استيقظت جو صباح اليوم التالي , لتجد روزي جالسة على طرف
جاهدت لتنهض وحدقت بالساعة الموضوعة بجوار السرير . كانت
السادسة والنصف وضوء النهار بدأ يتسرب لتوه عبر النوافذ .
أجابت روزي مشرقة : (( مرحباً . نحن نستيقظ دائماً عند طلوع
الفجر . ظننت أنني أخبرتك بذلك )) .
ـ تقول جدتي إنك سترسمينني . أنا متحمسة جداً لأنني أحب أن
يرسمني أحد . هل نبدأ الآن ؟
ـ ما رأيك لو أحضر لك فنجاناً من الشاي ؟
ـ شكراً . سيكون هذا لطفاً منك .
خرجت روزي فاستحمت جو بسرعة . وكانت قد ارتدت ثيابها قبل
أن تعود روزي بصينية محملة بكوب شاي وفنجان حليب وقطعتين من
قالت روزي: (( قطعة لي وقطعة لك . وكوب الحليب لي . لقد حضرته
السيدة هاربر وهي تتذمر لأنني أستيقظ باكراً . ولكن بما أنني
استيقظت , فلن يضرها أن تحضر كوب شاي لك . قلت لها إن الوحي لا
نظرت جو إلى ابنة غافن هاستينغ بذهول . فـ روزي هاستينغ على ما
يبدو فتاة ذكية وأكبر من سنها .
من الواضح أنها اعتادت على رفقة الراشدين وهي تلفظ الكلمات
كانت الصغيرة ترتدي فستاناً زهرياً طويل الكمين له حزام أبيض
وقد ربطت شعرها الداكن الطويل على شكل ضفيرتين .
ولكن مظهرها كان يشوبه شــيء من عدم الترتيب , فبعض أزرارها
كانت مفكوكة وحزامها كان مفتولاً وشعرها غير مربوط جيداً ... بدت
كأنها فتاة صغيرة من عصر قديم .
قالت جو : (( شكراً لك . لم أتناول هذا النوع من الخبز المحمص منذ
فابتسمت روزي : (( كيف تريدينني أن أجلس ؟ )).
فكرت جو لحظة وهي ترتشف الشاي ثم قالت : (( بما أنك تحبين
الرسم , ما رأيك لو ترسمين بنفسك ؟ سأعطيك بعضاً من أوراقي ويمكنك
وأشارت إلى علبة صغيرة على الطاولة .
أجابت روزي بحماسة : (( يا لها من فكرة رائعة ! ماذا سأرسم ؟
أعرف , لقد وضعت كلبة أبي المفضلة جراءً . لنرَ إن كنت أذكر شكلها )).
رسمتا حوالي نصف ساعة وكانت روزي تتكلم طيلة الوقت .
وإذا كانت روزي نور حياة والدها , فهو بالنسبة لابنته بطلها
المحبوب . وكان للجدة حضورها في حديث روزي ولكن أكثر من كانت
تتحدث عنه غافن . وقالت روزي أيضاً إنها تحب الحياة في المزرعة
وتتشوق لدخول المدرسة , لكنها تنهدت عند قولها ذلك وأسندت ذقنها
فسألتها جو : (( ما الخطب ؟ )).
كانت على ما يبدو ترغب في الالتحاق بمدرسة للتعليم عند بُعد ,
وهي قد سبق وسُجلت في مدرسة (( تشالرلفيل )) الإعدادية .
كانت جو مطلعة نوعاً ما على مدارس التعليم عن بُعد , مما أخبرتها
إياه زميلتها في السكن (( لين )) التي عملت على هذا المشروع . كانت
تعرف , مثلاً , أن المدرس المنزلي يعلب دوراً مهماً . وفي حال كين كان
التي تضم أربعة أولاد غير روزي , فإن جانين زوجة كايز رئيس العمال ,
هي أفضل من يمكنه الاضطلاع بدور المدرسة , فهي لطيفة جداً وقد
عملت في مدرسة سابقاً , وثلاثة من التلاميذ هم أولادها .
وعلمت جو أيضاً من (( لين )) أهمية الدور الذي تلعبه هذه المدرسة ,
ليس فقط في تثقيف أبناء البراري , أنما أيضاً في الوصول إلى حياتهم
توسعت روزي في هذا الموضوع . كل الأولاد الذين تعرفهم
سيلتحقون بالمدرسة . فقالت : (( أعرف أنه ذات يوم سيكون علي
الالتحاق بالمدرسة الداخلية , ولكن إلى أن يحين ذلك الوقت , أريد
البقاء هنا . هذه دياري )) .
ـ ولِمَ لا تبقين هنـــــا ؟
ـ جدتي تحب أن تمضي وقتاً في بريزبان وأنا أرافقها دائماً , ولكن لن
يعود بإمكاني مرافقتها متى بدأت المدرسة , فاقترحت أن ألتحق بمدرسة
في بريزبان وأزور كين كان في العطل .
ـ لا . أنا أحب جدتي , ولكن لو كان لدي أم مثل كل الأولاد الذين
أعرفهم , لما كان هناك أي مشكلة ! إنها فعلاً مصيبة يا جو .
وكان التجهم بادياً على وجهها .
تجمد قلم جو في يدها وقالت مقترحة : (( تبدين على علاقة جيدة
بالسيدة هاربر . ألا يمكنها الاهتمام بك أثناء وجود جدتك في
حل الازدراء مكان التجهم : (( لن يقبلوا حتى السماع بذلك )).
تغير صوت روزي وهي تقول مقلدة والدها : (( لدينا أشهر لنفكر
بالموضوع يا سمكتي الصغيرة . وبما أنني غافن هاستينغ الرابع , كوني
أكيدة بأنني سأتخذ القرار المناسب )) .
وتوقفت روزي عن الكلام عندما تناهى قرع خفيف على الباب قبل
وقفزت روزي راكضة إلى والدها , حاملة الرسم في يدها : (( أنظر إلى
ـ روزي , ماذا تفعلين هنا في مثل هذه الساعة من الصباح ؟
وإذ ألقى نظرة سريعة على الرسم , قال : (( إنه جميل ولكن ... لا
تكرري ذلك مجدداً . الوقت مبكر جداً . صباح الخير يا جو . أنا آســـف
بهذا الشأن . لقد غُفوت ولم أنتبه لمرور الوقت )) .
ـ لا بأس . لقد تعارفنا أنا و روزي .
ضاقت نظرة غافن وهو يسألها : (( ما الذي كانت تخبرك به ؟ )) .
ابتسمت جو : (( إنه سر بيني وبينها )) .
وافقت روزي قائلة : (( أحب من يحفظ سراً . هل الفطور جاهز ؟ أنا
لحسن الحظ , مر الطبيب لتفقد غافن , ما أراح جو كثيراً . وأنبه وهو
يغير له ضمادات الجرح : (( إسمع يا صاح , عليك أن تعطي إصابتك
بعض الوقت لتشفى , ماذا كنت تفعل بحق الله حتى تنزف هكذا ؟ )) .
التقطت جـو أنفاسها , بينما أجاب غافن بعد أن رمقها بنظرة ذات
ـ كنتُ ... أحرق المراحل في العمل .
ـ إذاً كف عن حرق المراحل ... أياً يكن قصدك من ذلك . أنت لم
وضب الطبيب حقيبته ونظر إلى جو , كما لو أنه لاحظ ذبذبات معينـــة
في تلك اللحظـة , فرفع حاجبيه .
قام غافن عندئذٍ بواجب التعريف : (( إنها جوان لوكاس يا طوم , هـــي
هنا لترسم أديل . جو , أعرفك إلى طوم وانسون )) .
ـ آه ! السيدة التي سمعنا عنها , تشرفت . أظن أنك كنت شجاعة جداً
أجاب غافن قبل أن تتمكن جو من الرد : (( بالفعل ... كانت
شجاعة . ولهذا السبب أحاول إقناعها بالزواج منـــي )) .
ضحك طوم , وقال : (( مكانك سيدتي , لفكرت ملياً قبل الإقدام على
ذلك . فـ غافن معروف بأنه ينال ما يريد . حسناً , علي الرحيل الآن )) .
ولكنه توقف فجأة عابساً ثم هز رأسه وصعد على متن الطائرة .
وبينما هما يراقبان الطوافة تحلق في الجو , سألته جو : (( كيف أمكنك
ـ أن تخبره بأنك تفكر بالزواج بــي ... لا تتغابى .
رمقته جو بنظرة جانبية فابتسم غافن وأمسك بيدها : (( هو ليس غبياً ,
ـ جو , هل لـي أن أقترح عليك شيئاً ؟
نظرت إليه بحذر وهو يقـول : (( ما رأيك لو نأخذ أسبوعاً أو اثنين
لنفكر بالموضوع ؟ يمكنك أن تكونـي فكرة عن الحياة في الريف وعن عائلتي
وعني , كما يمكنك أن ترسمي والدتي )) .
ـ أتعني ... مقابل إنقاذك حياتـي ؟
ـ لا , طبعاً لا . إنســـي أنني قلت ذلك . بالمناسبة , ماذا قالت لك
كانت جو تفكــر في ما إذا كان عليها إخبار أم لا , عندما لاحت لهما
فقال : (( حسناً , لننس هذا الموضوع في الوقت الحاضر . ولكن هل
نظرت في الأفق الأغبر : (( إذا وعدتني بـشــيء واحد )).
نظرت في عينيه : (( إذا أجبتك بالرفض , ستقبل بذلك الأمر )) .
كان رده سريعاً بحيث أثار شكوك جو .
ـ أنا رجل أحترم كلــمتي .
عبست : (( هل لي أن أضيف شيئاً ؟ )) .
ـ دعيني أحزر ... هل لذلك علاقة بعدم الضغط عليك ؟
ـ جو , إذا كنتِ مُحرجة للطريقة التي عانقتني بها الليلة الفائتة , فلا
داعــي لذلك . كان ذلك رائعاً .
احمر خداها , بينما أضاف غافن : (( ومثيراً أيضاً )) .
ـ ليس الأمر أنني مُحرجة ... صحيح أن هذا أحد العوامل ,
ورفع يده إلى فمها يرسمه بإصبعه . فارتجفت جو .
قالت بجهد : (( أمك وابنتك على وشك أن تصلا )) .
أنزل يده وألقى نظرة من فوق كتفه .
ـ حسناً . يمكنك أن تقولي لي عندما تشعرين بأنني أضغط عليك .
خطر لها أن تضيف بنوداً إضافية إلى اتفاقهما : عدم ذكر عرضه أمام
الآخرين , وعدم إظهار انجذابهما الواحد نحو الآخر بشكل علنـي ....
وغير ذلك . ولكن كل ما تسنى لها لتقوله كان : (( نعم )) .
واستدار غافن ليحيي روزي وأديل .
بعد أسبوعين , كان الوقت قد مر بسرعة فائقة , إذ شعرت جو
بانجذاب كبير لطريقة عيش آل هاستينغ . مع أن أمرين عملا لصالحها في
فـ غافن لم يكن بإمكانه مشاركتها العمل نظراً لإصابته . ثم غالباً ما
كانت تحبس نفسها في غرفتها بحجة العمل على لوحتي أمه وابنته .
ولكنه تحدث معها عن الماشية وقتاً لا بأس به , وأخبرها أن كين كان
تعمل على طريقة جديدة تقضي بدمغ الأغنام الكترونياً .
هز كتفيه : (( هذه الطريقة تعطيك معلومات عن وزن الماشية وحاجتها
للتلقيح وغيرها من الأمور . فتعطيك معلومات دقيقة عن حالتها )) .
وهزت رأسها بدهشة . كانا مستندين إلى السياج يراقبان الأغنام .
كان الجو أغبر والكلاب تجول في كل مكان والماشية تقفز . نظر إليها ,
كانت ترتدي بنطلون جينز وقميصاً أزرق والنسيم يتلاعب بشعرها .
ولكنه توقف من دون أن يُكمل ما كان ينوي قوله .
نظرت إليه مستفسرة , فأجابها : (( كنت سأبدي ملاحظة شخصية
ولكن يمكنني أن أكمل حديثي عن الأغنام . الأمر عائد إليك )) .
ابتسمت قائلة : (( إذاً أكمل حديثك عن الأغنام )) .
ـ لستُ أدري لما سألتك ما دمتُ أعرف أن هذا ما ستجيبين به .
وفكر لحظة قبل أن يكمل : (( حسناً , أنت أردتِ ذلك . إن أفضل
الأصواف هي أخفها وزناً ... )) .
ـ أتعني أنكم تزنون كل خــــيــط ؟
ـ نعم . وكلما كان وزنه أخف , كانت جودته أعلى . ولهذا السبب
نربي بشكل خاص أغنام الميرينو, لأن أصوافها عالية الجودة . وكلما
اتجهنا جنوباُ في كوينزلاند , كانت جودة الأصواف أفضل . وتضم
كوينزلاند ما بين تسع أو عشر ملايين رأس غنم .
توقف لحظة , ثم تابع شارحاً : (( الصين أكبر أسواقنا وتُعتبر
أستراليا أهم منتج للصوف في العالم . يمكن للعامل المحترف أن يجز
صوف مئة وعشرين إلى مئة وأربعين خروفاً في اليوم ... )) .
ـ هذا صحيح , ولكنك قطعتِ حبل أفكــاري ...
ـ الحمد الله . أظن أن هذا يكفي لأستوعبه حالياً .
ـ هل أنت واثقة ؟ هناك المزيد ....
ـ إذاً هل لـي أن أقول لك إنك جذابة بشكل مذهل يا آنسة لوكاس ؟
هذا كل ما كنت أريد قوله منذ البداية .
قال هذا محاولاً طمأنتها , فانفجرت جو بالضحك .
تعلمت جو أيضاً قيادة الدراجة , وأمضت وقتاً ممتعاً في جمع الماشية
مع (( كيز )) كما تعلمت كل أنواع الإشارات والصفارات الضرورية
لقيادة الكلاب . وكم كانت فرحتها كبيرة عندما أخبرها كايز (( الرئيس ))
وأخذتها روزي في جولة في أرجاء المزرعة , مُظهرة معلومات وافية
وحباً كبيراً للحياة هناك . كانت روزي تمتطــي حصانها الصغير الخاص ,
وقريباً تحصل على جرو كلب خاص بها . ولكنها ما زالت حائرة , لا
عندما يكون الطقس مشمساً . وكون جو سباحة ماهرة , استطاعت
روزي خلال أيام قليلة أن تتعلم السباحة , فلم تسعها الدنيا من
ولم يكن رضى الوالد محصوراً بابنته , إنما بمدربتها أيضاً . وكانت
نظرته إليها في ثوب السباحة أفصح من أي كلام قد يُقال .
ولكن كل ما اكتفى بقوله أثناء ابتعاد ابنته عن المسمع , كان أن جمال
الساقين بات نقطة مهمة لديه للكمال الأنثوي . فرمقته جو بنظرة ساحرة
سريعة ولفت جسدها بمنشفة طويلة غطتها حتى مستوى الركبتين .
وهذا لا يعني أنها كانت منيعة حصينة إزاءه , فكان عليها أن تقر بأن
طريقته في تمرير يده في شعره مثيرة جداً , وكذلك ابتسامته الماكرة التي
تقول إنه يعرف ذلك . وقد أدركت أن الجميع , من مدير العمال إلى
مدبرة المنزل ووالدته وابنته , وحتى هي , يضعفون أمام ابتسامته .
كما تبين لها أنه اعتاد الحصول على ما يريد . ولكن في مشادة صغيرة
جرت بينهما تعمدت فيها معارضته الرأي , بدا متفاجئاً لدرجة اضطرت
أن تقاوم الرغبة في ضمه إليـــــــــــها .
أدركت فجأة أن تلك ليست فكرة جيدة لأنه على الأرجح قرأ
أفكارها . فتفحصها من رأسها حتى أخمص قديمها وهمس : (( هل
تشعرين بحس الأمومة يا جو ؟ )) .
ـ صدقيني أنا لا أنظر إليك من هذه الناحية . في الواقع غالباً ما
أتساءل كيف أنت فعلاً في الأوقات الحميمة ؟
وإذ شعر بأن نظراته تحرجها , توقف عن الكلام .
ولكنها تلك الليلة لم تتوقف عن التفكير بـ غافن ورسم الأحلام عن
علاقتهما. وفكرت في أنه إذا كانت مراقبته وهو يمشي تؤثر فيها هكذا ,
فكيف ستكون الحال في الأوضاع الأكثر حميمية ؟
عرفت جو من غافن المزيد عن (( إمبراطورية )) آل هاستينغ . فكين كان
لا تنتج الأصواف فقد أنما تربي أيضاً أغناماً تُصدر إلى كافة أنحاء العالم .
فضلاً عن أن مالكي المزرعة يملكون أيضاً مزرعتي ماشية أخريين
و اسطبلاً للخيول ومزرعة قصب سكر في شمال كوينزلاند بالإضافة إلى
لائحة طويلة من المؤسسات التجارية .
قالت جو وهي تتفحص خريطة كوينزلاند , لُونت فيها ممتلكات آل
هاستينغ باللون الأزرق : (( يبدو أنكم لا تحبذون جمع كل الممتلكات في
كانا في مكتبه الذي لا يزال يُذكر جو بمشهد العنف الذي حصل منذ
هز غافن كتفيه قائلاً : (( لا يمكننا المخاطرة . الجفاف الفيضـانات
تسبب الكثير من الكوارث في هذا الجزء من العالم )) .
قطبت حاجبيها : (( وهل تحصل الفيضانات هنا ؟ )) .
ـ آه أجل . ولدي إحساس بأن هذا سيحصل هذا الموسم . ولكن
الجفاف أكثر شيوعاً هنــا .
ـ تابع حديثك , أنا أصــغي .
ـ حسناً , تمر الأصواف بمواسم جيدة وأخرى سيئة . وأسعار
اللحوم يمكن أن تكون متقلبة جداً , مع أننا نحقق أرباحاً حالياً , أما
السكر فيصعب التنبؤ بوضعه حالياً ولهذا السبب أفكر في إنشاء مزارع
لتربية الأسماك في مزرعة قصب السكر .
ـ أسعار الخيول الصغيرة , أقله الأصلية منها , عالية جداً وقد ارتفع
سعرها مؤخراً . وهذا أمر يناسبني .
تأملته جو مطولاً . كان مستنداً في كرسيه الجلدي الأسود خلف
مكتب من خشب السنديان . بدا مسترخياً جداً وكأن السلطة كلها
محصورة فيه , كما تبين من خريطة الإمبراطورية الموضوعة أمامه .
عبست عندما خطـرت لها فكرة أخرى فجأة : (( هل تدربت على القيام
شبك يديه خلف رأسه قائلاً : (( لقد تربيت على ذلك . لطالما كان
والدي يعتقد بأن الخبرة خيـر تعليم , وقد نقل إلي خبرته فيما أنا أكبر )).
ـ ألم ترغب في القيام بأي شيء آخر ؟
ـ ماذا عن الاستخبارات العسكرية ؟
أنزل يديه وهز كتفيه شارحاً : (( إنه تقليد عائلي بأن يخدم الأبناء في
الجيش لبعض الوقت . ويبدو أنني كنت أتمتع بالميزات المطلوبة
لاستخبارات الجيش , ولكنني لم أكن أنوي يوماً أن أجعل منها مهنتي .
ثم توفي والدي في عز شبابه , فكان علي أن أستلم العمل مكانه . ومنذ
ذك الحين وأنا في هذا المجال )) .
ثم نظر إليها متأملاً : (( هل لديك أي مشكلة في ذلك ؟ )) .
فسارعت جو تقول : (( لا )) .
ابتسم : (( أنت تنظرين إلي كأنك تشكين بقيامي بشتى أنواع الرذائل )) .
هزت رأسها واستدارت : (( عفواً ! سأستأذن . أديل تنتظرني لأكمل
ـ كيـف تجري الأمــــــور ؟ .
ـ ماذا فعلتِ برسمــــي أنا ؟
ـ ما ... ما زلت أحتفظ به . لماذا ؟
وألقى نظرة سريعة إلى ساعة يده : (( حسناً , أراك عند العشاء . أظن
تذمرت جو قائلة : (( أنت تُكثر من الدعوات )) .
ـ لسـت أنا إنما والدتــي .
ـ لو كنتُ أعلم , لأحضرتُ معي مزيداً من الملابس .
ـ أنت بنظري جميلة كيفمـــا كنتِ .
وجال بنظره على جسدها كُله قبل أن يعود ليشبك عيناه بعينيها .
فأجابت جو مرتبكة : (( شكراً )) .
ـ هل يندرج ذلك تحت عنوان (( الضغط )) ؟
ـ لا , لا , لقد أبليت حسناً , عدا مرة أو مرتين .
وانقبضت عندما أفلتت الكلمات منها قبل أن يتسنى لها السيطرة
عليها فضحك غافن وأضاءت عيناه , فنهض واستدار حول المكتب
ـ لا علاقة للطيبة أو حسن النية في ذلك , لا سيما إذا عرفتِ كيف
أنك تشغلين أفكاري . إنني أبلي حسناً فقط لأنني أكبت نفســـي أولاً ,
وثانياً لأننــي لا أريد أن أشرح لطوم مجدداً سبب تفتح قطب جرحــي .
احمرت وجنتاها , بينما كانت عيناه الزرقاوان تتراقصان احتيالاً .
ـ ألا تكبتين نفسك مثلـــي .
رفع يده كما لو أنه أراد لمسها ثم تردد وأنزلها , فكاد جسمها يصرخ
تراجعت خطوة الوراء ولكنه لحق بها وتساءلت ما عساه يظن لو
عرف أن اللوحة الأجـمل كانت تلك التي عملت عليها بعد أن أخلد
الجميع إلى النوم . وهي ليست لوحة أديل ولا رسم روزي , بل رسمه
هو , عاري الصدر , جالساً على طاولة خشبية قديمة في كوخ مظلل .
ذلك الرسم الذي عملت عليه استناداً إلى ما تذكرته وما أضافت
عليه من أمور تعشقها في غافن هاستينغ .
وتساءلت إن كانت بذلك تعبر عن كبتها , أو ربما تشبع مشاعرها
نحوه في حال قررت ألا تتزوجه ؟
ـ ما الخطب يا جو ؟ يمكننا أن نتكلم عما يزعجك إذا أردت .
ـ طبعاً , ولكن ليس الآن . والدتك ...
ـ غافن , إنها تنتظرنـــي .
ـ إذاً الليلة , بعد حفلة العشاء اللعينة تلك . لأنني أشعر بأنك
تُعقدين حياتك من دون جدوى . وما لا يساعدنا هو ذلك البند حول
الضغط الممنوع . ماذا تظنين أنني سأفعل بك بحق الله ؟ أن أغويك
سرت في عروقها موجة انزعاج : (( لن تنجح في ذلك . وأحذرك من
اللجوء إلى القمع معي .. قد أكون .. أعني قد تعجبني بعض الأمور
فيك ولكننـــي لا أحب التسلط ! )) .
ـ بل تعنين أنك على الأرجح وقعتِ في غرامـــي . أليس هذا ما كنتِ
دخلت أديل الغرفة مسرعة : (( هل جئت فــي وقت غير مناسب ؟ كنت
أنتظرك في غرفة الجلوس )) .
كانت جو ممتنة لحضورها في الوقت المناسب : (( كنت في طريقي إلى
قال غافن متذمراً : (( لِمَ لا تذهبـــان إذاً ؟ )) .
عندما جلست أديل على الكرسي الخشبي القديم استعداداً لجلسة
الرسم , سألت : (( ما الذي يزعجه ؟ )) .
فكان جواب جو مقتضباً جداً : (( ليس لدي أي فكرة)) .
كانت أديل قد فكرت ملياً بالشكل الذي تود أن تُرسم فيه وتوصلت
إلى اختيار عكس ما آثرته صديقتها إليزابيت موغان .
لم تضع من الحلي سوى خاتم مزين بلؤلؤة سوداء كبيرة الحجم في يدها
اليمنى . وابتعدت عن الألوان المزركشة , فاختارت ارتداء فستان أسود
اللون , ذي ياقة من الحرير الأبيض . أما شعرها فسرحته بشكل بسيط
قالت أديل مشيرة إلى ابنها : (( هو ليس دائماً هادئ المزاج )) .
ـ لاحظت ذلك , هل أنت مرتاحة يا سيدة هاستينغ ؟
سوت أديل ثيابها وقالت : (( أنا بخير )) , ولكنها ما لبثت أن عادت
مجدداً إلى موضوع ابنها ومزاجه الســيء .
ـ أحياناً عليك أن تأخذي موقفاً حاسماً مع غافن . هذا ما أفعله
بدأت جو بالرسم ولكن قلمها تجمد في مكانه فجأة . لماذا تظن والدة
غافن أن على جو أن تأخذ موقفاً حاسماً ؟ هل تعرف يا ترى بنوايا ابنها ؟
وتابعت أديل : (( في الواقع أنا على وشك القيام بذلك في ما يخص
تسجيل روزي في المدرسة . أنت تعرفين لمَ أحب روزي يا جو , أليس
ارتاحت جو عند سماع ذلك : (( طبعاً )) .
ـ أتعرفين كم مضى من الوقت على ترمـــلي ؟
تفاجأت جو بالسؤال فاكتفت بهز رأسها .
قالت أديل : (( أنا أرملة منذ اثني عشر عاماً . كنت صغيرة جداً عندما
أنجبتُ غافن وشارون . أنا الآن في الثامنة والخمسين فقط . لست
عجوزاً وأعيش وحيدة منذ زمن بعيد )) .
تصورت جو ما كانت تقصده أديل بحديثها , فسألتها مترددة :
(( هل ... تعرفت إلى أحدهم يا سيدة هاستينغ ؟ )) .
مال أديل إلى الأمام في كرسيها : (( أجل . آه , كم أراحني قول
ذلك! هو أصغر مني ببضع سنوات ولكنه من جيلي . وقد عرض علي
الزواج . ربما لهذا السبب كانت شاردة الذهن مؤخراً . لقد انقلبت حياتي
رأساً على عقب ... ولكنه يعيش في بريزبان )) .
كانت جو تتكلم وترسم في الوقت نفسه : (( المشكلة إذاً هي دخول
ـ حسناً , لا يمكنني التخلي عن روزي هكذا , لا سيما بعد أن فقدت
والدتها بهذا الشكل , ولكن بشكل خاص لأنني أحبها كثيراً . سيكون
جايمس سعيداً جداً بأن تعيش معنا أثناء فصول الدراسة . وفي الواقع هو
يعلم أنها الطريقة الوحيدة ليتزوج بــي !
أمالت أديل رأسها , فسارعت جو تتناول قلماً آخــر وكأن كل ما
كانت تحاول التقاطه في والدة غافن تجلى فجأة أمامها لترسمه .
ـ ألا يحب غافن أن تذهب روزي إلى مدرسة بعيدة ؟
ـ ليس تماماً . مع أنه لا يعرف لما أريدها معي . وفي الواقع أنا أتفهم
تحفظه فهو يعشق روزي , ولكن بإمكاني تسجيلها في المدرسة التي كنت
أقصدها , أفضل المدارس على الإطلاق . وسوف أكون بجانبها كما
ـ أفهم من كلامك أنك لم تخبرني غافن عن الرجل الذي يرغب في
الزواج بك ؟ هل من سبب لإخفاء الأمر عنه ؟
ـ من المرجح أنه سيعارض بقوة .
ترددت أديل قبل أن تجيب قائلة : (( بصراحة , أنا امرأة ثرية جداً )) .
رسمت جو بعض الخطوط الطويلة وأخرى أكثر دقة وسألت أديل :
(( هل يخشى من أن يكون الرجل صائد ثروات ؟ )) .
ـ بالضبط . يعتقد معظم الرجال بأنني طريدة جيدة .
تمتمت جو قائلة : (( روزي تحب هذا المكان )) .
غاصت كتفا أديل : (( أعرف )) .
بدت أديل للحظة حزينة بشكل لا يوصف : (( أتمنى من كل قلبي أن
يجد غافن زوجة له ووالدة لـ روزي . لديه الكثير ليقدمه لأي فتاة )) .
ـ شرط أن تتمكن من أخذ موقف حــاسم .
وانفجرت المرأتان بالضحك .
ولكن جو لم تنتبه للنظرة التي رمقتها بها أديل .
قالت والدة غافن : (( ما زلت أحاول . الأشخاص الذين دعوتهم
الليلة على العشاء لديهم ابنة رائعة . كانت خارج البلاد لفترة . غافن
يعرفها ولكنه قد يجدها تغيرت .. من يدري ؟ )) .
تجمدت أصابع جو الرشيقٌــة ونظرت إلى أديل : (( أتحاولين أن تدبري
ـ طبعاً . لِمَ لا ؟ قد تكون (( سارا نايتلي )) المرأة التي ستجذبه أخيراً .
طرقت جو بعينيها ثم أخفضت بصــرها .
فكرت أديل هاستينغ في سرها بأن ذلك سيضيع الأمور في نصابها . لمَ
يظن الشبان أن المرء يصاب بالعمى وبالصمم عندما يبلغ عمراً معيناً ؟
أنا فعلاً أحاول تدبير عروس يا جو , ولكن أنتِ هي من أريد لـ غافن !
فكرت جو جدياً بالاعتذار عن حضور العشاء . في الواقع لم تكن
لديها أي رغبة في رؤية من تراها والدته زوجة مناسبة . قد تظن بأنها
مغرمة بـ غافن ولكنها مصممة على عدم السماح له بفعل ما يريد دائماً .
قررت أخيراً الحضور لأن صوتاً في داخلها حثها التفكير في أنها
لم تره من قبل برفقة من قد تكون زوجة مناسبة له , وربما عليها ذلك .
بحثت في ثيابها عن شــيء مميز ترتديه الليلة وجعلها ذلك تشعر
بالانزعاج , مع أنها لم تعرف السبب .
خلال العشاء , تعرفت جو إلى سارا نايتلي ووالديها , وكانت قد
ارتدت سروالاً ضيقاً وقميصاً من الكتان العاجي اللون . كما أنها كانت
قد استحمت وأسدلت شعرها الذي تدلى على وجهها كسحابة من الحرير
نادراً ما كانت جو تتبرج ولكنها تلك الليلة وضعت بعض الظلال
فوق عينيها وأحمر الشفاه على شفتيها .
أول ردة فعل لها عند رؤية سارا نايتلي كانت مُحبطة , فهي فتاة ناعمة
جداً جعلتها تشعر بأنها عجوز أمامها .
وهذا ليس كل شيء فسارا ليست جذابة فحسب إنما ناضجة أيضاً ,
فقد أمضت سنواتها في الخارج تدرس إدارة المياه في البيئات المتعرضة
للفيضانات والجفاف ... وهذا آخر ما كانت جو تتوقعه منها . وكان
من الواضح أن والديها , وهما أيضاً منتجا أصواف , فخوران جداً
بينما كانت الأطباق اللذيذة تتوالى , من الحساء إلى اللحم ثم
الحلويات , كانت جو تفكر كم أن سارا يمكن أن تفيد غافن هاستينغ
يمكنها فعلاً أن يناقشا بالتفصيل موضوع الآبار الارتوازية
وإدارتها , أو كيفية الاستفادة من مياه الأمطار . ومن المؤكد أن سارا
يمكن أن تتكيف في أي مجتمع كان , نظراً لمظهرها وذكائها . ماذا يبقى
وفكرت فجأة في روزي . كان لا بد من أن تعترف بأن الفتاة الصغيرة
تسيطر على أفكارها . صحيح أنها أمضت معها وقتاً كثيراً , ولكن هل
حرمانها هي من والدتها هو وراء هذه العلاقة مع روزي هاستينغ ونمو
استدارت جو لتجد غافن إلى جانبها , يناولها كوباً من القهوة .
وكانوا قد انتقلوا إلى الغرفة الخضراء لتناول القهوة .
أخذت منه الكوب وقالت ببطء : (( كنت أفكر بأن سارا يمكن أن
كانت سارا في الخارج تشاهد الحديقة والحوض مع والديها و أديل .
كانت نظرته باردة وهو يتأملها : (( هل نحن متخاصمان يا جو ؟ )) .
ـ لا , بل أنت وتخفين ذلك بصمتك . هذه لم تكن نيتي .
ـ عليك أن تقري بأنك كنت تتجنبينني , يا جو .
هل كانت تفعل ذلك ؟ ربما ولكنها كانت تقصد من ذلك تجنب
وفكرت لحظة : (( أنا لا أتجنب الحديث معك الآن , صحيح ؟ )) .
ألقى نظرة إلى الحوض وقطب جبينه : (( أتظنين فعلاً أن سارا موضوع
مهم للحديث ؟ أنا لا أريدها جو , ولا أريد أياً من (( الزوجات
المناسبات )) اللواتــي تستعرضهن والدتـــي أمامي )) .
سألته جو بدهشة : (( أنت تعلم ؟ )) .
ـ طبعاً أعلم . أنا لست ابن البارحة .
ـ لربما فكرت بأنني زوجة مناسبة , ولكن ما أقوله هو أنك قد تجد
امرأة مناسبة أكثـر منـــي .
قال غافن بعد لحظة طويلة : (( لقد أفقدتك ثقتك بنفسك )).
ـ هذا ما تفعله بي الفتيات الناعمات أحياناً . يجعلنني أشعر بأنني
ـ أنا أيضاً أشعر بالانزعاج في حضورهن .
رفعت جو حاجبيها مستغربة , فابتسم قائلاً : (( لهذا السبب تعجبينني
تشابكت نظراتهما وبدأت خفقات قلبها تتسارع عندما شعرت بشـــيء
فتحت فمها لتقول شيئاً ولكنه وضع يده على يدها : (( لاحقاً جو )) ,
ما إن غادر آل نايتلي حتى تلقى غافن اتصالاً يبلغه بأن حريقاً قد شب
في أحد أكواخ العمال على بُعد أميال من المزرعة .
اعترضت أديل : (( لا يمكنك أن تذهب يا غافن . ذراعك ... ))
ـ بل يمكنني . علي ذلك , ولكن فقط لأدبر العمل .
ثم ابتسم مطمئناً إياها : (( أنت تعرفين أننــي بارع في ذلك )) .
سألته جو : (( هل يمكننا المساعدة ؟ أو هل يمكننـي المساعدة ؟ )) .
رقت نظرته : (( شكراً , ولكن هناك الكثير من العمال . ما يحتاجونه
هو التوجيه , وهذه مسؤوليتي . هيا اخلدن إلى النوم . أراكن في
ثم نظر إلى جو : (( جو ... )) .
تردد قيلاً ثم استدار مبتعداً .
وعندما أصبح بعيداً عن السمع , قالت أديل : (( إنه تماماً مثل والده .
يمكن الاعتماد عليه ! )) .
مر وقت لا بأس به قبل أن تخلد إلى النوم .
كان في داخلها إحساس يدغدغها ويذكرها بقربها من غافن
هاستينغ . وعرفت أن وقت القرار الحاسم قد حان . كما أنها عرفت أنها
ترغب كثيراً في الزواج به . صحيح أنها لا تحب طريقته المتسلطة كثيراً ,
لجمت أفكارها وتساءلت عن السبب الذي جعل هذا الحب عبئاَ
بدلاً من أن ترى فيه لذة مُسكِرة , لا سيما وأنه أول رجل يجعلها تشعر
بكل هذه الأحاسيس وأول رجل يجعلها تتوق إلى رفقته بهذا الشكل . إلى
ذلك , فقد شعرت بالانجذاب الكلـي إلى كين كان الذي أحيا فيها توقاً إلى
وهناك أيضاً روزي , ويمكنها القول بصراحة أنهما انتقتا كثيراً . لقد
أمضتا ساعات ترسمان معاً وأصبحت جو المؤتمنة على أسرار الصغيرة .
كيف ستتمكن روزي من التكيف مع واقع انسلاخهــا عن بيئة تحبها
لتعيش فيها عطلاً قصيرة من السنة فقط ؟ وكيف ستتكيف مع واقع
مشاركة جدتها مع زوج جديد ؟
إنه فعلاً عبء ثقيل ستفرضه ابنة الست سنوات على سعاة أديل ,
مهما قالت هذه وألحت بأنها لن تفترق عن حفيدتها.
وكان هذا سبباً إضافياً لكــي يرغب غافن في الزواج بها , إلا أن شيئاً
ما كان يلجمها ... فهل هذا لأنها مغرمة جداً به بينما هو لا ؟
همست لنفسـها قائلة : (( باختصار يا جو , لقد أمضيت حياتك تفقدين
أكثر من تحبين . تذكري ما شعرتِ به عندما اكتشفت أن لديك جدة
أمضت سنوات تبحث عنك , ولكنها رحلت أيضاً . قد يحدث الأمر
نفسه مع غافن . من قال لك إنه لن يقع في حبك بجنون ؟ )) .
وإذا بفكرة تخطر لها فجأة . هل من تدبير وقائي يجدر بها اتخاذه في
زواج مصلحة مماثل ـــ فهذا ما هو الأمر بالنسبة له ؟ يمكنها مثلاً أن
تخفــي عنه حبها إلى أن يشعر نحوها بالشيء نفسه , هذا إن حصل .
وعندئذٍ لم تستطع إلا أن تفكر كيف يمكن لسياسة وقائية أن تؤثر في
علاقة ما , وكم سيكون صعباً إخفاء تأثيره عليها . سيكون عليها على
وقد أظهرت أحداث اليوم التالي أن فكرة التدبير الوقائــــي كانت
نهاية الفصل (( السابــع )) ...