عرض مشاركة واحدة
قديم 26-11-17, 05:22 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7- لا تبعدني عنك !
قال و هو يبتعد عنها :
(( هذا لن يحصل ! إنه أسوأ أمر يكنني القيام به ))
مع ذلك , عانقها ما إن إقتربت منه , أحاط بوجهها بيديه و ضمها إلى صدره بشغف كبير , مفجراَ في داخلها عاطفة و شوقاً لا حدود لهما . لفهما الشغف المتبادل بغمامة كثيفة من المشاعر , نقلتهما إلى عالم ساحر لا يعرف الزمان و لا المكان و لا اللغات أو الفروقات الإجتماعية . عالم لا يعترف بالحواجز و المسافات ... لا يعترف إلا بالمشاعر الجياشة و الأحاسيس المضطرمة .
عناقه المليء بالشغف جعلها تنسى كل ما يتعلق بالأفاعي و السحليات و العناكب , إذا لم تعد تشعر إلا به و بقربه منها .
كم يسهل عليها أن تغرق في أعماق عينيه الزرقاوين , و أن تذوب بين ذراعيه ؟
شعرت أن حياتها باتت معلقة بهذا الرجل . لم تراودها مثل هذه الأحاسيس من قبل تجاه رجل , و لم تظن يوماً أنها سوف تشعر بها . لكن ماذا لو فكر ديمتريو بالتلاعب بمشاعرها ثم تخلى عنها لاحقاً ؟
رفعت وجهها و قالت :
(( ديمتريو , هناك أمر يجب أن أخبرك به , قبل أن تتطور الأمور بيننا ))
قال بصوت أجش :
(( ماذا ؟ هل أخفتك أيتها الأميرة ؟ ))
- لا , مطلقاً ! لكن , أنا ...أنا ...
التصقت الكلمات في حلقها رافضة أن تنطلق .
ابتلعت غصة بصعوبة , و حاولت من جديد . فلتقل ما تريد قوله بسرعة قبل أن تفقد شجاعتها .
- أنا عذراء و لم أسمح لرجل قبلك بمعانقتي , لكنني أشعر أنك أنت الرجل الذي انتظرته طيلة حياتي !
انفجرت الكلمات الأخيرة من فمها كأنها طلقة مدفع . استغرق ديمتريو بعض الوقت كي يتمكن من استيعاب ما تعنيه , بدليل أنه جمد في مكانه دون حراك . أصبح هادئاً جداً , كأنه أصيب بصدمة قوية . بعدئذ , أبعد يديه عنها بهدوء مطلق ثم قال :
(( هذه مشكلة كبيرة جداً بالنسبة لي , أيتها الأميرة . أتعرض للكثير من المشاكل , لهذا يجب أن نتوقف عن عناقنا هذا الأن و إلى الأبد ))
تذمرت قائلة :
(( لا ! أنا لم أقصدك ذلك .. إنما ... ))
أبعدها ديمتريو عنه بسرعة , حتى إنها كادت تقع بسبب إرتجاف ساقيها .
قاطعها بنبرة ملؤها التوتر و الغضب :
(( مهما يكن الأمر , لدي ما يكفي من الأزمات و المشاكل , من دون أن أضيف إلى لائحتي خطيئة إغواء أميرة أميريكية ))
قالت و هي تمسح دمعتها :
(( آه , ديمتريو ! لا تبعدني عنك ! ))
- حاولي أن تقولي هذا الكلام للرجل المناسب الذي تختارينه شريكاً لحياتك لا لرجل مثلي .
- ماذا لو كنت أنت الرجل المناسب ؟
تردد صدى ضحكته في الليل , ضحكة قاسية و ساخرة معاً .
- بالطبع , أنا لست ذلك الرجل , أيتها الأميرة . و لن أكون كذلك ولو بعد مليون سنة !
قالت ناتالي بإصرار : (( و كيف تعرف ذلك ؟ ديمتريو , أعتقد أنني وقعت في حبك .. هذا ما شعرت به في اللحظة التي دخلت فيها إلي حياتي ))
يا إله السموات ! إن كانت تسعى إلى إبعاده فقد نجحت في ذلك بدون أي شك بعد أن تفوهت هذه الكلمات بصوت عالٍ ! لكن الحقيقة سيف ذو حدين , و إعترافها هذا لم يعد سراً بعد ما باحت به في البداية .
بدا بوضوح أنا أصابته بالدهشة من جديد . و على الفور أشاح ديمتريو ببصره جانباً , و هز رأسه منزعجاً . بعد قليل أغمض عينيه , و زفر أنفاساً متقطعة و حادة .
أخيراً نظر إليها و قال :
(( أنت لا تعرفين عما تتحدثين . يمكنني أن أعد على يد واحدة عدد الساعات التي أمضيناها معاً . نحن لا نعرف بعضنا لأيام , أو أسابيع , أو شهر , أيتها الأميرة , لكن لساعات فقط ! كيق يمكن بحق السماء أن تغرمي برجل في ذلك الوقت القصير , لا سيما إذا كان الرجل مثلي ؟ ))
- لا تحتاج المرأة إلا إلى دقائق فقط لتنظر إلى قلبها و ترى الحقيقة في داخله .
أطلق ديمتريو شتيمة و ابتعد عنها قليلاً . توقف لفترة قصيرة ليرميها بتعليق من وراء كتفيه قبل أن يتوجه إلى المنزل :
(( ألم تسمعي كلمة واحدة مما قلته ؟ قلت لك سابقاً : أنا و أنت أشبه بالزيت و الماء , مهما حاولت أن تمزجيهما فإنهما لن يمتزجا ))
راقبته ناتالي و هو يغادر المكان و قد غمرها اليأس , و ملأ الحزن قلبها . و كأنما الكلب الصغير شعر بخيبة أملها , فوضع قائمتيه الأماميتين على ركبتيها متذمراً . انحنت و حملته بين ذراعيها , ثم دفنت وجهها في جسمه الصغير الدافئ .
همست :
(( أنا لا أصدقه , و لا أهتم لما قاله , فأنا مغرمة بكما معاً , و لا أستطيع إنكار ذلك ))
رفع الجرو رأسه , و راح يلعق وجهها بحماس . فكرت ناتالي أنه على الأقل لا يعتقد أنها مجنونة .
أطلق ديمتريو شتيمة غاضبة , و هو يدخل إلى المطبخ . شعر بأنفاسه تتسارع و بجسده يتصبب عرقاً كأنه كان يركض في الماراثون . ما الذي دهاه بحق السماء , كي يسمح للأمور بأن تتطور بينهما لتصل إلى درجة الخطر ؟ مع ذلك , فكر , مبرراً لنفسه , أن أي رجل تجري الدماء في عروقه سوف يتأثر بجمالها و سحرها .
طرف بعينيه ما إن سقطت قطرات من العرق على وجهه . كل ذرة فيها , من رأسها حتى أخمص قدميها , رائعة بما يكفي لجعل الرجل يحيد عن صوابه , حتى لو كان ناسكاً . و ديمتريو برتولوزي هو أبعد ما يكون عن الناسك .
كل ما فعلته بدا صادقاً إلى درجة جعلت مشاعره تفيض شوقاً إليها , ديمتريو ليس معتاداً على مثل ذلك الصدق و مثل تلك البراءة , لا فكرة لديه مطلقاً عن كيفية التعامل مع هذا الوضع , كل ما قام به هو إنه ركض بعيداً عنها بكل ما أوتي من قوة .
لكن المشكلة هي أن الرجل لا يستطيع الإستمرار في الهروب من نفسه . ففي نهاية السباق سيجد أن المشاكل مازلت وراءه تماماً , و إنه لا يستطيع الهروب منها , فعاجلاً أم آجلاً عليه مواجهتها .
سمع خطواتها المترددة تقترب منه عبر الحديقة , ما جعله يدرك أن المواجهة ستكون قريبة , و قريبة جداً .
بالطبع لن ترضى ناتالي بأن تختفي في الظلام و تتركه بسلام . لا بد أنه أحمق كبير إن ظن إنها ستفعل ذلك . خنق تنهيدة في صدره , قبل أن يستدير لمواجهتها .
قالت بصوت حزين :
(( أحضرت بيبو إلى المنزل . لا أعتقد أنك تريده أن يبقى في الخارج , لكن ... هذا هو السبب الوحيد لوجودي هنا , فأنا أعلم أنك تريدني أن أرحل ))
اعتصر قلبه ألماً و إشفاقاً عليها بسبب الحزن الذي نضح في صوتها .
نعم , هو يريدها أن ترحل , لكن ما يريده بإلحاح أكبر هو أن يبقيها هنا بقربهِ ... ليس فقط من أجل معانقتها .. يريد أن يجعلها تبتسم و أن يسمع ضحكتها , يريد أن يمتع عينيه برؤيتها عبر الطاولة , فيتحدث إليها و يعرف المزيد عنها و هما يتشاركان العشاء البسيط الذي قرر إعداده .. حتى أنه يريد أن يشاركها بذكريات من حياته , و هذا أمر لم يشعر به مطلقاً من قبل .
مع ذلك , و من أجل مصلحتهما معاً , فإن التخلص منها هو أفضل حل .
لم يعرف ديمتريو كيف انتهى به الأمر ليقول :
(( يمكنك أنت أيظاً البقاء . عليك أن تأكلي , و هنا لدي الطعام كاف لنا نحن الإثنين ))
لمست بطرف لسانها شفتها العليا بتوتر , و قالت :
(( أنت فقط تحاول أن تبدو مهذباً ))
- حسناً ! لم لا أيتها الأميرة ؟ الأخلاق الحسنة ليست حكراً على الأولاد الأثرياء فقط , كما تعلمين .
تورد خدا ناتالي من الإرتباك , و ردت بسرعة :
(( لم أقصد ما فهمته من كلامي ))
- إذاً , توقفي عن الإلتصاق بحاجب الباب . إدخلي و إشربي كوباً من العصير بينما أحضر وجبة العشاء .
اقتربت منه و هي تنظر إليه بقلق , كأنه طلب منها القيام بعمل مشين .
- أيمكنك أن تطهو ؟
- نعم
سار نحو البراد و أحضر زجاجة أخرى من العصير , سكب كوباً و قدمه لها قبل أن يسكب كوباً أخر لنفسه و هو يقول :
(( لم يفاجئك ذلك ؟ ))
- لأن معظم الرجال الذين أعرفهم لا يستطيعون أن يسخنوا الماء . ما الذي تحضره ؟
- المعكرونة بالكاربونارا على طريق برتولوزي . هذا الطبق ليس منتشراً في هذه الأرجاء , لكن ...
قطع كلامه و انشغل بإحضار المواد اللازمة من البراد و من خزانة الطعام التي بناها في مدخل قديم في المطبخ
لم تفهم ما قصده , فقالت :
(( لكن , أهذا هو الطبق الوحيد الذي تجيد تحضيره ؟ ))
جمع ديمتريو المكونات التي يحتاج إليها لتحضير الطبق الرئيسي : بيض , شرائح من اللحم المدخن , جبنة بيكورينو , رغيف من الخبز و المعكرونة الطازجة الذي أحضرها هذا الصباح من متجر في بوستيانو , أما البندورة فقد اشتراها من بائع للخضار و هو في طريق عودته .
قال متفاخراً بنفسه :
(( لا ! على الإطلاق . أنا إيطالي , فكيف يمكنني ألا أطهو بطريقة جيدة ))
تركت ناتالي الكلب ليركض على هواه في المطبخ , و جلست على أحد المقاعد في الجانب المقابل من الطاولة و أمسكت كوبها بين يديها .
- صحيح إنك إيطالي , لكن كما ذكرت لك من قبل , هناك لهجة أميريكية واضحة في لغتك. فما سر ذلك ؟
- أمي أميريكية الأصل . قابلت والدي عندما أتت في زيارة إلى إيطاليا , و تزوجا في غضون شهر واحد . بعد موته , عادت إلى الولايات المتحدة و أخذتني معها , كنت في االرابعة من عمري حينذاك .
اتسعت عيناها الرمادتيان الجميلتان من خيبة الأمل .
- يا له من أمر مأساوي بالنسبة إليها ! أن تصبح أرملة و هي ما تزال شابة , و أن تكبر أنت بدون والدك .
عدل ديمتريو حرارة النار تحت مقلاة من الحديد الصلب , و سكب في داخلها مقداراً من زيت الزيتون , و بينما كان الزيت يسخن ، قطع اللحم المدخن و فصاً من الثوم مستخدماً سكيناً قديماً .
قال وهو يضع الثوم و اللحم في المقلاة :
(( في عالمك أنت , ربما , لكن ليس في عالمي . توفي والدي في قتال مع عصابة من المجرمين , قتل في وسط الشارع في وضح النهار , و يمكنني أن أراهن أن أمي لم تذرف دمعة واحدة عليه . و مما علمته في ما بعد , كان زواجهما أقرب إلى الجحيم , فهي لم تشعر بالأمان مطلقاً هنا ))
- يمكنني أن أفهم لما غادرت , إذا . و أفترض أيظاً إنها أرادت أن تضع مسافة بينك و بين تلك الأحداث المريعة – أرادت بداية جديدة , و هذا ما وجدته .
قام بخفق البيض في الوعاء عميق , ثم أضاف إليه الجبنة المبروشة و طحن فوقه البهار بنشاط كبير مبالغ فيه , تابع بضيق :
(( لسوء الحظ , لم أكن جزءً من تلك البداية . مرري لي وعاء الملح , من فضلك ))
- ما الذي تقصده بقولك إنك لم تكن جزءً من تلك البداية ؟
أعطته ناتالي وعاء الملح , ثم حدقت به , و قد علا وجهها تجهم خفيف .
- لا تقل لي إنها تخلت عنك ؟!
- ليس على الفور .
أصبح اللحم جافاً و أشقر اللون , فرفعه عن النار و وضعه فوق مزيج البيض , بعدئذ أشعل النار تحت و عاء من الماء تركه يغلي على المدفأة , ثم أضاف له ملعقة من الملح , و عندما بدأت المياه بالغليان , وضع في داخلها المعكرونة .
- تزوجت أمي بعد أن أصبحت في السادسة من عمري , و عندما قرر زوجها الجديد أنه لا يريد أن يحمل عبء طفل مزعج هو ابن رجل عصابة , أرسلتني للعيش مع عائلة والدي .
شهقت ناتالي مخطوفة الأنفاس , و قالت :
(( كيف يمكن لأم أن تفعل ذلك مع صبي صغير .. مع ابنها الوحيد ؟ ))
رفع كتفيه قائلاً :
(( أرادت أن تحطمني , لكنني لم أهتم لذلك , فجدتي منحتني كل الأمومة التي كنت بحاجة لها , عندما ماتت .. ))
توقف ديمتريو عن الكلام , بعد أن اجتاحته موجة غير متوقعة من الحزن . خمسة عشر عاماً على وفاة جدته , خيل إليه خلالها أنه يشفي تماماً من خسارتها .
إلا أنها عادت تملأ أفكاره منذ أن عاد إلى الفيلا , فهو يراها في حديقتها تعتني بأزهارها الغالية , و يسمعها تدندن له لينام في سريره . كانت تنتظره عندما وصل إلى عتبة بيتها , طفلاً مشرداً يحمل حقيبة تحتوي الثياب و لعبة على شكل دب صغير ممزق , حتى إنه يشم رائحة عطرها في خزانة الثياب في غرفة النوم الرئيسية .
قالت ناتالي تحثه على الكلام , بصوت ناعم مليء بالعاطفة :
(( ماذا ؟ ما الذي حدث بعد ذلك ؟ ))
ظل يبكيها لمدة أسبوع . كانت تلك الدموع الأولى التي انهمرت من عينيه منذ أن ابتعدت عنه أمه , و تركته مع امرأة تعمل في شركة طيران إيطاليا رافقته طوال الرحلة إلى إيطاليا . تباً !
اللطف و الإهتمام اللذان تبديهما ناتالي يدفعانه بشكل خطير إلى البكاء من جديد الأن . ألا يكفي ما تفعله تلك المرأة بأحاسيسه و مشاعره , لتأتي الأن فتحطم حصن الدفاع الذي بناه حول عواطفه , فتمزق قلبه الذي مازال مليئاً بالجراح . إنه أمر لا يحتمل بدون أي شك .
ما إن نضجت المعكرونة بشكل كافٍ , اتخذ ديمتريو من ذلك عذراً ليستدير مبتعداً عنها . رفع الوعاء عن النار , و سكب الماء في المغسلة , ثم إنشغل بوضح اللحم و مزيج البيض فوق المعكرونة الحارة . من دون أن تسأله , بدأت ناتالي بتوزيع الأواني التي هيأها من قبل على طرف الطاولة , ثم نزعت مناشفة ورقية من لفة الورق الموضوعة فوق المغسلة .
- مناشف ورقية بدلاً من المناديل المطرزة , و أوانٍ فخارية بدلاً من الخزف الصيني . هذا لا يشبه ما أنت معتادة عليه . أليس كذلك , أيتها الأميرة ؟
قالت :
(( توقف عن محاولاتك بأن تبدو غير مثقف . ما إن تنتهي من العمل في غرفة الطعام , حتى تذهب و تشتري كل الأواني الصينية و الكرستال التي يشتهيها قلبك , و عندها سوف تحتفل بأناقة لا مثيل لها ))
- أشك بأن تكوني هنا عندما يحدث ذلك .
- لن تتمكن من التخلص مني بسهولة , ديمتريو . لن أذهب إلى أي مكان , في الوقت الراهن .
أعطته ملاحظتها الأخيرة المدخل ليسأل سؤالاً يدور في ذهنه منذ اليوم الذي وصلت فيه إلى فيلا جدتها .
- ما هو الوقت الذي تتوقعين أن تمضيه هنا ؟
- حتى أخر الصيف .
- و ماذا ستفعلين طيلة ذلك الوقت ؟
- لا شيء . أنا في إجازة ة هذه هي الإجازة الأولى التي أحصل عليها منذ أكثر من ثلاث سنوات .
بكلمات أخرى , ستبقى مصدراً دائماً للتوتر و لتشتيت أفكاره , كما إنها ستكون مصدر إغراء برئ له للأشهر الثلاثة القادمة , أمر رائع ! فهذا تماماً ما يحتاجه .
قالت :
(( أعطني سكيناً . سأتولى أنا تحضير البندورة , بينما تسكب أنت الكاربونارا ))
أجبر ديمتريو نفسه على التفكير في إعداد الطعام , فقدم لها سكيناً حاداً و هو يقول :
(( بالنسبة إلى امرأة ترعرعت و هي محاطة بالخدم الذين يلبون كل طلباتها , لا أظن أن خبرتك في تقطيع الخضار تزيد خبرتك في الإعتناء بالحديقة . حاولي ألا تقطعي رؤوس أصابعك و أنت تقطعينها . اتفقنا ؟ ))
ضحكت لكلامه , و مرة ثانية أجبر نفسه على الإستدارة و النظر بعيداً , رنة ضحكتها , لمعان عيناها , بشرتها الناعمة كالحرير و استدارة عنقها و هي تميل رأسها إلى الوراء , تهدد بقوة سيطرته على نفسه .
قال لها :
(( لا تمضي الليل بطوله و أنت تقومين بذلك , فالمعكرونة أصبحت جاهزةً . ))
و دفع نحوها طبقاً واسعاً و إبريقين زجاجيين يحتوي أحدهما على الخل و الأخر على الزيت .
تناولت ناتالي العشاء في ضوء الشموع في أشهر مطاعم العالم , و في أجمل مدن العالم , تارة كضيفة دبلوماسية , و تارة أخرى كسليلة إحدى العائلات الإرستقراطية , أو كرئيسة لشركتها العالمية . تناولت وجبات أعدت من قبل طهاة ذوي شهرة عالمية , إلا إنها لم تتأثر يوماً بالأجواء الرومانسية كما تأثرت هذه الليلة , و هي برفقة ديمتريو , في ذلك المطبخ القديم الواسع . حيث تحولت قطعة خشبية واسعة إلى طاولة الطعام , عليها طبق واحد من المعكرونة كطعام رئيسي .
إنها غلطة ديمتريو . لو إنه ترك المصباح الوحيد في الغرفة مضاءً , لما وجدت نفسها محاطة بمثل هذا الدفء و هذا السحر . لفتهما دائرة من أضواء الشموع جعلت ما تبقى من مساحة الغرفة يتقلص و يتحول إلى ظلالة ملونة , و تشابكت نظراتها بنظراته معاً , و تحول صوتهما إلى همس أجش و هما يتبادلان نتفاً من الأحاديث المتعلقة بحياتهما الشخصية.
قالت تخبره :
(( أحببت المدرسة كثيراً ))
قال :
(( أنا كرهتها كثيراً ))
استغرقت في الذكريات متابعة :
(( كان كل يوم مليئاً بالوعود , و كنت أنام كل ليلة و أنا أحلم بما سيحمل لي الغد من مفاجأت ! ))
- لم أنم ليلة واحدة نوماً عميقاً , خشية أن أستسلم للكوابيس .
مدت يدها عبر الطاولة , و لفت أصابعها حول أصابعه , و سألته :
(( أي نوع من الكوابيس ؟ ))
- النوع الذي لا يتبخر و لا يندثر حتى في ضوء النهار .
لمعت عيناه بالألم , و بدا الحزن على وجهه و هو يتابع :
(( ما زلت أذكر ليلة محددة , كأنها حدثت البارحة , استيقظت على صراخ امرأة شابة مسكينة تتوسل جدي ليحافظ على حياة زوجها , تسللت خارجاً من غرفتي , و راقبت ما يجري من قاعة الموسيقى .
(( لم تتجاوز المرأة العشرين من عمرها يومها , رأيتها راكعة على ركبتيها عند قدمي جدي , و هي حامل في الأشهر الأخيرة . في ذلك الوقت اعتقدت إنها سمينة فقط .. رأيت زوجها واقفاً إلى الجانب الأخر و يداه مربوطتان وراء ظهره , و بدا وجهه شاحباً و هزيلاً . راحت المرأة تنتحب قائلة :
(( أنا احمل طفله دون برتولوزي ... أنت لديك عائلة , و تعرف معنى الحب .. كيف يمكنك أن تحرم هذا الطفل الذي لم يولد بعد من والده ؟ ))
تجمدت ناتالي في مكانها , فالألم الذي نضح من صوته جعل بشرتها تقشعر من الخوف و الحزن معاً , قالت :
(( ما الذي حدث ؟ ))
- سقط صراخها في أذني جدي الصماء , لم يتحرك , بل أومأ برأسه إيماءة خفيفة , ثم تنحى جانباً , بينما ظهر رجاله فجأة من الظلام , فسحبوا زوجها إلى الخارج , ثم رموه في سيارة و أخذوه بعيداً .
حدق ديمتريو في كوبه , و غاص في صمت مقلق كئيب بسبب ذكريات لا يمكنها أن تتصورها ولو في أغرب أحلامها .
أخيراً استأنف كلامه :
(( لم أعرف مطلقاً ما الذنب الذي اقترفه ذلك الرجل , لكن النظرة التي ارتسمت في عينيه و هو ينظر إلى زوجته النظرة الأخيرة , تلك النظرة المليئة باليأس المطلق و الخوف و الضياع , طاردت أحلامي لأشهر طويلة بعد ذلك الحادث ))
تأثرت ناتالي إلى درجة لا يمكنها وصفها فقالت :
(( ديمتريو ! أشعر بالأسى لأنك شاهدت أشياء مخيفة و مرعبة كهذه . كم كان عمرك في ذلك الوقت ؟ ))
- كنت في السابعة أو ربما في الثامنة , لا أعرف بالتحديد .
- يا إلهي ! لو أن جدتك علمت ...
- هذا ما حدث بالفعل ! وجدتني جدتي جاثماً في الصالة .. لا أدري كيف حصل ذلك .. ربما صدر عني صوت ما , أو ربما ذهبت إلى غرفتي لتتفقدني قبل أن تذهب إلى غرفتها .. أتذكر أنها أتت من غرفة الجلوس الخاصة بها في الطابق العلوي , و حملتني إلى سريري , و بقيت بقربي إلى أن غفوت . في اليوم التالي , لم ألاحظ أي شيء غير عادي في الفيلا , و بدا كأن شيئاً لم يحدث في الليلة السابقة . لم تذكر جدتي ذلك الحادث مطلقاً , و أنا كذلك .
- لَمِ لم تأخذك بعيداً , و تترك ذلك الزوج المتوحش ؟
- لأنها عرفت إنه لن يدعها ترحل أبداً , و إن حاولت ذلك فسوف يجد وسائل لمعاقبتها . لا يمكنك أن تتخيلي أساليبه الجهنمية .
أهي تلك الوحشية المطلقة التي رأتها على وجهه ما جذبها إليه إلى درجة لا تقاوم ؟ أتراها لهذا السبب تشعر برغبة قوية في أن تمسح ذلك الفراغ من عينيه و تملأ روحه بالأمل و الدفء و الإيمان بالخير في الحياة ؟ ربما , أو ربما يعلمها حدسها الأنثوي أن لا شيء يمحو ذلك الخوف و الحزن الساكنين في مخيلته إلا حب امرأة .
تمتمت و هي تشده بعيداً عن الطاولة :
(( لنصعد إلى الطابق العلوي , ديمتريو . أريد أن أرى غرف المنزل الأخرى ))
قال :
(( لا أعتقد ذلك , أيتها الأميرة . يبدو لي إنها ليست فكرة جيدة على الإطلاق ))
اقتربت منه بدلال و هي تهمس :
(( ثق بي , إنها أفضل فكرة في العالم ! ))
بطريقة ما , وجدا نفسيهما يسيران عبر القاعة الكبرى , حتى و صلا إلى الدرج المتفرع . و من هناك صعدا إلى الطابق العلوي , و تجولا في الغرف التي تخلو من الزخرفة حتى وصلا إلى الغرفة التي كان يشغلها و هو طفل صغير , و التي ما تزال غرفة نومه حتى اليوم . عرفت ناتالي ذلك من ثيابه المعلقة في الخزانة المفتوحة , رأت في هذه الغرفة أغطية و وسائد وقد وضع غطاء رائع الصنع على السرير , أما على الطاولة الصغيرة الموجودة بقرب السرير فهنالك مصباح صغير و كتاب مفتوح , كذلك فإن النوافذ الضيقة مفتوحة لهواء الليل المنعش و للسماء المضاءة بالنجوم الساطعة .
مع ذلك فوجودها معه جعل الهواء مثقلاً بالتوتر .
كسرت ناتالي دائرة الصمت المربك قائلة :
(( بالكاد يبدو هذا السرير كافياً لرجل بحجمكَ ))
- إنه يخدم الهدف الذي وجد لأجله , حتى الأن .
- لو كنت مكانك لنمت على هذه الأريكة , فهي تبدو أكثر اتساعاً منه .
قالت ذلك و توجهت نحو الأريكة , فجلست عليها و مددت ذراعيها في الإتجاهين قبل أن تتايع : (( إنها كبيرة حتى تكاد تتسع لشخصين معاً , تعال ... إجلس لتتأكد من وجهة نظري ))
استدار ديمتريو نحوها و قال بصوت حازم :
(( توقفي عن القيام بذلك , ناتالي . هذا يكفي ! ))
وقفت ناتالي ثم اقتربت منه و وضعت يديها على كتفيه قائلة :
(( يمكنني البقاء هنا الليلة , سأنام أنا على السرير و أنت على الأريكة , و هكذا نمضي بقية الليلة معاً , ما رأيك ؟ ))
قال بصوت أجش :
(( ساحرة ! ))
أدرك ديمتريو أن عليه أن يرفض عرضها فهو لا يريدها أن تتعلق به , لكن شيئاً في داخله أغراه بالقبول , و هل من شيء أروع من الإستيقاظ صباحاً على رؤية وجهها الملائكي و التمتع برفقتها ؟
شعر بقطرات من العرق تتصبب على جبهته , حاول الإبتعاد عنها مبقياً إياها على بعد ذراع منه .
- إذهبي إلى منزلك , قبل أن أنسى أنني أحاول السيطرة على نفسي و التصرف كسيد نبيل .
- أريد أن بقى معك , ديمتريو . من فضلك , لا ترسلني بعيداً .
- أنت فقط متأثرة بما سمعته مني قبل قليل .
لم تكن ناتالي متأثرة بما سمعته , إلا إنها أدركت أن ديمتريو... و لأول مرة منذ تعرفت إليه .... شاركها بخبايا نفسه من دون أن تسحب الكلمات من فمه كلمة بعد أخرى .
لقد سمح لها بمعرفة شذرات من ماضيه , و باح لها بأحاسيس كامنة في داخله لا مجال للشك بها مطلقاً , و مع كل كلمة و كل نظرة , كان يشق طريقه بعمق أكثر نحو قلبها .
إن الإنسجام و التفاهم اللذين غمراهما هما أعمق بكثير من قدرتها على التخلي عنه , على الرغم من أن لقاءهما لم يدم لأكثر من ساعات معدودة .
بدا كأنها و صلت إلى قرار حاسم حين نظرت إليه قائلة :
(( توقف عن الجدال و عانقني )) .


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس