عرض مشاركة واحدة
قديم 20-12-17, 09:39 AM   #17

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*حتي أقتل بسمة تمردك*



الحلقة (16):




لمحت فجأة أسم الحي الذي كانت تقطن به ، فلا شعوريا فتحت الورقة ، فإذا بها وثيقة بيع منزلها !
إتسعت عيناها في ذهول بالغ و هي تحدق بالورقة الكامنة بيدها ، تداهمت الأفكار بعقلها و أخذت تتساءل .. هل فعل ذلك حقا ؟ .. هل حقا هو من تسبب بتجريدها من بيتها عنوة ؟ .. هل فعل ذلك كي يجبرها علي الزاوج منه ؟ .. لا مستحيل ! قالت لنفسها ثم راحت تحدق بالورقة جيدا ، فرأت التاريخ ، لقد تم البيع منذ ثلاثة أسابيع ، أي حتي من قبل علمها بخبر الإخلاء !
هذا يعني أنه هو .. هو من فعل كل ذلك ، كل شيء تم كان بتخطيط مسبق منه ..
هزت رأسها بعدم تصديق و الوهن يغلي بصدرها ، إذ تذكرت كل الإهانات التي تعرضت لها في الأيام السابقة ، أخر ما توقعت حدوثه هذا الفعل الذي بدر منه ، دمعت عيناها بشدة و لكنها منعت دموعها من الفرار من عينيها ، و أقسمت بأغلظ الإيمان بأنه سوف يدفع الثمن و لكن بالطريقة التي سلكها من أجل حصوله عليها ، سوف يدفع الثمن ..
أفاقت من نوبة صدمتها سريعا ثم عادت ترتب له ملابسه ، ليخرج هو من الحمام قي تلك اللحظة و قد لف منشقة بيضاء عريضة حول خصره ، فصوبت نظرها إليه و قد رسمت بسمة ناعمة هادئة علي وجهها ، فبادلها البسمة عينها ، ثم أخذ يقترب منها و الماء يقطر من شعره الأسود الغزير اللامع علي صدره القوي الصلب حتي وقف أمامها .. :
-لأ ذوقك حلو .. انا بحب الغوامق بردو.
قال ذلك و هو يتناول البذلة من بين يديها ، في حين تعلقت عيناه علي تلك الورقة البيضاء التي إنكمشت بكف يدها ..
لاحظت"داليا"نظراته فرفعت يدها ثم إبتسمت في إرتباك قائلة:
-و انا باخد البدلة من الدولاب وقعت منها الورقة دي.
ثم تابعت بنظرة ثاقبة و بلهجة هادئة:
-و غصب عني لمحت اسم الشارع اللي فيه بيتي !!
تجهم وجهه قليلا و لكن ملامحه بقت جامدة ، فأجابها بصوته العميق:
-انا مش قلتلك اني هشتري بيتك و هكتبه باسمك ؟ اشتريته فعلا يوم ما كتبنا الكتاب بس لسا ماسجلتوش باسمك.
رمقته بغضب دفين لكذبه ، بينما خطف الورقة من يدها و كذلك أخذ البذلة ثم إستدار مبتعدا عنها ، فتخضبت وجنتاها بحمرة الخجل حين رأته يهم بإرتداء ملابسه ، فبسرعة أدارت له ظهرها ، ثم راحت تذكر نفسها بالقسم الذي قطعته منذ قليل ... !





ذات ليلة كانت جالسة بإسترخاء علي تلك الأريكة التي توسطت الغرفة الفسيحة ، تطالع كتاب تاريخي علي الأضواء الخافتة ، بينما "عز الدين"مستلقي علي الفراش و قد بدا واضحا إستغراقه في النوم ..
حانت منها نظرة عابرة نحوه ، ثم زفرت في ضيق و أخذت تقلب بذهنها الأفكار .. فكرت في أن"عز الدين"يشاركها الفراش منذ أسبوع كامل ، و لكنه لم يحاول يوما أن يلمسها ، بقدر ما سبب لها هذا من راحة بقدر ما أزعجها أن ينام هو قرير العين إلي جانبها بينما هي تقضي هب الليل كله متوترة ، متحفزة تصارع وحدها تلك المشاعر المتضاربة داخلها ..
إنتابها قلق مفاجئ حول إنجذابه لها ، ثم تذكرت بأنه قد تزوجها لهذا السبب أساسا ، تزوجها فقط لأنه يرغبها و ليس أكثر ، لطالما أراد الحصول عليها منذ وقت طويل ، و لكن ما الذي يمنعه ؟ ما سبب تأجيل هذا الفعل لكل تلك الأيام ؟ ..
رفعت يديها فجأة وصقت بهما أذنيها في محاولة لإسكات صوت عقلها دون فائدة ، ثم أدركت بأن النوم هو خير وسيلة للهروب من تلك الأفكار المرهقة ، فنهضت و تقدمت صوب الفراش و لكنها قبل أن تندس بمكانها ، وقفت إلي جانبه حيث مدت يدها كي تطفئ نور المصباح القائم علي الطاولة الصغيرة قربه ، إلا أنها و من دون أن تدري شعرت بذراعيه تلتف حول خصرها ، فصرخت بذعر جراء المفاجأة ، فيما سحبها بقوة لتجد نفسها خلال لحظة ممدة علي الفراش بمكانه و هو منحني عليها بثقله مكبلا حركتها .. خفق قلبها بسرعة جنونية و هي تري عيناه تلمعان كعيني صقر جاثم و هو يحدق فيها بقوة و بجرأة ، إبتلعت ريقها بصعوبة بالغة ، و قبل أن تتمكن من قول أي شيء ، أطبق شفتيه علي شفتيها بقبلة طويلة متسلطة ، متملكة .. إرتعدت كل خلية في جسدها و هي تشعر بملمس شفتيه القاسيتين ، و بقبلته تزداد حرارة و تملكا ، فلا شعوريا وجدت نفسها هادئة و مستسلمة تماما ، فقد كان يقبلها بطريقة أطاحت بصوابها ،ثم فجأة إستجمعت قواها متذكرة أفعاله و القسم الذي قطعته مسبقا ، فوضعت كفيها علي صدره و دفعته عنها بعنف جاهدة في التخلص منه ، و لوهلة قاوم محاولتها الضعيفة للهرب ، ثم أفلتها ، فإبتعدت عنه مسرعة حيث إلتصقت بحائط الفراش و هي ترتجف ذعرا و قد تهدجت أنفاسها جراء هجومه الغير متوقع ، بينما إعتدل جالسا ثم حدق فيها بإنزعاج قائلا:
-و بعدين يا داليا ؟؟
هتف بخشونة ثم تابع:
-لحد امتي هنفضل كده ؟ انا سيبتك لأيام طويلة عشان تقدري تتعودي عليا و علي وضعك الجديد بس انا شايف انك لسا زي ما انتي و انك مش عايزة علاقتنا تطور.
شعرت"داليا"بالرعب يملأ أوصالها جراء نظراته الغاضبة ، لم تكن قادرة علي تحديه في تلك اللحظة ، فقد كان صوته مليئا بالعنف و نفسه مليئة بالإرادة ، و بدا و كأنه مشمئز من المماطلة و التسويف اللذين تمارسهما بحقه ، فوجدت"داليا"أن أفضل إسلوب للتعامل معه هو اللين و الدبلوماسية ، فقالت بخفوت مضطرب:
-انا اسفة يافندم .. بس انا حاسة اني مش مناسبة ليك .. و مش قادرة .. مش قادرة اديك اي حاجة.
قال بحدة:
-اولا كلمة يافندم دي مش عايز اسمعها منك تاني ابدا.
ثم تابع بقسوة ساخرة:
-ثاتيا المسألة بسيطة جدا .. اي حاجة مش هتقدري تديهالي هاخدها انا بنفسي.
ثم أمسك بذراعها و جذبها إليه بقوة فقالت بصوت متهدج:
-انت قلت انك مابتحبش تاخد حاجة بالغصب !!
-و اظن اني كنت صبور بما فيه الكفاية.
أجاب بجمود ثم أضاف:
-و علي اي حال احنا اتنين متجوزين و انا بطالبك بحقوقي مش اكتر و ماتنسيش اني لبيتلك كل طلباتك و احتياجاتك فمن واجبك انتي بقي دلوقتي انك تلبيلي كل طلباتي و احتياجاتي.
إستطاعت أن تنطق بصعوبة من بين مشاعر الخوف التي إجتاحتها بعد أن لاحظت إصراره العنيف:
-طيب .. اديني فرصة تانية .. انا .. انا مش جاهزة دلوقتي.
أغمض عيناه في حنق و زفر بتفاذ صبر ثم عاد ينظر إليها و قال:
-ماشي يا داليا .. هديكي فرصة تانية .. بس ماتفتكريش اني هاسيبك اد المدة اللي فاتت.
ثم أفلتها بحزم ، فتنفست الصعداء و هي تراقبه يعود إلي مكانه كما كان ، بينما تمددت في هدوء و حذر ، شعرت بالعرق يبلل جسدها و وجهها من فرط التوتر الذي عصف بها ، فيما كان الغضب يملأ كيانها .. فها هي ضعيفة مجددا أمام الرجل الذي يملك كل شيء ، و في الواقع يملكها هي أيضا .. تصورت بأنها قادرة علي تلقينه درسا لن ينساه و لكنها كانت مخطئة تماما .. إذ تلاشت كل تصوراتها بمجرد أن نظر إليها بعينيه الحاديتين ، و بينما كانت تتخبط في أفكارها غفت مضطربة الأعصاب ... !





في الصباح التالي ، إستيقظت"ياسمين"علي فراشها العريض المظلل ، و بصعوبة إستطاعت أن تنزع نفسها من الدفء المغري و الإرتياح الغامر اللذين شعرت بهما في موضع نومها ، ثم نهضت و توجهت إلي الباب الزجاجي الذي يطل علي الشرفة ففتحته و راحت تتأمل بسحر المنظر من أمامها ، حيث حديقة القصر الخضراء بأشجارها و أزهارها ، و خاصة تلك الأزهار البيضاء التي عبقت المكان بشدة ، لم يسبق أن رأت أزهار بهذا الجمال الكامل ، و لا أن تنشقت عطرا لذيذا كهذا ، فأغمضت عينيها و تنفست بقوة مرات عديدة لتملأ رئتيها بالنسيم المنعش و برائحة الزهور الغنية العطرة .. مرت بضع دقائق قبل أن تلاحظ أن رائحة مزعجة إختلطت برائحة الزهور ، إنها رائحة تبغ محترق !
نظرت إلي جانبها فرأته يقف بالشرفة المجاورة لشرفتها يدخن إحدي سكائره ، و قد لاحظت بإنه كان يراقبها منذ فترة ، بينما إنفرج ثغره بإبتسامة خفيفة و هو يمعن النظر فيها إلي أن حياها قائلا:
-صباح الخير يا دكتورة .. ايه مافيش مستشفي و لا كلية انهاردة و لا ايه ؟؟
رمقته بهدوء ساخر ثم قالت:
-صباح الخير يا استاذ .. و جمعة مباركة انهاردة اجازة.
ضرب جبينه بباطن كفه قائلا:
-اه صحيح .. انهاردة الجمعة .. معلش اسف.
و عاد ينظر إليها ثم قال بإبتسامة مرحة:
-بقولك ايه يا دكتورة .. ايه رأيك لو نعقد هدنة بينا ؟؟
رفعت أحد حاجبيها قائلة:
-مش فاهمة .. قصدك ايه ؟؟
-قصدي خير و الله .. بصي انا عارف اني بني ادم سافل و مش متربي.
-عظيم كويس انك عارف ده غير ان الاعتراف بالحق فضيلة.
صر علي أسنانه بحدة خفيفة ثم عاد يقول بنبرة هادئة:
-انا بقول يعني بما اننا بقينا عايشين تحت سقف واحد يبقي لازم نصفي كل الخلافات اللي بينا و نبدأ صفحة جديدة.
قطبت حاجبيها و هي ترمقه بشك ، لكنها إبتسمت فجأة ثم قالت ببساطة:
-من قلبي بتمني فعلا اننا نبدأ صفحة جديدة .. بس ياريت تفتكر كلامك ده باستمرار و ماترجعش تتصرف بقلة احترام.
ضحك بخفة ثم قال:
-اوعدك اني مش هخيب ظنك يا دكتورة.
بينما جلجلت بداخله تلك الضحكة الخبيثة ... !





بعد أن أخذت حماما كاملا ، إتجهت صوب الخزانة الكبيرة ، ثم راحت تفكر بما سترتديه ، لو لم تكن زوجة"عز الدين نصار"الأن لأرتدت سروالا و قميصا عاديا كعادتها ، لكن في قصر زوجها العزيز ، تبدو هذه الملابس غير لائقة ، و لكنها إختارت ذلك الثوب الوردي القصير الذي إشترته منذ عدة أعوام و لم تجربه يوما ، أمسكت به في تردد و فكرت .. هل ترتديه أم لا ؟ .. فهو كان قصير بعض الشيء ، بحيث يصل إلي ركبتيها علي الأقل ، غير أنه عاري الكتفين يتمتع بالضيق الشديد أيضا ، ودت لو تعيده إلي مكانه و لكن ما من إختيارات أمامها ، جميع ملابسها مهترئة لا تناسب مكانة زوجها الحياتية أو الإجتماعية حتي ..
إرتدت الثوب القطني الرقيق الذي أظهر نحافة و جمال ساقيها الرشيقتين ، و إنتعلت صندلا من الفلين ثم جلست أمام منضدة الزينة تمشط شعرها ، فتركته ينسدل بحرية علي كتفيها و خلف ظهرها ، ثم وضعت في عنقها سلسلة ذهبية كانت لوالدتها و زينت وجهها أيضا بقليل من مساحيق التجميل البسيطة ، و قبل أن تغادر الغرفة ألقت نظرة فاحصة علي نفسها بالمرآة الكبيرة ، إن أرادت هي أن تدفعه الثمن كما أقسمت ، فعليها بأن تتسلح بأقوي أسلحتها .. جسدها ، جسدها هو العامل المؤثر الذي سوف يخضعه و لكن مع قليل من الحذر ، فهو حاد الذكاء و ليس من السهل إطلاقا أن يتلاعب به أحدهم !
إستدارت أخيرا و خرجت من الغرفة ، ثم هبطت إلي الطابق الأرضي سالكة سلالم الرخام مستندة إلي الدرابزين الحديدي المصقول الذي يشكل تحفة فنية صغيرة ..
راحت"داليا"تسمع صوت خطواتها علي الأدراج و حفيف ثوبها فوق ساقيها الناعمتين ، ثم إقتربت ببطء من البهو و هي تعي كل الروائع المحيطة بها .. كانت تبحث عنه هنا و هناك في هدوء شديد ، فاليوم عطلته و هو علي حد علمها يقضي يوم العطلة بالمنزل ، و كما توقعت عثرت عليه بحجرة المكتب حيث كان جالسا وراء مكتبه منكبا علي بعض الأوراق ، فلم يرفع رأسه لتوه ، بل مرت لحظة مشحونة بالتوتر قبل أن تتنحنح لتنبهه لوجودها ، فرفع رأسه عابسا و رأته ينظر إلي قامتها المتوسطة بعينين متفحصتين:
-صباح الخير.
هتفت"داليا"بثبات متوتر ، بينما إكتفي بهزة من رأسه ثم قال بهدوء آمر:
-تعالي .. تعالي يا داليا.
وقفت لحظة جامدة أمام مصراعي الباب و عيناها تحدقان في النوافذ العالية و الأبواب الزجاجية التي تطل علي ساحة القصر ، جميع المنافذ مقفلة و لا مجال للهرب منه ، فيما أطاعته بصمت حيث تقدمت صوبه بآلية ..
حجرة المكتب مريحة و مليئة بالكتب المرصوصة علي رفوف عريضة و سبق أن زارتها"داليا"مرة في الأيام السابقة .. قرب النافذة يقع مكتبه الخشبي الوثير الذي إعتلته بعض المستندات و الأوراق المختلفة ، كراسي و مقاعد جلدية كملت أثاث الحجرة أيضا .. :
-انا توقعت وجود حضرتك هنا بما ان انهاردة يوم الاجازة.
قالت"داليا"ذلك و هي تجلس في أحد المقاعد الجلدية الواقعة قرب مكتبه ، بينما رفع أحد حاجبيه متنهدا ثم قال متجاهلا تحفظها الرسمي معه:
-حبيت اخلص شوية حاجات مهمة قبل بليل.
ثم صمت قليلا و أخذ يحدق فيها بهدوء قائلا:
-انهاردة مش عايزك تسيبي اوضتنا خالص .. ماتخرجيش منها لاي سبب من الاسباب .. فهماني ؟؟
تطلعت إليه في دهشة عارمة ثم سألته:
-ليه ؟ ايه اللي هيحصل انهاردة ؟؟
-فاكرة مناقصة المراكب اللي دخلنا فيها؟؟
أومأت رأسها شاردة و هي تتذكر التفاصيل ، ثم عادت تحدق فيه قائلة:
-اه فاكرة.
ثم سألته باسمة:
-ايه رسيت علينا ؟؟
إبتسم بدوره ثم أومأ رأسه قائلا:
-ايوه .. رسيت علينا.
أطلقت ضحكة قصيرة ثم قالت مبتهجة:
-هايل .. هايل جدا .. حضرتك كنت مستني الخبر ده من فترة .. مبروك.
هز رأسه في هدوء ثم قال:
-عشان كده بقي انا قلت لازم احتفل بالمناسبة دي مع العملا و الموظفين يعني الليلة دي في حفلة كبيرة هنا في القصر .. و مش عايزك تظهري نهائي.
أومأت رأسها موافقة ، بينما قطع حديثهما مجئ أحد الخدم:
-عز الدين بيه .. مهندس الاضاءة وصل.
نظر"عز الدين"إلي الحارس قائلا:
-طيب شوفوه يشرب ايه و انا جاي حالا.
أطاعه الحارس بتهذيب ثم إنسخب فجأة كما آتي خلسة ، بينما أغلق"عز الدين"ذلك المستند الذي كان يتصفحه ثم نهض من خلف مكتبه قائلا:
-زي ما اتفقنا يا داليا .. مش عايزك تخرجي من الاوضة خالص انهاردة.
ثم غادر المكتب مسرعا ، بينما شردت هي و أخذت تحلل كلامه .. لماذا لم يدعوها إلي حضور الحفلة برفقته ؟ أليست زوجته الأن ؟ لماذا يريد إخفاءها عن الناس ؟
ثم فجأة أطلق هاتفهه الملقي علي المكتب نغمة صاخبة قصيرة معلنا عن وصول رسالة جديدة ، لوهلة ترددت عن الإقبال علي تلك الخطوة و لكنها أجبرت نفسها بدافع الفضول فتناولت الهاتف بسرعة ثم فتحت الرسالة ، فإذا هي من"جومانة خطاب" !
قرأت السطور الوجيزة بفتور"كده بردو يا عز .. نسيتني و اتجوزت ؟ بس علي اي حال انت ليا انا بردو ماتفتكرش اننا خلصنا لحد كده يا بيبي .. اشوفك انهاردة بقي" ..
عندما إنتهت من قراءة الرسالة ، بدت و كأنها تلقت صفعة علي وجهها ، حيث تلاحقت أنفاسها و تصاعدت الدماء إلي وجهها .. ثم أخذت تتساءل .. ألهذا السبب لا يريد إعلان خبر زواجه بها ؟ ألهذا السبب رفض إقامة حفل زفاف ؟ .. من أجل عبثه مع النساء ! فعل كل ذلك لهذا السبب ، و لتكون هي نوع جديد من الألعاب و الدمي التي لم يحصل عليها من قبل و لدي حصوله عليها سيحطمها بين يديه المدمرتين !
صرت علي أسنانها بقوة ، و لكنها إتخذت قرارها سريعا ، سوف تتجاوزه هذه المرة ، سوف تعصي أوامره و ليكن ما يكون ... !





-لأ يا عبير انتي اتجننتي ؟ اوعي تعملي كده طبعا اوعي.
قالت"ريم"ذلك مخاطبة"عبير"عبر الهاتف بينما أجابتها"عبير"باكية:
-مافيش قدامي حل تاني يا ريم.
-عبير !
هتفت"ريم"بحدة ثم تابعت:
-ماتبقيش مجنونة كل مشكلة و ليها حل ده غير ان ماينفعش نهائي اننا نصلح غلطة بغلطة اكبر فاهمة يا عبير ؟ عشان خاطري اوعديني انك مش هتتهوري في تصرفاتك .. اوعديني يا عبير.
إرتفع صوت نشيجها و هي تقول:
-حاضر .. حاضر يا ريم.
ثم فجأة سمعت طرقا خفيفا علي باب غرفتها ، فأغلقت الخط مع صديقتها ثم كفكفت دموعها سريعا و أذنت بالدخول قائلة:
-ادخل.
دلفت"داليا"في هدوء و قد علت وجهها إبتسامة لطيفة:
-صباح الخير .. ازيك ؟؟
حيتها"داليا"بلطف فأبتسمت"عبير"بشحوب قائلة:
-صباح الخير يا داليا .. انا تمام الحمدلله تعالي ادخلي.
أغلقت"داليا"الباب من خلفها ، ثم تقدمت صوب"عبير"حيث جلست إلي جانبها علي الفراش ، ثم حدقت بملامحها لبرهة و سألتها:
-عيونك حمرة اوي كده ليه يا حبيبتي ؟ انتي كنتي بتعيطي ؟؟
إرتبكت"عبير"قليلا ثم أجابت متلعثمة:
-لأ .. لأ ابدا ماكنتش بعيط انا بس لسا صاحية من النوم.
أومأت"داليا"رأسها بتفهم بينما سألتها"عبير"باسمة:
-اول مرة من ساعة جيتي تزوريني في اوضتي ! يا تري في سبب ؟؟
ضحكت"داليا"بخفة"ثم قالت:
-بصراحة اه.
-في ايه ؟؟
سألتها في إصغاء ، فأطلعتها"داليا"علي تفاصيل الحفلة التي ستقام الليلة بالقصر .. :
-حفلة !!
هتفت"عبير"مستغربة ثم أضافت:
-عز الدين بقاله سنين ماعملش حفلة زي دي هنا في البيت.
ثم صمتت قليلا و قالت:
-المهم يعني في مشكلة بالنسبة لك و لا حاجة ؟؟
تخضبت وجنتا"داليا"و هي تقول:
-ايوه في مشكلة صغيرة.
-ايه هي ؟؟
كم وجدت صعوبة في ذلك و لكنها إستطاعت النطق أخيرا فقالت بثبات:
-انا ماعنديش فستان مناسب لحفلة زي دي .. و فكرت في انك ممكن تساعديني يعني !
رحبت"عبير"بحرارة قائلة:
-اكيد طبعا اساعدك اوي انتي بتهزري ؟ بصي دولابي قدامك اهو اختاري اللي يعجبك.
إبتسمت"داليا"بإمتنان و شكرتها ثم نهضت متجهة صوب خزانة"عبير"المكتظة بأثمن الملابس الغالية ... !





في المساء ، و عندما أسدل الليل ستاره علي قصر الـ"نصار" ..
كانت"داليا"بالغرفة تقف قرب النافذة المطلة علي الحديقة ، تراقب ما يحدث بعصبية داخلية ، كانت الموسيقي الصاخبة هي أول شيء لاحظته ، ثم ذلك الجمع الهائل من الناس ، بينما أدركت بأن الوقت قد حان لتنفيذ مخطتها ، فهي كانت حريصة حيث أنتظرت خروجه من الغرفة أولا بعد إنتهاءه من تجهيز نفسه لكي تبدأ هي بتجهيز نفسها ..
تركت موضعها مسرعة ثم تقدمت صوب الخزانة الكبيرة و أخرجت منها الثوب الذي إعارتها إياه"عبير" .. كان فستانا أسود قصير جدا و قد تعمدت"داليا"اختياره كنوع من أنواع العناد الذي و لابد و أن يثير غضب"عز الدين"بل أنه سيتحول إلي وحش كاسر لدي رؤيته إياها علي تلك الشاكلة .. نظرت إلي المرآة لتري النتيجة النهائية ، و بالكاد تعرفت علي تفسها ، فقد مشطت شعرها بطريقة غجرية حيث جعلته متموج في خصل حريرية ، و وضعت مكياجا جريئا و طلت شفتاها بلون أحمر داكن كلون الدماء .. كانت تبدو أكثر إغراء من أي وقت مضي بحياتها ..
و أخيرا نزلت إلي الحديقة و هي تتمايل بخطي رشيقة ، و كم ذهلت من نفسها و تساءلت .. من أين أتت بتلك القوة المدمرة ؟ .. ماذا سيفعل بها الليلة يا تري ؟
إرتعش بدنها و هي تفكر في النتائج لكنها إنتفضت بلا إكتراث ، ثم إبتسمت بثقة و تابعت سيرها وسط الجموع الغفيرة ..
أخذت تتجول ببصرها هنا و هناك ، بينما إزدادت قاعة الرقص بأفخر الزينات من أجل إستقبال المدعوون الكثر ، ذوات الطراز الذي يرتاح إليه سيد المنزل ، فهم من عُلية القوم و العوائل العريقة بإستثناء الموظفين الذين إتخذوا جانب فاصل عن الضيوف الأساسيين للحفلة ..
كانت الموسيقي الكلاسيكية تصدح و كان المدعوون منتشرين علي طول الحديقة ، يتحدثون ، و يضحكون ، و يشربون مما أضفي علي المكان جوا من المرح بينما حاولت"داليا"إيجاد"عز الدين"بين هذا السيل البشري ، فبقيت تمرر عينيها حتي رأته ، رأته في وضع مخزي جرح قلبها و جمد الدماء بعروقها ، فقد كانت المفاجأة الكبري و المذهلة أنه كان يرقص مع"جومانة خطاب"علي نغمات موسبقية هادئة ، كانا يرقصان بحميمية شديدة ، حيث كانا يحتضنان بعضهما البعض بقوة و كأنهما لا يشعران بوجود أحد !!
كادت"داليا"تقرص جلدها كي تتأكد بأن هذا حلم أو كابوس مزعج ، و لكن لا .. كل شيء حولها أكد لها أنها الحقيقة ، بقيت واقفة بمكانها حتي إنتهت الرقصة ، بينما كان يضحك بوقار كعادته حين إستدار و رأها أمامه ، تجهم وجهه و إتسعت عيناه لدي رؤيته إياها .. ترك ضيوفه فجأة و سار نحوها بخطي واسعة ، غاضبة حتي إقترب منها و وقف أمامها وجها لوجه:
-ايه اللي انتي عملاه في نفسك ده ؟؟
قال بغضب جامح ثم تابع بحدة:
-انا مش قلتلك تترزعي في الاوضة و ماتسيبيهاش خالص ؟ بتكسري كلامي ؟؟
رمقته بمرارة شديدة بينما أضاف بعنف ليزيد من خوفها المعدوم أساسا:
-اوعدك بعد الحفلة و لما افضالك .. حسابك معايا هيكون عسير .. الحركة دي مش هتعدي علي خير ابدا يا داليا.
ثم أمرها بحدة:
-ارجعي البيت فورا .. حسابنا بعدين زي ما قلتلك.
عند ذلك ضحكت"داليا"بقوة ثم قالت:
-انا نزلت بس عشان اتأكد من حاحة صغيرة يافندم .. و خلاص اتأكدت.
قطب حاجبيه مستغربا ، بينما إقترب منها نادل فإبتسمت لأنها وجدت الفرصة المناسبة للإنتقام منه ، فأخذت من الطبق الذي يحمله كأسا معبأ بالشراب ، ثم إقتربت من"عز الدين"بخطوات ثابتة ، و فحأة رمت محتوي الكأس بوجهه ..
تجمد بمكانه من الصدمة فأستغلت هي الفرصة و صرخت به باكية:
-اه يا ظالم يا مفتري .. ازاي تعمل فيا و في بنات الناس كده ؟؟
توقفت الموسيقي فجأة و ساد الصمت المطلق ، ثم أخذ الجميع ينقل نظراته بينهما فرفعت نحيبها قائلة:
-بعد ما صدقتك و قبلت اني اتجوزك اكتشف انك خاين و بتعرف عليا ستات و بنات كتير !!
سمعت همهمات المدعوون تتعالي من كل إتجاه ، فأختلست النظر إليه ، لتجد وجهه متجمدا من الغضب .. هذه علامة سيئة و لكنها لا تأبه فقد نال ما يستحقه !
بينما أقترب منها بخطوة واحدة و أمسك بذراعها و هو يقول للحضور:
-اسف .. راجع حالا.
ثم جذبها بعنف حتي وصل إلي داخل المنزل ، فحملها علي كتفه حيث كانت رأسها خلف ظهر و قدمها أمام صدره بينما أخذت تصرخ بقوة:
-نزلني .. نزلني يافندم .. نزلني.
و لكنه ظل صامتا حتي وصل بها إلي الغرفة ، فأغلق الباب بقدمه ثم توجه بها نحو الفراش و ألقاها بعنف قائلا بهدوء مرعب:
-من الواضح يا حبيبتي انك محتاجة لجلسة تأديب و هكون سعيد جدا و انا بقوم بيها.


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس