقد تحركت مشاعره تجاهها بشكل يفوق الوصف . احس اندريو انه بحاجة الى كل دقيقة من تلك الدقائق العشر لكى يتمالك نفسه ، وليقنعها انه امر مضحك ومثير للشفقة ، ان تؤثر فيه مدبرة منزله الى هذا الحد . وهو لم يكن يوما انسانا مضحكا سخيفا او مثيرا للشفقة . ان هاورد ما تزال هاورد ، ولو كانت ترتدى فستانا انيقا . انها ما تزال هاورد المتسلطة ، التى تتامر عليه كما لو انها مسؤولة عن تربية ولد عنيد . فهو ما ان يخرجها عن طورها حتى ترد عليه وتجادله . فى الواقع انه يشعر بالتسلية حين تصمم على وعظه وتلقينه الدروس حول نمط حياته المحموم ، وحول ما تعتبره اسرافا وتبذيرا
انها ممتعة ومحببة !
تمكنت ميرسى من الوصول الى المطبخ ، وقلبها يدق كالمطرقة . وصول اندريو المبكر غير المتوقع مطلقا ، جعلها تشعر كما لو انها فى مكان لا ينبغى ان تتواجد فيه ، وانها تقوم بفعل شئ معيب ، فاحست بالحرج المروع
استغربت ذلك الشعور بالسرور لدى رؤية اندريو فاقرت وهى تحدق نزولا نحو ذاك الوجه الاسمر القوى الوسيم انها افتقدته ، وانها اشتاقت الى ذاك النموذج الساحر للرجولة الايطالية الاصلية . اما اسلوبه بالنظر اليها بتينك العينين الناعستين شبه المغمضتين ، فهو يسحرها ويسبب لها الخدر . وقف اندريو هناك يراقبها بدءا من قمة راسها حيث شعرها المصفف بتسريحة جديدة الى جسمها الرشيق المتناسق وخصرها النحيل
تحديقه هذا جعل راس ميرسى يصاب بالدوار ، وارسل موجات كهربائية فى جسدها باكمله ، واخيرا اخترقتها اسهم من مشاعر الخجل .
فاستدارت هاربة من تينك العينين اللتين تسيرانها بتكاسل ، وتثيران فى اعماقها جميع انواع الاحاسيس التى لا يحق لها ان تشعر بها . حينما ابلغها اندريو بطلبه بصوت ابح نوعا ما ، هزتها الصدمة ، واعادتها الى صورة مهتزة من الواقع ، لا تمت الى الخيال بصلة
وقفت ميرسى فى المطبخ الفسيح شاردة ، واخذت تحدق فى الفراغ ، وقد فارقتها جلبة انهماكها الفعالة المعتادة . اما ذهنها العنيد فانشغل فى التفكير بالاسلوب الذى استعمله اندريو فى مراقبتها ، جاعلا اياها منقطعة الانفاس بغرابة . الى حين ادركت ان الدقائق العشر اصبحت الان مجرد خمس دقائق ، ما دفعها لان تتدارك ما يحصل . خلعت ذاك الحذاء غير العملى ، ثم غطت ملابسها الخلابة باحدى تلك البذلات الرمادية الكبيرة الشنيعة ، وفتحت البراد لتنهمك بعدئذ فى اعداد العشاء
وبسرعة حضرت صحنا من السلطة الخضراء . ثم وقفت الى جانب الفرن بوجهها المحمر خجلا وقلبها المتخبط ، حين تكلم اندريو من خلفها مباشرة قائلا : تبدو الرائحة جيدة
ردت ميرسى : انها ... عجة بيض بالاعشاب ...
وعضت على كلمة سيدى متراجعة عن النطق بها ، مع انها ارادت ان تشدد على ان علاقتهما رسمية كتلك التى تكون بين رب العمل والمستخدم لديه . لكن ذلك الامر حتما سيتطلب منها ان ترد بعبارة حادة ، ولن تكون فكرة جيدة ان تتطاير الشرارات الان
-شاركينى الطعام
لا جواب ، غطت عينا اندريو ابتسامة دافئة وهما توافقان باعجاب على اسلوب التفاف شعرها على شكل ضفائر ناعمة مجعدة صغيرة مدهشة ، حول عنقها النحيل
-انه امر !
نقب الجوارير عن طقم اخر من ادوات تقطيع وتناول الطعام ، ثم ابدى ملاحظة قائلا : اترين كم يمكننى ان اكون متالفا مع العمل المنزلى ؟
لكن ميرسى اعتبرت ذلك غرورا رجوليا منفوخا ، لان اندريو يألف الاعمال المنزلية تماما كالنمر البرى الضارى . لذا فان تلك الملاحظة السخيفة لم تكن تستحق اى رد من قبلها . قررت ذلك وهى تدنو من اندريو حاملة عجة البيض ، فخورة بمظهر مدبرة المنزل الخارجى الرصين
-اذا ، اين العجة الخاصة بك ؟
رفع اندريو نظره نحوها بعيدا عن تلك العجة الهشة الذهبية الشهية التى وضعتها ميرسى امامه . فوجدها تقف متصلبة امام ملاطفته واهتمامه ، فيما اطبقت شفتيها المكتنزتين على بعضهما ، وقد بدت عيناها الجميلتان بعيدتين فارغتى النظرات
-لقد اكلت للتو
عذر جيد جدا لتفوت هذا العشاء الحميم المعد لشخصين . ان ميرسى حقا بحاجة الى ايجاد حذائها ثم الانغلاق على نفسها فى غرفتها ، لتلقن نفسها درسا
اندريو باسكالى الذى اعترف لها بنفسه انه زير نساء ، قد ينظر الى اية امرأة مقبولة الجمال نوعا ما بتلك ... بتلك الطريقة !
-اذا ، اجلسى وحدثينى
توعدت عينا اندريو بالعقاب القاسى اذا ما رفضت الامتثال لاوامره وادركت ميرسى ذلك ، فهى معتادة تماما على ثقة اندريو الكبيرة بنفسه التى تتطلب بان يحصل دوما على مبتغاه وان تسير الامور دوما كما يريدها هو . انها ثقة كبيرة بالنفس لا يمكن ان يقاومها او يواجهها الا شجار عنيف . وهى ليست قادرة على العراك والشجار ، ليس حاليا على الاقل
جلست على الكرسى المقابل له ، لا مجال لان تسترخى وتستمتع برفقته . لامجال لان تفعل ذلك وهى لاتزال تشعر بالفوران فى اعماقها ، وما تزال ترتعش وتحس بالغرابة الى حد بعيد . انطلق اندريو قائلا ، فيما تناول السلطة : الن تسالينى كيف جرت رحلتى الى روما ؟
لم تكن من عادة هاورد ان تتصرف كما لو انها دمية اصطناعية محشوة ، بداهذا الامر يزعجه
ردت ميرسى مستخدمة النبرة الرصينة ، المناسبة لدورها كمدبرة منزل : انا واثقة من ان الامور جرت على النحو الذى اردته انت
ثم هنات نفسها فيما راقبت عينيه المدهشتان تضيقان ، وتمنت لو انه بامكانها ان تمنع نفسها من التساؤل عما قد تشعر به لو ان اندريو عانقها
عبس اندريو ، ثم وضع شوكته جانبا . ما الذى دهاها ؟ لقد اعتاد على دروسها ومواعظها ، على افكارها العنيفة المدوية ، على ضحكتها الحاضرة عندما يسليها شئ ما ، وعلى ضجيجها واعتراضها وضوضائها . ثم اضاءت ذهنه فكرة مفاجئة ، لابد ان هاورد انزعجت لانه لم يعلق او يثنى على تغيير مظهرها . وهو يقر فى سره ان التغيير مذهل حقا . انها رائعة الجمال ، وتستحق ان يبدى المرء اعجابه بها . على الرغم من ذلك فهى موظفة لديه
ابدى اندريو ملاحظته ليبرهن لها انه لاحظ النتيجة ، فقال : آه ! لقد قمت بقص ذلك الشعر الكثيف . هذه التسريحة تناسبك اكثر
توقع بان تكون الرشوة التى مسح بها كبرياء ميرسى قد ادت اللمطلوب تنماما . لكنها لم تفعل . انها لا زالت تبدو متصلبة ومنغلقة ، ثم ... لم عساها افسدت التاثير الذى احدثه الفستان الاملس الناعم بذاك الشئ الرمادى الفضفاض ؟ الان سحرها وفتنتها لم تكن لاجل عينيه هو ؟ لعينى من اذا ؟
-اكنت فى طريقك للقاء شخص ما ؟
وتابع اندريو مفكرا ، رجل ما ؟ فبارتدائها هذه الملابس لابد ان هذا ما كانت تنوى فعله . خرج سؤاله كما لو انه اتهام ، بل كما لو انه والد يخاطب ابنته المتمردة !
امرها بصوت قوى : استعملى الهاتف لالغاء ما كنت تنوين فعله !
فكرة خروج ميرسى فى موعد غرامى ، ثم عودتها الى المنزل عند ساعة مبكرة من الصباح جعلته يشعر بالغثيان
نقر بانامله على الطاولة وهو يتساءل لماذا يساوره مثل هذا الشعور . آه ! اذا بدت ميرسى على هذا النحو ، من دون ان تتنكر فى ملابس مدبرة المنزل المملة الخالية من الالوان ، فذلك يعنى ان رجلا ما سيخطفها ، وسياخذها بسرعة بعيدا عنه ، وعندها اين سيكون هو ؟ سيضيع وقته فى البحث عن مدبرة منزل اخرى لتحل محلها . بالطبع ! هذا ما سوف يحل به !
ارتاح اندريو الى حد كبير بعد ان توصل الى المنطق العقلانى الذى يبرر تصرفه . فاسترخت يداه ، ثم بدا صوته المتشدد الابح رقيقا وناعما ، فيماعلق شارحا بكلمات لاذعة ، امره المتعلق بالغاء ما كانت قد اعدت نفسها لاجله ، مهما كان الامر المهم الذى نوت ان تفعله فى المدينة . فقال : لقد حظيت بافضل جزء من الاسبوع لتقومى بما اردته ، هاورد ، لكننى عدت الان ، ومن الطبيعى ان اتوقع ان تجرى الامور بسلاسة كما كانت من قبل
ماذا يعنى ذلك ؟ تصلبت ميرسى وهى تفكر انه يريدها ان تكون تحت تصرفه وفى متناول يده طيلة الوقت ، حتى يقوم هو بطلب شئ ما ، ويملى عليها ما تفعله وما لا تفعله ! الا يحق لها بان تخرج فى موعد فى احدى الامسيات لتستمتع بوقتها ، كما تفعل جميع النساء الشابات الاخريات ! انها احيانا ترغب بضربه ... هى حقا ترغب بذلك !
كبتت تيار المشاعر التى هددت بالانطلاق خارجا . دفعت كرسيها الى الوراء واعلمته بما املت ان يبدو كرامة وعزة نفس : ليس هنالك ما يستوجب الالغاء . وان لم يعد هنالك ما تطلبه منى ، فساقول لك عمت مساء
اندفعت نحو الباب من غير ان تنظر اليه ، حاملة حذاءها فى طريقها للخروج ، ثم تمهلت عند الباب لتختم كلامها بكلمة سيدى ! المتحدية
*****
انتهى الفصل الرابع


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس