9- وداع على إيقاع الموسيقى
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
لا لا تستطيع أن تسمح بهذا العناق ليس بهذا الشكل .ليس من دون حب!
أخذت تدفعه محاولة إبعاده عنها :
تأوهت وهى تهز رأسها والدموع تفيض من عينيها ثم رفعت بصرها إليه ضارعة
أظلم وجهه وبدت عيناه سوداوين تقريباً وهو ينظر إليها غير مصدق . قال بصوت خشن وذراعاه الفولاذيتين حول خصرها :
-لمَ لا؟ أنت تعلمين أننا نرغب فى بعضنا
نعم إنها تعرف ذلك ولا تشك فى مشاعرها كما تدرك
أن جوناثان يرغب فيها لكنها تريد منه أكثر من ذلك .وقد ازداد يقينها بذلك بعد الحديث الأخير بينهما
-هل تظن حقاً أننى تقربت منك لمجرد أن أضع يدى على أغانيك؟
والتوت شفتها بإزدراء فبدا الإجفال على جوناثان وأرتخت ذراعاه على جانبيه:
قالت ذلك بثقة وهى تبتعد عن إغراء حضنه الدافئ ثم أضافت:
لم تكن واهمة بالنسبة لرأى جوناثان فيها
نظر إليها صامتاً لثوان وقد أصبحت عيناه ثلجيتين :
وهزت رأسها بابتسامة خالية من أى بهجة وأكملت:
والله وحده يعلم كم تعرضت للاستغلال ! فقال بحدة :
-لم أعتبر نفسى واحد من عامة الناس
-ومع ذلك لا أريد أى فكرة مغلوطة . أنا....أنا بحاجة إلى مادة جديدة مختلفة عن طرازى المعتاد
بقيت محترسة بالنسبة لهذا الموضوع لأنها لم تبلغ ستيفن جايمس بعد إنها تنوى قبول عرضه:
- أريد شيئاً يشبه ما سمعتك تعزفه الأحد الماضى
بقيت نظراته ثلجية وهو يقول :
-عذراً إن بقيت مشككاً يا تورى لكننى أحس بتدخل أختى و زوجها خلف كل هذا
-يمكنك ان تفكر بما تشاء فأنا لست جمعية خيرية كما أنك لا تستحق الإحسان.إذا كنت أحب أغانيك وأعنى إذا فسيكون بيننا عقد مكتوب
-يمكننى أن أرى مشكلة.....
-إنها ليست أغان تورى.فأنا ألحن فقط ولا أكتب كلمات
-أحسن يمكننى أن أضع كلماتى على موسيقاك....
تمكنت بصعوبة من أن تتحكم فى صبرها إزاء عناده . لماذا يزعج نفسه فى كتابة الموسيقى إذا كان لا ينوى أن يدع أحد يسمعها؟
-لأننى لا أكتب أغان لـ فيكتورى كانان
-بل لـ تورى...أخبرتك أنى أريد أن أنشد شيئاً مختلفاً جوناثان
كانت تتحدث بهدوء لأن ثورة أعصابهما لا تفيدهما بشئ!
فهز رأسه وقال بلهجة لاذعة:
ضاقت عيناها بغضب بالرغم من تصميمه السابق على الأحتفاظ بهدوئها :
-وهل تظن أن فيكتورى كانان ستلوثها؟
تنهد جوناثان وسار ليقف نبجانب المدفأة:
-صدقى أو لا تصدقى يا تورى صحيح اننى أؤلف أغنيات عاطفية ومع ذلك ما عليك إلا أن تصغى إليها لتعلمى إنها أغنيات غرامية
-وفيكتورى كانان لا تغنى أغنيات غرامية. وهذا أساس الموضوع لأننى سأقوم بذلك !
كانت قد قرأت مسرحية ستيفن جايمس ورأت أن اللحن الأساسى فيها يتحدث عن الحب
-أفكر فى....لقد...عُرض علىّ أن أكون نجمة مسرحية يكون الدور الأنثوى الرئيسى فيها لمغنية
-هذا ليس ما يتوقعه جمهورك منك
-أتطننى لا أعرف؟ لهذا السبب أستغرق قرارى وقتاً طويلاً
ولكن بعد أن عزمت صممت الآن على أن تسير حتى النهاية
-هل هذا هو سبب تواجدك فى الجزيرة؟
-جزئياً . أليس الأمر سيان بالنسبة إليك؟
تصلب جسمه وبدا الغموض فى عينيه:
-من الواضح أنك جئت إلى هنا لكى تتصارع مع أفكارك
-ما الذى أخبرتك به ماديسن بالضبط؟
وسكتت بحزم وهى تقابل نظراته المتحدية بعينين لا تطرفان.فتمتم بمرارة :
-كلامك يعنى أن ماديسن لم تخبرك بشئ . سامحينى إذا وجدت ذلك بعيداً عن التصديق...
-لا....لا أسامحك.ماديسن هى اختك لن تحطم ثقتك بها وثقة زوجها بها!
-ولماذا تقحمين جيدون فى الموضوع؟
-أسمع جوناثان.ليس لدى فكرة عن مشكلتك مع صهرك....
-مشكلتى هى أنه ليس صهرى فقط!
نظرت إليه متفحصةلكنها لم تستطيع أن تقرأ شيئاً على ملامحه.كانت عيناه صلبتين والغضب يكسو وجهه.فهزت رأسها :
-لا . لماذا تكره جيدون إلى هذا الحد يا جوناثان؟
فبدا عليه الذهول وهو يهز رأسه:
-أكرهه؟أنا لا أكره جيدون يا تورى.وكيف يمكننى ذلك ؟أنه أخى!!!!!
نطق بالجملة الأخيرة باحتجاج وفاضت مشاعره
-أنا أدرك أنه بمثابة أخيك بسبب زواجه من أختك ولكن هذا لا يعنى أن لا تحبه.....
وسكتت تورى عندما عاد جوناثان يهز رأسه.فسألته مترددة :
-إنه أخى حقاً تورى . أنظرى إلينا
وتناول صورة لـ جيدون وماديسن و قربها من وجهه :
طبعاً يمكنها أن ترى ذلك.ألم يسبق لها أن لاحظت أن جوناثان يشبه جيدون أكثر مما يشبه ماديسن؟ لكنها ظنت حينذاك أنه تشابه سطحى وبالمصادفة...هل يعنى كلام جوناثان أن المسألة تتعدى التبرير ؟
وأعاد جوناثان الصورة إلى مكانها ثم أشاح بوجهه بعينين لا تريان .
كان الليل قد أسدل ستاره فقال بصوت ضعيف خافت بالكاد سمعته:
-بقيت اعتقد أن مالكوم ماغواير أبى حتى بلغت الثامنة عشر من عمرى حين أخبرتنى أمى الحقيقة
لم تشأ مقاطعته فقد أحست أنه بحاجة إلى التحدث إلى شخص ما حتى إليها!
-حتى بعد أن أخبرتنى أمى الحقيقة لم يشكل ذلك أى فرق بالنسبة إلىّ فقد كان مالكوم يعاملنى وكأننى أبنه وكذلك أمى التى تحبنى. كانت ماديسن شغوفة بنا جميعاً ونحن جميعاً نبادلها نفس الشعور
وأرتسمت ابتسامة حنان على محياه للحظة:
-لم يكن الأمر مهماً كما ترين
لقد بدأت تفهم ذلك الحديث الذى جرى بينهما يوم تناولت العشاء معه هنا عن والد جيدون جون بيرن وتساؤل جوناثان عما إذا كانوا جميعاً عبارة عن جينات موروثة من آبائهم حينذاك ظنت أن جوناثان قلق من أن يصبح جيدون سكيراً كما كان أبوه . ولكن إذا جوناثان شقيق جيدون فيكون جون بيرن أباه هو أيضاً....
-ولكن ألم تغير علاقة ماديسن وجيدون ذلك؟
-فى سن الثامنة عشر أدركت أن لى أخ غير شقيق....هو منتج الأفلام السينمائية جيدون بيرن ولكننى كنت قانعاً بحظى فى الحياة بينما لم يكن هو يعلم بوجودى وهكذا أعتبرت أن من الأفضل أن تبقى الأمور على ما هو عليه
-إلى أن تقابل جيدون مع ماديسن
كان جيدون منتج أفلام وماديسن ممثلة لذا من الطبيعى ألأن يتقابلا فى مرحلة ما من مهنتهما ولكنهما وقعا فى غرام بعضهمما
أطلق جوناثان نفساً مرتجفاً وردد قولها:
-ثم تقابلا جيدون وماديسن . يبدو كفيلم سينمائى أليس كذلك؟والحماقة الحقيقية تكمن فى أننى أقنعت ماديسن بألا يخسر ماديسن عندما علم الحقيقة من أمى....عنى. كنت على صواب فهما يحبان بعضهما .ولكن لم يخطر فى بالى أننى من سيعانى لاحقاً من عقدة عاطفية
لم يخطر هذا فى باله ولكن من السهل على تورى أن ترى لماذا كان جوناثان يمر بهذه الأزمة عندما وصل إلى الجزيرة....كما وصفتها مازحة أزمة منتصف العمر !
لم تكن هذه الأوضاع مضحكة لرجل مشوش عاطفياً
كان مالكوم ماغواير حسب قوله اباً محباً تماماً كما أحبت سوزان ديلانى أبنها .لكن هذا لم يغير الوالقع بالنسبة إلى جوناثان واقع أنه لم يعرف أباه الحقيقى الذى قتل فى حادث سيارة قبل أن يولد...
وهو لم يقابل جيدون فقط بل رحب فيه فى الأاسرة بصفته صهره!
-هل تحدثت مع جيدون عن...أبيكما؟
-لأن جون بيرن لم يكن له أى تاثير على حياتى فقد مات قبل ولادتى
-لكنك لم تعرف بأمره....ألا بعد أن أصبحت فى الثامنة عشرة
-أنت ليس إلىّ حقاً لأخبرك بذلك
ضاقت عيناه ببرودة وتوترت شفتاه فيما بدت ملامحه وكأنها قُدت من صوان.وقال بلهجة لاذعة:
-منذ متى أصبحت طبيبة نفسية؟
رفضت تورى أن تبادله أهانته مدركة أن هذا ما أراده جوناثان . فى الواقع ألأراد أن يبقى الكل بعيداً عنه عاطفياً فى الوقت الحالى!
قالت بمرح:
-أنا ليست طبيبة نفسية .كل ما فى الأمر أننى أعرف ذلك.ولو كنت فى الوضع نفسه...
-لكنك لا تعرفين . فقد أمضيت طفولتك آمنة فى جزيرتك مع والدين محبين ولديك الآن مهنتك الناجحة الآمنة.....ولا تعلمين شيئاً عن تساؤل المرء عن هويته
هل حان الوقت لتخبره أنها متبناة ؟وإنها لم تشعر بحاجة إلى معرفة هوية والديها الحقيقيين لأن الأبوين الذين أختاراها أبنة لهما منحاها كل الأمان والثقة اللذين تحتاجهما فى هذه الحياة ؟
نظرت إلى جوناثا متفحصة فرأت التوتر والألم على وجهه وأدركت أن المقارنة تبنيها بوضعه لن يكون موضع ترحيب منه! كان أهتمامه منحصران بأبويه
قلت إذا كنت فى الوضع نفسه....
-ألا تظن أنك ترى المسألة من وجهة نظر خاطئة يا جوناثان؟
ضاقت عيناه فأصبحت كومة من الجليد:
-يبدو لى أن ما فعلته بحياتك هو المهم وليس أصل أبويك وما فعلا أشك انك توقعت مرة ان تنجح لأن أمك هى سوزان ديلانى...
-تماماً كما لا يفترض بك أن تتوقع الفشل لأن أباك هو جون بيرن !
نظر إليها بصمت لثوان وقد طبق فمه وجمدت عيناه ثم تمتمت بإزدراء :
-هل عدنا إلى التحليل النفسى؟
تنهدت تورى وهى تدرك إنها لن تتمكن من النجاح مع هذا الرجل .ثم قالت بهدوء:
-أخبرنى يا جوناثان ما هو رأى مالكوم برأيك حيال كل هذا؟
-لا.من الواضح أنك لا تظن. قلت بنفسك أن هذا الرجل عاملك دوما كابن له مع أنه يعلم الحقيقة منذ تزوج أمك . يبدو أن الأمر لم يشكل فرقاً بالنسبة إلى حبه لك وفخره بك ويشهد على ذلك أنك تدير أعمال أسرته.ألا تظن أن تحليلك هذا منذ تزوجت ماديسن جيدونيؤثر عليه؟
راقبت المشاعر التى تتلاحق على ملامح جوناثان المتحفظة ورأت بوضوح الأضطراب والألم والذعر لأن كلماتها أصابته فى الصميم
من المؤكد أن جوناثان ما كان ليستطيع مقابلة أبيه لاحقيقى ولكن بإمكانها أن تتصور شعور مالكوم بسبب تصرفات جوناثان فى السنين الأخيرتين
وأخيراً قال جوناثان بجفاء :
-شعورى نحو جيدون جون بيرن لا يؤثر على حبى وأحترامى الدائم لـ مالكوم
-على أى حال أنت هنا وعليه أن يدير الكازينو بنفسه
كانت تعلم أن كره جوناثان لها سيزداد بسبب ضربها له على الوتر الحساس.ولكن إذا لم يستطيع جوناثان أن يحبها كما تحبه فبإمكانها على الأقل أن توفق بينه وبين أسرته
-لى الحق فى أجازة ككل الناس
-لابد أن يخبر المرء أسرته عن وجهته لئلا تقلق عليه.لا بأس عليك لأن ماديسن وجيدون يعلمان.لكنك لم تكن مسروراً لأن جيدون أخبر زوجته أنك فى بيته
-أنا فى الثلاثة والثلاثين يا تورى وليس فى الثالثة . تجاوزت السن التى كان مفروضاً علىّ فيها أن أخبر أى شخص عن وجهتى
-أنا فى الرابعة والعشرين لكننى مازالت أعتبر أن لأبواى الحق فى أن يقلقا علىّ
-إذن فأنا أنانى بقدر ما أنا عديم المراعاة لشعور الآخرين؟
أنتصب فى وقفته وعيناه الرماديتين ثلجيتين وملامحه عابسة ثم أعلن بلهجة لذعة :
-لا أتذكر أننى سألتك رأيك
أخذت تورى نفساً عميقاً . لا لم يسألها رأيها وكانت تفضل لو أن شخصاً آخر غيرها أخبره هذه الحقائق عن نفسه لكنها لم تستطيع أن تفكر فى أى شخصاً يقوم بالمهمة .ماديسن وجيدون هما الوحيدان اللذان يعرفان مكانه لكنهما لا يجرؤان على أن يقولا هذه الأشياء لـ جوناثان
-لا لم تسألنى ولكن كما سبق وأخبرتك أنا مولعة جداً بـ ماديسن وجيدون
أبتلعت ريقها بصعوبة .كانت مشاعر جوناثان مضطربة ما منعه من أن يدرك طبيعة شعورها وهو ليس بحاجة إلى مشكلة إضافية حين يعلم أن تورى بوكانان المعروفة بـ فيكتورى كانان واقعة فى غرامه
-أبداً يا جوناثان.كنت أحاول أن أضع نفسى مكان أفراد أسرتك ومكانك أيضاً
لم يكن يريد أن يعرف استنتاجها!تبينت ذلك من لهجته المتحدية وغطرسته البادية وذقنه القاسية لا لا يريد جوناثان حقاً أن يسمع رأيها
-ربما عليك أن تكون شاكراً لما لديك جوناثان .أخت محبة وأخ وأبنة أخت رائعة
ورق صوتها فى حنان وهى تفكر فى الطفلة كيلى ثم أضافت:
-وأم من الواضح إنها تحبك كثيراً وزوج أم يستحق الكثير من الأعجاب رغم من أننى لم أتعرف عليه قط
ومن غير المحتمل أن تتعرف إليه
-أنا طبعاً معجباً بـ مالكوم
-إذن ربما عليك أن تفكر فى ما يشعر به منذ عامين . اعلم ان زواج ماديسن وجيدون كان صعباً عليك ولكنه أصعب بكثير على مالكوم لأنه أصبح فجأة دخيلاً فى أسرته
وعبست لهذه الفكرة كما فعل جوناثان.يبدو أنه لم ينظر قط إلى هذا الوضع المعقد من وجهة النظر هذه
كانت واثقة من أنه إذا فكر فى هذا الأمر بعمق فسيصل إلى القرار الصحيح أى أن يعود إلى أمريكا ويقيم السلام بينه وبين أسرته
-علىّ أن أعود الآن يا جوناثان سيتساءل والداى إلى أين ذهبت فقد أخبرت أمى أننى سأتمشى قليلاً
لوى فمه ساخراً وهو يتبعها إلى الردهة:
-وأنت لا تريدينهما أن يقلقا عليك!
واستدارت عند الباب الخارجى لتمنحه ابتسامة آسفة:
-أتمنى من كل قلبى ان تصل إلى القرار الصائب جوناثان
حتى وأن كان ذلك القرار يعنى أن يبتعد عنها ويعود إلى أمريكا فلا تراه مرة أخرى!
كان نومها قلقاً كما أعترفت تورى وهى تهبط السلم فى الصباح التالى.كانت متعكرة المزاج وقد جذبتها رائحة الطازجة إلى المطبخ. يبدو أن أباها استيقظ وهو يجول فى أنحاء البيت رغم أن الساعة لم تتجاوز الساسة ونصف
أدركت أن جوناثان سبب لها الأرق .فعندما أوت إلى فراشها أمس لم تكن قادرة على التفكير فى شئ سواه وما ألت إليه حياته فجأة منذ عامين
تمنت من كل قلبها أن يستمع إليها لصالح أسرته كلها لكن تملكها شعور بأن كل ما نجحت فى القيام به هو ان تنفره منها أكثر
عندما دخلت المطبخ رفع أبوها بصره إليها باسماً :
-أستيقظت باكراً حبيبتى...
-تعلم أنه لا يمكننى أن أقاوم رائحة قهوتك
وسكبت لنفسها فنجاناً قبل أن تجلس قابلته
رفع أبوها عينيه متسائلاً ثم قال برقة:
قطبت تورى حاجبيها .م الذى يعنيه؟هل تبدو بهذا السوء؟حين رأت نفسها فى المرآة كانت شاحبة كما أن الساعة هى السادسة ونصف فقط!هزت كتفيها :
-ما الذى يمكن أن يكون غير ذلك؟
-كان جوناثان هنا منذ قليل
نظرت تورى إليه بحدة وقد ازدادت تقطيباً:
لابد أن النوم قد جافاه مثلها . وتمنت أن يكون لذلك سبب وجيه
أومأ أبوها بشئ من العبوس:
-حوالى السادسة إلا ربع أى عندما نهضت لأتفقد تلك النعجة المريضة فى الحظيرة...
-إلى لندن أستقل طائرة الساعة السابعة
وشعرت بوجهها يزداد شحوباً وهى تنظر إلى أبيها غير مصدقة. جوناثان رحل ! ترك الجزيرة!
- بهذه البساطة حتى دون أن يقول وداعاً؟
-لا ليس دون أن يقول وداعاً
قال أبوها ذلك مما جعلها تنتبه إلى أنها نطقت بهذا الاحتجاج بصوت مرتفع دون وعى منها
-هذا هو سبب مروره علينا فى طريقه إلى المطار .كما أنه أعاد إلينا الطبق الذى كانت أمك قد وضعت فيه الفطائر
والتقط مغلفاً كبيراً أسمر
نظرت تورى إليه دون أن تراه لقد رحل جوناثان حقاً...!
كانت ترجو أن يعود إلى أمريكا ولكن ليس بهذا الشكل ليس من دون كلمة وداع !
قال أبوها عندما رأها لا تمد يداً لتأخذ المغلف منه:
نظرت إلى المغلف الكبير وكأنها تخاف أن يعضها.ما الذى تركه جوناثان لها؟ يبدو كبر من أن يحتوى على كلمة وداع!
ارتجفت يداها وهى تأخذ المغلف من أبيها لتفتحه وتفرغ محتوياته على المائدة
-أنها مجرد نوتات موسيقية!
والتقط أبوها مغلفاً صغيراً كان مع الأوراق الموسيقية
نظرت تورى إلى الأوراق ورأسها يدور.يبدو أن جوناثان ترك لها موسيقاه كلها .فما الذى كتبه فى الرسالة؟
من المؤكد إنها كلمة الوداع