عرض مشاركة واحدة
قديم 20-12-17, 09:30 AM   #11

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*حتي أقتل بسمة تمردك*



الحلقة (10):





-اهلا اهلا اهلا .. بجد مش مصدقة عنيا عز الدين نصار مرة واحدة !
إلتفتت"داليا"نحو مصدر الصوت و ألقت نظرة فاحصة علي صاحبة العبارة ، كانت فتاة تكبرها سنا إنما أصغر من ذاك الشاب الذي كان يقف إلي جانبها ربما في أواخر عشريناتها ، كانت أنيقة أيضا ترتدي الترتان الأبيض مع وشاح أحمر داكن علي كتفها فيما تابعت الفتاة قائلة:
-تصدق كنت لسا في بالي من يومين .. كويس اني شفتك بقي.
ثم أطلقت ضحكة صغيرة و سألته:
-عامل ايه يا عز ؟؟
عند ذلك حولت"داليا"نظرها إلي"عز الدين"الذي إصطنع إبتسامة لم تصل إلي عينيه ثم قال:
-انا تمام يا رانيا .. ازيك انتي ؟؟
-كويسة الحمدلله.
ثم صاحت منتبهة و هي تربت علي ذراع رفيقها:
-اه صحيح نسيت اعرفك يا عز .. ده وليد راشد خطيبي .. وليد ده عز الدين نصار صاحب النصار للنقل البحري عارفه مش كده ؟؟
أومأ الشاب رأسه ثم أجاب بإبتسامة واسعة:
-اكيد غني عن التعريف طبعا .. مقابلتك شرف كبير و الله يا باشا.
أجفل"عز الدين"باسما ثم نظر إليه في هدوء قائلا:
-الشرف ليا متشكر جدا .. و مبروك علي الخطوبة.
-الله يبارك فيك بس اكيد لازم تشرفنا في الفرح ماتتصورش هنفرح ازاي بوجودك.
-ان شاء الله اكيد.
فيما كانت"رانيا"تحملق في "داليا" بعينين متفحصتين ثم حولت نظرها إلي"عز الدين"و سألته باسمة:
-ايه يا عز .. مش هتعرفنا علي الحسناء اللي معاك دي و لا ايه ؟؟
نظر"عز الدين"إلي"داليا"التي تخضبت وجنتاها بحمرة الخجل ثم قال:
-دي داليا .. السكيرتيرة بتاعتي.
أومأت"رانيا"رأسها ثم تابعت سؤالها:
-و ياتري جايين هنا في شغل بقي ؟؟
رفعت"داليا"حاجبيها في دهشة من ذلك الفضول و التطفل الإستفزازي بينما أجابها"عز الدين"ببرود:
-لأ جايين نتعشي عادي.
تطلعت إليه"داليا"في ذهول بينما همهمت"رانيا" بتفهم و رمقتهم بنظرة ذات مغزي ثم إستأذنت بتهذيب و إنسحبت في هدوء برفقة خطيبها .. :
-حضرتك كنت تقصد تقولها الكلام ده ؟؟
سألته"داليا"في إنفعال هادئ بينما برقت عيناه بإبتسامة خبيثة ثم قطب حاجبيه متسائلا:
-كلام ايه ؟؟
-اننا هنا في عشا عادي مش عشان العشا اللي يخص شغلنا مع العملا المهمين زي ما حضرتك بلغتني !!
زم شفتيه بخبث ثم قال:
-بصي يا داليا .. بصراحة مافيش Dinner work زي ما قلتلك و لا في ناس مهمة علي وصول انا كنت بكدب عليكي.
رمشت"داليا"بصدمة و حيرة ثم قالت:
-كنت بتكدب عليا ! ليه ؟؟
-عشان اقنعك بسهولة انك تيجي معايا هنا منغير ماتعترضي.
-طب ليه كل ده ؟ عشان ايه ده كله حضرتك ؟؟
سألته في دهشة فأجابها و هو ينظر إلي عيناها بعمق:
-داليا .. انتي نجحتي في انك تخليني غضبان منك و مهتم بالتفكير فيكي في نفس الوقت .. و ده مزيج خطير جدا لواحد زيي .. ده غير ان تصرفاتك مليت منها خلاص .. فياريت تقوليلي انتي عايزة ايه بالظبط ؟؟
كانت تتابعه بتركيز بالغ حتي إنتهي فتحركت بمكانها في توتر ثم قالت:
-انا مش عايزة حاجة يافندم ! و بعدين انا عملت ايه يعني او اتصرفت ازاي عشان ازعج حضرتك ؟ انا مش فاكرة اني عملت اي حاجة !!
-اهو الاسلوب ده كمان مضايقني اكتر يا داليا.
-اسلوب ا ..
قاطعها في حزم بحركة من يده ثم تابع:
-بقولك ايه يا داليا .. ايه رايك لو نخلص لعبة القط و الفار دي هنا دلوقتي .. عشان كده الفار بقي فاكر نفسه ذكي لكن في الحقيقة القط هو اللي ساكت عليه بمزاجه.
-انا بجد مش فاهمة اي حاجة يافندم ياريت توضح اكتر !!
-داليا !
هتف بحدة ثم تابع:
-انا قلت اجيبك هنا عشان اقدر اتحكم في اعصابي قدام الناس .. ياريت بقي ماتخلنيش اتخلي عن رقيي و جاوبي علي سؤالي بصراحة.
-يافندم صدقني انا مش فاهمة حاجة و الله.
قالت بنفاذ صبر فضحك بقسوة غاضبة ثم قال:
تعرفي ان عندك خبرة و قدرة عظيمة علي التمثيل يا داليا ؟ بس معلش ارجوكي حطي البراءة و الاندهاش المصطنع ده علي جنب دلوقتي عشان نعرف نتفاهم.
شعرت"داليا"بالغضب يجتاحها جراء كلماته اللاذعة الجارحة فنطقت أخيرا و قالت بحدة غير مألوفة بها:
لاخر مرة هطلب من حضرتك توضيح يافندم و الا هقوم امشي و حالا.
لم تصدق نفسها أنها تجرأت عليه هكذا ، بينما صر علي أسنانه بغضب و قد بدا حنقه الهادئ للعيان و لم يعد يستطيع كبحه فقال:
-يعني عايزاني انا اللي اوضح ؟ ماشي .. في كلام و اشاعات بتتروج في كل مكان في الشركة.
-اشاعات ! عن مين بالظبط ؟؟
-عننا.
-عننا !!
هتفت بدهشة و لكنها ما لبثت أن فهمت تلميحاته ، بدأت الأمور تتوضح في نظرها علي الفور ..
لقد ظنت أن تلك الشائعات السخيفة التي توحي بوجود علاقة خفية بينها و بين"عز الدين"ستموت مع مرور الوقت و لكنها كانت مخطئة ، يبدو أن العاملين بالشركة لا زالوا يسردون الأقصاصيص الكاذبة الوهمية ، و الأن بدا لها بوضوح أنه أصبح علي علم بما يدور بشركته:
-اظن فهمتيني دلوقتي مش كده ؟؟
أفاقها من شرودها علي صوته المتهكم فنظرت إليه في توتر بينما إبتسم ساخرا فأسرعت تقول في إضطراب:
-أ اا اسمع يافندم .. انا عارفة انك متضايق من إللـ ...
-متضايق !!
قاطعها في سرعة ثم رفع رأسه و قهقه بقوة جذبت إنتباه من حولهم ، ثم عاد ينظر إليها و قال:
-داليا يا حبيبتي .. انا واثق انك ماكنتيش عارفة انتي بتتكلمي عن مين ؟ لو كنا علي علاقة فعلا كنت طالبتك بحقوقي لكن انا مش فاكر ان في حاجة حصلت بينا !!
لم تجب ، كان حلقها جافا فصعب عليها التفوه بأية كلمة ، ياله من شيطان يعتقد بأنها هي من تروج الشائعات البغيضة عنهم ..
عند ذلك إنتفضت"داليا"بغضب و إنحنت لإلتقاط حقيبة يدها الصغيرة ثم هبت واقفة ، لكن أصابعه القوية أوقفتها ، أحست بقوة قبضته تكاد تعصر معصمها فيما قال بلهجة حادة هادئة:
-اقعدي .. الناس بتبص علينا.
لا .. هو محق .. لا يمكنها الإنسحاب بهذا الأسلوب و جعل أفكاره ثابتة بعقله هكذا ، صحيح أنه فظ عنيف و لا يستحق المسايرة أو التفاهم و لكنها لم تشأ توتير الأجواء أكثر ..
و أخيرا إستطاعت إلقاء الحقيبة علي الطاولة مجددا و بعد دقائق معدودة إستدعي"عز الدين"النادل و طلب العشاء لكلاهما دون أن يأخذ برأيها ... !






دوي صوت صراخها عاليا بإرجاء الحجرة قبل أن تصحو فزعة مبللة بالعرق ، إنتفضت برافشها مذعورة و هي تتنفس بقوة ، كانت تلتقط أنفاسها بصعوبة فأنتصبت نصف جالسة ثم مدت يدها إلي المصباح الصغير الموضوع علي طاولة قرب فراشها و أشعلته ..
ذلك الكابوس المرعب ما أن تذكرت تفاصيله حتي أخذت تجهش بالبكاء ، فقد رأت أنها في وسط عاصفة بحرية لا تبقي و لا تذر ، الليل حالك و الأمطار غزيرة ، و لكن هناك ثمة ضؤ خفيف رأت من خلاله زورق صغير يضم أخويها الإثنان و"خالد" .. كانت تنادي عليهم بأعلي صوتها تستجديهم كي يمدوا لها أياديهم كي ينتشلوها من الماء ، و لكن لا حياة لمن تنادي ، رمقوها في قسوة ثم مضوا في سبيلهم بعيدا عنها ، فسحبها تيار جارف و غمرتها المياه .. !
كانت في أقصي حالات الإنهيار و لا تدري ماذا تفعل و قد تخلي عنها من كانت تعتقد بأنه يحبها ؟ و ماذا لو علم أخيها ؟ تري ماذا سيفعل بها ؟ إن قتلها في حالة علمه لقليل بالنسبة له ، و"خالد"إذا علم بأمرها .. هل سيتركها ؟ أو سيخبر أخيها ؟ و إذا إنصاعت لكلام"حسام"و ذهبت لإجراء عملية الإجهاض تري هل ستخرج منها سالمة ؟ ستنجو أم ستموت ؟؟
إرتجفت بقوة جراء كل تلك الأفكار، ثم رفعت يدها لتغطي وجهها و كأنها تهرب من مصير مرعب ، بينما نحيبها يملأ الغرفة بنشيج متقطع إختلطت فيه الدموع بالتنهدات و الآهات و الصرخات ، لم تكن تتألم و قد زال عنها تشوش ما رأته بالكابوس لكنها ما زالت علي شفير الإنهيار العصبي ..
رفعت رأسها عن راحتيها قبل ثوان قليلة من فتح باب الحجرة ، و عندها إعتدلت في جلستها فدخل"عز الدين"كان قد وصل لتوه ، فيما هرع عليها في قلق قائلا:
-عبير ! .. مالك في ايه ؟؟
-م ما .. مافيش .. مافيش يا عز.
أجابته بصوت ضعيف متقطع و هي تجاهد في ألا تبكي أمامه ، بينما حدق فيها متفحصا فرأي أثار دموعا عالقة بأهدابها ، غير أن تلك الشهقات التي صدرت منها فضحت أمرها ، فدني إلبها حيث جلس بجوارها علي الفراش و لأول مرة ضمها إلي صدره بحنان فيما أراحت رأسها و لأول مرة أيضا علي صدر أخيها ..
ثم أطلقت العنان لدموعها تجري فوق خديها في صمت و هدوء ، بينما تمهل"عز الدين"للحظات قبل أن يسألها و هو يربت علي كتفها العاري الرطب أثر تعرقها:
-مالك يا عبير ؟ فيكي ايه ؟ انتي تعبانة ؟؟
فأجابته باكية:
-لأ انا كويسة يا عز .. بس شفت كابوس وحش اوي.
-كابوس يعمل فيكي كل ده يا عبير ؟ عموما لو كنتي تعبانة او حاسة بأي حاجة قوليلي .. انتي شكلك اتغير و بقي غربب اوي و انا مش عارف ايه السبب !!
أجابته في توتر:
-صدقني انا كويسة .. هو بس عشان الامتحانات قربت بفكر كتير و خايفة شوية.
همهم بهدوء و هو يمسح علي شعرها فيما أغمضت عيناها بألم لهذا ، كم أحبت حنان أخيها الذي قلما يظهره لها ، كم أحبت الإحتماء و البقاء بحضنه الدافيء الصارم ، كم شعرت بالراحة بعدما أفرغت شحنة بكائها و إنفعالها علي صدره الواسع ..
بينما إبتعد عنها قليلا ثم ربت علي وجنتها في رفق قائلا:
-طالما خايفة يبقي هتقدري تتصرفي .. المهم دلوقتي نامي و من بكرة حاولي تظبطي نظام كويس ليومك عشان تمشي عليه و لو عوزتي اي حاجة قوليلي.
قطبت حاجبيها بدهشة ، ماذا حدث له ؟ .. أبدا تحولا غريبا و لكن هذا كان مستبعد علي أي حال ..
أومأت رأسها و هي تحدجه بإبتسامة بسيطة ، بينما نهض و تركها وحدها بعد أن إطمئن عليها لأخر مرة ..
فيما تنفست بعمق ثم تمددت علي فراشها في هدوء و قد بدأت أجنحة النوم تحوم فوق عينيها فإستسلمت تماما حتي غطت في سبات عميق ... !






عندما فرغوا من تناول العشاء بالمطعم ، كلف سائقه الخاص بتوصليها إلي منزلها ، دلفت إلي بيتها ليلا في ساعة متأخرة قليلا ، و من دون أن تزعج شقيقتها دخلت إلي غرفتها في هدوء ..
نزعت ثوبها في عصبية و إرتدت قميص نومها القطتي ثم أشعلت أضواء غرفتها الخافتة كي تستطيع أن تستعيد كل ما جري و تفكر بروية و هدوء ، تقدمت صوب فراشها و تمددت فوقه تعبة ، أغمضت عيناها واضعة كفها فوق جبينها بلطف و غرقت في إسترخاء حالم و جمع بها الخيال مرة أخري ، ففكرت أن حياتها تتطلب تغييرات أكيدة فهي لن تعد تسمح لنفسها بعد اليوم بالضعف و الهشاشة أكثر ، أدركت فجأة أن أول خطوة من خطوات تغيرها تحتم عليها ترك عملها ، مهما كانت درجة حبها لـ"عز الدين"فهو رجل قاس القلب يجرحها بإستمرار و لكي تحافظ علي بقايا حبها له يجب عليها تركه تماما و الإحتفاظ بذكري طيبة له ، و لكن أي ذكري طيبة ؟ للأسف كل ذكرياتها معه مريرة أليمة .. !
"إن في العجلة الندامة"حدثتها نفسها في تلك اللحظة بألا تترك عملها لئلا تغدو يوما نادمة علي قرارها المتخذ بلحظة غضب و إنفعال ..
إذن إنها تحتاج لأجازة علي الأقل ، أجازة تبعدها عن عملها ، و الأشخاص الذين تعرفهم ، أجازة تنقذها من محيطها الذي يذكرها بقصة حبها المحطمة ، أجازة تتح لها فرصة إتخاذ قرار ناضج ..
و لكن أين تذهب ؟ و تزاحمت في ذهنها عشرات الأمكنة ، قررت الذهاب إلي منزل عائلة والدها الذي يقع بإحدي القري الريفية ، ياله من مكان صافي و هادئ ، حتما أن تلك الأجواء سوف تساعدها كثيرا علي إستعادة نشاطها و رباطة جأشها ، و سوف تجد هناك فرص عديدة كي تروض نفسها علي القوة و الصلابة ، و ربما إستطاعت تبين رغباتها و أمانيها الحقيقية في تلك الأرض الخضراء الرائعة ...
من دون طرق ، إنفتح باب غرفتها فجأة لتدخل شقيقتها التي أسرعت إليها و قد علت وجهها علامات القلق و الوجوم فبادرتها"داليا"متسائلة:
-ياسمين .. انتي ايه اللي مصحيكي لحد دلوقتي ؟ في حاجة ؟؟
زفرت"ياسمين"في ضيق و هي تجلس إلي جوار "داليا"و قد إزدادت تعابير القلق و الوجوم علي وجهها فعادت تسألها:
-ياسمين ! في ايه ؟؟
-مصيبة يا داليا.
شهقت"داليا"بهلع ثم قالت تحثها علي الحديث:
-مصيبة ايه ؟ اتكلمي ايه اللي حصل ؟؟
-صاحب العمارة اتكلم بعدما نزلتي علطول.
-كان عايز ايه يعني ؟؟
-بيقول اننا لازم نخلي الشقة في ظرف اسبوع.
-نعم ! ده ازاي ده ؟ و ليه ؟ هو مش بياخد الايجار في الميعاد ؟؟
-ما انا قلتله كده.
-و قالك ايه ؟؟
-قالي ان احنا بقالنا سنين بندفع الايجار هو هو و ان في ناس جاهزة تشتري الشقة بملغ كويس.
-ايه الراجل ده ؟ بس لأ مش ممكن اسمحله يخرجنا من بيتنا يعني هنروح فين ؟؟
- طب هنعمل ايه يا داليا ؟ مش معانا فلوس كفاية نشتري الشقة !!
-انا هتكلم معاه.
-ماتحاوليش ده مصمم و رافض اي كلام و قالي يا نشتريها احنا يا نخليها قبل الاسبوع الجاي.
هزت"داليا"رأسها بإعتراض و قد شحب لونها لتلك الفكرة ، لا .. لا يمكن أن تترك منزلها الذي شهد ولادتها و طفولتها و صباها و مطلع شبابها و الذي به أيضا كافة ذكرياتها عن والديها ، و لكن ماذا عساها أن تفعل ؟ من أين تدبر المبلغ المطلوب ؟ من اين .... !!







في صباح اليوم التالي ، ذهبت لزيارة إبنها ، أرادت أن تبلغه بأمر هام و كانت تخشي أن تجرح شعوره خاصة عند رؤيتها تلك الفرحة التي طغت علي ملامح وجهه حين قال:
-شفتي يا كوكو .. بقيت بقدر امشي عادي و رجلي خفت .. يااااه مش مصدق اخيرا هفك الجبس بكرة و همشي معاكي يا قمر.
منحته أمه إبتسامة ناعمة فيما سألها بإهتمام بعدما لاحظ توترها الخفي:
-ايه يا كوكو .. مالك ؟ في حاجة و لا ايه ؟؟
هزت رأسها نفيا في توتر فقال بإصرار:
-مش مصدق يا مامي .. حاسس انك عايزة تقولي حاجة !!
نظرت إليه في تردد ثم قالت:
-بصراحة اه يا حبيبي .. في حاجة حصلت عايزة اقولك عليها .. لأ لازم اقولك عليها بما انك هتيجي تعيش معايا في البيت.
-طيب اتكلمي يا كوكو .. انا سامعك !
أخذت نفسا عميق ثم صمتت لثوان و قالت:
-انا اتجوزت.
إتسعت عيناه في حدة و ذهول ثم سألها:
-انتي ايه ؟؟
-انا اتجوزت يا عمر.
-انا اتجوزت يا عمر !!
قال بتهكم ثم تابع بغضب:
-انتي قولتيلي انك مش هتعملي كده تاني.
-يا حبيبي انت فمهتني غلط .. انا كان قصدي اني هختار الراجل الكويس لو حبيت اتجوز بعد كده.
هز رأسه غير مصدق في حين تسارعت أنفاسه بقوة ثم صاح بها:
-مش علي اساس لما كلمتيني من 4 سنين عشان اقف جنبك و اخلصك من طليقك اللي فات قولتيلي اني بقيت انا راجلك المسؤول عنك و انك كنتي بتتجوزي بس عشان تحسي ان في حد موجود معاكي و واقف جنبك ؟ و ان خلاص طالما انا بقيت معاكي مش هتتجوزي تاني ؟ مش انتي قولتي كده ؟؟
لفظ أخر كلماته بإنفعال غاضب فإنتفضت قائلة:
-يا عمر افهمني .. انت مش هتفضل معايا العمر كله مسيرك تتجوز و يبقي عندك اولاد و هتنشغل عني و ...
- بس !
قاطعها بقوة ثم تابع:
-كفاية كلام فارغ . انتي عايزة تتجوزي قوليها و بلاش تزوقي الكلام.
-ايوه عايزة اتجوز.
قالت موافقة ثم أضافت:
-انا ماكبرتش اوي يا عمر .. انا لسا صغيرة و من حقي اني اتجوز.
بكلامها الإستفزازي أثارت فيه مكامن الغضب و الثورة ، لذلك كانتا عيناه تقدحان شررا و شفتيه ترتجفان غضبا فقال في أسي نادما:
-ده انا وقفت قصاد اخويا عشانك .. انا فضلتك عليه و هو اللي رباني .. لأ و كمان انا هنا في المستشفي دي بسببك بردو !!
عضت علي شفتها بقوة و هي تمد يدها لتربت علي كتفه ، فأبعد يدها عنه بقسوة و حزم ثم صاح بها في عنف:
-امشييييي .. امشي يلا مش عايز اشوفك .. مش عايز اشوفك تاني .. عز الدين كان صح .. ايوه هو كان صح انتي ماكنتيش وفية لأبويا و خنتيه و غلطتي اني سامحتك و صدقتك علي امل انك خلاص اتغيرتي لكن انتي ست ...
صمت فجأة و هو يرمقها في مرارة إذ عجز لسانه أن يسب أمه ، فصرخ بوجهها قائلا:
-امشي .. بقولك امشي مش عايز اشوفك تاني.
تجمعت بعيناها الدموع ثم ضغطت علي شفتيها بوهن قائلة:
-ماشي يا عمر .. حاضر انا همشي .. همشي يابني و مش هتشوفني تاني.
ثم ألقت عليه أخر نظرة و غادرت مسرعة ، بينما جلس شاردا قلبه مفعم أسي و ندما ... !




كانت تجلس شاردة خلف مكتبها ، تارة تفكر بأقاويل العاملين التي زادت عليها خاصة بهذا اليوم و تارة تفكر بكيفية الإحتفاظ بمنزلها .. :
-صباح الخير يا داليا.
قطع حبل أفكارها ذلك الصوت ، فرفعت رأسها و نظرت نحو المصدر لتجد"عماد"واقفا بثبات أمامها فحيته بدورها قائلة:
-صباح النور يا عماد .. ازيك ؟؟
-الحمدلله تمام .. انتي ايه اخبارك انطويتي علي نفسك فحأة يعني !!
إصطنعت"داليا"إبتسامة لم تصل إلي عينيها ثم قالت:
-مش حكاية انطواء و الله يا عماد .. انا بس في موضوع شاغلني اوي و يعني بحاول ادورله علي حل.
ثم صاخت متسائلة:
-صحيح يا عماد .. هما الناس اللي هنا مالهم انهاردة ؟؟
تجهم وجهه فجأة ثم قال:
-مالهم ازاي يعني يا داليا ؟؟
هزت كتفيها قائلة:
-مش عارفة حاسة ان في حاجة مش طبيعة خصوصا نظرات الكل هنا .. و بالذات ليا انا !!
ضغط"عماد"علي شفتيه بأسف فقطبت"داليا"حاجبيها قائلة:
-عماد .. في ايه ؟؟
-مافيش حاجة يا داليا.
أجابها بإبتسامة متوترة فلم تصدقه و عادت تسأله:
-عماد ! .. في ايه بجد ؟ اتكلم من فضلك ؟؟
-مافيش حاجة يا داليا ما انتي عارفة طبيعة الناس بيحبوا يتكلموا في الفاضية و المليانة.
-بردو مش فاهمة حاجة .. في ايه يا عماد ؟؟
لم يجد مفر من الحديث فتنهد قائلا:
-انتي مش كنتي مع مستر عز الدين امبارح بتتعشوا مع بعض برا ؟؟
-اه.
أجابته في دهشة ثم سألته:
-عرفت منين ؟؟
-رانيا عزيز .. فاكراها دي اللي كنت حكيتلك عليها قبل كده شافتكوا مع بعض .. و لو تفتكري بردو اني قلتلك انها اكبر رغاية في الدنيا و ان الخبر مش بيبات في بؤها ليلة و خصوصا ان الخبر ده يخص عز الدين نصار حبيب صحبتها جومانة السابق .. و اللي برغم كل اللي بيعمله فيها لسا بتحبه بجنون و مراهنة عليه حتي بعد ما قطع علاقته بيها.
أومأت"داليا"رأسها عابسة بينما تابع"عماد":
-عشان كده نشرت الخبر علطول .. لكن و لا يهمك يعني الموضوع هياخدله يومين و هينتهي خالص.
ثم أضاف في تردد:
-بس ايا كانت طبيعة العلاقة اللي بينك و بين مستر عز الدين حاولي تخلي التفاصيل سرية عشان الكلام مايكترش زيادة.
إحتقن وجهها غضبا جراء كلماته فصاحت قائلة:
-علاقة ! علاقة ايه يا عماد ؟ انت كمان هتقولي علاقة !
ثم تابعت بحدة:
-انا مافيش اي حاجة بيني و بينه و مش عشان هو ساعدني يوم ما امي اتوفت من باب الانسانية يبقي بيحبني و انت عارف ان ده مستحيل اساسا و بردو مش عشان خرجت معاه في مشوار شغل يبقي بموت فيه مثلا انا مش النوع ده.
ثم صمتت لثوان و تابعت في ضيق:
-حتي انت كمان يا عماد !!
بينما أسرع يقول في لطف:
-داليا .. انا ماقصدش حاجة و الله انا بس كنت بحاول انبهك بأي طريقة عشان تقدري تبعدي عنك كلام الناس مش اكتر .. انتي عارفاني و عارفة اني ماقصدش اضايقك ابدا مش كده ؟؟
تنهدت بثقل و لم تجب فرمقها بأسف قائلا:
-عموما بردو انا اسف يا ستي لو كنت ضايقتك بدون قصد .. عن اذنك.
ثم انسحب في هدوء و تركها مع حنقها و عصبيتها يستبدا بها ، و لكنها ما لبثت أن طردت تلك السخافات من رأسها و راحت تفكر بطريقة ما للحصول علي مزيد من المال لجمع القيمة المطلوبة لتغطية تكاليف شراء منزلها ، أدركت أن لا أمل لها بتغطية المبلغ المطلوب في غضون أسبوع واحد فقط !
ثم فجأة قفزت برأسها فكرة و لكنها ترددت قليلا ، لكن ليس هناك ثمة حل أخر ، هبت واقفة و أخذت نفسا عميقا ثم ذهبت إلي مكتبه مسرعة قبل أن تغير رأيها ..
طرقت الباب ثلاث مرات ثم أدارت المقبض و دخلت ، كان المكتب فارغا فأعتلي الحزن و الضيق وجهها ، و لكن فجأة ظهر "عز الدين"حيث رأته يخرج من الحمام الملحق بالمكتب لامع البشرة ، شعره مبللا يقطر منه الماء و كذلك صدره الصلب الذي ظعر خلف قميصه الأسود المفتوح غضت"داليا"بصرها في سرعة بينما تجمد"عز الدين"بمكانه للحظة دون كلام ، ثم أخيرا تقدم صوب مكتبه قائلا و نظره معلق عليها:
-اهلا يا داليا.
كان يحدجها بإبتسامة بسيطة فيما إلتقط ساعة يده من فوق مكتبه و شرع بلبسها:
-حضرتك .. انا خبطت قبل ما ادخل يافندم.
قالت ذلك كي تكسر طبقة التوتر التي خيمت عليها بينما همهم بهدوء و هو يزرر قميصه بسرعة ثم نظر إليها و قال بعد تنهيدة قصيرة:
-مش مشكلة المهم انك دخلتي .. هاه .. كنتي عايزة ايه بقي ؟؟
ترددت كثيرا قبل أن تتفوه بأي حرف ، فرفع حاجبيه مستفسرا بينما تنهدت و بدأت تتكلم ببطء شديد و هي تتعثر بالكلام ، لقد رتبت الكلمات و أعادتها في فكرها عدة مرات:
-كنت .. كنت .. كنت عايزة اقول لحضرتك ...
ثم صمتت فجأة ، إذ وجدت صعوبة في طلب أي إعالة مادية منه ، بينما هز رأسه يحثها علي الإسترسال في حديثها فسحبت نفسا عميقا و كادت تتكلم لولا أنه قاطعها قائلا:
-استني خليني اخمن عايزة تقوليلي ايه .. عايزة تقولي حاجة بخصوص الليلة اللي فاتت مش كده ؟؟
هزت رأسها و كادت تتكلم فقاطعها مجددا:
-بصراحة كنت فاكرك مش هتيجي بس جيتي.
كانت لهجته لاذعة ساخرة كما إعتادت منه فيما تقدم صوبها ببطء حتي وقف أمامها مباشرة ، فتمكنت من إستنشاق رائحة عطره المركزة الرائعة و التي أشعرتها بدوار خفيف ، بينما تحولت عيناه الذهبيتان فوق صفحة وجهها قبل أن تتوقفا عند فمها المكتنز الناعم ، لم تخطيء"داليا"فهم اللهيب الذي حل محل السخرية في نظراته ، المشكلة هي أن إضطرابا غير مرغوب به بدأ يسري في كيانها إذ أخذت نبضات قلبها تتسارع جراء نظراته و قربه منها ، و لكنها غالبت مشاعرها بقوة حيث رفعت ذقنها قائلة:
-انا عايزة اتكلم مع حضرتك في موضوع مهم جدا بالنسبة لي.
توتر فمه فجأة و كأنه قد عاد للواقع فعادت السخرية تكتسح الرغبة في أعماق عينيه ثم قال:
-طبعا طبعا .. هنتكلم يا داليا .. زي ما قلتلك انا ماكنتش متوقع انك تيجي انهاردة بس علي الاقل كنت متاكد انك هترجعي .. عموما يا ستي امرك هنتكلم في اللي انتي عابزاه بس مش هنا.
رفعت حاجبها متسائلة:
-اومال فين يافندم ؟؟
نظر في ساعة يده ثم أجابها:
-ساعتين بظبط و هاخدك و نروح مكان هادي خالص مافيهوش حد غيرنا .. هناك بقي تقدري تقولي كل اللي نفسك فيه.
رمقته في صدمة ثم صاحت قائلة:
-مكان ايه ده حضرتك ؟ لأ طبعا مش هروح معاك لأي مكان !!
تنهد بنفاذ صبر و هو يرمقها بتلك النظرة الهازئة الساخرة ثم قال:
-اومال انتي رجعتي ليه بعد اللي حصل امبارح ؟ عايزة ايه ؟؟
إتسعت عيناها بصدمة أكثر فأومأت رأسها قائلة:
-صح .. صح انت عندك حق انا فلطانة فعلا اني رجعت.
و همت بالرحيل فقبض علي معصمها قائلا:
-استني .. كنتي عايزة تقوليلي حاجة ؟؟
حاولت سحب يدها بقوة لكن قبضته كانت محكمة فوق ذراعها فقالت:
-في الحقيقة اه .. كنت هنسي اقولك اني مستقيلة.
- مستقيلة !
هتف بحدة ثم تابع:
-ايه مستقيلة دي ؟ هو لعب عيال ؟؟
جاهدت كي تمنع دموعها من التساقط فصرخت قائلة:
-انا حرة حضرتك .. و بعدين مش ده اللي انت عايزه ؟ انا همشي خلاص و مش راجعة تاني.
فأدارها إليه لتصبح في مواجهته ثم أخذ يحدق بوجهها الغاضب المتورد لبرهة و كأنه يفكر في شيئا ما ثم سألها في هدوء:
-تتجوزيني .... !!





فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس