عرض مشاركة واحدة
قديم 15-12-17, 07:44 PM   #4979

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


غضنت جبينها عاقدة حاجبيها بقوة قبل أن تفتح عينيها فجأة

وشهقت بصدمة وهي تنظر للواقفين فوقها بذعر حتى أنها لم تستطع

الوقوف بسبب سلاح الرشاش الذي كان يوجه أحدهم فوهته لرأسها

وشعرت بذعر لم تعرفه في حياتها وهي تنظر لوجوه أولئك الرجال

المخيفين المتحلقين حولها بلباس جيش ينظرون لها وكأنها وجبة

دسمة سقطت عليهم من السماء ، لا تعلم كيف تغلب عليها النعاس

ونامت دون أن تعلم وكم من الوقت قضته لا تعلم عما حولها شيئا

ويبدوا بأنه وقت طويل جدا حتى أن الشمس قد ارتفعت لكبد السماء

أي أن الوقت تعدى الظهيرة ، سندت نفسها بيديها على الأرض تنظر

لهم بخوف هامسة بخفوت بكل ما تحفظه من آيات تحصن نفسها

بثقتها في الله وحده وحدقتاها العسلية الدامعة محدقة بهم فوقها

بهلع وقد قال الذي نزل بفوهة سلاحه من جبينها لخدها المغطى

بالخدوش نزولا لذقنها ووشم العروس فيه قائلا بابتسامة ساخرة

" لا يبدوا أنها عربية "

قبل أن ينزل بنظراته لفستانها الذي لم يفقد معالمه الحقيقية وإن كان

ملطخا بالأثربة وصاح بضحكة

" ثنانية يا رجال "

فضحكوا جميعهم مما زاد ذعرها وارتجاف جسدها النحيل وكاد يغمى

عليها ودموعها بدأت بالانهمار من الصدمة حين قال أحدهم بضحكة

" أتصدقون .. ؟ ثنانية في أراضي صنوان !! "


*


*


*

وصل بريستول في وقت أطول مما توقع بكثير ففوق المسافة من

لندن حتى هنا علق في زحام أول المساء وهو يغادر فولنهام عائدا

فلم يصل المنزل حتى كانت الساعة العاشرة ، ركن سيارته قرب

سيارة رواح كالعادة رغم طريقته الفوضوية في ركن تلك البورش

السوداء .. لا يعلم السبب لكنه يشعر بأنه نوع من التقارب الروحي
بينهما فهو يفضل أن يخرج صباحا ويجدها بجانب سيارته هكذا ،

هو ورواح كانا منذ الصغر شخصيتان متناقضتان تماما فهو يراه

شخص مستهتر بعض الأحيان بينما رأي رواح فيه أن حياته رتيبة

ومملة وأنه يعطي للأمور قدرا أكبر من حجمها لكن ذلك لم يؤثر في

علاقتهما الأخوية أبدا فكانا يتفقان في أغلب الأمور مهما اختلفت

شخصياتهما ووجهات النظر حولها كما أن والدة رواح كانت السبب

الرئيسي في كل ذلك فهي كانت بمثابة الأم بالنسبة له ولم تعامل ابنها

بتميز عنه في أي شيء بل كانت تقف في صفه ضده أغلب الأحيان .

أغلق باب السيارة بعدما أنزل معه المغلف الذي كان رفيقا له طوال

ذاك الطريق الطويل لم يفتح حتى نوافذ السيارة خشية أن يفعلها
الهواء ويحمله معه بل أنه لم ينزل ولا ليتناول العشاء يخشى من

إنزاله معه ومن تركه في السيارة فعليه أن يعلم ما بداخله ..

هذا هو أهم ما سيكون عليه فعله حاليا .

صعد عتبات المنزل بخطوات واسعة وفتح الباب ودخل وكان في

استقباله الصمت والهدوء التام كالعادة فلا أطفال يتحركون فيه ولا

أشخاص تربطهم علاقات قوية قد يجلسون وسط بهوه يتبادلون

الأحاديث والضحكات فزوجات والده كل واحدة تنفر من الأخرى وإن

لم تكن كذلك فهي تتجنبها تجنبا لأي مشاكل ستتفاقم بسرعة البرق ،

رواح بعد أن أصبح يعمل في شركة الطيران الجديدة أصبح وجوده

يتقلص تدريجيا ، ضرار انضم لمدرسة داخلية تاركا مكانه الفارغ

أساسا شاغرا ووالده يبدوا رحلته أطول مما يتوقع ، أما العضو

الأخير والجديد في العائلة فهي تفضل مقابلة الجدران على أن تبقى

برفقة أحدهم وإن لدقائق معدودة ، فتحول المنزل لشبه خال من

ساكنيه لا ترى أحدا منهم إلا مصادفة وهو يبحث عن الآخر .

توجه جهة السلالم فورا ليوقفه صوت من لم يكن ضمن تلك

اللآئحة بأكملها وهو ... جده ، وقف والتفت له وهو يقترب ناحيته

قائلا بجدية

" ماذا حدث في موضوع شقيقك ؟ "

عقد حاجبيه قائلا بتفكير

" من منهم تعني ؟ "


وقف أمامه وقال بامتعاض

" نجيب أعني طبعا أم أنك نسيت تماما ما طلبته منك ؟ "

أشاح بوجهه متنهدا بعمق ليلفت حينها انتباهه التي وقفت عند

بداية الممر الشرقي تمسك شعرها الأشقر الطويل في جديلة جهة

كتفها الأيمن تلبس بيجامة نوم حريرية بيضاء بأكمام طويلة تنظر

لعينيه بصمت وهدوء مريب فهو بات يخشى هذه المرأة وفي جميع

حالاتها خاصة أنها يبدوا استمعت لحديثهما من بدايته ، كانت تمسك

دفتر الرسم في يدها ويبدوا بأنها كانت في تلك الغرفة التي ترفض

الخروج لسواها حتى في الليل ، انتزع نظراته من عينيها ونظر

للواقف أمامه ولا مناص من قول الحقيقة له رغم أنه تجنب ذكرها

طوال الفترة الماضية يتهرب حتى من الحديث عن أي موضوع

قد يؤدي للسؤال عنه ، قال ببرود

" في سوانزي من فترة "

انفتحت عينا الواقف أمامه على اتساعها ليس من الصدمة بل

بسبب الغضب المتفجر منهما فهو يدرك جيدا ما تكون تلك المدينة

ولما سيلجأ لمثيلاتها وهي من شهدت أكبر عدد من جرائم المخدرات

مؤخرا ، كما ويعلم بأن الواقف أمامه يدرك ذلك جيدا بحكم عمله في

مكتب المدعي العام وقبل ذلك لكونه محام يعلم جيدا ما تكون مدن

الجرائم في تلك البلاد ، شد قبضته على العصا في يده وقال بحدة

" من برايتون سابقا أصبحنا في سوانزي الآن ؟ يتنقل في مدن

الجرائم وكأنه زعيمهم !

أهذا رده على مواجهتي له بعيوبه وأخطائه ؟ "


أغمض وقاص عينيه لبرهة متنهدا بعمق قبل أن ينظر له مجددا قائلا

" جدي لست أرى أن معاقبته في كل مرة حلا له ، أنت لن .... "

قاطعته التي نزلت السلالم قائلة بغضب

" لو تبتعد أنت عن حياة ابني فسيكون بأفضل حال "

نقل نظراته الحانقة لها بينما استدار الواقف أمامه بنصف جسده

ما أن سمع صوتها وقد وصلت للأسفل ليصبحوا ليس ثلاثتهم فقط

في مواجهة بعضهم بل والتي كانت واقفة خلف ظهره تماما قبل

أن يستدير ، تابعت تلك حديثها مشيرة بسبابتها للواقف يمينا

" أنت السبب يا وقاص في أي أمر سيفعله ابني ، بسببك فقد ثقته

في الجميع لأنهم جميعا بسببك كان يراهم لا يثقون به "

تبدلت ملامحه للضيق وقال

" أجل فأنا شقيقه الأكبر منه وقدوته وجدني منحرفا منحلا قبله

وهو يقلدني "

شدت قبضتاها بجانبي جسدها وقالت بحدة

" بل أنت وجميعكم السبب "

وتابعت تنظر للذي كان ينظر لها بقسوة تنذر بإنفجاره الوشيك فيها

" وأنت أيضا يا عمي كنت تهمل المشاكل الصغيرة وحين عظمت

رميتموها عليه جميعها وكأنه ليس حفيدك مثل البقية ، لم تتركه

يدرس ما يريد ولا يعمل حيث وكيف يريد ، كانت أرائه مهمشة

دائما وقراراته مرفوضة دون سماع ومن الجميع حتى أشعرته

بالدونية وبأنه أقل حتى من شقيقاه الأصغر منه "

وتابعت وقد أشارت بحركة من رأسها جهة الواقفة هناك

" ونهاية الأمر زوجته بخرساء مجنونة وتعاملونه على أنه هو

المجنون وليس هي "

لم يعلق الواقف أمامها بحرف على ما قالت فلم يزدها ذاك إلا

اشتعالا فأشارت بإصبعها ناحيتها قائلة بغضب

" وطرد هو من المنزل بينما فرض علينا معاملة هذه المعلولة

الناقصة أفضل مما عومل هو طوال حياته "

كان جواب ضرار الصمت التام رغم أن نظراته لها لم تفقد قسوتها

وحدتها بينما تجنب وقاص أيضا التحدث محدقا بالتي كانت تنظر لها

بجمود ينتظر وبكل فضول ما الذي ستفعله فهو انتظر هذه المواجهة

طويلا فعليها أن تعلمهم جميعا بأنها أقوى من أن يسخروا من قدرتها

على الدفاع عن نفسها كما عرفها هو سابقا وجيدا أيضا ، ولم يتأخر

ما كان ينتظره طويلا وقد اقتربت الواقفة هناك بضع خطوات لتصبح

في مواجهتها وحركت رأسها بغرور ما كان ليليق بسواها حين قالت

" لما لا تتوقفي عن محاولة إلصاق فشلك في تربية ابنك المنحل

أخلاقيا بغيرك ؟ "

نظرت لها بصدمة لم تجاهد لإخفائها أبدا قبل أن تنقل نظراتها تلك

له وهو يكتف يديه لصدره ينظر لها ببرود ثم لجده الذي لازال على

صمته وجموده قبل أن تعود بنظرها لها وقد همست بعدم تصديق

" لا وكنت تدعين الخرس أيضا ! ما الذي تخفينه بعد يا كاذبة ؟ "

قالت من فورها وبسخرية

" هه .. الجنون والمرض وأن ابنك ضربني ... وماذا بعد ؟ آه أجل

نسيت ومدمنة على المخدرات والشرب وشاذة أيضا وأبحث عمن

أجعله شماعة لأفعالي "

صرخت فيها فورا ملوحة بيدها بانفعال

" ومن وجدت غيره يرضى بواحدة مثلك يا خائنة، يا حفيدة الخائنة "

كانت تلك العبارة ما أشعلت التي لم تنتظر أي ردة فعل من غيرها

وتلك الزرقة في عينيها تتحول لسحب رمادية داكنة من شدة

الغضب وقد رمت ذاك الدفتر الذي تمسكه بطول يدها ليضرب

مباشرة وجه التي لم تستطع تداركه لصدمتها وصرخت فيها بغضب

" فكري فقط بالتحدث عن جدتي بسوء مجددا وقسما أن اسجن

فيك هذه المرة "

نقل وقاص نظراته المصدومة من زوجة والده لها ليس بسبب

ما حدث وما قالت بل بسبب عبارتها تلك

( اسجن فيك هذه المرة ... اسجن فيك هذه المرة (


ضغط قبضته على ذاك المغلف لا شعوريا ونظراته المصدومة

لم تفارقها ... أي ثمة مرة سابقة ولم تسجن فيها !! كان يشعر

بالدماء تتدفق في شرايينه بقوة آلمته وكأنها ستنفجر في أي لحظة

حتى أن أطرافه عجزت عن الحركة وهو يفكر في أمر واحد فقط

( هي المدان في تلك الجريمة لا محالة ! )

كسر كل ذاك الصمت المشحون الصوت الغاضب للتي تقف بداية

السلالم تلمس أنفها بأطراف أصابعها بعدما كانت الصدمة الأقوى

من الطرف الصلب في ذاك الدفتر من نصيبه

" وأنكري أنك تخونين زوجك مع من يفتر... "

" أسماااااء "

كانت تلك الصرخة ممن انتظر وقاص أن يحسم هو الأمر تحديدا

ويتحدث ويحدد موقفه مع من سيكون لما كان ليسكت أبدا لتلك

المرأة ومنذ البداية ، أشاحت زيزفون بوجهها بعيدا على الفور

بينما صرخت تلك مبعدة يدها عن أنفها لتنكشف الكدمة الحمراء فيه

" تسكتني أنا وتراها أمامك تتطاول على زوجة عمها ووالدة زوجها

بل وتمد يدها عليها ؟ "

صرخ فيها مجددا مشيرا بعصاه ناحيتها

" أصمتا كلتيكما أو أنا من سيعرف كيف يسكتكما حالا "

رمته بنظرة حانقة قبل أن تصعد قائلة بغضب

" معك حق تقف في صفها فهي حفيدتك في كل الأحوال وأنا

الغريبة عنكم "

واختفت في الأعلى مخلفة صمتا مبهما لم يكسره سوى خطوات

التي تحركت مجتازة لهما وتوجهت جهة ممر غرفتها ليتبعها ذاك

الصوت الغاضب الآمر

" زيزفون توقفي "

لكنها لم تعره أي اهتمام وكأنها لا تسمعه وتابعت طريقها دون

أن تتوقف لحظة حتى اختفت عنهما فتحرك خلفها لتوقفه اليد التي

أمسكت بذراعه وامتد ذاك الساعد أمام صدره العريض فنظر فورا

وبغضب لعيني الذي قال بجدية

" أرجوك جدي ... أنت لن تحل المشكلة هكذا ، ثم زوجة والدي

هي من بدأ بل وتحدثت بالسوء عن جدتها وأنت أكثر من يعلم

ببراءة تلك المرأة "

أبعد يده عنه بقوة وتحرك في الاتجاه الآخر جهة السلالم أيضا ودون

أن يعلق بحرف فتنهد بضيق ممررا أصابعه في شعره قبل أن يتوجه

للدفتر المرمي أرضا ورفعه ودون أن يقاوم فضوله أبدا لفتحه يبحث

عن آخر ما رسمت ليجد ما شل أطرافه تماما ... كانت رسمة واحدة

جديدة ولنفس الذئب لكن هذه المرة الوضعية مختلفة تماما ، شعر

بجسده يتعرق وأطرافه تتصلب وهو ينظر للذي رسمته معه في

الورقة وكان .. أسد .. بتفاصيل دقيقة وكأنه صورة حقيقية أمامه

ينقض على عنق ذاك الحيوان الذي لم يستطع مقاومة قوته التي

فاقته بأضعاف فاتحا فمه وأنيابه بارزة من صرخة الموت التي

كانت تخرج حتى من عينيه .

رفع نظره من تلك الورقة ونظر جهة الممر الذي غادرت منه قبل

قليل .. يعجز عن فهم ما كان يجول في رأسها حين رسمت هذا ؟

بل ويعجز عن فهمها في جميع حالاتها !

من يكون الذي رمزت له بالأسد ... ؟

بل ومن ذاك الذئب الذي تحول في رسوماتها من مفترس لفريسة ؟!

نظر للمغلف في يده وتذكر فورا ما قاله ذاك الطبيب

( إن لم يكن بإمكانك مساعدة تلك الفتاة فلا تفتحه أبدا لأنك قد تكون

السبب في عودتها لحالتها السابقة تلك ولن يخرجها منها أحد بعدها

أبدا ولا أشهر أطباء العالم النفسيين )

شد قبضته عليه بقوة ثم صعد عتبات السلالم بخطوات واسعة

لا يمكنه أن ينتظر ولا دقيقة أخرى ليكتشف ما يخبئه بداخله .

وصل جناحه ودخل غرفة مكتبه هناك من فوره وأغلق بابها خلفه

بالمفتاح بعدما رمى بهواتفه خارجها فلا يريد أن يقاطعه شيء

ولا أحد عن معرفة كل ما يحويه من أوراق ، رمى بدفترها على

الطاولة لم يهتم ولا لانزلاقه مفتوحا على الأرض وجلس على الكرسي

الجلدي وفتح ذاك المغلف فورا يشعر بأن تلك الثواني التي تفصله عن

معرفة الحقيقة تمزقه كتمزيقه لطرفه برفق كي لا يخسر شيئا مما

يوجد فيه ، فتحه أخيرا وأخرج مجموعة الأوراق بداخله وبدأ يقلبها

بسرعة وصدمة فلم يكن يحتاج للكثير ليفهم ما تكون تلك ...

محاضر أقسام شرطة .. أرقام قضايا معلقة .. شهادات إدانة

وشهود و....

رماهم من فوره وأمسك رأسه ينظر بصدمة وضياع للطاولة التي

يتكئ عليها بمرفقيه وشعر حينها بمعنى الانهيار الحقيقي للرجال ...

هذه ليست تقارير طبية ولا جنائية ... إنه ملف قضايا يحمل اسمها

في كل ورقة فيه ....

( مقتل السيدة زهراء علي شعبان محترقة في منزلها )

( ومقتل زوجها السيد صفوان حسن العبار طعنا بحربة صيد )

جريمتان في ذات المكان وفي ذات الليلة والمتهم بذلك وبالأدلة

القاطعة ....

(زيزفون إسحاق ضرار السلطان)

أمسك صدغيه بقوة يشعر بأنهما سينفجران ووقعت نظراته الضائعة

المصدومة على دفترها المرمي أرضا مفتوحا تحديدا على رسمة ذاك

الشاب الذي لم تختلف ملامحه عن ضرار سلطان سوى في لون العينين

الفاتح ومن لم يكن سوى لغزا من ألغازها التي تكاد ترسله بها للجنون



*


*


*


رفع نظره وحدقتيه الزرقاء المستديرة من على العلب التي كان

يصفها في الصندوق الكرتوني أمامه وانتقل تركيزه وانتباهه لما

يجري هناك والواقف فوق الجالسين على المجلس الأرضي الواسع

والذي دخل للتو يرمي بجريدة ما أمام الجالسين هناك قائلا

" ابن شاهين نفى جميع شكوكك مجددا يا شعيب وها قد أرسلتني

كل تلك المسافة عبثا "

كانت تلك اليد المجعدة والتي رن حول معصمها ثلاث أساور من

الذهب يحفها كم الفستان المطرز والواسع هي من سبقت لتلك

الجريدة ورفعتها تحدق عيناها السوداء التي لم تستطع تلك التجاعيد

إخفاء اتساعها وحدتها ممعنة النظر بتلك الصورة وملامح

الموجود فيها قبل أن تمدها للجالس على يمينها قائلة

" اقرأ يا عيسى "

أخذها منها فورا ونظر للخبر أولا قبل أن يرفع نظره بالجالس في

الطرف الآخر والمقابل له يحدق به بصمت يلف عمامة بيضاء حول

رأسه كعادته التي عرفوها عنه لأعوام طويلة مبرزة ملامحه الجنوبية

الحادة ، ورغم بلوغه الستين من عمره إلا أن ذاك الشعر الذي لامس

كتفيه ينزل ناعما ومموجا من أطراف عمامته لازال يحمل من السواد

الكثير كحال باقي أبناء تلك القبائل التي لم يحمل أفرادها لقب الحالك

عبثا ، ابتسم بسخرية أمام نظرته الجامدة تلك ورماها جهته قائلا

" إقرأها أنت يا شعيب لتسمعها والدتك منك تحديدا "

امتدت أصابعه السمراء الطويلة التي لوحتها الشمس وأقست

بشرتها تلك الطبيعة الزراعية الخشنة لتك الجريدة ورفعها بعدما

رماه بنظرة متوعدة فهو يعلم بأنه لم يقصد بذلك سوى إيصال رسالة

واضحة لهم بأن الجالسة بينهما ليست تثق بأحد غيره ، انتقلت حدقتاه

السوداء في أسطر تلك المقالة وخطوط ملامحه البدوية لا تزداد إلا حدة

قبل أن يرميها حيث كانت ونظره عليها فقالت التي ضربت بعكازها

الأرض

" ماذا هناك ؟ لما لا يتحدث أحدكم بما يوجد في هذه الخرقة "

قال من أحضرها تحديدا والواقف مكتفا ذراعيه لصدره

" فيها أن ابن شاهين يعترف وأمام الصحافة والإعلام بأنه ترك

ابنة شراع قبل أربعة عشرة عاما من أجل امرأة أخرى "

رفعت نظراتها المصدومة به قبل أن تنزل بها للجالس على يسارها

نظراته القاسية لازالت جامدة على تلك الصورة وقالت باستغراب

" إذا ظنونك لم تكن في محلها يا شعيب ! "

لم يعلق بكلمة لازال نظره على صاحب تلك النظرات القوية الواثقة

في الصورة وكأنه يبادله إياها ويراه أمامه فعلا بينما قال الجالس

مقابلا له

" إذا ما شاع عن أنها ما تزال زوجته إما أنه غير حقيقي أو أنه

حدث حديثا "

عقب الواقف خلفه مباشرة

" إن انتزعت منها ملكية العمران وإدارة تلك الجمعية وهذا

ما سننتظر إعلانه في الصحف القادمة فستكون شكوك مجرد

أوهام يا شعيب ولن تكون ابنة دجى الحالك أبدا وليس من داع

لأن نفتش عن الحقيقة في أفراد ومدن قبائل غزير وستنتهي

مهمتي عند ذلك "

قال نوح متشدقا كعادته ونظره على المقابل له يفرقع أصابعه

بإبهام ذات اليد ونظره لم يفارق تلك الجريدة والصورة

" بالطبع ستنتهي كما انتهت سابقتها قبل خمسة عشر عاما حين

تزوجها وما أن كنا سنصل لسلالة دجى الحالك العريقة حتى ضرب

ذاك الرجل وجوهنا في الجدار وهو يسافر بابنته تاركا إياها

مطلقة وراءه بعدما رماها لوالدها شراع "

عاد الجالس بعيدا عنهم لما كان يفعله ما أن رمقته تلك العينان

التي حفت حاجباها غرة تكاد تغطيها من كثافتها وطولها قد صبغت

بالحناء والكتم وكأنها ليست لذاك الوجه الذي تجاوزت صاحبته

الثمانين من عمرها وقد قالت بأمر

" ظننتك أوصلته للمخزن ولست جالسا هنا حتى الآن ؟ "

وضع آخر علبتين فيه ورفعه مغادرا من هناك من فوره وفي صمته

المعتاد ووقف ما أن اجتاز الباب الخشبي لتلك الصالة الواسعة لازال

يصله صوت الموجودين في الداخل ونوح تحديدا

" أمي عليك أن لا تثقي في ذاك الفتى كثيرا ، صحيح أنه أخرس

لكنه يسمع جيدا وأراه لا يفارقك تقريبا "

علا صوتها الرقيق المرتفع فورا

" الفتى تربى بيننا منذ كان صغيرا وأنا لا أعتبره إلا فردا من

عائلة غيلوان فيكفيه أنه يتيم ووحيد "

قال نوح مجددا

" هه .. ثمة فرق كبير بين كلمة يتيم ولقيط ، وفي جميع الأحوال

علينا أن لا نثق به كثيرا "

قالت من فورها

" من برأيك سنجد لخدمتنا جميعا ؟ النساء ممنوعات هنا وفتية

لن ترضوا بأحد من الجنوب وهو يعمل دون مقابل منذ صغره "

قال عيسى ببرود

" يكفيه المأوى والمأكل والملبس "

قاطع شعيب حديثهم ذاك قائلا

" ذاك الفتى ليس موضوعنا الأساسي الآن فاتركونا فيما نحن فيه

وما كتب في هذه الجريدة "

قال نوح

" ما كتب فيها كتب في جميع الصحف غيرها والخبر لا يحتاج لتأكيد

وقد أعادنا ذاك الرجل لنقطة الصفر مجددا "

وما أن انتقل حديثهم لأراضيهم ومشاكلها وضع الصندوق من يديه

على الطاولة الخشبية بجانب الباب والتي تحوي رفين لوضع

الأحذية فيها ثم نظر من حوله قبل أن يرفع طرف قميصه وأخرج

الهاتف الذي يثبته في الجزء الداخلي من حزام بنطلونه وكتب

أحرف تلك الرسالة سريعا وأرسلها وكان فيها

( نجحت الخطة )

وأعاده بالسرعة التي أخرجه بها وبالخفة التي حرك بها أصابعه

على أزراره ورفع الصندوق مجددا وما أن تحرك من مكانه حتى

أوقفه ذاك الصوت المنادي من خلفه

" إسحاق "

فالتفت من فوره للواقفة في الجانب الآخر لذاك الباب .. ذات الضفائر

السوداء التي تجاوز طولها فخذيها وعينان واسعة فاقتها سوادا

ورغم أنها أصبحت في السابعة والثلاثين من عمرها إلا أن من

يراها يضنها أصغر من ذلك بعشر سنين ، ابتسمت له بود كعادتها

وكأنها ليست شقيقة أولئك الثلاثة الموجودين في الداخل ولا ابنة تلك

العجوز وقالت

" هل تساعدني في شد حبل الساقية ؟ أخشى أن يسقط الدلو مني

مجددا وأنال من لسان والدتي ما لا أحب "

ابتسم ورفع الصندوق قليلا في إشارة بأنه سيوصله أولا فتوجهت

نحوه وقالت تساعده في حمله

" حسنا سنتشارك في هذا فهو ثقيل عليك يا إسحاق "


المخرج ~


بقلم / أمومه الحلو

آستريا....
ننادي بالبوح خواطرنا العميقة ، نبحث عن بقايا حب آثر ..
نتيه في دولخنا نسمع ضجيج تلك المشاعر..
نهرب منها
تصادمنا في في كل خاطر..
ويااه ومن لوعات الفراق وتلك المآثر
أخفي كل ذكرى في أضلعي.. أسابق أنفاسي قبل أن تغادر..
فيغدو البوح أليماً صدًاحا
يطرب شجرا مع كل غادر ..
خذني مع رحلك سيرا ، إلى حبيبٍ هزني إليه حظي العاثر..
فقط
أبوح له على أعتاب بيته أنادي
آما زلت تذكر الوعد يا رعدا وما أبرمناه عشقاً قبل ان تغادر..

رعد..

طرقت الشوق في أضلعي دهرا
ومازال يشجب صوته ألماً مع كل طارق

أحاكيه في همسي المخنوق عبثا
أما زلت تذكر يا ذاك ''حلمي الفاتن ''

تركتها خلفي ، والوعد بيني وبين وصالها وطن يقف شامخا قد غدا واحد..
طال المسير إليك يا زهرتي
ولكن قلبي بالموده لم يكن للهوى جاحد..
سيأتي يوم أن ترضِ عني
وكيف لا وثوبي وثوبك قد صار واحد..

أعاهدك الوفا دوما حبيبتي..
أخفيه نقيا عن كل طارق

وأمسح أثر ذكراك المرير عني
بقبلة تلامس قلبك المحبوب لي عن كل خاطر..

********

نهـــــــــــــــــــــــ اية الفصل



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس